الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ وَكَانَ مرضيا) وقال بن عَدِيٍّ لَهُ أَحَادِيثُ وَهُوَ مِنْ غَالِيَةِ التَّشَيُّعِ وَعَامَّةُ حَدِيثِهِ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ كَانَ مِنْ غُلَاةِ الشِّيعَةِ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ زَائِغٌ ضَعِيفٌ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ
24 -
(بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها
هِيَ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ وَكَانَ مَوْلِدُهَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نحوهما ومات النبي وَلَهَا نَحْوُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا وَقَدْ حَفِظَتْ عَنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا وَعَاشَتْ بَعْدَهُ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْأَخْذَ عَنْهَا وَنَقَلُوا عَنْهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ شَيْئًا كَثِيرًا حَتَّى قِيلَ إِنَّ رُبُعَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْقُولٌ عَنْهَا رضي الله عنها
وَكَانَ مَوْتُهَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ فِي الَّتِي بعدها ولم تلد للنبي شيئا على الصواب وسألته أن تكنى فَقَالَ اكْتَنِي بِابْنِ أُخْتِكِ فَاكْتَنَتْ أُمَّ عَبْدِ الله
وأخرج بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كناها بذلك لما أحضر إليه بن الزُّبَيْرِ لِيُحَنِّكَهُ فَقَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَنْتِ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ فَلَمْ أَزَلْ أُكْنَى بِهِ
[3879]
قَوْلُهُ (كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ) مِنَ التَّحَرِّي وَهُوَ الْقَصْدُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّلَبِ وَالْعَزْمُ عَلَى تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ (يَوْمَ عَائِشَةَ) أَيْ يوم نوبتها لرسول الله زَادَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ الله (قَالَتْ) أَيْ عَائِشَةُ (فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبَاتِي) أَرَادَتْ بِهِنَّ بقية أزواج النبي اللَّاتِي كُنَّ فِي حِزْبِ أُمِّ سَلَمَةَ
فَفِي رواية البخاري أن نساء رسول الله كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ وَالْحِزْبُ الْآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رسول الله وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ عَائِشَةَ فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أن يهديها إلى رسول الله أخرها حتى إذا كان رسول الله فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إلى رسول الله فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَكَلَّمَ حِزْبٌ أُمَّ سَلَمَةَ فقلن لها كلمي رسول الله يُكَلِّمُ النَّاسَ إِلَخْ (يَأْمُرِ النَّاسَ) بِالْجَزْمِ وَالرَّاءُ مَكْسُورَةٌ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ
يُهْدُونَ إِلَيْهِ أَيْنَ مَا كَانَ أَيْ مِنْ حُجُرَاتِ الْأُمَّهَاتِ وَمُرَادُهُنَّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّحَرِّي فِي ذَلِكَ لَا لَهُنَّ وَلَا لِغَيْرِهِنَّ بَلْ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ الْأَمْرُ فِيهِنَّ لِيَرْتَفِعَ التَّمْيِيزُ الْبَاعِثُ لِلْغَيْرَةِ عَنْهُنَّ (فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ) أي لرسول الله (ثم عاد إليها) أعاد النبي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي يَوْمِ نَوْبَتِهَا (لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ) أَيْ فِي حَقِّهَا وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ لَا تُؤْذِي عَائِشَةَ لِمَا تُفِيدُ مِنْ أَنَّ مَا آذَاهَا فَهُوَ يُؤْذِيهِ (مَا أُنْزِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِامْرَأَةٍ
فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا على نبيه حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الْآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ وَرَسُولُ الله عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ
قُلْتُ قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ لَعَلَّ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ قَبْلَ الْقِصَّةِ الَّتِي نَزَلَ الْوَحْيُ فِيهَا فِي فِرَاشِ أُمِّ سَلَمَةَ انْتَهَى قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الْإِتْقَانِ ظَفِرْتُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فَرَوَى أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُعْطِيتُ تِسْعًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ وإن كان الوحي لينزل عليه وهو أَهْلِهِ فَيَنْصَرِفُونَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ فِي لِحَافِهِ
وَعَلَى هَذَا لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَةَ وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْءِ فِي إِيثَارِ بَعْضِ نِسَائِهِ بِالتُّحَفِ وَإِنَّمَا اللَّازِمُ الْعَدْلُ فِي الْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأمور اللازمة كذا قرره بن بطال عن المهلب
وتعقبه بن المنير بأن النبي لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الَّذِينَ أَهْدَوْا لَهُ وَهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يمنعهم النبي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَمَالِ الْأَخْلَاقِ أَنْ يَتَعَرَّضَ الرَّجُلُ إِلَى النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِطَلَبِ الْهَدِيَّةِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ إِلَخْ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ إِلَخْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ) بْنِ الطُّفَيْلِ بْن سَخْبَرَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ الْأَزْدِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (عَنْ رُمَيْثَةَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُصَغَّرًا بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ الْأَزْدِيَّةِ أُخْتِ عَوْفٍ رَضِيعِ عَائِشَةَ مَقْبُولَةٌ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ شَيْئًا مِنْ هَذَا) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ
[3880]
قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ الْمَكِّيِّ) الْكِنَانِيِّ وَقِيلَ هُوَ أَخُو مُحَمَّدٍ ثقة من السادسة (عن بن أَبِي حُسَيْنٍ) اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ النَّوْفَلِيُّ الْمَكِّيُّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
قَوْلُهُ (إِنَّ جِبْرَائِيلَ جَاءَ) أَيْ فِي الْمَنَامِ (بِصُورَتِهَا) أَيْ بِصُورَةِ عَائِشَةَ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ (فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ) الْخِرْقَةُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّوْبِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْآجُرِّيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ لَقَدْ نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِصُورَتِي فِي رَاحَتِهِ حِينَ أَمَرَ رَسُولَ الله أَنْ يَتَزَوَّجَنِي وَيُجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَبَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صُورَتَهَا كَانَتْ فِي الْخِرْقَةِ وَالْخِرْقَةُ فِي رَاحَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ بِالْكَيْفِيَّتَيْنِ لِقَوْلِهَا فِي نَفْسِ الْخَبَرِ نَزَلَ مَرَّتَيْنِ كَذَا جَمَعَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ (فَقَالَ هَذِهِ) أَيْ هَذِهِ الصُّورَةُ (زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَقَدْ رَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ إِلَخْ
[3881]
قَوْلُهُ (وَهُوَ يَقْرَأُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ أَوْ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الْإِقْرَاءِ (قَالَتْ) أَيْ عَائِشَةُ (تَرَى مَا لَا نَرَى) مَا مَوْصُولَةٌ أَيْ تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي لَا نَرَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ تَبْلِيغِ السَّلَامِ مِنْ أَبْوَابِ الِاسْتِئْذَانِ
[3882]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا زكريا) هو بن أَبِي زَائِدَةَ
قَوْلُهُ (إِنَّ جِبْرَائِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السلام) أي يسلم عليك
قوله (حدثنا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ) الْيُحْمِدِيُّ أَبُو خِدَاشٍ الْبَصْرِيُّ (حدثنا خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ) الْمَعْرُوفُ بِالْفَأْفَأِ (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) بْنِ أَبِي مُوسَى
[3883]
قَوْلُهُ (مَا أُشْكِلَ عَلَيْنَا) أَيْ مَا اشْتَبَهَ وَأُغْلِقَ عَلَيْنَا (أصحاب رسول الله) قَالَ الطِّيبِيُّ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنَ الْمَجْرُورِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ (حَدِيثٌ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثٍ أَوْ فُقِدَ حَدِيثٌ
يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ (عِلْمًا) أَيْ نَوْعِ عِلْمٍ بِأَنْ يُوجَدَ الْحَدِيثُ عِنْدَهَا تَصْرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا لِأَنْ يُؤْخَذَ الْحُكْمُ مِنْهُ تَلْوِيحًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَمَّا حَدِيثُ خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنِ الْحُمَيْرَاءِ يَعْنِي عَائِشَةَ فَقَالَ الْحَافِظُ بن الحجر الْعَسْقَلَانِيُّ لَا أَعْرِفُ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا رِوَايَةً فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ إِلَّا فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ خَرَّجَهُ وَذَكَرَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الْمِزِّيَّ وَالذَّهَبِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ وَقَالَ السَّخَاوِيُّ ذَكَرَهُ فِي الْفِرْدَوْسِ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ وَبِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَفْظُهُ خُذُوا ثُلُثَ دِينِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ وَبَيَّضَ لَهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُ إِسْنَادًا
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
[3884]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا معاوية عن عَمْرِو) بْنِ الْمُهَلَّبِ الْأَزْدِيِّ الْمَعْنِيِّ (عَنْ زَائِدَةَ) هو بن قُدَامَةَ (عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ) اللَّخْمِيُّ الْكُوفِيُّ (عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ
قَوْلُهُ (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْفَصِيحُ فِي اللُّغَةِ الْمُنْطَلِقُ اللِّسَانُ فِي الْقَوْلِ الَّذِي يَعْرِفُ جَيِّدَ الْكَلَامِ مِنْ رَدِيئِهِ يُقَالُ رَجُلٌ فَصِيحٌ وَلِسَانٌ فَصِيحٌ وَكَلَامٌ فَصِيحٌ وَقَدْ فَصُحَ فَصَاحَةً وَأَفْصَحَ عَنِ الشَّيْءِ إِفْصَاحًا إِذَا بَيَّنَهُ وَكَشَفَهُ انْتَهَى وَقَالَ فِي تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ الْفَصَاحَةُ يُوصَفُ بِهَا الْمُفْرَدُ وَالْكَلَامُ وَالْمُتَكَلِّمُ فَالْفَصَاحَةُ فِي الْمُفْرَدِ خُلُوصُهُ مِنْ تَنَافُرِ الْحُرُوفِ وَالْغَرَابَةِ وَمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ وَالْفَصَاحَةُ فِي الْكَلَامِ خُلُوصُهُ مِنْ ضَعْفِ التَّأْلِيفِ وَتَنَافُرِ الْكَلِمَاتِ وَالتَّعْقِيلِ مَعَ فَصَاحَتِهَا وَالْفَصَاحَةُ فِي الْمُتَكَلِّمِ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى التَّعْبِيرِ عَنِ الْمَقْصُودِ بِلَفْظٍ فَصِيحٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ
[3885]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ) الْجُوزَجَانِيُّ
قَوْلُهُ (اسْتَعْمَلَهُ) أَيْ جَعَلَهُ عَامِلًا (عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ) بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْأُولَى عَلَى لَفْظِ جَمْعِ السَّلْسَلَةِ وَضَبَطَهُ كَذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ قِيلَ سُمِّيَ الْمَكَانُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ رَمْلٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ كَالسَّلْسَلَةِ وضبطها بن الْأَثِيرِ بِالضَّمِّ وَقَالَ هُوَ بِمَعْنَى السَّلْسَالِ أَيِ السَّهْلِ (أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ) زَادَ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بن العاص فأحبه أخرجه بن عساكر
ووقع عند بن سَعْدٍ سَبَبُ هَذَا السُّؤَالِ وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نفس عمرو لما أمره النبي عَلَى الْجَيْشِ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عِنْدَهُ فِي الْمَنْزِلَةِ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ لِذَلِكَ (قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ) أَيْ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ (أَبُوهَا) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3886]
قَوْلُهُ (قَالَ مِنَ الرِّجَالِ) وَفِي رِوَايَةِ بن خزيمة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْنِي النِّسَاءَ إِنِّي أَعْنِي الرِّجَالَ
قَوْلُهُ (هَذَا حديث حسن غريب) وأخرجه بن خزيمة وبن حبان وبن عَسَاكِرَ
[3887]
قَوْلُهُ (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) الثَّرِيدِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ
الرَّاءِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ أَنْ يُثْرَدَ الْخُبْزُ بِمَرَقِ اللَّحْمِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ اللَّحْمُ مِنْ أَمْثَالِهِمُ الثريد أحد اللحمين وربما كله أَنْفَعَ وَأَقْوَى مِنْ نَفْسِ اللَّحْمِ النَّضِيجِ إِذَا ثُرِدَ بِمَرَقَتِهِ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ قِيلَ إِنَّمَا مَثَّلَ الثَّرِيدَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ طَعَامِ الْعَرَبِ وَلَا يَرَوْنَ فِي الشِّبَعِ أَغْنَى غِنَاءً مِنْهُ وَقِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمَدُونَ الثَّرِيدَ فِيمَا طُبِخَ بِلَحْمٍ وَرُوِيَ سَيِّدُ الطَّعَامِ اللَّحْمُ فَكَأَنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ اللَّحْمِ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ
وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ الثَّرِيدَ مَعَ اللَّحْمِ جَامِعٌ بَيْنَ الْغِذَاءِ واللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤونة فِي الْمَضْغِ وَسُرْعَةِ الْمُرُورِ فِي الْمَرِيءِ فَضَرَبَ بِهِ مَثَلًا لِيُؤْذِنَ بِأَنَّهَا أُعْطِيتُ مَعَ حُسْنِ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ وَحَلَاوَةِ النُّطْقِ فَصَاحَةَ اللَّهْجَةِ وَجَوْدَةَ الْقَرِيحَةِ وَرَزَانَةَ الرَّأْيِ وَرَصَانَةَ الْعَقْلِ وَالتَّحَبُّبَ إِلَى الْبَعْلِ فَهِيَ تَصْلُحُ لِلتَّبَعُّلِ وَالتَّحَدُّثِ وَالِاسْتِئْنَاسِ بِهَا والإصغاء إليها وحسبك أنها أعقلت عن النبي مَا لَمْ تَعْقِلْ غَيْرُهَا مِنَ النِّسَاءِ وَرَوَتْ ما لم يرو ومثلها مِنَ الرِّجَالِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّرِيدَ أَشْهَى الْأَطْعِمَةِ عِنْدَهُمْ وَأَلَذُّهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ إِذَا مَا الْخُبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ فَذَاكَ أَمَانَةُ اللَّهِ الثَّرِيدُ قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي مُوسَى) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ فَضْلِ الثَّرِيدِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَطْعِمَةِ
قَوْلُهُ (وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ) بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ (هُوَ أَبُو طُوَالَةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْمَدَنِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
[3888]
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ (عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ) الْهَمْدَانِيِّ الْكُوفِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الصَّدَفِيُّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْ عَائِشَةَ) أَيْ ذَكَرَهَا بِسُوءٍ يُقَالُ نَالَ مِنْ فُلَانٍ إِذَا وَقَعَ فِيهِ (قَالَ) أَيْ
عَمَّارٌ (اغْرُبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا) أَيِ ابْعُدْ كَأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْغُرُوبِ وَالِاخْتِفَاءِ وَالْمَنْبُوحُ مَنْ يُطْرَدُ وَيُرَدُّ (أتؤذي حبيبة رسول الله) يَعْنِي عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةَ رضي الله عنها
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ) اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْأَسَدِيِّ) أَبُو مَرْيَمَ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
[3889]
قَوْلُهُ (هِيَ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَعْنِي عَائِشَةَ) كَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوِ إِيَّاهَا
قَالَ الْعَيْنِيُّ قوله بعث علي أي بن أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَالْحَسَنَ ابْنَهُ إِلَى الْكُوفَةِ لِأَجْلِ نُصْرَتِهِ فِي مُقَاتَلَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ وَيُسَمَّى بِيَوْمِ الْجَمَلِ بِالْجِيمِ وَقَوْلُهُ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ أَيْ لِيَسْتَنْجِدَهُمْ وَيَسْتَنْصِرَهُمْ مِنَ الِاسْتِنْفَارِ وَهُوَ الِاسْتِنْجَادُ وَالِاسْتِنْصَارُ وَقَوْلُهُ خَطَبَ جَوَابُ لَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهَا أَيْ إِنَّ عَائِشَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ في الدنيا والاخرة
وروى بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عائشة أن النبي قَالَ لَهَا أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا فَلَعَلَّ عَمَّارًا كَانَ سمع هذا الحديث من النبي وَقَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ لِتَتَّبِعُوهُ أَوِ إِيَّاهَا
قبل الضَّمِيرُ لِعَلِيٍّ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُو إِلَيْهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لِلَّهِ
وَالْمُرَادُ بِاتِّبَاعِ اللَّهِ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ فِي طَاعَةِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وقرن في بيوتكن فَإِنَّهُ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ خُوطِبَ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ
وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ لَا يُحَرِّكُنِي ظهر بعير حتى ألقي النبي وَالْعُذْرُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً هِيَ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَكَانَ مُرَادُهُمْ إِيقَاعَ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَخْذَ الْقِصَاصِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّاعَةِ وَطَلَبِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصَ مِمَّنْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِشُرُوطِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ