المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة ثمان وأربعين وخمسمائة: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٣٧

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة ثمان وأربعين وخمسمائة:

‌أحداث سنة ثمان وأربعين وخمسمائة:

خروج الغُزّ عَلَى السلطان سنجر:

فيها: خرجت التُرك عَلَى السلطان سَنْجَر، وهم الغُزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فِعل التّتار. وكان بينهم ملحمة عظيمة، فكُسر سَنْجَر، واستُبيح عسكره قتْلًا وأسْرًا، ثمّ هجمت الغُزّ نَيْسابور، فقُتل معظم من فيها من المسلمين، ثمّ ساروا إلى بلْخ، فملكوا البلد، وكانت عدّتهم فيما قِيلَ مائة ألف خرْكاه. ثمّ أسروا سَنْجَر وأحاطوا بِهِ، وذاق الذّلّ، وملكوا بلاده، وبَتّوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السّلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورةً بلا معنى1.

محاصرة عسكر المقتفي تكريت:

وبعث المقتفي عسكرًا يحاصرون، تِكْريت، فاختلفوا، وخامر ترشك المقتفويّ، واتّفق مَعَ متولّي تِكْريت، وسلكوا درْب خُراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفْعهم، فهربوا، فسار إلى تِكْريت، وشاهد القلعة ورجع، ثمّ برز السُرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملكشاه، فانهزم إلى خُوزسْتان، فنزل الخليفة بظاهر واسط أيّامًا، ورجع إلى بغداد2.

نجاة الوزير ابن هُبيرة من الغرق:

وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغَرَق، انفلقت السّفينة الّتي كَانَ فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للّذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير3.

1 المتنظم "10/ 152"، والكامل في التاريخ "11/ 176"، والعبر "4/ 128"، والبداية والنهاية "12/ 230، 231".

2 المنتظم "10/ 152، 153"، والكامل في التاريخ "11/ 189".

3 المنتظم "10/ 153".

ص: 30

مقتل ابن السلار:

وفيها: قُتل العادل عليّ بْن السّلار بمصر1.

تسلُّم الغوريّ هَراة:

وفيها: حاصر الملك غياث الدّين الغُوريّ مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسّلطان سَنْجَر2.

إصابة شهاب الدين الغوري أمام الهند:

وفيها: سار شهاب الدّين الغُوريّ أخو غياث الدّين، فافتتح مدينةً من الهند، فتحزَّبت عَلَيْهِ ملوك الهند، وجاءوا في جيشٍ عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون. وجاءت شهابَ الدّين ضربةٌ في يده اليُسرى بطُلت منها. وجاءته ضربةٌ أخرى عَلَى رأسه فسقط. وحَجَزَ اللّيل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدّين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا بِهِ، فغضب عَلَى أُمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكلّ واحدٍ منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوا ليضْربنّ أعناقهم، فأكلوا بعد الْجَهْد. ثمّ نجده أخوه بجيشٍ ثقيل، فالتقى الهندَ ونُصر عليهم3.

رواية ابن الأثير عَنْ محاربة الهنود لشهاب الدين:

قَالَ ابن الأثير4: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عددٍ يضيق عَنْهُ الفضاء، فراسلها شهاب الدّين الغوريّ بأنّه يتزوّجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات. فأتى هنديّ إلى شهاب الدّين، فذكر أنّه يعرف مخاضةً، فجهَّز جيشًا عليهم حسين بْن حرملك الغوريّ الّذي صار صاحب هَرَاة بعد. وكان شجاعًا مذكورًا. فسَاروا مَعَ الهنديّ، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السّيف، واشتغل الموكَّلون بحفْظ المخاضات، فعبر شهاب الدّين في العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلّا من عجز المسلمون عَنْهُ. وقُتلت ملكتهم. وتمكّن شهاب الدّين من

1 ذيل تاريخ دمشق "319، 320"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 92".

2 العبر "4/ 129"، ودول الإسلام "2/ 63".

3 الكامل في التاريخ "11/ 172، 173"، والعبر "4/ 129".

4 في الكامل "11/ 171- وما بعدها".

ص: 31

بلاد الهند، والتزموا لَهُ بحمل الأموال وصالحوه. وأقطع مملوكه قُطْب الدّين أَيْبَك مدينة دهلي، وهي كرسيّ مملكة الهند، وجهّز جيشًا، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلمٌ قبل، حتّى قاربوا لجهة الصين1.

تسلّم مجير الدين مفاتيح صرْخد:

ومن سنة ثمانٍ وأربعين، في صفر توجّه صاحب دمشق مُجير الدّين، ومعه مؤيَّد الدّين الوزير، فنازل بُصْرى لمخالفته وجوره عَلَى أهل النّاحية، وسلّم إِلَيْهِ مجاهد الدّين مفاتيح صَرْخَد، فأعطاه جملةً. ثمّ صالحه سرخَاك نائب بُصرى.

أخْذ الفرنج عسقلان:

وجاءت الأخبار بأنّ نور الدّين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عَنْ أهل عسقلان، فإنّ الفرنج نزلوا عليها في جمْعٍ عظيم، فتوجّه مُجير الدّين صاحب دمشق إلى خدمة نور الدّين، واجتمع بِهِ في أمر الجهاد، وساروا إلى بانياس، فبلغهم أخُذُ عسقلان وتخاذُل أهلها واختلافهم2.

الوزارة بدمشق:

وقد مرّ شرح حال الرئيس وتمكَنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عزّ الدّولة وزين الدّولة مشاحنات وشرّ أفضى إلى اجتماعهما بمجير الدّين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال إلى أن تمكّن زين الدّولة منه بإعانة مُجير الدّين عَلَيْهِ، فتقرّر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته إلى قلعة صَرْخد مَعَ مجاهد الدّين بُزان، وتقلّد زين الدّولة الوزارة. فلم يلبث إلّا أشهرًا، فظلم فيها وعسف، إلى أن ضرب عنقَه مجيرُ الدّين، وردّ أمرَ الرئاسة والنّظر في البلد إلى الرئيس رضيّ الدّين أَبِي غالب بْن عبد المنعم بْن محمد بْن راشد بْن عليّ التّميميّ.

فاستبشر الناس قاطبةً.

1 الكامل في التاريخ "11/ 171، 172"، ودول الإسلام "2/ 64".

2 الكامل في التاريخ "11/ 188، 189"، والبداية والنهاية "12/ 231".

ص: 32