المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: تعريف الندوة وأنواعها ومحاورها العامة - تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

[عبد الرب نواب الدين]

الفصل: ‌المبحث الأول: تعريف الندوة وأنواعها ومحاورها العامة

‌الفصل الثالث:

التدريب على الندوة

‌المبحث الأول: تعريف الندوة وأنواعها ومحاورها العامة

تعريف الندوة:

الندوة هي: الجماعة، يقال نادى الرجل: جالسه في النادي، والندى: المجالسة، وناديته: جالسته. وتنادوا: تجالسوا في النادي، والندِيّ والندوة والنادي والمنتدى: المجلس ما داموا مجتمعين فيه. والنادي: مجتمع القوم وأهل المجلس، يقال: ندوت القوم أندوهم إذا جمعتهم في النادي، وبه سميت دار الندوة بمكة التي بناها قصي، سميت بذلك لاجتماعهم فيها (1) .

قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لتَأْتُونَ الرِّجَال وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ المُنكَرَ} (2) فالنادي هو المجلس، والمعنى تفعلون في مجالسكم المنكرات. وقال في موضع {وأحسن نديا} أي أحسن مجلسا.

أنواع الندوة:

الندوة حسب موضوعها وأسلوب إدارتها والأعضاء المشاركين فيها أنواع:

فمنها الندوة العلمية البحتة، وهي التي تبحث في قضايا علمية وتتناول موضوعا ما بالبحث في عناصره كلها أو جلها أو بعضها، والندوات الاجتماعية،

(1) انظر لسان العرب مادة (ندي) 15 / 317

(2)

سورة العنكبوت: 29

ص: 405

وهي الباحثة في شئون المجتمع والأسرة والبيئة والتنمية، من حيث التربية والتقويم، ومن حيث علاج المشكلات وطرح الحلول، ومن حيث التأصيل للكثير من العادات والأخلاق والقيم وتوجيهها نحو الأفضل والأقوم، ومنها الندوات السياسية وهي الباحثة في علوم السياسة المختلفة. كالتراتيب الإدارية والعلاقات الدولية والشئون المتعلقة بالشورى ونحوها..

والندوات باعتبار الوسيلة التي تقدم فيها أنواع منها الندوة الإذاعية والندوة التلفازية المسجلة، والندوة التلفازية المباشرة، والندوة الصحفية..

والندوات عموما من أمتع البرامج الإعلامية وأكثرها فائدة لتحقق عنصرين أساسين:

عنصر التعدد في المتحدثين ولكل متحدث خبرته وأسلوب حديثه ونمط تفكيره

وعنصر التنوع الملحوظ في المحاور الموضوعية والفنية التي تثري الندوة علميا.

ومحاور الندوة ثلاثة:

أولا- (المحور الموضوعي) : وينصب نحو حسن اختيار الموضوع وفرز عناصره وترتيبها وتصنيفها، ثم توزيعها على أعضاء الندوة، ويراعى لتحقيق ذلك:

1-

أن تكون الندوة هادفة وتدور حول موضوع يتعلق بقضايا العصر، فاختيار الموضوع الجيد العصري النابع من حاجات الناس المتناسب مع تطلعاتهم ركيزة أساسية في نجاح الندوة.

2-

الدقة في وضع وتفريع واستخراج العناصر وترتيبها.

ص: 406

3-

الدقة والعدالة في إسناد كل عنصر إلى من يتقن عرضه ويحسن الإلمام به ويبدع في التحدث عنه. وتقدير زمن الحديث لكل متحدث لا يتجاوزه.

كل ذلك من عوامل التفاعل بين المتحدثين والجمهور المتلقي.

ثانيا- (المحور الإداري) : وهو المحور المتعلق بأشخاص المتحاورين المشاركين في الندوة، وأولهم مديرها الذي يتولى إدارة دفة الحديث وتقديم الضيوف والتعريف بهم وتوجيه الأسئلة وتتبع الإجابات وتلخيصها وتقديم الشكر

ولعلماء الإعلام في مدير الندوة رأيان، أولهما: أن يكون من ذوي الاختصاص والمكنة والدربة في موضوع الندوة حتى تكون الندوة مثمرة هادفة مرتبة يستقطب فيها المدير ببراعته وخبرته وذكائه واطلاعه الواسع كل أو جل العناصر المراد إيرادها.

الرأي الثاني: أن مدير الندوة ينبغي أن يكون عاميا حتى تأتي أسئلته عفوية على عكس الضيوف المختصين في موضوع الندوة، فمتى كان مدير الندوة عفويا في أسئلته ساذجا في طريقة استفهامه كان كأحد أفراد الجمهور المستمع فيكون أقرب إليهم عقلا ومنطقا وحساً.. والرأي الأول هو الأصوب.

ويتعلق هذا المحور بضيوف الندوة حيث يجب أن يكونوا ممن لهم اختصاص في موضوع الندوة.

ثالثا- (المحور الفني) : وتتلخص ضوابط الندوة من الناحية الفنية في الآتي:

1-

يقع ضمن اختصاصات مدير الندوة: الافتتاح بالحمد لله والثناء عليه، ثم الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن بعد ذلك تقديم مجمل لموضوع الندوة وأهميته وإبراز المعالم الأساسية للعناصر التي ستطرح إما على سبيل فقرات أو على شكل تساؤلات، ثم تقديم ضيوف وأعضاء

ص: 407

الندوة، والبدء بالضيف الأول من يمين مدير الندوة، ومراقبة الزمن المتاح لكل عضو، وإدارة دفة الحديث بحسب مقتضيات الموضوع وعلى ضوء مجاري الحديث والأفكار المتتابعة المستوحاة من أسلوب العرض، ولا يستأثر بالحديث، وفي الختام يشكر المدير المستمعين والضيوف بعد أن يلخص مقاطع الندوة في دقة وبراعة بحيث يكون التلخيص على شكل استنتاجات وخلاصات عامة. وهو ما يعرف بالتوصل إلى نتيجة، وعلى العموم فإن مدير الندوة يتوخى منه القيام بثلاث مهمات رئيسة: توجيه الأسئلة، والاشتراك في النقاش بإيجاز، وتوجيه دفة الحديث عند الحاجة. وتحقيق هذا المطلب يستوجب منه أن يكون متوقد الذهن حاضر البديهة متابعا لكل جزئيات الندوة لبقا أديبا أريبا يتوجب على أعضاء الندوة القيام بعدة انفعالات هي بمثابة التجاوب والتفاعل مع موضوع الندوة ومديرها، بحيث يكون عرض الموضوع أو الإجابة على السؤال بطريقة علمية مدروسة يراعى فيها التركيز والبعد عن الاستطرادات الهامشية، وأن يأتي الحديث متسلسلا عذبا مشوقا، وينبغي أن يعمل الجميع بروح الفريق الواحد سمتهم التضامن والتكامل فما فات متحدث يستدركه متحدث آخر بلباقة وفي أدب، وما أثاره طرف أكمله طرف آخر، وما أجمله عضو أبانه آخر وفسره، وما أخطأ فيه أحدهم صوبه زميله بكياسة وحنكة.. الخ. وينبغي ألا تخلو الندوة من أدبيات الحديث كقول المتحدث: والآن سيتحفنا فلان بالحديث عن كذا، أو قوله: إن ما تفضل به فلان من الحديث عن كذا هو رأي حصيف وقد أتى بجوهر القضية ويبدو لي أن ثمة إضافة توضيحية أستكمل بها ما بدأه فأقول

وهكذا. دون أن يقلل من شأن زميله أو يشير إلى تقصيره في الإبانة أو ينتقصه، فإن هذه الأدبيات ترتقي بالندوة في أسلوبها وطريقة عرضها ونمط أطروحاتها إلى مستوى رفيع.

ص: 408

وأما ما نجده أحيانا من انتقال الحديث بين أعضاء الندوة بشكل آلي رتيب بحيث يظل العضو المشارك صامتا خاملا حتى يُطلب منه الكلام، أو أن يستأثر أحد الأعضاء بالحديث فهو مخالف لروح الندوات العلمية وطبيعتها. الندوة في عمومها ينبغي أن لا تخلو من مداخلات وتعليقات علمية هادفة بالأسلوب الحكيم والسمت الرزين، لأن ذلك يضفي عليها الحيوية والحركة والطرافة والتجديد، ويطرد عنها الملل والرتابة، فإذا أراد الضيف مداخلة فليبدأ أولا بالإشادة بمن سبقه في الحديث ويثني عليه بحيث لا يشعر المستمع أنه يستدرك عليه أو يطعن فيه أو يقلل من شأنه وأهميته، ثم ليبنِ بعد ذلك بالحديث الذي يريده باقتضاب وفي أدب جم. ومن الواجب أن يجتمع أعضاء الندوة قبل عقدها لتداول الرأي في كل ما يتعلق بالموضوع وطريقة عرضه وتوزيع الأدوار.

ص: 409