الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوَتم فِي لُغَة الْيمن يَجْعَل الْكَاف شيناً مُطلقًا، كلبيشَ اللَّهُمَّ لبيشَ.
وَمن الْعَرَب مَن يَجْعَل الكافَ جيماً كَالجعْبة، يُرِيد الكَعبة.
وَفِي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانِيَّة تَعْرِض فِي لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان، كَقَوْلِهِم مَشَا الله، أَي مَا شَاءَ الله.
والطُّمطُمانِيَّة تَعْرِض فِي لُغَة حِمْير، كَقَوْلِهِم طَابَ امْهَواءُ أَي طَابَ الهَواءُ.
(الْمَقْصد السَّادِس فِي بَيَان المطرد والشاذ والحقيقة وَالْمجَاز والمشترك والأضداد المترادف والمعرّب والمولَّد)
أما الكلامُ على الاطِّراد والشُّذوذ، فَقَالَ ابنُ جِنٍّ ي فِي الخصائص إِنَّه على أربعةِ أَضرُب.
مطرد فِي الْقيَاس والاستعمال جَمِيعًا، وَهَذَا هُوَ الْغَايَة الْمَطْلُوبَة، نَحْو قَامَ زيدٌ وَضربت عمرا.
ومطرد فِي الْقيَاس شَاذ فِي الِاسْتِعْمَال، وَذَلِكَ نَحْو الْمَاضِي من يَذَر ويَدَع.
ومطرد فِي الِاسْتِعْمَال شَاذ فِي الْقيَاس كاستحْوَذ، واستنْوَق الجملُ، واستفَيْل الْجمل.
وشاذ فِي الِاسْتِعْمَال وَالْقِيَاس جَمِيعًا كَقَوْلِهِم ثوب مَصوُون، وَفرس مَقوُود، وَرجل مَعْوُود مِن مَرَضِه.
وَمن الشواذّ بابُ فَعِل يَفْعِل بِكَسْر الْعين فيهمَا كوَرِث ووَمِق ووَرِىَ ووَلِى، وَقد يأْتي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي مَحَله.
(أما الْحَقِيقَة وَالْمجَاز) .
فَفِي النَّوْع الرَّابِع وَالْعِشْرين من المزهر، قَالَ الْعَلامَة فَخر الدّين الرَّازِيّ: جِهات الْمجَاز يحضُرنا مِنْهَا اثْنَا عشرَ وجْهاً.
أَحدها التجوّز بلفْظِ السّبَب عَن المُسبَّب، ثمَّ الأَسباب أَرْبَعَة: القابِل، كَقَوْلِهِم سالَ الوادِي، والصُّورِيّ، كَقَوْلِهِم لليد إِنَّهَا قدرةٌ، وَالْفَاعِل، كَقَوْلِهِم نزل السحابُ أَي الْمَطَر، والغَائِيّ كتسميتهم العِنب الخمْرَ.
الثَّانِي بِلَفْظ المُسبّب عَن السَّبَب، كتسميتهم المرضَ الشديدَ بِالْمَوْتِ.
الثَّالِث المُشابهة، كالأَسد للشُّجاع.
وَالرَّابِع المضَادّة، كالسَّيئة للجزاء.
الْخَامِس وَالسَّادِس بِلَفْظ الكلّ للجزء، كالعامّ للخاصِّ، وَاسم الْجُزْء للكلّ، كالأَسود للزنجي.
وَالسَّابِع اسْم الفِعل على القُوّة، كَقَوْلِنَا للخمرة فِي الدّنّ إِنَّهَا مُسكرة.
وَالثَّامِن المشتقّ بعد زَوال الْمصدر.
وَالتَّاسِع الْمُجَاورَة، كالرّاوِية للقِرْبة.
والعاشر الْمجَاز العرْفي وَهُوَ إطلاقُ الحقيقةِ على مَا هُجِر عُرْفاً، كالدَّابة للحِمار.
وَالْحَادِي عشر الزيّادة وَالنُّقْصَان، كَقَوْلِه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء} ، {واسأل الْقرْيَة} .
وَالثَّانِي عشر اسْم المتعلِّق على المتعلَّق بِهِ، كالمخلوق بالخَلْق، انْتهى.
(وَقَالَ) القَاضِي تَاج الدّين السُّبكي فِي شرح الْمِنْهَاج بعد كَلَام طَوِيل: والفَرْضُ أَن الأَصلَ الحقيقةُ، والمجازَ خلافُ الأَصلِ، فَإِذا دارَ اللفظُ بَين احتمالِ المجازِ واحتمالِ الحقيقةِ فاحتمالُ الحقيقةِ أَرجحُ، انْتهى.
وَقَالَ الإمامُ وأَتباعُه: الْفرق بَين الحقيقةِ وَالْمجَاز إِمَّا أَن يقَع بالتَّنصيص أَو بالاستدلال، أما التنصيصُ فأَن يَقُول الواضعُ: هَذَا حقيقةٌ، وَهَذَا مجازٌ، وَتقول ذَلِك أئمةُ اللغةِ، وَأما الاستدلالُ فبالعلامات، فَمن علاماتِ الحقيقةِ تبادرُ الذِّهنِ إِلَى فهمِ الْمَعْنى، والعراءُ عَن القَرينة، وَمن علاماتِ الْمجَاز إطلاقُ اللفظِ على مَا يستحيلُ تَعلُّقُه بِهِ، واستعمالُ اللَّفْظ فِي المعنَى المنسِيِّ، كاستعمالِ لفظ الدابَّة فِي الحِمار، فَإِنَّهُ موضوعٌ فِي اللغةِ لكلِّ مَا يَدِبّ على الأَرض، انْتهى.
(قَالَ) ابْن برهَان: وَقَالَ الأُستاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ: لَا مجَاز فِي لغةِ الْعَرَب.
وَحكى التَّاج السُّبكيُّ عَن خَطِّ الشَّيْخ تقيّ الدّين بن الصَّلاح أَن أَبَا الْقَاسِم بن كج حكى عَن أبي عليٍّ الفارسِّي إنكارَ المجازِ، فَقَالَ إِمَام الحرميْنِ فِي التَّلْخِيص، والغزاليُّ فِي المنخول: لَا يصِحُّ عَن الأُستاذ هَذَا القولُ، وَأما عَن الفارِسيِّ فَإِن الإِمَام أَبَا الْفَتْح بن جِنّى تلميذ الفارسيّ، وَهُوَ أَعلمُ الناسِ بِمذهبه، وَلم يحْكِ عَنهُ ذَلِك، بل حكَى عَنهُ مَا يدُلُّ على إثْبَاته.
ثمَّ قَالَ ابنُ بُرهانٍ بعد كلامٍ أَورده: ومُنكِرُ المجازاتِ فِي اللُّغَة جاحِدٌ للضَّرُورَة، ومُعطِّلٌ محاسنَ لغةِ الْعَرَب، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(فَقُلْتُ لَهُ لمَّا تَمطَّى بِصُلْبِهِ
…
وأَرْدفَ أَعْجازًا ونَاءَ بِكَلْكَلِ)
وَلَيْسَ لِليْل صُلْب وَلَا أَرداف.
وَأما المشتركُ.
فَهُوَ اللفظُ الواحِد الدالُّ على معنَيَيْن مُختلِفَين فأَكثر دلَالَة على السَّواءِ عِنْد أَهلِ تِلْكَ اللُّغَة، وَاخْتلف الناسُ فِيهِ، فالأَكثرون على أَنه مُمكِنُ الوقوعِ، لجَوَاز أَن يَقع إمَّا من واضعين بأَن يضع أَحدهمَا لفظا لِمَعْنى، ثمَّ يَضَعهُ الآخر لِمَعْنى آخر، ويشتهر ذَلِك اللَّفْظ مَا بَين الطَّائِفَتَيْنِ فِي إِفَادَة الْمَعْنيين، وَهَذَا على أَن اللُّغَات غير تَوقيفية، وَإِمَّا من وَاضع وَاحِد لغَرَض الْإِبْهَام على السَّامع، حَيْثُ يكون التَّصْرِيح سَببا لمضرّة، كَمَا روى عَن أبي بكرٍ الصدّيقِ رضي الله عنه وَقد سأَله رجل عَن النَّبِي
وَقت ذهابهما إِلَى الْغَار: من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رجلُ يهْديني السَّبِيل.
والأَكثرون أَيْضا على أَنه وَاقع لنقل أهل اللُّغَة ذَلِك فِي كثير من الْأَلْفَاظ، وَمن النَّاس من أَوجب وقُوعه، قَالَ: لِأَن الْمعَانِي غير متناهية، والأَلفاظ متناهية، فَإِذا وزع لزم الِاشْتِرَاك، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الِاشْتِرَاك أَغلب، كَذَا فِي المزهر، وَمن أَمْثِلَة الْمُشْتَرك
الرُّؤْيَة وَالْعين والهلال وَالْخَال، وسيأْتي بَيَان ذَلِك كُله فِي موَاضعه.
(وَأما الأَضداد)
فَنقل السُّيُوطِيّ عَن الْمبرد فِي كتاب مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ: فِي كَلَام الْعَرَب اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين، وَاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَالْمعْنَى وَاحِد، واتفاق اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَاف الْمَعْنيين.
فالأوّل كَقَوْلِك: ذهب وجاءَ وَقَامَ وَقعد، وَرجل وَفرس وَيَد وَرجل.
وَأما الثَّانِي فكقولك: حسبت وظننت وَقَعَدت وَجَلَست، وذراع وساعد وأنف ومرسن.
وَأما الثَّالِث فكقولك وجدت شَيْئا، إِذا أردْت وجدان الضالَّة، وَوجدت على الرجل، من الموْجِدَة، وَوجدت زيدا كَرِيمًا أَي علمت، وَمِنْه مَا يَقع على شَيْئَيْنِ متضادَّين، كَقَوْلِهِم جلَلٌ للصَّغِير وللكبير، والجوْن للأَسود والأَبيض. قلت: وَمثله كَلَام ابْن فَارس فِي فقه اللُّغَة، وَبسطه أَبُو الطّيب اللّغَوِيّ فِي كتاب الأضداد.
(وَأما المترادف)
فَقَالَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ: هُوَ الأَلفاظ المفردة الدالَّة على شَيْء وَاحِد باعتبارٍ وَاحِد، وَالْفرق بَينه وَبَين التوكيد، أَن أحد المترادفين يُفِيد مَا أَفَادَهُ الآخر، كالإنسان والبشر، وَفِي التوكيد يُفِيد الثَّانِي تقوِيةَ الأَوَّل، وَالْفرق بَينه وَبَين التَّابِع، أَن التَّابِع وَحده لَا يُفِيد شيْئاً، كَقَوْلِنَا عطْشان نطْشان.
قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ فِي شرح الْمِنْهَاج: وَذهب بعضُ النَّاس إِلَى إِنْكَار المترادف فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة، وَزعم أَن كل مَا يُظَنُّ من المترادفات فَهُوَ من المتباينات الَّتِي تتباين بِالصِّفَاتِ، كَمَا فِي الْإِنْسَان والبشر، فَإِن الأول مَوْضُوع لَهُ بِاعْتِبَار النسْيَان أَو الْإِنْس، وَالثَّانِي بِاعْتِبَار أَنه بَادِي البَشَرة، وَكَذَا الخَنْدَريس والعُقَار، فَإِن الأول بِاعْتِبَار الْعتْق، وَالثَّانِي بِاعْتِبَار عقْرِ الدنّ، لشدّة مَا فِيهَا، قَالَ: وَاخْتَارَهُ
ابنُ فَارس كِتَابه الَّذِي أَلفه فِي فقه اللُّغَة والعربية.
وَنقل الْجلَال عَن الكَيّا فِي تَعْلِيقه فِي الأُصول: الأَلفاظ الَّتِي لِمَعْنى وَاحِد تَنْقَسِم إِلَى أَلْفَاظ مترادفة، وألفاظ متواردة.
فالمترادفة كَمَا يُسمَّى الخمْر عُقارًا وصَهْبَاء وقهوة، والسبع لَيْثاً وأَسدًا وضِرْغاما.
والمتواردة هِيَ الَّتِي يُقَام لفظٌ مُقام لفظٍ، لمعان متقاربةٍ، يجمعها معنى وَاحِد، كَمَا يُقَال: أَصلَح الْفَاسِد، ولَمَّ الشَّعث، ورتَقَ الفَتْقَ، وشَعب الصَّدْعَ، انْتهى.
قَالَ: وَهَذَا تَقْسِيم غَرِيب، وَقد أَلَّف فِيهِ القَاضِي مجد الدّين الشِّيرَازِيّ كتابا وَسَماهُ " الرَّوْضُ المسلُوف فِيمَا لَهُ اسمان إِلَى الأُلوف ".
وَأما المعرّب
فَهُوَ مَا استعملته الْعَرَب من الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة لمعانٍ فِي غير لغتها، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح: تعريب الِاسْم الأعجمي أَن تتفوّه بِهِ العربُ على مِنْهَاجِها، تَقول: عرّبته الْعَرَب وأَعْربته [وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام] وَأما لُغات الْعَجم فِي الْقُرْآن فرُوِي عَن ابْن عَبَّاس وَعَطَاء ومُجاهدٍ وعِكْرمة أَنهم قَالُوا فِي أحرف كَثِيرَة إِنَّهَا بلغات الْعَجم، وَقَالَ أهل الْعَرَبيَّة: إِن الْقُرْآن لَيْسَ فِيهِ من كَلام الْعَجم شَيْء، لقَوْله تَعَالَى {قُرْآنًا عَرَبيا} وقولِه {بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين} : قَالَ أَبُو عبيد وَالصَّوَاب عِنْدِي مذهبٌ فِيهِ تصديقُ القولينِ جَمِيعًا، وَذَلِكَ أَن هَذِه الْحُرُوف أُصولُها أَعجمية، كَمَا قَالَ الفقهاءُ: إِلَّا أنَها سَقَطت إِلَى الْعَرَب فأَعربتها بأَلسنتها، وحوّلتها عَن أَلْفَاظ الْعَجم إِلَى ألفاظها، ثمَّ نزل الْقُرْآن وَقد اخْتلطت هَذِه الْحُرُوف بِكَلَام الْعَرَب، فَمن قَالَ إِنَّهَا عَرَبِيَّة فَهُوَ صَادِق، وَمن
قَالَ عَجَميّة فَهُوَ صَادِق، اه.
وَقد ألف فِيهِ الإِمَام أَبُو مَنْصُور الجَواليقي وَغَيره.
ثمَّ ذكر الْجلَال فَائِدَة نَصهَا: سُئل بعض الْعلمَاء عَمَّا عرّبته الْعَرَب من اللُّغَات واستعملته فِي كَلَامهَا: هَل يُعطى حُكْمَ كلامِها فيشتق ويشتق مِنْهُ؟ فَأجَاب بِمَا نَصه: مَا عرَّبته الْعَرَب من اللُّغَات واستعملته فِي كَلَامهَا، من فارسيّ وروميّ وحبشيّ وَغَيره، وأدخلته فِي كَلَامهَا، على ضَرْبَيْنِ.
أَحدهمَا أَسمَاء الْأَجْنَاس كالفِرِند والإِبْرَيْسَم واللّجام والآجُر والباذَقِ والقِسْطاس والإستبرق.
وَالثَّانِي مَا كَانَ فِي تِلْكَ اللُّغَات علَماً فأَجروه على عَلمِيّته كَمَا كَانَ، لكِنهمْ غيَّرُوا لَفظه، وقرَّبوه من ألفاظهم، وَرُبمَا ألحقوه بأَبْنِيَتِهم، وَرُبمَا لم يُلْحِقُوه، ويشاركه الضَّرْبُ الأوّل فِي هَذَا الحكم لَا فِي العلمية، إِلَّا أَنه يُنْقَل كَمَا يُنْقَل العربيّ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ المعتَدّ بعجمته فِي منع الصّرْف، بِخِلَاف الأوّل، وَذَلِكَ كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء إِلَّا مَا استُثْنِىَ مِنْهَا من العربيّ كهودٍ وصالحٍ وَمُحَمّد
، وَغير الْأَنْبِيَاء كبيرُوز وتكِين ورُسْتم وهُرْمز، وكأسماء الْبلدَانِ الَّتِي هِيَ غير عَرَبِيَّة، كإِصْطَخر ومرْوُ وبَلْخ وسَمَرْقَنْد وقنْدهار وخُراسان وكِرْمان وكوركان وَغير ذَلِك.
فَمَا كَانَ من الضَّرْب الأوّل فأَشرف أَحْوَاله أَن يُجْري عليهِ حُكْمُ العربيّ فَلَا يُتَجاوزُ بِهِ حُكمُه.
فَقَوْل السَّائِل: يشتقُّ.
جوابُه المنْعُ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَن يُشتقّ من لفظٍ عربيٍ أَو عجميّ مثله، ومحال أَن يُشتَقَّ العجميّ من العربيّ أَو العربيّ مِنْهُ، لِأَن اللُّغَات لَا تُشتقّ الْوَاحِدَة مِنْهَا من الأُخرى، مُواضَعةً كَانَت فِي الأَصل أَو إِلهاما، وَإِنَّمَا يُشتقّ فِي اللُّغَة الْوَاحِدَة بعضِها من بعض، لِأَن الِاشْتِقَاق نِتاجٌ وتَوْلِيد، ومحال أَن تَلِد المرأَة