المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال الأول وتحليله: - تصحيح الحديث عند ابن الصلاح

[حمزة عبد الله المليباري]

الفصل: ‌المثال الأول وتحليله:

‌المثال الأول وتحليله:

يقول الذهبي:

(1)

أخبرني القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة

(2)

قال أخبرنا شيخنا الحافظ ضياء الدين محمد

(3)

قال أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد

(4)

قال أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني

(5)

قال أخبرنا أبو علي الحداد ـ حضورا ـ

(6)

قال أخبرنا أبو نعيم الحافظ

(7)

قال حدثنا ابن خلا د

(8)

قال حدثنا الحارث بن محمد

(9)

قال حدثنا يزيد بن هارون

(10)

قال حدثنا حميد الطويل

(11)

عن انس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط من فرسه فجحش شقه، أو فخذه، وآلى من نسائه شهرا

الحديث (1) .

فروى الحافظ الذهبي هذا الحديث بإسناد عدد رواته أحد عشر راويا، مما يجعل الإسناد عاليا، فقد قال هو: " وأعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمان من الأحاديث الصحيحة المتصلة بالسماع ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه

(1) سير أعلام النبلاء:23/130.

ص: 18

اثنا عشر رجلا، وبالإجازة في الطريق: أحد عشر، وذلك كثير، وبضعف يسير غير واه: عشرة (1) . فإسناد الحديث الذي رواه الذهبي آنفا مكون برواة المرحلتين: فأنس، وتلميذه حميد الطويل، وتلميذه يزيد بن هارون وتلميذه الحارث بن محمد، وتلميذه ابن خلا د، وتلميذه أبو نعيم، رجال الحديث في عصر الرواية، في حين أن بقية الرواة من رجال عصر ما بعد الرواية، فعندما يتكون الإسناد برواة المرحلة الأولى لا سيما بأمثال يزيد بن هارون ومن فوقه إلى أنس، يصبح طبقة متميزة ومختارة في الصحاح، على عكس رواة المرحلة الثانية، فإنه لا يخلو الإسناد المشكل بهم من خلل مانع من صحته لصعوبة تحقق شروطها للأسباب التي فصلناها آنفا.

فقد ظهر الخلل هنا ـ إضافة إلى أمور أخر ـ حين سمع أبو جعفر الصيدلاني من أبي علي الحداد قبل بلوغه لسن التمييز، ولهذا وصف تلقيه منه هذا الحديث بالحضور، وهي كلمة اصطلح عليها المتأخرون في حالة ما إذا سمع الراوي قبل أن يتأهل لذلك. وسماع الصبي قبل تمييزه لا اعتبار له عند المحدثين لا سيما المتقدمين، وتساهل فيه المتأخرون حيث إن الاعتماد على الكتاب، وليس على ما تحمله ورواه.

(1) تدريب الراوي: 2/162.

ص: 19

فتصحيح الأحاديث باعتبار هذا الإسناد الطويل الذي ظهر لنا خلل في الجزء الثاني منه أمر متعذر، إذ أن أبا جعفر الصيدلاني اعتمد في رواية هذا الحديث على كتابه دون أن يتم له سماع صحيح من أبي على الحداد، وهذا ما أراده ابن الصلاح سابقا بقوله: " لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والظبط والإتقان، وتراجم هؤلاء الرواة المتأخرون متوفرة في كتب التراجم، كثيرا ما نجد فيهم نصوصا صريحة في التعديل والتوثيق.

هذا، وإن العلو في المرحلة الثانية لا يتحقق في أسانيدها إلا وقيه خلل يظهر من التساهل في مراعاة الشروط في التحمل السليم والتلقي الصحيح، وقد رأينا آنفا الإمام الذهبي يقول: " وأعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمان من الأحاديث الصحيحة المتصلة بالسماع ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رحلا، وبالإجازة في الطريق ـ أي في السند ـ أحد عشر، وذلك كثير، ويضعف يسير غير واه: عشرة اهـ. فبقدر ما يكون الإسناد عاليا بقلة عدد الرواة يزداد فيه الخلل.

على أن الحديث قد رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب (1) من طريق محمد بن عبد الرحيم، عن يزيد بن هارون به، وبه يتبين أن سند الذهبي قد

(1) 1/487 من فتح الباري، ط: دار المعرفة، لبنان.

ص: 20