المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب أي الكلام أحب إلى الله) - تحفة الأحوذي - جـ ١٠

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(باب مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ)

- ‌ قَوْلُهُ (أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعَوُّذِهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْحِفْظِ)

- ‌(بَاب فِي انْتِظَارِ الْفَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ)

- ‌46 - كتاب المناقب

- ‌(باب ما جاء فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في مِيلَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ ما جاء في بدء نبوة النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب ما جاء فِي آيَاتِ إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ)

- ‌(بَاب فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء فِي سِنِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بْنِ عَبْدِ المطلب القرشي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامِّ بْنَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي الْأَعْوَرِ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي عَلِّيٍّ رضي الله عنهما

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِّيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌(مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْأَسَدِيِّ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عبد الله)

- ‌(باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ)

- ‌(بَاب فِي مَنَاقِبِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُصْعَبِ بن عمير)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمِيمٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُوسَى اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)

- ‌(باب في سَبَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ محمد)

- ‌(بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌(فَضْلُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌(بَاب فَضْلِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب من فَضْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ)

- ‌(باب فِي أَيِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ)

- ‌(باب في فضل المدينة)

- ‌(باب في فضل مكة)

- ‌(باب مناقب فِي فَضْلِ الْعَرَبِ بِالتَّحْرِيكِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْعَجَمِ بِالتَّحْرِيكِ ضِدُّ الْعَرَبِ)

- ‌(باب فِي فَضْلِ الْيَمَنِ)

- ‌(باب مناقب لغفار وأسلم وجهينة ومزينة)

- ‌(باب مناقب فِي ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَةَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ)

الفصل: ‌(باب أي الكلام أحب إلى الله)

23 -

(بَاب أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ)

[3593]

قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَسْرِيِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةٌ إِلَى جَسْرٍ بَطْنٍ مِنْ عَنَزَةَ وَقُضَاعَةَ وَاسْمُهُ حِمْيَرِيٌّ بِكَسْرِ الحاء وبالواو بلفظ النسبة بن بَشِيرٍ ثِقَةٌ يُرْسِلُ مِنَ الثَّالِثَةِ قَوْلُهُ (أَوْ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ) كَلِمَةُ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (مَا اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ) أَيِ الَّذِي اخْتَارَهُ مِنَ الذِّكْرِ لِلْمَلَائِكَةِ وَأَمَرَهُمْ بِالدَّوَامِ عَلَيْهِ لِغَايَةِ فَضِيلَتِهِ (سُبْحَانَ رَبِّي) أَيْ أُنَزِّهُهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ (وَبِحَمْدِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ أُسَبِّحُ رَبِّي مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِهِ أَوْ عَاطِفَةٌ أَيْ أُسَبِّحُ رَبِّي وَأَتَلَبَّسُ بِحَمْدِهِ يَعْنِي أُنَزِّهُهُ عَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَحْمَدُهُ بِأَنْوَاعِ الْكَمَالَاتِ

قَالَ الطِّيبِيُّ لَمَحَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونقدس لك وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ على كلا الْآدَمِيِّ وَإِلَّا فَالْقُرْآنُ أَفْضَلُ وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ الْمُطْلَقِ فَأَمَّا الْمَأْثُورُ فِي وَقْتٍ أَوْ حَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ انْتَهَى

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ

وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يُعَارِضُ حَدِيثَ جَابِرٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ بِلَفْظِ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَدْ جَمَعَ الْقُرْطُبِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَذْكَارَ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى بَعْضِهَا أَنَّهُ أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَوْ أَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ فَالْمُرَادُ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَى أَخَوَاتِهَا بِدَلِيلِ حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِالْمَعْنَى فَيَكُونُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بعضا كَفَى لِأَنَّ حَاصِلَهَا التَّعْظِيمُ وَالتَّنْزِيهُ وَمَنْ نَزَّهَهُ فَقَدْ عَظَّمَهُ وَمَنْ عَظَّمَهُ فَقَدْ نَزَّهَهُ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمَعَ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ مُضْمَرَةً فِي قَوْلِهِ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ أَفْضَلُ وأحب مُتَسَاوِيَانِ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ يَظْهَرُ مَعَ ذَلِكَ تَفْضِيلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا بِالْأَفْضَلِيَّةِ الصَّرِيحَةِ

وَذُكِرَتْ مَعَ أَخَوَاتِهَا بالأحبية فحصل

ص: 38

لَهَا التَّفْضِيلُ تَنْصِيصًا وَانْضِمَامًا انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[3594]

قوله (حدثنا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ

4 -

قَوْلُهُ (سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ) أَيِ السَّلَامَةَ عَنِ الْآفَاتِ وَالْمَصَائِبِ (وَقَدْ زَادَ يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الْحَرْفَ قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ إِلَخْ) قَوْلُهُ قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ إِلَخْ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ هَذَا الْحَرْفُ

[3595]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو أَحْمَدَ وَأَبُو نُعَيْمٍ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السَّنَدِ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ أَنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ

قَوْلُهُ (وَهَذَا أَصَحُّ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا

[3596]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) الضَّرِيرُ الْكُوفِيُّ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ

قَوْلُهُ (سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ

ص: 39

بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ هَكَذَا نَقَلَهُ القاضي عن مُتْقِنِي شُيُوخِهِمْ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ بِتَخْفِيفِهَا وَإِسْكَانِ الْفَاءِ يُقَالُ فَرَدَ الرَّجُلُ وَفَرَّدَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَأَفْرَدَ قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَيِ الْمُعْتَزِلُونَ عَنِ النَّاسِ لِلتَّعَبُّدِ (الْمُسْتَهْتَرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الَّذِينَ أُولِعُوا بِهِ يُقَالُ هَتَرَ فُلَانٌ بِكَذَا وَاسْتَهْتَرَ فَهُوَ مُهْتَرٌ بِهِ وَمُسْتَهْتَرٌ أَيْ مُولَعٌ بِهِ لَا يَتَحَدَّثُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَفْعَلُ غَيْرَهُ انْتَهَى

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ الْمُسْتَهْتَرُونَ بِذِكْرِ اللَّهِ هُمُ مولعون بِهِ الْمُدَاوِمُونَ عَلَيْهِ لَا يُبَالُونَ مَا قِيلَ فِيهِمْ وَلَا مَا فُعِلَ بِهِمْ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي الْجَوَابِ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ (يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَفِيفٍ ضِدُّ الثَّقِيلِ أَيْ يُذْهِبُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَوْزَارَهُمْ أَيْ ذُنُوبَهُمُ الَّتِي تُثْقِلُهُمْ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

[3597]

قَوْلُهُ (أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) أَيْ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها من الأموال وغيرها

قال بن الْعَرَبِيِّ أَطْلَقَ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَ قَوْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَبَيْنَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَمِنْ شَرْطِ الْمُفَاضَلَةِ اسْتِوَاءُ الشَّيْئَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى ثُمَّ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخِرِ

وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَفْعَلُ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَصْلُ الْفِعْلِ لَا الْمُفَاضَلَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا وَلَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا فَأَتَصَدَّقَ بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْكَلَامِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الدُّنْيَا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي وبن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ

[3598]

قَوْلُهُ (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا وَأَتَمَّ فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

ص: 40

قَوْلُهُ (وَسَعْدَانُ الْقُمِّيُّ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ بِالْقَافِ وَالْمِيمِ وَقَدْ ضَبَطَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا (هُوَ سَعْدَانُ بن بشر) ويقال بن بَشِيرٍ الْجُهَنِيُّ الْكُوفِيُّ قِيلَ اسْمُهُ سَعِيدٌ وَسَعْدَانُ لَقَبٌ صَدُوقٌ مِنَ الثَّامِنَةِ (وَأَبُو مُجَاهِدٍ هُوَ سَعْدٌ الطَّائِيُّ) الْكُوفِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ مِنَ السَّادِسَةِ (وَأَبُو مُدِلَّةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ يُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

[3599]

قَوْلُهُ (عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ) الزبدي (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَجْهُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَقِيلَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ

قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي) أَيْ بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ (وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي) أَيْ عِلْمًا يَنْفَعُنِي فِيهِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا النَّافِعَ وَالنَّافِعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا فِيمَا يَعُودُ فِيهَا عَلَى نَفْعِ الدِّينِ وَإِلَّا فَمَا عَدَا هَذَا الْعِلْمَ فَإِنَّهُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) أَيْ بِأَمْرِ الدِّينِ فَإِنَّهُ نَفَى الْعِلْمَ عَنْ عِلْمِ السِّحْرِ لِعَدَمِ نَفْعِهِ فِي الْآخِرَةِ بَلْ لِأَنَّهُ ضَارٌّ فِيهَا وَقَدْ يَنْفَعُهُمْ فِي الدُّنْيَا لَكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ نَفْعًا (وَزِدْنِي عِلْمًا) مُضَافًا إِلَى مَا عَلَّمْتَنِيهِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ) مِنْ أَحْوَالِ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ (وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ) مِنَ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ وَالْعِقَابِ فِي الْعُقْبَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن ماجه والحاكم وبن أبي شيبة

5 -

[3600] قوله (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَالَ

ص: 41

الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَذَا قَالَ جَرِيرٌ وَتَابَعَهُ الفضيل بن عياض عند بن حِبَّانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هَكَذَا بِالشَّكِّ لِلْأَكْثَرِ وَفِي نُسْخَةٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِالشَّكِّ وَقَالَ شَكَّ الْأَعْمَشُ وَكَذَا قَالَ بن أبي الدنيا عن إسحاق بن إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ شَكَّ سُلَيْمَانُ يَعْنِي الْأَعْمَشَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ انْتَهَى

قَوْلُهُ (سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدَّةِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ سَاحَ فِي الْأَرْضِ إِذَا ذَهَبَ فِيهَا وَسَارَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ سَيَّارَةً وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ (فُضُلًا) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِلْمَلَائِكَةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطُوا فُضُلًا عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا وَأَرْجَحُهَا فُضُلًا بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ وَالثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكْثَرُ وَأَصْوَبُ وَالثَّالِثَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ وَالرَّابِعَةُ فُضُلٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ وَرَفْعِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْخَامِسَةُ فُضَلَاءَ بِالْمَدِّ جَمْعُ فَاضِلٍ

قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ زَائِدُونَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُرَتَّبِينَ مَعَ الْخَلَائِقِ فَهَؤُلَاءِ السَّيَّارَةُ لَا وَظِيفَةَ لَهُمْ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُمْ حِلَقُ الذِّكْرِ (عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشِدَّةِ الْفَوْقِيَّةِ جَمْعُ كَاتِبٍ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ وَغَيْرُهُمُ الْمُرَتَّبُونَ مَعَ النَّاسِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ يَبْتَغُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ (تَنَادَوْا) أَيْ نَادَى بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ بَعْضًا قَائِلِينَ (هَلُمُّوا) أَيْ تَعَالَوْا مُسْرِعِينَ (إِلَى بِغْيَتِكُمْ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إِلَى مَطْلُوبِكُمْ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِلَى حاجتكم أي من استماع الذكر وزيادة الذَّاكِرِ وَإِطَاعَةِ الْمَذْكُورِ

وَاسْتَعْمَلَ هَلُمَّ هُنَا عَلَى لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ أَنَّهَا تُثَنَّى وَتُجْمَعُ وَتُؤَنَّثُ وَلُغَةُ الْحِجَازِيِّينَ بِنَاءُ لَفْظِهَا عَلَى الْفَتْحِ وَبَقَاؤُهُ بِحَالِهِ مَعَ الْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ أَيْ يُحْدِقُونَ بِهِمْ وَيَسْتَدِيرُونَ حَوْلَهُمْ يُقَالُ حَفَّ الْقَوْمُ الرَّجُلَ وَبِهِ وَحَوْلَهُ أَحْدَقُوا وَاسْتَدَارُوا بِهِ (إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) أَيْ يَقِفُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملاؤا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا (أَيَّ شَيْءٍ) بالنصب مفعول مقدم لقوله يصنعون (فيقولون) أَيِ الْمَلَائِكَةُ (تَرَكْنَاهُمْ) أَيْ عِبَادَكَ (يَحْمَدُونَكَ

ص: 42

بِالتَّخْفِيفِ (وَيُمَجِّدُونَكَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يَذْكُرُونَكَ بِالْعَظَمَةِ أَوْ يَنْسُبُونَكَ إِلَى الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرَمُ (وَيَذْكُرُونَكَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا تَفَرَّقُوا أَيْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ عَرَجُوا أَيِ الْمَلَائِكَةُ وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عز وجل وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادِ لَكَ فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ

وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَيُعَظِّمُونَ آلَاءَكَ وَيَتْلُونَ كِتَابَكَ وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّكَ وَيَسْأَلُونَكَ لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ

قَالَ الْحَافِظُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ الْمُرَادُ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَنَّهَا الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الذِّكْرِ الْوَارِدَةِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا

وَعَلَى تِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَعَلَى الدُّعَاءِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِي دُخُولِ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَمُذَاكَرَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ نَظَرٌ

وَالْأَشْبَهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَجَالِسِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا وَالتِّلَاوَةِ فَحَسْبُ

وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْحَدِيثِ وَمُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُسَمَّى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى

قُلْتُ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ قَوْلُهُ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَةَ الْحَدِيثِ وَتَدْرِيسَ الْعُلُومِ وَمُنَاظَرَةَ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوَهَا انْتَهَى

فَاخْتَلَفَ الْحَافِظُ وَالْعَيْنِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَهْلِ الذِّكْرِ الْخُصُوصُ أَوِ الْعُمُومُ فَاخْتَارَ الْحَافِظُ الْخُصُوصَ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ أَلْفَاظِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ وَاخْتَارَ الْعَيْنِيُّ للعموم نَظَرًا إِلَى أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ مِنْ أَلْفَاظِ الذِّكْرِ تَمْثِيلَاتٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْخُصُوصُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَيَقُولُ) أَيِ اللَّهُ (فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي) أَيْ لَوْ رَأَوْنِي مَا يَكُونُ حَالُهُمْ فِي الذِّكْرِ (وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا) أَيْ تَعْظِيمًا (وَأَشَدَّ لَكَ ذِكْرًا) فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ تَحَمُّلَ مَشَقَّةِ الْخِدْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ (وَأَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ) مني (فهل رَأَوْهَا) أَيِ الْجَنَّةَ (لَكَانُوا أَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا) لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ (أُشْهِدُكُمْ) مِنَ الْإِشْهَادِ أَيْ أَجْعَلُكُمْ شَاهِدِينَ (إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا) كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ (الْخَطَّاءَ

ص: 43

بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِفُلَانًا أَيْ كَثِيرَ الْخَطَايَا (لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ) أَيْ لَمْ يُرِدْ مَعِيَّتَهمْ فِي ذِكْرٍ بَلْ جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لَهُ يُرِيدُ الْمَلَائِكَةُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ (هُمُ الْقَوْمُ) قَالَ الطِّيبِيُّ تَعْرِيفُ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ هُمُ الْقَوْمُ الْكَامِلُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنَ السَّعَادَةِ (لَا يَشْقَى) أَيْ لَا يَصِيرُ شَقِيًّا (لَهُمْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِهِمْ أَيْ بِسَبَبِهِمْ وَبِبَرَكَتِهِمْ (جَلِيسٌ) أَيْ مُجَالِسُهُمْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ الْكَمَالِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ

وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالذَّاكِرِينَ وَفَضْلُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ جَلِيسَهُمْ يَنْدَرِجُ مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَتَفَضَّلُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ إِكْرَامًا لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي أَصْلِ الذكر

وفيه محبة الملائكة لبني ادم واعتنائهم بِهِمْ وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ قَدْ يَصْدُرُ مِنَ السَّائِلِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنَ الْمَسْئُولِ لِإِظْهَارِ الْعِنَايَةِ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ وَالتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ وَالْإِعْلَانِ بِشَرَفِ مَنْزِلَتِهِ

وَقِيلَ إِنَّ فِي خُصُوصِ سُؤَالِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ عَنْ أَهْلِ الذِّكْرِ الْإِشَارَةَ إِلَى قَوْلِهِمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فَكَأَنَّهُ قِيلَ انْظُرُوا إِلَى مَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ مَعَ مَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَكَيْفَ عَالَجُوا ذَلِكَ وَضَاهَوْكُمْ فِي التَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ كَذَا فِي الْفَتْحِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان

6 -

[3601] قَوْلُهُ (هِشَامِ بْنِ الْغَازِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بن رَبِيعَةَ الْجُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ السَّابِعَةِ قَوْلُهُ (فَإِنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ (مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ) أَيْ مِنْ ذَخَائِرِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ مُحَصِّلَاتِ نَفَائِسِ الْجَنَّةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهَا يُحَصِّلُ ثَوَابًا نَفِيسًا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْجَنَّةِ (قَالَ مَكْحُولٌ) أَيْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (وَلَا مَنْجَا) بِالْأَلِفِ أَيْ لَا مَهْرَبَ وَلَا مَخْلَصَ (مِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ سَخَطِهِ وَعُقُوبَتِهِ (إِلَّا إِلَيْهِ) أَيْ بِالرُّجُوعِ إِلَى رِضَاهُ وَرَحْمَتِهِ (كَشَفَ) أَيِ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْمِشْكَاةِ كَشَفَ اللَّهُ (سَبْعِينَ بَابًا) أَيْ نَوْعًا (مِنَ الضُّرِّ) بِضَمِّ الضَّادِ وَتُفْتَحُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ وَالتَّكْثِيرَ (أَدْنَاهُنَّ الْفَقْرُ) أَيْ أَحَطُّ

ص: 44

السَّبْعِينَ وَأَدْنَى مَرَاتِبِ الْأَنْوَاعِ نَوْعُ مَضَرَّةِ الْفَقْرِ

قال القارىء وَالْمُرَادُ الْفَقْرُ الْقَلْبِيُّ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا

لِأَنَّ قَائِلَهَا إِذَا تَصَوَّرَ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ وَتَيَقَّنَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا نَفْعَ وَلَا ضُرَّ إِلَّا مِنْهُ وَلَا عَطَاءَ وَلَا مَنْعَ إِلَّا بِهِ فَصَبَرَ عَلَى الْبَلَاءِ وَشَكَرَ عَلَى النَّعْمَاءِ وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَضِيَ بِالْقَدَرِ انْتَهَى

قُلْتُ حَدِيثُ كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا

رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَنَسٍ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ إِسْنَادُهُ وَاهٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي تَذْكِرَةِ الْمَوْضُوعَاتِ ضَعِيفٌ وَلَكِنْ صَحَّ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ تَقْيِيدُ الْفَقْرِ بِالْقَلْبِيِّ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ مَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مُطَوَّلًا وَرَفَعَا وَلَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ مُحْتَجٌّ بِهِمْ

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ وَلَا عِلَّةَ لَهُ وَلَفْظُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَوْ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ تَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَصَحَّحَهَا أَيْضًا قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَالَ تَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ

ذَكَرَهُ فِي حَدِيثٍ

[3602]

قَوْلُهُ (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ لَهُ دَعْوَةٌ مُتَيَقَّنَةُ الْإِجَابَةِ وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إِجَابَتِهَا وَأَمَّا بَاقِي دَعَوَاتِهِمْ فَهُمْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ إِجَابَتِهَا وَبَعْضُهَا يُجَابُ وَبَعْضُهَا لَا يُجَابُ

وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ لِأُمَّتِهِ كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ يَعْنِي مِنْ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ دَعَاهَا لِأُمَّتِهِ

وَبِلَفْظِ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فِي أُمَّتِهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعَوْتَهُ (وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي) أَيِ ادَّخَرْتُهَا وَجَعَلْتُهَا خَبِيئَةً مِنَ الِاخْتِبَاءِ وَهُوَ السِّرُّ (شَفَاعَةً لِأُمَّتِي) أَيْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ يَعْنِي لِأَجْلِ أَنْ أَصْرِفَهَا لَهُمْ خَاصَّةً بَعْدَ الْعَامَّةِ وَفِي جِهَةِ الشَّفَاعَةِ أَوْ حَالَ كَوْنِهَا شَفَاعَةً (وَهِيَ) أَيِ الشَّفَاعَةُ (نَائِلَةٌ) أَيْ وَاصِلَةٌ حَاصِلَةٌ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّكِ وَالِامْتِثَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ (مَنْ مَاتَ) فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِنَائِلِهِ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أُمَّتِي

ص: 45

(لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ مَاتَ (شَيْئًا) أَيْ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ مِنَ الْإِشْرَاكِ وَهِيَ أَقْسَامٌ عَدَمُ دُخُولِ قَوْمٍ النَّارَ وَتَخْفِيفُ لبثهم فيها وتعجيل دخولهم الجنة ورفع درجات فيها

قال بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ حَيْثُ آثَرَ أُمَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ بِدَعْوَتِهِ الْمُجَابَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا أَيْضًا دُعَاءً عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

7 -

[3603] قَوْلُهُ (وبن نُمَيْرٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَوْلُهُ (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي) الْمُؤْمِنِ (بِي) قَالَ الطِّيبِيُّ الظَّنُّ لَمَّا كَانَ وَاسِطَةً بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ اسْتُعْمِلَ تَارَةً بِمَعْنَى يَقِينٍ وَذَلِكَ إِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُهُ وَبِمَعْنَى الشَّكِّ إِذَا ضَعُفَتْ عَلَامَاتُهُ وَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنهم ملاقوا ربهم أَيْ يُوقِنُونَ وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون أَيْ تَوَهَّمُوا وَالظَّنُّ فِي الْحَدِيثِ يَجُوزُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَا أُعَامِلُهُ عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ بِي وَأَفْعَلُ بِهِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنِّي مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَالْمُرَادُ الْحَثُّ عَلَى تَغْلِيبِ الرَّجَاءِ عَلَى الْخَوْفِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالظَّنِّ الْيَقِينُ وَالْمَعْنَى أَنَا عِنْدَ يَقِينِهِ بِي وَعِلْمِهِ بِأَنَّ مَصِيرَهُ إِلَيَّ وَحِسَابَهُ عَلَيَّ وَأَنَّ مَا قَضَيْتُ بِهِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ لَا مَرَدَّ لَهُ لَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتُ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتُ انْتَهَى

وَقَالَ الْقَاضِي قِيلَ مَعْنَاهُ بِالْغُفْرَانِ لَهُ إِذَا اسْتَغْفَرَ وَالْقَبُولِ إِذَا تَابَ وَالْإِجَابَةِ إِذَا دَعَا وَالْكِفَايَةِ إِذَا طَلَبَهَا

وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الرَّجَاءُ وَتَأْمِيلُ الْعَفْوِ وَهَذَا أَصَحُّ (وَأَنَا مَعَهُ) أَيْ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالرِّعَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِعَانَةِ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كنتم فمعناه بالعلم والإحاطة قال النَّوَوِيُّ (فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي) أَيْ إِنْ ذَكَرَنِي بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّقْدِيسِ سِرًّا ذَكَرْتُهُ بِالثَّوَابِ وَالرَّحْمَةِ سِرًّا قَالَهُ الْحَافِظُ (وَإِنْ ذكرني في ملء) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ مَهْمُوزٌ أَيْ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ فِي حَضْرَتِهِمْ ذَكَرْتُهُ فِي ملء خَيْرٍ (يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ) الْمُقَرَّبِينَ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ ملء الذكرين (وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا) أَيْ مِقْدَارًا قَلِيلًا

قَالَ الطِّيبِيُّ شِبْرًا وَذِرَاعًا وَبَاعًا فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ مِقْدَارَ شِبْرٍ (وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا) هُوَ قَدْرُ مَدِّ الْيَدَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبَدَنِ (وَإِنْ أَتَانِي) حَالَ كَوْنِهِ (يَمْشِي أَتَيْتُهُ

ص: 46

هَرْوَلَةً) هِيَ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ دُونَ الْعَدْوِ

قَالَ الطِّيبِيُّ هِيَ حَالٌ أَيْ مُهَرْوِلًا أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّ الْهَرْوَلَةَ نَوْعٌ مِنَ الْإِتْيَانِ فَهُوَ كَرَجَعْتُ الْقَهْقَرَى لَكِنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَالِ أَوْلَى لِأَنَّ قَرِينَهُ يَمْشِي حَالٌ لَا مَحَالَةَ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَيَسْتَحِيلُ إِرَادَةُ ظَاهِرِهِ وَمَعْنَاهُ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِطَاعَتِي تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بِرَحْمَتِي وَالتَّوْفِيقِ وَالْإِعَانَةِ أَوْ إِنْ زَادَ زِدْتُ فَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي وَأَسْرَعَ فِي طَاعَتِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً أَيْ صَبَبْتُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ وَسَبَقْتُهُ بِهَا وَلَمْ أُحْوِجْهُ إِلَى الْمَشْيِ الْكَثِيرِ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْمَقْصُودِ وَالْمُرَادُ أَنَّ جَزَاءَهُ يَكُونُ تَضْعِيفَهُ عَلَى حَسَبِ تَقَرُّبِهِ انْتَهَى

وكذا قال الطيبي والحافظ والعيني وبن بطان وبن التِّينِ وَصَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالرَّاغِبُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَيُرْوَى عَنِ الْأَعْمَشِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا يَعْنِي بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَكَذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَخْ) وَكَذَا فَسَّرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا عَرَفْتَ

قُلْتُ لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ إِلَخْ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالُوا قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا وَنُؤْمِنُ بِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ ولا يقال كيف هكذا روى من مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعة الخ

8 -

[3604] قَوْلُهُ (اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ) يُقَالُ عَاذَ وَتَعَوَّذَ وَاسْتَعَاذَ بِفُلَانٍ مِنْ كَذَا لَجَأَ إِلَيْهِ وَاعْتَصَمَ وَتَعَوَّذَ وَاسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعَاذَهُ وَعَوَّذَهُ حَفِظَهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حديث صحيح) وأخرجه مسلم وغيره بألفاظ

ص: 47

29 -

باب قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى) الْبَلْخِيُّ الْمَعْرُوفُ بِخَتٍّ (أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) الْوَاسِطِيُّ السُّلَمِيُّ (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ) الْأَزْدِيُّ الْقُرْدُوسِيُّ قَوْلُهُ (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ) قِيلَ مَعْنَاهُ الْكَامِلَاتِ الَّتِي لَا يَدْخُلُ فِيهَا نَقْصٌ وَلَا عَيْبٌ وَقِيلَ النَّافِعَةُ الشَّافِيَةُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ هُنَا الْقُرْآنُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (لَمْ يَضُرَّهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا (حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحُمَةُ كَثُبَةٍ السُّمُّ وَالْإِبْرَةُ يُضْرَبُ بِهَا الزُّنْبُورُ وَالْحَيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ يُلْدَغُ بِهَا جَمْعُهَا حُمَاتٌ وَحُمًى انْتَهَى وَأَصْلُهَا حَمْوٌ أَوْ حُمَى بِوَزْنِ صُرَدٍ وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ أَوِ الْيَاءِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي موطإه فِي بَابِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ التَّعَوُّذِ عند النوم وغيره

0 -

باب قَوْلُهُ (دُعَاءٌ) مُبْتَدَأٌ (حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صفة المبتدأ مُسَوِّغٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ (لَا أَدَعُهُ) أَيْ لَا أَتْرُكُهُ لِنَفَاسَتِهِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أُعَظِّمُ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَرَفْعِ الْمِيمِ وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ

ص: 48

بِتَقْدِيرِ أَنْ أَوْ بِغَيْرِهِ أَيْ مُعَظِّمًا (شُكْرَكَ) أَيْ وَفِّقْنِي لِإِكْثَارِهِ وَالدَّوَامِ عَلَى اسْتِحْضَارِهِ

قَالَ الطِّيبِيُّ اجْعَلْنِي بِمَعْنَى صَيِّرْنِي وَلِذَلِكَ أَتَى بِالْمَفْعُولِ للثاني فِعْلًا لِأَنَّ صَارَ مِنْ دَوَاخِلِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ (وأكبر) مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا (ذِكْرَكَ) أَيْ لِسَانًا وَجِنَانًا وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصًا بَعْدَ تَعْمِيمٍ وَقِيلَ إِنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ (وَأَتَّبِعُ) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ (نَصِيحَتَكَ) هِيَ الْخُلُوصُ وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَالْإِضَافَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِلَى الْفَاعِلِ وَإِلَى الْمَفْعُولِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (وَأَحْفَظُ وَصِيَّتَكَ) أَيْ بِمُلَازَمَةِ فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَجَنُّبِ الْمَنْهِيَّاتِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وهو ضعيف

1 -

باب قَوْلُهُ (عَنْ زِيَادٍ) فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عِدَّةُ رُوَاةٍ مِنْ طَبَقَةِ التَّابِعِينَ أَسْمَاؤُهُمْ زِيَادٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِي أَنَّ زِيَادًا هَذَا مَنْ هُوَ قَوْلُهُ (أَوْ يَسْتَعْجِلْ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ (دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي) هُوَ إِمَّا اسْتِبْطَاءٌ أَوْ إِظْهَارُ يَأْسٍ وَكِلَاهُمَا مَذْمُومٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَمَا وَرَدَ أَنَّ بَيْنَ دُعَاءِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَبَيْنَ الْإِجَابَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَمَّا الْقُنُوطُ فلا ييأس مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ مَعَ أَنَّ الْإِجَابَةَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْهَا تَحْصِيلُ عَيْنِ الْمَطْلُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَطْلُوبِ وَمِنْهَا وُجُودُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَتْ تَأْخِيرَهُ وَمِنْهَا دَفْعُ شَرٍّ بَدَلَهُ أَوْ إِعْطَاءُ خَيْرٍ آخَرَ خَيْرٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ وَمِنْهَا ادِّخَارُهُ لِيَوْمٍ يَكُونُ أَحْوَجَ إِلَى ثَوَابِهِ وَمِنْهَا تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ بِقَدْرِ مَا دَعَا

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ الْمَعْرُوفُ بِخَتٍّ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ

ص: 49

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَوْلُهُ (قَدْ سَأَلْتُ وَسَأَلْتُ) أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى يَعْنِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةً أَوْ طَلَبْتُ شَيْئًا وَطَلَبْتُ آخَرَ

قَوْلُهُ (وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مولى بن أَزْهَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ إِلَخْ) وَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ مَنْ يَسْتَعْجِلُ فِي دعائه

2 -

باب قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ (أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى) الدَّقِيقِيُّ الْبَصْرِيُّ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعِ) بْنِ جَابِرِ بْنِ الْأَخْنَسِ الْأَزْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَوْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ كَثِيرُ الْمَنَاقِبِ مِنَ الْخَامِسَةِ (عَنْ سُمَيْرِ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَبِيَاءِ التَّصْغِيرِ وَبِالرَّاءِ (بْنِ نَهَارٍ الْعَبْدِيِّ) الْبَصْرِيِّ صَدُوقٌ وَقِيلَ هُوَ شُتَيْرٌ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ صَدُوقٌ مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ

قَوْلُهُ (إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ) بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّ اللَّهَ يَعْفُو عَنْهُ (مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ اللَّهِ) أَيْ حُسْنِ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ الْحَسَنَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَظُنَّ مَا يَظُنُّهُ الْعَامَّةُ مِنْ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ هُوَ أَنْ تَتْرُكَ الْعَمَلَ وَتَعْتَمِدَ عَلَى اللَّهِ وَتَقُولَ إِنَّهُ كَرِيمٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بَعْدَ حُسْنِ الْعِبَادَةِ حُسْنُ الظَّنِّ وَقَدَّمَ الْخَبَرَ اهْتِمَامًا فَإِنَّ السَّالِكَ إِذَا حَسَّنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَلَى سَبِيلِ الرَّجَاءِ حَسَّنَ الْعِبَادَةَ فِي الْخَلَا وَالْمَلَا فَيُسْتَحْسَنُ مَأْمُولُهُ وَيُرْجَى قَبُولُهُ

قَالَ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله وَأَمَّا مَنْ يَتْرُكُ الْعِبَادَةَ وَيَدَّعِي حُسْنَ الظَّنِّ بِالْمَعْبُودِ فَهُوَ مَغْرُورٌ وَمَخْدُوعٌ وَمَرْدُودٌ وَمَثَّلَهُمَا الْغَزَالِيُّ بِمَنْ زَرَعَ وَمَنْ لَمْ يَزْرَعْ رَاجِيَيْنِ لِلْحَصَادِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّانِيَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داود والحاكم في مستدركه

ص: 50

33 -

باب قَوْلُهُ (عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ صدوق يخطىء مِنَ السَّادِسَةِ

قَوْلُهُ (لِيَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ) أَيْ لِيَتَأَمَّلْ وَيَتَدَبَّرْ (مَا الَّذِي يَتَمَنَّى) عَلَى اللَّهِ (فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ أُمْنِيَّتِهِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَشِدَّةِ التَّحْتِيَّةِ الْبُغْيَةُ وَمَا يُتَمَنَّى أَيْ فَلَا يَتَمَنَّى إِلَّا مَا يَسُرُّهُ أَنْ يَرَاهُ فِي الْآخِرَةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورَ تابعي

4 -

باب قوله (أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو) بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي) مِنَ التَّمْتِيعِ أَيِ انْفَعْنِي (وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي) أَيْ أَبْقِهِمَا صَحِيحَيْنِ سَلِيمَيْنِ إِلَى أَنْ أَمُوتَ أَوْ أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر والخلال الْقُوَى (وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ يَظْلِمُنِي) مِنْ أَعْدَاءِ دِينِكَ (وَخُذْ مِنْهُ بِثَأْرِي) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الثَّأْرُ طَلَبُ الدَّمِ يُقَالُ ثَأَرْتُ الْقَتِيلَ وَثَأَرْتُ بِهِ فَأَنَا ثَائِرٌ أَيْ قَتَلْتُ قَاتِلَهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي المستدرك والبزار في مسنده

5 -

باب قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجْزِيُّ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ

ص: 51

وَبِالزَّايِ نِسْبَةٌ إِلَى سِجْزَ وَهُوَ اسْمٌ لِسِجِسْتَانَ وَقِيلَ نِسْبَةٌ إِلَى سِجِسْتَانَ بِغَيْرِ قِيَاسٍ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ مُصَنِّفُ السُّنَنِ وَغَيْرِهَا ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ (حَدَّثَنَا قَطَنٌ) بِفَتْحِ قَافٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَبِنُونٍ بن نُسَيْرٍ أَبُو عَبَّادٍ الْبَصْرِيُّ الْغُبَرِيُّ الذَّارِعُ صَدُوقٌ يُخْطِئُ مِنَ الْعَاشِرَةِ (أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ) الضُّبَعِيُّ قَوْلُهُ (حَاجَتَهُ) مَفْعُولٌ ثَانٍ (كُلَّهَا) تَأْكِيدٌ لَهَا أَيْ جَمِيعَ مَقْصُودَاتِهِ إِشْعَارًا بِالِافْتِقَارِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَلَمْحَةٍ (حَتَّى يَسْأَلَ) أَيْ رَبَّهُ (شِسْعَ نَعْلِهِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ شِرَاكَهَا قَالَ الطِّيبِيُّ الشِّسْعُ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّتْمِيمِ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ جِيءَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْمُتَمِّمَاتِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غريب) وأخرجه بن حِبَّانَ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ ذَكْوَانَ الْبَاهِلِيُّ التِّرْمِذِيُّ

قَوْلُهُ (لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ) فَإِنَّ خَزَائِنَ الْجُودِ بِيَدِهِ وَأَزِمَّتَهُ إِلَيْهِ وَلَا مُعْطِيَ إِلَّا هُوَ (حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمِلْحَ) وَنَحْوَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ التَّافِهَةِ (وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ) فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ وَدُفِعَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الدَّقَائِقَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ لِحَقَارَتِهَا

قَوْلُهُ (وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ قَطَنٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ) أَيْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ مُرْسَلًا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ قَطَنٍ عَنْ جَعْفَرٍ مُتَّصِلًا لِأَنَّ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْ قَطَنٍ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ تَابَعَ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ قطن ما لفظه

قال بن عَدِيٍّ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ عَنْ ثَابِتٍ بِحَدِيثِ لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا فَقَالَ رَجُلٌ لِلْقَوَارِيرِيِّ إِنَّ شَيْخَنَا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فقال القواريري باطل

قال بن عدي وهو كما قال انتهى

ص: 52