الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرْفُوعًا اذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ يَحْذَرُهُ النَّاسُ
(حَتَّى مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) أَيِ اسْتَمَرَّ هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ حَتَّى مَرَّ خَالِدٌ (قُلْتُ هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) وَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي خَيْمَةٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ خَارِجَهَا وَإِلَّا فَمِثْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ) أَيْ هَذَا (خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) مُبْتَدَأٌ (سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ) خَبَرُهُ أَوِ التَّقْدِيرُ نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ
وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مُبَيِّنَةٌ لِسَبَبِ الْمَدْحِ
قال القارىء أي كيف سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَسَلَّطَهُ عَلَى الْكَافِرِينَ أَوْ ذُو سَيْفٍ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عز وجل حَيْثُ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً شَدِيدَةً فِي سَبِيلِهِ مَعَ أَعْدَاءِ دِينِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَالسَّيْفِ فِي إِسْرَاعِهِ لِتَنْفِيذِ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَخَافُ فِيهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَقَدْ وَرَدَ في كون خالد بن الوليد سيف مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ أَحَادِيثُ أُخْرَى مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وبن رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ فَقَالَ أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فأصيب ثم أخذ بن رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عليهم
12 -
(باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ)
بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ الْأَنْصَارِيِّ الْأَوْسِيِّ ثُمَّ الْأَشْهَلِيِّ وَهُوَ كَبِيرُ الْأَوْسِ كَمَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ كَبِيرُ الْخَزْرَجِ
أَسْلَمَ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمَّا أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى
المدينة يعلم المسلمين
فلما أَسْلَمَ قَالَ لِبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ كَلَامُ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ بَرَكَةً فِي الْإِسْلَامِ وَشَهِدَ بَدْرًا بِلَا خِلَافٍ فِيهِ وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَرَمَاهُ يَوْمَئِذٍ حِبَّانُ بْنُ الْعَرَاقَةِ فِي أَكْحَلِهِ فَعَاشَ شَهْرًا ثُمَّ تَنْفَضَّ جُرْحُهُ فَمَاتَ مِنْهُ وَكَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ الْخَنْدَقِ بِشَهْرٍ وَبَعْدَ قُرَيْظَةَ بِلَيَالٍ
[3847]
قَوْلُهُ (أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبُ حَرِيرٍ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالَّذِي أهداه له أكيدر درمة كَمَا بَيَّنَهُ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا) أَيْ تَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذَا (لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) جَمْعُ مِنْدِيلٍ وَهُوَ الذي يحمل في اليد وقال بن الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّدْلِ وَهُوَ النَّقْلُ لِأَنَّهُ يُنْقَلُ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى وَاحِدٍ وَقِيلَ مِنَ النَّدَلِ وَهُوَ الْوَسَخُ لِأَنَّهُ يَنْدَلُّ بِهِ إِنَّمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْمِنْدِيلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَلِيَّةِ الثِّيَابِ بَلْ هِيَ تَتَبَدَّلُ فِي أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَرَافِقِ يُتَمَسَّحُ بِهَا الْأَيْدِي وَيُنْفَضُ بِهَا الْغُبَارُ عَنِ الْبَدَنِ وَيُعْطَى بِهَا مَا يُهْدَى وَتُتَّخَذُ لَفَائِفَ لِلثِّيَابِ فَصَارَ سَبِيلُهَا سَبِيلَ الْخَادِمِ وَسَبِيلُ سَائِرِ الثِّيَابِ سَبِيلَ الْمَخْدُومِ فَإِذَا كَانَ أَدْنَاهَا هَكَذَا فَمَا ظَنُّكَ بِعَلِيَّتِهَا فَإِنْ قلت ما وجه تخصص سَعْدٍ بِهِ قُلْتُ لَعَلَّ مِنْدِيلِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الثَّوْبِ لَوْنًا وَنَحْوَهُ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ يَقْتَضِي اسْتِمَالَةَ سَعْدٍ أَوْ كَانَ اللَّامِسُونَ الْمُتَعَجِّبُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مِنْدِيلُ سَيِّدِكُمْ خَيْرٌ مِنْهُ أَوْ كَانَ سَعْدٌ يُحِبُّ ذَلِكَ الْجِنْسَ مِنَ الثِّيَابِ
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ اللِّبَاسِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3848]
قَوْلُهُ (وَجِنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أَيْ قُدَّامَهُمْ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (اهْتَزَّ لَهُ) أَيْ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاهْتِزَازُ الْعَرْشِ تَحَرُّكُهُ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ وَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَرْشِ تَمْيِيزًا حَصَلَ بِهِ هَذَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِنَّ مِنْهَا لما يهبط من خشية الله وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ
الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ
وَقَالَ آخَرُونَ الْمُرَادُ اهْتِزَازُ أَهْلِ الْعَرْشِ وَهُمْ حَمَلَتُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَحُذِفَ لِلْمُضَافِ وَالْمُرَادُ بِالِاهْتِزَازِ الِاسْتِبْشَارُ وَالْقَبُولُ وَمِنْهُ قول العرب فلان يهتز المكارم لَا يُرِيدُونَ اضْطِرَابَ جِسْمِهِ وَحَرَكَتِهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ ارْتِيَاحَهُ إِلَيْهَا وَإِقْبَالَهُ عَلَيْهَا
وَقَالَ الْحَرْبِيُّ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ شَأْنِ وَفَاتِهِ وَالْعَرَبُ تَنْسِبُ الشَّيْءَ الْمُعَظَّمَ إِلَى أَعْظَمِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولُونَ أَظْلَمَتْ لِمَوْتِ فُلَانٍ الْأَرْضُ وَقَامَتْ لَهُ الْقِيَامَةُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ الْمُرَادُ اهْتِزَازُ سَرِيرِ الْجِنَازَةِ وَهُوَ النَّعْشُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ يَرُدُّهُ صَرِيحُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَإِنَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ هَذَا التَّأْوِيلَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي فِي مُسْلِمٍ انْتَهَى
قوله (وفي الباب عن أسيد بن خضير وَأَبِي سَعِيدٍ وَرُمَيْثَةَ) قَالَ الْعَيْنِيُّ قَدْ رُوِيَ اهْتِزَازُ الْعَرْشِ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ جَابِرٍ مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَرُمَيْثَةُ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السكن وعبد الله بن بدر وبن عُمَرَ بِلَفْظِ اهْتَزَّ الْعَرْشُ فَرَحًا بِسَعْدٍ
ذَكَرَهَا الحاكم وحذيفة بن اليمان وعائشة عند بن سَعْدٍ وَالْحَسَنُ وَيَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ مُرْسَلًا وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي كِتَابِ أَبِي عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيِّ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ قَدْ جَاءَ حَدِيثُ اهْتِزَازِ الْعَرْشِ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ عَشْرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3849]
قَوْلُهُ (لَمَّا حُمِلَتْ جِنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) أَيْ لَمَّا حَمَلَهَا النَّاسُ وَرَأَوْهَا خَفِيفَةً (مَا أَخَفَّ جِنَازَتَهُ) مَا لِلتَّعَجُّبِ (وَذَلِكَ) أَيِ اسْتِخْفَافُهُ وَاسْتِحْقَارُهُ (لِحُكْمِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ) أَيْ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ فَنَسَبَهُ الْمُنَافِقُونَ إِلَى الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ وَقَدْ شَهِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِالْإِصَابَةِ فِي حُكْمِهِ (فَبَلَغَ ذَلِكَ) أَيْ كَلَامُهُمْ (إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ) أَيْ وَلِذَا كَانَتْ جِنَازَتُهُ خَفِيفَةً عَلَى النَّاسِ قَالَ الطِّيبِيُّ كَانُوا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ حَقَارَتَهُ وَازْدِرَاءَهُ فَأَجَابَ صلى الله عليه وسلم بِمَا يَلْزَمُ مِنْ تِلْكَ الْخِفَّةِ تَعْظِيمُ شَأْنِهِ وَتَفْخِيمُ أَمْرِهِ