الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان عليه ما تقدم "،
" ووجه ذلك: ما قدمناه في أول كتابنا هذا (يعني مقدمة ابن الصلاح) من كون المقصود المحافظ على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد، والمحاذرة من انقطاع سلسلتها، فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده، وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما بالغا، علاقة، غير متظاهر بالفسق، وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم، وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه "(1) .
كتب الأجزاء وغيرها
وهذا الوضع السائد في مرحلة ما بعد الرواية، والذي كان من أبز سماته هو حرص المحدثين على إيجاد صلة بينهم وبين أصحاب الدواوين عن طريق سلاسل من الأسانيد، والتي كانوا يجوبون الأقطار الإسلامية شرقا وغربا من أجل جمع وتحصيل أكبر قدر ممكن من هذه الأسانيد والسماعات، ثم يدونونها وفق أساليب خاصة اصطلح على تسميتها " بالمعجم " أو " الأثبات " أو " المشيخات " أو " الأجزاء " أو " الفهارس" وغيرها
…
هذا الوضع الجديد جعل تلك الأسانيد لا تكاد تخلو من وجود خلل فيها من جراء تساهل محدثي هذه المرحلة في توفير شروط الصحة فيها، حيث اكتفوا في رجالها ـ أي تلك الأسانيد ـ بستر الحال، ولو لم يعرفوا العدالة والضبط.
(1) مقدمة ابن الصلاح ص: 70.
والجدير بالذكر أن ما سبق توضيحه من ظروف بروز ظاهرة الاعتماد على الكتب بسماتها المميزة، لا يعني أن ظاهرة الاعتماد على الأسانيد في نقل الأحاديث قد انقطعت بشكل نهائي، فقد كان بعض محدثي المرحلة الثانية كلما ظفروا ببعض الأحاديث بأسانيد عالية ـ سواء كانت تلك الأسانيد تمر بأصحاب الصحاح والدواوين الأخرى، ام لا تمر بشيء منها ـ حرصوا على تسجيلها في مشيخاتهم وبرامجهم حسب تراجم الشيوخ الذين استفادوها منهم، وقد يصنفون كتبا خاصة لذكر تلك الأحاديث، وهي التي تعرف باسم " الأجزاء " ومن تتبع كتب المتأخرين في التراجم يعثر على مزيد من التفاصيل حول هذه المسألة.
ولا بأس أن نسوق بعض النصوص كي تتضح صورة الأجزاء واهتمام المتأخرين بتصنيفها.
يقول الإمام الذهبي رحمه الله: " خرج يوسف بن خليل المتوفى سنة 555هـ أجزاء عوالي: عوالي هشام بن عروة، وعوالي الأعمش، وعوالي ابن حنيفة، وعوالي أبي عاصم النبيل، وما اجتمع فيه أربعة من الصحابة "(1) . وجمع أبو نعيم الأصبهاني، صاحب كتاب الحلية ما وقع له عاليا من حديث أبي نعيم الملائي ـ وهو الفضل بن دكين ـ
(1) سير أعلام النبلاء: 23/153: أما العوالي فجمع "علو" والعلو في الإسناد يكون بعدة اعتبارات، منها ظاهري ومنها معنوي: أما الأول: فمثلا أن يقل عدد رواته إما مطلقا أو نسبيا، والمعنوي فكأن يكون صاحب الحديث ومصدره من كبار الحفاظ الذين جمعوا بين الفقه والحديث، أو نحو ذلك.