الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَوْتُهُ لِصَوْتِ الْجَرَسِ وَالصَّلْصَلَةُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ فِي الْأَصْلِ صَوْتُ وُقُوعِ الْحَدِيدِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ لَا يُدْرَكُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَالْجَرَسُ بِفَتْحِ الجيم والمهملة الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدَّوَابِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْجَرَسِ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ الْحِسُّ قِيلَ وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ وَقِيلَ صَوْتٌ خَفِيفٌ لِأَجْنِحَةِ الْمَلَكِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يَقْرَعَ سَمْعَهُ الْوَحْيُ فَلَا يَبْقَى فِيهِ مُتَّسَعٌ لِغَيْرِهِ (وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ مِنَ الْوَحْيِ أَشَدُّ أَقْسَامِهِ عَلَى فَهْمِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْفَهْمَ مِنْ كَلَامٍ مِثْلَ الصَّلْصَلَةِ أَشْكَلُ مِنَ الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الرَّجُلِ بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُودِ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَةِ الزُّلْفَى وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ (يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا) التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَثَلِ أَيْ يَتَصَوَّرُ وَالْلَّامُ فِي الْمَلَكِ لِلْعَهْدِ وَهُوَ جِبْرَائِيلُ وَرَجُلًا مَنْصُوبٌ بِالْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ يَتَمَثَّلُ مِثْلَ رَجُلٍ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ أَوْ بِالْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ هَيْئَةَ رَجُلٍ (فَأَعِيَ مَا يَقُولُ) مِنَ الْوَعْيِ أَيْ فَأَحْفَظُ الْقَوْلَ الَّذِي يَقُولُهُ (فَيَفْصِمُ عَنْهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُقْلِعُ وَيَنْجَلِي مَا يَغْشَاهُ وَأَصْلُ الْفَصْمِ الْقَطْعُ وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَقِيلَ الْفَصْمُ بِالْفَاءِ الْقَطْعُ بِلَا إِبَانَةٍ وَبِالْقَافِ الْقَطْعُ بِإِبَانَةٍ فَذَكَرَ بِالْفَصْمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمَلَكَ فَارَقَهُ لِيَعُودَ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا بَقَاءُ الْعَلَقَةِ (وِإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ) بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ لَيَسِيلُ (عَرَقًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنْ كَثْرَةِ مُعَانَاةِ التَّعَبِ وَالْكَرْبِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ إِذْ أنه أمر طارىء زَائِدٌ عَلَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
5 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَيْ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ [3635] قَوْلُهُ (عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ مِنْ أَبْوَابِ اللِّبَاسِ
16 -
باب [3636] قوله (حدثنا حميد بن عبد الرحمن) بن حميد الرؤاسي (حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج (سأل رجل البراء) أي بن عَازِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ الْأَوْسِيَّ صحابي بن صَحَابِيٍّ نَزَلَ الْكُوفَةَ اسْتُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ هو وبن عُمَرَ لِدَةً مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ (أَكَانَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لَا مِثْلَ الْقَمَرِ) كَأَنَّ السَّائِلَ أَرَادَ أَنَّهُ مِثْلُ السَّيْفِ فِي الطُّولِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَرَاءُ فَقَالَ بَلْ مِثْلُ الْقَمَرِ أَيْ فِي التَّدْوِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِثْلَ السَّيْفِ فِي اللَّمَعَانِ وَالصِّقَالِ فَقَالَ بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ وَعَدَلَ إِلَى الْقَمَرِ لِجَمْعِهِ الصِّفَتَيْنِ مِنَ التَّدْوِيرِ وَاللَّمَعَانِ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ أَكَانَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مُسْتَدِيرًا وَإِنَّمَا قَالَ مُسْتَدِيرًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ الصِّفَتَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ السَّيْفِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطُّولَ أَوِ اللَّمَعَانَ فَرَدَّهُ الْمَسْئُولُ رَدًّا بَلِيغًا وَلَمَّا جَرَى التَّعَارُفُ فِي أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالشَّمْسِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ غَالِبًا الْإِشْرَاقُ وَالتَّشْبِيهُ بِالْقَمَرِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْمَلَاحَةُ دُونَ غَيْرِهِمَا أَتَى بِقَوْلِهِ وَكَانَ مُسْتَدِيرًا إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّشْبِيهَ بِالصِّفَتَيْنِ مَعًا الْحُسْنِ وَالِاسْتِدَارَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
7 -
باب [3637] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْبُخَارِيُّ (أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيِّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ) وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ فِيهِ لِينٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالطَّوِيلِ) أَيِ الْمُفْرِطِ فِي الطُّولِ (وَلَا بِالْقَصِيرِ) زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ إِلَى الطُّولِ أَقْرَبُ وَعَنْ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ وَكَانَ ينسب إلى الرابعة إِذَا مَشَى وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى حَالٍ يُمَاشِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ إِلَّا طَالَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَرُبَّمَا اكْتَنَفَهُ الرَّجُلَانِ الطَّوِيلَانِ فَيَطُولَهُمَا فَإِذَا فَارَقَاهُ نُسِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الربعة
رواه بن عَسَاكِرَ وَالْبَيْهَقِيُّ (شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالنُّونِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَنَّهُمَا يَمِيلَانِ إِلَى الْغِلَظِ وَالْقِصَرِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي فِي أَنَامِلِهِ غِلَظٌ بِلَا قِصَرٍ وَيُحْمَدُ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ لِقَبْضِهِمْ وَيُذَمُّ فِي النِّسَاءِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ شَثِنَتْ كفه كفرح وكرم شثنا وشثونة وخشنت وَغَلُظَتْ فَهُوَ شَثْنُ الْأَصَابِعِ بِالْفَتْحِ فَإِنْ قُلْتَ هَذَا يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ قِيلَ اللِّينُ فِي الْجِلْدِ وَالْغِلَظُ فِي الْعِظَامِ فَيَجْتَمِعُ لَهُ نُعُومَةُ الْبَدَنِ مَعَ الْقُوَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَرْدَفَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ فِي سَفَرٍ فَمَا مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ جِلْدِهِ صلى الله عليه وسلم (ضَخْمَ الرَّأْسِ) أَيْ عَظِيمَهُ (ضخم الكراديس) هي رؤوس الْعِظَامِ واحِدُهَا كُرْدُوسٌ وَقِيلَ هِيَ مُلْتَقَى كُلِّ عَظْمَيْنِ ضَخْمَيْنِ كَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ أَرَادَ أَنَّهُ ضَخْمُ الْأَعْضَاءِ (طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ الشَّعْرُ الْمُسْتَدَقُّ الَّذِي يَأْخُذُ مِنَ الصَّدْرِ إِلَى السُّرَّةِ (تَكَفَّا تَكَفِّيًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ تَمَايَلَ إِلَى قُدَّامَ هَكَذَا رُوِيَ غَيْرَ مَهْمُوزٍ وَالْأَصْلُ الْهَمْزُ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ مَهْمُوزًا لِأَنَّ مَصْدَرَ تَفَعَّلَ مِنَ الصَّحِيحِ تَفَعُّلَ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّمًا وَتَكَفَّأَ تَكَفُّأً وَالْهَمْزَةُ حَرْفٌ صَحِيحٌ فَأَمَّا إِذَا اعْتَلَّ انْكَسَرَتْ عَيْنُ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُ نَحْوُ تَحَفَّى تَحَفِّيًا وَتَسَمَّى تَسَمِّيًا فَإِذَا خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ الْتَحَقَتْ بِالْمُعْتَلِّ وَصَارَ تَكَفِّيًا بِالْكَسْرِ انْتَهَى مَا فِي النِّهَايَةِ (كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ يَسْقُطُ (مِنْ صَبَبٍ) أَيْ مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ مِنَ الْأَرْضِ
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الصَّبَبُ الْحُدُورُ وَمَا يَنْحَدِرُ مِنَ الْأَرْضِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَشْيًا قَوِيًّا وَيَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا بَائِنًا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خُطَاهُ تَنَعُّمًا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (لَمْ أَرَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُدْرِكْ زَمَانًا قَبْلَ وُجُودِهِ (وَلَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ في مسند علي
18 -
باب [3638] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَلِيمَةَ) الْقَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ (أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غُفْرَةَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْخَامِسَةِ وَأَبُوهُ مُحَمَّدٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ
قَوْلُهُ (إِذَا وَصَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيْ ذَكَرَ صِفَتُهُ مِنْ جِهَةِ خَلْقِهِ (قَالَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ الْانْمِغَاطِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمُتَنَاهِي فِي الطُّولِ مِنَ امَّغَطَ النَّهَارُ إِذَا امْتَدَّ وَمَغَطْتُ الْحَبْلَ وَغَيْرَهُ إِذَا مَدَدْتُهُ وَأَصْلُهُ مُنْمَغِطٌ وَالنُّونُ لِلْمُطَاوَعَةِ فَقُلِبَتْ مِيمًا وَأُدْغِمَتْ فِي الْمِيمِ وَيُقَالُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَاهُ (وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ) أَيِ الْمُتَنَاهِي فِي الْقِصَرِ كَأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَعْضُ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضٍ وَانْضَمَّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَتَدَاخَلَتْ أَجْزَاؤُهُ (وَكَانَ رَبْعَةً) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَقَدْ يُحَرَّكُ أَيْ مُتَوَسِّطًا (مِنَ الْقَوْمِ) أَيْ مِمَّا بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَمَنْ وَصَفَهُ بِالرَّبْعَةِ أَرَادَ التَّقْرِيبَ لَا التَّحْدِيدَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ إِلَى الطُّولِ كما في خبر بن أُبَيٍّ حَالَةَ كَانَ أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ (وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا (كَانَ جَعْدًا رَجِلًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيُفْتَحُ وَيُسَكَّنُ أَيْ لَمْ يَكُنْ شَعْرُهُ شَدِيدَ الْجُعُودَةِ وَلَا شَدِيدَ السُّبُوطَةِ بَلْ بَيْنَهُمَا (وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ) بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيِ الْمُنْتَفِخِ الْوَجْهِ وَقِيلَ الْفَاحِشُ السِّمَنِ وَقِيلَ النَّحِيفُ الْجِسْمِ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْكَلْثَمَةِ وَهُوَ اجْتِمَاعُ لَحْمِ الْوَجْهِ بِلَا جُهُومَةٍ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مِنَ الْوُجُوهِ الْقَصِيرِ الْحَنَكِ الدَّنِيِّ الْجَبْهَةِ الْمُسْتَدِيرِ مَعَ خِفَّةِ اللَّحْمِ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ أَسِيلَ الْوَجْهِ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَدِيرًا انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَدِيرًا كَامِلًا بَلْ كَانَ فِيهِ تَدْوِيرٌ مَا (وَكَانَ فِي
الْوَجْهِ تَدْوِيرٌ) أَيْ نَوْعُ تَدْوِيرٍ أَوْ تَدْوِيرٌ مَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْإِسَالَةِ وَالِاسْتِدَارَةِ (أَبْيَضُ) أَيْ هُوَ أَبْيَضُ اللَّوْنِ (مُشْرَبٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِشْرَابِ أَيْ مَخْلُوطٌ بِحُمْرَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْإِشْرَابُ خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ كَأَنَّ أَحَدَ اللَّوْنَيْنِ سَقَى اللَّوْنَ الْآخَرَ يُقَالُ بَيَاضٌ مشرب حمرة بالتخفيف وَإِذَا شُدِّدَ كَانَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ لِأَنَّ الْبَيَاضَ الْمُثْبَتَ مَا خَالَطَهُ حُمْرَةٌ وَالْمَنْفِيُّ مَا لَا يُخَالِطُهَا وَهُوَ الَّذِي تَكْرَهُهُ الْعَرَبُ (أدعج العينين) الدعج والدعجة السوداء فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا يُرِيدُ أَنَّ سَوَادَ عَيْنَيْهِ كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَقِيلَ الدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ (أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ الشُّفْرِ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْجَفْنُ أَيْ طَوِيلُ شَعْرِ الْأَجْفَانِ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ لِأَنَّ الْأَشْفَارَ هِيَ الْأَجْفَانُ الَّتِي تَنْبُتُ عَلَيْهَا الْأَهْدَابُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمَّى النَّابِتَ بِاسْمِ الْمَنْبَتِ لِلْمُلَابَسَةِ (جَلِيلَ الْمُشَاشِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَخِفَّةِ الشِّينِ فِي الْقَامُوسِ الْمُشَاشَةُ بِالضَّمِّ رَأْسُ الْعَظْمِ الْمُمْكِنُ الْمَضْغِ جَمْعُهَا مُشَاشٌ انْتَهَى وَفِي النهاية أي عظيم رؤوس الْعِظَامِ كَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَتِفَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ (وَالْكَتَدِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا مُجْتَمِعُ الْكَتِفَيْنِ وَهُوَ الْكَاهِلُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُشَاشِ (أَجْرَدُ) هُوَ الَّذِي لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ شَعْرٌ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ الشَّعْرَ كَانَ فِي أَمَاكِنَ مِنْ بَدَنِهِ كَالْمَسْرُبَةِ وَالسَّاعِدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ فَإِنَّ ضِدَّ الْأَجْرَدِ الْأَشْعَرُ وَهُوَ الَّذِي عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ شَعْرٌ (إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ) أَرَادَ قُوَّةَ مَشْيِهِ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا قَوِيًّا وَهِيَ مِشْيَةُ أَهْلِ الْجَلَادَةِ وَالْهِمَّةِ لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خُطَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ وَيُوصَفْنَ بِهِ (وَإِذَا الْتَفَتَ) أَيْ أَرَادَ الِالْتِفَاتَ إِلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ (الْتَفَتَ مَعًا) أَيْ بِكُلِّيَّتِهِ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُسَارِقُ النَّظَرَ وَقِيلَ أَرَادَ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً إِذَا نَظَرَ إِلَى الشَّيْءِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الطَّائِشُ الْخَفِيفُ وَلَكِنْ كَانَ يُقْبِلُ جَمِيعًا أَوْ يُدْبِرُ جَمِيعًا قَالَهُ الْجَزَرِيُّ
وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الشَّيْءِ تَوَجَّهَ بكليته ولا يخالف ببعض جسده بعضا كيلا يُخَالِفَ بَدَنُهُ قَلْبَهُ وَقَصْدُهُ مَقْصِدَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّلَوُّنِ وَآثَارِ الْخِفَّةِ (بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ) سَيَأْتِي إِيضَاحُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي بَابِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ (أَجْوَدَ النَّاسِ صَدْرًا) إِمَّا مِنَ الْجَوْدَةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِمَعْنَى السَّعَةِ وَالِانْفِسَاحِ أَيْ أَوْسَعُهُمْ قَلْبًا فَلَا يَمَلُّ وَلَا يَنْزَجِرُ مِنْ أَذَى الْأُمَّةِ وَمِنْ جَفَاءِ الْأَعْرَابِ وَإِمَّا مِنَ الْجُودِ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ ضِدُّ الْبُخْلِ أَيْ لَا يَبْخَلُ عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ زَخَارِفِ الدُّنْيَا وَلَا مِنَ الْعُلُومِ وَالْحَقَائِقِ وَالْمَعَارِفِ الَّتِي فِي صَدْرِهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَسْخَى النَّاسِ قَلْبًا (وَأَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَيُفْتَحُ أَيْ لِسَانًا وَقَوْلًا (وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً) الْعَرِيكَةُ الطَّبِيعَةُ يُقَالُ فُلَانٌ لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ إِذَا كَانَ سَلِسًا مِطْوَاعًا مُنْقَادًا قَلِيلَ الْخِلَافِ وَالنُّفُورِ (وأكرمهم
عِشْرَةً) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ مُعَاشَرَةً وَمُصَاحَبَةً (مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً) أَيْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ فُجَاءَةً وَبَغْتَةً (هَابَهُ) أَيْ خَافَهُ وَقَارًا وَهَيْبَةً مِنْ هَابَ الشَّيْءَ إِذَا خَافَهُ وَوَقَّرَهُ وَعَظَّمَهُ (وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ) أَيْ بِحُسْنِ خُلُقِهِ وَشَمَائِلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَقِيَهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ بِهِ وَالْمَعْرِفَةِ إِلَيْهِ هَابَهُ لِوَقَارِهِ وَسُكُونِهِ فَإِذَا جَالَسَهُ وَخَالَطَهُ بَانَ لَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَحَبَّهُ حُبًّا بَلِيغًا (يَقُولُ نَاعِتُهُ) أَيْ وَاصِفُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَصْفِهِ (مَثَلُهُ) أَيْ مَنْ يُسَاوِيهِ صُورَةً وَسِيرَةً وَخُلُقًا وَخَلْقًا
قَوْلُهُ (لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ) لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ (سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ) هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَرِيبِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَصْمَعَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ سُنِّيٌّ مِنَ التَّاسِعَةِ
قَالَ الْحَرْبِيُّ كَانَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا أَرْبَعَةً فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ سُنَّةٍ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَالْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَيُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ وَالْأَصْمَعِيُّ
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ كَانَ الْأَصْمَعِيُّ بَحْرًا فِي اللُّغَةِ وَكَانَ دُونَ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّحْوِ قَالَهُ الْحَافِظُ (يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ اللُّغَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا فِي خُصُوصِ هَذَا الْخَبَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي تَفْسِيرِ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ أَنْ يَقُولَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ (الْمُمَّغِطُ الذَّاهِبُ طُولًا) أَيِ الذَّاهِبُ طُولُهُ فَطُولًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ الْفَاعِلِ وَأَصْلُ الْمُمَّغِطِ مِنْ مَغَطْتُ الْحَبْلَ فَانْمَغَطَ أَيْ مَدَدْتُهُ فَامْتَدَّ (قَالَ) أَيِ الْأَصْمَعِيُّ (وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا) هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (يَقُولُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ (تَمَغَّطَ فِي نُشَّابَتِهِ أَيْ مَدَّهَا إِلَخْ) النُّشَّابَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَةٍ وَبِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَدُونَهَا السَّهْمُ وَإِضَافَةُ الْمَدِّ إِلَيْهَا مَجَازٌ لِأَنَّهَا لَا تُمَدُّ وَإِنَّمَا يُمَدُّ وَتَرُ الْقَوْسِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظُ التَّمَغُّطِ حَتَّى يَتَعَرَّضَ لَهُ هُنَا وَإِنَّمَا فِيهِ لَفْظُ الْانْمِغَاطِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ تَوْضِيحِ الشَّيْءِ بِتَوْضِيحِ نَظِيرِهِ (وَأَمَّا الْمُتَرَدِّدُ فَالدَّاخِلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ قِصَرًا) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ (وَالرَّجُلُ الَّذِي فِي شَعْرِهِ حُجُونَةٌ) بِمُهْمَلَةٍ فَجِيمٍ فِي الْقَامُوسِ حَجَنَ الْعُودَ يَحْجِنُهُ عَطَفَهُ فَالْحَجُونَةُ الِانْعِطَافُ (أَيْ يَنْحَنِي قَلِيلًا) هذا