المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢٧

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السابع والعشرون

- ‌الطبقة التاسعة والثلاثون

- ‌حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

- ‌حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ست وثمانين وثملاثمائة

- ‌حوادث سنة سبع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسعين وثلاثمائة:

- ‌وفيات الطبقة:

- ‌الطبقة الْأربعون:

- ‌حوادث سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ست وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربعمائة:

- ‌وفيات الطبقة:

- ‌الفهرس العام للكتاب:

- ‌الطبقة التاسعة والثلاثين:

- ‌الطبقة الأربعون

الفصل: ‌حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

‌المجلد السابع والعشرون

‌الطبقة التاسعة والثلاثون

‌حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة التاسعة والثلاثون:

حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة:

فيها: قَبضوا على الطائع لله في داره، في تاسع عشر شعبان، وسببه أنّ أبا الحسن بن المعلّم كان من خواص بهاء الدولة، فَحُبِسَ، فجاء بهاء الدولة وقد جلس الطائع لله في الرِّواق مُتَقلِّدًا سيفًا، فلما قَرُبَ بهاء الدولة قبّل الْأرض وجلس عَلَى كرسي، وتقدّم أصحاب بهاء الدولة فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من سريره، وتكاثر عليه الدَّيْلَم، فلفُّوه في كساء وحُمِل في زبزب، وأُصعِد إلى دار المملكة، وشاش البلد، وقَدَّر أكثر الجند أن القبض على بهاء الدولة، فوقعوا في النهب "وشُلِّح"1 من حضر من الْأشراف والعُدُول، وقُبض على الرئيس علي بن عبد العزيز بن حاجب النُّعمان في جماعة، وصُودِروا، واحتيط على الخزائن والخَدَم، ورجع بهاء الدولة إلى داره2.

وظهر أمر القادر باللَّه، وأنَّه الخليفة، ونُودِي له في الْأسواق، وكتب على الطائع كتابًا بخلْع نفسه، وأنَّه سلّم الْأمر إلى القادر باللَّه، وشهد عليه الْأكابر والأشْراف، ونفَّذ إلى القادر المكتوب، وحثّه على القُدُوم.

وشغب الدّيْلم والتُّرْك يطالبون برسم البَيْعَة، وبرزوا إلى ظاهر بغداد، وتردّدت الرُسُل منهم إلى بهاء الدولة، ومُنِعوا من الخُطْبة للقادر، ثم أرْضَوهم، فسكنوا، وأُقيمت الخطبة للقادر في الخُطبة3 الْآَتية، وهي ثالث رمضان، وحوّل من دار الخلافة جميع ما فيها، حتى الخشب السّاج والرُّخام، ثم أُبيحت للخاصّة والعامّة، فقُلِعت أبوابها وشبابيكها.

وجهّز مهذّبُ الدولة عليُّ بن نصر القادر باللَّه من البطائح وحمل إليه من الْآَلات والفَرْش ما أمكنه، وأعطاه طيّارًا كان عمله لنفسه، وشيّعه فلما وصل إلى واسط

1 في الأصل "سلخ".

2 ذيل تجارب الأمم "201-208"، والمنتظم "7/ 156"، والبداية والنهاية "11/ 308"، وتاريخ بغداد "11/ 79"، والنجوم الزاهرة "4/ 159"، والعبر "3/ 15".

3 في الأصل "بهذا المآثر".

ص: 3

اجتمع الجنْد وطالبوه بالبَيْعَة، وجرت لهم خُطُوب، انتهت إلى أن وعدهم بإجرائهم مجرى البغداديين، فَرَضُوا، وسار. وكان مقامه بالبطيحة منذ يوم حصل فيها إلى أن خرج عنها سنتين وأحد عشر شهرًا، وقيل سنتين وأربعة أشهر، عند أميرها مهذَّب الدولة.

قال هلال بن المحسّن: وجدْت الكتاب الذي كتبه القادر باللَّه:

"من عبد اللَّه أحْمَد الْإمَام القادر باللَّه أمير المؤمنين، إلى بهاء الدولة وضياء الملة أبي نصر "ابن" عَضُد الدولة، مولى أمير المؤمنين، نحْمد إليك اللَّه الَّذِي لَا إله إلّا هُوَ، ونسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، أمّا بعد، أطال اللَّه بقاءك، وأدام عزَّك وتأييدك، وأحسن إمتاعَ أمير المؤمنين بك، فإنّ كتابي الوارد في صُحبة الحَسَن بن محمد، رعاه اللَّه، عُرِض على أمير المؤمنين تاليا لما تقدَّمه، وشافعًا ما سبقه، ومتضمّنًا مثل ما حواه الكتاب قبله، من إجماع المسلمين، قبلك بمشهد منك، على خلع العاصي المتلقّب بالطائع عن الْإمَامة، ونَزْعه عن الخلافة، لبَوَائقه المستمرّة، وسوء نيّته المدخولة، وإشهاده على نفسِه بعجزه، ونُكُوله وإبرائه الكافّة من بيعته، وانشراح صدور الناس لبيعة أمير المؤمنين، ووقف أمير المؤمنين على ذلك كلّه، ووجدك، أدام اللَّه تأييدك، قد انفردتَ بهذه المأثرة واستحققت بها من اللَّه جليل الْأثَرَة، ومن أمير المؤمنين سنيّ المنزلة، وعليّ المرتبة".

وفيه: "فقد أصبحت سيف أمير المؤمنين المُبير لأعدائه، والحاظي دون غيرك بجميل رأيه، والمستبدّ بحماية حَوْزَته ورعاية رعيّته، والسّفارة بينه وبين ودائع اللَّه عنده في بريّته، وقد برزتْ راية أمير المؤمنين عن الصَّليق موضع مُتَوَجَّهه نحو سريره الذي حرسته، ومستقرّ عزّه الذي شيّدته، ودار مملكته التي أنت عِمادها".

إلى أن قال: "فواصِل حضرةَ أمير المؤمنين بالإنهاء والمطالعة، إن شاء اللَّه، والسّلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته. وكتب لثلاثة بقين1 من شعبان".

واسم القادر: أحْمَد بن إسحاق بن المقتدر أَبُو العباس، وأمُّه تمني مولاة عبد الواحد بن المقتدر. وُلِد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وكان حَسَنَ الطّريقة، كثير المعروف، فيه دين وخيْر، فوصل إلى جَبُّل في عاشر رمضان، وجلس من الغد جلوسًا عامًا، وهنيء، وأنشد بين يديه الشعراء، فمن ذلك قول الرضي الشريف:

1 في الأصل "لثالثة تبقي".

ص: 4

شرفُ الخلافة يا بني العباس

اليوم جدّده أَبُو العبّاس

ذا الطّوْد بقّاه الزّمان ذخيرةً

من ذلك الجبل العظيم الراسي

وحُمل إلى القادر بعض الْآَلات المأخوذة من الطائع، واستكتب "له" أَبُو الفضل محمد بن أحْمَد عارض الدَّيْلم، وجعل اسْتَدَارَه عبد الواحد بن الحسين الشِيرازي: وفي شوّال عُقد مجلس عظيم، وحلف القادر وبهاء الدولة كلُّ منهما لصاحبه بالوفاء، وقلَّده القادر ما وراء بابه، ممّا تُقام فيه الدَّعوة.

وكان القادر أبيض، حَسَن الجسم، كَثَّ اللحية، طويلها، يخضِب. وصفه الخطيب البغدادي1 بهذا، وقال: كان من الدّيانة والسيادة وإدامة التهجُّد، وكثرة الصَّدقات، على صفةٍ اشتهرت عنه، وقد صنَّف كتابًا في الْأصول، ذكر فيه فضائل الصحابة وإكفار المعتزلة، والقائلين بخلْق القرآن.

وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني2 أنّ القادر كان يلبس زِي العَوَامّ، ويقصد الْأماكن المعروفة بالخير والبركة، كقبر معروف3 وغيره، وطلب من ابن القِزْوِيني الزّاهد أنْ يُنْفِذ له من طعامه الذي يأكله، فأنفذ إليه باذنجانا مقلُوًّا بِخَلٍّ وباقِلاء ودِبْس وخُبْز بَيْتيّ، "وشدّه" في مَيْزَر، فأكل منه، وفرّق الباقي، وبعث إلى ابن القزويني مائتي دينار، فقبلها. ثم بعد أيام طلب منه طعامًا، فأنفذ إليه طبقًا جديدًا، وفيها زبادي فيها فراريج وفالُوذَج، ودجاجة مشويّة وفالوذجة، فتعجّب الخليفة، وأرسل يكلّمه في ذلك، فقال: ما تكلّفت، لما وُسِّعَ عليّ وُسَّعْت على نفسي، فتعجّب من عقله ودينه. ولم يزل4 يواصله5 بالعطاء.

وفي ذي الحجّة، يوم عيد الغدير جرت "فتنة" من الرافضة وأهل باب البصْرة، واستظهر أهل باب البصرة، وحرقوا أعلام السلطان، فقُتِل يومئذ جماعة اتُّهموا بفعل ذلك، وصُلبوا، فقامت الهيبة، وارتدع المفسد6.

1 تاريخ بغداد "4/ 37".

2 هو صاحب كتاب "تكملة تاريخ الطبري".

3 هو معروف الكرخي توفي سنة 200هـ. انظر ترجمته في: صفة الصفوة "2/ 79"، وطبقات الحنابلة "1/ 381"، وتاريخ بغداد "13/ 199".

4 في الأصل "نزل".

5 في الأصل "مواصلة".

6 المنتظم "7/ 163"، والكامل في التاريخ "9/ 91".

ص: 5

وفيها: حجّ بالنّاس من العراق أَبُو الحسين محمد بن الحسين بن يحيى، وكان أميرُ مكّة الحسن بن جعفر أَبُو الفتوح العلويّ، فاتّفق أنّ أبا القاسم بن المغربي حصّل عند حسّان بن المفرّج بن الجرّاح الطائي، فحمله على مُبَاينة صاحب مصر، وقال: لا مَغْمَز في نسب أبي الفتوح، والصَّواب أن يُنَصِّبه إمامًا، فوافقه، فمضى ابن المغربيّ إلى مكّة، فأطمع صاحب مكّة في الخلافة، وسهّل عليه الْأمر، فأصغى إلى قوله، وبايعه شيوخ الحَسَنِيّين، وحسَّن أَبُو القاسم بن المغربي أخْذَ ما على الكعبة من فضّة وضربه دراهم.

واتّفق موت رجلٍ بجُدَّة معه أموال عظيمة وودائع، فأوصى منها بمائة ألف دينار لأبي الفتوح صاحب مكّة ليصون بها تركته والودائع، فاستولى على ذلك كلّه، فخطب لنفسه، وتسمّى بالراشد باللَّه، وسار لاحقا بآل الجرّاح الطائي، فلما قَرُب من الرملة، تلقَّتْه العرب، وقبَّلوا الْأرض، وسلّموا عليه بالخلافة، وكان متقلّدًا سيفًا زعم أنه ذو الفِقار وفي يده قضيب، وذكر أنه قضيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحوله جماعة من بني عمّه، وبين يديه ألف عبد أسود، فنزل الرملة، ونادى بإقامة العدْل، والأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر، فانزعج صاحب مصر، وكتب إلى حسّان الطائي مُلَطَّفًا، وبذل له أموالًا جزيلة، وكتب إلى ابن عم أبي الفتوح، فولاه الحَرَمَيْن، وأنفذ له ولشيوخ بني حسن أموالًا، فقيل: إنه بعث إلى حسّان بخمسين ألف دينار مع والده حسّان، وأهدى له جارية جهّزها بمال عظيم، فأذعن بالطاعة، وعرف أَبُو الفتوح الحال، فضعُفَ وركب إلى حسّان المفرّج الطائي مُستجيرًا به فأجاره، وكتب فيه إلى العزيز، فردّه إلى مكّة1.

وفيها: استولى بزال على دمشق وهزم متوليّها مُنِيرًا وفرَّق جَمْعَه.

وفيها: أقبل باسيل طاغية الرّوم في جيوشه، فأخذ حمص ونهبها، وسار إلى شَيْزَر2 ونهبها، ثم نازل طرابلس مدّة، ثم رجع إلى بلاده.

وفيها: خلع الطائع نفسه مُكْرَهًا، وبايعوا القادرَ باللَّه أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن المقتدر باللَّه.

1 المنتظم "7/ 164".

2 في الأصل "شيرز".

ص: 6