المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(باب مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ)

- ‌ قَوْلُهُ (أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعَوُّذِهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ الْحِفْظِ)

- ‌(بَاب فِي انْتِظَارِ الْفَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ)

- ‌46 - كتاب المناقب

- ‌(باب ما جاء فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في مِيلَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ ما جاء في بدء نبوة النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب ما جاء فِي آيَاتِ إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ)

- ‌(بَاب فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء فِي سِنِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بْنِ عَبْدِ المطلب القرشي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامِّ بْنَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي الْأَعْوَرِ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي عَلِّيٍّ رضي الله عنهما

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِّيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌(مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْأَسَدِيِّ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مناقب أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عبد الله)

- ‌(باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ)

- ‌(بَاب فِي مَنَاقِبِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَنَاقِبِ مُصْعَبِ بن عمير)

- ‌(باب مَنَاقِبُ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمِيمٍ)

- ‌(باب مَنَاقِبُ أَبِي مُوسَى اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)

- ‌(باب في سَبَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ محمد)

- ‌(بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌(فَضْلُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌(بَاب فَضْلِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب من فَضْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ)

- ‌(باب فِي أَيِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ)

- ‌(باب في فضل المدينة)

- ‌(باب في فضل مكة)

- ‌(باب مناقب فِي فَضْلِ الْعَرَبِ بِالتَّحْرِيكِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْعَجَمِ بِالتَّحْرِيكِ ضِدُّ الْعَرَبِ)

- ‌(باب فِي فَضْلِ الْيَمَنِ)

- ‌(باب مناقب لغفار وأسلم وجهينة ومزينة)

- ‌(باب مناقب فِي ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَةَ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ)

الفصل: ‌(باب في فضل المدينة)

130 -

(باب في فضل المدينة)

[3914]

قوله (حدثنا الليث) هو بن سَعْدٍ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِيمٍ) الزُّرَقِيِّ (عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو) بِالْوَاوِ وَيُقَالُ عَاصِمُ بْنُ عمر بغير الواو حجازي مدني يثقة مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ (حَتَّى إِذَا كَانَ بِحَرَّةِ السُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَوَادِي الصَّفْرَاءِ وَالْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ (ائْتُونِي بِوَضُوءٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ بِمَاءِ الْوُضُوءِ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ) مِنَ الْخُلَّةِ وَهِيَ الصَّدَاقَةُ وَالْمَحَبَّةُ التي تخللت القلب فملأنه (وَدَعَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْبَرَكَةِ) بِقَوْلِهِ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثمرات الْآيَةَ (وَأَنَا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ) لَمْ يَذْكُرِ الْخُلَّةَ لِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ خَلِيلٌ أَيْضًا تَوَاضُعًا وَرِعَايَةً لِلْأَدَبِ مَعَ أَبِيهِ (أَدْعُوكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُبَارِكَ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ) أَيْ فِيمَا يُكَالُ بِهِمَا بَرَكَةً (مِثْلَيْ مَا بَارَكْتَ لِأَهْلِ مَكَّةَ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ) أَيْ أَدْعُوكَ أَنْ تُضَاعِفَ لَهُمُ الْبَرَكَةَ ضِعْفَيْ مَا بَارَكْتَهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ بِدُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَوِيٍّ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد وهو بن عَاصِمٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَاكُورَةَ مِنَ الثَّمَرِ مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ

ص: 284

[3915]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو نُبَاتَةَ) بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ وَمُثَنَّاةٍ (يُونُسُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نُبَاتَةَ) الْأُمَوِيُّ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ مِنَ التَّاسِعَةِ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِيُّ (عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْمُعَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ

وَيُقَالُ بن الْمُعَلَّى الْمَدَنِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

[3916]

قَوْلُهُ (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي) وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثقات

وعند الطبراني من حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ الْقَبْرِ فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ فِي قَوْلِهِ بَيْتِي أَحَدُ بُيُوتِهِ لَا كُلُّهَا وَهُوَ بَيْتُ عَائِشَةَ الَّذِي صَارَ فِيهِ قَبْرُهُ وقد رد الْحَدِيثُ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَبَيْتِ عَائِشَةَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ

أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ (رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) أَيْ كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يحصل من ملازمة حلق الذكر لاسيما في عهده فيكون تشبها بِغَيْرِ أَدَاةٍ أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ فَيَكُونُ مَجَازًا أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ رَوْضَةٌ حَقِيقَةً بِأَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ

هَذَا مُحَصَّلُ مَا أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ عَلَى تَرْتِيبِهَا هَذَا فِي الْقُوَّةِ

قَوْلُهُ (عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ) هُوَ الْأَسْلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ (عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ) الدوسي المدني مولى بن أَبِي ذُبَابٍ صَدُوقٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) زَادَ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي

قَالَ الْحَافِظُ أَيْ ينقل يوم القيامة فينصب عَلَى الْحَوْضِ قَالَ الْأَكْثَرُ الْمُرَادُ مِنْبَرُهُ بِعَيْنِهِ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَهُوَ فَوْقَهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْمِنْبَرُ الَّذِي يُوضَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّ قَصْدَ مِنْبَرِهِ وَالْحُضُورَ عِنْدَهُ لِمُلَازَمَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يُورِدُ صَاحِبَهُ إِلَى الْحَوْضِ وَيَقْتَضِي شُرْبَهُ مِنْهُ

ص: 285

قَوْلُهُ (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَخْ) تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ أَيِّ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِنْ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[3917]

قَوْلُهُ (عَنْ أَيُّوبَ) هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ

قَوْلُهُ (مَنِ اسْتَطَاعَ) أَيْ قَدِرَ (أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ) أَيْ يُقِيمَ بِهَا حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ ثَمَّتْ (فَلْيَمُتْ بِهَا) أَيْ فَلْيُقِمْ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ حَثٌّ عَلَى لُزُومِ الْإِقَامَةِ بِهَا (فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا) أَيْ أَخُصُّهُ بِشَفَاعَتِي غَيْرِ الْعَامَّةِ زِيَادَةً فِي إِكْرَامِهِ

قَالَ الطِّيبِيُّ أَمْرٌ لَهُ بِالْمَوْتِ بِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ اسْتِطَاعَتِهِ بَلْ هُوَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ أَمْرٌ بِلُزُومِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُفَارِقُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِأَنْ يَمُوتَ فِيهَا فَأَطْلَقَ الْمُسَبَّبَ وَأَرَادَ السَّبَبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِنَحْوِ حَدِيثِ بن عُمَرَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِكْرِمَةَ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَجْرَحْهُ أَحَدٌ

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ صُمَيْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى

قُلْتُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ إِلَى حَدِيثِ صُمَيْتَةَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَيْثٍ أنها سمعت رسول الله يَقُولُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَمُوتَ إلا بالمدينة فليمت بها

الحديث أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ

ص: 286

[3918]

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وبن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى) هُوَ الصَّنْعَانِيُّ (سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) الْعُمَرِيَّ

قَوْلُهُ (اشْتَدَّ عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (الزَّمَانُ) بِالرَّفْعِ وَالْمَعْنَى أَصَابَتْنِي شِدَّةٌ وَجُهْدٌ (وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الْعِرَاقِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَكِتَابٍ اسْمُ بِلَادٍ تَمْتَدُّ مِنْ عَبَّادَانِ إِلَى الْمَوْصِلِ طُولًا وَمِنَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى حُلْوَانَ عَرْضًا (فَهَلَّا) كَلِمَةُ تَحْضِيضٍ مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَلْ وَلَا فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمَاضِي كَانَتْ لِلَّوْمِ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ نَحْوَ هَلَّا آمَنْتَ وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ كَانَتْ لِلْحَثِّ عَلَى الْفِعْلِ نَحْوَ هَلَّا تُؤْمِنُ (إِلَى الشَّامِ أَرْضِ الْمَنْشَرِ) أَيْ مَوْضِعُ النُّشُورِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ مِنَ الشَّامِ يَحْشُرُ اللَّهُ الْمَوْتَى إِلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ (وَاصْبِرِي لَكَاعِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ امْرَأَةٌ لَكَاعِ وَرَجُلٌ لُكَعٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَيُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَى اللَّئِيمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الْغَبِيِّ الَّذِي لَا يهتدي لكلام غيره وعلى الصغير وخاطبها بن عُمَرَ بِهَذَا إِنْكَارًا عَلَيْهَا لَا دَلَالَةً عَلَيْهَا لكونها ممن ينتمي إِلَيْهِ وَيُتَعَلَّقُ بِهِ وَحَثَّهَا عَلَى سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ (مَنْ صَبَرَ عَلَى شِدَّتِهَا وَلَأْوَائِهَا) مَهْمُوزًا وَمَمْدُودًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ اللَّأْوَاءُ الشِّدَّةُ وَضِيقُ الْمَعِيشَةِ (كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ هُنَا لِلشَّكِّ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلشَّكِّ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعْدُ بْنُ أبي وقاص وبن عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَيَبْعُدُ اتِّفَاقُ جَمِيعِهِمْ أَوْ رُوَاتِهِمْ عَلَى الشَّكِّ وَتَطَابُقُهُمْ فِيهِ عَلَى صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ بل الأظهر أنه قاله هَكَذَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وهكذا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَوْ لِلتَّقْسِيمِ يَكُونُ شَهِيدًا لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَشَفِيعًا لِبَاقِيهِمْ إِمَّا شَفِيعًا لِلْعَاصِينَ وَشَهِيدًا لِلْمُطِيعِينَ وَإِمَّا شَهِيدًا لِمَنْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ وَشَفِيعًا لِمَنْ مَاتَ بَعْدَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ

قَالَ الْقَاضِي وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ لِلْمُذْنِبِينَ أَوْ لِلْعَالَمِينَ فِي الْقِيَامَةِ وَعَلَى شَهَادَتِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ

وَقَدْ قَالَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ

فَيَكُونُ لِتَخْصِيصِهِمْ بِهَذَا كُلِّهِ مَزِيَّةٌ وَزِيَادَةُ مَنْزِلَةٍ وَحَظْوَةٍ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَيَكُونُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ شَفِيعًا وَشَهِيدًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شرح مسلم

ص: 287

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (وَسُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ (وَسُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

[3919]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبِي جُنَادَةُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِالنُّونِ وَبِإِهْمَالِ الدَّالِ (بْنُ سَلْمٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللام بن خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ لَهُ أَغْلَاطٌ مِنَ التَّاسِعَةِ

قَوْلُهُ (آخِرُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْإِسْلَامِ خَرَابًا) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ (الْمَدِينَةُ) وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَدِينَةِ الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ وَهُوَ عَلَمٌ لَهَا بِالْغَلَبَةِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ مُعَرَّفًا إِلَّا فِيهَا وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عِمَارَةَ الْإِسْلَامِ مَنُوطَةٌ بِعِمَارَتِهَا وهذا ببركة وجوده فِيهَا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن حِبَّانَ (لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ جُنَادَةَ عَنْ هِشَامٍ) وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذَا قَالَ تَعَجَّبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ أَيِ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ الْبُخَارِيَّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ

[3920]

قَوْلُهُ (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ الله عَلَى الْإِسْلَامِ) مِنَ الْمُبَايَعَةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُعَاهَدَةِ كَأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَعْطَاهُ خُلَاصَةَ نَفْسِهِ وَطَاعَتَهُ وَدَخِيلَةَ أَمْرِهِ (فَأَصَابَهُ وَعْكٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ بعدها كاف الحمى وقبل أَلَمُهَا وَقِيلَ إِرْعَادُهَا (أَقِلْنِي بَيْعَتِي) اسْتِعَارَةٌ مِنْ إِقَالَةِ الْبَيْعِ وَهُوَ إِبْطَالُهُ (فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

ص: 288

النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا لم يقله النبي بَيْعَتَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَتْرُكَ الْإِسْلَامَ وَلَا لِمَنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ لِلْمُقَامِ عِنْدَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْهِجْرَةَ وَيَذْهَبَ إِلَى وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ

قَالُوا وَهَذَا الْأَعْرَابِيُّ كَانَ ممن هاجر وبايع النبي عَلَى الْمُقَامِ مَعَهُ قَالَ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَيْعَةَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَانَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وسقوط الهجرة عليه وَإِنَّمَا بَايَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ الْإِقَالَةَ مِنْهُ فَلَمْ يُقِلْهُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ انْتَهَى

(فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ) أي من عند النبي (ثُمَّ جَاءَهُ) أَيْ ثَانِيًا (فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ) أَيْ مِنَ الْمَدِينَةِ رَاجِعًا إِلَى الْبَدْوِ (إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْكِيرُ بِالْكَسْرِ كِيرُ الْحَدَّادِ وَهُوَ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ انْتَهَى

(تَنْفِي خَبَثَهَا) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ هُوَ مَا تُلْقِيهِ مِنْ وَسَخِ الْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا أُذِيبَا

وَالْمَعْنَى تَطْرُدُ الْمَدِينَةُ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ وَتُخْرِجُهُ (وَتَنْصَعُ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ وَالْإِفْعَالِ أَيْ تُخَلِّصُ (طَيِّبَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ جَعَلَ مَثَلَ الْمَدِينَةِ وَمَا يُصِيبُ سَاكِنِيهَا مِنَ الْجَهْدِ وَالْبَلَاءِ كَمَثَلِ الْكِيرِ وَمَا يُوقَدُ عَلَيْهِ فِي النَّارِ فَيُمَيِّزُ بِهِ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فَيَذْهَبُ الْخَبِيثُ وَيَبْقَى الطَّيِّبُ فِيهِ أَذْكَى مَا كَانَ وَأَخْلَصَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي الْأَظْهَرُ أن هذا مختص بزمن النبي لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصْبِرُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْمُقَامِ مَعَهُ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ إِيمَانًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ وَجَهَلَةُ الْأَعْرَابِ فَلَا يَصْبِرُونَ عَلَى شِدَّةِ الْمَدِينَةِ وَلَا يَحْتَسِبُونَ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِي أَصَابَهُ الْوَعْكُ أَقِلْنِي بَيْعَتِي هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ الْأَظْهَرُ لَيْسَ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الأول في صحيح مسلم أنه قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْمَدِينَةَ فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهَا كُلَّ كَافِرٍ مُنَافِقٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِزَمَنِ الدَّجَّالِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي أَزْمَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ انتهى

وقال بن الْمُنِيرِ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ ذَمُّ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَسَكَنُوا غَيْرَهَا مِنَ الْبِلَادِ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُضَلَاءِ

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَذْمُومَ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا كَرَاهَةً فِيهَا وَرَغْبَةً عَنْهَا كَمَا فَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ فَإِنَّمَا خَرَجُوا لِمَقَاصِدَ صَحِيحَةٍ كَنَشْرِ الْعِلْمِ وَفَتْحِ بِلَادِ الشِّرْكِ وَالْمُرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ وَجِهَادِ الْأَعْدَاءِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى اعْتِقَادِ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَفَضْلِ سُكْنَاهَا

ص: 289

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي

[3921]

قَوْلُهُ (لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ) جَمْعُ ظَبْيٍ (تَرْتَعُ) أَيْ تَرْعَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَسْعَى وَتَنْشَطُ (مَا ذَعَرْتُهَا) أَيْ مَا أَخَفْتُهَا وَمَا نَفَّرْتُهَا وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ ذَعَرْتُهُ أَذْعَرُهُ ذُعْرًا أَفْزَعْتُهُ وَقَدْ ذُعِرَ فَهُوَ مَذْعُورٌ وَكَنَّى بذلك عن عَدَمِ صَيْدِهَا (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) أَيْ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ اللَّابَتَانِ الْحَرَّتَانِ وَاحِدَتُهُمَا لَابَةٌ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُلْبَسَةُ حِجَارَةً سُودًا وَلِلْمَدِينَةِ لَابَتَانِ شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ وَهِيَ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ لَابَةٌ وَلُوبَةٌ وَنُوبَةٌ بِالنُّونِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ مشهورات قاله النووي (حرام) قال القارىء أَيْ مُحْتَرَمٌ مَمْنُوعٌ مِمَّا يَقْتَضِي إِهَانَةَ الْمَوْضِعِ الْمُكَرَّمِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْحَرَامُ بِمَعْنَى الْحَرَمِ

قُلْتُ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَامِ هُنَا الْحَرَمُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي أَيُّوبَ إِلَخْ) أَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَجَابِرٍ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ

قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي

ص: 290

[3922]

قَوْلُهُ (طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ) أَيْ ظَهَرَ (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا) قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ تَمْيِيزًا يُحِبُّ بِهِ كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خشية الله وَكَمَا حَنَّ الْجِذْعُ الْيَابِسُ وَكَمَا سَبَّحَ الْحَصَى وكما في الحجر بثوب موسى قَالَ وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ شَوَاهِدُ لِمَا اخْتَرْنَاهُ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَإِنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ انْتَهَى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ) نِسْبَةُ التَّحْرِيمِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بِاعْتِبَارِ دُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ (وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) مَعْنَاهُ اللَّابَتَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ تَحْرِيمُ الْمَدِينَةِ وَلَابَتَيْهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ

وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالُوا الْمَدِينَةُ لَهَا حَرَمٌ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرِهَا وَلَا أَخْذُ صَيْدِهَا وَلَكِنَّهُ لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهِ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ الْجَزَاءُ وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ سَلَبُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ مَنِ اصْطَادَ فِي الْمَدِينَةِ صَيْدًا أُخِذَ سَلَبُهُ وَيَرْوِي فِيهِ أَثَرًا عَنْ سَعْدٍ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ بِخِلَافِهِ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ حَرَمٌ كَمَا كَانَ لِمَكَّةَ فَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَقَطْعِ شَجَرِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ

وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النفير وَقَالَ لَوْ كَانَ صَيْدُهَا حَرَامًا مَا جَازَ حَبْسُ الطَّيْرِ

وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ قَالَ أَحْمَدُ مَنْ صَادَ مِنَ الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْمَدِينَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِرْسَالُهُ لِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَكِنْ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّ صَيْدَ الْحِلِّ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ أَبِي عُمَيْرٍ كَانَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ قَطْعِ النَّخْلِ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ قَطْعُ شَجَرِهَا حَرَامًا مَا فَعَلَهُ

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَحَدِيثُ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ كَمَا

ص: 291

يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ رسول الله إلى خيبر أخدمه فلما قدم النبي رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ النَّهْيِ عَنْ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ شَجَرِهَا كَوْنَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ إِلَيْهَا فَكَانَ بَقَاءُ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ مِمَّا يَزِيدُ فِي زِينَتِهَا وَيَدْعُو إِلَى ألفتها كما روى بن عمر أن النبي نَهَى عَنْ هَدْمِ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا مِنْ زِينَةِ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ زَالَ ذَلِكَ

وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى الْفَتْوَى بِتَحْرِيمِهَا سَعْدٌ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمْ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ مَنْ قَالَ أن المدينة حَرَمًا كَمَا أَنَّ لِمَكَّةَ حَرَمًا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ

[3923]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ) الْمَرْوَزِيُّ (أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى) السِّينَانِيُّ (عَنْ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ) الْكِنْدِيِّ الْمَرْوَزِيِّ (عَنْ غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ) لَيِّنٌ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) الْبَجَلِيِّ

قَوْلُهُ (أَيَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِقَوْلِهِ (نَزَلْتَ) أَيْ لِلْإِقَامَةِ بِهَا وَالِاسْتِيطَانِ فِيهَا (الْمَدِينَةِ) بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنَ الثَّلَاثَةِ (أَوِ الْبَحْرَيْنِ) مَوْضِعٌ بَيْنَ بَصْرَةَ وَعُمَانَ وَقِيلَ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْيَمَنِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ جَزِيرَةٌ بِبَحْرِ عُمَانَ (أَوْ قِنَّسْرِينَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ وَيُكْسَرُ بَلَدٌ بالشام وهو غير منصرف قال القارىء هَذَا الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الَّتِي رَآهَا وَهُوَ بِمَكَّةَ أَنَّهَا دَارُ هِجْرَتِهِ وَأَمَرَ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا هِيَ الْمَدِينَةُ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَصَحُّ من هذا وقد يجمع بأنه أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ عُيِّنَ لَهُ إِحْدَاهَا وَهِيَ أَفْضَلُهَا انْتَهَى

قُلْتُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنِ النبي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إلى أرض بها نخل فذهب وعلى أنها اليمامة أو حجر فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ قَالَهُ الْحَافِظُ وَوَقَعَ

ص: 292

عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ رَفَعَهُ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَخِيَّةً بَيْنَ ظَهَرَانَيْ حَرَّتَيْنِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ هَجَرًا أَوْ يَثْرِبَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَمَامَةَ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ رسول الله إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَيَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ نَزَلْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ اسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ

لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ ذِكْرِ الْيَمَامَةِ

لِأَنَّ قِنَّسْرِينَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ مِنْ جِهَةِ حَلَبَ بِخِلَافِ الْيَمَامَةِ فَإِنَّهَا إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ جَرَى على مقتضى الرؤيا التي أريها والثاني يخير بِالْوَحْيِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيَ أَوَّلًا ثُمَّ خُيِّرَ ثَانِيًا فَاخْتَارَ الْمَدِينَةَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ رَوَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ حَدِيثًا مُنْكَرًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ انْتَهَى (لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَامِرٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَامِرٍ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَمَّارٍ وَهُوَ كُنْيَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ وَأَمَّا أَبُو عَامِرٍ فَلَيْسَ هُوَ كُنْيَةً لَهُ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ

[3924]

قَوْلُهُ (إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ (وَصَالِحُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ أَخُو سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ) أَيْ صَالِحُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْمَذْكُورُ هُوَ أَخُو سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانُ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ لَهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ اسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ انْتَهَى

ص: 293