الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 -
(بَابٌ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ)
الْمُرَادُ بِالنَّضْحِ ها هنا هُوَ أَنْ يَأْخُذَ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ فَيَرُشَّ بِهِ مَذَاكِيرَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَنْفِيَ عَنْهُ الْوِسْوَاسَ وَقَدْ نَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَنَضَحَهُ بِهِ إِذَا رَشَّهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
[50]
قَوْلُهُ (وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ السَّلِيمِيُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ (الْبَصْرِيُّ) الْوَرَّاقُ ثِقَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (نا أبو قتيبة سلم بن قتيبة) الخرساني نَزِيلُ الْبَصْرَةِ صَدُوقٌ مِنَ التَّاسِعَةِ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ) هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّوْفَلِيُّ الْهَاشِمِيُّ ضَعِيفٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَلَمِيَّةٍ عَتِيقَةٍ صَحِيحَةٍ عَنِ الْأَعْرَجِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (يَا مُحَمَّدُ إِذَا تَوَضَّأْتَ) أَيْ إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْوُضُوءِ (فَانْتَضِحْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَعْنَاهُ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى الْعُضْوِ صَبًّا وَلَا تَقْتَصِرْ عَلَى مَسْحِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فيه إلا الغسل
الثاني معناه استبرىء الْمَاءَ بِالنَّثْرِ وَالتَّنَحْنُحِ يُقَالُ نَضَحْتُ اسْتَبْرَأْتُ وَانْتَضَحْتُ تَعَاطَيْتُ الِاسْتِبْرَاءَ لَهُ
الثَّالِثُ مَعْنَاهُ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَرُشَّ الْإِزَارَ الَّذِي يَلِي الْفَرْجَ لِيَكُونَ ذَلِكَ مذهبا للوسواس
الرَّابِعُ مَعْنَاهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ إِشَارَةً إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحْجَارِ فَإِنَّ الْحَجَرَ يُخَفِّفُ الْوَسَخَ وَالْمَاءَ يُطَهِّرُهُ
وَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ الْمَهْدِيُّ قَالَ مِنَ الْفِقْهِ الرَّائِقِ الْمَاءُ يُذْهِبُ الْمَاءَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنِ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ لَا يَزَالُ الْبَوْلُ يَرْشَحُ فَيَجِدُ مِنْهُ الْبَلَلَ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ نَسَبَ الْخَاطِرُ مَا يَجِدُ مِنَ الْبَلَلِ إلى الماء وارتفع الوسواس انتهى كلام بن الْعَرَبِيِّ مُلَخَّصًا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ الانتضاح ها هنا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَكَانَ مِنْ عَادَةِ أَكْثَرِهِمْ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِالْحِجَارَةِ لَا يَمَسُّونَ الْمَاءَ وَقَدْ يُتَأَوَّلُ الِانْتِضَاحُ أَيْضًا عَلَى رَشِّ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ لِيَدْفَعَ بِذَلِكَ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ انْتَهَى وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُرَادُ ها هنا وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ الِانْتِضَاحُ رَشُّ الْمَاءِ عَلَى الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَرُشَّ عَلَى فَرْجِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ مَاءً لِيَذْهَبَ عَنْهُ الْوِسْوَاسُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ بَلَلٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ بَلَلًا ذَهَبَ ذَلِكَ الْوِسْوَاسُ وَقِيلَ أَرَادَ بِالِانْتِضَاحِ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَنْجُونَ بِالْحِجَارَةِ انْتَهَى
قُلْتُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِضَاحِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الرَّشُّ عَلَى الْفَرْجِ بَعْدَ الْوُضُوءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وأخرجه بن مَاجَهْ (وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ) قَالَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ قَوْلُهُمْ مَتْرُوكٌ أَوْ سَاقِطٌ أَوْ فَاحِشُ الْغَلَطِ وَمُنْكَرُ الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ قَوْلِهِمْ ضَعِيفٌ أَوْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ أَوْ فِيهِ مَقَالٌ انْتَهَى قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ انْتَهَى
قُلْتُ فَحَدِيثُ الْبَابِ ضَعِيفٌ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ مَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ سفيان وبن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ شكى إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي أَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيُتَخَيَّلُ لِي أَنَّ بِذَكَرِي بَلَلًا فَقَالَ قَاتَلَ الله الشيطان
إِنَّهُ يَمَسُّ ذَكَرَ الْإِنْسَانِ لِيُرِيَهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فَإِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْضَحْ فَرْجَكَ بِالْمَاءِ فَإِنْ وَجَدْتَ فَقُلْ هُوَ مِنَ الْمَاءِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَذَهَبَ
كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ وَأَمَّا حَدِيثُ زيد بن حارثة فأخرجه بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنِي جِبْرِيلُ الْوُضُوءَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْضَحَ تَحْتَ ثَوْبِي لِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَوْلِ بعد الوضوء وأخرجه الدارقطني أيضا وفيه بن لَهِيعَةَ وَفِيهِ مَقَالٌ مَشْهُورٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قَالَ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَضَحَ فَرْجَهُ أخرجه بن مَاجَهْ وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام لَمَّا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ بِهَا نَحْوَ الْفَرْجِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُشُّ بَعْدَ وُضُوئِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَثَّقَهُ هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ كَذَا فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ
قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ الرُّوَاةِ (سُفْيَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَوْ الْحَكَمُ بْنُ سُفْيَانَ) أَيْ بِالشَّكِّ (وَاضْطَرَبُوا في الْحَدِيثِ) أَيْ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الحافظ بن الْأَثِيرِ وَرَوَاهُ رُوحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَشُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَمَعْمَرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَزَائِدَةُ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحميد وإسرائيل وهريم بْنُ سُفْيَانَ مِثْلُ سُفْيَانَ عَلَى الشَّكِّ وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرٌ عَنِ الْحَكَمِ أَوْ بن الْحَكَمِ وَرَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ عَلَى الشَّكِّ إِلَّا عَفِيفَ بْنَ سَالِمٍ وَالْفِرْيَابِيَّ فَإِنَّهُمَا رَوَيَاهُ فَقَالَا الْحَكَمُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَرَوَاهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ مِسْعَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فَقَالَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ وَلَمْ يَشُكَّ سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَشَرِيكٌ فَقَالُوا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ وَلَمْ يَشُكُّوا انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ هُوَ الْحَكَمُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مُعْتِبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُجَاهِدٍ فَقِيلَ هَكَذَا وَقِيلَ سُفْيَانُ بْنُ الْحَكَمُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ لَيْسَتْ لِلْحَكَمِ صُحْبَةٌ وقال بن الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ الصَّحِيحُ الْحَكَمُ بْنُ سفيان انتهى وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ كَوْنُ هَذَا الْحَدِيثِ مُضْطَرِبَ الإسناد ظاهر من كلام الحافظ بن الأثير وقد صرح به الحافظ بن عَبْدِ الْبِرِّ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا صَاحِبُ الطِّيبِ الشَّذِيِّ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ إِنَّ مَا جَرَحَ التِّرْمِذِيُّ بِاضْطِرَابٍ لَيْسَ بِسَدِيدٍ انْتَهَى