المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أن المهدي الأموي، هو ابن عمّه، قد استنجد بالنَّصَارَى لأخذ - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢٧

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السابع والعشرون

- ‌الطبقة التاسعة والثلاثون

- ‌حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

- ‌حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ست وثمانين وثملاثمائة

- ‌حوادث سنة سبع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسعين وثلاثمائة:

- ‌وفيات الطبقة:

- ‌الطبقة الْأربعون:

- ‌حوادث سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ست وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة:

- ‌حوادث سنة أربعمائة:

- ‌وفيات الطبقة:

- ‌الفهرس العام للكتاب:

- ‌الطبقة التاسعة والثلاثين:

- ‌الطبقة الأربعون

الفصل: أن المهدي الأموي، هو ابن عمّه، قد استنجد بالنَّصَارَى لأخذ

أن المهدي الأموي، هو ابن عمّه، قد استنجد بالنَّصَارَى لأخذ الثأر منه، فتأهَّب، ثمّ وقع بينهم مصافُّ، فانهزم البربر والمستعين، وذلك فِي رابع شوّال، ودخل المهديّ قُرْطُبَة بدولته الثانية، فصادرهم، وفعل الْأفاعيل، وخرج يتبع البربر، فكرُّوا عَلَيْهِ فهزموه، واستُبِيحَ عسكرُهُ، وقُتِل نحو العشرين ألفًا من أهل قُرْطُبَة، فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون، واللَّه أعلم1.

آخر الحوادث، والحمد لله وحده.

الطبقة الأربعون: وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

1 الكامل في التاريخ "9/ 216-219".

ص: 181

‌وفيات الطبقة:

وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

1-

أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد بْن زُرَيْق1، أَبُو الْحَسَن البغدادي نزيل مصر2.

سَمِعَ: أبا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، وأَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الرقي الحافظ، ومحمد بْن بكّار السَّكْسَكي، ومُحَمَّد بْن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر بن ملاس، وخلقًا سواهم، وانتقى عَلَيْهِ خَلَفُ الوساطي.

رَوَى عَنْهُ: ابن بنته أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، ورشأ بْن نظيف، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأزْجِي، وَأَبُو عُمَر أحْمَد بْن عَبْد اللَّه النّاجي، وآخرون.

وثّقه الصُّورِي. وزُرَيْق بتقديم الزّاي.

تُوُفّي في ربيع الأوَّل.

2-

أحمد بْن محمد بْن نوح، أَبُو حامد الْبُخَارِيّ، قاضي نَسَف.

روى عن أبي نعيم عبد الملك بن عَدِيّ، وعيسى بْن عَبْد اللَّه العثماني صاحب بندار.

1 في الأصل "رزيق".

2 سير أعلام النبلاء "16/ 552"، والعبر "3/ 48"، وتاريخ بغداد "4/ 236".

ص: 181

رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر المُسْتَغْفِري، وقَالَ: تُوُفِّي فِي شوال.

3-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن هارون الْأنصاري القُرْطُبي، أَبُو بَكْر1.

سَمِعَ: مُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن ثابت التغلبي، وحجّ فسمع أَبَا الْعَبَّاس الكِنْدِي، والْحَسَن بْن رشيق. وكان صالحًا منقطعًا، رحمه الله.

4-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس السِجسْتاني الزّاهد نزيل نيسابُور.

صحِب الشِّبْليّ، وسمع من أَبِي عَمْرو الحيري، وطبقته، وقلَّ ما رَوَى.

أرّخه الحاكم.

5-

أحْمَد بْن يوسف بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أيوب بْن عَمْرو بْن مُسْلِم بْن واضح، أَبُو بَكْر الثقفي الخشّاب الْإصبهاني المؤذّن2.

رَوَى عَنْ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن دَلَوْيه، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن، والْحَسَن الداركي، والفضل بْن الخصيب، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن عَلِيّ، وَأَبُو نُعَيْم أحْمَد بْن عَبْد اللَّه، وَأَبُو سهل أحْمَد بْن أحْمَد الصَّيْرَفي، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وجماعة.

6-

إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد حاجب، أَبُو عَلِيّ الكشاني3.

رَوَى الصّحيح عَنِ الفَرَبْرِي.

وقَالَ الإدريسي: تُوُفِّي فيها، وهو آخر من حدّث بالجامع الصّحيح. وسيعاد في الآتية.

"حرف الجيم":

7-

جَعْفَر بْن الفضل بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن موسى بن الحسن الفرات4،

1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 58".

2 سير أعلام النبلاء "16/ 551"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 164"، والعبر "3/ 49".

3 سير أعلام النبلاء "16/ 481"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1023".

4 تاريخ بغداد "7/ 234"، وسير أعلام النبلاء "16/ 484"، والمنتظم "7/ 215".

ص: 182

الوزير المحدث، أبو الفضل ابن الوزير أَبِي الفتح بْن حِنْزَابة البغدادي، نزيل مصر.

وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدر فِي السنة التي قُتِل المقتدر فيها، وتقلّد أَبُو الفضل وزارة صاحب مصر كافور.

وحدّث عَنْ: مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الداركي الْإصبهاني، ومُحَمَّد بْن زهير الْأبُلّي، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخرائطي، ومُحَمَّد بْن سَعِيد الحمصي، وجماعة.

قَالَ الخطيب: كَانَ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي "القاسم"1 البَغَوي مجلسًا، ولم يكن عنده، وكان يَقُولُ: من جاءني بِهِ أغنيته. وكان يُمْلي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدَّارَقُطْنيّ إلى هناك، فإن "ابن"2 حنزابة كَانَ يريد أن يصنّف مسندًا، فخرج أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ إلى مصر، فأقام عنده مدّة، وحصل لَهُ منه مال كثير3.

وروى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ أحاديث.

وُلِد ابن حنزابة في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ثالث عشر ربيع الْأوّل.

ومن شعره:

من أخْملَ النفسَ أحياها ورَوَّحَها

ولم يَبِتْ طَاويا منها عَلَى ضَجَر

إن الرّياح إذا اشتدَّت عواصفُها

فليس ترمي "سوى"4 العالي من الشجر

وقَالَ السلفي: كَانَ أَبُو الفضل بْن حنزابة من الثِّقات الحُفَّاظ المتبجّحين بصُحبة أصحاب الحديث، مَعَ جلالة ورئاسة. يرْوِي ويُملي بمصر فِي حال وزارته، ولا يختار عَلَى العلم وصحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه فوائد، ومن كلامه عَلَى الحديث وتصرّفه الدّالّ عَلَى حدّة فهمه ووفور علمه.

وقد رَوَى عنه حمزة الكناني الحافظ مع تقدمه.

1 ساقطة من الأصل.

2 ساقطة من الأصل.

3 تاريخ بغداد "7/ 234".

4 في الأصل "سوءا".

ص: 183

وقال غير السفلي: إنّ ابن حنزابة بعد موت كافور، وَزَرَ لأبي الفوارس احمد بْن عليّ الإخشيدي، فقبض عَلَى جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بْن كلس، وأخذ منه أربعة آلاف دِينار، فهرب إِلى المغرب، وآل أمره إِلى أن وزر لبني عُبَيْد، ثم إن ابن حنزابة لم يقدر عَلَى رِضَى الإخشيدية، واضطربت عَلَيْهِ الْأحوال، واختفى مرّتين ونُهِبت داره، ثم قدم أمير الرملة أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طُغج وغلب عَلَى الْأمور، وصادر الوزير ابن حنزابة وعذّبه، فنزح إلى الشام فِي سنة ثمانٍ وخمسين، ثم بعد ذَلِكَ رجع إلى مصر1.

وممّن رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد.

وقَالَ الْحَسَن بْن أحْمَد بْن صالح السبيعي: قدِم علينا الوزير جَعْفَر بْن الفضل إلى حلب، فتلقّاه النّاس، فكنت فيهم، فعرف أنّي محدّث، فَقَالَ: تعرف إسنادًا فِيهِ أربعة من الصحابة، كلّ واحد يروي عن صاحبه؟ قلت: نعم. وذكرت لَهُ حديث السّائب بْن يزيد، عَنْ حُوَيْطَب بْن عَبْد العُزَّى، عَنْ عَبْد اللَّه بْن السعدي، عَنْ عُمَر رضي الله عنهم فِي العمالة، فعرف لي ذَلِكَ، وصار لي بِهِ عنده منزلة.

وقيل: إنّ الوزير ابن حنزابة كَانَ يُستعمل لَهُ الكاغَد بسَّمَرْقَنْد، ويُحمل إلى مصر فِي كل سنة، وكان عنده عدّة نُسَّاخ.

وقَالَ عَبْد اللَّه بْن يوسف: حضرت عند أَبِي الْحُسَيْن بْن المهلّبي بالقاهرة، فَقَالَ: كنت منذ أيام حاضرًا فِي دار الوزير أَبِي الفرج بْن كلّس، فدخل عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس بْن الوزير أَبِي الفضل بْن حنزابة، وكان قد زوّجه ابنَتَه، وأكرمه وأَجَلَّه، وقَالَ لَهُ: يا أَبَا الْعَبَّاس، يا سيّدي، ما أَنَا بأَجَلّ من أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعد أباك خلف النّاس، شَيْلُ أنفه بأبيه، يا أَبَا الْعَبَّاس لا تشِلْ أنفَك بأبيك، تدري ما الْأقبال؟ نشاطٌ وتواضُعُ، وتدري ما الْأدْبار؟ كسلٌ وترافعٌ.

وقَالَ غيره: كَانَ الوزير أَبُو الفضل يُفطِر وينام نومة ثم ينهض في الليل لمتوضئه، ويدخل بيت مُصَلاه، فيصفّ قدميه إلى الغَداة، ولما تُوُفِّي صلّى عَلَيْهِ فِي داره الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان القاضي، وحضر جنازته قائد القواد وسائر الأكابر، ودفن في

1 وفيات الأعيان "1/ 347".

ص: 184

مجلس بداره "الكبيرة"1، المعروفة بدار العامّة2.

قَالَ المختار المسبّحي: إنه لما غُسِّل، جُعِل فِيهِ ثلاث شعرات مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كان ابتاعها بمالٍ عظيم، وكانت عنده فِي دِرْج ذهب، مختومة الْأطراف بالمِسْك، ووصى بأن تُجعل فِي فِيهِ، ففعل ذَلِكَ.

وحنزابة: جارية، هِيَ أمّ والده الفضل. والحنزابة، فِي اللغة: القصيرة الغليظة.

قال ابن طاهر: رَأَيْت عند الحبّال كثيرًا من الْأجزاء التي خُرّجت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء المُوَفى "ألفًا"3 من مُسْنَد كذا، والجزء المُوَفى خمسمائةً من مُسْنَد كذا، وكذا سائر المُسْنَدات، ولم يزل ينفق فِي البِرّ والمعروف الْأموال، وأنفق الكثير عَلَى أهل الحرمين، إلى أن اشترى دارًا من أقرب الدُّور، إلى الضّريح النَّبَوِي، لَيْسَ بينه وبين القبر إلا الحائط، وطريق فِي المسجد، وأوصى أن يُدْفَن فيها، وقرر عند الْأشراف ذَلِكَ، فسمحوا لَهُ بذلك، فلما حمل تابوته من مصر، خرجت الْأشراف من الحرمين لتلقيه، وحجوا به، وطافزا بتابوته، ثم ردُّوه إلى المدينة ودفنوه فِي تِلْكَ الدار، فعلوا ذَلِكَ لِما لَهُ عليهم من الأفضال4.

"حرف الحاء":

8-

حامد بْن مُحَمَّد بْن المطيّب، أَبُو منصور الماليني.

رَوَى عَنْ: أَبِي عَلِيّ الرّفّاء، وأَبِي مُحَمَّد المُزَني، وابْن أَبِي عَوْن الفَسَوِي.

رَوَى عَنْهُ: الْإمَام أَبُو عاصم العَبَّادِي، وغيره، وتُوُفِّي فِي شعبان.

9-

الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شُعْبَة، "أَبُو عَلِيّ"5 المَرْوَزِي السبخي6.

سكن بغداد، وحدث بجامع التِّرْمِذِيّ عَنِ المحبوبي. وحدّث عن إسماعيل الصفار وغيره.

1 في الأصل "الكبير".

2 وفيات الأعيان "1/ 349".

3 في الأصل "ألف".

4 تاريخ بغداد "7/ 423".

5 في الأصل "وعلي".

6 وفيات الأعيان "1/ 349".

ص: 185

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وغيره.

قَالَ الْأزهري: سَمِعْتُ منه، وكان ثقة فَهْمًا.

وقَالَ أحْمَد بْن عمران بْن البقّال: مات فِي نصف ذي الحجّة.

10-

الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن الحجّاج، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي الشيعي الشاعر المشهور1، صاحب الدّيوان الكبير الَّذِي هُوَ عدّة مجلَّدات فِي الفُحْش والسُّخْف، وقد أفرد بعضُ الْأدباء من شعره شيئًا حسنًا، وكان قد وُلِّي حِسْبَةَ بغداد، وكان إذا مدح أحدًا فكأنّما قد هجاه فِي شعره فِي الركاكة.

وكان غاليا فِي التشيُّع. ومن شعره:

نَمَّت بسري فِي الهَوَى أَدْمُعي

ودَلَّت الواشي عَلَى موضِعي

يا معشَرَ العشّاق إن كنتمُ

مثلي وفي حالي فموتوا معي2

وله:

قَالُوا "غدًا"3 العيد فاستبشر بِهِ فَرَحًا

فقلت ما لي وما للعيد والفَرَحِ

قد كان ذا والنَّوى لم تمس نازلةً

بعَقْوَتي وغُراب البَيْن لم يَصِحِ

أيام لم يحترم قربي الشباب ولم

يغد الشباب عَلَى بابي ولم يَرُح

وطائرٌ ناح فِي صحراء موُنِقَةٍ

عَلَى شَفَا جدْوَلٍ بالعُشْبِ مُتَّشح

بكّى وناح ولولا أَنَّهُ شَجَن

بشجو قلبي المُعَنَّى فيك لم يَنُحِ

بيني وبينك عهد لَيْسَ تخلفه

بعد المزار ووعد غير مُطَّرح

وما ذكرتك والأقداح دائرة

إلا مزجت بدمعي باكيا قدحي

ولا سَمِعْتُ بضربٍ فيه ذكر هوى

إلا غضبت عَلَيْهِ كلّ مُقْتَرحِ

ومن شعره:

يا صاحبَ البيت الذي

قد مات ضيفاه جميعا

1 تاريخ بغداد "8/ 14"، والعبر "3/ 50"، والمنتظم "7/ 216"، والبداية والنهاية "11/ 329".

2 تاريخ بغداد "8/ 14".

3 في الأصل "غد".

ص: 186

حصلتنا حتى نمو

ت بدائنا عَطَشًا وجُوعًا

ما لي أرى فلك الرغيـ

ـف لديكَ مُسْترقي رفيعًا

كالبدر لا "نرجوا"1 إلى

وقت المساء لَهُ طُلُوعًا

ومن شعره:

يا ذاهبًا في داره جائيا

بغير معنى وبلا فائدهْ

قد جُنّ أضيافك من جُوعِهِمْ

فاقْرَأْ عليهمْ سُورَة المائدهْ2

ومن شعره وكان اثني عشريا:

فمذهبي أنَّ خير النّاس كلّهم

بعد النَّبِيّ أميرُ المؤمنين عَلِيّ

وليس سَبُّ أَبِي بَكْرٍ ولا عُمَر

شيءٌ يقوم بِهِ قولي ولا عملي

أعوذ باللَّه من أمرٍ يَسُوءُهما

كلا فإنّ طريقي فِي الصَّواب جلي

وله معانٍ مُسْتَنْكَرَة فِي الفُحْش لم يُسبَق إلى مثلها.

رَوَى عَنْهُ من شعره التنوخي وغيره.

مات بالنّيل فِي جُمادى الآخرة، وحمل إلى بغداد.

"حرف السين":

11-

سَعِيد بْن أحْمَد بْن سَعِيد بْن مُوسَى بْن "جُدَير"3، أَبُو عثمان القُرْطُبي4، صالح زاهد متقشف.

سَمِعَ: خَالِد بْن سعْد، وأَحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَحْمَد بْن مسور، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ.

12-

سَعِيد بْن عَلِيّ بْن شُعيب بْن عَبْد الوهّاب القاضي، أَبُو نصر الهمذاني.

1 في الأصل "برجوا".

2 وفيات الأعيان "2/ 170".

3 في الأصل "جرير".

4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 175".

ص: 187

رَوَى عَنْ: "أَبِي"1 عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وأَبِي القاسم بْن أَبِي صالح، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد البزّاز، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن البَخْتَرِيّ، وأَبِي عَمْرو بْن السّمّاك، وطائفة كثيرة.

رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد الزَّجَّاج، وحمد بْن سهل، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر بن بويه الأسداباذي، وَأَبُو منصور مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن "البُرُوجِرْدِي"2.

قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صَدُوقًا مرضيًّا فِي حُكْمه، مات بأسداباذ، وحُمل إلى هَمَذَان فِي ذي القعدة.

وَأَخْبَرَنَا فَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّوفي، أَنَا مُحَمَّد بْن عيسى إجازةً، أَنَّهُ سَمِعَ صالحًا الحافظ يَقُولُ: رَأَيْت فِي المنام كأن الدُّنيا كلّها ظُلْمة، إلا حيث كَانَ القاضي شعيب بْن عَلِيّ واقفًا، فقلت لَهُ: يا أَبَا نصر النّور، يا أبا نصر النور.

"حرف الضاد":

13-

ضِرار بْن نافع، أَبُو عَمْرو الضّبِّي الهَرَوِي.

سمع: أبا الحسين النيسابوري الحافظ وغيره.

"حرف العين":

14-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد الماسَرْجَسي.

رَوَى عَنِ: الْأصمّ وغيره.

15-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الْعَبَّاس السِجِسْتاني الصُّوفِي.

سَمِعَ: ابن الصُّوفِي، ومكّي بْن عَبْدان، وكان من الزُّهّاد.

16-

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عَلِيّ بْن زياد، أَبُو القاسم النَيسابُوري النهدي.

سمع: ابن الشرفي، ومحمد بن حمدون. وعنه الحاكم.

1 في الأصل "أبيه".

2 في الأصل "البردجردي".

ص: 188

17-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد، أَبُو سهل البلْخي.

رَوَى عَنِ: ابن طَرْخان المُسْنَد، وكتب بنَسَف عَنْ عَبْد المؤمن بْن خَلَف، وجماعة.

قَالَ جَعْفَر المُسْتَغْفِري: هُوَ اليوم محدّث بلْخ. قَالَ: وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر.

18-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم التّاجر النّيسابُوري، وكان يُحمل إلى مجالس الحديث ومعه العبيد والخَدَم وجماعة من الورّاقين، فسمع من أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، ثم رحل بِهِ طاهر الورّاق إلى المحبوبي بمرُو فأَكْثَرَ عَنْهُ، وتفقّه عَلَى أَبِي سهل الصّعْلوكي، ثم فِي آخر عمره استُشْهِد عَلَى يد الملحد عَبْد الملك البُستي فِي رمضان.

19-

عَبْد الخالق بْن شبلون، أَبُو القاسم المغربي المالكي1.

تفقّه عَلَى أَبِي سَعِيد خَلَف بْن أَبِي هشام، وكان الاعتماد عَلَيْهِ بالقَيْروَان. رحمه اللَّه تعالى.

20-

عَبْد العزيز بْن أحْمَد الفقيه، أَبُو الْحَسَن "الخوزي"2 شيخ أهل الظاهر3.

أخذ عَنْ قاضي القضاة بِشْر بْن الْحُسَيْن الظاهري، وقدِم من شيراز فِي صُحْبة السلطان عَضُد الدولة.

وأخذ عَنْهُ فقهاء بغداد كأبي بكر بن محمد بن عمر القاضي الداوودي، وقاضي فيروز أباد أبو علي الداوودي.

قَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ: ما رَأَيْت فقيهًا أَنْظَرَ من "الخوزي"4، وأَبِي حامد الإِسْفِرَايِينِيّ.

21-

عَبْد الملك بْن مُحَمَّد الفارسي البغدادي، أخو أَبِي عُمَر بْن مهدي.

سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، وكان سفّارًا، فحدّث بأماكن.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد السّمّاك، وَأَبُو يَعْلَى الخليلي، وأجاز لأبي القاسم البسري.

مات في ذي القعدة.

1 الديباج المذهب "158".

2 في الأصل "الحزذي".

3 المنتظم "7/ 218"، والبداية والنهاية "11/ 330"، والعبر "3/ 50".

4 في الأصل "الجزري".

ص: 189

22-

عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الرّازي البغدادي1.

حدث عن: أبي يكر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وغيرهما.

رَوَى عَنْهُ: الجوهري، والتنوخي، وجماعة. قَالَ الْأزهري: كذّاب، ووثّقه العتيقي وغيره.

23-

عيسى بْن دَاوُد بْن الجرّاح، أَبُو القاسم بْن الوزير أَبِي الْحَسَن البغدادي2.

سَمِعَ: أبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي دَاوُد، وابْن صاعد، وبدر بْن الهَيْثَم، وأَبَا بَكْر بْن دُرَيْد، ومُحَمَّد بْن نوح، وأَبَا بَكْر بْن مجاهد، وأباه أَبَا الْحَسَن، وجماعة.

روى عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وعَبْد الواحد بْن شطا، وَأَبُو جَعْفَر بْن المسلمة، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النَّقُور، وآخرون.

قَالَ الخطيب: كَانَ ثَبْت السماع، صحيح الكتاب. ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وأنشدني أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء، أنشدنا عيسى الوزير لنفسه:

رُبَّ مَيْتٍ قد صار بالعِلْم حيا

ومُبَقَّى قد حاز جَهْلا وعَيّا

فاقْتَنُوا العِلْمَ كي تنالوا خُلُودًا

لا تَعُدُّوا الحياةَ في الجهل شيا3

وقال: أنشده التنوخي: أنشدنا عيسى لنفسه:

قد فات ما ألقاه تحديدي

وجلّ عَنْ وصْفي وتعديدي

وقلتُ للأيام هُزأ بها

بحقّ مَن أغراكِ بي زيدي4

وقَالَ: ذكر لي مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس أنّ وفاة عيسى بْن الوزير كانت يوم الجمعة، مُسْتَهَلّ ربيع الْأول سنة إحدى وسبعين. قَالَ: وكان يُرْمى بشيء من مذهب الفلاسفة.

وقَالَ غيره: تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. وقيل: فِي المحرَّم.

وقع لنا جُزْء من عواليه عن الأبرقوهي.

1 تاريخ بغداد "11/ 388".

2 المنتظم "7/ 218"، والبداية والنهاية "11/ 330"، والعبر "3/ 50".

3 تاريخ بغداد "11/ 179".

4 تاريخ بغداد "11/ 180".

ص: 190

"حرف الكاف":

24-

كَعْبُ بْن عَمْرو البلْخي1.

حدّث عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن الْأعْرابي.

وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وعَبْد العزيز الْأزْجِي.

وضع حديثًا. قَالَ الخطيب: كان غير ثقة.

"حرف الميم":

25-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عُمَر السّليطي، من وجوه أهل نيسابُور، وزَوْج بِنْت الْإمَام أَبِي بَكْر الضَّبُعي.

سَمِعَ: أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْدان، وغيرهما.

تُوُفِّي فِي ذي القعدة.

26-

مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن داسة الْإصبهاني الصُّوفِي.

خرّج لَهُ الحاكم عَنِ الْأصمّ وأقرانه، وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي حامد بْن السَّمَرْقَنْدِيّ.

27-

مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْم، أَبُو بَكْر البغدادي النّجاد2.

سَمِعَ: ابن عُقْدَة الحافظ، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر المطيري.

رَوَى عَنْهُ: الْأزهري، والعتيقي، ووثّقه.

28-

مُحَمَّد بْن حُمَيْد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن حُمَيْد بْن الرَّبِيع اللَّخْمي الخزّاز، أَبُو بَكْر3، من بيت عِلم وشُهْرة.

رَوَى عَنْ: يوسف بْن بهلول الْأنباري، وأَبِي بَكْر الصولي. روى عنه: العتيقي، والأزهري.

1 تاريخ بغداد "12/ 493".

2 تاريخ بغداد "2/ 214".

3 تاريخ بغداد "2/ 265".

ص: 191

29-

مُحَمَّد بْن عثمان بْن شهاب1، أَبُو الْحَسَن المعروف "بالبغوي"2 رحل إلى بغداد.

رَوَى عَنْ: أَبِي حامد الحَضْرَمِي، ومُحَمَّد بْن منصور المنيعي، ومحمد بن نوح، وسعيد بن أخي زُبَير الحافظ.

رَوَى عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، والعتيقي، وجماعة. وثّقه العتيقي، وتُوُفِّي فِي رمضان عَنْ ثمانين سنة.

30-

مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن السّمْط، أَبُو بَكْر بْن الدّلاء الدمشقي المعدِّل.

رَوَى عَنْ: أَبِي هاشم، ومُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، وابْن جَوْصَا، وأَبِي الدَّحْداح مُحَمَّد بْن أحْمَد، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي. تُوُفِّي فِي ذي الحجّة.

31-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَسْلَمة بْن سَعِيد بْن تيري، أَبُو مُحَمَّد الْأبَّاري الْأندلسي ابن أخي خطّاب بْن مَسْلَمَة الزّاهد. وكان هذا أيضًا زاهدًا متبتلا، فقيهًا عارفًا بمذهب مالك.

سَمِعَ: وَهْب بْن مَسَرَّة، وابْن عَوْن اللَّه، وبمكّة أَبَا بَكْر الْأجُرِّي، وقُرِئت عَلَيْهِ المُدَوَّنَة وغيرها.

تُوُفِّي فِي هذا العام، وشيَّعه خلْقٌ عظيم. قرأ عَلَيْهِ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ جُزْءين من حديثه.

32-

"مقلَّد"3 بْن المُسَيّب بْن رافع، حسام الدولة، أَبُو حسّان العُقَيْلِي صاحب المَوْصِل.

كَانَ أخوه أَبُو الذَّوَّاد "مُحَمَّد أول"4 من تغلّب عَلَى المَوْصِل، وملكها في سنة

1 تاريخ بغداد "3/ 50".

2 في الأصل "النفري".

3 في الأصل "محمد" وهو خطأ، انظر سير أعلام النبلاء "13/ 5"، والبداية والنهاية "11/ 329"، والعبر "3/ 51"، وشذرات الذهب "3/ 138".

4 في الأصل "محمد بن أول".

ص: 192

ثمانين وثلاثمائة، وملك حسام الدولة بعده فِي سنة سبعٍ وثمانين، وكان أعور، لَهُ سياسة وحُسْن تدبير، "واتسعت"1 مملكته. نفّذ إِلَيْهِ الخليفة القادر باللَّه اللواء والخلع، فاستخدم من الترك والديلم ثلاثة آلاف فارس، وأطاعته عرب خَفَاجَة.

وله شِعْر وسط وحَسَن. قتله فِي هذا العام غلام لَهُ تركيّ فِي صفر، فيقال: قتله لأنّه سمعه يوصي رجلا من الحاجّ أنْ يسلّم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ويقول: قل لَهُ لولا صاحباك لزُرْتك2.

فأخبرنا مُحَمَّد بْن النّحّاس، أَنَا يوسف السّاوي، أَنَا السِّلَفيّ، أَنَا أَبُو عَلِيّ البرداني، أَنَا أَبِي، والْحَسَن بْن طَالِب البزّاز، وابْن نبهان الكاتب، قَالُوا: أراد رَجُل الحجّ، فأحضره الْأمير مقلّد وقَالَ: اقرأ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم السلام وقل لَهُ: لولا صاحباك لزرتك. قَالَ الرجل: فحججتُ وأتيت المدينة، ولم أقلْ ذَلِكَ إجلالا، فنمت، فرأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي منامي، فَقَالَ: يا فلان، لِمَ لا تؤدِّ الرّسالة؟ فقلت: يا رَسُول الله أجللتك، فرفع رأسه إلى رجل قائم فقال: خذ هذا الموسى، يعني مقلدًا، فوافيت إلى العراق، فسمعت أن الأمير مقلد ذبح على فراشه، ووجد الموسى عند رأسه، فذكرت للناس الرّؤيا، فشاعت، فأحضرني ابنه قرواش، فحدثته، فَقَالَ لي: تعرف الموسى؟ فقلت: نعم. فأحضر طبقًا مملوءًا مواسي، فأخرجته منهم، فَقَالَ: صدقتَ، هذا وجدته عَنْد رأسه، وهو مذبوح.

رثاه الشريف الرضِيّ وجماعة، وقام بالمُلك بعده ابنه معتمد الدولة أَبُو المنيع "قِرواش"3 فبقي خمسين سنة.

33-

المؤمل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم الشَّيْباني البغدادي البزّاز4 نزيل مصر.

حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وأبي حامد الحضرمي، ويعقوب الحراب.

1 في الأصل "واسيعت".

2 وفيات الأعيان "5/ 263"، وشذرات الذهب "3/ 138".

3 في الأصل "قراش".

4 سير أعلام النبلاء "16/ 556"، وتاريخ بغداد "3/ 183"، والعبر "3/ 51".

ص: 193

رَوَى عَنْهُ: يوسف بْن رباح، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، وآخرون.

وثّقه الخطيب وقال: عاش أربعًا وتسعين.

34-

مهدي بن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة النيسابُوري الصّيْدَلانِي.

روى عن: عبد الله بن الشرفي، وتُوُفِّي فِي رجب فِي عشر الثمانين.

"حرف الهاء":

35-

هِبَةُ اللَّه بْن مُوسَى بْن الْحَسَن، أَبُو الْحُسَيْن المُزَني المَوُصِليّ.

تُوُفِّي، وله خمسٌ وتسعون سنة.

"حرف الواو":

36-

وَهْبُ بْن مُحَمَّد بْن محمود الْأمويّ القُرْطُبي1.

سمع: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وكان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، عابدًا مُصَلِّيا مُفْتيا، لَهُ حلقة بالجامع.

شاوره ابن السليم فِي الْأحكام، وقد حدّث، وأخذ عَنْهُ جماعة.

وقد رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البر، وسماه في شيوخه.

"حرف الياء":

37-

يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن العاصمي النيسابُوري.

سَمِعَ من الْأصمّ، وحدّث.

وَفَيَات سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

38-

أحْمَد بْن سَعِيد بْن بشر، أَبُو الْعَبَّاس بن الحصار القرطبي2.

1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 166".

2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 60".

ص: 194

سمع من: قاسم بن أصبغ، وابن أبي دُلَيْم، ومَسْلَمَة بْن القاسم، وجماعة. وكان محدّثًا مُفْتيا.

سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، ولم يكن بالضّابط.

تُوُفِّي فِي شعبان.

39-

أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حسن، أَبُو عُمَر القُرْطُبي الفقيه1، قاضي رَيّه.

رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ.

40-

أحْمَد بْن الْعَبَّاس الْأمْلُوكي الطّحّان، مصري.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن الرّبيع الْجِيزِي، وغيره.

41-

أحْمَد بْن الفرج، أَبُو الْحَسَن الفارسي2، بغدادي، ثقة، فَهْم.

رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وغيره.

42-

إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن محمود الْإصبهاني3. من أعيان العلماء والتّجّار.

حدّث بنيسابُور بمُسْنَد الطَّيَالِسي، عَنِ ابن فارس. تُوُفِّي فِي صفر.

43-

إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد بْن سُوَيْد، أَبُو القاسم البغدادي4.

حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن دُرَيْد، وابْن زياد النيسابوري، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد.

روى عنه: عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، والقاضي أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء.

قَالَ ابن أَبِي الفوارس: فِيهِ تساهُلٌ فِي السماع والدّين.

قَالَ الخطيب: كَانَ بعض سماعه مستورًا، رَأَيْت إلحاقه فِيهِ. قلت: رَوَى كتاب "الوقف والابتداء" عن مؤلفه.

1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 60".

2 تاريخ بغداد "4/ 344".

3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 182".

4 تاريخ بغداد "6/ 308"، والمنتظم "7/ 220".

ص: 195

44-

إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاجب، أَبُو عَلِيّ الكُشَاني السَّمَرْقَنْدِيّ. سَمِعَ صحيح الْبُخَارِيّ سنة عشرين وثلاثمائة من الفِرَبْرِي وحدّث بِهِ.

رَوَى عَنْهُ الصحيح: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الخلال أخو الحافظ أبي محمد، وأبو سهل أحْمَد بْن عَلِيّ الْأبِيَورْدي، وَأَبُو طاهر مُحَمَّد بْن عَلِيّ الشُجاعي، وغُنْجار أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، وعُمَر بْن أحْمَد بْن شاهين بسَّمَرْقَنْد.

وقَالَ حمزة أَبُو سعد الإدريسي: تُوُفِّي سنة إحدى وتسعين. وقَالَ مؤتمن الساجي: سنة اثنتين.

"حرف الحاء":

45-

الحسن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عَلِيّ بْن الرئيس أَبِي الْحَسَن النيسابُوري.

سَمِعَ: الْأصمّ ببُخَارَى، وأَبَا بَكْر بْن خنيس بمَرْو، وخرّج لَهُ الفوائد.

وحدّث ببغداد ونيسابُور، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. يقال لَهُ: المحمي.

46-

الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الضّرّاب الْمَصْرِيّ1، أَبُو مُحَمَّد مصنّف المروءة.

سَمِعَ: أحْمَد بْن مروان الدِّينَوَرِي، "وأَبَا"2 الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد الْمَصْرِيّ، وأَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد الذهبي، وأَحْمَد بْن عُبَيْد الحمصي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ودعلج بن أحمد السجزي، وطائفة، وزاد بيت المقدس، فسمع بِهِ وبعسقلان.

رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد العزيز: وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم المقرئ، ورشأ بْن نظيف الدمشقي، وجماعة.

تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وَكَانَ مولده فِي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وقد روى عنه الدارقطني مع تقدمه.

1 العبر "3/ 752"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1024"، وشذرات الذهب "3/ 140".

2 في الأصل "أبو".

ص: 196

"حرف العين":

- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن خَالِد بْن رُوزْبَة، أَبُو بَكْر الفارسي الكِسْرَوِي.

سَمِعَ: القاسم بْن أَبِي صالح الجّلاب، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن شاذان، وعَلِيّ بْن قرقور، وجماعة بهمذان، وأحمد بن سلمان النّجّار وجعفر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل الهاشمي ببغداد، ومُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن وَصِيف الغزي السّمّان، وحامد بْن مُحَمَّد الرّفاء، وجماعة بالشّام وأماكن.

رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل، والخليل بْن عَبْد اللَّه القِزْوِيني الحافظ، وآخرون.

وكان ينسخ بهَمَذَان بالأجْرة، وسكن هَمَذَان، وكان يستقي الماء للبيوتات.

وقيل: إنّه رُؤِي فِي النَّوم، فَقَالَ: غفر اللَّه لي بكثرة صلاتي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَكَانَ يكتب خطًّا فِي دِقَّة الشَعْر، فسُئل: لم تفعل ذَلِكَ؟ فَقَالَ: من قلّة الوَرق والورِق، والحمل عَلَى العُنُق. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا.

47-

عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثرثال، أَبُو مُحَمَّد البغدادي نزيل مصر1.

تُوُفِّي فِي شوّال، وهو نسيب أحْمَد بْن عَبْد العزيز صاحب الجزء المشهور.

48-

عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد الفقيه، أبو محمد الْأصيلي2.

أصله من كورة شَذُونَة، ورحل بِهِ والده إلى أَصِيل من بلاد العُدْوَة، فنشأ بها وطلب العلم، وتفقه بقُرْطُبَة، وسمع من ابن المشّاط، "وابْن السّليم، وأَبَان بْن عيسى"3، وأخذ عَنْ وهب بْن مَسَرَّة بوادي الحجارة، ثم رحل إلى المشرق، فكتب بمصر عَنْ أَبِي الطّاهر الذُّهْلِي، وابْن حَيَّوَيْهِ النيسابُوري، وابْن إِسْحَاق بْن سُفْيَان، وكتب بمكّة عَنْ أَبِي زيد المَرْوَزِي صحيح الْبُخَارِيّ، وكتب عَنِ الْأجُرِّي، ثم دخل بغداد، وأخذ عَنْ أبي بكر الشّافعيّ، وأبي عليّ بن الصواف، وأبي بكر الأبهري،

1 تاريخ بغداد "9/ 390".

2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 249"، وسير أعلام النبلاء "16/ 560".

3 تكررت في الأصل.

ص: 197

"وأَبِي"1 الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْجُرْجَاني.

وصنف كتابًا سمّاه الدلائل ذكر فِيهِ عَنْ مالك، وأَبِي حنيفة، والشافعي، وكان عالمًا بالحديث والسُّنَّة.

قَالَ القاضي عِياض: قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: حَدّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْأصيلي، ولم أر مثله.

قَالَ عياض: وكان من حُفَّاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعِلَله ورجاله، وكان "يرى"2 القول فِي إتيان النّساء فِي أَدْبارهنّ كراهيةً دون التَّحريم، عَلَى أنّ الْأثار فِي ذَلِكَ شديدة. وكان يُنْكر الغُلُوَّ فِي كرامات الْأولياء، ويثبت منها ما صحّ، ودعاء الصّالحين.

ولّي قضاء سَرَقُسْطَة، ثم إنّه كره أميرها، فأقيل من القضاء، وبقي عَلَى الشُّورَى بقُرْطُبَة.

وكان نظير أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي زيد بالقَيْروَان، وعلى طريقه وهَدْيِه، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ زعارة.

حمل النّاس عَنْهُ، وتُوُفِّي فِي تاسع عشر ذي الحجة، سنة اثنتين وتسعين، وشَيَّعه الخلائق.

49-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زيرك، أَبُو سهل التميمي الهَمَذَاني. صَدُوق مُكْثِر.

رَوَى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عُبَيْد، وأَبِي الفضل الكِنْدِي، والقاسم بْن مُحَمَّد بْن السّرّاج، وطائفة.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد الغفّار، ويوسف الهمداني الخطيب.

50-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الضرير المقرئ ببغداد3. كَانَ رجلا صالحًا.

رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن البَخْتَرِي، وأَبِي عَلِيّ الصّفّار. رَوَى عَنْهُ آحاد المحدّثين.

51-

عَبْد الْأعلى بْن مُحَمَّد النيسابوري الفقيه الشافعي.

1 في الأصل "أبو".

2 في الأصل "يرو".

3 تاريخ بغداد "10/ 139".

ص: 198

تفقه عَلَى أَبِي الوليد حسّان بْن مُحَمَّد، وحدث عَنْ أَبِي العبّاس الأصمّ وغيره. تُوُفّي في المحرم.

52-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي شريح أحْمَد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن مَخْلَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن المغيرة بْن ثابت، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الهَرَوِي سيّد خُرَاسان في زمانه1.

ولد بعد الثلاثمائة.

وسمع: مُحَمَّد بْن عقيل البلْخي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البَغَوي، ويحيى بْن صاعد، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، وإِسْمَاعِيل الوَرّاق، وأَحْمَد بْن سَعِيد الطبّري، وجماعة، ورحل بِهِ أَبُوهُ، وأدرك بِهِ البَغَوي فِي آخر عمره. وكان صدوقًا صحيح السَّماع.

وحدّث عَنْهُ كثير من أهل هَرَاة، منهم: أَبُو عُمَر عَبْد الواحد بْن أحْمَد المليحي، وسفيان بْن مُحَمَّد التنوخي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الغميري وَأَبُو صاعد يَعْلَى بْن هبة اللَّه الفضيلي، وَأَبُو عاصم الفضيل، ومُحَمَّد بْن أَبِي مَسْعُود الفارسي، وعَبْد الرَّحْمَن البوسنجي، وبِيبي بِنْت عَبْد الصَّمد "الهرثمية"2 وآخرون.

وحديثه اليوم أعلى ما يُرْوَى فِي الدُّنيا، وقد تدلّت شمسه للغروب. وكانت وفاته فِي صفر، وله خمسٌ وثمانون سنة.

أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ سَمِعُوا مِنِ ابْنِ بهرون، أنا أبو الوقت، أنا شيخ الإسلام أبو إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَلْخِيَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ "أَبِي"3 شُرَيْحٍ فِي طَرِيقٍ غَوْرٍ، فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ: هُوَ وَلَدُكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ"4. فعاوَدَه، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا لا أَقُولُ بِهَذَا. فَقَالَ: هَذَا الْغَزْوُ، وسَلَّ عَلَيْهِ السَّيْفَ، فَأَكْبَبْنَا عَلَيْهِ وَقُلْنَا: جَاهِلٌ لا يَدْرِي مَا يقول.

1 سير أعلام النبلاء "16/ 526"، والعبر "3/ 53"، وتذكرة الحفاظ "3/ 140".

2 في الأصل "الهرمية".

3 ساقطة من الأصل.

4 أخرجه البخاري "12/ 113" في الحدود، ومسلم رقم "1458" في الرضاع، والترمذي رقم "1157" في الرضاع، والنسائي "6/ 180" في الطلاق.

ص: 199

53-

عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن ماك القِزْوِيني. من بيت حديثٍ ورواية.

سَمِعَ من: إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن مِهْرَوَيْه، وببغداد من إِسْمَاعِيل الصَّفّار.

أكثر عَنْهُ أَبُو يَعْلَى الخليلي.

54-

عَبْد الوهاب بْن أَبِي أحْمَد مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عامر الْإصبهاني الغَسَّال1.

55-

عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه القَيْسي القُرْطُبي2.

سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ "ورحل سنة اثنتين وأربعين"3 فسمع من أحْمَد بْن سَلَمَة "الهلالي"4 وابْن "الجران"5 وأَحْمَد بْن محمود الشمعي، وجماعة كثيرة.

وكان شيخًا صالحًا متعبدًا مجاهدًا. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، وحجّ فِي آخر عمره، فتوفي بالحجاز فِي المحرّم.

56-

عثمان بْن جِنِّي، أَبُو الفتح المَوْصلي النَّحْوي اللُّغَوِي6، صاحب التّصانيف.

كَانَ جني مملوكًا رُوميًّا لسليمان بْن فهد الْأزْدِيّ.

لزم أَبُو الفتح أَبَا عَلِيّ الفارسي وتبعه فِي أسفاره حتى أحكم العربية، وصنّف فِي حياته، وسكن بغداد وأقرأ بها الْأدب، وصنّف "اللُّمَع" وكتاب "سر الصّناعة" وكتاب "شرح تصريف المازني" وكتاب "التّلقين فِي النَّحْو"، وكتاب "التعاقب" وكتاب "الخصائص" كتاب "المذكّر والمؤنث" وكتاب "المقصور والممدود" وكتاب "إعراب الحماسة"، وكتاب "المحتسب فِي شواذ القراءات"، وله شعر جيد.

1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 134".

2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 341".

3 ساقطة من الأصل والاستدراك عن ابن الفرضي.

4 في الأصل "الحلال".

5 في الأصل "الجراب".

6 تاريخ بغداد "11/ 311"، والبداية والنهاية "11/ 331"، والعبر "3/ 53"، والنجوم الزاهرة "4/ 205"، وشذرات الذهب "3/ 140".

ص: 200

وخدم ملوك بني بُوَيْه، كعَضُد الدولة وشرف الدولة، وكان يلزمهم، وقيل: إنّه كَانَ بفَرْد عين، وقد قرأ ديوان المتنبي على المتنبي، وصنف شرحه.

توفي في صفر، وهو فِي عشر السبعين رحمه الله.

وله كتاب سمّاه "البشرى والظَّفَر" شرح فِيهِ بيتًا واحدًا من شعر الْأمير عَضُد الدولة، وقدّمه لَهُ، وهو:

أهلا وسهلا بذي البُشْرَى ونَوْبتها

وباشتمال سرايانا عَلَى الظَّفَرِ

أوسَعَ الكلام فِي شرحه واشتقاق ألفاظه.

أخذ عَنْهُ الثمانيني، وعَبْد السّلام البصْري، وَأَبُو الْحَسَن الشمسي، وطائفة.

57-

عَلِيّ بْن عَبْد العزيز القاضي، أَبُو الْحَسَن الْجُرْجَاني، الفقيه الشافعي الشاعر1، وله ديوان مشهور، وكان حَسَنَ السيرة فِي أحكامه، صدوقًا، جمّ الفضائل، بديع الخط جدًّا. ورد نيسابور سنة تسع وثلاثين، مَعَ أخيه فِي الصِّبا، وسمعا سائر الشيوخ. وُلِّي قضاء الرّيّ.

وقَالَ الثَّعَالِبي فِي يتيمة الدَّهْر: هُوَ فرد الزمان، ونادرة الفَلَك، وإنسان حدقة العِلْم، وقُبَّةُ تاج الْأدب، وفارس عسكر الشِّعْر، يجمع خطّ ابن مُقْلَة، إلى نثر الجاحظ، إلى نظْم البُحْتُرِي.

وشِعْره كثيره. وله كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصوصه"، وأبان فِيهِ عَنْ فضلٍ غزير.

وهو القائل:

يقولون لي فيكَ انقباضٌ وإنَّما

رأوا رجلا عَنْ موقف الذُّلّ أَحْجَمَا

الأبيات المشهورة.

تُوُفِّي بالرّيّ، وحُمل إلى جُرْجَان فدُفِن بها.

ومن شعر أبي الحسن الجرجاني هذا:

1 المنتظم "7/ 221"، والبداية والنهاية "11/ 331"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1025"، وسير أعلام النبلاء "17/ 19-21".

ص: 201

ولا ذَنْبَ للأفكار أنت تركتها

إذا "احتشدت"1 لم تنتفع باحتشادها

سبقت بأفراد المعاني وأَلِفَتْ

خَواطِرُك الْألفاظَ بعد شِرادِها

فإنْ نَحْنُ حاولنا اختراعَ بديعةٍ

حَصَلنا عَلَى مسْرُوقها ومُعادِها

وله:

قد بَرَّح الحُبُّ بمشتاقِكْ

فأَوْلهٍ أحسن أخلاقِكْ

لا تَجْفُهُ وارْعَ لَهُ حقَّهُ

فإنه آخرُ عُشَّاقِكْ2

وللصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يخاطبه:

إذا نَحْنُ سلَّمنا لك العِلْم كلَّه

فَدَعْنَا وهذِي الكُتُبَ نُنْشِي صُدُورَها

فإنهم لا يرتَضُون مجيئنا

بجِزع إذا نظمت أنت شُذُورَها

وللقاضي أَبِي الْحَسَن الْجُرْجَاني تفسير القرآن، وكتاب تهذيب التاريخ.

قَالَ الثَّعَالِبي: ترقَّى محلُّه إلى قضاء القُضَاة بالرّيّ فلم يعزله إلا موتُه.

قَالَ: صلى عَلَيْهِ القاضي عَبْد الجّبار بْن أحْمَد.

وقَالَ أَبُو سعد منصور بْن الْحُسَيْن الْأبي فِي تاريخه: وقع اختيار فخر الدولة بْن رُكْن الدولة عَلَى أنْ تولّى عَلِيّ بْن عَبْد العزيز الْجُرْجَاني قضاءَ مملكته، فولاه بعد موت الصّاحب بْن عَبَّاد بعامٍ، فكان ذَلِكَ من محاسن فخر الدولة، وكان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلا ولا مقارِنًا، مَعَ العِفَّة والنّزاهة والعدل والصَّرامة.

وقَالَ حمزة السَّهْمي3: أَبُو الْحَسَن "عَلِيّ بْن"4 عَبْد الْعَزِيز بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل الْجُرجاني، كَانَ قاضي القُضاة بالرّيّ، وكان من مفاخر جُرْجَان.

تُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة.

1 في الأصل "حشدت".

2 وفيات الأعيان "3/ 279".

3 تاريخ جرجان "318".

4 ساقطة من الأصل والاستدراك من تاريخ جرجان.

ص: 202

"حرف الميم":

58-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حبيب، أَبُو سهل النيسابُوري المقرئ العابد.

سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ وجماعة. تُوُفِّي فِي صَفَر.

59-

مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي، أَبُو الْحُسَيْن النيسابُوري.

سَمِعَ: الْأصمّ وأقرانه، وحدّث. وتُوُفِّي فِي شوّال.

60-

مُحَمَّد بْن خليفة بْن عَبْد الجبار بْن عَبْد اللَّه البَلَوِي القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المؤدِّب1.

حج سنة ثمان وأربعين، وسمع من أَبِي الْحَسَن الخُزَاعي، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وكان ضَعِيفًا مُغَفَلا، حطّ عَلَيْهِ ابن الفَرَضِيّ. وقد رَوَى عَنْهُ أَبُو عَمْرو الدّاني المقرئ.

61-

مُحَمَّد بْن سعدون، أَبُو عَبْد اللَّه الْأندلسي2.

سَمِعَ بقُرْطُبَة، وحجّ، فسمع من ابن الورد، وابْن أَبِي الموت، وابْن السَّكَن، والآجُرِّي، وكان زاهدًا ورِعًا.

سَمِعَ منه: ابن الفَرَضِيّ وقَالَ: كَانَ ضعيف الكتاب، غير ضابطٍ، رحمه الله.

62-

محمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن "حنشام"3، أبو الحسين بْن البيع.

سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، والقاسم بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِلي ببغداد، وسمع بالشّام من جماعة.

قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عنه البرقاني والأزهري.

قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن الفسوي، وأبو الحسين محمد بْن أحْمَد الْأبنوسي.

63-

مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ القاضي، أَبُو عبد الله بن الدقاق المصري.

1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 104".

2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 104".

3 في الأصل "حسنام" والتصحيح من تاريخ بغداد "2/ 322".

ص: 203

سَمِعَ: أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، ومُحَمَّد بْن الربيع بْن سُلَيْمَان، وأَبَا إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وابْن حَذْلَم، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف، وانتقى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، مَعَ جلالته.

وَرَّخه الحبّال.

64-

مُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو بَكْر النيسابُوري الفقيه.

سَمِعَ: الْأصمّ، وأَبَا الوليد الفقيه.

65-

مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا، أَبُو حاتم الخُزَاعِي الرّازي الّلّبان.

عَنْ: ميسرة بْن عَلِيّ، وحامد الرّفّاء، وابْن عَدِيّ.

وعنه: أَبُو العلاء الواسطي، والجوهري، وابْن المهتدي باللَّه، وعدّة. بقي إلى هذا العام.

66-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر، أَبُو بَكْر الدّقّاق، الفقيه الشافعي الحاكم1.

قَالَ الخطيب: رَوَى حديثًا واحدَا، ولم يكن عنده سواه، لأن كُتُبه احترقت. أنبأه الصَّيْمَريّ عَنْهُ، عَنْ أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول، عَنْ أَبِي كريب.

وكان أَبُو بَكْر هذا يلقّب خُبَاط. وله كتاب فِي الْأصول عَلَى مذهب الشافعي، وكان فِيهِ دُعَابَة.

67-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْه بْن نُعَيْم، أَبُو سهل الضبّي ابن أخي عَبْد اللَّه الحاكم النيسابُوري.

قَالَ الحاكم: سَمِعَ الكثير قبلي ومعي، وكتب بخطه جملةً، وحدث، وكان أكبر منّي بخمس عشرة سنة، وكذا علقمة بْن قيس، أكثر من عمّه عَبْد اللَّه بْن شَبْرَمَة.

تُوُفِّي سنة اثنتين وتسعين فِي جُمادى الآخرة، وله سبعٌ وثمانون سنة. رحمه الله.

68-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو حاتم النيسابُوري، الوكيل فِي مجالس القُضاة.

1 المنتظم "7/ 222"، والنجوم الزاهرة "4/ 206"، والوافي بالوفيات "1/ 116".

ص: 204

حدّث عَنْ أَبِي بكرة القطّان، وغيره. ذكره الحاكم.

69-

ميمون بْن حمزة بْن الْحُسَيْن بْن حمزة، أَبُو القاسم العلوي الْمَصْرِيّ.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو إبراهيم أحمد بن القاسم شيخ الرازي.

"حرف الواو":

70-

الوليد بْن بَكْر بْن مَخْلَد بْن أَبِي دياز، أَبُو الْعَبَّاس العُمَريّ الْأندلسيّ السِّرَقُسْطي1.

رحل من الْأندلس إلى مصر والشام والعراق وخراسان، وحدّث عَنْ: عَلِيّ بْن أحْمَد بْن الخصيب، والْحَسَن بْن رشيق الْمَصْرِيّ، ويوسف الميانجي، وأَبِي بَكْر الرَّبْعِي، وأَحْمَد بْن جَعْفَر الرملي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الطّيّب الكوفي، والحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد الهَرَوِي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو طَالِب العشاري، وَأَبُو سَعِيد السّمّان، وأَحْمَد بْن منصور بْن خلف المغربي، والْحُسَيْن بْن جَعْفَر السّلْماسي. وله شعر جيّد.

قَالَ عَبْد اللَّه بْن الفَرَضِيّ: كَانَ إمامًا فِي الحديث والفقه، عالمًا باللّغة والعربية، ولقي فِي رحلته فيما ذكر أزْيَدَ من ألف شيخ، وكان أَبُو عَلِيّ الفارسي يرفعه ويثني عَلَيْهِ2.

وقَالَ الحاكم: إنه سكن نيسابُور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى نيسابُور، وهو مقدَّم فِي الْأدب، شاعر فائق. تُوُفِّي بالدينور في رجب3.

وقال الحافظ عبد الغنب فِي نسبه: الغمْري بالعَيْن المعجمة، ثنا بكتاب التاريخ لعبد اللَّه بْن صالح العجلي.

وقَالَ الْحَسَن بْن شُريح: الوليد هذا عُمْريّ، ولكنّه دخل بلد إفريقية، ومضى

1 سير أعلام النبلاء "17/ 65"، والعبر "3/ 53"، وتاريخ بغداد "13/ 450".

2 تذكرة الحفاظ "3/ 1081".

3 تذكرة الحفاظ "3/ 1081".

ص: 205

ينقّط الغَيْن حتى يَسْلَم، وهو مؤدَّبي، وقَالَ: إذا رجعت إلى الْأندلس جعلت النّقطة التي عَلَى الغين ضمّة.

وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة كثير السماع1.

وفيات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألِف":

71-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني المقرئ2 نزيل دمشق.

قرأ عَلَى: زيد بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وأَبِي بَكْر بْن النقاش، وجماعة، وسمع بدمشق من جماعة متأخرين، وبإصبهان من الطَّبَراني، وبجرجان من ابن عَدِيّ، وبالبصرة من أَبِي إِسْحَاق الهجيمي، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ: تمام الرّازي، وهو أسند منه، وَأَبُو نصر بْن الحبّان، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني.

ودُفِن بباب الفراديس، وشيعه خلق. وله مصنَّف فِي القراءات. وقيل مات عام أوّل.

72-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو حاتم الطوسي الفقيه.

سمع: أبا سعيد بن الْأعْرابي، والصّفّار، وطبقتهما. وعنه الحاكم. لَيْسَ بحكيم، من جُزْء ابن عَرَفَة.

73-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان بْن آزر جشْنَس، أَبُو جَعْفَر الْأبْهَرِي، أبهر إصبهان3.

سَمِعَ جُزْء لَوِين من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الحَزُّوري فِي سنة خمس وثلاثمائة، وكان أديبًا فاضلا.

1 تاريخ بغداد "13/ 450".

2 تهذيب التهذيب "1/ 442".

3 تذكرة الحفاظ "3/ 1026"، والعبر "3/ 54".

ص: 206

رَوَى عَنْهُ: شجاع وأَحْمَد ابنا عَلِيّ بْن شجاع المصقلي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْدَه، وهو الَّذِي وَرَّخ وفاته، وَأَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن زياد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الطَّهْرَاني، والمطهَّر بْن عَبْد الواحد البزاني، وَأَبُو بَكْر محمد بْن مَاجَه الْأبْهَرِي، وغيرهم. محلّه الصِّدْق.

74-

إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو إِسْحَاق الطَّبري المقرئ المالكي المعدِّل1.

وُلِد سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة، وحدّث عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَلِيّ الستوري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان العَبَّاداني، وطبقتهم، وقرأ لقالُون عَلَى أُبَيّ بْن بويان، وقرأ لأبي عَمْرو عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الولي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الفحّام، وقرأ لعاصم عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النَّقّاش، وقرأ لحمزة عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن الحسن بْن يعقوب بْن مقسم صاحب إدريس الحدّاد، وقرأ لحمزة أيضًا عَلَى أَبِي عيسى بكّار بْن أحْمَد، وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُرَّة الطُّوسي.

قرأ عَلَيْهِ: شيخا أَبِي طاهر بْن سوار: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي الفضل الشرمقاني، وغيرهما.

قَالَ الخطيب: كَانَ الدارقطني قد خرج للطبري خمسمائة جُزْء، وكان مفضلا عَلَى أهل العِلْم، وداره مَجْمَع أهل القرآن والحديث، وكان ثقةً.

قلت: وروى عَنْهُ جماعة، وكان عارفًا بمذهب مالك، وعليه حفظ القرآن الشريف الرضيّ.

وبخل الرضيّ فَنَحَلَ الشريف دارًا فاخرة بالكرخ.

75-

إدريس بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم البغدادي المؤدب2.

حدّث عَنْ: أَبِي حامد الحَضْرَمِي، وإبراهيم بْن عَبْد الصَّمد القاضي الهاشمي، وأَبِي بَكْر بْن الْأنباري، وقرأ القرآن عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن شنبوذ.

قال العتيقي: ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وكان ثقةً مأمونًا، وتُوُفِّي فِي رمضان.

رَوَى عنه: الأزهري، والحسين الطناجيري، وجماعة.

1 تاريخ بغداد "6/ 17"، والعبر "3/ 54"، والمنتظم "7/ 223".

2 تاريخ بغداد "7/ 15".

ص: 207

76-

إِسْمَاعِيل بْن حمّاد، أَبُو نصر الْجَوْهري مصنّف "الصِّحاح"1.

كَانَ من فاراب أحد بلاد التُّرْك، وكان يُضْرَب بِهِ المَثَل فِي حِفْظ اللُّغة، وحُسْن الكتابة، ويذْكر خطُّه مَعَ خطّ ابن مُقْلَة، ومُهَلْهَل والبَرِيدِيّ.

كَانَ يُؤْثِر الغُرْبَة عَلَى الوطن. دخل بلاد ربيعة، ومُضَر فِي طلب الْأداب، ولما قضى وَطَرَه من قَطْع الْأفاق والأخْذ عَنْ علماء الشام والعراق وخُراسان، "أنزله"2 أَبُو الْحُسَيْن الكاتب عنده، وبالغ فِي إكرام مثواه جُهْدَه، فسكن بنيسابُور يدرّس ويصنّف اللُّغة، ويعلّم الكتابة، وينسخ الخِتَم3.

وفي كتابه "الصِّحاح" يَقُولُ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد النيسابُوري:

هذا كتاب الصحاح "سيّد ما"4

صُنِّف قبل الصِّحاح فِي الْأدب

تشْمَل أنواعَه وتجمع ما

فُرِّق فِي غيره من الكُتُب

ومن العجب أن المصريين يَرْوُون "الصِّحاح" عَنِ ابن القَطَّاع الصِّقِلّي، ولا يرويه أحد بخُراسَان، وقد قِيلَ: إن ابن القَطَّاع ركَّب لَهُ سَنَدًا لما رَأَى رغبة المصريّين فِيهِ، ورواه لهم، نسأل اللَّه السَّتْر.

وفي "الصِّحاح" أشياء لا ريب فِيهِ أَنَّهُ نقلها من صُحُفٍ فصَحَّف، فانتُدِب لها علماء مصر، وأصلحوا أوهامًا.

وقيل: إنّه اختلط فِي آخر عمره.

ومن شِعْره:

يا صاحبَ الدَّعوةِ لا تَجْزَعَنْ

فكلُّنا أزْهَدُ من كُرْزِ5

والماءُ كالعنبر فِي قُومِسٍ

من عِزِّهِ يُجْعَلُ فِي الحِرْزِ

فَسَقِّنَا ماءً بلا مِنَّةٍ

وأنت فِي حل من الخبز

1 سير أعلام النبلاء "17/ 80"، وبغية الوعاة "1/ 446"، والنجوم الزاهرة "4/ 207".

2 في الأصل "فأنزله".

3 الوافي بالوفيات "9/ 112".

4 في الأصل "سيدنا".

5 في الأصل "كوز".

ص: 208

وله:

فها أَنَا يونُسٌ فِي بطن حُوتٍ

بنيسابُور فِي ظُلْمَ الغَمام

فبيتي والفؤاد ويوم دَجْنٍ

ظلامٌ فِي ظلامٍ فِي ظلامِ

قَالَ جمال الدين عَلِيّ بْن يوسف القفطي1: مات الجوهري متردِّيا من سطح داره بنيسابُور، فِي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: قال: وقيل: مات في حدود الأربعمائة.

وقيل: إنه تَسَوْدَنَ وعمل لَهُ دفَّيْن، وشدَّهما كالْجَنَاحين "معًا"2، وقَالَ: أريد أن أطير، وقفز، فأهلك نفسه، رحمه الله. وكان من أذكياء العالم.

أخذ العربية عَنْ أَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وأَبِي عَلِيّ الفارسيّ، وأخذ اللُّغة عَنْ خاله أَبِي إِبْرَاهِيم إِسْحَاق الفارابي.

وقيل: إن "الصِّحاح" كَانَ قد بقي عَلَيْهِ منها قطعة مسوَدَّة، فبيَّضَها بعد موته تلميذه إِبْرَاهِيم بْن صالح الورّاق، فغلط فِي أماكن، حتى أَنَّهُ قَالَ فِي سفر هُوَ بالألف واللام، وهذا يدلّ عَلَى أَنَّهُ لم يقرأ القرآن، وقَالَ: الجرّ أضلّ الجبل، فصيرها كلمةً واحدة، بضادٍ مُعْجَمة، وإنّما هِيَ الجرّ بالتثقيل، أصل الجبل.

قَالَ الراضي:

رأيتُ فتى أشقرًا أزرقًا

قليل الدِّماغ كثيرَ الفُضُولِ

يُفَضِّلُ من حُمْقِهِ دائمًا

يزيد من هندٍ عَلَى ابن البَتُولِ

77-

أُمَيّة بْن أحْمَد بْن حمزة، أبو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ المرْواني الْأندلسي المالكي.

كان فقيهًا نبيلا مشاورًا بالأندلس. ذكره القاضي عياض.

"حرف الحاء":

78-

حَزْم بْن أحْمَد بْن حَزْم بْن كوثر، أبو بكر القيسي القرطبي3.

1 إنباه الرواة "1/ 196".

2 في الأصل "معنى".

3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 117".

ص: 209

حجّ سنة ثمانٍ وأربعين، فسمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أَبِي مَسَرَّة، وأَبَا بَكْر الْأجُرِّي، وحدث بتُسْتَر. تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى.

79-

الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو مُحَمَّد بْن وكيع التنيسي1، الشاعر المشهور، لَهُ ديوان شعر، وله كتاب فِيهِ سرقات أَبِي الطّيّب المتنبي، سماه المنصف.

وتُوُفِّي بتنيس، وهو نافلة مُحَمَّد بْن خلف بن حبان الضبي وكيع البغدادي القاضي.

80-

الحسن بن محمد بن القاسم، أبو علي المخزومي البغدادي المؤدب2.

رَوَى عَنْ: أَبِي داود، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وابْن مجاهد المقرئ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال. ووثّقه الخطيب. وعاش اثنتين وتسعين سنة.

81-

الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق البغدادي المعروف بابن السَّوطي3.

سَمِعَ: أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو طَالِب العشاري، وكان كثير الوهم.

"حرف الخاء":

82-

خَلَفُ بْن القاسم بْن سهل بْن أسود، أبو القاسم الأندلسي بن الدباغ، الحافظ4.

رحل إلى المشرق، فسمع بمصر: أَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، وسَلَم بْن الفضل، والْحَسَن بْن رشيق، وجماعة، وسمع بدمشق عَلِيّ بْن العقب، وأَبَا الميمون بْن راشد، وبمكة من بُكَيْر الحدّاد، وأَبِي الْحَسَن الخُزَاعِي، والآجُرِّي، وبقُرْطُبَة من أحْمَد بْن يحيى بْن الشامة، ومُحَمَّد بْن معاوية، وقرأ بالرّوايات عَلَى جماعة.

1 سير أعلام النبلاء "17/ 64"، والوافي بالوفيات "12/ 14".

2 تاريخ بغداد "7/ 423"، والمنتظم "7/ 224".

3 تاريخ بغداد "8/ 102".

4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 136".

ص: 210

وكان حافظًا فَهْمًا، عارفًا بالرجال. صنّف حديث مالك، وحديث شُعْبَة، وأشياء فِي الزُّهد.

تُوُفِّي فِي ربيع الآخر.

رَوَى عَنْهُ جماعة. وقد قرأ بالرملة على أحمد بن صالح بن مجاهد.

وُلِد سنة خمس وعشرين.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وابْن عَبْد البَرّ، وكان لا يُقدِّم عَلَيْهِ أحدًا من شيوخه، وهو محدث الأندلس في زمانه.

"حرف السين":

83-

سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو عثمان النيسابُوري السُّكّري المعدِّل، سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ.

تُوُفِّي فِي ذي القعدة.

84-

سُلَيْمَان بْن الفتح، أَبُو عَلِيّ بْن مَكرم السّرّاج المَوْصِلي، من كُتَّاب الشّعراء.

ديوانه مجلّد، الغالب عَلَيْهِ الهجو والسُّخْف والمجون، وله مكاتبات إلى الخالديَّيْن، والهائم، والببَّغاء، والبديهي. يُحوَّل إلى سنة ثمانٍ وتسعين، ففيها مات.

"حرف العين":

85-

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد الرومي النيسابُوري.

صالح، لكن قَالَ الحاكم: لم يقتصر عَلَى سماع الصّحيح من الشُّرّاح، فروى عَنِ ابن خُزَيْمَة.

وتُوُفِّي فِي رمضان. قلت: رَوَى عَنْهُ أحْمَد بْن منصور بْن خَلَف المقرئ، وسعيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار.

86-

عَبْد الكريم هُوَ أمير المؤمنين الطائع بْن المطيع لله الفضل بْن المقتدر جَعْفَر بْن المعتضد1، يُكْنَى أَبَا بَكْر، وأمه أمة.

1 المنتظم "7/ 224"، وسير أعلام النبلاء "15/ 118"، والبداية والنهاية "11/ 332".

ص: 211

قَالَ أَبُو عَلِيّ بْن شاذان: تقلد الطائع لله الخلافة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعبان سنة إحدى وثمانين، وبقي إلى هذه السنة، فتوفي فيها. قَالَ: ورأيته رجلا مرْبُوعًا، كبير الْأنف، أبيض الشعر1.

قَالَ أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي2: ولما وُلِّي الطائع ركب وعليه البُرْدَة، ومعه الجيش، وبين يديه سُبُكْتِكين، فِي تاسع عشر ذي القعدة، وخلع من الغد عَلَى سُبُكْتِكين خِلَعَ السّلطنة، وعقد لَهُ اللواء، ولقّبه نصر الدولة، وحضر عيد الْأضحى، فركب الطائع إلى المصلَّى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلّى بالنّاس، ثم إنّ عزّ الدولة "أدخل يده"3 فِي إقطاع سُبُكْتِكين، فجمع سُبُكْتِكين، الْأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أبا إسحاق معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه أن يعقد لَهُ الْأمر، فاستشار أمَّه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، فصوَّبوا لها محاربة سُبُكْتِكين فحاربوه فهزمهم، واستولى عَلَى ما كَانَ ببغداد لعزّ الدّولة، ونادت العامّة بنصر سُبُكْتِكين، فبعث إلى عزّ الدولة يَقُولُ: إنّ الْأمر قد خرج عَنْ يدك، فأفرج لي عَنْ واسط وبغداد، وليكونا لي، ويكون لك الْأهواز والبصْرة، ودع الحرب.

وكتب عزّ الدولة إلى عَضُد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار النّاس حزبين، وأهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة، والسنة والديلم ينادون بشعار سُبُكْتِكين، واتّصلت الحروب، وسُفِكَت الدماء، وكشفت الدُّور، وأُحْرِق الكَرْخ حريقًا ثانيا4.

وكان الطائع شديد الحَيْل، قويًّا فِي خلْقه.

"وتقلّد"5 بهاء الدولة بن عضد الدولة بإشارة الْأمراء ومعونتهم. ثم كَانَ فِي دار عَبْد القادر باللَّه مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إلى أن مات ليلة عيد الفِطْر، وصلّى عَلَيْهِ القادر باللَّه، وكبّر عَلَيْهِ خمْسًا، وحُمل إلى الرَّصافة، وشيّعه الْأكابر والخَدَم، ورثاه الشريف الرّضِيُّ بقصيدة.

1 تاريخ بغداد "11/ 79".

2 المنتظم "7/ 67".

3 ساقطة من الأصل والاستدراك من المنتظم "7/ 68".

4 المنتظم "7/ 68".

5 في الأصل بياض.

ص: 212

وقَالَ أَبُو حفص بْن شاهين: خلع المطيع نفسه غير مُكْرَه، فما صحّ عندي، ووُلّي ابنه الطائع، وسنُّه يوم وُلّي ثلاثة وأربعون سنة.

قلت: فيكون عمره ثلاثًا وسبعين سنة.

87-

عَبْد الملك بْن أحْمَد بْن عَبْد الملك بْن شُهَيد الوزير، أَبُو مروان القُرْطُبي1.

رَوَى عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وكان إمامًا فِي اللغة والإخبار.

صنف التاريخ الكبير عَلَى السّنين، من وفاة عَلِيّ رضي الله عنه، إلى وقته، وهو أزيد من مائة سنة، توفي فِي رابع ذي القعدة بالذّبحة، عَنْ سبعين.

رَوَى "عَنْهُ"2: ابن عائذ.

88-

عثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو عَمْرو المُخَرَّمي القارئ3.

سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، والْحُسَيْن بْن صفوان، وبنيسابور: الْأصمّ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، ووثّقه العتيقي. تُوُفِّي بالدِّينَوَر.

89-

عُمَر بْن "زكار"4 أَبُو حفص التمّار، بغدادي.

رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، وعثمان بْن جَعْفَر اللّبّان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وهبة اللَّه اللالكائي.

قَالَ العتيقي: ثقة مأمون.

"حرف القاف":

90-

القاسم بن أحمد، أبو محمد التجيبي الطُّليْطِلي نزيل قُرْطُبَة، ويعرف بابن أرفع5 رأسه.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 355".

2 في الأصل "عن".

3 في الأصل "المخزومي العاربي" تاريخ بغداد "11/ 312"، والمنتظم "7/ 225".

4 في الأصل "ركاز"، تاريخ بغداد "11/ 270".

5 تاريخ علماء الأندلس "1/ 371".

ص: 213

سَمِعَ: قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن أَيْمَن، وابْن المَشَّاط، وشاوره ابن السّليم وغيره فِي الْأحكام.

ووُلِّي قضاء بلده وقضاء بَطَلْيُوس، وتولّى بناء حصون الثَّغْر.

وكان ثقة، تفقه بِهِ جماعة، وكان خبيرًا بمذهب مالك.

رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وجماعة. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، وكان ثقة، مزاحًا.

"حرف الكاف":

91-

كُوهي بْن الْحَسَن، أَبُو مُحَمَّد الفارسي1.

حدّث عَنْ: أحْمَد أخي أَبِي اللَّيْث الفرائضي، وأَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحضْرمي.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وَأَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ القاضي التنوخي، وغيرهم. وثّقه الخطيب، وتُوُفِّي فِي شوّال.

"حرف الميم":

92-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَلِيّ، أَبُو بَكْر الطاهري البغدادي الضّرير، نزيل إصبهان.

حدّث عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عبد الكريم الرازي، ومُحَمَّد بْن عيّاش المّوْصلي.

سَمِعَ: عَلِيّ بْن حرْب، "وأَبَا"2 صالح السليل بْن أحْمَد، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن عَلِيّ اليزدي، وعَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْد اللَّه، ابنا أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، وغيرهم. ومات فِي عاشر ذي القعدة. ذكر ابن النّجّار.

93-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو عَبْد اللَّه المغربي المقرئ الزّاهد المعروف بالورشي.

1 تاريخ بغداد "12/ 493"، والمنتظم "7/ 225".

2 في الأصل "أبي".

ص: 214

سَمِعَ بمصر والشام والعراق وإصبهان بعد الخمسين وثلاثمائة، وكان راسًا فِي علم القرآن.

تُوُفِّي بسجستان. ذكره الحاكم فِي تاريخه.

94-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهدي الْإسكافي، أَبُو عَبْد اللَّه الشاهد، من فُضَلاء بغداد.

جمع تاريخًا كبيرًا عَلَى السنين، بدأ فِيهِ بسنة الهجرة النبوية.

قال ابن الخازن: نقلت منه أشياء حسنة.

وقال ابن النّجّار: كَانَ ثقةً أمينًا عفيفًا، مات فِي رجب سنة ثلاثٍ وتسعين.

95-

مُحَمَّد بْن ثابت، أَبُو الْحَسَن الصَّيْرَفي، بغداديّ1.

عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن السّمّاك. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد الصَّيْرَفي.

مات سنة ثلاثٍ وتسعين فِي رمضان.

96-

مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن دَاوُد، أخو أبي الْحَسَن مُحَمَّد الْحُسَيْن العلوي النيسابُوري. كَانَ كثير المروءة والإفضال عَلَى الصُّلَحاء. يُكنى أَبَا عَلِيّ.

رَوَى عَنْ: أَبِي حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان. رَوَى عَنْهُ الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي شعبان. وذكر ابن الصَّلاح هذا وأخاه فِي طبقات الشافعيّين، وقيل: إنّ هذا درّس فقه الشافعي.

97-

مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عامر مُحَمَّد بْن الوليد القحطاني المَعَافِرِي الْأندلسي2 الملك المنصور الحاجب، أَبُو عَبْد اللَّه، مدبر دولة الخليفة "المؤَيَّد"3 باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ صاحب الْأندلس.

بويع بعد أَبِيهِ، وله تسعُ سنين، وكان الحاجب أَبُو عامر هُوَ الكلّ، فعمد أوّل تغلُّبه عَلَى الْأمر إلى خزائن المستنصر باللَّه الحَكَم بْن النّاصر، الجامعة للكُتُب، فابرز ما فيها من صنوف التواليف من خواصّة العلماء، وأمر بإفراد ما فيها من كتب

1 تاريخ بغداد "2/ 111"، والمنتظم "7/ 225".

2 سير أعلام النبلاء "17/ 15"، والكامل "9/ 176"، والعبر "3/ 56".

3 في الأصل "المؤيدة".

ص: 215

الْأوائل، حاشى كُتُب الطّبّ والحساب، وأمر بإحراقها، فأُحرِقت، وطُمِس بعضُها، وكانت كثيرة جدًّا، ففعل ذَلِكَ تحبُّبًا إلى العوامّ، وتقبيحًا لرأي المستنصر عندهم1.

وكان أَبُو عامر حازمًا مدبّرًا وشجاعًا بطلا "غزا ما"2 لم "يغزه"3 أحد من الملوك، وافتتح فتوحًا كثيرة، وبقي فِي المملكة ستًّا وعشرين سنة.

وكان عالمًا فاضلا، كثير المآثر والمحاسن، قد طلب العلوم فِي صباه، وزانت بهيبته أقطار الْأندلس، وآمنت بِهِ لفَرطْ سياسته، وقد استوزر جماعة، كَانَ المؤيَّد باللَّه معهم صورة بلا معنى، فإنّه استولى عَلَى التدبير والحجوبية، ولم يبق أحد مَعَ الدولة يقدر عَلَى رؤية المؤَيَّد، بل كَانَ أَبُو عامر يدخل عَلَيْهِ القصر ويخرج، فيترك إمرة أمير المؤمنين بكذا، وينهى عَنْ كذا، فلا يخالفه أحد، وكان يمنع المؤَيَّد من الاجتماع بأحد، وإذا كَانَ بعد سنين أركبه وجعل عَلَيْهِ بُرْنُسًا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤَيَّد فِي سائر الجواري، ويخرجه ليتنزّه فِي الزَّهْراء، ثم يعود إلى القصر عَلَى هذه الحالة، وليس لَهُ إلا الخطبة والسِّكّة.

وكان أَبُو عامر لَهُ فِي الجمعة مجلس حافل، تجتمع فِيهِ العلماء للمناظرة.

"وغزا"4 فِي أيّامه نيّفًا وخمسين غزوة، وملا بلاد المسلمين غنائم وسَبْيا، حتى قِيلَ: لقد ابتيعت بِنْت عظيم من عظماء الروم ذات حُسْن وجمال بقُرْطُبَة بعشرين دينارًا عامِرِيَّة، وكان إذا فرغ من قتال العدوّ، نَفَضَ ما عَلَيْهِ من غُبَار، ثم يجمعه ويحفظه، فلما احتضر، أمر بما اجتمع من ذَلِكَ الغبار أن يُذَرَّ على كَفَنِه. وتُوُفِّي رحمه "اللَّه"5 وهو بأقصى الثغور، عند موضعٍ يعرف بمدينة سالم، مبطونًا شهيدًا فِي هذه السنة. وللشعراء فِيهِ مدائح كثيرة، وكان يجزيهم بالذَّهَب الكثير، وقام بالأمر بعده ولده أَبُو مروان عبد الملك بن أبي عامر، ولقبره بالمظَّفر، فدامت أيّامه فِي الْأمن والخصْب، ولكنْ لم تَطُلْ مدَّتُه، ومات، فثارت الفِتَن بالأندلس.

1 الوافي بالوفيات "3/ 312".

2 في الأصل "عزاما".

3 في الأصل "يعره".

4 في الأصل "غزى".

5 سقط لفظ الجلالة من الأصل.

ص: 216

98-

مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زكريّا، محدّث العراق، أَبُو طاهر البغدادي الذَّهبي المخلِّص1.

سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد بْن صاعد وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسي، ورضوان الصّيْدَلانِي، ومحمد بن هارون الحضرمي، وجماعة.

روى عنه: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو سعد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ السّمّان، وَأَبُو طَالِب المحسن بن شفيروز الفقيه، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الشَّرَوِي الفقيه نزيل بغداد، وعَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد النَّقُّور وعَلِيّ بْن أحْمَد بْن البُسْريّ، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأنماطي، وخلق كثير آخرهم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي.

قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، مولده في شوال سنة خمس وثلاثمائة.

وقَالَ المخلِّص: أول سماعي من البَغَوي فِي سنة اثنتي عشرة.

قلت: انتقى عَلَيْهِ الفتح بْن أَبِي الفوارس عدّة أجزاء، وَأَبُو بَكْر البقّال عدّة أجزاء.

والمخلِّص هُوَ الَّذِي يخلّص الغشّ من الذَّهب بالتعليق والنّار، وقد وقع لنا جملة صالحة من عوالي المخلِّص. وكانت وفاته فِي رمضان من السنة، رحمه الله.

فمن حديث، قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَكُمُ الْمُبَارَكُ بْنُ الْجَوْرَدِ، أَنَا أحْمَدُ بْنُ الطَّلايَةِ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، "أَنَا"2 إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ إِسْرَائِيلُ، أَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأبُلِّيُّ، ثَنَا أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"3. هَذَا حَدِيثٌ لَنَا تُساعيّ لنا متّصل الْأسناد، وإن كَانَ كثير الْأبلّي من الضعفاء، فَيَبْعُدُ أَنَّهُ تعمّد الكذب فِي سماعه لهذا الحديث من أَنس، إذ فيه من الوعيد ما فيه.

1 تاريخ بغداد "2/ 322"، والمنتظم "7/ 225"، والبداية والنهاية "11/ 333".

2 في الأصل "أبا".

3 "حديث صحيح متواتر": أخرجه البخاري "1/ 38"، "2/ 102"، ومسلم "المقدمة/ 3، 4"، وأبو داود "3651"، والترمذي "2659"، وابن ماجه "30"، "32"، "33"، وأحمد "1/ 78، 130"، والدارمي "1/ 76، 77"، والحميدي "1166".

ص: 217

99-

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن القُرَشي المخزومي السّلاميّ1 المشهور، نشأ ببغداد، ولقي بالمَوْصِل جماعةً من الْأدباء، منهم أبو الفرج الببّغاء، وَأَبُو عثمان الخالدي، وَأَبُو الْحَسَن التَّلَّعَفْرِي، فأعجبتهم براعته عَلَى حداثة سِنِّه، إلا التَّلَّعَفْرِي، فإنه اتّهمه فِي شِعْره.

وفيه يَقُولُ السلامي.

سَمَا التَّلَّعَفرِي إلى وصالي

ونفسُ الكلب تكبر عَنْ وصالهْ

ينافي خُلُقُه خُلُقي وتَأْبَى

فِعالي أنْ تُضاف إلى فِعالِهْ

فصنعتيَ النفيسة فِي لساني

وصنعته الخسيسةُ فِي قَذالهْ

فإنْ أشعر فما هُوَ من رجالي

وإنْ يُصْفَعْ فما أَنَا من رجالهْ2

قصد السَّلاميّ حضرة الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد وهو بإصبهان، فامتدحه، فبالغ الصّاحب فِي إكرامه وإعطائه، ثم قصد حضرة السلطان عَضُد الدولة إلى شيراز، فأقبل عَلَيْهِ، واختصّ بِهِ، وكان يَقُولُ: إذا رَأَيْت السَّلاميَّ فِي مجلسي، ظننت أنّ عُطَارِد نزل من الفَلَك، فوقف بين يديّ.

وللسَّلاميّ فِيهِ:

يُشَبِّهُهُ المُدَّاحُ فِي البأسِ والنَّدَى

بمَنْ لو رآه كَانَ أصَغَرَ خادِمِ

فِي جَيْشه خَمْسون3 ألفًا كَعَنْتَرٍ

وأمضى وفي خُزّانه ألفُ حاتمِ

تُوُفِّي السَّلاميّ فِي جُمادى الْأولى من السنة، وهو فِي عشر الستّين، وشِعْرُه سائر مُدَوَّن.

100-

مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ القاسم بْن مُحَمَّد الشريف السيد، أَبُو الْحَسَن العلوي4 الزيدي الهمذاني المعروف "بالوصي"5.

1 تاريخ بغداد "2/ 335"، وسير أعلام النبلاء "17/ 73"، والبداية والنهاية "11/ 333".

2 وفيات الأعيان "4/ 405".

3 في الأصل "خمسين".

4 سير أعلام النبلاء "17/ 77"، والمنتظم "7/ 230"، وتاريخ بغداد "3/ 90".

5 في الأصل "بالرضى".

ص: 218

رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن عُبَيْد، وعبدان بْن يزيد الدّقّاق، وجماعة بهَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وجعفر الخلدي، وابْن كامل القاضي ببغداد، والطبري بأصبهان، وخيثمة الأطرابلسي بالشام، وجماعة.

روى عنه: مُحَمَّد بْن عيسى، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي اللَّيْث الصّفّار، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن عزيز التككي، وجعفر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، وآخرون.

قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا صوفيًّا واعظًا، تفقه ببغداد على أبي علي بن أبي هريرة، وتزهد، وجاوز بمكّة، ورجع فأقام ببُخَارَى مدّةً، وبها مات فِي ثاني عشر المحرَّم، سنة ثلاث وتسعين.

قلت: رَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي، وسمع من الْأصمّ. وقيل: إنه مات ببلْخ1.

وقَالَ السُّلَمي: كَانَ أحد الْأشراف عِلْمًا ونَسَبًا ومحبّة للفقراء، وصُحْبَةً لهم، ما يرجع إِلَيْهِ من العلوم كُتُب الحديث والفقه، وصحب الخلدي، وكان يُكْرِمه، ودخل دُوَيْرةَ الصُّوفِيّة بالرّملة، وكان يخدمهم أيامًا، حتى قدِم فقير فأتى فقبّل رأسه، وقَالَ: هذا شريف الجبل، وليس بهَمَذَان أغنى منهم ولا أجلّ، فقام عَبَّاس الشاعر فقبّل رِجْله، فأخذ الشريف أَبُو الْحَسَن ركوته، وذهب إلى مصر.

وقَالَ الحاكم: عاش ثلاثًا وثمانين سنة.

وقال أبو سعدي الإدريسي: يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يجازف فِي الرواية فِي آخر عمره2.

101-

مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن بهلول التنوخي الْأنْباري، أَبُو غانم بْن الْأزرق.

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مخلد، وتوفي بالأنبار.

"حرف الواو":

102-

وليد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الْعَبَّاس القيسي القرطبي الزيات3.

1 تاريخ بغداد "3/ 91".

2 تاريخ بغداد "3/ 91".

3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 163".

ص: 219

سَمِعَ: من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن سَعِيد، وجماعة. وعاش سبعين سنة.

"حرف الياء":

103-

يحيى بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو بِشْر النيسابُوري الكاتب.

رَوَى عَنِ: الْأصمّ، وعَلِيّ بْن حمشاد. وتُوُفِّي فِي شعبان.

104-

يوسف بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يوسف بْن عمروس أَبُو عُمَر الْأندلسي الْأسْتجي1.

سَمِعَ الكثير من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد اللَّه بْن أَبِي "دُلَيْم"2 وجماعة، وكان إمامًا فقيهًا رأسًا فِي الفتيا.

تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، وَلَهُ ثلاثٌ وسبعون سنة، وسمع من غير واحد. وروى عَنْهُ ابن عَبْد البَرّ.

وفيات سنة أربع وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

105-

أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم القصّار، إصبهانيّ محدّث3.

رَوَى عَنْ: أَبِي عُمَر، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم، وأَبِي عَلِيّ الصّحّاف، فَمن بعدَهما.

قَالَ أَبُو نُعَيْم: كَانَ يختلف معنا، إلى أن تُوُفِّي فِي ذي الحجّة، رحمه الله.

106-

أحْمَد بْن عُمَر بْن خُرْشِيد قُولَه، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني التاجر4.

حدّث بمصر عَنْ: أَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابوري، وغيرهما.

1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 208".

2 في الأصل "دلهم".

3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 169".

4 تاريخ بغداد "4/ 292"، وفي الأصل "خرشند" ذكر أخبار أصبهان "1/ 161".

ص: 220

رَوَى عَنْهُ: العتيقي، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني، ورشأ بْن نظيف، وخلق.

وثّقه الخطيب، وذكر العتيقي أنّه سَمِعَ منه بمصر وبمكّة وبغداد، وكان يحجّ كل سنة.

قَالَ الخطيب: سكن مصر حتى مات. وقَالَ الحبّال: مات فِي جُمادى الْأولى، رحمه الله.

107-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفَضْل، أَبُو الْعَبَّاس بْن النَّهَاوَنْدِي الزّاهد العارف.

وَرَّخه السُّلَمي، وقَالَ: صحِب جَعْفَر الجليدي، له مجاهدة عظيمة وأحوال.

108-

إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن "سَيْبُخْت"1، أبو الفتح البغدادي الكاتب2، نزيل مصر.

حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد الملك بْن عُمَر الرزّاز، ورشأ بن نظيف، وجماعة.

قال الخطيب: كان سيئ الحال فِي الرّواية، وقَالَ مرّة: ساقط الرّواية.

تُوُفِّي بمصر فِي جُمادى الآخرة.

109-

أفلح بْن يحيى القُرْطُبي3، مولى إِبْرَاهِيم بْن يوسف.

وحجّ وسمع من الْأجُرِّي، وأَبِي بَكْر بْن خَرُوف، وجماعة.

كتب عنه غير واحد.

"حرف الباء":

110-

بدر، أَبُو الغصن4. مولى أحْمَد بْن قطن الزّيّات القُرْطُبي.

سَمِعَ: قاسم بْن أَصْبَغ، وبمصر من حمزة الكناني، وأَبِي الْعَبَّاس الرّازي، وأَبِي أحْمَد بْن النّاصح، وكان رجلا صالحًا. رَوَى أحاديث، ولم يكن كثير علم.

1 في الأصل "سيخت".

2 تاريخ بغداد "6/ 133"، والعبر "2/ 447"، وشذرات الذهب "3/ 144".

3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 83".

4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 96".

ص: 221

"حرف التاء":

11-

"تمصولت"1 الْأسود، يقال: طزملت الْأمير الْمَصْرِيّ الرافضيّ.

ولي دمشق للحاكم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وفي سنة ثلاث عزَّر رجلا مغربيا بدمشق عَلَى حمار ونودي عَلَيْهِ: هذا جزاء من يحبّ أَبَا بَكْر وعُمَر، ثم قتله.

مات إلى غير رحمة الله في صفر.

"حرف الحاء":

112-

حباشة بْن حسن.

سَمِعَ بالقَيْروَان: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه القلانسي، وزياد بْن عَبْد الرَّحْمَن، ودخل إلى الْأندلس، فصحب مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن الحدّاد، وتردّد فِي الثُّغور مُرابطًا، ثم رحل إلى المشرق، فسمع من أَبِي زيد المَرْوَزِي وغيره، ورجع إلى الْأندلس، وكان من فقهاء المالكية.

توفي بقرطبة.

"حرف السين":

113-

سعيد بن محمد بن الفضل الفقيه، أَبُو سهل النيسابُوري الواعظ.

سَمِعَ: مكّي بن عبدان، وعنه: الحاكم، وطائفة.

"حرف الشين":

114-

شاه بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو مُعاذ الهَرَوِي الماليني.

رحل وسمع عَلِيّ عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وأَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن زياد النيسابُوري، وله جُزْء سمعناه.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر المليحي، وَأَبُو عثمان الصَّابُونِي، وَأَبُو عاصم الجوهري الهروي، وهو آخر من حدث عنه، وحدث عَنْهُ أيضًا أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِي.

تُوُفِّي فِي جمادى الأولى بهراة.

1 في الأصل "مصولت".

ص: 222

"حرف الطاء":

115-

طلحة بْن أسد بْن عَبْد اللَّه بْن المختار الرّقّي، نزيل دمشق1.

رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن منير التنوخي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن الْحَسَن الطّيّان، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وغيرهم.

وكان من الصالحين. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل.

قَالَ الكتّاني: حدّث بكُتُب الْأجُرِّي كلّها، وكان ثقة مأمونًا، يُذْكَر عَنْهُ من السَّخاء والكرم شيء عظيم، رحمه الله.

"حرف العين":

116-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الوهاب، أَبُو عُمَر السُّلَمي الْإصبهاني المقرئ الورّاق2.

رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِيّ بْن أخي رُسْتَه، وعَبْد اللَّه بْن الصبّاح، ومحمد بن عمر الجورجيري، وابن الجاورد، وأبي الحسن اللبناني، وغيرهم، وكتب الكثير.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ الذّكْواني، وعَبْد الوهاب بْن مَنْدَه.

تُوُفِّي فِي ذي القَعْدَةِ.

117-

عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن زر، بفتح الزاي، أبو محمد الخواري الرازي3.

روى عن: أحمد بن جَعْفَر بْن نصر الجمّال، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد السمناني صاحب "عيسى بْن حماد زغبة"4.

قال الْأمير ابن ماكولا وأنّه مات فِي صفر.

1 تهذيب ابن عساكر "7/ 67".

2 العبر "3/ 57"، وشذرات الذهب "3/ 144".

3 الإكمال لابن ماكولا "3/ 214"، و"4/ 183".

4 ساقطة من الأصل والاستدراك من الإكمال.

ص: 223

118-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْرَوَيْه، أَبُو مُحَمَّد النيسابُوري، ابن خال الحاكم.

سَمِعَ: الْأصمّ، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الضّبعي، وحدّث فِي ربيع الآخر.

119-

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أبو القاسم النيسابُوري المطوّعي.

سَمِعَ ببغداد من جَعْفَر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن عدي الحافظ. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة.

120-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عثمان، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ النيسابُوري الحافظ العماري.

سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق العتيقي، وأَبَا عَلِيّ الرّفّاء، وطبقتهما، وصنّف وذاكر.

قال الدارقطني: سررت برؤيته، عاش سبْعًا وخمسين سنة. رَوَى عَنْهُ الحاكم.

- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَعِيد النيسابوري الخلال.

سمع: أبا العباس الأصم، وغيره، وحدّث بطريق مكّة.

121-

عَبْد السلام بْن عَلِيّ، أبو أحمد البغدادي المعلم1.

سمع: الجذاع، حدث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وابْن زياد النيسابُوري، وأَبِي مُزَاحم مُوسَى بْن عُبَيْد اللَّه الخاقاني، والمَحَامِلي.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وثَّقه العتيقي.

122-

عَبْد الملك بْن إدريس الْأزْدِيّ، أَبُو مروان بْن الجزيري الكاتب الشاعر2، نزيل قُرْطُبَة.

تُوُفِّي فِي حبْس المظفّر بْن أَبِي عامر، ولم يخلف مثله كتابةً ولا بلاغةً وشعرًا، وبه ختم بلغاء كتاب الأندلس.

1 تاريخ بغداد "11/ 57"، والمنتظم "7/ 228".

2 الصلة لابن بشكوال "2/ 356".

ص: 224

"حرف الميم":

123-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الخَلاص القَيْسي البجّاني الْأندلسي1.

عُنِي بالحديث وحجّ، وسمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن الورد، وحمزة الكناني، وعَلِيّ بْن الْحَسَن "بْن"2 علان الحرّاني، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر غُنْدر. وكان زاهدًا صالحًا متواضعًا حافظًا.

قَالَ ابن الفَرَضِيّ: سَمِعْتُ منه ببَجَّان، وسمع منه غير واحد. تُوُفِّي فِي رجب.

124-

مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الْأنْصَارِيّ الْأندلسي من أهل رَيَّه3.

حجّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وله اثنتان وعشرون سنة، فسمع من عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَحْمَد بْن سَلَمة بْن الضَّحّاك، وإِسْمَاعِيل بْن الْجُراب، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ومُحَمَّد بْن عيسى التميمي البغدادي بْن العلاف، وسمع صحيح الْبُخَارِيّ من ابن السَّكَن، ورجع فلزم الزُّهْدَ والانقباض، وولي الخطابة بموضعه، وكان رقيقًا بكاءً. تُوُفِّي فِي شعبان. سَمِعَ النّاس منه.

125-

مُحَمَّد بْن حسين بْن مُحَمَّد بْن أسد، أَبُو عَبْد اللَّه التميمي الطّبْني، الْأديب4، نزيل الْأندلس.

قِيلَ: إنّه لم يدخل الْأندلس أحدٌ أشعرَ منه، وكان واسع الْأدب والمعرفة، واتَّصل بالحاجب أَبِي عامر، ووُلّي الشرطة، وعاش أكثر من تسعين سنة. وكان دخوله الْأندلس فِي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي يومٍ من سنة أربعٍ وتسعين، وشهده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر، والأعيان.

- مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن "ضيفون"5، أَبُو عَبْد الله اللخمي القرطبي الحداد.

1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 107".

2 ساقطة من الأصل.

3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 108".

4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 118"، وفي الأصل "الطيبي".

5 في الأصل "صفوان" تاريخ علماء الأندلس "2/ 108".

ص: 225

سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن يونس الغبري، وأَحْمَد بْن زياد، وقاسم بْن أَصْبَغ، وحجّ فِي سنة تسعٍ وثلاثين، وشهد رَدَّ الحجر الْأسود إلى مكانه فِي هذا العام.

وسمع "منه"1: ابن الْأعْرابي، وعَبْد الكريم بْن النَّسَائي، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن دحمان المصِّيصي، سَمِعَ منه بأطْرَابُلُس، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سرور الغَسّال بمدينة القَيْروَان.

وكان صالحًا عَدْلا، كتب النّاس عَنْهُ، وعلت سِنُّهُ، واضطرب فِي أشياء قرأت عَلَيْهِ لم يسمعها، ولم يكن ضابطًا. قَالَ لي: ولدت سنة ثلاث وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي شوّال. قاله ابن الفَرَضِيّ، وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو عُمَر بْن "عَبْد"2 البَرّ.

126-

مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو الْحَسَن بْن "بهتة"3 البغدادي البزّاز4. سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصَّمد الهاشمي، والمَحَامِلي، والْحُسَيْن المطبقي، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ: العتيقي وقَالَ: ثقة.

127-

مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو نصر الْأنماطي، نيسابوري صالح، خدم أَبَا عَلِيّ الثقفي، وصحِب الزُّهّاد والأئمّة.

128-

مُحَمَّد بْن عطاء اللَّه القُرْطُبي النَّحْوِيّ، من كبار أئمّة العربية.

129-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسّان الماليني، ختن الشاركي، أحد المحدّثين بهَرَاة.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الباشاني.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عثمان الصّابوني، وغيره، وَأَبُو عطاء عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الجوهري.

1 ساقطة من الأصل.

2 ساقطة من الأصل.

3 في الأصل "نهته".

4 تاريخ بغداد "3/ 34".

ص: 226

130-

مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زكريّا بْن يحيى التميمي، العلامة أَبُو عَبْد اللَّه بْن برطال القُرْطُبي القاضي المالكي1.

سَمِعَ من: أَحْمَد بْن خَالِد الْحُبَاب، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحجّ، فسمع من إِبْرَاهِيم العبقسي، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع السُّكَّري، ووُلِّي قضاء رَيَّه، ثم وُلِّي قضاء الجماعة والصّلاة. وعاش إلى أن "عَلَتْ"2 سِنُّه، وثَقُلَتْ ذِهْنُه، "فصرفه"3 الحاجب أَبُو عامر من القضاء، ونقله إلى الوزارة.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن الفَرَضِيّ، وسراج بْن عَبْد اللَّه.

وحدّث أيضًا عَنْ عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ وخلْقٍ، وعاش خمسًا وتسعين سنة. وكان حجةً.

و"رحل"4 في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان كبير الشأن وافر الجلالة، لحق مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الحناش، وإِسْمَاعِيل بْن القراب. تفرّد بأشياء.

"حرف اللام":

131-

لُبنَى كاتبة الخليفة المستنصر باللَّه الحَكَم بْن الناصر الأموي5.

كانت نحوية، حاذقة بالكتابة، شاعرة، بصيرة بالحساب، لم يكن فِي قصر الْأمرة أنبل منها، وكان خطّها مليحًا، ومعرفتها بالعَرُوض تامّة، تُوُفِّيت فِي هذه السنة.

"حرف الياء":

132-

يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن زكريّا بْن حَرْب6، وحرب ابن أخي الزّاهد أحْمَد بن حرب النيسابوري، وأبو زكريا المزَكِّي المعروف بالحربي.

كَانَ أديبًا إخباريا، كثير العلوم، رئيسًا.

1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 105".

2 ساقطة من الأصل.

3 في الأصل "فضربه".

4 في الأصل "ورحلت".

5 الصلة لابن بشكوال "2/ 692".

6 العبر "3/ 57"، وشذرات الذهب "3/ 145".

ص: 227

سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس السّرّاج، ومكيّ بْن عَبْدان، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الشرفي، وأَحْمَد بْن حمدون الْأعمش، وعَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، وغيرهم، وحدّث بنيسابُور والرّيّ وببغداد، فأكثروا عَنْهُ ثَمَّ.

رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو بَكْر الْأرْدَسْتَاني، ومُحَمَّد بْن أَبِي عَمْرو النيسابُوري شيخ الخطيب، وَأَبُو سعد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الحاكم، وَأَبُو الْحَسَن أحْمَد بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، وَأَبُو عثمان البحيري، وَأَبُو نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ التاجر، وآخرون.

وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وهو صَدُوق فِيهِ بدعة.

133-

يحيى بْن مُحَمَّد بْن وهب بْن مَسَرَّة بن حكم، أبو زكريا التميمي الفرجي1، من مدينة الفرج بالأندلس.

سَمِعَ من جدِّه، ورحل فسمع بمصر من الْحَسَن بْن رشيق، وأَبِي بَكْر بْن إسماعيل المهندس، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ النّاس كثيرًا، واختصر كتاب "الْأسماء والكنى" للنَّسَائي، وعاش ستّين سنة. رحمه الله.

134-

يعيش بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم القُرْطُبي الورّاق المعروف بابن الحَجّام2.

سَمِعَ من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد اللَّه بْن أَبِي دُلَيْم، وجمع لمحمد بْن معاوية مُسْنَد حديثه. وقد ذهب بَصَره بآخرة، وتُوُفِّي فِي صفر. كتب النّاس عَنْهُ. رَوَى عن: شريح الذكواني.

وفيات سنة خمس وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

135-

أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عمران، أبو العباس الأصبهاني الخلقاني. ثقة، دين.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 660".

2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 199".

ص: 228

سَمِعَ بالبصْرة من: عَلِيّ بْن إِسْحَاق المارداني، وغيره.

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَتَّوَيْه، والإصبهانيّون.

تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة.

136-

أحْمَد بْن فارس بْن زكريّا بْن مُحَمَّد بْن حبيب، أَبُو الْحَسَن الرّازي، وقيل القِزْوِيني، المعروف بالرازي1 المالكي اللُّغَوِي، نزيل هَمَذَان وصاحب المُجْمَل فِي اللُّغة.

رَوَى عَنْ: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وعَلِيّ بْن محمد بْن مِهْرَوَيْه القِزْوِينيّين، وسعيد بْن مُحَمَّد القطّان، ومُحَمَّد بْن هارون الثقفي، وعَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن حُمَيْد الهمذانيّين، وأَبِي القاسم الطّبراني، وأَبِي بَكْر بْن السني، وجماعة.

رَوَى عَنْه: أَبُو سهل بْن زيرك، وَأَبُو منصور بْن عيسى الصُّوفي، وعَلِيّ بْن القاسم الخيّاط المقرئ، وَأَبُو منصور بْن المحتسِب، وآخرون.

وُلِد بِقزْوِين، ونشأ بهَمَذَان، وكان أكثر مقامه بالرّيّ.

وكان كاملا فِي الْأدب، فقيهًا مُنَاظِرًا، مالكيا، وكان يناظر فِي الكلام، وينصر مذهب أهل السُّنَّة، وطريقته فِي النَّحْو طريقة الكوفيين، كَانَ بالجبل نظير ابن لَنْكَك بالعراق، وجمع إتقان العلماء، إلى ظُرْف الكُتّاب والشعراء.

وله مصنفات بديعة ورسائل مفيدة، وأشعار جيّدة، وتلامذة فيهم كثرة، وكان شديد التعصّب لال العميد، وكان الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يكرهه لذلك، وكان قد صنّف كتاب الحجْر وسيّره إلى الصّاحب، فَقَالَ: رُدُّوا الحِجْر من حيث جاء وأمر لَهُ بجائزة قليلة.

وقَالَ بعضهم: كَانَ إذا ذُكِرت اللُّغة فهو صاحب مُجْمِلها، لا بل صاحبها المجمّل لها. وكان يحثّ الفقهاء دائمًا عَلَى معرفة اللغة، ويلقي عليهم ويخجلهم ليتعلموا

1 البداية والنهاية "11/ 296"، والوافي بالوفيات "7/ 278"، والمنتظم "7/ 278"، والمنتظم "7/ 103"، وسير أعلام النبلاء "17/ 103"، والنجوم الزهرة "4/ 212".

ص: 229

اللُّغة، ويقول: من قَصَرَ عِلْمَه "عَلَى"1 الفقه وغولط غلط2.

وقال سعد بن علي الزنجاجي: كَانَ أَبُو الْحُسَيْن بْن فارس من أئمّة اللغة محتجًا به فِي جميع الجهات غير مُنازَع، رحل إلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان الْأوحد فِي العلوم، ورحل إلى زَنْجان إلى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن الْحَسَن الخطيب راوية ثعلب، ورحل إلى مشايخ، إلى أحْمَد بْن طاهر النجم، وكان يَقُولُ: ما رَأَيْت مثله.

قَالَ سعد: وحُمِل ابن فارس إلى الرّيّ ليقرأ عَلَيْهِ مجد الدولة بْن فخر الدولة، وحصّل بهما مالا، وبرع ذَلِكَ الْأمير فِي الْأدب. قال: وكان ابن فارس من الْأجواد، حتى أَنَّهُ يَهَبُ ثيابه وفرش بيته. وكان من رؤساء أهل السُّنَّة المجرّدين عَلَى مذهب أهل الحديث. تُوُفِّي فِي صفر، سنة خمسٍ وتسعين. انتهى قول الزَّنْجاني3. وكذا وَرَّخه عَبْد الرَّحْمَن بْن منده وغيره.

وقيل: مات سنة تسعين وثلاثمائة، وهو قول ضعيف.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ، أَنَا هَادِي بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ سنة ست وأربعين وأربعمائة، أنا أحمد بن فارس اللغوي، ثنا علي بن أبي خالد بقزوين، ثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةٌ فِي الْأرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلامَ"4.

ومن شعر ابن فارس:

مرَّتْ بنا هيفاءُ مجدولة

تركيَّةٌ تنمى لتركييِّ

ترنُو بطَرْفٍ فاترٍ فاتنٍ

أضْعَف من حجة نحوي

1 في الأصل "عن".

2 إنباه الرواة "1/ 92".

3 وفيات الأعيان "1/ 119".

4 أخرجه البخاري في الدعوات "66"، ومسلم في الذكر "25"، والترمذي في الدعوات "129"، والنسائي في السهو "46"، والدارمي في الرقاق "58، والإمام أحمد في المسند "1/ 387، 441، 452"، "2/ 251، 252، 358، 359، 382"، وصححه ابن حبان "2393"، والحاكم في المستدرك "2/ 421"، وابن القيم في جلاء الأفهام "27".

ص: 230

وله:

سَقَى هَمَذَانَ الغيثُ لستُ بقائلٍ

سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم

وما لي لا أصفي الدُّعاء لبلدةٍ

أفَدْتُ بها نِسْيَانَ ما كنتُ أعلمُ

نَسيتُ الَّذِي أحْسَنْتُهُ غيرَ أَنّني

مَدِينٌ وما فِي جَوفِ بيتيَ دِرْهَمُ

137-

أحْمَد بْن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الفضل التميمي التاهرتي البزّاز1.

قدم قُرْطُبَة صغيرًا، فسمع من: قاسم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن الفضل الدِّينَوَرِي، وأَبِي عَبْد الملك بْن أَبِي دليم، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، ووهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن رفاعة.

وكان صالحًا زاهدًا منقبضًا. ولد بتاهرت سنة تسع وثلاثمائة، وأتى قُرْطُبَة سنة بضْعَ عشرةٍ فسمَّعَه أبوه من هَؤُلاءِ أربعٍ وثلاثين، وطلب بنفسه.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وتُوُفِّي في جُمَادَى الْآخرة.

138-

أَحْمَد بن محمد بن أحْمَد بْن عُمَر الزّاهد، أَبُو الْحُسَيْن بْن أَبِي نصر النيسابُوري الخفّاف2.

قَالَ الحاكم: مُجَاب الدَّعوة، وسماعاته صحيحة بخطّ أَبِيهِ، من أَبِي الْعَبَّاس السّرّاج وأقرانه، وبقي واحدَ عصره فِي عُلُوِّ الْأسناد، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، وصلَّيت أَنَا عَلَيْهِ، وله ثلاث وتسعون سنة.

قلت: رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بن محمد بن حسكويه، أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن الصُّوفِي، وَأَبُو الْحَسَن بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، والسيد عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحسيني، وَأَبُو المظفّر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الشجاعي، وَأَبُو نصر الْحُسَيْن بْن أحْمَد القاضي "الحريمي"3، وَأَبُو الفضل بْن عَبْد اللَّه بْن المحبّ، وسعيد بْن العَيَّار، وعائشة بِنْت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البسطامي، وخلق سواهم. وقع لنا جملة من عواليه.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 84"، والعبر "3/ 58"، وفي الأصل "القاهري".

2 العبر "3/ 58"، والنجوم الزاهرة "4/ 213"، وشذرات الذهب "3/ 145".

3 في الأصل "الحرميتي".

ص: 231

139-

أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحُسَيْن السمناوي. تُوُفِّي بمصر فِي صفر.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عيسى بْن قرَّة الزُّهْرِيّ.

رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ فِي مشيخة الرّازي، وأَحْمَد بْن القاسم بْن ميمون بْن حمزة الحسيني.

140-

إِبْرَاهِيم بْن مبشّر، أَبُو إِسْحَاق البكري الْأندلسي المغربي المؤدّب1.

عرض القراءة عَلَى مُحَمَّد الْأنطاكي، وكان يُقْرئ فِي دكانه، واحتجم فصفي دمه.

"حرف الجيم":

141-

جعفر بن عبد الرزاق الدمشقي المهندس.

رَوَى عَنْ: جَدّه أحْمَد بْن خمارويه، وأَبِي بَكْر الخرائطي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذر الهروي، وأبو علي الأهوازي.

"حرف الحاء":

142-

الحسين بْن مُحَمَّد بْن درستويه، أَبُو عَلِيّ الدمشقي المعدِّل الْإمَام.

حدّث عَنْ: مكحول، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وابْن جَوْصا، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل.

رَوَى عَنْهُ: ابنه مُحَمَّد، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي وَأَبُو القاسم الحنّائي، وإِبْرَاهِيم بْن الخضر الصائغ.

قَالَ الكتاني: كان ثقةً ثَبْتًا.

143-

"الْحُسَيْن"2 بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو عَبْد اللَّه، قاضي قضاة مملكة الحاكم.

ولي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وعزل في سنة أربع وتسعين، وفي أول سنة خمس قتله الحاكم وأحرق جثّته، ووُلِّي بعده ابن عمّه عَبْد العزيز.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 88".

2 في الأصل "الحسن".

ص: 232

144-

الحسين بن محمد إِسْمَاعِيل بْن أَبِي عابد، أَبُو القاسم الكوفي1.

سَمِعَ: أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، واليَمَان بْن محمد الغوثي، وزيد العامري.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي وقَالَ: كَانَ ثقة، وُلِّي قضاءَ الكوفة نيابةً، وكان حنفيًّا، فاضلا، زاهدًا.

"حرف الدال":

145-

دَاوُد بْن رضوان، أَبُو عَلِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ الفقيه الحنفي.

تفقّه بالعراق، وسمع من ابن داسة السُّنَن، ودرّس بنيسابُور دهرًا، وحدّث. وتُوُفِّي فِي رجب.

"حرف السين":

146-

سَعِيد بْن نصر، أَبُو عثمان مولى النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي2.

روى عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مَطَرِّف، وأَحْمَد بْن دُحَيْم، ومُحَمَّد بْن معاوية، وطائفة.

وعُنِي بالرّواية والضَّبْط، وكان ثقة.

رَوَى عَنْهُ: ابن عَبْد البَرّ، وَأَبُو عَمر بْن الحذّاء، وآخرون، ونَيِّف عَلَى الثمانين فِي ذي الحجّة.

أثنى عَلَيْهِ ابن عَبْد البَرّ، قَالَ: أحسن التّقييد والضَّبْط، وكان من أهل الورع والفضل، رحمه الله.

"حرف الشين":

147-

شَيْبَةُ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شعيب بْن هارون، أَبُو مُحَمَّد الشعيبي.

سَمَّعه أَبُوهُ من عَبْد اللَّه بْن الشرفي، وعَلِيّ بْن محمد الوراق، وجماعة. توفي في المحرم.

1 تاريخ بغداد "8/ 103"، والمنتظم "7/ 229".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 207".

ص: 233

"حرف العين":

148-

عاصم بْن يحيى النيسابُوري الزّاهد.

سَمِعَ: أَبَا حامد بْن بلال، وجماعة.

قَالَ الحاكم: وحدّثني أَبُو حازم العبدري أَنَّهُ كتب بخطّه ألف مُصْحَف.

149-

عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن النيسابوري الحنبلي الواعظ.

حدث عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان وأقرانه، وأفتى نَيِّفًا وخمسين سنة.

تُوُفِّي فِي رجب.

150-

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أسد، أَبُو مُحَمَّد الْجُهَني الطُّليْطِلي الْأندلسي الفقيه1 المالكي المغربي، أحد الْأعلام، البزّار، ثقة أديب ومحدّث مُسْنَد.

سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ وغيره، ورحل فسمع بمصر عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، وابْن السَّكَن، وبمكّة أحْمَد بْن أَبِي الموت صاحب عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، وكان لا يُعيِرُ كتابًا إلا لمن "يثق بِهِ"2، ولا يسمع من غير كتابه، ويحّب التلاوةَ فِي المُصْحَف، وقد امتُحِن أيَّام المنصور "ابن"3 أَبِي عامر بالحَبْس والقَيْد، والإخراج من الْأندلس.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وهو من كبار شيوخه، وَأَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس، وَأَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، ومُصْعَب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفَرَضِيّ، والخَوْلاني وآخرون.

وُلِد سنة عشرٍ وثلاثمائة، وتوفي في آخر السنة.

151-

عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعفر، أبو الحسن البزاز4.

1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 248".

2 في الأصل "يثقه".

3 ساقطة من الأصل.

4 تاريخ بغداد "10/ 128"، والمنتظم "7/ 230".

ص: 234

سَمِعَ: ابن "عُبَيْد"1 ومُحَمَّد بْن مَخْلَد. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي. وقَالَ الْأزْجِي: ثقة.

152-

عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة بن حمد بْن عيسى أَبُو عُمَر التيمي الطَّلْحي الْإصبهاني.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسيد، والفضل بْن الخصيب، وابْن الجارود.

رَوَى عَنْهُ: شُرَيْح الذكّواني.

153-

عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان، أَبُو المُطَرِّف القُشَيْري القُرْطُبي الحيّان2.

رَوَى عَنْ: عاصم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن ثابت القُرْطُبي التَّغْلِبي، وسعيد بْن عثمان.

وحجّ سنة خمسٍ وخمسين. وكان صالحًا منقبِضًا زاهدًا ثقة، وروى الكثير.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، وَأَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عَمْرو الدّاني.

مولده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة بقرية راشد.

154-

عَبْد الوارث بْن سُفْيَان بْن جُبْرُون، أَبُو القاسم القُرْطُبي المعروف بالحبيب3.

سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ أكثر رواياته، وكان أوثق النّاس فِيهِ، وأكثرهم ملازمةً لَهُ، وسمع أيضًا من وهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أَبِي دُلَيْم.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه الْأصيلي فِي غير موضع من كتاب الدلائل وَأَبُو عمران الفاسي الفقيه، وَأَبُو عمر بْن الحذّاء، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ.

وقَالَ ابن الحذّاء: كَانَ شيخًا صالحًا عفيفًا، يعيش من ضَيْعَة ورِثها من أَبِيهِ، وقَالَ:"مولده"4 سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وأوّل سماعه سنة ثلاثٍ وثلاثين، وتُوُفِّي لخمسٍ بقين من ذي الحجة.

1 في الأصل "عبده".

2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 265".

3 سير أعلام النبلاء "17/ 84"، وشذرات الذهب "3/ 145".

4 في الأصل "وولدي".

ص: 235

وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: قرأت عَلَيْهِ تاريخ أحْمَد بْن أَبِي خَيْثَمة، عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ ابْن وهب، ثلاثون كتابًا، عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ، عَنْ ابن وَضَّاح، عَنْ سَحْنُون، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ يحيى بْن بُكَيْر، وأجزاء كثيرة.

155-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الشيرازي المقرئ المعروف بالمُقَّنعي1، نزيل بغداد، ووالد أَبِي مُحَمَّد الجوهري.

حدّث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن علي الهُجَيْمي، وقرأ بالبصرة عَلِيّ ابن "خشنام"2، وببغداد عَلَى عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وتصدّر للإقراء.

قَالَ ابنه: قَالَ لي أَبِي: ما طلع الفجر عليّ إلا وأنا أدرس القرآن. مات فِي المحرَّم.

156-

عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مهران، أَبُو الْحَسَن التَّيمي.

عَنْ: أَبِي عَلِيّ الصّحّاف، وأَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأَحْمَد بْن شعيب.

مات فِي شعبان بإصبهان. روى عنه: سعيد البقال.

"حرف الميم":

157-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي النَّجُود، أَبُو الفرج البغدادي المقرئ، نزيل الدّيار المصرية.

أخذ القراءة عَرْضًا وسماعًا عَنْ أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وسمع منه كُتُبه، وروى الحروف عَنْ أحْمَد بْن جَعْفَر الختلي، وسمع من دَعْلَج السِّجْزي وجماعة.

قرأ عَلَيْهِ جماعة بمصر، وخرج منها قبل موته بيسير إلى الشام، فتوفي سنة خمسٍ، أو ستٍ وتسعين. رحمه الله.

158-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الْأخميمي "الْمَصْرِيّ"3.

سَمِعَ: مُحَمَّد بن زبان بن حبيب، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن عبد الله

1 الأنساب "11/ 450".

2 في الأصل "حشنام".

3 في الأصل "البعري".

ص: 236

ابن سعيد المهراني، وإِسْمَاعِيل بْن دَاوُد بْن وردان، وأَبَا جَعْفَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي ثلاثة أجزاء لطاف، وتُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة.

159-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان، أَبُو أحْمَد المَراري النيسابُوري المعدِّل1.

رَوَى عَنْ: مكّي "بْن"2 عَبْدان، والمَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي تُوُفِّي فِي جُمَادَى الآخرة.

160-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى، أَبُو نصر المَلاحِمي الْبُخَارِيّ3.

حدّث بنيسابُور وبغداد، عَنْ محمود بْن إِسْحَاق "عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ كتاب القراءة وراء الإمام"4، وكتاب رَفْع اليدين فِي الصّلاة لَهُ، وروى أيضًا عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الفقيه، وعَلِيّ بْن قُرَيْش، وسهل بْن السّرِيّ الحافظ، والهيثم بْن كليب الشاشي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو العلاء الواسطي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حسنون النَّرْسي، وعَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ بْن المأمون، وجماعة. وقَالَ أَبُو العلاء: تُوُفِّي أَبُو نصر، وكان من أعيان المحدّثين وحُفَّاظهم فِي سنة خمسٍ وتسعين. زاد غيره: فِي جمادي الآخرة. وولد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.

161-

مُحَمَّد بْن أَبِي يعقوب إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَهْ5. واسم مَنْدَهْ: إِبْرَاهِيم بْن الوليد بْن سَنْدَه بْن بُطّه بْن أُسْتَنْدار الحافظ الكبير، أَبُو عَبْد اللَّه العَبْدي الْإصبهانيّ.

رحل وطوَّف الدُّنيا، وجمع، وصنَّف، وكتب ما لا ينحصر، وحدث عن أبيه،

1 الأنساب "11/ 222".

2 في الأصل "عن".

3 المنتظم "7/ 230"، وسير أعلام النبلاء "17/ 86"، وتاريخ بغداد "1/ 350".

4 ساقطة من الأصل والاستدراك من تاريخ بغداد.

5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 306"، والبداية والنهاية "11/ 336"، والمنتظم "7/ 232"، والعبر "3/ 95"، وميزان الاعتدال "3/ 26".

ص: 237

وعمّ أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن النَّضْر، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطان، أبي حامد بن بلال، وأبي سعيد بن الْأعْرابي، وخَيْثَمة، والأصمّ، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن البَخْتَرِي، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشي، وأَبِي الطّاهر أحْمَد بْن عُمَر المَدِيني، وأَبِي الميمون بْن راشد الدمشقي، وابْن حَذْلَم، وأَبِي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المديني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محبوب المَرْوَزِي، وعثمان بْن أحْمَد بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن الصّباح، وأبي طاهر محمد بن الحسن المَجْداباذي، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن حفص الْإصبهاني، وخلق كثير، لقيهم بإصبهان وخُرَاسان والعراق والحجاز ومصر والشام وبُخَارَى، وبقي فِي الرّحلة نَيِّفًا وثلاثين سنة، وأقام بما وراء النَّهر زمانًا.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وهو من شيوخه، والحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، وتمّام الرّازي، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو نُعَيْم، ومُحَمَّد بْن أحْمَد غُنْجَار، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وأَحْمَد بْن محمود الثقفي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد العجلي الرّازي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان، وعُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر المعداني، وعَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن البقّال، والمطَّهر بْن عَبْد الواحد البزّاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النّقّاش، والفضل بْن عَبْد الواحد الخيّام، وَأَبُو طاهر المنتجع بْن أحْمَد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الطَّهْراني، وَأَبُو المظفَّر عَبْد اللَّه بْن شبيب المقرئ، وشجاع بْن عَلِيّ المصقليّ، وأخوه أحْمَد، وزياد بْن مُحَمَّد بْن زياد الجلاب، وَأَبُو سهل حَمْد بْن أحْمَد، "وعائشة"1 بِنْت الْحَسَن الوَركانيّة، وبنوه عُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرَّحْمَن، وعَبْد الوهاب، وخلْق سواهم.

قَالَ الباطَرْقَانِي: ثنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق العَبْدي إمام الْأئمّة لَقَّاه اللَّه رضوانه2.

وقَالَ الحاكم: أوّل خروجه إلى العراق من عندنا، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، فسمع بها، وبالشّام، وأقام بمصر سنين، وصنّف التاريخ والشيوخ، ثم التقينا ببُخَارَى، وقد زاد زيادة ظاهرة، وجاءنا إلى نيسابُور سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين، ثم خرج إلى وطنه.

1 في الأصل "ولكين عائشة".

2 تذكرة الحفاظ "3/ 1033".

ص: 238

وقَالَ عَبْد اللَّه بْن أحْمَد السُّوذَرْجاني: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: "كتبت"1 عَنْ ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العَسَّال.

وقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ النيسابُوري يَقُولُ: أَبُو عَبْد اللَّه، من بيت الحديث والحِفْظ، وأحْسَنَ الثَناءَ عَلَيْهِ، وقَالَ: ألا ترون إلى قريحته2؟

وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد التيمي الحافظ: سمعت عمر السمناني غير مرة يقول: ذكر أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه عند أَبِي نُعَيْم، فَقَالَ: جبلا من الجبال.

وقَالَ ابن طاهر: سَمِعْتُ سَعِيد بْن عَلِيّ الحافظ بمكّة يَقُولُ: وسُئل عَنِ الدَّارَقُطْنيّ، وابْن مَنْدَه، والحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد، فَقَالَ: أمّا الدارقطني فأعلمهم بالعِلَل، وأمّا ابن مَنْدَه فأكثرهم رِوايةً، مَعَ المعرفة التامّة، وأمّا الحاكم فأحسنهم تصنيفًا، وأمّا عَبْد الغني فأعرفهم بالأنساب.

وقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن ذُهْل الهَرَوِي: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: لا يخرّج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب.

وقَالَ أحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي: كتب أَبُو أحْمَد العَسَّال إلى عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه وهو بنيسابُور، فِي حديث أشْكِل عَلَيْهِ، فأجابه بإيضاحه، وبيان عِلَله3.

وذكر غير واحد، عَنْ أَبِي إِسْحَاق بن حمزة الحافظ أَنَّهُ قَالَ: ما رَأَيْت مثل أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه.

قلت: أَبُو إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن حمزة. تُوُفِّي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وقد روى مع تقدمه عن ابن مَنْدَه، وقد قَالَ فِيهِ ابن مَنْدَه: ما رَأَيْت أحفظ منه.

وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه: كتب أَبِي عَنْ أربعة من شيوخه، عَنْ كلّ واحدٍ ألف جُزْء. كتب عَنِ "ابن"4 الأعراب بمكّة ألف جُزْء وعن خَيْثَمة بأطْرَابُلُس ألف جزء،

1 في الأصل "كتب".

2 تذكرة الحفاظ "3/ 1033".

3 تذكرة الحفاظ "3/ 1034".

4 ساقطة من الأصل.

ص: 239

وعن أبي العباس الأصم بنيسابور ألف جُزْء، وعن الهَيْثَم بْن كُلَيْب ببُخَارَى ألف جُزْء. وسمعت أَبِي يَقُولُ: كتبت عَنْ ألفٍ وسبعمائة شيخ.

وقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد المُسْتَغْفِري الحافظ: ما رَأَيْت "أحفظ من"1 ابن مَنْدَه، سَأَلْتُهُ ببُخَارَى: كم تكون سماعات الشَّيْخ؟ قَالَ: تكون خمسة آلاف مَنٍّ.

وقَالَ أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الحافظ: كتبت عَنْ أكثر من ألف شيخٍ، ما فيهم أحفظ من أَبِي عَبْد الله مَنْدَه.

وكان أَبُو عَبْد اللَّه قد تزوج فِي عَشْر الثمانين، فولد لَهُ عَبْد الرَّحْمَن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد المهاب.

وقَالَ شيخ الْإسلام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، سيّد أهل زمانه2.

وقَالَ الحافظ أَبُو زكريا يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَه: كنت مَعَ عمّي عُبَيْد اللَّه فِي طريق نيسابُور، فلما بلغنا بير مجنة، قال عمي: كنت مرة ههنا، تعرّض لي شيخ جمّال، فَقَالَ: كنت قافلا عَنْ خُرَاسان مَعَ أَبِي، فلما وصلنا إلى هنا، إذا نَحْنُ بأربعين وقْرًا من الْأحمال، فظننّا أَنَّهُ منسوج الثّياب، وإذا خيمة صغيرة، فيها "شيخ"3، فإذا هُوَ والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع، قَلّ مَن يرغب فِي هذا الزمان فِيهِ، هذا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.

وقَالَ الباطَرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: طُفْتُ الشَّرقَ والغرب مرّتين، وكنت مَعَ جماعة عند أَبِي عَبْد اللَّه فِي الليلة التي تُوُفِّي فيها، ففي آخر نَفَسِه، قَالَ واحد منَّا: لا إله إلا اللَّه، يريد تلقينه، فأشار بيده إِلَيْهِ دفعتين ثلاثة، أيْ: أُسْكُت، يقال لي مثل هذا؟! وتُوُفِّي ليلة الجمعة، سلْخ ذي القعدة.

قلت: وكان أَبُو نُعَيْم كثير الحَطّ عَلَى ابن مَنْدَه، لمكان المعتقد واختلافهما في المذهب، فَقَالَ في تاريخه: ابن منده، حافظ من أولاد المحدّثين، تُوُفِّي فِي سلْخ ذي

1 في الأصل "أحفظ منه من".

2 تذكرة الحفاظ "3/ 1034".

3 ساقطة من الأصل والاستدراك من تذكرة الحفاظ.

4 تذكرة الحفاظ "3/ 1035".

ص: 240

القعدة، واختلط فِي آخر عمره، فحدث عَنْ أَبِي أُسَيْد، وعَبْد اللَّه ابن أخي أَبِي زُرْعَة، وابْن الجارود، بعد أن سَمِعَ منه أنّ لَهُ عَنْهُمْ إجازة، وتخبّط فِي أماليه، ونَسَبَ إلى جماعة أقوالا فِي المعتقد لم يعرفوا بها، نسأل اللَّه السَّتْر "والصّيانة"1.

قلت: أي واللَّه، نسأل اللَّه السّتْر وتَرْكَ الهَوَى والعَصَبِيَّة. وسيأتي فِي ترجمته شيء من تضعيفه، فليس ذَلِكَ موجبًا لضَعْفه، ولا قوله مُوجِبًا لضعف ابن منده، ولو سمعنا كلام الأقران، بعضهم في بعض لا تسع الخَرْقُ.

162-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن العلوي، تقدّم فِي سنة 393 وأرّخه غُنْجار فِي هذه السّنة.

163-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن عقيل، أَبُو نصر الخُزَاعِي النيسابُوري.

سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القطّان، والأصمّ، وتُوُفِّي فِي رجب، بعد أن حدث سنين.

روى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الصّابوني.

164-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن القصّار الخلقاني النيسابُوري.

سَمِعَ: الْأصمّ، وأَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق الضَّبُعي، وحدّث فِي رمضان.

165-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو عَلِيّ البَلاذُرِيّ.

تفقه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق المَرْوَزِي ببغداد، وسمع من: الشِّبْليّ، والموجودين.

لقيه الحاكم ببُخَارَى، ثم نيسابُور، ونزل عند القاضي أَبِي بَكْر الحيري.

مات فِي نصف المحرَّم، وكان من كبار الشّافعيّة.

166-

مُحَمَّد بْن القاسم، أَبُو منصور النيسابُوري.

عَنِ: الْأصمّ، وأَبِي مُحَمَّد الفاكهي الْمَكِّيّ. وخرجوا له فوائد، وتوفي في ذي القعدة.

1 في الأصل "ترجمة".

ص: 241

"حرف الياء":

167-

يعقوب بْن أَبِي إِسْحَاق القرّاب الهَرَوِي، أخو الحافظ إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل.

رَوَى عَنْ: أَبِي الفضل بْن حِمْيَرَوَيْه، ومات شابًا، رحمه الله. قَلَّ مَن حمل عَنْهُ.

وَفَيَات سنة ست وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

168-

أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن "شريعة"1 أَبُو عُمَر اللَّخْمِي الْأشبيلي المعروف بابن "البّاجي"2 الحافظ3.

سَمِعَ من أَبِيهِ جميع ما عنده، من ذَلِكَ مصنّف أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، جميعه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن يونس القَبري، عَنْ بقيّ، عَنْهُ. قَالَ الخَوْلاني: كَانَ عارفًا بالحديث ووجوهه، إمامًا مشهورًا، لم تر عيني مثله فِي المحدثين وقارًا وسَمْتًا، رحل مَعَ ابنه مُحَمَّد، ولقي شيوخًا جُلَّة، ووُلّي أَبُو عُمَر قضاءَ إشْبِيلْيَة مدَّة يسيرة، ثم رحل إلى قُرْطُبَة فاستوطنها، وأخذنا عَنْهُ كثيرًا، وكان مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي حادي عشر المحرَّم، سنة ستٍ وتسعين، وشهدتُ جنازته فِي محفل عظيم من وجوه النّاس وكُبَرَائهم.

وقَالَ عَبْد الغني بْن سَعِيد فِي "مشتبه النسبة"4: أَبُو عُمَر هذا كتبتُ عَنْهُ وكتب عني.

وحدّث أيضًا عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وقَالَ: كَانَ يحفظ "غريب"5 الحديث لأبي عُبَيْد وابْن قُتَيْبَة حِفْظًا حَسَنًا، وشاوره ابن أَبِي الفوارس القاضي فِي الْأحكام وهو ابن ثماني عشرة سنة، وجمع لَهُ أَبُوهُ علوم الْأرض، ولم يحتج إلى أحد، إلا أنه

1 في الأصل "سريعة".

2 في الأصل "الناجي".

3 سير أعلام النبلاء "17/ 74"، وشذرات الذهب "3/ 147"، والعبر "3/ 60".

4 في الأصل "سه السه".

5 في الأصل "غريي".

ص: 242

رحل متأخرًا، ولقي فِي الرحلة أَبَا بَكْر بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وأَبَا العلاء بْن ماهان. قَالَ: وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله1.

وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: كتبت عليه مصنفات ابن أبي شيبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، رحمه الله. وكان إمامًا فِي الْأصُول والفروع. رَوَى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد.

169-

أحْمَد بْن بيري الواسطي.

ترجمته في بضع وأربعمائة، قَالَ لنا ابن الخلال: أَنَا جَعْفَر، نا السِّلَفي قَالَ: سَأَلت خميسًا الجوربي، عَنِ ابن بيري فَقَالَ: هُوَ أَبُو بَكْر أحْمَد بْن عُبَيْد بْن الفضل بْن سهل بْن بيري. سَمِعَ البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد الصولي، وابن مبشر الواسطي، وكان ثقة. كُفَّ بآخر عمره.

آخر من حدّث عَنْهُ بواسط أَبُو الْحَسَن بْن مَخْلَد، والداني المفضّل.

قَالَ خميس: قَالَ لي أَبُو المعالي ابن سانده: وُلِدْتُ فِي السنة التي مات فيها أَبُو بَكْر بْن بيري سنة ستٍ وتسعين.

170-

أحْمَد بْن "موفق"2 أَبُو القاسم الْأمويّ القُرْطُبي.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، ووهب بْن مَسَرَّة.

حجّ فسمع من: حمزة الكناني، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي. مات فِي عَشْر الثمانين.

171-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس الفَسَوِي الزّاهد، شيخ الحرم3.

سَمِعَ: ابن عَدِيّ الْجُرْجَاني، وأَحْمَد بن عطاء الروذباري، وجمح بْن القاسم الدمشقي، وأَبَا بَكْر الرّبعي، وطائفة بالشام والعراق والعجم.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو نصر بْن الحبّان، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو يَعْلَى إِسْحَاق الصَّابُونِي، وطائفة.

قَالَ الخطيب، كَانَ ثقة، ثنا عنه أبو محمد الخلال وغيره.

1 تذكرة الحفاظ "3/ 1059".

2 في الأصل "موسى".

3 تاريخ بغداد "5/ 9"، وتهذيب التهذيب "2/ 50".

ص: 243

172-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، أَبُو الْحَسَن بْن الجندي النهشلي البغدادي1.

وُلِد فِي آخر سنة ست وثلاثمائة، وسمع من أَبِي القاسم الْأزهري، "وأَبِي"2 مُحَمَّد الخلال، وأَبِي الْحُسَيْن بْن النقّور، وآخرون.

قَالَ الْأزهري: حضرته وهو يُقْرَأ عَلَيْهِ كتاب ديوان الْأنواع الَّذِي جَمَعَهُ، فَقَالَ لي ابن الْأبنوسي: لَيْسَ هذا سماعه، وإنّما رَأَى "نسخة عَلَى"3 ترجمتها "اسم"4 وافق اسمه فادَّعَى ذَلِكَ.

وقَالَ العتيقي: تُوُفِّي فِي جمادي الآخرة، وكان يُرْمَى بالتشيُّع، وكانت لَهُ أُصُول حِسان.

173-

إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الشَّرَفي الحَضْرَمِي، خطيب قُرْطُبَة، أَبُو إِسْحَاق5.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مَطَرِّف، وأَبِي عيسى الليثي، وجماعة، وكان مجلسه محتفلا بوجوه النّاس وطلبة العلم، وكان ذكيًّا حافظًا، ولكنْ أصابه فالجٌ وخَرَسٌ، وكان إِلَيْهِ شُرْطة قُرْطُبَة، وكان ابن عامر الحاجب يَقُولُ: إنه يَصْلُحُ لكلّ أمر.

174-

إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق "النصري"6، أبو يعقوب الحنفي، شيخ الحنيفة وعالمهم بجُرْجَان.

يَرْوِي عَنْ: دَعْلَج، وابن عَلِيّ بْن الصّوّاف. وتُوُفِّي فِي المحرَّم.

175-

إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن الْعَبَّاس، العلامة، أَبُو سَعِيد الإسماعيلي الْجُرْجَاني الفقيه، شيخ الشافعية بجرجان7.

1 تاريخ بغداد "5/ 77"، والعبر "3/ 60".

2 في الأصل "أبو".

3 في الأصل "على نسخة على".

4 في الأصل "اسما".

5 الصلة لابن بشكوال "1/ 88".

6 في الأصل "البصري".

7 تاريخ جرجان "147"، وتاريخ بغداد "6/ 309"، والبداية والنهاية "11/ 336".

ص: 244

كَانَ مقدَّمًا فِي الفقه والعربية، كثير التصانيف، رئيسًا مُفَضَلا عَلَى أهل العِلْم.

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وابْن عَدِيّ، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وابْن دُحَيْم الشَّيْباني، وأَحْمَد بْن كامل بْن شجرة، وعن مُحَمَّد بْن حفص الْمَكِّيّ، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: بنوه الفضّل، والسّريّ، وسعد، ومسعدة، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وحمزة بْن يوسف السَّهْمي، وخلْق سواهم. وثّقه الخطيب وغيره.

قَالَ القاضي أَبُو الطيب: ورد الإمام أَبُو سعد بغداد، فأقام بها، ثم حجّ. عقد لَهُ الفقهاء مجلسين، فولي أحدهما أَبُو حامد الإسفراييني، والآخر أبو محمد البافي1.

وتُوُفِّي فِي نصف ربيع الآخر ليلة الجمعة، وله ثلاثٌ وستُّون سنة، وممّا أكرمه اللَّه بِهِ أَنَّهُ مات، وهو فِي صلاة المغرب يقرأ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ففاضت نفسه2.

قَالَ حمزة السَّهْمي: كَانَ إمام زمانه، مقدَّمًا فِي الفقه والعربيّة والكتابة والشُّروط والكلام، صنَّف فِي أصول الفقه كتابًا كبيرًا، وتخرّج على يده جماعة، مع الورع الثخين، والمُجَاهَدَة والنُّصْح للإسلام، والسَّخاء، وحُسْن الخُلُق، بالغ السَّهْمي فِي تقريظه.

176-

إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن حمدان بن نوح. أبو إبراهيم المهلبي الْبُخَارِيّ الخطيب.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحارثي، وجماعة.

وعنه: أَبُو القاسم الْأزهري، والْحُسَيْن أخو الخلال، وغيرهما.

"حرف الحاء":

177-

حاتم بْن عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن حاتم بن فرانك، أبو بكر القرطبي البزار3.

1 تاريخ بغداد "6/ 310"، والمنتظم "7/ 231".

2 تاريخ جرجان "107"، والمنتظم "7/ 231"، والبداية والنهاية "11/ 336".

3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 108".

ص: 245

ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وحدّث عَنْ أحْمَد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، وعَبْد اللَّه بْن يونس القبري، والْحَسَن بْن سعد، وعُمِّر دهرًا.

رَوَى عَنْهُ القاضي أَبُو عمر بن الحذاء وقال: أظنه مات سنة ست وتسعين.

"حرف الشين":

178-

شعيب بن محمد بن شعيب، أبو صالح العجلي البَيْهَقي، وكان أَبُوهُ فقيه عصره للشّافعيّة بنيسابُور1.

وسمع شعيب من: أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، ومُحَمَّد بْن حمدون، وأَبِي حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْد الله، وبالعراق من أبي بكر بن الْأنباري، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وروى الكثير بنيسابُور.

رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي صفر، وولد سنة تسع وثلاثمائة، وأبو عثمان سعيد البحيري.

"حرف الطاء":

179-

طَالِب بْن عثمان، أَبُو أحْمَد الْأزْدِيّ النَّحْوِيّ البغدادي المؤدّب2.

سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وأبا بكر بن الْأنباري، والمَحَامِلي.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد المالكي، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْحُسَيْن العطّار، وجماعة، وآخرهم أبو الحسين بن المهتدي الخطيب.

"حرف العين":

180-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد، أَبُو زيد القُرْطُبي العطّار3.

وروى عَنْ: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم الصَّدَفي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف بْن أَبِي عيسى، وجماعة، وحجّ، وسمع من حمزة الكناني، وبكر بن الحداد، وأبي حفص

1 الأنساب "2/ 382".

2 تاريخ بغداد "9/ 365".

3 الصلة لابن بشكوال "1/ 306".

ص: 246

عُمَر الْجُمَحي، والْحَسَن بْن الخضر الْأسيوطي، وسمع النّاس منه كثيرًا. قال ابن بشكوال: كَانَ ثقة كثير السّماع.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وعاش سبعين سنة، رحمه الله.

181-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أصبغ، أَبُو المُطَرِّف الْأمويّ1.

رَوَى فِي هذه السّنة بالأندلس، عَنْ أَبِي الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ. حدّث عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف الرفاء.

182-

عَبْد الوهاب بْن الْحَسَن بْن الوليد بْن مُوسَى الكلابي المحدّث2، أَبُو الْحُسَيْن الدمشقي المعروف بأخي "تبوك"3.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن خُرَيْم، وطاهر بْن مُحَمَّد، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأَبِي الْجَهْم بْن طِلاب، وأَبِي الْحَسَن بْن جَوْصا، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان، وأَبِي عُبَيْدة أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن ذكوان، ومُحَمَّد بْن بكّار السَّكْسَكي، وخلْقٍ سواهم.

رَوَى عَنْهُ: تمّام، وعَبْد الوهاب الميداني، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأبو قاسم بْن الفرات، وَأَبُو القاسم السّميساطي، وَأَبُو القاسم الجنابي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حَسْنُون النَّرْسي، وخلق كثير.

وُلِد فِي ذي القعدة، سنة "ثلاث"4 "وثلاثمائة"5، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، عَنْ تسعين سنة.

قَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: وكان ثقة نبيلا. قلت: كَانَ مُسْنِد وقته بدمشق.

183-

عَلِيّ بْن جَعْفَر، أَبُو الْحُسَيْن السِّيرَوَاني الصُّوفِي الزّاهد، المجاور بمكة6. في سلخ المحرم كان موته.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 306".

2 الإكمال "4/ 572"، والعبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة "4/ 214".

3 في الأصل "نيزك".

4 ساقطة من الأصل.

5 في الأصل "ثلاثين" وهو خطأ.

6 طبقات الصوفية "51، 259، 343".

ص: 247

قَالَ الحبّال: إنه بلغ من السّنّ مائة وإحدى عشرة سنة، حدثونا عَنْهُ، وحدّث عَنْ إِبْرَاهِيم الخوّاص.

وقَالَ السُّلَمي فِي تاريخه: هُو من ثقات الشّيوخ بناحيته، معدوم القرين، صحِب الشِّبْليّ.

أَخْبَرَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا العثماني، حدّثني أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الْقُرَشِيّ المقرئ، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن "عَبْد"1 الباقي بْن فارس، نا أَبُو حفص بْن عِرَاك إمام الجامع العتيق بمصر، قَالَ: كَانَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن السِّيرَوَاني المجاور يزور إخوانه فِي البلاد، فزارني سنةً، فبينا هُوَ جالس معي، إذ سمعنا ضَوْضَاء فِي الجامع، فقيل لنا: رَجُل سُرِق منه شيء، فاستحضره الشَّيْخ، فسأله عَنْ أمره، فَقَالَ لَهُ: إنّي فقير، ولي عائلة، ففُتح عليّ برداء ودِينارَيْن، فصررتهما فِي الرّداء، فسُرِق ذَلِكَ منّي، فَقَالَ لَهُ انتظر، ثم حرّك الشَّيْخ شفتيه، ورفع طرفه إلى السماء، فما استتم دعائه حتى سمعنا قائلا يَقُولُ: من ضاع منه شيء فلْيَصِفْه ويأخذه، فوصف لَهُ الرجل صفة متاعه، فسلّمه إِلَيْهِ، فَقَالَ الشَّيْخ: خذه وامض.

قَالَ ابن عِرَاك: فسألته عمّا دعا بِهِ، فَقَالَ: دعوت باسم اللَّه الْأعظم، فسألته أن يعلّمني إيّاه، فامتنع، ثم قَالَ لي: قل اللَّهمّ إنّا نسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام، الحي القيّوم، أحرزتُ نفسي بالحيّ الَّذِي لا يموت، وألجأت ظهري للحيّ القيّوم، لا إله إلا اللَّه نِعْم الغافر، اللَّه لَا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنتُ من الظّالمين، أفوّض أمري إلى اللَّه، لا حول ولا قوّة إلا باللَّه العليّ العظيم.

184-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يزيد، أَبُو الْحَسَن الحلبي القاضي الفقيه الشافعي، نزيل مصر2.

سَمِعَ: جدّه إِسْحَاق، وعَلِيّ بْن عَبْد الحميد الغضائري، وعَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الإمام، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، ومُحَمَّد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُورِي، ومُحَمَّد بْن الرّبيع الجيزي، وأَبِي بَكْر بن زياد النيسابوري، وجماعة سواهم.

1 ساقطة من الأصل.

2 العبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة "4/ 315".

ص: 248

رَوَى عَنْه: عَبْد الملك بْن عثمان الزّاهد، ورشأ بْن نظيف، والْحُسَيْن بْن عتيق التنيسي، وعَبْد الملك بْن عُمَر البغدادي الرّزّاز، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي، وآخرون.

قَالَ أَبُو "عَمْرو"1 الدّاني: رَوَى عَنِ ابن مجاهد كتاب السّبعة، وهو، وشيخنا أَبُو مسلم، آخر من بقي من أصحاب ابن مجاهد. وعُمِّر أَبُو الْحَسَن عمرًا طويلا، حتى نَيِّف عَلَى عشرٍ ومائة فيما بلغني.

قلت: وَرَّخ موته القاضي، وقَالَ: يقال إنّه وُلِد سنة خمسٍ وتسعين ومائتين قلت: فعلى هذا يكون قد عاش مائة سنة ونَيِّف سنة.

أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ سَهْلٍ الإِسْفِرَايِينِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الْأزْدِيُّ، أَنَا عَلِيّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَخِي الْإمَامِ بِحَلَبٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ حَبِيبٍ، يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِصِفَاتِ هَذِهِ الصَّلاةِ، صَلاةِ عِشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ. تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مِصْقَلَةٍ.

185-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن بْن العلاف البغدادي2 المُقرئ، والد أَبِي طاهر بْن العلاف، وجدّ أَبِي الْحَسَن الحاجب.

كاد أن "يقرأ"3 عَلَى ابن مجاهد، وابْن شنَّبُوذ، فإنّه وُلِد سنة عشرٍ وثلاثمائة، وعُنِيَ بالقراءات فِي كبره، وقرأ عَلَى النّقّاش، وبكّار بْن أحْمَد ورشد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، والْحَسَن بْن دَاوُد النّقّار، وعَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وسمع من أَبِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد الواعظ وجماعة، وتصدر للإقراء مدة، واشتهر وبعد صيته.

قرأ عَلَيْهِ: الحَسَن بْن مُحَمَّد القنطري، وَأَبُو عَلِيّ الشرْمَقاني، والْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو الفتح بْن شيطا، وآخرون. وثقه الخطيب.

1 في الأصل "عمر".

2 تاريخ بغداد "12/ 95"، والمنتظم "7/ 231".

3 في الأصل "يقوي".

ص: 249

"حرف القاف":

186-

قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن عَبَّاس، أَبُو مُحَمَّد بْن عَسْلُون القُرْطُبي الفَرَّاء1.

يقال: مات في السنة الماضية.

"حرف الميم":

187-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن بحير بْن نوح، أَبُو عَمْرو البحيري النيسابُوري المُزَكِّي2.

سَمِعَ: "أَبَاه"3 الْحُسَيْن، ويحيى بْن منصور القاضي، وعَبْد اللَّه بن محمد الكعبي، ومحمدًا، وعليًّا، وابني المؤمِّل بْن الْحَسَن، ورحل إلى العراق بعد الستين وثلاثمائة، فكتب عَنِ الموجودين.

رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وهو أكبر منه، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطيّ ومُحَمَّد بْن شعيب الرّوياني.

قَالَ الحاكم: كَانَ من حُفَّاظ الحديث المبرّزين فِي المذاكرة. تُوُفِّي فِي شعبان، وله ثلاثٌ وستون سنة.

قلت: رَوَى عَنْهُ ابنه سَعِيد أيضًا، وله أربعون حديثًا، سمعناها بعُلُوٍّ.

188-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْدَوس بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر الْأديب النَّحْوِيّ النيسابُوري الفقيه.

سَمِعَ: أَبَا عَمْرو الحيري، ومكّي بْن عَبْدان، وابْن الشرفي، وعمّه إِبْرَاهِيم بْن عَبْدَوس.

قَالَ الحاكم: عقدت لَهُ مجلس الْأملاء سنة ثمان وثمانين، وتُوُفِّي فِي شعبان سنة ستٍّ وتسعين.

قلت: رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وأبو القاسم القشيري، وأبو يعلى الصابوني.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 467".

2 العبر "3/ 61"، وشذرات الذهب "3/ 148"، والبداية والنهاية "11/ 336".

3 في الأصل "سمع إبراهيم".

ص: 250

"ومن هذه الطبقة":

"حرف الألف":

189-

أحْمَد بْن محمد بْن عَبْدَوس1، أَبُو بَكْر الحافظ النَسَوِي نزيل مَرْو.

سَمِعَ بدمشق: أَبَا القاسم عَلِيّ بْن أَبِي العَقب، وبُكَيْر بْن الْحَسَن الرّازيّ بمصر، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن يوسف الْجُوَيْني الفقيه، والْحَسَن بْن القاسم المَرْوَزِي، ومُحَمَّد بْن الْحَسَن المَرْوَزِي.

ومن طبقتهما:

190-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس الحاتمي، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري الفقيه الشافعي.

سَمِعَ: الْأصمّ، وجماعة. ومات فِي الكُهُولة فِي حياة أبيه، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان من الفُضَلاء.

أما:

191-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس العنزي الطرائفي صاحب عثمان بْن سعيد الدارمي، فقد ذكر في 346.

"حرف الميم":

192-

مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النيسابُوري المُطَّوِّعي الكيّال. أصله من جُرْجان.

سَمِعَ من: الْأصمّ، وأَبِي عَبْد اللَّه الصّفّار. وكان من الصّالحين.

193-

مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بْن المأمون، أَبُو بَكْر الهاشمي العباسي البغدادي2.

1 تهذيب ابن عساكر "2/ 66".

2 تاريخ بغداد "2/ 214"، والعبر "3/ 62"، والنجوم الزاهرة "4/ 215".

ص: 251

سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وأَبَا بَكْر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وجماعة، وهو جدّ أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وهبة اللَّه اللالكائي، وعَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن غالب العطّار، وجماعة. "وعاش"1 ستًا وثمانين سنة. وثّقه الخطيب.

194-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النَّضر، أَبُو بَكْر الديباجي البغدادي2.

سَمِعَ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعدان الواسطي، ومُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي. وعنه: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني. ووثّقه أَبُو الْحَسَن العتيقي.

195-

مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن خَلَف بْن زنبور، أَبُو بَكْر الوَرّاق3، من شيوخ بغداد.

حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، والقاسم البَغَوي، وعُمَر "الدُّوري"4، وابْن صاعد، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وجماعة آخرهم أَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي.

قَالَ الأزهري: ضعف في روايته عن البَغَوي. وسماعه من الدوري صحيح.

وقَالَ العتيقي: فِيهِ تَساهُل. وتُوُفِّي فِي صفر. وقَالَ الخطيب: كَانَ ضعيفًا جدًّا.

قلت: وهو راوي البعث لابن أَبِي دَاوُد، "والثاني"5 من مُسْنَد ابن مَسْعُود.

196-

مُحَمَّد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن مُعَلَّى بْن أَبِي ثَوْر، أَبُو عَبْد اللَّه الحضرمي الوراق6، من أهل قرطبة.

1 في الأصل "وعنه عاش".

2 تاريخ بغداد "3/ 92".

3 تاريخ بغداد "3/ 35"، والعبر "3/ 62".

4 في الأصل "الدربي".

5 في الأصل "الباني".

6 الصلاة لابن بشكوال "2/ 481".

ص: 252

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مَسْعُود بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وجماعة.

وكانت لَهُ عناية كبيرة بالرّواية، وكان صالحًا ثقة. ولد سنة سبع عشرة "وثلاثمائة"1.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس القاضي، وغيره. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر.

ذكره ابن بشكوال، وقد ذكره ابن الفَرَضِيّ فَقَالَ: سَمِعَ من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، وكان شيخًا صالحًا حَسَن المعرفة، ثقة. رحمه الله.

197-

مُحَمَّد بْن نصر بْن أحْمَد بْن مالك، أَبُو الْحَسَن القطيعي2.

رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول الْأزرق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وغيره وبقي إلى هذه السنة.

"حرف النون":

198-

نُجَيْح بْن سُلَيْمَان الخَوْلاني الْأندلسي، تُوُفِّي بالأندلس3.

"حرف الياء":

199-

ياسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ياسين بْن النَّضْر، أَبُو يوسف الباهلي النيسابُوري.

سَمِعَ: مكّي بْن عَبْدان، وجماعة. رَوَى عَنْهُ الحاكم في تاريخه.

وفيات سنة سبع وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

200-

أَصْبَغ بْن الفَرَج بْن فارس، أَبُو القاسم الطّائي القُرْطُبي المالكي4، من كبار المُفْتين بقُرْطُبَة.

1 في الأصل "سبع عشرة سنة وثلاثمائة".

2 تاريخ بغداد "3/ 320".

3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 157".

4 الصلة لابن بشكوال "1/ 107"، والعبر "3/ 63"، وشذرات الذهب "3/ 149".

ص: 253

كَانَ من أهل اليقظة والنَّباهة، بصيرًا بالفِقْه.

سَمِعَ من: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد المؤمن، وأَبِي مُحَمَّد الباجي.

وُلِّي قضاء بَطَلْيُوس، فأحسن السيرة، ومنهم من يقول: توفي سنة أربعمائة.

وكان أخوه حامد من الصُلَحاء القانتين، يُتَبَرَّك بلقائه، عاش بعد أخيه أَصْبَغ خمسةَ أعوام.

"حرف الحاء":

201-

الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ الصُّوفِي. قَالَ عَبْد الغافر: شيخ قديم، ثقة، كثير الحديث.

سَمِعَ: أَبَا بَكْر القطّان، وأَبَا حامد بن بلال، والأصم، وحدث.

"حرف الخاء":

202-

خَلَف بْن سُلَيْمَان، أَبُو القاسم بْن الحجَّام القُرْطُبي1. كَانَ مجوِّدًا لحرف نافع.

قرأ عَلَى: أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وكان عارفًا برسم المُصْحَف ونَقْطه، بارعًا فِيهِ، ولذلك قِيلَ لَهُ: خَلَف الناقط.

"حرف السين":

203-

سَعِيد بْن يوسف، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي القَلَعيّ2، من قلعة أيّوب.

رَوَى فِي الرحلة عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَمّار الدِّمْياطي، وإبراهيم بْن أَبِي غالب الْمَصْرِيّ، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: الصاحبان، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 161".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 211".

ص: 254

204-

سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن سيد أَبِيهِ، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي1.

حجّ وأكثر عَنْ أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وحمزة بْن مُحَمَّد الكتّاني، ولقي بالقَيْروَان عَلِيّ بْن مسرور، وتميم، وكان صالحًا زاهدًا متبتّلا مجاهدًا، أجاز الخَوْلاني فِي هذه السنة.

وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة.

"حرف العين":

205-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفرج بْن مَتَّوَيْه القِزْوِيني، الفقيه النّسّابة الحافظ. كَانَ متفنّنًا فِي العلوم.

سَمِعَ: عَلِيّ بْن مِهْرَوَيْه، وفي الرّحلة من إسماعيل الصفار، وعبد الله بن شَوْذب الواسطي، وجماعة. ووُلِّي قضاءَ خُراسان، وعاش بِضْعًا وسبعين سنة.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه.

206-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن دَاوُد، أَبُو مُحَمَّد المَدِيني. شيخ صالح، يَرْوِي عَنِ ابن داسَة.

وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وسعيد السعداني. مات فِي رجب سنة سبعٍ وتسعين.

207-

عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن يحيى، أَبُو يَعْلَى الدّبّاس. بغدادي ثقة2.

روى عن: القاضي المحاملي. روى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وابْن العريف، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ.

208-

عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الشّاشي الخانكاهي المذكِّر.

سَمِعَ من الْأصمّ وطبقته فِي ذي القعدة.

209-

عَبْد الرَّحْمَن بْن المُزَكِّي، أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو الْحَسَن النيسابوري3.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 211، 212".

2 تاريخ بغداد "10/ 171".

3 تاريخ بغداد "10/ 302".

ص: 255

حدث بنيسابُور وبغداد، عَنْ: مُحَمَّد بْن حفص بْن عَمْرو بْن الشرفي وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر القطّان، وأَبِي حامد بْن بلال، وجماعة، وخرّجوا عَنْهُ الفوائد.

قَالَ الحاكم: تُوُفِّي فِي شعبان، وكان من عقلاء الرجال العُبَّاد.

وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن طلحة.

قلت: وروى عَنْهُ عُمَر بْن أحْمَد النيسابُوري الحوري، وَأَبُو أحْمَد بْن منصور المقرئ.

210-

عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أحْمَد بْن حمة، أبو الحسن البغدادي الخلال1.

سَمِعَ: المَحَامِلي، وابْن عُقْدة، وعَبْد الغافر بْن سلامة، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: البَرْقَاني، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المعتدي باللَّه، وطائفة.

وثّقه الخطيب، وعنده جملة كثيرة من مُسْنَد يعقوب بْن شَيْبَة، سمعه من حفيده، وقد مرّ أَبُوهُ فِي سنة 36.

211-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم بْن الحاكم أَبِي أحْمَد الْأنماطي المُزَكِّي. نيسابوري، ثقة جليل.

رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأقرانه. تُوُفِّي يوم الشَّك.

212-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه، أَبُو المُطَرِّف الرُّعَيْنِي القُرْطُبي المعروف بابن المَشَّاط2.

أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وسمع من: خَلَف بْن قاسم وغيره، وكان فاضلا رئيسًا عالمًا متصلا بالدولة، نفق عَلَى المنصور مُحَمَّد بْن أَبِي عامر، ووُلِّي قضاء بَلَنْسِية وغيرها.

تُوُفِّي فجأة فِي جمادي الآخرة، وصلّى عَلَيْهِ والده الثَّكْلان بِهِ، وعاش بعده عامين.

1 تاريخ بغداد "10/ 301"، والمنتظم "7/ 234".

2 الصلة لابن بشكوال "307".

ص: 256

213-

عَبْد الصَّمد بْن عُمَر، أَبُو القاسم الدِّينَوَرِي، ثم البغدادي الواعظ1.

رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر النّجّاد.

قَالَ الخطيب: ثنا عَبْد العزيز الْأزْجِي، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ، قَالَ: وكان ثقة زاهدًا أمَّارًا بالمعروف، ناهيا عَنِ المنكر، صاحب مجاهدات وأوراد ومقامات، وإليه تُنْسَب الطّائفة المعروفة بأصحاب عَبْد الصّمد.

قلت: وكان ببغداد فِي زماننا الشَّيْخ عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش المقرئ الصّالح، لَهُ أصحاب منهم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد الرّقّي الزّاهد، رحمة اللَّه عَلَيْهِ، والشيخ أَبُو بَكْر المقصاتي المقرئ، وجماعة يُنْسَبُون إِلَيْهِ أيضًا.

214-

عَبْد الكريم بْن أحْمَد بْن أَبِي جدار، أَبُو الْحَسَن الْمَصْرِيّ، شيخ مسند.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وغيره.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وجماعة. تُوُفِّي فِي سلْخ رجب.

215-

عَبْد الملك بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بْن معقل بْن الحجّاج، أَبُو مروان النَّسفي.

شيخ ثقة، وُلِد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وسمع من الطّرخاني، ونصر بْن مكّي، وخلف بْن الفتح، والهَيْثَم بْن كُلَيْب. رَوَى عَنْهُ المُسْتَغْفِري فِي تاريخه.

216-

عاصم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو نصر بْن أَبِي حاتم الهَرَوِي، وليس هُوَ بالمعصمي. تُوُفِّي فِي شَعْبان.

- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عَلِيّ النيسابُوري الشّاهد الحذّاء.

سَمِعَ: الْأصمّ، وقتيبة، وطبقته، وحدّث.

217-

عَلِيّ بْن أحْمَد بْن طَالِب المعدِّل2.

رَوَى عن: أبي سعيد العدوي.

1 تاريخ بغداد "11/ 43"، والبداية والنهاية "11/ 337"، والمنتظم "7/ 235".

2 تاريخ بغداد "11/ 325".

ص: 257

حدث عنه: القاضي، أبو عبد الله الصيمري، وكان معتزليا، صنف في الرد على الرافضة.

توفي في سنة سبع وسبعين ظنا في هذه السنة، أو في التي قبلها.

218-

علي بن عمر الفقيه، أبو الحسن بن القصار البغدادي المالكي1.

روى عن: عَلِيّ بْن الفضل السّتُوري، وغيره.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه وغيرهما. ووثقه الخطيب كَانَ من كبار المالكيّة ببغداد. تفقّه عَلَى القاضي أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي.

قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشيرازي2: لَهُ كتاب فِي مسائل الخلاف كبير، لا أعرف لهم كتابًا فِي الخلاف أحسن منه. وقَالَ القاضي عياض: كَانَ أُصُوليا نَظَّارًا، وُلِّي قضاءَ بغداد.

وقَالَ أَبُو ذَرّ: هُوَ أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقةً، قليل الحديث. تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ وتسعين.

قلت: الصّحيح وفاته فِي هذه السنة، في ثامن من ذي القعدة. ضبطه ابن أَبِي الفوارس فِي الوَفَيَات لَهُ.

219-

عَلِيّ بْن معاوية بْن مصلح، أَبُو الْحَسَن الْأندلسي3.

حجّ وسمع: أَبَا حفص عُمَر بْن أحْمَد الْجُمَحي، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الدَّيْبُلي، والآجري، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني الحافظ، وأَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، والْحَسَن بْن الخضر، وسمع بقُرْطُبَة من خَالِد بْن سعد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وبمدينة الفرج من وهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن سعد.

قَالَ ابن بشكوال: كَانَ شيخًا فاضلا، ثقة فيما رَوَاهُ. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا. حدّث عَنْهُ الصّاحبان، وتُوُفِّي فِي رجب، وكان مولده سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.

220-

عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أبو سعد الهروي، خال القراب.

1 تاريخ بغداد "12/ 41"، والعبر "3/ 64"، والنجوم الزاهرة "4/ 217".

2 طبقات الفقهاء "168".

3 الصلة لابن بشكوال "2/ 411".

ص: 258

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُرَيْش بْن سُلَيْمَان. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاق القراب، وحمزة ابن فضالة. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة.

"حرف الميم":

221-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه الوشّاء الفقيه المالكي الزّاهد، كبير المالكية بمصر.

أخذ عَنْ أَبِي إِسْحَاق مُحَمَّد بْن القاسم بْن شعبان الْمَصْرِيّ وغيره، ورحل النّاس إِلَيْهِ، وكان قويّ النّفس، شديد المبايَنَة لبني عُبَيْد أصحاب مصر.

آخذ عَنْهُ أَبُو عمران الفاسي، وَأَبُو مُحَمَّد الشنتجاني، وَأَبُو مُحَمَّد بْن غالب السّبْتي.

قَالَ الحبّال: تُوُفِّي فِي تاسع جُمادى الآخرة.

222-

مُحَمَّد بْن سَعِيد البُوسَنْجي، قاضي بوسَنْج وخطيبها، قُتِل غِيلةً فِي رمضان.

223-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان1 بْن جَعْفَر، أَبُو الْحَسَن العبدي البغدادي العطار.

سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والقاسم، والْحُسَيْن، ابنَيِ المَحَامِلي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي. قَالَ العتيقي: هُوَ ثقة مأمون. مات فِي صفر. رَوَى عَنْهُ ابن المهتدي باللَّه.

224-

مُوسَى بْن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو مُحَمَّد اليَحْصُبِي القُرْطُبي، ويُعْرَف بالولد، الفقيه المالكي2.

سَمِعَ: قاسم بْن مُحَمَّد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، ودرّس الفقه، وتقلد الشُورَى.

قَالَ ابن الفَرَضِيّ: نسب إليه تخليط كثير عرف به.

1 تاريخ بغداد "3/ 230"، وفيه "سلمان".

2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 150".

ص: 259

"حرف النون":

225-

النُّعْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن النُّعْمَان، أَبُو نصر الْجُرْجَاني التّاجر، نزيل نيسابُور1.

سَمِعَ: أَبَا طاهر مُحَمَّد بْن الْحَسَن المحمداباذي، والأصمّ، وأَبَا يعقوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم النَّحْوِيّ الْجُرْجَاني، وتفقه عَلَى أَبِي بَكْر الإسماعيلي، وسمع بآمل من أصحاب أَبِي حاتم الرّازي، وأكثر عَنِ ابن عَدِيّ.

رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم.

"الكنى":

226-

أَبُو سهل بْن أَبِي بشْر، هُوَ مُحَمَّد بْن هارون النيسابُوري.

سَمِعَ: أَبَا بَكْر القطّان والأصمّ.

تُوُفِّي فِي رجب.

227-

أَبُو سهل مُحَمَّد بْن يحيى النيسابُوري الواعظ.

سَمِعَ من: الْأصمّ، وأَبِي سهل القطّان. مات فِي صفر.

228-

أَبُو الْعَبَّاس بْن واصل2.

كَانَ يخدم فِي الكَرْخ، وكانوا يقولون: إنك تملك ويهزءون بِهِ، ويقول بعضهم: إنْ صرت، ملكًا فاستخدمني، ويقول الآخر: اخلع عليَّ، فآل أمره إلى أن ملك سِيراف، ثم البصْرة، ثم قصد الْأهواز، وحارب السلطان بهاء الدولة وهزمه، ثم تملك البطيحة، وأخرج عَنْهَا مهَّذب الدولة عَلِيّ بْن نصر إلى بغداد، فنزح مهذَّب الدولة بخزائن، فأخذت فِي الطّريق، واضطر إلى أن ركب بقرة، واستولى ابن واصل عَلَى داره وأمواله، ثم إنّ فخر المُلْك أَبَا غالب قصد ابن واصل، فعجز عَنْ حربه، واستجار بحسّان الخَفَاجي، ثم قصد بدر بْن حَسْنَوَيْه، فقتل بواسط في صفر، والله أعلم.

1 تاريخ جرجان "480".

2 المنتظم "7/ 236"، والعبر "3/ 64"، والبداية والنهاية "11/ 338".

ص: 260

وفيات سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

229-

أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بْن سهل، أَبُو بَكْر بْن إِسْحَاق الهَرَوِي القرّاب الشهيد.

سَمِعَ: أَبَا عَلِيّ بْن درزين الباشاني، وغيره.

وعنه: شيخ الْإسلام إِسْمَاعِيل الصّابوني، وَأَبُو العلاء صاعد بْن منصور، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأزْدِيّ، وَأَبُو عاصم مُحَمَّد بْن أحْمَد العبّادي الفقيه، وجماعة.

230-

أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو الْعَبَّاس البُرُوجِرْدِي1، الوزير "لفخر"2 الدولة أَبِي الْحَسَن بْن بُوَيْه. كَانَ يلقّب بالأوحد الكافي، وكان أديبًا شاعرًا.

تُوُفِّي فِي صفر، وأُخرِج تابوته، وشيّعه الكبار والأشراف، وحُمِل إلى مشهد كَرْبَلاء، ودُفن بِهِ، وكان يتشيّع، وسافر مَعَ تابوته جماعة.

231-

أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن يحيى بْن سَعِيد، أَبُو الفضل الهَمَذَاني الملقّب ببديع الزّمان3، صاحب الرّسائل الرائعة، وصاحب المقامات التي عَلَى منواليها صنّف الحريري، واعترف لَهُ بالفضل.

ومن كلامه: "الماء إذا طال مُكْثُه ظهر خُبْثُه، وإذا سكن مَتْنُهُ تحرّك نَتْنُه".

"الموت خطْب قد عُظم حتى هان، ومَسُّ قد خُشن حتّى لان".

"والدنيا قد تنكّرت حتى صار الموت أخفّ خُطُوبها، وخَبُثَتْ حتى صار أصغر ذنوبها، فانظر يَمْنَةً هَلْ ترى إلا محنة، ثم انظر يَسْرَةً، هَلْ ترى إلا حَسْرَةً".

ومن رسائله البديعة، وكان قد جرى ذِكْره فِي مجلس شيخه أَبِي الْحَسَن بْن فارس فَقَالَ ما معناه: إنّ بديع الزمان قد نسي حق تعليمنا إيّاه وعَقَّنَا، وطمح بأنفه عنّا، فالحمد لله عَلَى فساد الزّمان، وتَغَيُّر نَوْع الْأنْسَان. فبلغ ذَلِكَ بديعَ الزّمان، فكتب إِلَيْهِ: نعم، أطال اللَّه بقاء الشَّيْخ الإمام، إنّه الحمأ المسنون، وإن ظننت به الظنون،

1 المنتظم "7/ 240"، والكامل "9/ 209".

2 في الأصل "فخر".

3 البداية والنهاية "11/ 340"، وسير أعلام النبلاء "7/ 67"، والعبر "3/ 67".

ص: 261

والناس لادم، وإن كَانَ العهد قد تَقَادَم، وتركبت الأضداد، واختلاف البلاد، والشيخ يقول: فسد الزمان، وأفلا يَقُولُ: مَتَى كَانَ صالحًا فِي الدّولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أوّلها أم المدّة المَرْوَانية، وفي أخبارها.

لا تكسع الشول بأغبارها

أم السّنين الحربيّة

والسيف يُعقَد فِي الطّلى

والرُّمْحُ يُركز فِي الكلَى

ومبيت حجر بالمَلا

وحرتان وكربلا

أم البيعة الهاشميّة، والعشرة برأس من بني فِراس، أَم الْأيّام الْأمَوية، والنّفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الْأعجاز، أم الْأمارة العَدَوِيّة، وصاحبها يَقُولُ: هَلُمّ بعد البزول إلى النزول، أم الخلافة التَيْميّة، وهو يَقُولُ: طُوبى لمن مات فِي نأنأة الْإسلام، أَمْ عَلَى عهد الرسالة ويوم الفتح، قِيلَ: اسكُني يا فلانة، فقد ذهبت الْأمانة. أَمْ فِي الجاهلية، ولَبِيدُ فِي خَلْفٍ كجِلْد الْأجرب، أمْ قبل ذَلِكَ، وأخو عادٍ يَقُولُ:

إذ النّاس ناسٌ

والبلاد بلاد

أمْ قبل ذَلِكَ، وآدم فيما يقول:

تغيرت البلاد ومَن عليها

أمْ قبل ذَلِكَ والملائكة تَقُولُ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] ما فسد النّاس، إنّما اطّرد القياس، لا أظلمت الأيام، إنما امتدّ الظلام، وهل يفسد الشيء إلا عَنْ صَلاح، ويُمسي المرء إلا عَنْ صباح؟ وإنّي عَلَى توبيخ شيخنا لي، لَفَقِيرٌ إلى لقائه، شفيق عَلَى بقائه، مُنْتَسِبٌ إلى ولائه، شاكر لآلائه، لا أجْلُ حريدًا عَنْ أمره، ولا أقْلُ بعيدًا عَنْ قلبه، وما أُنْسِيتُه ولا أنساه.

إن له علي كل نعمة خولنيها اللَّه ثارا

وعَلَى كل كلمة علّمنيها اللَّه منارا

ولو عرفت لكتابي موقعًا من قلبه، لاغتنمت خدمته بِهِ، ولَرَدَدْتُ إِلَيْهِ سُؤْر كاسه وفضل أنفاسه، ولكني خشيت أن يَقُولُ: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا.

وله، أيّده اللَّه العُتْبَى والمَوَدَّة فِي القُرْبى، والمرباع، وما نالَه الباع، وما ضمّه الجلد، وضمّنه المشط. ليست رضًى، ولكنها جلّ ما أملك اثنتان، أيّد اللَّه الشَّيْخ الإمام، الخراسانية والإنسانية، وإن لم أكن خُرَاسانيّ الطّينة، فإنّي خراساني المدينة،

ص: 262

والمؤمن حيث يوجد، لا من حيث يولد، فإذا أصاب إلى خُرَاسان، ولادة هَمَذَان، ارتفع القلم، وسقط التكليف، فالْجُرْح جَبار، والجاني حمار، ولا جنّة ولا نار، فليحملني عَلَى هِنَاتي، أَلَيْس صاحبنا يَقُولُ:

لا تلُمني عَلَى ركاكة عقلي

إن تيقّنْت أنّني هَمَذَاني

والسلام.

وله فِي كتاب: والبحر وإن لم أره. فقد سَمِعْتُ خبره. واللَّيْث وإنْ لم ألقه. فقد بصرت خلقه.

والملك العادل وإن لم أكن لقيته. فقد بلغني صيتُه. ومن رَأَى من السيف أثره، فقد رَأَى أكثره.

والحضرة وإن أحتاج إليها المأمون، وقصدها. ولم يستغن عَنْهَا قارون، فإن الْأحبّ إليّ أنْ أقصدها، قصد موال. والرجوع عَنْهَا بجمال، أحبّ إليّ من الرّجوع عَنْهَا بمال، قدّمت التعريف، وأنا أنتظر الجواب الشريف. فإن نشط الْأمير، لضَيْفٍ ظلُّه خفيف، وضالّته رغيف، فعل، والسّلام.

وله:

إنّا لقُرْب دار مولانا

كما طَرِب النَّشْوان مالت بِهِ الخمرُ

ومن الارتياح للقائه1

كما انتفض العصفور بلّله القَطْرُ

ومن الامتزاج بولائه

كما التقت الصَّهْباء والبارد العذْبُ

ومن الابتهاج بمزاره

كما اهتزّ تحت البارح الغُصْن الرَّطب

ومن شعره:

وكاد يحكيك صوبُ الغَيْثِ مُنْسَكبًا

لو كَانَ طَلْقَ المُحَيَّا يمطر الذَّهَبَا

والدَّهرُ لو لم يخن والشمس لو نطقت

والليث لو لم يُصَد والبحر لو عَذُبا

وأول هذه القصيدة:

عَلَى أنْ لا أُرِيح العِيس والقتبا

وألبس البيد والظلماء واليلبا

1 في الأصل "إلى لقائه".

ص: 263

واترك الفؤاد معسولا مقبلها

واهجر الكاس تغزو شربها طَرَبَا

وطفلة كقضيب البان منعطفًا

إذا مشت وهلال العيد منتقبا

تظل تنثر من أجفانها حَبَبَا

دوني وتنظم من أسنانها حَبَبَا

فأين الذين أعدُّوا المال من ملك

ترى الذخيرة ما أعطى وما وهبا

ما اللَّيْث مختطمًا والسَّيُل مرتطمًا

والبحر ملتطما والليل مقتربا

أمضى شبًا منك أَدْهَى منك صاعقة

أجدى يمينًا وأدنى منك مُطَّلَبا

يا من تراه ملوك الْأرض فوقهم

كما يرون عَلَى أبراجها الشُّهُبَا

لا تكذبنّ فخيرُ القولِ أصدقُه

ولا تهابه فِي أمثالها العربا

فما السمؤل عهدًا والخليل قرى

ولا ابن سُعدى أَمَة والشنفرى غلبا

من الْأمير بمعشار إذا اقتسموا

مآثر المجد فيما أسلفوا نهبَا

ولا ابن حجر ولا ذبيان يعسرني

والمازني ولا القَيْسي منتدبَا

هذا لرَكْبَته وذا لرهبته

وذا لرغبةٍ أو ذا إذا طربا

وهي من غرر القصائد لولا ما شانها بإساءة أدبه عَلَى خليل اللَّه عليه السلام، وما ذاك ببعيد من الكُفْر.

تُوُفِّي البديع الهَمَذَاني بهَرَاة فِي حادي عشر جُمادى الآخرة مسمومًا.

وقيل: مات بالسَّكْتة، وعُجِّل دفْنُه، وأَنَّهُ أفاق فِي قبره، وسُمِع صوتُه بالليل، وأَنَّهُ نُبِش، فوُجِد وقد قبض عَلَى لحيته من هول القبر، وقد مات، رحمه الله.

232-

أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفرج، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني الشافعي الفقيه1، المعروف بابن لال.

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، والقاسم بْن أَبِي صالح، وعَبْد الرَّحْمَن الخلال، وموسى الفرّاء، وعَبْد اللَّه بْن أحْمَد الزَّعْفَراني من أهل هَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَبْد الرَّحْمَن الطيشي، وعَبْد الباقي بْن قانع، وعثمان بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن شَوْذَب الواسطي، وعَلِيّ بْن الفضل الستوري، وجماعة بالعراق، وأبي سعيد أحمد بن محمد بن

1 تاريخ بغداد "4/ 318"، والعبر "3/ 67"، وسير أعلام النبلاء "17/ 75".

ص: 264

الْأعْرابي بمكّة، وحفص بْن عُمَر الْأردبيلي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عامر النَّهَاوَنْدِي، وأَبِي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وأَبِي بَكْر بْن مَحْمَوَيْه العسكري، وأَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان.

رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن عبّاد الدِّينَوَرِي، وَأَبُو الفرج عَبْد الحميد بْن الْحَسَن القضاعي، وَأَبُو الفرج البَجَلي، وخلق كثير من أهل همذان، ومن الواردين عليها، وكان إمامًا ثقةً مُفْتِيا.

قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة، أوحد زمانه، مفتي البلد، يعني هَمَذَان، يُحْسِن هذا الشأن، لَهُ مصنّفات فِي علوم الحديث، غير أنّه كَانَ مشهورًا بالفقه، ورأيت لَهُ كتاب "السنن ومعجم الصحابة"، ما رَأَيْت شيئًا أحسن منه. وُلِد سنة ثمانٍ وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي سادس عشر ربيع الآخر، سنة ثمانٍ وتسعين، والدعاء عند قبره مُسْتَجَاب. وسمعت يوسف بْن الْحَسَن التفكري، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بندار الفَرَضِيّ بزنْجان يقول: ما رأيت قطّ، مثل أَبِي بَكْر بْن لال، وسمعت أَبَا طَالِب الزّاهد يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيد الشكلي وأَبَا الْحَسَن بْن حُمَيْد يقولان: كثيرًا ما سمعنا أَبَا بَكْر بْن لال يَقُولُ في دعائه: لا تحييني في سنة أربعمائة. قالا: فمات سنة تسعٍ وتسعين.

233-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحافظ، أَبُو نصر الكلاباذي1، وكلاباذ محلّة من بُخَارَى.

سَمِعَ: الهَيْثَم بْن الكليب الشاشي، وعَلِيّ بْن محتاج، وأَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد البغدادي، وعَبْد المؤمن بْن خلف النَّسَفي، ومُحَمَّد بْن محمود بْن عنبر، وجماعة.

قال جعفر المُسْتَغْفِري بعد أن رَوَى عَنْهُ: هُوَ أحفظ مَن بما وراء النّهر اليوم فيما أعلم، ومات فِي جُمادى الآخرة، عَنْ خمسٍ وسبعين سنة.

وقَالَ الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه: أَبُو نصر الكلاباذي الكاتب من الحُفّاظ، حَسَن الفَهْم والمعرفة، عارفٌ بصحيح الْبُخَارِيّ، وكتب ما وراء النّهر وبخُراسَان والعراق، وجدْت شيخنا أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ قد رضي فهْمَه ومعرفته، وهو متقِن ثَبْت. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله.

1 تاريخ بغداد "4/ 434"، والعبر "3/ 67"، وسير أعلام النبلاء "17/ 94".

ص: 265

قلت: رَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ فِي كتاب "المُدَبّج"، والحاكم، وله مصنَّف مشهور فِي أسماء رجال صحيح الْبُخَارِيّ وتراجمهم، وحديثه عزيز الوقوع.

234-

أحْمَد بْن هشام بْن أُمَيّة، أَبُو عُمَر الْأمويّ القرطبي1.

سمع: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مَسَرَّة، ورحل إلى المشرق، وصحب هناك أَبَا مُحَمَّد بْن أسد، وأَبَا جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبَا عبد اللَّه بْن مُفَرّج، وانصرف إلى الْأندلس، والتزم الْأمامة والتأديب، وانْتُدِب لأعمال البِرّ والطّاعة والجهاد.

رَوَى عَنْهُ: الخَوْلاني، وابْن الفَرَضِيّ، وجماعة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة.

235-

إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب، أَبُو إِسْحَاق النيسابُوري الفقيه الواعظ.

أملى مدَّة عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الأصم. وأقرانه. وتوفي في شعبان.

"حرف الحاء":

236-

الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن حمدان العَنَزِي الْجُرْجَاني، أَبُو عَبْد اللَّه الوَرّاق الفقيه2.

طَوَّف البلادَ، وسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ.

رَوَى عنه: حمزة السَّهْمي، وسليم الرّازي، وَأَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي، وآخرون.

تُوُفِّي فِي رمضان.

237-

الْحُسَيْن بْن هارون بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الضّبّي البغدادي3.

وُلِّي القضاء بربع الكَرْخ، ثم أضيف إلى قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة.

رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، والمَحَامِلي، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجَاني،

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 13".

2 تهذيب التهذيب "4/ 289"، والكامل "9/ 209"، وتاريخ جرجان "200".

3 تاريخ بغداد "8/ 146"، والمنتظم "7/ 240"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1028"، وسير أعلام النبلاء "17/ 96".

ص: 266

وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي المقرئ، ومُحَمَّد بْن صالح بْن زياد القُهُسْتاني، وغيرهم، وأملي عدّة مجالس.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النّقّور وجماعة.

وكان ذهبت كتبه، إلا جزأين من سماعه من أحْمَد الْأدمي، وابْن عُقْدة. قال الخطيب. وقَالَ: أَنَا عَبْد الكريم المَحَامِلي، أَنَا الدَّارَقُطْنيّ، قَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الضَبّي، غاية الفضل والدين، عالم بالأقضية، ماهر بصناعة المحاضر والترسُّل، موفق فِي أحواله كلّها.

وقَالَ البَرْقَاني: حُجّة فِي الحديث، وأيّ شيء كَانَ عنده من السماع جزأين، والباقي إجازة1.

مات بالبصرة في شوال.

"حرف السين":

238-

سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زهير، أَبُو عثمان الكلبي الْأندلسي2.

سكن إشبيلية، وحدّث عَنْ وَهْب بْن مَسَرَّة، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وغيرهما.

قَالَ ابن بشكوال: كَانَ صالحًا زاهدًا، مائلا إلى الآخرة، واسع البِرّ، وأَنَّهُ كثير العناية بالعِلْم، ومعاني الزُّهْد.

روى عنه الناس، وأجاز الخولاني في سنة ثمانٍ وتسعين، وذكر أن مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

239-

سُلَيْمَان بْن الفتح المَوْصِلي.

يُكْتَب هنا، وتقدّم فِي سنة 393.

"حرف العين":

240-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو محمد البخاري الفقيه الشافعي، المعروف

1 تاريخ بغداد "8/ 147".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 214".

ص: 267

بالبافي1، نزيل بغداد، تفقه عَلَى أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْوَزِي، وبرع فِي المذهب، وكان ماهرًا بالعربيّة، حاضر البديهة، حلو النَّظْم، وهو من أصحاب الوجوه، تفقّه بِهِ جماعة.

قَالَ الخطيب: أنشدنا أَبُو القاسم التنوخي، أنشدني أبو مُحَمَّد البافي لنفسه:

ثلاثة ما اجتمعن فِي رَجُل

إلا وأسلمنه إلى الْأجلِ

ذلّ اغترابٍ وفاقةٍ وهَوَى

وكلّ سائق عَلَى عَجَلِ

يا عاذل العاشقين إنّك لو

أنصفت رفهتهم عَنِ العذْلِ

وقصد البافي صديقًا فلم يجده، فطلب دواةً، وكتب لَهُ:

قد حضرنا وليس يقضي التلاقي

نسأل اللَّه خيرَ هذا الفراقِ

إن تغِبْ لم أغِبْ وإن لم تغب غبـ

ـت وكان افتراقنا باتّفاقِ

أثنى عَلَيْهِ الخطيب وقَالَ: كان من أفقه أهل وقته فِي المذهب، بليغ العبارة مع عارضة وفصاحة، يعمل الخُطَب، ويكتب الكُتُب الطويلة، من غير روّية.

تُوُفِّي البافي، رحمه الله، فِي المحرَّم.

241-

عَبْد الواحد بْن نصر بْن مُحَمَّد، أَبُو الفرج المخزومي النَّصِيبي الشاعر2، المعروف بالبَبَّغَاء، خدم سيفَ الدولة بْن حمدان.

قَالَ الخطيب: كَانَ شاعرًا مجودًا، وكاتبًا مترسِّلا، جيّد المعاني، حَسَنَ القول فِي المديح والغزل، ومن شعره:

يا من تشابه من الخَلْق والخُلُق

فما تسافِر إلا نحوَه الحَدَقُ

توريدُ دمعي من خدَّيك مختلس

وسُقْمُ جسمي من جَفْنَيْك مُسْتَرَقُ

لم يبق لي رَمَقٌ أشكو إليك بِهِ

وإنما يتشكّى من بِهِ رَمَقُ

وله:

استودعُ اللَّه قومًا ما ذكرتهم

إلا وضعت يدي لَهْفًا عَلَى كبدي

1 تاريخ بغداد "10/ 139"، والمنتظم "7/ 240"، والعبر "3/ 68"، وسير أعلام النبلاء "17/ 68".

2 تاريخ بغداد "11/ 11"، والبداية والنهاية "11/ 340"، وسير أعلام النبلاء "17/ 91".

ص: 268

تبدّلوا وتبدّلنا وأَخْسَرُنا

من ابتغى خلفًا يسلى فلم يجد

طمعت ثم رأيت أجمل اليأس بي

تنزُّهًا فخصمت الشوق بالْجَلَدِ

وقَالَ أَبُو مُحَمَّد الجوهري: أنشدني البَبَّغاء لنفسه، ومرة قَالَ: أنشدنا ابن الحَجَّاج:

كثير التلوّن فِي وعده

قليل الحُنُوِّ عَلَى عَبْدِهِ

يموج الكثيب إلى رِدْفه

وينمي القضيب إلى قدِّهِ

ولما بدا الروض في عارضيه

واشتعل الوردُ فِي خدِّهِ

بعثت بقلبي مستعديا

عَلَى وجنتيه فلم تُعدِهِ

وخلَّفته عنده موثقًا

فما لي سبيل إلى ردّه

وله:

وكأنّما نقشَتْ حوافرُ خَيْلِه

للناظرين أهِلَّةٌ فِي الْجَلْمَدِ

وكأن طَرْفَ الشمس مطروفٌ وقد

جُعِل الغُبارُ لَهُ مكانَ الْأثْمِدِ

وله:

أَوَليس من إحدى العجائب أنَّني

فارَقْتُه وحَنَّيْت بعد فراقه

يا من يحاكي البَدْرَ عند تمامه

ارْحَمْ فتًى يحكيه عند مَحاقِه

تُوُفِّي فِي شعبان سنة ثمانٍ، ولقّبوه بالبَبَّغَاء لفصاحته، وقيل: للثْغَة فِي لسانه.

عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو القاسم الصَّيْدلاني المقرئ البغدادي1.

سَمِعَ: من ابن صاعد مجلسين، وهو آخر من حدّث عَنْهُ من الثّقات، قاله الخطيب.

وسمع: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري ومن بعده.

رَوَى عَنْهُ: هبة الله بن الحسن اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وخلق كثير يطول ذكرهم.

1 تاريخ بغداد "10/ 378"، والعبر "3/ 769"، والبداية والنهاية "11/ 340".

ص: 269

وقَالَ العتيقي: كَانَ ثقة مأمونًا، تُوُفِّي فِي رجب، وقد جاوز التّسعين بقليل، رحمه الله.

243-

عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن عَلِيّ، أَبُو زُرْعَة الصّيْدَلانِي البنّاء1.

سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، والعتيقي، وابْن المهتدي، وجماعة. ووثّقه عُبَيْد اللَّه الْأزهري.

تُوُفِّي فِي عشر التسعين.

244-

عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو الْحَسَن الهَمَذَاني البيّع، المعروف بأقلب خفّ.

رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بن حمدان، وأبي جعفر بن عُبَيْد الله، والفضل الكندي.

روى عنه: أبو الفرج البجلي، وأحمد بن عيسى، وجبريل بن علي البزار.

قال شيرويه: صدوق.

245-

علي بن عبد الملك بن عباس، أبو طالب القزويني النحوي2.

أخذ الناس عنه العربية، وأبو يعلى الخليل بن عبد الله، وغيره، وقد حدّث عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن سَلَمة القطّان.

246-

عَلِيّ بْن عَبَادِل، أَبُو حفص الرُّعَيْني الْأندلسي، من كورية. أحد الزُّهّاد المتبتّلين، والعلماء الرّاسخين.

كَانَ بصيرًا بمذهب مالك، إمامًا متواضعًا، يحرث أرضه، ويحتطب، ويمتهن نفسه. محِب الفقيه مُعَوَّذ الزّاهد.

247-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري المقرئ المعروف بالخُبَاري صاحب التصنيف.

1 تاريخ بغداد "10/ 379"، والمنتظم "7/ 241".

2 بغية النحاة "2/ 78".

ص: 270

"حرف الميم":

248-

محمد بْن أحمد بْن حاتم الفقيه، أَبُو حاتم الطُّوسي.

رحل وسمع من: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي بَكْر بْن راشد. وتُوُفِّي بالطّالقان فِي ذي الحِجَّة.

249-

مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو عَبْد اللَّه الْأملي1.

حدّث فِي هذه السنة بجُرْجَان عَنْ: أحْمَد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عتبة الرّازي، نزيل مصر.

250-

مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن مَرْدَوَيْه، أَبُو عَبْد اللَّه الْإصبهاني2، أخو الحافظ أَبِي بَكْر.

كَانَ إمامًا فِي الفقه والأصول، وتخرّج عَلَيْهِ جماعة، ومضى حميدًا سديدًا.

وروى عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأبي الحسن أحمد بن محمد الكناني.

251-

محمد بن يحيى، أبو عبد الله الجرجاني الفقيه الحنفي3، فلج في آخر أيامه، ودفن إلى جانب قبر أبي حنيفة، رحمه الله.

وقد روى الحديث عَنْ: أَبِي أحْمَد الغطريفي، وعَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق البصْري.

روى عنه: أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي، وأبو سعد السمان الرازي.

وتفقه على أبي الحسين القدوري. توفي في العشرين من رجب، واسم جده مهدي.

252-

مفلح، أبو صالح الخادم4.

ولي أمر دمشق للحاكم، مدة خمس سنين، وصرف في هذه السنة، بعلي بن فلاح.

1 تاريخ جرجان "433".

2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 307".

3 تاريخ بغداد "3/ 33"، والبداية والنهاية "11/ 340".

4 ذيل تاريخ دمشق "58"، واتعاظ الحنفا "2/ 46".

ص: 271

253-

مظفر بن نظيف1. روى عَنِ المَحَامِلي، وابْن مخلد، وكان كذابًا.

"الكنى":

254-

أبو سهل النيسابوري الزاهد، المعروف بالبقال.

روى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر النّجّاد، وجماعة. ووعظ وحدّث سنين. تُوُفِّي فِي صفر.

وفيات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة:

"حرف الألف":

255-

أحْمَد بْن أَبِي أحْمَد2، أَبُو عَمْرو الفراتي الْأسْتَوائي الزّاهد الواعظ.

حدّث عَنْ: أَبِي الهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشي، ومُحَمَّد بْن يعقوب الْأصمّ، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: حفيده رئيس نيسابُور أَبُو الفضل أحْمَد بْن مُحَمَّد الفراتي وغيره. وتُوُفِّي فِي المحرَّم.

256-

أحْمَد بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم الهمذاني الأندلسي المعروف بابن الهندي3. كان أوحد عصره فِي علم الشروط، وله فيها مصنّف.

قَالَ القاضي عياض: لم يكن بالمقبول القول، ولا بالمَرْضِيّ فِي دينه، وهو آخر من لاعَنَ زَوْجَة بالأندلس. كنيته أَبُو عُمَر.

رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ، وابْن مَسَرَّة.

لاعن زوجته في ثمان وثمانين وثلاثمائة، فقيل لَهُ: مثلك يفعل هذا؟ قَالَ: أردت إحياء سُنَّةٍ.

تُوُفِّي فِي رمضان، وله تسعٌ وسبعون سنة.

257-

أحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني، مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

مرّ فِي السنة الماضية.

1 تاريخ بغداد "13/ 129".

2 في الأصل "أحمد بن أبي بن أحمد".

3 الصلة لابن بشكوال "1/ 14".

ص: 272

258-

أحْمَد بْن عَبْد القويّ بْن جبريل، أَبُو نزال.

تُوُفِّي بمصر فِي ربيع الآخر.

259-

أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو بَكْر بْن البقّال1، بغداديّ ثقة صالح.

رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصّوّاف. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني.

260-

أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن محفوظ القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الجيزي.

قرأ عَلَى: أَبِي الفتح أحْمَد بْن مدهن.

وسمع الحروف من: أحمد بْن بَهْزَاد، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن منير، وأَبِي جَعْفَر بْن النّحّاس، وأَحْمَد بْن مَسْعُود الزُّبَيْرِي.

رَوَى عَنْهُ: فارس بْن أحْمَد، وَأَبُو عُمَرو الدّاني، وجماعة.

قَالَ أَبُو عَمْرو: كتبنا عَنْهُ شيئًا كثيرًا من القراءات والحديث. توفي سنة تسع وتسعين.

261-

أحْمَد بْن أَبِي عمران الهروي، أبو الفضل الصرام الصوفي المجاور بمكّة2، حمل عَنْهُ المغاربة كثيرًا، وكان زاهدًا عارفًا.

روى عن: محمد بن أحمد بْن محبوب المَرْوَزِي، ودَعْلَج بْن السّجزِي، وأَحْمَد "بْن بُنْدار"3، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، والطَّبَرَانِي، وخلق كثير.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو يعقوب، القرّاب وَأَبُو نُعَيْم، وعَلِيّ الحنَّائيّ، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحَسَن الرّازي، وآخرون من الحجاج والأندلسيون.

وأخذ عن محمد بن داود الرقي، ووصفه الأهوازي بالحفظ.

1 تاريخ بغداد "4/ 293".

2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 414"، والعبر "3/ 69"، وشذرات الذهب "3/ 153".

3 في الأصل "بندار السعار".

ص: 273

262-

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن بندار الإصبهاني1، وهو في عَشْر التّسعين.

263-

أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر، أبو بكر الأصبهاني القصار، الفقيه الشافعي2.

روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ بْن عاصم، وعَبْد اللَّه بْن خَالِد الرداني، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عَبَّاد البصْري، وأَبِي أحْمَد العسّال. وكان ثَبْتًا صالحًا، كبير القدْر.

حدّث عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وأخوه عَبْد الوهاب، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ السّمْسار.

ومُحَمَّد بْن يحيى الصّفّار، وجماعة.

264-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الرّازي الضّرير3، ويقال لَهُ: البصير، أَبُو الْعَبَّاس، وكان قد وُلِد4 أعمى، وكان ذكيا حافظًا.

استملى عَلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ورحل إلى خُرَاسان وبُخَارَى، فسمع من أَبِي حامد بْن بلال، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وجماعة، وحدّث ببغداد، وانتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، ووثّقه الخطيب.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه الْأزهري، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن بِشْران، وحمد الزَّجّاج، وحميد بْن المأمون الهمذانيان، وسُلَيْم بْن أيّوب الفقيه، وجماعة من أهل الرّيّ وهَمَذَان.

وكان عارفًا بهذا الشّأن، وحجّ فِي هذا العام، وإن لم يكن توفي فيه، فتوفي بعده بيسير، ثم وجدتُ وفاته فِي رمضان سنة تسعٍ.

قَالَ أبو يعلى الخليلي: "سَمِعْتُهُ"5 يَقُولُ: كنت أستملي لابن أَبِي حاتم.

1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 161".

2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 169".

3 تاريخ بغداد "4/ 435"، والعبر "3/ 69"، وشذرات الذهب "3/ 153".

4 في الأصل "ولي".

5 في الأصل "سمعه".

ص: 274

قَالَ: وسمع من أَبِي معاوية بْن لال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وشيوخ مَرْو، وبِبَلْخ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن طَرْخان البلْخي الحافظ، وبُخَارَى محمود بْن إِسْحَاق القوّاس صاحب الْبُخَارِيّ، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب.

وكان عارفًا بأحاديثه، حافظًا، وهو آخر من مات بالرّيّ من أصحاب ابن أَبِي حاتم.

قلت: ابن معاوية هُو:

265-

أحْمَد بْن الحسين بْن معاوية "اسم"1 أَبِي جدّه كاسم البصير.

روى عَنْ: أَبِي زُرْعَة الرّازي، وابْن سُلَيْمَان القزاز، وجماعة.

266-

أحمد بن محمد بن ربيع بن سليمان، أبو سعيد الأصبحي الأندلسي المعروف بابن مسلمة2، وهو جده لامه.

روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ القالي، وكان لُغَوّيا إخباريا. حدّث عَنْهُ الصاحبان، ومُحَمَّد بْن أبيض، وهو من أهل قَبْرَه.

267-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي حامد الْأنطاكي، الشاعر الملقّب بابن الرَّقَعْمَق3، من أعيان شعراء زمانه، ظريف الشعر، كثير المُجُون والهَجْو، مدح ملوك مصر ورؤساءها فمدح المُعِزّ، والعزيز، والحاكم، والوزير ابن كلّس.

وله فِي هذا الوزير:

قد سمعنا مقاله واعتذاره

وأقلناه ذَنْبه وعثارَهْ

والمعاني لمن عَنَيْتُ ولكنْ

بك عَرَّضْتُ فاسمعي يا جارَهْ

من مراد بِهِ أنه أبد الدهـ

ـر تراه محللا أزراره

عالم أنه عذاب من اللـ

ـه مُبَاحٌ لاعين النَّظَارَهْ

هتك اللَّه ستْرَه فَلَكَمْ هتـ

ـك من ذي تستُّر أستارَهْ

سَحَرَتْني ألحاظه وكذا كـ

ـل مليح لحاظه سحاره

1 في الأصل "اسم".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 15".

3 العبر "3/ 70"، وشذرات الذهب "3/ 155".

ص: 275

لم أزل لا عدمته من حبيبٍ

أشتهي قُرْبَهُ وآبَى نَفَارَهْ

وخرج إلى المديح.

وله:

كَتَبَ الحَصِيرُ إلى السّرير

أن الفَصِيلَ ابن البعيرْ

فلامنعنّ حمارتي

سَنَتَيْن من عَلْفِ الشّعيرْ

لا هم إلا أن تطيـ

ـر من الهزال مَعَ الطُّيورْ

إنّ الذين تَصَافَعُوا

بالقَرْع فِي زمن القُشُورْ

أَسِفُوا عليّ لأنّهم

حضروا ولم أَكُ فِي الحضُورْ

يا للرّجال تصافعوا

فالصفعُ مفتاح السُّرورْ

هُوَ فِي المجالس كالبخو

ر فلا تملوا من بخورْ

تُوُفِّي سنة تسع وتسعين.

268-

أحْمَد بْن وليد بْن هشام بْن أبي "المفوز"1، أبو عمر القرطبي2.

عوض حرفَ نافع عَلَى أَبِي الْحَسَن الْأنطاكيّ، وأَقْرَأَ زمانًا بمسجده.

269-

إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر، أَبُو جَعْفَر العلوي الموسَوِي المكّي القاضي3.

حدّث بدمشق عَنْ: أَبِي سَعِيد ابن الْأعْرابي، وابْن الْأجُرِّي.

وعنه: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ورشأ بْن نظيف، وعَلِيّ الحنّائي، وأخوه أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم، وآخرون، وكان قاضي الحَرَميْن، تُوُفِّي فِي رمضان.

"حرف الجيم":

270-

جُنَادَة بْن مُحَمَّد، أَبُو أسامة الْأزدي الهَرَوِي اللغوي4.

1 في الأصل "الفوز".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 15".

3 تهذيب ابن عساكر "2/ 200".

4 وفيات الأعيان "1/ 372"، وإنباه الرواة "3/ 112".

ص: 276

كَانَ علامة لْغَوِيًّا أديبًا، وكان بينه وبين الحافظ عبد الغني الأزدي المصري، وأبي الْحَسَن عَلِيّ بْن سُلَيْمَان الْأنطاكي المقرئ النّحوي اتحاد ومذاكرة وصحبة بمصر، فقتله الحاكم صبرًا، وقتل الْأنطاكي، واختفى عَبْد الغني قبلهما فِي ذي القعدة، قاله المسبِّحي.

وقَالَ ابن خلّكان: كَانَ جُنَادة مُكْثِرًا من حفظ اللُّغة ونقلها، عارفًا بوحشيّها ومستعملها، لم يكن فِي زمان مثله فِيهِ. رحمه الله.

"حرف الحاء":

271-

الْحَسَن بْن سُلَيْمَان بْن الخير، أَبُو عَلِيّ "اليافعي"1 الْأنطاكي المقرئ، نزيل مصر2.

قرأ القراءات عَلَى: أَبِي الفتح بْن بدهن، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْأدفوي، وعَلِيّ بْن الفرج الشنبوذي، وجماعة.

قال أبو عمر الدّاني: كَانَ من أحفظ أهل عصره للقراءات والشَّواذ، ومع ذَلِكَ يحفظ تفسيرًا كثيرًا، ومعانيَ جمة، وإعرابًا، وعلالا، يسرد ذَلِكَ سَرْدًا، ولا يَتتعْتَع. جلست إِلَيْهِ، وسمعت منه، وكان يُظْهِر مذهب الرّافضة، بسبب الدولة، شاهدت ذَلِكَ منه، وذاكرت بِهِ فارس بْن أحْمَد، وكان لا يرضاه فِي دينه. وقيل: كَانَ يُؤدِّب أولاد الوزير ابن حَنْزَابَة.

قلت: كَانَ مُداخِلا للدولة العُبَيْديّة، فسلّط عَلَيْهِ الحاكم قتله فِي آخر السنة3.

272-

الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَلِيّ البغدادي التّاجر الشطرنجي، نزيل إصبهان4.

كَانَ جدّه سُلَيْمَان بْن عَلِيّ يَرْوِي عَنْ هشام بْن عُبَيْد اللَّه الرّازي.

رَوَى أَبُو عَلِيّ عَنْ: أَبِيهِ، وعن أَبِي القاسم هبة اللَّه بْن محمد ابن أخي أبي

1 في الأصل "النافع".

2 تهذيب ابن عساكر "4/ 185".

3 اتعاظ الحنفا "2/ 80".

4 ذكر أخبار أصبهان "1/ 274".

ص: 277

زُرْعَة، وأَحْمَد بْن مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، والحسن بن علي الهمذاني، والفضل بن الخصيب الْإصبهاني.

رَوَى عَنْهُ جماعة، منهم: محمود بْن جَعْفَر الكَوْسَج، وطلحة بْن أحْمَد القصّار، وعَبْد الرحمن ابن مَنْدَه، وابْن شُكْرَوَيْه.

تُوُفِّي فِي رجب، وله أربعٌ وتسعون سنة، وكان أسند من بقي بإصبهان، رحمه الله. وهم بيت حديث بإصبهان. انتقى لَهُ الحافظ ابن مَرْدَوَيْه عشرة أجزاء.

ومن شيوخه: أَبُو أُسَيْد أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُسَيْد، والْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحناء الهمذاني الكسائي، وأحمد بن محمد اللبناني.

273-

الحسن بْن مُحَمَّد الغِنْجَرْدي الْأديب الهَرَوِي، يَرْوِي عَنْ أَبِي عَلِيّ الرّفّاء وغيره.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن الداودي.

274-

الْحُسَيْن بْن حيدرة، أَبُو الخطاب الداوودي الطّاهري الشّاهد1.

تُوُفِّي ببغداد، وكان ثقة. رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، ويوسف الْأزرق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال.

275-

حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو العاصي السالمي السِّرَقُسْطي2.

رَوَى عَنْ: الْحَسَن بن رشيق المصري، وكان صالحًا زاهدًا يوم جامع سَرَقُسْطَة.

رَوَى عَنْهُ: وضّاح بْن مُحَمَّد السِّرَقُسْطي.

276-

حَمْد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ الرّازي الْإصبهاني.

سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي مُحَمَّد، وغيره، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن معاوية الرّازي.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الخليلي، وسُلَيْم الرّازي وآخرون. تُوُفِّي في هذا العام، أو في حدوده.

1 تاريخ بغداد "8/ 40"، والمنتظم "7/ 244".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 148".

ص: 278

قَالَ سُلَيْم: تُوُفِّي فيها، أو فِي سنة أربعمائة، وكتب عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ، وقَالَ: من شيوخ الرّيّ وعدوله.

"حرف الخاء":

277-

خلف بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن اللَّيْث، أمير سجِسْتان، وابْن أميرها1.

كَانَ أوْحَد الملوك فِي إجلال العِلْم، والإفضال عَلَى العلماء.

سَمِعَ: عَلِيّ بْن بُنْدَار الصُّوفِي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الماليني، صاحب عثمان الدّارمي، وبالحجاز عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفاكهي، وببغداد أَبَا عَلِيّ بْن الصواف. وكان مولده سنة ست وعشرين وثلاثمائة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم مَعَ جلالته، وَأَبُو يَعْلَى الصّابوني، وانتخب لَهُ الدَّارَقُطْنيّ.

وتُوُفِّي شهيدًا فِي الحبْس ببلاد الهند، رحمه الله، في قبضة ابن سُبُكْتِكين، وكان محمود فِي سنة ثلاثٍ وتسعين قد نازله وحاصره، واستنزله بالأمان من قلعته، ووجَّهه إلى بلاد الْجَوْزَجَان فِي هيئة ووُفُور رَهْبة.

ثم بلغ السلطان عَنْهُ بعد أربع سنين من ذَلِكَ، أَنَّهُ يكاتب ايلك خان الَّذِي استولى عَلَى بُخَارَى، فضيّق عَلَيْهِ السلكان بعض الشيء، إلى أن مات فِي رجب، وورِثَه ولده أَبُو حفص2.

وكان خَلَف مَغْشِيَّ الجناب من النّواحي، لسماحته وأفضاله، ومدحته الشُّعراء. وكان قد جمع العلماء عَلَى تأليف تفسير كبير، لم يغادر فِيهِ "شيئًا"3 من أقاويل القرّاء والمفسّرين والنُّحاة، ووشَّحه بما رَوَاهُ من الثقات.

قال أبو النصر فِي كتاب اليميني: بلغني أَنَّهُ أنفق عليهم فِي جُمعة عشرين ألف دينار، والنسخة بِهِ بنيسابُور، وهي تستغرق عُمْر الكاتب.

أخبرني أَبُو الفتح البُسْتي، قَالَ: عملت فِيهِ أبياتًا، لم أبلغها إياه، ولكنها سارت

1 العبر "3/ 770"، وسير أعلام النبلاء "17/ 116"، والكامل "8/ 563".

2 الكامل "9/ 172".

3 في الأصل "شيء".

ص: 279

واشتهرت، فلم أشعر إلا بصُرّةٍ منه، فيها ثلاثمائة دينار، بعثها.

والأبيات، هِيَ هذه الثلاثة.

خَلَفُ بْن أحْمَد الْأخلافِ

"أَرْبى"1 بسؤدَده عَلَى الْأسْلافِ

خَلَفُ بْن أحْمَد فِي الحقيقة واحدٌ

لكنّه مُرْبٍ عَلَى الْألافِ

أضْحى لآل اللَّيْث أعلام الوَرَى

مثل النَّبِيّ لآل عَبْدِ مَنَافِ

وقد مدحه البديع الهَمَذَاني وغيره، وقد حكم عَلَى مملكة سِجِسْتان دهرًا، وعاش خمسًا وثمانين، رحمه الله.

وفيه يَقُولُ الثَّعَالِبي:

من ذا الَّذِي لا يذلّ الدّهْر صَعْبَتَهُ

ولا تُلِينُ يد الْأيّام صَعْدَتَهُ

أما ترى خَلَفًا شيخَ الملوك غَدَا

مملوك من فتح العذراء بكرته

"حرف الطاء":

278-

طاهر بْن عَبْد المنعم بْن عُبَيْد اللَّه بْن غَلْبُون، أَبُو الْحَسَن الحلبي، ثم الْمَصْرِيّ المقرئ، مصنّف التذكرة فِي القراءات، وغير ذَلِكَ2.

كَانَ من كبار المقرئين هُوَ وأبوه أَبُو الطيب.

قرأ على والده، وعلى أبي عدي عَبْد العزيز بْن علي الْمَصْرِيّ بمصر، وعلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن صالح الهاشمي بالبصرة، وهو من أصحاب الْعَبَّاس الْأشناني، وقرأ بالبصرة أيضًا عَلَى أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بن يوسف بن نهار الحرتكي صاحب ابن "ثَوْبان"3، وتصدّر للإقراء.

عَرَض عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وإِبْرَاهِيم بْن ثابت الإقليسي، وروى عَنْهُ كتاب التذكرة. أَبُو الفتح بْن بابشاذ، ومُحَمَّد بن أحمد بن علي القزويني، وغيرهما.

1 في الأصل "أذري".

2 العبر "3/ 70"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1029".

3 في الأصل "بويان".

ص: 280

"حرف العين":

279-

عَبْد اللَّه بْن بَكْر بْن مُحَمَّد، أَبُو أحْمَد الطَّبَرَانِي الزّاهد، نزيل أكواخ بانياس1.

حدّث عَنْ: خَيْثَمة، وابْن الْأعْرابي، وأَحْمَد بْن زكريّا المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد السَّمَرْقَنْدِيّ، وجُمح بْن القاسم الدمشقي، وخلق كثير.

رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، ووثّقه، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الربعي، وأحمد بن رواد العكّاوي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري الحافظ، وقَالَ: كَانَ ثقةً، ثبْتًا، مُكْثِرًا. حكى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ. وقَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: كَانَ ثقة يتشيع. قلت: رحل إلى العراق سنة تسعٍ وأربعين.

280-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن أبيض الْأمويّ، أَبُو الْحَسَن الطُّليْطِلي النَّحْوِيّ الحافظ2، نزيل قُرْطُبَة.

رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وعبّاس بْن أَصْبَغ، وعَلِيّ بْن مصلح، وأجاز لَهُ تميم بْن مُحَمَّد القيرواني، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن مَسْعَدَة.

وعُنِيَ بالحديث وجمعه، جمع كتابًا فِي الرّدّ عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرَّة، وهو كتاب كبير حفيل.

رَوَى عَنْهُ: القاضي أَبُو عُمَر بْن سميق، وحكم بْن مُحَمَّد، وَأَبُو إِسْحَاق، وَأَبُو جَعْفَر الصّاحبان.

وكان مولده سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. توفي سنة تسع أو سنة أربعمائة.

281-

عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب المنصور أَبِي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني3 الْأندلسي، المعروف بشنشول، والملقَّب بالنَّاصر.

لمّا تُوُفِّي المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وُلِّي بعده أخوه هذا، وافتتح أموره باللَّهو والخلاعة واللّعب، وكان يخرج إلى النُّزَه ويتهتّك، وهشام المؤيد بالله على

1 البداية والنهاية "11/ 341".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 247".

3 نفح الطيب "1/ 277"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 148".

ص: 281

عادته التي قرّرها المنصور، من الاحتجاب غالبًا، فدسّ هذا عَلَى المؤَيَّد قومًا خوّفوه منه، وأعلموه أَنَّهُ عازم عَلَى قتله إنْ لم يُوَلِّه عهدَه، ويجعله الخليفة من بعده، ثم أمر شنشول القاضي والفقهاء والكبار المثول إلى القصر الَّذِي بالزَّهراء، وهو قصر يُقَصِّر الوصف عنه، فأحضر المؤيد، وأخرج كتابًا قرأ بحضرته، كتبه عَمْرو بْن موبذ، بأنّ المؤَيَّد قد خلع نفسه، واستخلف عَلَى الْأمَّة النّاصر عَبْد الرَّحْمَن، لِعِلْمه بأهليّته فِي كلام طويل، فشهد من حضر بذلك عَلَى المؤَيَّد فِي ربيع الأول، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

ثم أخذ شنشول فِي التَّهَتُّك والفِسْق، وكان زيُّه زيّ أصحاب الشُّعُور المكشوفة، فأمر أصحابه بحلْق الشعر، وشدّ العمائم، تشبُّهًا ببني زِيرِي، فبقوا أَوْحَشَ ما يكون وأسمجه، لأنّهم لَفُّوا العمائم بلا صنعة، فبقوا ضحكةً.

ثم سار غازيا نحو طُلَيْطِلة، فاتّصل بِهِ أنّ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار قام بقُرْطُبَة، وهدم الزَّهْراء، وقام معه ابن ذكوان القاضي، لأنّ النّاصر فوّض الْأمور إلى عيسى بْن سَعيد الوزير، فعظم ذَلِكَ عَلَى ابن ذكوان، ودب إِلى إفساد رجال عيسى، وذكر فساد رأي المؤَيَّد هشام، وخلعه نفسه، وتوليته شنشول، وتصديقه بما لا يجوز، من جمْع البقر البلق، وإعطائه الْأموال والجوائز، لمن أتاه بحافر حمار، يدّعي أَنَّهُ حافر العزيز، ومن يأتيه بحجر، يَقُولُ: هذا من الصَّخْرة، وناس يأتونه بشَعْر، يقولون: هذا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا الَّذِي أوجب طمع شنشول.

وقيل: لهذا السّبب كَانَ المنصور أَبُو عامر يُخْفيه عَنِ النّاس.

ثم أنفق ابن عَبْد الجبّار الذَّهَبَ فِي جماعة من الشُّطَّار، فاجتمع له أربعمائة رَجُل، وأخذ يرتّب أُموره فِي السّر. فلما كانت ليلة الْأحد ثاني عشر جُمادى الآخرة، من سنة تسعٍ، جمع والي المدينة العَسَسَ، وطاف بهم. وهجم الدُّور، فلم يقع لَهُ على أثر، ثم ركب ابن عَبْد الجبّار بعد أيام بغلته، وقت الزَّوال وصرخ أصحابه، وقصد دار الوالي، فقطع رأسه، وتملّك الزَّهْراء، فخرج إلى جَوْذَر الكبير، فَقَالَ لَهُ أَيْنَ المؤَيَّد أَخْرِجْه، فقد أذلّ نفسه، وأذلَّنا بضعفه عَنِ الخلافة، قَالَ: فخرج إِلَيْهِ يَقُولُ: يؤمّنني وأخرج إِلَيْهِ، قَالَ: إنّي إنّما قمت لأزيل الذُّلَّ عَنْهُ، فإنْ خلع نفسه طائعًا، فليس لَهُ عندي إلا ما يحبّ، قَالَ لَهُ جوذر: قد أجابك إلى ذَلِكَ، فأرسلوا إلى ابن الكوهي الفقيه، وابْن ذكوان القاضي، والوزراء، وأهل الشُّورَى، فدخلوا عَلَى هشام،

ص: 282

فكتب كتاب الخَلعْ، وعقد الْأمر لمحمد المذكور، ثم ضَعُفَ أمرُ شنشول، فظفر بِهِ ابن عَبْد الجبّار، فذبحه فِي أثناء هذه السنة، وطيف برأسه.

ومن تاريخ ابن أَبِي الفيّاض قَالَ: خُتِن شنشول فِي سنة "ثمانين"1 فانتهت النفقة في ختانته إلى خمسمائة ألف دينار، وهو ابن ثماني سنين، وخُتِن معه خمسمائة وسبعون صبيًّا.

282-

عَبْد الملك بْن الحاجب المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر المَعَافِرِي الْأندلسي، أَبُو مروان الملقّب بالمظفّر2.

قام بعد أَبِيهِ بإمرة الْأندلس بين يدي خليفة الْأندلس، المؤَيَّد باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ، وجرى فِي الْأمور مجرَى والده، فكان هُوَ الكلّ، والمؤَيَّد معه صورة بلا حلّ ولا ربط.

ومات المُظَفَّر فِي هذه السنة، وقيل: سنة ثمانٍ وتسعين، والصّحيح فِي سابع عشر صفر، سنة تسعٍ هذه.

وقَالَ عَبْد الواحد بْن عَلِيّ المراكشي: دامت أيَّامه فِي الْأمن والخصْب سبْع سنين.

قَالَ ابن أَبِي الفيّاض: كَانَ المُظَفَّر بْن المنصور ذا سَعْدٍ عظيم وكان من فرْط الحياء فِي غايةٍ، ما سُمِع بمثلها، ومن الشجاعة فِي منزلةٍ لم يُسْبَق إليها.

وكان بَرًّا تقيًّا، طاهر الْجَيْب، حتى أَنَّهُ لم يحلف باللَّه، وكان يرى أَنَّهُ من حلف باللَّه وحَنَثَ أَنَّهُ لا كَفَّارة لَهُ، ويراه من العظائم.

وقَالَ غيره: إنّ المُظَفَّر "غزا"3 ثمان غزوات، وعاش ستًا وثلاثين سنة. وثارت الفتن بعد موته، وقام بالأمر بعده أخوه عَبْد الرَّحْمَن المذكور فِي هذه السنة، ويلقَّب بالنّاصر، ويسمّى وليّ العهد، فاضطَّربت أحواله، وقام عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار بْن النّاصر لدين اللَّه الْأمويّ، فخذلت الجيوش عَبْد الرَّحْمَن، فقُتِل وصُلِب فِي جُمادى الآخرة سنة تسعٍ وتسعين، وخلعوا المؤَيَّد باللَّه من الخلافة، وبويع مُحَمَّد بْن هشام، ويلقب المهتدي، ثم قتل سنة أربعمائة، في أواخرها، ورد المؤيد.

1 في الأصل "سنة ثمانين 3".

2 نفح الطيب "1/ 276"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 148".

3 في الأصل "غزى".

ص: 283

283-

عَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، أَبُو القاسم المُزَني الدمشقي الشّاهد.

حدّث عَنْ: خَيْثَمة، ومُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدَرة، وأبي المعمر حسين بن مُحَمَّد المَوْصِلي.

رَوَى عَنْهُ: علي بْن مُحَمَّد الحنائي، وعَلِيّ الرّبعيّ.

284-

عليّ بْن الحافظ أَبِي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بْن عَبْد الْأعلى الصَّدفيّ الْمَصْرِيّ، أَبُو الْحَسَن1.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد، عَنْ جدّهم يونس.

رَوَى عَنْهُ: الفضل بْن صالح الرُّوذَبَارِي، أحد مشيخة الرّازي.

تُوُفِّي فجأةً فِي شوّال.

قلت: ولا تحلُّ الرواية عنه، فإنه منجم، وهو صاحب الزيج الحاكمي، صنّفه فِي أربع مجلّدات.

قاله ابن خلّكان، وقَالَ: ما أقصر فِي تحريره، وله نظْم رائق، وقَالَ: قَالَ المسبّحي: أخبرني من رَأَى ابن يونس، فطلع معه إلى المُقَطَّم، فوقف للزُّهْرة، فنزع ثيابه، ولبس ثوبًا أحمر، ومقنَّعة حمراء، وأخرج عودًا، فضرب بِهِ، والبُخور بين يديه، فكان عَجَبًا من العَجَب.

قَالَ المسبّحي: وكان أَبْلَهَ مُغَفَّلا، يعتمّ عَلَى طَرْطُورٍ طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طَوالا، فإذا ركب بقي ضِحْكَةً، وله إصابة بديعة فِي النِّجامة.

كَانَ القاضي مُحَمَّد بْن النُّعْمَان قد عَدَّله وقَبِلَه فِي سنة ثمانين. قلت: القاضي والسُّلطان أنجس منه.

285-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الخضر القِزْوِيني.

يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحَسَن القطان وغيره.

1 البداية والنهاية "11/ 341"، وشذرات الذهب "3/ 156".

ص: 284

"حرف الفاء":

286-

فضل "بن عبد اللَّه بْن صالح، أَبُو الفتوح"1. إِلَيْهِ تُنسب مُنْيَة القائد2.

القائد الْمَصْرِيّ، من كبار قوَّاد العزيز. قرّبه الحاكم وأدناه، ثم نَقَم عَلَيْهِ، وضرب عُنُقَه فِي ذي القعدة، لم يظهر منه جزع، وكان شجاعًا، جوادًا، ممدَّحًا، نبيلا، من وجوه الدولة.

وإليه تُنْسَب مُنَيَة القائد فضل، وهي بُلَيْدة من أعمال الجيزة، قِبالةَ مصر.

"حرف القاف":

287-

قَسِيم بْن أحْمَد بْن مطير، أَبُو القاسم الظهراوي الْمَصْرِيّ3، شيخ مُسِنٌّ.

قرأ القرآن عَلَى جَدّه لامّه عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الظهراوي صاحب أَبِي بَكْر بْن سيف، وكان محقِّقًا لرواية وَرْش، خيِّرًا فاضلا.

أثنى عَلَيْهِ أَبُو عَمْرو الدّاني، وقَالَ: كَانَ من ساكني قرية أَبِي البَيس، وكان يُقْرئ بها وأنا بمصر. تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ وتسعٍ وتسعين.

"حرف الميم":

288-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن حسين، أَبُو مُسْلِم البغدادي الكاتب، نزيل مصر4.

رَوَى عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وأبي بَكْر بْن دُرَيْد، وأَبِي بَكْر بْن مجاهد، وأَبِي بَكْر بن الأنباري، وأبي عيسى بن قَطَن وسعيد بْن مُحَمَّد أخي زُبَير الحافظ، وأَبِي عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الحَرَّاني، وأَبِي علي

1 ساقطة من الأصل.

2 وفيات الأعيان "7/ 34".

3 معرفة القراء "1/ 384"، وغاية النهاية "2/ 27".

4 تاريخ بغداد "1/ 323"، والبداية والنهاية "11/ 341"، والمنتظم "7/ 245".

ص: 285

الحضائري الدمشقي، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وسمع بالقَيْروَان فِي حدود الْأربعين أو بعدها، من أَبِي القاسم زياد بْن يونس.

وتفرّد فِي الدُّنيا بالرواية عَنْ: البَغَوي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني، وَأَبُو عَمْرو الدّاني، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وأَحْمَد بْن بابشاذ الجوهري، وَأَبُو الفضل بْن بُنْدَار، وَأَبُو الحسين محمد بن مكي، ومحمد بن عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ ثم الْمَصْرِيّ، والشريف أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وعليّ بْن بقاء الوَرّاق، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القُضَاعي، وخلق سواهم.

قَالَ الخطيب1: قَالَ لي الصُّورِي: بعض أُصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي وغيره جِياد.

قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي؟ فَقَالَ: قد اطّلع منه عَلَى تخليط، وهو أمثل من ابن الجندي. حدثني وكيل أَبِي مُسْلِم، وكان محدّثًا حافظًا، يقال لَهُ أَبُو الْحُسَيْن العطّار قَالَ: ما رَأَيْت فِي أصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي شيئًا صحيحًا، غير جُزْء واحدٍ، كَانَ سماعه فِيهِ صحيحًا، وما عداه كَانَ مفسودًا. وقَالَ أَبُو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة.

289-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف، أَبُو الْحُسَيْن الرَّقّي المَقْبُرِيّ ابن الفحّام، ويعرف بابن أَبِي العميري، نزيل دمشق.

قرأ القرآن عَلَى زيد بْن أَبِي بلال الكوفي، وحدّث عَنِ النّجّاد، وعثمان بْن مُحَمَّد المقرئ، وجعفر بْن الخلدي، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنائي، وأخوه إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو الفرج عُمَر بْن عَبْد اللَّه الرّقّي، وحمزة بن محمد الطوسي.

قال أبو عمر الداني: كان زاهدًا فاضلا متقشفًا. وقال ابن الْأهوازي: كَانَ يُرْمَى بالتشيّع. تُوُفِّي فِي ربيع الأول.

1 تاريخ بغداد "1/ 323".

ص: 286

290-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد، أَبُو عَبْد اللَّه الْأمويّ القُرْطُبي بْن العطار الفقيه1 المالكي، والمتجر فِي الفقه.

رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر بْن القُوطِيّة، وسعيد بْن أحْمَد بْن عَبْد ربّه، وحجّ فذاكر أَبَا مُحَمَّد بن زيد وناظره.

وكان حافظًا متيقّظًا، أديبًا، شاعرًا، ذكيًّا، نحْوِيا، بصيرًا بالفتوى، عارفًا بالفرائض، والحساب، واللُّغة، والإعراب، رأسًا فِي الشُّرُوط وعِلَلها، مدقّقًا لمعانيها، لا يجاريه فيها "أحد"2، صنّف فيها كتابًا حسنًا، وجرت لَهُ مَعَ فقهاء قُرْطُبَة خطوب طويلة، وأخبار مشهور.

كتب عَنْهُ جماعة من الفضلاء. ووُلِد سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وكان الْجَمْع فِي جنازته عظيمًا، وانتاب قبرَه طُلاب العِلْم أيّامًا، وقرءوا عَلَى قبره خَتْمات.

291-

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن يحيى الْأندلسي3. رحل وسمع من أَبِي قُتَيْبَة مُسْلِم بْن الفضل، وأَبِي بَكْر بْن خروف.

رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، قالا: مات فِي رجب.

292-

مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن مُحَمَّد المُرِّي الإمام، أَبُو عَبْد اللَّه الْألْبِيري المعروف بابن أَبِي زَمَنِين، نزيل قُرْطُبَة4.

سَمِعَ "ببجاية"5 من: سَعِيد بْن فَحْلُون، فقرأ عَلَيْهِ مختصر ابن عَبْد الحكم، وسمع بقُرْطُبَة من مُحَمَّد بْن معاوية القُرَشي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف وأَحْمَد بْن الشامة، وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بِهِ، وسمع أيضًا من وهب بْن مَسَرَّة، وتفقه عند إسحاق بن إبراهيم الطليطلي.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 484".

2 في الأصل "أحدا".

3 الصلة لابن بشكوال "2/ 485".

4 الصلة لابن بشكوال "2/ 482"، والعبر "3/ 71"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1029"، وسير أعلام النبلاء "17/ 188".

5 في الأصل "مجانة".

ص: 287

وكان من الرّاسخين فِي العِلْم، متفننًا فِي الْأدب والشعر، مُقْتَفِيا لآثار السَّلَف.

لَهُ مصنَّفات فِي الرَّقائق والزُّهْد، وشعر رائق، مَعَ زُهْد ونُسُك وصِدْق لَهْجَة، وإقبال عَلَى الطاعة، ومُجَانَبَةٍ للسلطان، وسئل: لِمَ قِيلَ لكم: بنو زمنين؟ فلم يعرف. وقَالَ: كنت أهاب أَبِي، فلم أسأله، ثم فِي آخر عمره انتقل إلى إلْبِيرَة فسكنها.

ولد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، أو فِي آخرها. وتُوُفِّي عَلَى الصحيح سنة تسعٍ وتسعين فِي ربيع الآخر.

وله كتاب "المُغْرِب" فِي اختصار المُدَوَّنَة لَيْسَ فِي مختصراتها مثله، وكتاب "مَنْتَخَبُ الْأحكام" الَّذِي سار فِي الآفاق، وكتاب "الوثايق"، وكتاب "المُذَهَّب فِي الفقه" وكتاب "مختصر تفسير ابن سلام" وكتاب "حياة القلوب فِي الزُّهْد"، وكتاب "أُنْسُ المُرِيدين" وكتاب "النصائح المنظومة" من شعره، وكتاب "أدب الْإسلام" وكتاب "أُصُول السُّنَّة" وكتاب "قدوة القارئ".

ومن شعره:

الموتُ فِي كلّ حينٍ ينشُرُ الكَفَنَا

ونحن فِي غفلة عَمَّا يُرادُ بنا

لا تطمئن إلى الدُّنيا وزُخْرُفِها

وإن توشَّحْتَ من أثوابها الحَسَنَا

أَيْنَ الْأحِبَّةُ والجيرانُ ما فَعَلُوا

أَيْنَ الذين هُمُ كانوا لنا سَكَنَا

سقاهُمُ الدَّهْرُ كأْسًا غيرَ صافيةٍ

فصيَّرَتْهُم لإطباق الثَّرَى رَهَنَا

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، والقاضي أَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، وطائفة من علماء الْأندلس، وكان من بقايا حملة الحُجَّة. رحمه الله.

293-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق، أَبُو طَالِب العلوي، المعروف بابن المُهَلْوِس الزّاهد1.

كَانَ القادر باللَّه يعظّمه ويحترمه. حكى عن السُّبْكي، وغيره.

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن غالب البغدادي، وغيره، وكان من الزهاد المعدودين.

1 المنتظم "7/ 245"، وتاريخ بغداد "3/ 93".

ص: 288

"حرف الياء":

294-

يحيى بْن زكريّا بْن أحْمَد ابن أخت "أَبِي"1 بَكْر البلْخي، ثم الدمشقي الشاهد.

كَانَ أَبُوهُ قد وُلِّي قضاء دمشق، فوُلِد بها هذا، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن أَبِي ثابت، وأَبِي عَلِيّ الحضائري، وخَيْثَمة، وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاعَ مِنْ أَبِيهِ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحنّائي، وأخوه عَلِيّ والْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن يحيى بْن زكريّا حفيده. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وقد نيّف عَلَى السّبعين.

"الكنى":

295-

أَبُو إِسْحَاق الجبيناني، أحد الْأئمّة والأولياء بالقَيْروَان، اسمه إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن عَلِيّ البكري بَكْر بْن وائل.

أجاز لَهُ عيسى بْن مسكين، وتفقّه عَلَى حمود بْن سَهْلُون، ودرس من الفقه دواوين، وكان أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زيد يعظّمه، ويقول: طريقة عالية لا يسلكها أحد فِي هذا الوقت.

تُوُفِّي سنة تسعٍ وتسعين، وكان كثيرًا ما يَقُولُ: اتَّبع ولا تبتدع، اتَّضعْ ولا ترتفع، وكان العلماء يقصدونه، ويتبركون برؤيته.

وفيات سنة أربعمائة:

"حرف الألف":

296-

أحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن الفرج بْن أَبِي الحُباب، أَبُو عُمَر القُرْطُبي النَّحْوِيّ2 صاحب أَبِي عالي القالي. أخذ عَنْهُ، وعن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الثَّغْرِي القاضي.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو بْن الحذَّاء وقَالَ: كان من جملة الشيوخ، عالمًا باللغة والإخبار، فِيهِ صلاح وخير. تُوُفِّي فِي سلْخ المحرَّم، وقد قارب التسعين.

1 في الأصل "أبو".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 19".

ص: 289

وقَالَ أَبُو حيّان: وكانت فِيهِ غَفْلة زائدة، وكان متّقد الذّهن، عالمًا، حافظًا، ثبْتًا، بصيرًا بالعربية، وهو كَانَ مؤدِّب المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وهو بربريّ النَّسَب، من مَصْمُودَه.

297-

أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو عَبْد اللَّه الجيزي الْمَصْرِيّ.

تُوُفِّي فِي شعبان، وهو من شيوخ أَبِي عَمْرو الداني في الحديث. "يروي"1 عن طبقته عثمان بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَبِي الطّاهر المَديني.

298-

أحْمَد بْن عمّار بْن عصمة بْن مُعاذ النَّسَفي. سَمِعَ بنَسَف، من عَلِيّ بْن مُحْتَاج، وعَبْد المؤمن بْن خَلَف، ونصر بْن مُحَمَّد، سَمِعَ منه جامع التِّرْمِذِيّ، وسمع بجُرْجان من ابن عَدِيّ، وببغداد من دَعْلَج، وجماعة.

وهو من قرية سِيركَتْ، إحدى قُرى نَسَف. تُوُفِّي بها فِي شعبان، فِي عشر الثمانين.

299-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْدة، أَبُو جَعْفَر الْأمويّ الطُّليْطِلي2، ويُعْرَف بابن ميمون صاحب ابن إسحاق بن "شنظير"3، ونظيره فِي الجمع والإكثار والملازمة معًا، والسّماع جُملة، وهما الصاحبان، فهذا أحدهما.

رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُمَيّة، وعَبْد الله بن فتح بْن معروف، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون، "وشَكُور"4 بْن حبيب وجماعة، وسمع بقُرْطُبَة مَعَ صاحبه من أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن الله.

وتوفي في شوال.

"حرف العين":

300-

عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بن سمقويه، أَبُو بَكْر المُزَكِّي الفقيه الشافعي النيسابُوري.

رَوَى عن: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وغيره، ودرّس الفقه سنين. مات في رمضان.

1 في الأصل "مروي".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 20".

3 في الأصل "سنطير".

4 في الأصل "سكور".

ص: 290

301-

عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إسحاق بْن الأزهر الْأزهري، أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ1.

رَوَى عَنْ: خال أَبِيهِ الحافظ أَبِي عُوَانة كتابه الصحيح المُسْنَد بقراءة أَبِيهِ، واحتاط لَهُ حاله فِي جماعة، فبارك اللَّه فِي عمره، حتى سمعه الْأئمّة واشتهر بِهِ.

قَالَ الحافظ عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل: كَانَ رجلا صالحًا ثقة، حضر نيسابُور فِي آخر عمره، ولم يُعهد بعد ذَلِكَ المجلس مثله لقراءة الحديث، كما حَدَّثَنَا الثّقات، وعاد إلى إسْفراين، وذلك فِي سنة تسعٍ وتسعين.

قلت: رَوَى عَنْهُ الكتاب: الْإمَام أَبُو القاسم القُشَيْرِي، وزوجته فاطمة بِنْت أَبِي عَلِيّ الدَّقّاق، ولها فَوْتٌ، وعَبْد الحميد وعَبْد اللَّه، ابنا عبد الرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلَّيك الرّازي، وروى عَنْهُ بعض الكتاب عثمان بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه المَحْمِيّ، وشبيب بْن أحْمَد البَسْتِيغي، وَأَبُو الحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف الجويني، وعلي بن محمد بن علي بْن ماسرجس الخازن، وعَلِيّ بْن عَبْد العزيز الخشّاب، وَأَبُو المعالي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حسين البسطامي، أبو بَكْر مُحَمَّد بْن حسّان بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الصّرّام، وَأَبُو نصر مُحَمَّد بْن سهل بْن مُحَمَّد السّرّاج، وهو آخر أصحابه موتًا.

توفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

وقع لنا هذا المُسْنَد بإجازة أَبِي المظَّفر ابن السَّمْعَاني، لكنّي أَنَا سَمِعْتُ منه ستَّ مجلَّدات، وبطَّلْت.

قَالَ الحاكم فِي تاريخه: تُوُفِّي أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ ابن أخت أَبِي عَوَانة في ربيع الأول، سنة أربعمائة.

قلت: وسماعه من خاله كَانَ فِي حياة البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وتُوُفِّي خاله قبل البَغَوي بسنة، وكان مولد أَبِي نُعَيْم فِي ربيع الْأوّل، سنة عشر وثلاثمائة، وقد سَمِعَ أيضًا من أَبِيهِ المحدّث أَبِي مُحَمَّد صاحب يوسف القاضي، ومن أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، وأَبِي عمران الْجُوَيْني، وعبد الله بن محمد بن مسلم

1 سير أعلام النبلاء "17/ 71"، والعبر "3/ 73".

ص: 291

الإِسْفِرَايِينِيّ، ومُحَمَّد بْن عَبدَك الشعراني، والأصمّ، وابْن الْأخرم، لكن اشتغل عَنْهُ أكثر الطَّلبة بمُسْنَد أَبِي عَوَانة.

302-

عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث، أَبُو بَكْر البغدادي الرّزّاز1.

سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وابْن عيّاش القطّان.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، ووثّقه الخطيب.

أنبأني المسلّم بْن مُحَمَّد القَيْسي، أَنَا الكِنْدِي، أَنَا عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن يوسف، أنا محمد بن علي ابن المهتدي باللَّه، قَالَ: ذكر لنا شيخنا عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث أنّ مولده في رمضان سنة تسع وثلاثمائة، وأَنَّهُ سَمِعَ الحديث من أَبِي القاسم بْن بِنْت منيع، وأنّ كتبه انْتُهِبت.

قال الخلال: توفي سنة أربعمائة.

303-

عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحَسَن، أَبُو الفرج بْن السَّخْتِ الرَّقِّي المقرئ البزّاز.

حدّث بدمشق عَنِ: النّجّاد، وجعفر الخلدي، وجماعة.

روى عنه: أبو علي الأهوازي، وعلي الحنائي، وهو المذكور في السنة الماضية.

304-

علي بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن المديني الأدمي.

توفي في رجب.

305-

علي بن محمد بن أحمد بن داود، أبو الحسن بن النحوي الدمشقي الشاهد الخطيب، والد عبد المنعم.

روى عَنْ: عَلِيّ بْن أَبِي العقب. وعنه: عَلِيّ الحنّائي وغيره. تُوُفِّي فِي المحرَّم.

306-

عَمْرو بْن عثمان بْن خَطَّار، أَبُو حفص القُرْطُبي2.

أخذ عَنْ: عَلِيّ بْن عُبَيْد مختصَرَه فِي الفقه، وعن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون.

رَوَى عَنْهُ: أبو حفص الزهراوي، وغيره.

1 تاريخ بغداد "11/ 12".

2 الصلة لابن بشكوال "2/ 446".

ص: 292

307-

عمران بْن الْحَسَن بْن يوسف، أَبُو الفرج الخفّاف.

رَوَى بدمشق عَنْ: أحْمَد بْن زبّان، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وعثمان بْن مُحَمَّد الذَّهَبي.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحِنَّائيّ، ورشأ بْن نظيف، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الطيان، وأبو علي الأهوازي، وآخرون.

"حرف الميم":

308-

محمد بن أحمد بن جَعْفَر الْإصبهاني الكَوْسَج. تُوُفِّي فِي صفر.

309-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن معارك، أَبُو القاسم العُقَيْلِي القرطبي النحوي1.

روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ القالي، وكان مقدَّمًا فِي عِلْم العربية، والبصر بالشعر. أقرأ النَّحْو.

وهو والد عَبْد الرَّحْمَن العُقَيْلِي.

310-

مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى، أَبُو عَبْد اللَّه الخُشَني الطُّليْطِلي2، ويُعرف بابن المُشْكِيالي.

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن خليل قاضي طُلَيْطِلة، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عيشون، وبقرطبة أحْمَد بْن عيسى، وحج فسمع بمصر أَبَا مُحَمَّد بْن الورد، أحمد بْن سَلَمَة بْن الضَّحّاك، وأَبَا هُرَيْرَةَ، وابْن أَبِي العصام، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي الموت.

وكان من كبار المالكية، عَيْنًا من أعيان طُلَيْطِلة، مَعَ زُهْدٍ وتَوَاضُعٍ وورع، وعمِل بعِلْمه لا يأخذه فِي اللَّه لَوْمَة لائم، ثقة، قصده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر إلى داره، فلما علم قَالَ للطلبة: لا يقُمْ أحد، فامتثلوا أمْره، فلما دخل سأله الدعاءَ، فَقَالَ: اللَّهم أدْخِل لَهُ فِي قلوب رعيّته الطّاعة، وأدْخِل لَهُم فِي قلبه الرأفة والرحمة.

تُوُفِّي فِي سادس جُمادى الآخرة، وولد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وكان من كبار المُسْنِدِين بالأندلس. رحمه الله.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 485".

2 الصلة لابن بشكوال "2/ 486".

ص: 293

311-

مُحَمَّد بْن خَلَف بْن الشوله، أَبُو عبد الله الْأندلسي1.

رحل إلى مصر وأخذ عَنِ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ معجم الصحابة لَهُ، فِي ثلاثين جُزْءًا، وعن الْحَسَن بْن رشيق.

حدّث "عَنْهُ"2: الصاحبان، وَأَبُو مُحَمَّد بْن دين، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام الحافظ.

وتُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، عَنْ ستٍّ وستّين سنة.

312-

مُحَمَّد بْن عمروس بْن العاصي القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المالكي3.

أخذ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن مُفَرِّج، وحجّ سنة تسعٍ وستّين، وذهب إلى بغداد، فأخذ عَنْ أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي الفقيه، وأَبِي الْحَسَن بْن المُظَفَّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأخذ عَنْ أهل البصْرة، ومصرف القَيْروَان.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عائذ، وغيرهما. وتُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة.

313-

مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار بْن النّاصر لدين اللَّه أَبِي المُظَفَّر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الأموي الملقب بالمهدي4.

توثب عَلَى الأمر بالأندلس، وخلع المؤيد بالله هشامًا، وحارب عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب بْن أبي عامر القحطاني شنشول الذي وثب قلبه بسنة، وسمى نفسه وليّ العهد، وجعل ابن عمّه مُحَمَّد بْن المُعِزّ حاجبه، وأمر بإثبات كل من جاءه فِي الدّيوان، فلم يبق زاهد، ولا جاهل، ولا حَجّام، حتى جاءه فاجتمع لَهُ نحوٌ من خمسين ألف، وذلّت لَهُ الوزراء والصَّقالبة، وجاءوا وبايعوه، وأمر بنهب دُور بني عامر، وانتهب جميع ما فِي الزَّهْراء من الْأموال والسلاح، حتى قُلِّعت الْأبواب، فيقال: إنَّ الَّذِي وصل إلى خزانة "أَبِي"5 عَبْد الجبّار خمسة آلاف ألف دينار،

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 486".

2 في الأصل "عن".

3 الصلة لابن بشكوال "2/ 487".

4 الوافي بالوفيات "5/ 163".

5 في الأصل "أبو".

ص: 294

وخمسمائة ألف دينار، ومن الفضة ألف دِرْهَم، ثم وجد بعد ذَلِكَ خوابي فيها ألف ألف، ومائة ألف دينار، وخُطِب لَهُ بالخلافة بقُرْطُبَة، وتسمّى بالمهديّ، وقُطِعت دعوة المؤَيَّد، وصلّى المهدي الجمعة بالناس، وقُرئ كتابٌ بلعن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عامر الملّقب بشنشول، ثم سار إلى حربه إثْر ذَلِكَ فِي سنة تسعٍ وتسعين، وكان ابن ذكوان يحرّض عَلَى قتاله، ويقول عَنْ شنشول: هُوَ كافر. وكان قد استعان بعسكرٍ من الفرنج وقام معه ابن عومس القومص، فسار إلى قُرْطُبَة، وأخذ أمر ابن عبد الجبار يقوى، وأمر شنشول يَضْعُف، وأصحابه "تتسحّب"1 عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ القومص: ارجع بنا قبل أن يدهمنا العدوّ، فأبى، ومال إلى دير شريس، جَوْعَان سَهْران، فنزل لَهُ الرّاهب بخُبز ودجاجة، فأكل وشرِب وسكر، وجاء لحربه حاجب المهدي في خمسمائة فارس، فَجدُّوا فِي السَّيْر وقبضوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا فِي طاعة المهديّ، وظهر منه جَزَع وذلّ، وقبّل قدَم الحاجب، ثم ضرب عنق شنشول، ونودي عَلَيْهِ هذا شنشول المأبون المخذول.

قَالَ الحُمَيْدِي: قام عَلَى المهديّ فِي شوّال سنة تسعٍ وتسعين ابن عمّه هشام بْن سُلَيْمَان بْن الناصر الْأمويّ، مَعَ البربر، فحاربه، ثم انهزمت البربر، وأُسِر هشام، فضرب المهديُّ عُنُقَه.

وقَالَ غيره: لما استوسق الْأمر لابن عَبْد الجبّار المهديّ، أظهر من الخلاعة أكثر ممّا فعله شنشول، وأَرْبَى عَلَيْهِ فِي الفساد، وأخذ الحُرَم، وعمد إلى نصرانيّ يشبه المؤَيَّد باللَّه، فقصده حتى مات، وأخرجه إلى النّاس، وقال: هذا هشام، وصلى عَلَيْهِ، ودفنه.

وفي رمضان وصل إلى ابن عَبْد الجبّار رَسُول صاحب طرابلس المغرب، فلفل بْن سَعِيد الزّناتي، داخلا فِي الطّاعة، ويسأل إرسال سكّة يضرب بها الذَّهب عَلَى اسمه، كل ذلك ليعينه على باديس بن المنصور، فخرج باديس، وأخذ طرابلس، وكتب إلى عمّه حمّاد فِي إغراء القبائل عَلَى ابن عبد الجبار.

وكان ابن عَبْد الجبّار بخذلانه قد هَمّ بالغدر، بالبربر الذين حوله، وصرّح بذلك لجهله، فَنمّ عَلَيْهِ بسببه هشام بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر لدين اللَّه، وحرّضهم عَلَى خلعه، فقتلوا وزيريه مُحَمَّد بْن درّي وخَلَف بْن طريف، وثار الهيج، واجتمع لهشام عسكر،

1 في الأصل "يستحب".

ص: 295

وحرقوا السراحين، وعبروا القنطرة، ثم تخاذلوا عَنْ هشام، فأُخِذ، وأُخِذ أخوه أَبُو بَكْر، فقتلهم ابن عَبْد الجبّار صبْرًا، وقُتِل خلْق من البربر، ثم تحيّز البربر إلى قلعة رباح، وهرب معهم سُلَيْمَان بْن الحَكَم بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر، فبايعوه، وسمُّوه المستعين باللَّه، وجمعوا لَهُ مالا من كلّ قبيلة، حتى اجتمع لَهُ نحوٌ من مائة ألف دينار، فتوجّه بالبربر إلى طُلَيْطِلة، فامتنعوا عَلَيْهِ، ثم ملكها، وقتل واليها، فاعتدّ ابن عَبْد الجبّار للحصار، وجزع حتى جرى عَلَيْهِ العامّة، ثم بعث عسكرًا، فهزمهم سُلَيْمَان، فرتّب النّاس للقتال، وكان أكثر جُنْد ابن عَبْد الجبّار لحامين "رجّاله"1، وقارب سُلَيْمَان قُرْطُبَة، فبرز إِلَيْهِ عسكر ابن عَبْد الجبّار، فناجزهم سُلَيْمَان، وكان من غرق منهم فِي الوادي أكثر ممّن قُتل، وكانت وقعة هائلة، وذهب خلق من الْأخيار والمؤدبين والأئمّة، فلما أصبح ابن عَبْد الجبّار أخرج المؤيَّد باللَّه هشام بْن الحَكَم الَّذِي كَانَ اظهر موته، فأجلسه للنّاس، وأقبل القاضي يَقُولُ: هذا أمير المؤمنين، وأنا مُحَمَّد نائبه، فَقَالَ له البربر: يا ابن ذكوان بالأمس تصلّي عَلَيْهِ، واليوم تُحْيِيه؟ وخرج أهل قُرْطُبَة إلى المستعين سُلَيْمَان، فأحسن مَلقَاهم، واختفى ابن عَبْد الجبّار، واستوسق أمر المستعين، ودخل القصر، ووارى النّاسُ قتلاهم، فكانوا نحو اثني عشر ألفًا.

ثم هرب ابن عَبْد الجبّار إلى طُلَيْطِلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنجية ووعدهم بالأموال، واجتمع إِلَيْهِ خلْق عظيم، وهو أوّل مالٍ انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلّها باقية عَلَى طاعة ابن عَبْد الجبّار، فقصد قُرْطُبَة فِي جيش كثير، فكان الملتقى عَلَى عقبة البقر، عَلَى بريدٍ من قُرْطُبَة، فاقتتلوا قتالا شديدًا، فانهزم سُلَيْمَان، واستولى المهديّ عَلَى قُرْطُبَة ثانيا، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جَمْهرة البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه، ففرّ إلى قُرْطُبَة، ثم انهزم ابن عَبْد الجبّار أقبح هزيمة، وقُتل من الفرنج ثلاثة ألف فِي السّنة، وغرق منهم خلق، وأُسِر ابن عَبْد الجبّار، ثم ضُرِبت عنقه، وقُطِعت أربَعْتُه، فِي ثامن ذي الحجة، سنة أربعمائة، وله أربعٌ وثلاثون سنة. وثب عَلَيْهِ العبيد، إذ جاء قُرْطُبَة منهزمًا، واللَّه أعلم2.

314-

مُطَهَّر بْن أحْمَد بْن مُطَهَّر الْأشْموني.

تُوُفِّي بمصر فِي ذِي الحجَّة، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.

1 في الأصل "وحاله".

2 الكامل في التاريخ "9/ 216".

ص: 296

"حرف الهاء":

315-

هشام بْن عُبَيْد اللَّه بْن النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الْأمويّ الْأمير، أَبُو الوليد الأندلسي، ويُعرَف بصاحب الخضراء.

قَالَ "ابن"1 الْأبّار: كَانَ خير من "بقي"2 من أهل بيت الخلافة عفافًا ومروءة وسخاء، إلى أدب ومعرفة، وجَمْعٍ للكتب، رغب المستعين باللَّه سُلَيْمَان فِي كتبه، فقُوِّمَتْ واشتراها.

توفي في أول سنة أربعمائة.

"الكنى":

316-

أَبُو سَعِيد الفلاحي الحنفي النيسابُوري.

حدث عَنِ الْأصمّ وغيره. تُوُفِّي فِي صفر.

317-

أَبُو نصر ابن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن الحيري النيسابُوري، أخو القاضي أَبِي بَكْر.

رَوَى عَنْ: أَبِي العباس الأصم، وأقرانه. وتوفي في رمضان.

المتوفون قبل الأربعمائة غير مرتبة أبجديًّا:

318-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سيّد أَبِيهِ، أَبُو عُمَر القُرْطُبي3.

رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن معاوية. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان أَبُو إِسْحَاق، وأبو جعفر.

مات قبل الأربعمائة، وله قريبٌ من سبعين سنة.

319-

أحْمَد بْن أفلح بْن حبيب بْن عَبْد الملك، أَبُو عمر الأموي القرطبي الأديب4.

1 ساقطة من الأصل.

2 في الأصل "يتقى".

3 الصلة لابن بشكوال "1/ 13".

4 الصلة لابن بشكوال "1/ 16".

ص: 297

روى عن: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بْن رفاعة، ووهب بْن مَسَرَّة، وجماعة، ورحل إلى "الشرق"1. حدّث عَنْهُ الصاحبان، وابْن أبيض.

320-

أحْمَد بْن عيسى بْن سُلَيْمَان، من أهل بَجَّانة، أَبُو القاسم الْأندلسي2.

رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن فَحْلُون، وأَحْمَد بْن جَابِر. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ.

321-

أحْمَد بْن مُحَمَّد الْأديب، أَبُو طاهر الشيرازي الشاعر البليغ3.

رَوَى عَنْهُ من شعره: أَبُو القاسم عُمَر بْن مُحَمَّد النّعماني، وَأَبُو غالب مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن بِشْران اللُّغَوِي، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الشمس.

322-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المكتفي باللَّه عَلِيّ بْن المُعْتَضِد4.

سَمِعَ من: أَبِي القاسم البَغَوي. وعنه: أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه. سمع منه سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

323-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زيد، أَبُو سعد القِزْوِيني المالكي، صاحب أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي5، تفقه عَلَيْهِ، وعلى أَبِي بَكْر بْن علويه الْأبْهَرِي.

صنّف المذهب والخلاف وله كتاب المعتمد فِي الخلاف فِي مائة جُزْء، وهو من أحسن الكتب.

وسمع من أبي زيد المَرْوَزِي. وتُوُفِّي سنة نيف وتسعين وثلاثمائة. قاله عياض "وقرّظه"6.

324-

إِبْرَاهِيم بْن شاكر بْن خطاب، أبو إسحاق القرطبي اللجام7.

1 في الأصل "السوق".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 18".

3 الوافي بالوفيات "8/ 155".

4 تاريخ بغداد "5/ 70".

5 طبقات الفقهاء "167".

6 في الأصل "فرطه".

7 الصلة لابن بشكوال "1/ 89".

ص: 298

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن ثابت التَّغْلبِيّ، وأَبِي مُحَمَّد بْن عثمان، وجماعة، وكان رجلًا صالحًا ورِعًا، حافظًا للحديث، وأسماء الرجال.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وقَالَ: إن كَانَ فِي عصره أحد من الْأبدال فيُوشَك أن يكون منهم. رحمه الله.

325-

إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شريح، أَبُو مُحَمَّد الْجُرْجَاني1.

عَنِ: الْأصمّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْهُ أَبُو العلاء الواسطي، والعتيقي.

326-

الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن قطينا، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي2.

رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والمَحَامِلي.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني وعَبْد العزيز الْأزْجِي، ووثّقه الخطيب.

327-

حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن حَكَم، أَبُو العاصي الأموي الأطروش3.

رَوَى عَنِ: ابن النّحّاس النَّحْوِيّ، وسَلَم بْن الفضل، وابن خروف، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي الموت، وابْن حَيَّوَيْهِ النيسابوري. وولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عَمْرو الدّاني.

328-

مُحَمَّد بْن خَطّاب، أَبُو عَبْد اللَّه الْأزْدِيّ القُرْطُبي النَّحْوِيّ4.

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي عالي القالي، وابْن القُوطية، وبرع فِي الْأداب، وتصدّر للعربية.

قال "ابن"5 الأبار: كان قبل الأربعمائة.

329-

خَلَفُ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بن "زبارة"6 أبو القاسم ابن

1 تاريخ بغداد "6/ 402".

2 تاريخ بغداد "8/ 104".

3 الصلة لابن بشكوال "1/ 148".

4 بغية الوعاة "1/ 99".

5 ساقطة من الأصل.

6 في الأصل "زرارة".

ص: 299

المُرَابط الكلْبي1، من قرية الْأبرش الكلْبيّ، ويُعرف بالمبرقَع المحتسِب من أهل قُرْطُبَة.

رحل إلى المشرق مرتين، أولاهما: سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاثٍ وعشرين سنة، فسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن الورد، وأَبَا بَكْر الآجري.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو حفص الزهراوي. قال ابن شنظير: توفي في نحو الأربعمائة.

330-

خَلَفُ بْن عيسى بْن سَعِيد الخير، أَبُو الحزم الوَشْقي، فقيه وَشْقَه وقاضيها2.

يَرْوِي عَنِ: ابن عيشون، وأَبِي عيسى. حدّث عَنْهُ: ابنه أَبُو الْأصبغ، وَأَبُو عُمَر بْن الحذَّاء.

وكان من فضلاء المالكية.

331-

علي بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي النيسابُوري.

سَمِعَ: أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْدان.

332-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الرّازي.

مُكْثِر عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. رَوَى عَنْهُ أهل بلده.

- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحاجي، أَبُو الْحَسَن.

سَمِعَ: الْأصمّ، وفي الرحلة من أَبِي بَكْر الشافعي، وطبقته. مات فِي صفر، سنة سبع أو تسع وتسعين وثلاثمائة.

333-

عُمَر بْن القاسم، أَبُو الْحُسَيْن المقرئ البغدادي3 صاحب ابن مجاهد، يُلَقب وبره، ويُعرَف بابن الحدّاد.

حدَّث عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وقاسم بْن إِبْرَاهِيم المَلَطي، والْحُسَيْن المَحَامِلي.

1 الصلة لابن بشكوال "1/ 162".

2 الصلة لابن بشكوال "1/ 167".

3 تاريخ بغداد "11/ 269".

ص: 300

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو الفرج الطّناجيري.

قَالَ الخطيب: صَدُوق.

334-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الفهد الْأندلسي الْألْبِيري، أَبُو المُظَفَّر. أحد فُحُول شعراء قُرْطُبَة، وعين شعراء الدولة العامرية.

رحل فِي شبيبته إلى المشرق، وأضمرته البلاد قبل الأربعمائة.

قَالَ أَبُو عامر بْن شهيد: عمل بحضرتي أربعين بيتًا عَلَى البديهة، لَيْسَ فيها حرف معجم أوّلها:

حِلمكَ ما حَدَّ حَدَّه أحدٌ

335-

مروان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان بْن الْإمَام النّاصر عَبْد الرَّحْمَن الْأمويّ الْأندلسي المعروف بالطَّلِيق، أَبُو عَبْد الملك. أحد فُحُول الشعراء الْأشراف1.

قَالَ ابن حَزْم: هُوَ فِي بني أُمَيّة كابن المُعْتز فِي بني الْعَبَّاس. سُجِن وهو ابن ستّ عشرة سنة، فبقي فِي السجن ستّ عشرة سنة، ثم أُخْرِج ولُقِب بالطَّلِيق، وعاش بعد إطلاقه ستّ عشرة سنة، ومات كهلا قريبًا من سنة أربعمائة.

قَالَ الحُميدي: فأُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يتعشّق جارية ربيت معه، وعينت لَهُ، ثم بدا لأبيه فاستأثرها، فاشتدّت بمروان الغَيْرَةُ، فقتل أَبَاه بسجن.

فمن شعره:

غُصْنٌ يهتزُّ فِي دِعْص نَقَا

يجتني منه فؤادي حُرَقَا

أطْلَع الحُسْنُ لنا من وجهه

قمرًا لَيْسَ يُرَى مُمَّحِقَا

ورَنَا عَنْ طَرْفِ ريمٍ أَحْورٍ

لحظُه سهْمٌ لقلبي فُوِّقا

منها:

أصْبَحَت شمسًا وفُوهُ مَغْرِبًا

"ويَدُ"2 الساقي المُحيِّي مَشْرِقا

1 نفح الطيب "2/ 398".

2 في الأصل "بدا".

ص: 301

فإذا ما غَرَبَتْ فِي فمهِ

تركتْ فِي الخدّ منه شَفَقًا

336-

مُحَمَّد بْن مَسْعُود، أَبُو عَبْد اللَّه البَجَّاني، ثم القُرْطُبي. شاعر مُفْلِق مكثر، مدح الملوك، وكان في حدود الأربعمائة.

فمن جيّد شعره:

عَلَى قَدْر فضل المرءِ تأتي خُطُوبُه

ويُعْرَف عند الصَّبْر فيما ينوبه

وعاقبةُ الصّبر الجميل من الفَتَى

إلى فرجٍ من ذي الجلال تعيبه

إذا المرء لم يسحب إلى الهَوْل ذَيْلَه

ولم يعتزل بالحادثات جيوبه

فقد خسر فِي الدُّنيا من المال حظّه

وقلّ من الْأخرى لَعَمْرِي نصيبه1

وله:

خليليّ فِي الْأظعان بدْرُ دُجُنَّة

أَعَارَ سَنَاهُ مَغْرِبَ الشمسِ مشْرِقا

فلا تُنْكِرَوا شَقّي جُيُوبي فإنّه

يقلّ لقلبي بعده أنْ يَشْفَقا

337-

يعيش بْن سَعِيد، أَبُو عثمان الْأندلسي الوَرّاق. سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن معاوية بْن الْأحمر. فأكثر عَنْهُمَا، وألّف مُسْنَد حديث ابن الْأحمر، بأمر الحاكم المستنصر.

قَالَ ابن عَبْد البر: قرأ علينا مسند ابن الأحمر سنة تسعين وثلاثمائة.

338-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو الفتح بْن النَّحْوِيّ الْأنباري، نزيل الرملة.

رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، ويوسف الْأزرق.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الماليني، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وآخرون.

وكان كثير الحديث.

339-

مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْمَان القاضي، أَبُو جَعْفَر المُطّوَّعي، المعروف بالباحث.

1 في الأصل "يصيبه".

ص: 302

وُلِّي القضاء بكُور خُرَاسان. وله مصنَّفات كثيرة. أراده ابن عَبَّاد عَلَى القضاء عَلَى شروط، أن ينتحل الاعتزال، فامتنع. ذكره ابن الصّلاح فِي "الشافعية"1.

340-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان النيسابُوري المُرَادي العدْل.

سَمِعَ: مكّي بْن عَبْدان، والمَحَامِلي، وابْن عُقْدَة. قَالَ ابن ماكولا: ثنا عَنْهُ أَبُو سَعِيد بْن علَّيك بالرّيّ.

341-

مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النَّديم البغدادي، أَبُو الفرج الْأخباريّ الْأديب الشيعي المُعْتَزِلي2، صاحب التصانيف.

فمن كتبه كتاب "الفهرست"، وكتاب "التشبيهات". و"الفهرست" هُوَ فِي أخبار الْأدباء، ذُكِر أَنَّهُ صُنِّف في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، ولا أعلم مَتَى تُوُفِّي، وإنما كتبته هنا عَلَى التّوَّهُّم.

342-

مُحَمَّد بْن أسد، أَبُو طاهر الْأشناني، إمام جامع الرَّقَّة.

رَوَى عَنْ: أَبِي سهل ابن زياد، والخلدي، وقرأ بالروايات عَلَى النّقّاش، وأَبِي طاهر عَبْد الواحد بْن أبي هاشم.

روى عنه: أبو سعد الماليني، وَأَبُو نصر السَجْزِي.

343-

مُحَمَّد بْن الْحَسَن القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الدّقّاق.

سَمِعَ: مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر بْن سُلَيْمَان، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي. وعنه: هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف.

344-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن ذهب التميمي البغدادي المذهّب3.

سَمِعَ: يحيى بْن صاعد، وأَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري.

رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن المذهب، وبقي إلى بعد التسعين وثلاثمائة فيما أظن.

1 في الأصل "الشافعة".

2 الوافي بالوفيات "2/ 197"، وميزان الاعتدال "5/ 72"، وسير أعلام النبلاء "6/ 253".

3 تاريخ بغداد "3/ 92".

ص: 303

345-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الْأمويّ، أَبُو عَبْد اللَّه السَّبْتِي، ويُعرف بابن الشَّيْخ.

كَانَ محدّث سَبْتَة فِي وقته، مشهور بالخير والورع، رحل إلى الْأندلس، وسمع من وهب بْن مَسَرَّة، وأَبِي عيسى اللَّيْثي. قَالَ القاضي عياض: كانت عنده غرائب وعجائب.

- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن خشين، أَبُو أحْمَد البغدادي1.

حدّث عَنْ: يزداد الكاتب، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي.

رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وقَالَ: ثقة، كثير الْأسْفار.

346-

عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الرّازي القصّار، الفقيه الشافعي.

قَالَ أَبُو يَعْلَى الخليلي: أفضل من لقيناه بالرّيّ. كَانَ مُفْتيها قريبًا من ستين سنة، أكثر من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابْن معاوية الكاغدي وأَحْمَد بْن خَالِد الحرُورِي، ومُحَمَّد بْن قارن، ولقي بآخره "شيوخ"2 بغداد: ابن السّمّاك، والنّجَّاد، وكان عالمًا، لَهُ فِي كلّ عِلْم حظّ، وبلغ قريبًا من مائة سنة. سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحافظ يَقُولُ: لم يعش أحد من الشافعية ما عاش هذا، وكان عالمًا بالفتاوَى والنّظر.

قلت: وروى عَنْهُ هبة اللَّه اللالكائي، وعَبْد الجبّار بْن عبد الله بن بزرة الرازي، وجماعة، ولا أعلم متى توفي.

"الكنى":

347-

أَبُو عَبْد اللَّه القُمّي التَّاجر3، من كبار المتموِّلين بمصر، اشتملت وصيّته عَلَى ألف ألف دينار، وتوفي بطريق مكة سنة أربعمائة.

1 تاريخ بغداد "3/ 228".

2 في الأصل "شريح".

3 المنتظم "7/ 248".

ص: 304

348-

بديل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، أَبُو بَكْر الهَرَوِي1.

حدّث ببغداد عَنِ: الْأصَمّ، ومنصور بْن الْحَسَن الدِّينَوَرِي، وجماعة. وعنه: أَبُو سعد الماليني، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال. ذكر الخطيب ترجمته مختصرة.

349-

معروف بْن مُحَمَّد، أَبُو المشهور الزَّنْجاني الواعظ، نزيل الرّيّ2.

رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وقاسم المَلَطي. وعنه: البَرْقَاني، ورضوان الدِّينَوَرِي، والعتيقي.

قَالَ الخطيب: تُكُلِّم فِيهِ. حدّث في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.

350-

أَبُو حيّان التوحيدي3، صاحب المصنَّفات، واسمه عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الصُّوفِي.

كَانَ فِي حدود الأربعمائة، وله مصنَّفات عديدة فِي الْأدب والفصاحة والفلسفة، وكان سيئ الاعتقاد، نفاه الوزير أَبُو مُحَمَّد المهلّبي.

قَالَ ابن بابي فِي كتاب "الخريدة والفريدة": كَانَ أَبُو حَيَّان كذَّابًا، قليل الدين والورع عَنِ القَذْف والمجَاهَرَة بالبُهْتَان، تعرّض لأمور جِسامٍ من القدْح فِي الشريعة والقول بالتّعطيل، ولقد وقف سيّدنا الصّاحب كافي الكُفاة عَلَى ما كَانَ يُدْغِلُه ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله، فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم بزُخْرُفِه وإِفْكِه، ثم عثروا منه عَلَى قبيح دخْلته وسوء عقيدته وما يُبْطِنه من الْألحاد، ويرويه فِي الْإسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصّحابة من القبائح، ويضيفه إلى السَّلَف الصّالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلّبي، فاستتر منه، ومات فِي الاستتار، وأراح اللَّه منه، ولم يؤثَرْ عَنْهُ إلا مَثْلَبة أو مُخْزيَة4.

وقَالَ أبو الفرج بن الجوزي في تاريخه: زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وَأَبُو حَيَّان التوحيدي، وَأَبُو العلاء المَعَرِّي، وأشدّهم عَلَى الْإسلام أَبُو حَيَّان لأنّهما صرَّحا، وهو مجمع ولم يصرح.

1 تاريخ بغداد "7/ 135".

2 تاريخ بغداد "13/ 209".

3 ميزان الاعتدال "2/ 355"، وسير أعلام النبلاء "17/ 119".

4 طبقات الشافعية "5/ 287".

ص: 305

قلت: وكان من تلامذة عَلِيّ بْن عيسى الرّمّاني، وقد بالغ فِي الثناء عَلَى الرّمّاني فِي كتابه الَّذِي ألّفه فِي تقريظ الجاحظ، فانظر إلى الحامد والمحمود، وأجْود الثلاثة: الرّمّاني مَعَ اعتزاله وتشيّعه.

وَأَبُو حَيَّان هُوَ الَّذِي نَسَب نفسه إلى التوحيد، كما سمّى ابنُ تومرت أتباعَه، فَقَالَ: الموحِّدين، وكما سمَّى صوفيّةُ الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وأهل الْألحاد.

أخبرني أحْمَد بْن سلامة كتابةً، عَنِ الطَّرَسُوسِيِّ، عَنِ ابن طاهر الحافظ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الفتح عَبْد الوهاب الشيرازي بالرّيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّان التَّوْحِيدِي يَقُولُ: أناسٌ مضوا تحت التوهُّم، وظنُّوا أنَّ الحقّ معهم، وكان الحقّ وراءهم.

قلت: مثلك يا معشر، بل أنت حامل لوائهم.

وقيل: إن أبا حَيَّان معدود فِي كبار الشافعية. ذكره لي القاضي عزّ الدين الكناني.

وقَالَ الشَّيْخ محيي الدين النّواوي فِي كتاب "تهذيب الْأسماء": أَبُو حَيَّان التَّوْحِيدِي من أصحابنا المصنَّفين، من غرائبه أَنَّهُ قَالَ فِي بعض رسائله: لا رِبا فِي الزَّعْفَرَان، ووافقه عَلَيْهِ القاضي أَبُو حامد المَرْوَزِي، والصّحيح تحريم الرِّبا فِيهِ.

وقد ذكره ابن النّجّار وقَالَ: لَهُ المصنَّفات الحَسَنَة، كالبصائر وغيرها، وكان فقيرًا صابرًا متديّنًا، إلى أن قال: كان صحيح العقيدة، كذا قَالَ، بل كَانَ عدوًّا لله خبيثًا. قال: سمع أَبَا بَكْر الشافعي، وجعفر الخلْدي، وأَبَا سَعِيد السِّيرَافِي، والقاضي أحْمَد بْن بِشْر العامري.

وعنه: عَلِيّ بْن يوسف القاضي، ومُحَمَّد بْن منصور بن جيكان وعبد الكريم بن محمد الداوودي، ونصر بْن عَبْد العزيز المقرئ الفارسي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس الشيرازيّون، ولقي الصّاحب ابن عَبَّاد، وأمثاله.

قلت: وسماع نصر بْن عَبْد العزيز منه فِي سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة، وقد سَمِعَ منه بشيراز أَبُو سعد عَبْد الرحمن بن "ممجة"1 الأصبهاني في سنة أربعمائة.

351-

أَبُو القاسم بْن مسلمة بْن أحْمَد القُرْطُبي2.

1 في الأصل "منجه".

2 الصلة لابن بشكوال "2/ 623".

ص: 306

كَانَ أستاذًا مُقَدَّمًا فِي علْم الهيئة والهندسة والأرصاد وهذه الصنائع المظلمة، وكان حاذقًا بمعرفة كتاب المجسْطي لبَطْلَيْمُوس، وله تصانيف عديدة فِي العلوم الرياضية، وأنجب لَهُ تلامذةً منهم ابن السَّمْح، وابْن الصّفّار، وابْن خلدون، والكرماني، والزَّهْراوي، وتوفي في حدود سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

352-

منصور بْن مُحَمَّد بْن منصور، أَبُو الْحَسَن البغدادي القزّاز المقرئ1.

قرأ القرآن: برواية أَبِي عمْرو، عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُوسَى بْن مجاهد، وأسنَّ وتفرّد فِي وقته.

قرأ عَلَيْهِ القرآن: أَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور الخّباز المقرئ، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، ونصر بْن عَبْد العزيز الشيرازي، وغيرهم.

قَالَ الخطيب: حدّث عَنْ نفْطَوَيْه ونحوه. ثنا عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وكان ثقة.

353-

مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الفرج الغسّاني الدمشقي الشاعر المعروف بالوأواء2، وليس للشامِيّن في وقته مثله.

روى عنه من شعره: أَبُو الْحَسَن المَيْدَاني، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو منصور يوسف بْن هلال.

قَالَ فِيهِ أبو منصور الثعالبي فِي اليتيمة: وهو من حَسَنَات الشام، وأحد صيّاغة الكلام، ومن عجيب شأنه ما أخبرني أَبُو بَكْر الخُوَارِزْمِي قَالَ: كَانَ أَبُو الفرج الوأواء مناديا فِي دار بطّيخ بدمشق عَلَى الفواكه، فما زال يشعر، حتى جاد شِعْرُه، وسار، ووقع منه ما يروق، وتفرّق حتى تعلو العيّوق.

وقَالَ يوسف بْن هلال: أنشدني الوأواء لنفسه:

ترشّفتُ من شَفَتَيْه العُقَار

وقبّلت من خدّه جُلَّنَارا

وشاهدْت منه كَثيبًا مهيلا

وغصنًا رطِيبًا وبدْرًا ونارا

وأبصرْت من وجهه فِي الظلام

بكلّ ما كان بليل نهارا

1 تاريخ بغداد "13/ 85".

2 الوافي بالوفيات "2/ 53".

ص: 307

قَالَ: وأنشدني لنفسه:

زمان الرّبيع زمان أنيق

وعَيْش الخلاعة عيش رفيق

وقد جمع الوقت حاليهما

فمن ذا يفيق ومن يستفيق

ويوم ستارَتُه غَيْمُه

وقد طَرَّزَتْ رَفْرَفَيْه البُرُوق

عقدنا من النَّدِّ دُخَّانه

ومن شَرَر الرّاح فِيهِ رحيق

سجدنا لصُلْبان منْشُوره

وقد نصَّرَتْنا لدَيْه الرَّحيق

فذا أصفر وجِلٌ خائفٌ

وذا أحمر وكَذَاك العشيق

أدِرْ يا غلام كئوس المُدَام

وإلا فيكفيك لحظٌ ورِيق

تغنم بنا غفلة الحادثا

ت فوجه الحوادث وجهٌ صَفِيق

وله فِي سيف الدولة بْن حمدان:

من قاسَ جَدْوَاك بالغَمام فما

أنصف فِي الحُكْم بين شكلين

أنت إذ جُدْتَ ضاحكٌ أبدًا

وهو إذا جاد باكيَ العَيْن

وله:

أتاني زائرًا من كَانَ بيدي

ليَ الهجر الطويل ولا يزورُ

فَقَالَ النّاس لمّا أبصروه

ليَهْنَكَ زارك القمرُ المنيرُ

مَتَى أرعى رياض الحُسْن فِيهِ

وعيني قد تضمّنها غَدِيرُ

354-

سَعِيد بْن عثمان بْن مروان الْقُرَشِيّ الْأندلسي، الشاعر المعروف بابن عَمْرون1، من فحول شعراء المنصور أبي عامر صاحب الأندلسي، ومن شعره فِي المنصور، وقد أحسن ما شاء.

ذَكَرَ العَقيقَ ومنزلا بالأبْرَق

فكفاه ما يلقى الفؤاد وما لقي

رُدَّت إِلَيْهِ صبابَة رَدَّتْه من

فرْط التوقُّد كالذّبال المحرِقِ

من لي بمن تأبَى الْجُفُونُ لفَقْدِهِ

أنْ لا يلتقي أو نلتقي

1 الوافي بالوفيات "15/ 242".

ص: 308

ريم يَرُوم وما اجترمَتْ جريمة

قتلي ليتلف من بقائي ما بقي

لم يلق قلبي قطّ من لَحَظَاتِه

إلا بسَهم للحُتُوف مُفَوَّقِ

وإذا رماني عَنْ قسيّ جفونه

لم أَدْر من أيّ الجوانب "أتَّقِي"1

قَالَ الْإمَام أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم: تذكر المنصور هذه القصيدة فِي سنة إحدى وثمانين فأعجبته، وكان سَعِيد قد مدحه بها قديمًا، فأمر لَهُ الْآن بثلاثمائة دينار.

355-

ابن الْحُسَيْن الْأندلسي شاعر مُفْلِق فِي حدود الأربعمائة.

فمن شعره:

تعيِّرني أنْ لا أقيم ببلدة

وفي مثل حالي هذه القَمَرانِ

رأت رجلا لا يشرب الماء صافيا

ويحلو لديه وهو أحمر قانِ

لَهُ هِمَمٌ سافَرْن فِي طلب العُلَى

نجوم الثريّا عندهنّ دَوَاني

تغرُب لمّا أن تغرّب ذِكْرُه

عُلُوًّا كِلا هاذين مغتربانِ

356-

أحْمَد بْن عَلِيّ بْن وصيف، أَبُو الْحُسَيْن بْن خُشْكَنَاكَة البغدادي، الكاتب الشاعر2 النّديم، صاحب "الموصول" بالنظم، وكتاب "صناعة البلاغة"، وكان شيعيًّا مناظرًا، نادَمَ الوزير المهلّبي، وبقي إلى أيام الملك شرف الدولة، وقد نادَمَ ابن بقيّة الوزير.

فمن شعره:

سلمت بالجفون سلمى فسلمـ

ـت إليها قلبًا سليمًا سقيما

فالقوام القويم يهتزُّ لدنًا

زاده الهزُّ فِي النَّقي تقويما

كم لها من مقاتلٍ وقتيلٍ

وكلامٍ بِهِ تداوي الكَلُومَا

رُبَّ ليلٍ من شعرها ونهار

من سَنا وجهها اتخذتُ نديما

357-

علِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن البصْري القطّان المقرئ المعروف بالخاشع، أحد من عُنِيَ بالقراءات ورحل فيها.

1 في الأصل "أبقى".

2 الوافي بالوفيات "7/ 227".

ص: 309

قرأ بمكّة عَلَى: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عيسى بْن بُنْدَار صاحب قُنْبُل، وبأنطاكية عَلَى الْأستاذ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرزّاق، وبغيرها عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الصّبّاح، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بقرة، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرّازي صاحب الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الْأزرق، وطائفة. وتصدّر للإقراء ببغداد.

قرأ عَلَيْهِ: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور، وأبو بكر محمد بن عمر بن زلال النَّهَاوَنْدِي.

358-

أحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر البَجَلي الجريري الْمَكِّيّ. رحّال جوّال.

رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السّقّاء، وأَبِي بَكْر الإسماعيلي، والمفيد، وطبقتهم.

وعنه: تمّام الرّازي، وهو أسند منه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الرَّبْعِي، وَأَبُو الْحَسَن بْن السّمسار، ومات قبل أوان الرّواية.

359-

عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن بحر بْن بِهْرَام الوزير1، أَبُو القاسم بْن المغربي، وهو بغدادي الْأصل، والمغربي لقب جده.

وُلِد أَبُو القاسم بحلب، ونشأ بها، ووزر لصاحبها سعد الدولة أبي المعال بْن سيف الدولة بْن حمدان، ثم هرب خوفًا منه إلى مصر، وعَظُم بها، ووزر للحاكم، ثم قتله الحاكم. وكان شاعرًا أديبًا.

رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني الْأزْدِيّ، وهو والد الوزير أَبِي القاسم الْحُسَيْن.

360-

الْحَسَن بْن المليح بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن طاهر بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن جعفر بْن عُبَيْد اللَّه بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْأمير الشريف، أَبُو مُحَمَّد العلوي الحسيني الْمَدَنِيّ، أمير المدينة وابْن أميرها. أَبِي طاهر.

قَالَ أَبُو الغنائم النَّسَّابة فِي كتاب "نُزْهة العيون": حكى الشريف حسن بْن المليح قَالَ: قدمت عَلَى بكجور نائب دمشق. قلت: وليها في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.

1 وفيات الأعيان "2/ 172".

ص: 310

قَالَ: فأتيته وأنا شابّ، وكان يحبّ العلويين، وكان أَبِي إذ ذاك أمير المدينة، فنزلت فِي فندق الطائي بسوق القمح من دمشق، وأهديت لَهُ شَعرًا مِنْ شَعر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحكاية، وأنّ بكجور وصله بأشياء، فلما خرج، قَالَ بعض الحاضرين: كيف يكون هذا شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ولعلّه من شعر أهل بيته، قال: فتغيّر عليّ ثاني يوم، ثم بلغني ذَلِكَ، فتألّمت، وجئته، وقلت: أشتهي تردّ عليّ هديتي، فأحضره، فطلبت مِنْقَلَ نارٍ، فأُحْضِر، فوضعت الشَعْر، وكان أربع عشرة شعرة، عَلَى ذَلِكَ الحجر، فلم يحترق، فبكى الْأمير وقَالَ: يا حَيَانا من رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبالغ فِي كرامتي، حتى أنَّني لما ركبت، أخذ بركابي وقبّل رِجْلي.

361-

مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو الْحَسَن الْأنباري1، الشاعر الَّذِي رثى الوزير ابن بقيّة بكلمته البديعة.

عُلُوٌّ في الحياة والممات

توفي سنة نيف وتسعين وثلاثمائة.

362-

مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان الخَوْلاني، أَبُو بَكْر القُرْطُبي الزّاهد، ويعرف بالعَوّاد. رَوَى المُوَطَّأ عَنْ أَبِي عيسى يحيى بْن عَبْد اللَّه، وغيره.

حدّث عَنْهُ: أَبُو الوليد بْن الفَرَضِيّ، وابْن أخيه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه والد أحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلاني، بلغنا أَنَّهُ تُوُفِّي بعسقلان.

363-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الحميد الصَّنعاني.

سَمِعَ من: إِسْحَاق الدَّبَرِي جملة صالحة، وحدّث بمكّة.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم فِي "المستدرك".

364-

مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى عِيسَى بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معْبد بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد المطّلب2، الرئيس الْأنبل، أَبُو عَبْد اللَّه الهاشمي، والد الشريف أبي بكر أحمد.

حدث عن جعفر الفريابي، وكان ثقة.

1 تاريخ بغداد "3/ 35".

2 تاريخ بغداد "2/ 404".

ص: 311

قَالَ الخطيب: رَوَى عَنْهُ ولده أَبُو بَكْر، قَالَ: وإليه انتهت رئاسة العبّاسيين فِي زمانه.

قَالَ أَبُو إِسْحَاق الطَّبري، رَأَيْت ثلاثة لا يُزَاحَمُون، يعني فِي السُّؤدد: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن أحْمَد الموسوي الطّالبي، والد الشريف المُرْتَضي، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى الهاشمي، وَأَبُو بَكْر الْأكفاني، صدر الشهود.

ص: 312