المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(باب مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ)

- ‌ قَوْلُهُ (أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعَوُّذِهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْحِفْظِ)

- ‌(بَاب فِي انْتِظَارِ الْفَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ)

- ‌46 - كتاب المناقب

- ‌(باب ما جاء فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في مِيلَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ ما جاء في بدء نبوة النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب ما جاء فِي آيَاتِ إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ)

- ‌(بَاب فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء فِي سِنِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بْنِ عَبْدِ المطلب القرشي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامِّ بْنَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي الْأَعْوَرِ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي عَلِّيٍّ رضي الله عنهما

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِّيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌(مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْأَسَدِيِّ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عبد الله)

- ‌(باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ)

- ‌(بَاب فِي مَنَاقِبِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُصْعَبِ بن عمير)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمِيمٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُوسَى اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)

- ‌(باب في سَبَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ محمد)

- ‌(بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌(فَضْلُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌(بَاب فَضْلِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب من فَضْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ)

- ‌(باب فِي أَيِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ)

- ‌(باب في فضل المدينة)

- ‌(باب في فضل مكة)

- ‌(باب مناقب فِي فَضْلِ الْعَرَبِ بِالتَّحْرِيكِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْعَجَمِ بِالتَّحْرِيكِ ضِدُّ الْعَرَبِ)

- ‌(باب فِي فَضْلِ الْيَمَنِ)

- ‌(باب مناقب لغفار وأسلم وجهينة ومزينة)

- ‌(باب مناقب فِي ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَةَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ)

الفصل: ‌(باب في فضل اليمن)

134 -

(باب فِي فَضْلِ الْيَمَنِ)

قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ سُمِّيَتِ الْيَمَنُ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّامُ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ سُمِّيَتِ الْيَمَنُ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ الْوَاقِعَةِ وَرَوَى عَنْ قُطْرُبٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْيَمَنُ يَمَنًا لِيُمْنِهِ وَالشَّامَ شَامًا لِشُؤْمِهِ

وَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي الْأَنْسَابِ لَمَّا ظَعَنَتِ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ أَقْبَلَ بَنُو قَطَنِ بْنِ عَامِرٍ فتيامنو فَقَالَتِ الْعَرَبُ تَيَامَنَتْ بَنُو قَطَنٍ فَسُمُّوا الْيَمَنَ وَتَشَاءَمَ الْآخَرُونَ فَسُمُّوا شَامًا وَقِيلَ إِنَّ النَّاسَ لَمَّا تَفَرَّقَتْ أَلْسِنَتُهُمْ حِينَ تَبَلْبَلَتْ بِبَابِلَ أَخَذَ بَعْضُهُمْ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ فَسُمُّوا يَمَنًا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ عَنْ شِمَالِهَا فَسُمُّوا شَامًا وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَمَنُ بِيَمَنِ بْنِ قَحْطَانَ وَسُمِّيَتِ الشَّامُ بِسَامَ بْنِ نُوحٍ وَأَصْلُهُ شَامٌ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ عُرِّبَ بِالْمُهْمَلَةِ

انْتَهَى

[3934]

قَوْلُهُ (نَظَرَ قِبَلَ الْيَمَنِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ إِلَى جَانِبِهِ (اللَّهُمَّ أَقْبِلْ) أَمْرٌ مِنَ الْإِقْبَالِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ (بِقُلُوبِهِمْ) لِلتَّعْدِيَةِ وَالْمَعْنَى اجْعَلْ قُلُوبَهُمْ مُقْبِلَةً إلينا وإنما دعى بِذَلِكَ لِأَنَّ طَعَامَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَأْتِيهِمْ مِنَ الْيَمَنِ وَلِذَا عَقَّبَهُ بِبَرَكَةِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ لِطَعَامٍ يُجْلَبُ لَهُمْ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ (وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا) أَرَادَ بِهِمَا الطَّعَامَ الْمُكْتَالَ بِهِمَا فَهُوَ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الظَّرْفِ وَإِرَادَةِ الْمَظْرُوفِ أَوِ الْمُضَافُ مُقَدَّرٌ أَيْ طَعَامِ صَاعِنَا وَمُدِّنَا

قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ وَجْهُ التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَا زَالُوا فِي شدة من العيش وعوذ مِنَ الزَّادِ لَا تَقُومُ أَقْوَاتُهُمْ لِحَاجَتِهِمْ فَلَمَّا دَعَا اللَّهَ بِأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ بِقُلُوبِ أَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ وَهُمُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ دَعَا اللَّهَ بِالْبَرَكَةِ فِي طَعَامِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

ص: 300

لِيَتَّسِعَ عَلَى الْقَاطِنِ بِهَا وَالْقَادِمِ عَلَيْهَا فَلَا يَسْأَمُ الْمُقِيمُ مِنَ الْقَادِمِ عَلَيْهِ وَلَا تَشُقُّ الْإِقَامَةُ عَلَى الْمُهَاجِرِ إِلَيْهَا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ

[3935]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو) بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وقاص الليثي (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

قَوْلُهُ (هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا (وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً) جَمْعُ فُؤَادٍ وَأَرَقُّ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ مِنَ الرِّقَّةِ وَهِيَ ضِدُّ الْقَسَاوَةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْفُؤَادَ هُوَ الْقَلْبُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَرَّرَ لَفْظَ الْقَلْبِ بِلَفْظَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَكْرِيرِهِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ الْفُؤَادُ غَيْرُ الْقَلْبِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَلْبِ وَقِيلَ بَاطِنُ الْقَلْبِ وَقِيلَ غِشَاءُ الْقَلْبِ وَأَمَّا وَصْفُهَا بِاللِّينِ وَالرِّقَّةِ وَالضَّعْفِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا ذَاتُ خَشْيَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ سَرِيعَةِ الِاسْتِجَابَةِ وَالتَّأَثُّرِ بِقَوَارِعِ التَّذْكِيرِ سَالِمَةٍ مِنَ الْغِلَظِ وَالشِّدَّةِ وَالْقَسْوَةِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا قُلُوبَ الْآخَرِينَ

قَوْلُهُ (الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرُهُ نِسْبَةُ الْإِيمَانِ إِلَى الْيَمَنِ لِأَنَّ أَصْلَ يَمَانٍ يَمَنِيٌّ فَحُذِفَتْ يَاءُ النَّسَبِ وَعُوِّضَ بِالْأَلِفِ بَدَلَهَا وَقَوْلُهُ يَمَانِيَةٌ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وحكى بن السَّيِّدِ فِي الِاقْتِضَابِ أَنَّ التَّشْدِيدَ لُغَةٌ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا عَنْ سِيبَوَيْهِ جَوَازَ التَّشْدِيدِ فِي يَمَانِيٍّ وَأَنْشَدَ يَمَانِيًّا يَظَلُّ يَشُدُّ كِيرًا وينفخ دائما لهب الشواط وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ نِسْبَةُ الْإِيمَانِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْهَا وَمَكَّةُ يَمَانِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ نِسْبَةُ الْإِيمَانِ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمَا يَمَانِيَّتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ صَدَرَتْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حِينَئِذٍ بِتَبُوكَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْإِيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ لِأَنَّ أَصْلَهُمْ مِنَ الْيَمَنِ وَنَسَبَ الْإِيمَانَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْأَصْلَ فِي نَصْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَكَى جَمِيعَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ في غريب الحديث له

وتعقبه بن

ص: 301

الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِجْرَاءِ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ تَفْضِيلُ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ إِذْعَانُهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ وَقَوِيَ قِيَامُهُ بِهِ نُسِبَ إِلَيْهِ إِشْعَارًا بِكَمَالِ حَالِهِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْ غَيْرِهِمْ

وَفِي أَلْفَاظِهِ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَقْوَامًا بِأَعْيَانِهِمْ فَأَشَارَ إِلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ لَا إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الصَّحِيحِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ وَرَأْسُ الْكُفْرِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ

وَلَا مَانِعَ مِنْ إِجْرَاءِ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَمْلِ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمَوْجُودُ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ لَا كُلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِيهِ

قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْفِقْهِ الْفَهْمُ فِي الدِّينِ وَالْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ الْعِلْمُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نقلا عن بن الصَّلَاحِ فِي تَفْسِيرِ الْحِكْمَةِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ مُضْطَرِبَةٌ قَدِ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْ قَائِلِهَا عَلَى بَعْضِ صِفَاتِ الْحِكْمَةِ وَقَدْ صَفَا لَنَا مِنْهَا أَنَّ الْحِكْمَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعِلْمِ الْمُتَّصِفِ بِالْأَحْكَامِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ تبارك وتعالى الْمَصْحُوبِ بِنَفَاذِ الْبَصِيرَةِ وَتَهْذِيبِ النَّفْسِ وَتَحْقِيقِ الْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ وَالصَّدِّ عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْبَاطِلِ وَالْحَكِيمُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ كُلُّ كَلِمَةٍ وَعَظَتْكَ أَوْ زَجَرَتْكَ أَوْ دَعَتْكَ إِلَى مَكْرُمَةٍ أَوْ نَهَتْكَ عَنْ قَبِيحٍ فَهِيَ حِكْمَةٌ وَحِكَمٌ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حِكَمًا انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عن بن عباس وأبي مسعود)

أما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى بن مسلم الحنفي وثقه بن حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ قَالَهُ الْهَيْثَمِيُّ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ الشيخان ووقع في بعض النسخ بن مَسْعُودٍ مَكَانَ أَبِي مَسْعُودٍ وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَمُضَرُ عِنْدَ أَذْنَابِ الْإِبِلِ

وَفِيهِ عِيسَى بْنُ قِرْطَاسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[3936]

قوله (حدثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ) هُوَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ أَخْبَرَنَا (مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحِ) بْنِ حُدَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ (أَخْبَرَنَا أَبُو مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيُّ) وَيُقَالُ الْحَضْرَمِيُّ خَادِمُ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ أَوْ حِمْصَ قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَاغِرٍ وَيُقَالُ هُوَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ

ص: 302

وَقَوْلُهُ (الْمُلْكُ فِي قُرَيْشٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيِ الْخِلَافَةُ فِيهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْخُلَفَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِتَنِ (وَالْقَضَاءُ فِي الْأَنْصَارِ) أَيِ الْحُكْمُ الجزئي تطيبا لِقُلُوبِهِمْ لِأَنَّهُمْ آوَوْا وَنَصَرُوا وَبِهِمْ قَامَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَفِي بَلَدِهِمْ تَمَّ أَمْرُهُ وَاسْتَقَامَ وَبُنِيَتِ المساجد وجمعت الجماعات ذكره بن الْمَلَكِ

وَقَالَ فِي الْأَزْهَارِ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ النِّقَابَةُ لِأَنَّ النُّقَبَاءَ كَانُوا مِنْهُمْ وَقِيلَ الْقَضَاءُ الْجُزْئِيُّ وَقِيلَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ

وَقِيلَ الْقَضَاءُ الْمَعْرُوفُ لِبَعْثِهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذًا قاضيا إلى اليمن انتهى

قال القارىء وَالْأَخِيرُ هُوَ الْأَظْهَرُ لِقَوْلِهِ (وَالْأَذَانُ فِي الْحَبَشَةِ) أَيْ لِأَنَّ رَئِيسَ مُؤَذِّنِيهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِلَالًا وَهُوَ حَبَشِيٌّ (وَالْأَمَانَةُ فِي الْأَزْدِ) بِسُكُونِ الزَّايِ أَيْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَهُمْ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَلَا يُنَافِي قَوْلَ بَعْضِ الرُّوَاةِ (يَعْنِي الْيَمَنَ) لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِ إِرَادَةُ عُمُومِ أَهْلِ الْيَمَنِ فَإِنَّهُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَهْلُ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ

قَوْلُهُ (وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حُبَابٍ) لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ أَوْثَقُ وَأَحْفَظُ مِنْ زَيْدِ بْنِ حُبَابٍ

[3937]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي عَمِّي صَالِحُ بْنِ عَبْدِ الْكَبِيرِ بْنِ شُعَيْبِ) بْنِ الْحِجَابِ الْبَصْرِيُّ الْمِعْوَلِيُّ مَجْهُولٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ شُعَيْبِ) بْنِ الْحِجَابِ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ مِنَ التَّاسِعَةِ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ شُعَيْبُ بْنُ الْحِجَابِ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو صَالِحٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ

قَوْلُهُ (الْأَزْدُ) أَيْ أَزْدُ شَنُوءَةَ فِي الْقَامُوسِ أَزْدُ بْنُ الْغَوْثِ وَبِالسِّينِ أَفْصَحُ أَبُو حَيٍّ بِالْيَمَنِ وَمِنْ أَوْلَادِهِ الأنصار كلهم (أزد اللَّهِ) أَيْ جُنْدُهُ وَأَنْصَارُ دِينِهِ قَدْ أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فَهُمْ يُضَافُونَ إِلَيْهِ (أَنْ يَضَعُوهُمْ) أَيْ يُحَقِّرُوهُمْ وَيُذِلُّوهُمْ (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَهُمْ) أَيْ يَنْصُرُهُمْ وَيُعِزُّهُمْ وَيُعْلِيهِمْ عَلَى أَعْدَاءِ دِينِهِمْ

قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ بِالْأَزْدِ أَزْدَ شَنُوءَةَ وَهُوَ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ أَوْلَادُ أَزْدِ بْنِ الغوث بن

ص: 303

لَيْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ وَأَضَافَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ حِزْبُهُ وَأَهْلُ نُصْرَةِ رَسُولِهِ

قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ أَزْدُ اللَّهِ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا اشْتِهَارُهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهُمْ ثَابِتُونَ فِي الْحَرْبِ لَا يَفِرُّونَ وَعَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي

وَثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ لِلِاخْتِصَاصِ وَالتَّشْرِيفِ كَبَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ يُرِيدُ النَّاسُ أَنْ يضعوهم إلخ

وثالثها أن يراد بها الشجاعة وَالْكَلَامُ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيِ الْأَسَدُ أَسَدُ اللَّهِ فَجَاءَ بِهِ إِمَّا مُشَاكَلَةً أَوْ قَلَبَ السِّينَ زايا انتهى

قال القارىء بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الطِّيبِيِّ هَذَا وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ مِنْ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لَكِنْ إِنَّمَا يَتِمُّ هَذَا لَوْ كَانَ الْأَسْدُ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ لُغَةً فِي الْأَسَدِ بِفَتْحَتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنَ الْقَامُوسِ انتهى

[3938]

قوله (حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) هُوَ إِمَّا الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ أَوِ الثَّقَفِيُّ الصَّنْعَانِيُّ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِي (حَدَّثَنِي غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ) الْمِعْوَلِيُّ الْأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ (فَلَسْنَا مِنَ النَّاسِ) أَيِ الْكَامِلِينَ وَأَنَسٌ كَانَ أَنْصَارِيًّا وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَزْدِ

[3939]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ زَنْجَوَيْهِ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ (أَخْبَرَنِي أَبِي) هُوَ هَمَّامُ بْنُ نَافِعٍ الْحِمْيَرِيُّ الصَّنْعَانِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ مِينَاءَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مِينَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ ثُمَّ نون بن أَبِي مِينَاءَ الْخَزَّازُ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَتْرُوكٌ وَرُمِيَ بِالرَّفْضِ وَكَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ مِنَ الثَّانِيَةِ وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَجَعَلَ لَهُ صُحْبَةً انتهى

ص: 304