الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: مقدمات خاصة في الإجابة عن حَدِيث أُمّ حَرَام
1- المقدمة الأولى: اتفق العلماء على أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد خُص في أحكام الشريعة بمعان لم يشاركه فيها أحد
في باب الفرض والتحريم والتحليل مزيةً على الأمة، وهيبة له، ومرتبة خص بها ففرضت عليه أشياء لم تفرض على غيره، وحرمت عليه أشياء وأفعال لم تحرم عليهم، وحللت له أشياء لم تحلل لهم، منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه، وهذه الخصائص منها ما ثبت بالقرآن، ومنها ما ثبت بالسنة، ومنها ما يفهم من منطوق النصوص، ومنها ما يفهم من خلال الجمع والموازنة بين النصوص.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ((خُصَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمُوجَبَاتٍ وَمَحْظُورَاتٍ وَمُبَاحَاتٍ وَكَرَامَات)) (1) .
وَقَدْ أَلَّفَ النَّاسُ فِي الْخَصَائِصِ كُتُبًا مُتَعَدِّدَةً (2) ، وغالب الفقهاء يذكرون الخصائص في كِتَابَ النِّكَاحِ وَذَلِكَ لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خُصَّ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخَصَائِصَ مُتَعَدِّدَةٍ لَمْ يُجْمَعْ مِثْلُهَا فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْه، قَالَ ابن كثير:((كتاب النكاح، وفيه عامة أحكام التخصيصات النبوية)) (3) ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْخَصَائِصِ لِئَلا يُعْتَقَدَ فِيمَا يُخَصُّ بِه
(1) الفروع (5/121) ، الإنصاف (20/88) .
(2)
وممن ألف في الخصائص القاضي عياض، وابن الملقن، والسيوطي وغيرهم، وانظر: الفصول لابن كثير (ص278) ، أحكام القرآن لابن العربي (3/1561) ، الإنصاف (20/88) .
(3)
الفصول لابن كثير (ص325) .
ِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لَنَا.
فمن المجمع عليه: جواز نكاحه صلى الله عليه وسلم أكثر من أربع نسوة.
والتَّزَوُّجُ بِلا مَهْرٍ لقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (الأحزاب:50) .
وتحريم نكاح أزوجه من بعده لقوله تعالى {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} (الأحزاب:53) .
وغير ذلك مما يطول ذكره مما ليس هذا محل بيانه وبسطه.
تنبيهٌ:
- الأصل في أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقواله وأحكامه عدم الخصوصية حتى تثبت بدليل لأنّ الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) فدل على أنه صلى الله عليه وسلم قدوة الأمة في كل شيء، ولأنّ الصحابة كانوا يرجعون فيما أشكل عليهم إلى أفعاله فيقتدون به فيها.
- قال ابنُ القيّم: ((إذا رأينا أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا في أمرٍ قد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله وأمر به فقال بعضُهم: إنَّه منسوخٌ أو خاصٌ، وقال بعضهم: هو باقٍ إلى الأبد، فقول من ادَّعى نسخه، أو اختصاصَه مخالفٌ للأصلِ فلا يقبل إلا ببرهان)) (1) .
- إنّما ذكرتُ هذه المقدمة ليتبين أنَّ من قال بأنَّ ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مع أُمّ حَرَام
(1) زاد المعاد (2/192) .