الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سنة ستّ وأربعين وخمسمائة:
وعْظ ابن العبّادي بجامع المنصور:
قدِم السّلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبّاديّ أن يجلس في الجامع المنصور.
فقيل لَهُ: لا تفعل، فإنّ أهل الجانب الغربيّ لا يمكّنون إلّا الحنابلة. فلم يقبل، وضمن لَهُ نقيب النُقباء الحماية. فجلس في ذي الحجَّة يوم جمعة، وحضر أستاذ دار، والرؤساء، وخلائق، فلمّا شرع في الكلام كثُر اللَّغط والضّجات، ثمّ أُخذت عمائم وفُوَط، وجُذبت السّيوف حول ابن العبَّاديّ، فثبت، وسكن النّاس. ثمّ وعظ2.
أسْر جوسلين:
وفيها: أسر نور الدّين جوسلين فارس الفرنج وبطلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عَزاز، وعينتاب، وتل باشِر3.
ومن أحداث سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة:
تحشُّد عساكر نور الدين قرب دمشق:
في عاشوراء نزل عسكر نور الدّين بعَذْرا ونواحيها، ثم قصد من الغد طائفة منهم
1 المنتظم "10/ 145"، والدباية والنهاية "12/ 229".
2 الكامل في التاريخ "11/ 154، 155"، والبداية والنهاية "12/ 229".
إلى ناحية النَّيْرَب1 والسَّهْم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلمّا خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا إلى البلد وسَلِمُوا. وانتشرت العساكر الحلبيَّة بنواحي البلد، واستؤصلت الزُّرُوع والفاكهة من الأَوْباش، وغَلَت الأسعار. وتأهبوا الحفظ البلد. فجاءت رسُل نور الدّين يَقُولُ: أَنَا أؤثر الإصلاح للرعيَّة وجهاد المشركين، فإنْ جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدْنا عَلَى الجهاد، فذلك المراد.
فلم يُجيبوه بما يُرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدّين رِفقًا بالمسلمين.
ولكنْ خربت الغُوطة والحواضر إلى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدم التّبْن، وعظُم الخطْب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدّين. ودام ذَلكَ شهرًا، والجيش النُّوريّ في جمْع لا يُحصى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذَن لأحد في التّسرُّع إلى القتال. ولكنْ جُرح خلْق2.
تحالف الفرنج وعسكر دمشق:
ثمّ ترحّل بهم إلى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثمّ تحوّل إلى عين الجرّ3 بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مَعَ عسكر دمشق، وقصدوا بُصْرَى لمنازلتها، فلم يتهيّأ لهم ذَلكَ، وانكفأ عسكر الفرنج إلى أعمالهم، وراسلوا مجير الدّين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم عَلَى ترحيل نور الدّين، وقالوا: لولا نَحْنُ ما ترحّل4.
غزوة الأسطول الْمَصْرِيّ إلى سواحل الشام:
وورد الخبر بمجيء الأسطول المصريّ إلى ثغور السّاحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركبًا حربيَّة مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها عَلَى ما قِيلَ ثلاثمائة ألف دينار. فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا عَلَى مراكب الفرنج، ثمّ قصدوا عكّا، ففعلوا مثل ذَلكَ، وقتلوا خلْقًا عظيمًا من حجاج الفرنج، وقصدوا صيدا،
1 النيرب: قرية مشهورة بدمشق على نصف فرسخ "معجم البلدان 5/ 330".
2 ذيل تاريخ دمشق "312-314"، تاريخ الزمان "166، 167".
3 ذيل تاريخ دمشق "314"، كتاب الروضتين "1/ 201، 202".
4 ذيل تاريخ دمشق "315"، أخبار مصر لابن ميسر "2/ 91".
وبيروت، وطرابُلُس، وفعلوا بهم الأفاعيل. ولولا شغل نور الدّين لأعان الأصطول. وقيل إنّه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفًا.
مصالحة نور الدين وصاحب دمشق:
ثمّ عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده عَلَى الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بدارَيّا، فنوديَ بخروج الْجُنْد والأحداث، فقَلَّ من خرج، ثمّ إنّه قرُب من البلد، ونزل بأرض القَطِيعة، ووقعت المناوشة. فجاء الخبر إلى نور الدّين بتسلّم نائبه الأمير حسن تلّ باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبُوقات بالبشارة. وتوقّف عَنْ قتال الدّمشقيّين ديانةً وتحرُّجًا.
وتردّدت الرسُل في الصُّلْح عَلَى اقتراحاتٍ تردّد فيها الفقيه برهان الدّين البلْخيّ، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثم وقعت الأَيْمان من الجهتين، فرحل إلى بُصْرَى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأنّ واليها سرخاك قد عصى، ومال إلى الفرنج، واعتضد بهم، فتألَّم نور الدّين لذلك، وجهّز عسكرًا لقصده1.
الوباء بدمياط:
وفيها: كَانَ الوباء المُفْرِط بدِمْياط، فهلك في هذا العام والّذي قبله أربعة عشر ألفًا، وخَلَت البُيُوت2.
استنابة مجير الدين بدمشق:
وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدّين أبق في خواصّه إلى حلب، فأكرمه نور الدّين، وقرَّر معه تقريرات أقرَّ بها بعد أن بذل الطّاعة والنّيابة عَنْهُ بدمشق. ورجع مسرورًا3.
هزيمة الفرنج أمام التركمان عند بانياس:
وفي شعبان قصدت التُّركُمان بانياس، فخرجت الفرنج والتقوا، فعمل السّيف في العدوّ، وانهزم مقدَّمُهم في نفرٍ يسير4.
1 ذيل تاريخ دمشق "315، 316".
2 ذيل تاريخ دمشق "316".
3، 4 ذيل تاريخ دمشق "317".