الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ سُلَيْمَانَ بْنِ عُتْبَةَ الْغَسَّانَيِّ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْمُعَلَّى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" سَتَجِدُونَ أَجْنَادًا: جُنْدًا بِالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ "،
⦗ص: 50⦘
قُلْنَا: فَخِرْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ» ، قَالُوا: إِنَّا أَصْحَابُ مَاشِيَةٍ وَعَمُودٍ وَلَا نُطِيقُ الشَّامَ، قَالَ:«فَمَنْ لَمْ يُطِقْ الشَّامَ فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْقِ بِغُدُرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ»
ذِكْرُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَنْسِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْجَهْمِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ طِلَابٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ:«لَيْسَ الزَّاهِدُ مَنْ أَلْقَى هُمُومَ الدُّنْيَا وَاسْتَرَاحَ مِنْهَا، إِنَّمَا ذَلِكَ رَاحَةٌ؛ إِنَّمَا الزَّاهِدُ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَتَعِبَ فِيهَا لِلْآخِرَةِ» قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: مَاتَ أَبُو سُلَيْمَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِئَتَيْنٍ، وَعَاشَ ابْنُهُ سُلَيْمَانُ بَعْدَهُ سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا وَمَاتَ
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، قَالَ:" أَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَى دَاوُدَ: إِنَّ أَهْوَنَ مَا أَصْنَعُ بِالْعَبْدِ مِنْ عَبِيدِي إِذَا آثَرَ شَهْوَةً مِنْ شَهَوَاتِهِ عَلَيَّ، أَنْ أُحْرِمَهُ طَاعَتِي "
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ:" أَقَمْتُ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ أَحْتَلِمْ، فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فَأَحْدَثْتُ فِيهَا حَدَثًا، فَمَا أَصْبَحْتُ حَتَّى احْتَلَمْتُ فَقُلْتُ: وَإِيشْ كَانَ الْحَدَثُ؟ قَالَ: فَاتَتْنِي صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ "
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89] قُلْتُ لَهُ: «الْقَلْبُ السَّلِيمُ الَّذِي يَلْقَى اللَّهَ بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرَهُ؟» فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مُنْذُ دَخَلْتُ الشَّامَ حَدِيثًا مِثْلَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَلْقَى رَبَّهُ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَهٌ غَيْرَهُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْجَلِيلِ، يَقُولُ:«يَنْظُرُ أَهْلُ الْبَصَائِرِ إِلَى مُلْكِ أَهْلِ الدُّنْيَا بِالتَّصْغِيرِ لَهُمْ وَالرَّحْمَةِ، وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالتَّعْظِيمِ لَهُمْ وَالْغِبْطَةِ»
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَبَدًا حَاجَةً مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا فَلَا تَأْكُلْ شَيْئًا حَتَّى تَقْضِيَهَا؛ فَإِنَّ الْأَكْلَ يُغَيِّرُ الْعَقْلَ»
قَالَ: وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَذْلَمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْخَيَّاطُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ:" لَأَنْ تَذْهَبَ الشَّهْوَةُ مِنْ قَلْبِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ لِيَ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ "
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ،
⦗ص: 54⦘
قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ أَبِي الْأَشْهَبِ جَنَازَةً بِعَبَادَانَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" أَوْحَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى دَاوُدَ: حَذِّرْ وَأَنْذِرْ أَصْحَابَكَ أَكْلَ الشَّهَوَاتِ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الْمُعَلَّقَةَ بِحُبِّ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا عُقُولُهَا مَحْجُوبَةٌ عَنِّي " قَالَ: فَارْتَحَلْتُ وَمَا صَحِبَنِي حَدِيثٌ غَيْرَ هَذَا "
رواية أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلَامَةَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ الْمَذْحِجِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى حِمْصَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ أَرَدْتُهَا، قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ الْعِشَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا الْحَلْقَةُ فِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَتَحَدَّثُونَ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ رَدُّوهُ إِلَى فَتًى مِنْهُمْ شَابٍّ وَضِيءٍ أَقْنَى بَرَّاقِ الثَّنَايَا، فَرَضُوا بِهِ وَانْتَهَوْا إِلَى مَا يَقُولُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، قَالَ: فَوَقَعَ لَهُ فِي قَلْبِي مِنَ الْحُبِّ شَيْءٌ مَا أَحْسَبُ أَحَدًا أَحَبَّهُ، ثُمَّ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَبِتُّ لَيْلَتِي أَتَشَوَّقُ رَجَاءَ أَنْ أُصْبِحَ فَأَلْقَاهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ عَرَضَ لِي بَعْضُ مَا يَشْغَلُ الْمُسَافِرَ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَظَرْتُ إِلَى مَجْلِسِهِمْ فَإِذَا هُمْ قَدِ ارْتَفَعُوا، وَأَنْظُرُ فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمًا يُصَلِّي إِلَى عَمُودٍ مِنْ عَمَدِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَعَدْتُ فَاحْتَبَيْتُ مِنْهُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَلَمَّا رَآنِي ظَنَّ أَنَّ لِي حَاجَةً، قَالَ: فَذَكَرْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَقَطَّبَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حُبْوَتِي فَاجْتَبَذَنِي إِلَيْهِ
اجْتِبَاذَةً شَدِيدَةً، وَصَدَمَتْ رُكْبَتَايَ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ، فَرَدَّدَهَا عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ، قَالَ: فَأَبْشِرْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ» فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: صَدَقَ مُعَاذٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى يَقُولُ:«حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَصَافِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنِ الْمُهَنَّا: فَأَقُولُ: إِنَّ أَبَا إِدْرِيسَ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ مِثْلُ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ التَّابِعِينَ، وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَإِثْبَاتِهِ إِيَّاهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ، وَمَا كَانَ قَدْ جَعَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الْقَصَصِ وَالْوَعْظِ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَمَا قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ وَوَهَبَهُ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ لَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَلَمْ يُحَدِّثْهُ، وَلَا رَأَيْتُ مُعَاذًا وَلَمْ يَرَهُ، مَعَ شُهْرَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا عَزَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ الْقَصَصِ وَأَقَرَّهُ عَلَى الْقَضَاءِ قَالَ: عَزَلُونِي