الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[216]
قَوْلُهُ (بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مُمَيِّزِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَفِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً أَوْ حُذِفَ الْمُمَيِّزُ إِلَّا طُرُقَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي بَعْضِهَا ضِعْفًا وَفِي بَعْضِهَا جُزْءًا وَفِي بَعْضِهَا دَرَجَةً وَفِي بَعْضِهَا صَلَاةً وَوَقَعَ هَذَا الْأَخِيرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ آنِفًا
9 -
(باب ما جاء فيمن سمع النِّدَاءَ فَلَا يُجِيبُ)
[217]
قَوْلُهُ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ (لَقَدْ هَمَمْتُ) اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ وَالْهَمُّ الْعَزْمُ وَقِيلَ دُونَهُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ فَأَفَادَ ذِكْرُ سَبَبِ الْحَدِيثِ (فِتْيَتِي) الْفِتْيَةُ جَمْعُ فَتًى أَي جَمَاعَةٌ مِنْ شُبَّانِ أَصْحَابِي أَوْ خَدَمِي وَغِلْمَانِي (أَنْ يَجْمَعُوا حُزَمَ الْحَطَبِ) جَمْعُ حُزْمَةٍ بِضَمِّ الْحَاءِ مَا حُزِمَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ فِي الصُّرَاحِ حُزْمَةٌ بِالضَّمِّ بند هيزم وكاغذ وعلف وجزآن (ثم أحرق) بالتشديد والمراد به التكثير يقال حرقه إذا بالغ في التحريق (عَلَى أَقْوَامٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ) وفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ
قوله (وفي الباب عن أبي مَسْعُودٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ أَوْ مَرِيضٌ
الْحَدِيثَ (وَأَبِي الدَّرْدَاءِ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا وَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وصححه وقال النووي إسناده صحيح (وبن عَبَّاسٍ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ قَالُوا وَمَا الْعُذْرُ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وفي إسناده أبو خياب يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَإِسْنَادُهُ أَمْثَلُ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى (وَمُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ وَجَابِرٍ) أَخْرَجَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ كَمَا يَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ قَالُوا إِلَخْ) أخرج بن ماجه وبقي بن مخلد وبن حبان وغيرهم عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَكِنْ قَالَ الْحَاكِمُ وَقَفَهُ غُنْدَرٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ ثُمَّ أَخْرَجَ لَهُ شَوَاهِدَ مِنْهَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِلَفْظِ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَارِغًا صَحِيحًا فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفٌ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَوْقُوفُ أَصَحُّ وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَضَعَّفَهُ وَرَوَاهُ بن عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَضَعَّفَهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التغليظ والتشديد
[218]
(وَمَعْنَى الْحَدِيثِ) أَيْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ (أَنْ لَا يَشْهَدَ جَمَاعَةً وَلَا جُمُعَةً رَغْبَةً عَنْهَا) أَيْ إِعْرَاضًا عَنْهَا قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ عَيْنٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ يُهَدِّدْ تَارِكَهَا بِالتَّحْرِيقِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَكَانَتْ قَائِمَةً بِالرَّسُولِ وَمَنْ مَعَهُ وَإِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَأَبِي ثور وبن خزيمة وبن المنذر وبن حِبَّانَ وَبَالَغَ دَاوُدُ وَمَنْ تَبِعَهُ فَجَعَلَهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْبَاقِينَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ أَجَابُوا عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَجْوِبَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَشَرَةَ أَجْوِبَةٍ وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَاجْتَمَعَ مِنَ الْأَجْوِبَةِ لِمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ عَشَرَةُ أَجْوِبَةٍ لَا تُوجَدُ مَجْمُوعَةً فِي غَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ انْتَهَى وَنَحْنُ نَذْكُرُ بَعْضًا مِنْهَا فَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم هَمَّ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْمُتَخَلِّفِينَ فَلَوْ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَرْضَ عَيْنٍ مَا هَمَّ بِتَرْكِهَا إِذَا تَوَجَّهَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ وَمِنْهَا أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُرَادَةٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ وَعِيدُهُمْ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي يُعَاقَبُ بِهَا الْكُفَّارُ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ عُقُوبَةِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ وَقَعَ بَعْدَ نَسْخِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ جَائِزًا بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ التَّحْرِيقِ بِالنَّارِ ثُمَّ نَسْخِهِ فَحَمْلُ التَّهْدِيدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ تَحْرِيقَهُمْ بَعْدَ التَّهْدِيدِ فَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لَمَا تَرَكَهُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَهُمُّ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ لَوْ فَعَلَهُ وَأَمَّا التَّرْكُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا انْزَجَرُوا بِذَلِكَ وَتَرَكُوا التَّخَلُّفَ الَّذِي ذَمَّهُمْ بِسَبَبِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بَيَانُ سَبَبِ التَّرْكِ وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ لَأَقَمْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحَرِّقُونَ الحديث