الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغلاء بدمشق:
وكان الغلاء بدمشق شديد، بلغت الغرارة خمسة وعشرين دينارًا، ومات الفقراء عَلَى الطُّرُق، فعزم نور الدّين عَلَى منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملُّكها1.
رئاسة رضيّ الدين التميمي:
وأمّا رضِيّ الدّين التّميميّ، فإنّه طُلب إلى القلعة، وشُرّف بالخِلع المكمد، والمركوب بالسّخت، والسّيف المحلّى، والتَّرس، وركب معه الخواصّ إلى داره، وكُتب لَهُ التّقليد، ولُقِّب بالرئيس، الأجلّ، وجيه الدّولة، شرف الرؤساء2.
قتْل متولّي بعلبَكّ:
ونفذ مجير الدّين إلى بَعْلَبَكّ، فاعتقل وقيَّد متولّيها عطاء الخادم، وكان جبّارًا، ظالمًا، غشومًا. فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثم ضُربت عنقه.
1 ذيل تاريخ دمشق "325، 326".
2 ذيل تاريخ دمشق "326".
أحداث سنة تسع وأربعين وخمسمائة:
حصار تكريت:
فيها: نفذ الخليفة عسكرًا، فما أخذوا تِكْريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وقُتل من الفريقين عدَّة، ثمّ رَأَى الخليفة أنّ أخْذها يطول، فرجع بعد أن نازلَها مدَّةَ أيّام. ثمّ بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستَّة آلاف، فجهّزهم لحصارها مَعَ الوزير ابن هُبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاثمائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنّها كانت تزيد عَلَى ألف كرّ، فوصل الخبر بأنّ مسعود بلال جاء في عسكرٍ عظيم إلى شهرابان، ونهبوا النّاس. وطلب ابن هُبيرة للخروج إليهم1.
موقعة الخليفة والسلطان:
وكان مسعود بلال وألْبقش قد اجتمعا بالسّلطان محمد، وحثّاه عَلَى قصْد
1 المنتظم "10/ 156"، والكامل في التاريخ "11/ 194"، والعبر "4/ 134، 135".
العراق، فلم يتهيّأ لَهُ، فاستأذناه في التّقدُّم أمامه، فأذِن لهما، فجمعا خلْقًا من التُّركمان، ونزلا في طريق خُراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا ثمانية عشر يومًا، وتحصّن التُّركمان بالخركاوات والمواشي. ثم كانت الوقعة في سلْخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم، وتُرشك. وثبت الخليفة، وضربوا عَلَى خزائنه، وقتلوا خازنه يحيى بْن يوسف الجزَري، فجاء منكورس، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتّى نحمل. فقال: لا والله إلّا معكما. ورفع الطّرحة، وجذب السّيف، ولبس الحديد هُوَ وولّي العهد وكُبّرا، وصاح الخليفة: يالَ مُضر، كذب الشّيطان وفرّ، {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} [الأحزاب: 25] ، ثلاثة. فحمل العسكر بحملته، ووقع القتْل، حتّى سُمع وقْع السّيوف كوقْع المطارق عَلَى السّنادين، وانهزم القوم وسُبي التّركمان، وأُخِذت مواشيهم وخيلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، وبيعت كلّ ثمانين بدانق.
ثمّ نُودي بردّ من سُبي من أولادهم، وأخذ ألْبقشُ أرسلان شاه بْن طُغرل، وهرب بِهِ إلى بلده، وانهزم تُرشك، ومسعود الخادم إلى القلعة. ثمّ أغارا بعد أيّامٍ عَلَى واسط، ونهبوا ما يختصّ بالوزير ابن هُبَيْرة فرجع الخليفة إلى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدوّ، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصورًا، فخلع عَلَيْهِ الخليفة، ولَقَّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش. وعرض الجيش في أُبَّهَة كاملة1.
زلزلة بغداد:
ولمّا كَانَ يوم الفِطْر، جاء مطرٌ، ورعدٌ، وبرق، وزُلزلت بغداد من شدَّة الرّعد. ووقعت صواعق، منها صاعقة في التّاج المسترشديّ2.
موت ألبقش:
وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإيفاده إلى عسكر الموصل يستنجدهم، وإلى مسعود بلال صاحب تِكْريت يستنجد بِهِ، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا عَلَى اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألْبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجأوا إلى الخليفة. وحصل الأمن3.
1 المنتظم "10/ 156، 157"، والكامل في التاريخ "11/ 195، 196".
2 المنتظم "10/ 157".
3 المنتظم "10/ 158"، والعبر "4/ 135".
التجريد إلى همذان:
ثمّ جرّد الخليفة ألفي فارس إلى جهة هَمَذَان1.
ظهور دم بنواحي واسط:
وفيها: حدث بنواحي واسط ظهورُ دمٍ من الأرض، لا يُعلم لَهُ سبب2.
حال السلطان سنجر في الأسر:
وجاءت الأخبار أنّ السّلطان سَنْجَر تحت الأسر وتحت حكْميَّة الغُزّ، وله اسم السّلطنة، وراتبه في قدْر راتب سائسٍ من سيّاسه، وأنّه يبكي عَلَى نفسه3.
دخول الغُزّ مرو:
ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلْقًا، ونهبوا، وبدّعوا4.
مقتل الظافر العُبيدي:
وفيها: قُتل بمصر خليفتُها الظّافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبيًا صغيرًاو ووَهَى أمر المصريّين5.
ولاية نور الدين مصر:
فكتب المقتفي لأمر اللَّه عهدًا لنور الدّين محمود بْن زنْكيّ، وولّاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أيامًا قد تملّك دمشق في صَفَر، وأخذها من صاحبها مجير الدّين أبق بْن محمد بْن بوري بن طُغتكين.
1 المنتظم "10/ 158".
2 المنتظم "10/ 158".
3 المنتظم "10/ 158، 159"، والعبر "4/ 135".
4 دول الإسلام "2/ 65".
5 المنتظم 10/ 158"، والكامل في التاريخ "11/ 91، 192"، وتاريخ الزمان "170"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 92، 93"، والعبر "4/ 136".
أخْذ نور الدين دمشق:
وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتّى أنّهم استعرضوا مَن بها مِن الرّقيق، فمن أراد المُقام تركوه، ومن أراد العَوْد إلى وطنه أُخذ قهرًا من مالكه. وكان لهم عَلَى أهلها كلّ سنة قطيعة، فتجيء رُسُلُهم ويأخذون من النّاس. فراسل نور الدّين مالكها مجير الدّين واستماله، وواصَلَه بالهدايا، وأظهر لَهُ المودَّة حتّى رَكَن إِلَيْهِ، وكان يرسل إِلَيْهِ أنّ فلانًا قد بعث إليَّ وكاتبني في تسلُّم دمشق فاحْذَرُه. فكان مجير الدّين يقبض عَلَى ذَلكَ الرجل، ويقطع خبره، إلى أن قبض عَلَى نائبه عطاء بْن حَفّاظ وقتله.
وكان نور الدّين لا يتمكّن مَعَ وجود عطاء من أخْذ دمشق. ثمّ كاتب نور الدّين مَن بدمشق من الأحداث، واستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلّموا إِلَيْهِ البلد، فلمّا وصل نور الدّين إلى دمشق بعث مجير الدّين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدّين البلد من قبل أن يَقْدَمُوا، وذلك أنّ نور الدّين حاصرها، فسلّم إِلَيْهِ أهل البلد من ناحية الباب الشّرقيّ، وحصر مجير الدّين في القلعة، وبذل لَهُ إنْ سلّم القلعةَ بلدَ حمص، فنزل، فلمّا سار إلى حمص أعطاه عِوَضَها بالِس، فغضب ولم يرض بها، وسار إلى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها دارًا فاخرة بقرب النّظاميَّة1.
انهزام الإسماعيلية أمام الخراسانيين:
وفيها: ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارسٍ وراجل، وقصدوا خُراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمَع لهم أمراء من جُنْد خُراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلّا الأقلّ. وخلَت قَلاعهم مِن الحُماة. ولولا أنّ عسكر خُراسان كانوا مشغولين بالغُزّ لَمَلكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم2.
1 الكامل في التاريخ "11/ 197، 198"، والبداية والنهاية "12/ 231، 232".
2 دول الإسلام "2/ 66، 67".