الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاج مصالي وسائر المعتقلين السياسيين وفي اليوم الموالي للاجتماع، أصدر المكتب المركزي بياناً ندد فيه بالاتهامات القائلة إن منظمي مظاهرات أول مايو في مختلف مدن الجزائر وقراها كانوا هتليريين يهدفون إلى إفساد الاحتفالات بعيد الشغل العالمي. (75).
أحداث ثامن مايو:
وفي نهاية الإسبوع الأول من شهر مايو سنة 1945 استسلمت ألمانيا أمام ضغط الحلفاء والاتحاد السوفياتي وتقرر أن يكون اليوم الثامن من الشهر المذكور موعداً للاحتفال بالنصر المبين، وإذا كانت قيادة حزب الشعب الجزائري قد قررت المشاركة الفعلية في تلك الاحتفالات من أجل تأكيد رغبة
..............
................ (*)
العسكرية التي قادت الأول إلى السجن ووجهت الثاني إلى مستشفى "مايو" للعلاج" (78).
والحرية قد أقدمت، في الشرق الجزائري خاصة، على تنظيم مسيرات مستقلة عن المظاهرات الرسمية، وتمكنت في بعض المدن والقرى من إنجاز ذلك في إطار قانوني بعد أن حصلت على ترخيص من السلطات المعنية (79). لكن ذلك لم يحل دون القمع البوليسي وإراقة دماء الأبرياء.
أما فيما يخص قرار المشاركة الذي اتخذته قيادة حزب الشعب الجزائري، فإن السيدين أحمد بوده وعبدون يزعمان، من خلال الشهادات التي أعطياها لعدد من الكتاب والجامعيين (80)، أنه نقل بدون تعليق إلى القواعد الحزبية ثم تركت المبادرة إلى المناضلين ينفذونه كيفما شاؤوا وطبقاً لإمكانياتهم وحسبما تمليه الظروف المحلية، ويضيف المسؤولان أن الأمر بالتظاهر قد صدر، فقط، عن قيادة حركة أحباب البيان والحرية.
إن هذا الإقرار غير صحيح، لأن السيد شوقي مصطفى، الذي كان من القياديين الوطنيين الأساسيين، يذكر أنه تولى بنفسه صياغة التعليمات التي أرسلت إلى القواعد من أجل تجسيده قرار القيادة على أرض الواقع (81). وأن القارئ ليجد تأكيداً لذلك في شهادة السيد السعيد عمراني التي قدمها إلى الرئيس
(*) - نقص صفحة كاملة من المخطوط غير موجودة.
ابن يوسف بن خدة والتي جاء فيها أن التعليمات المذكورة تضمنت أمر المناضلين برفع الأعلام الوطنية وكذلك أعلام الحلفاء بما في ذلك العلم الفرنسي (82)، ومهما يكن من أمر، فإن كل المسؤولين والمناضلين يؤكدون أن حزب الشعب الجزائري قد أعد منشوراً في الموضوع ووزعه يوم 6/ 5/1945 في الجزائر العاصمة وفي أهم مدن البلاد وقراها.
ولقد تضمن المنشور المذكور دعوة جميع المناضلين إلى رفع الأعلام الوطنية وكذلك عدداً من اللافتات التي تعبر عن المطالبة بتحرير الشعب الجزائري وإطلاق سراح الحاج مصالي وسائر المعتقلين السياسيين، وعن التنديد بالاستعمار والامبريالية بجميع أشكالها. وفي الواقع، فإن جميع المسيرات الشعبية بما في ذلك تلك التي أشرفت على تنظيمها فروع حركة أحباب البيان والحرية، قد وظفت نفس الشعارات لأن مناضلي حزب الشعب الجزائري كانوا، في كل الحالات، هم المحرك الرئيسي للمظاهرات.
على هذا الأساس، ومن هذا المنطلق، نستطيع الجزم بأن قيادة حزب الشعب الجزائري السرية هي مصدر الأمر بتنظيم المسيرات الشعبية والمشاركة فيها بمناسبة الاحتفالات بعيد الانتصار على النازية، وإذا كانت القيادات المحلية لحركة أحباب البيان والحرية، في جل الأماكن، هي التي أشرفت مباشرة على العملية، فلأنها كانت، في معظمها، مكونة من إطارات قيادية من الحزب المذكور وهي، في تحركها، إنما كانت تطبق التعليمات الصادرة عن قيادتها الأساسية، لأن القيادة العليا لحركة أحباب البيان والحرية لم تتلق موافقة السلطات الاستعمارية ولم تكن مستعدة لخرق القانون.
ولقد كان حزب الشعب الجزائري يهدف، من خلال تنظيم المسيرات الشعبية، إلى لفت انتباه الحلفاء عامة وحكومة الجنيرال ديغول بصفة خاصة، إلى الواقع الجديد الذي آل إليه الشعب الجزائري وهو واقع الاستعداد المطلق لتحمل مسؤولياته كاملة في تسيير شؤونه بنفسه.
ومن الجدير بالذكر، أن ذلك الواقع الجديد لم يتشكل دفعة واحدة بل هو حصيلة كل الأحداث والتطورات التي وقعت خاصة أثناء الحرب الامبريالية الثانية، والتي تعرضنا إليها بإيجاز كبير في الصفحات السابقة، ويمكننا، بعد التدقيق والتمحيص، أن نقول عنها إنها ممهدات الثورة من أجل استرجاع السيادة الوطنية.