الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ) ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ إِلَى مَرْتَبَتَيْنِ الْأَبْنَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى آخِرِ مَرَاتِبِ الْأَبْنَاءِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إِلَى مُدَّةِ بَقَائِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ لَوْ حُمِلَ الْأَبْنَاءُ عَلَى مَعْنَى الْأَوْلَادِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ
قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْأَخِيرَ رِوَايَةُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمَةُ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِذَرَارِيِّ الْأَنْصَارِ وَلِذَرَارِيِّ ذَرَارِيِّهِمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ رسول الله اسْتَغْفَرَ لِلْأَنْصَارِ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلِذَرَارِيِّ الْأَنْصَارِ ولموالي الأنصار
لا أشك فيه
29 -
(باب فِي أَيِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ)
الدُّورُ بِالضَّمِّ جَمْعُ دَارٍ وَهِيَ الْمَنَازِلُ الْمَسْكُونَةُ وَالْمَحَالُّ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى دِيَارٍ وَأَرَادَ بِهَا هُنَا الْقَبَائِلَ وَكُلُّ قَبِيلَةٍ اجْتَمَعَتْ فِي مَحَلَّةٍ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ دَارًا وَسُمِّيَ سَاكِنُوهَا بِهَا مَجَازًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَهْلِ الدُّورِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
[3910]
قَوْلُهُ (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ) أَيْ أَفْضَلِ قَبَائِلِهِمْ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَانَتْ كُلُّ قبيلة منها تَسْكُنُ مَحَلَّةً فَتُسَمَّى تِلْكَ الْمَحَلَّةُ دَارَ بَنِي فُلَانٍ وَلِهَذَا جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بَنُو فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الدَّارِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَتَفْضِيلُهُمْ عَلَى قَدْرِ سَبْقِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَمَآثِرِهِمْ فِيهِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ تَفْضِيلِ الْقَبَائِلِ وَالْأَشْخَاصِ بِغَيْرِ مُجَازَفَةٍ وَلَا هَوًى وَلَا يَكُونُ هَذَا غِيبَةً انْتَهَى (أَوْ بِخَيْرِ الْأَنْصَارِ) أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (بَنُو النَّجَّارِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ هُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ وَالنَّجَّارُ هُوَ تَيْمُ اللَّهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَرَبَ رجلا فنجره فقيل له النجار وهو بن ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْخَزْرَجِ أَخُو الْأَوْسِ ابْنَا حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَنْقَاءِ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ) هُمْ مِنَ الْأَوْسِ وَهُوَ عَبْدُ الْأَشْهَلِ بْنِ جَشِيمِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَصْفَرِ بْنِ عمرو بن مالك وبن الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو الحارث بن الخزرج) أي الأكبر أي بن عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ الْمَذْكُورِ بْنِ حارثة (ثم الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو سَاعِدَةَ) هُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ المذكور أيضا وساعدة هو بن كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَكْبَرِ (ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ) أَيْ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمَا (كَالرَّامِي بِيَدَيْهِ) أَيْ كَالَّذِي يَرْمِي الشَّيْءَ بِيَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُ أَصَابِعَهُ عَلَى الشَّيْءِ ثُمَّ يَبْسُطُهُنَّ (وَفِي دُورِ الْأَنْصَارِ كُلِّهَا خَيْرٌ) أَيْ فَضْلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[3911]
قَوْلُهُ (وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ) الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَفْظُ خَيْرٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ وَلَفْظُ خَيْرٍ فِيهِ بِمَعْنَى أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ أَيْ أَفْضَلُ دُورِ الْأَنْصَارِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ هَذَا وَلَفْظُ خَيْرٍ فِيهِ عَلَى أَصْلِهِ أَيْ فِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ وَإِنْ تفاوتت مراتبهم (فقال سعد) أي بن عُبَادَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ وَكَانَ كَبِيرَهُمْ يَوْمَئِذٍ (مَا أَرَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَهِيَ مِنْ إِطْلَاقِهَا عَلَى الْمَسْمُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا بِمَعْنَى الظَّنِّ (إِلَّا قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا) أَيْ قَدْ فَضَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا بَعْضَ الْقَبَائِلِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ
وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي سَاعِدَةَ إِلَّا بِكَلِمَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَبَائِلَ الثَّلَاثَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ وقال خلفنا فكنا آخر الأربع أسرجوا إلي حِمَارِي أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فكلمه بن أخيه
سَهْلٌ فَقَالَ أَتَذْهَبُ لِتَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ أَوَ لَيْسَ حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ رَابِعَ أَرْبَعٍ فَرَجَعَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَأَمَرَ بِحِمَارِهِ فَحُلَّ عَنْهُ (فَقِيلَ) قَالَ الْحَافِظُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ بن أخيه سهل (قَدْ فَضَلَّكُمْ عَلَى كَثِيرٍ) أَيْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْقَبَائِلِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي (وَأَبُو أُسَيْدٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا (اسْمُهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ) بْنِ الْبَدَنِ بفتح الموحدة والدال المحملة بَعْدَهَا نُونٌ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ شَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ الْمَدَائِنِيُّ مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ قَالَ هُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ
[3912]
قَوْلُهُ (عَنْ مجالد) هو بن سَعِيدٌ الْهَمْدَانِيُّ (خَيْرُ دِيَارِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ) أَيْ أَفْضَلُ قَبَائِلِهِمْ قَبِيلَةُ بَنِي النَّجَّارِ
فَإِنْ قُلْتَ رِوَايَةُ جَابِرٍ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ خَيْرُ الْأَنْصَارِ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا
قُلْتُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُقَدَّرَةٌ أَيْ مِنْ أَفْضَلِ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ قبيلة بني عبد الأشهل