المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الإجارة - إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين - جـ ٣

[البكري الدمياطي]

الفصل: ‌باب في الإجارة

‌باب في الإجارة

هي لغة: اسم للاجرة، وشرعا، تمليك منفعة بعوض بشروط آتية.

(تصح إجارة بإيجاب، كآجرتك)

ــ

باب في الإجارة

أي في بيان أحكامها، وشروطها، وهي بكسر الهمزة أشهر من ضمها وفتحها، من آجره، بالمد، يؤجره، إيجارا، ويقال أجره، بالقصر، يأجره، بضم الجيم، وكسرها أجرا، والأصل فيها قبل الإجماع آيات: كقوله تعالى: * (فإن أرضعن لكم، فآتوهن أجورهن) * ووجه الدلالة منه أن آتوهن أجورهن: أمر، والأمر للوجوب، والإرضاع بلا عقد، تبرع لا يوجب أجرة، وإنما يوجبها، العقد، فتعين الحمل عليه، أي آتوهن أجورهن إذا أرضعن لكم بعقد، وكقوله تعالى: * (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) * وأخبار: كخبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم: نهى عن المزارعة، وأمر بالمؤاجرة

وكخبر البخاري أنه صلى الله عليه وسلم والصديق استأجرا رجلا من بني الديل يقال له عبد الله بن الأريقط، أي ليدلهما على طريق المدينة لما هاجرا من مكة، لكونهما سلكا طريقا غير الجادة، اختفاء من المشركين، وإسناد الاستئجار للنبي صلى الله عليه وسلم مجاز عقلي، لأن المستأجر، أبو بكر، وأقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى فيها، أن الحاجة داعية إليها، إذ ليس لكل أحد، مركوب، ومسكن، وخادم، وغير ذلك.

فجوزت لذلك، كما جوز بيع الأعيان وأركانها ثلاثة إجمالا، ستة تفصيلا عاقد مكر ومكتر، ومعقود عليه أجرة ومنفعة وصيغة إيجاب وقبول، ويشترط في العاقدين ما مر في البائع والمشتري، من الرشد، وعدم الإكراه بغير حق، نعم، يصح استئجار كافر لمسلم، ولو إجارة عين، مع الكراهة، لكن لا يمكن من استخدامه مطلقا، لأنه لا يجوز خدمه المسلم للكافر أبدا ويصح إيجار سفيه لما لا يقصد من عمله كالحج لجواز تبرعه، ويشترط في الأجرة والمنفعة ما سيذكره، من كون الأجرة معلومة، ومن كون المنفعة متقومة معلومة، ويشترط في الصيغة جميع ما مر في صيغة البيع، إلا عدم التأقيت، وقد استوفاها الشارح في التعريف، فقوله تمليك منفعة، أي بعقد يستفاد منه الصيغة، ومعلوم أنها تستلزم العاقد، وقوله منفعة مع قوله بعوض، هو المعقود عليه (قوله: هي لغة اسم للأجرة) أي سواء أخذت بعقد أم لا، وقيل لغة، اسم للإثابة، يقال آجرته، بالمد، والقصر، إذا أثبته.

ولا مانع من أن يكون لها معنيان في اللغة.

اه.

ش ق (قوله: وشرعا: تمليك منفعة) أي بعقد، وخرج به، عقد النكاح، لأنه لا تملك به المنفعة، وإنما يملك به الانتفاع، فيستحق الزوج أن ينتفع بالبضع، ولا يستحق منفعة البضع، بدليل أنها لو وطئت بشبهة، كان المهر لها، لا له، فالعقد على منفعة البضع لا يسمى إجارة، بل يسمى نكاحا.

وقوله بعوض: متعلق بتمليك، وخرج به، هبة المنافع والوصية بها وإعارتها، فلا تسمى إجارة، لأنها عقد على منفعة بلا عوض، وقوله بشروط آتية، خرج به المساقاة والجعالة، لأن من الشروط الآتية، كون العوض معلوما، وهما لا يشترط فيهما علم العوض، وإن كان قد يكون معلوما، كمساقاة على ثمرة موجودة، وجعالة على معلوم، فاندفع ما ورد على التعريف المذكور بأنه غير مانع، لصدقه على الجعالة وعلى المساقاة، نعم، يرد عليه بيع حق الممر، فإنه تمليك منفعة بعوض معلوم، وهو بيع، لا إجارة، وأجيب عنه بأنه ليس بيعا محضا، بل فيه شوب إجارة، وإنما سمي بيعا، نظرا لصيغته فقط، فهو إجارة معنى، وعلم من قوله تمليك منفعة، أن مورد الإجارة، المنفعة، سواء وردت على العين، كآجرتك هذه الدابة بدينار، أو على الذمة، كألزمت ذمتك

(1) سورة الطلاق، الاية:6.

(2)

سورة الطلاق، الاية:6.

ص: 129

هذا، أو أكريتك، أو ملكتك منافعه سنة:(بكذا، وقبول، كاستأجرته)، واكتريت، وقبلت.

قال النووي في شرح المهذب، إن خلاف المعاطاة يجري في الاجارة والرهن والهبة، وإنما تصح الاجارة، (بأجر) صح كونه ثمنا (معلوم) للعاقدين، قدرا، وجنسا، وصفة، إن كان في الذمة، وإلا كفت معاينته في إجارة العين أو الذمة، فلا يصح إجارة دار ودابة بعمارة لها وعلف، ولا استئجار لسلخ شاة بجلد، ولطحن نحو بر ببعض دقيق (في

ــ

حملي إلى مكة بدينار، ولا يجب قبض الأجرة في المجلس في الواردة على العين، وتصح الحوالة بها، وعليها، والاستبدال عنها، وأما الواردة على الذمة، فيشترط فيها قبض الأجرة في المجلس، ولا تصح الحوالة بها، ولا عليها، ولا الاستبدال عنها، لأنها سلم في المنافع، فتجري فيها أحكام السلم (قوله: تصح إجارة بإيجاب) شروع في بيان الصيغة، وهي إما صريحة، كآجرتك، أو أكريتك هذا، أو منافعه، أو ملكتكها سنة بكذا، فيقبل المكتري، أو كناية، كجعلت لك منفعته سنة بكذا، أو اسكن داري شهرا بكذا، ومنها، الكتابة، والأصح منع انعقادها بقوله بعتك أو اشتريت منفعتها، لأن لفظ البيع والشراء موضوع لتمليك العين، فلا يستعمل في المنفعة.

وجرى م ر على أنه ليس صريحا ولا كناية، وجرى حجر على أنه كناية، وما ذكره من الصيغ، لإجارة العين وإجارة الذمة، خلافا لمن خصها بإجارة العين، وتختص إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك، أو سلمت إليك هذه الدراهم في خياطة هذا، أو في دابة صفتها كذا، أو في حملي إلى مكة (قوله: سنة) ظرف لمقدر، أي وانتفع به سنة، فهو على حد قوله تعالى: * (فأماته الله مائة عام) * (1) أي وألبثه مائة عام، وليس ظرفا لآجر وما بعده، لأنه إنشاء، وهو ينقضي بانقضاء لفظه، فلا يبقى سنة مثلا، قال في التحفة: فإن قلت: يصح جعله ظرفا لمنافعه المذكورة، فلا يحتاج لتقدير، وليس كالآية كما هو واضح.

قلت: المنافع أمر مرهوم الآن، والظرفية تقتضي خلاف ذلك، فكان تقدير ما ذكر، أولى، أو متعينا اه.

ومثله في النهاية.

ونازع في ذلك سم، فليراجع وقوله بكذا: أي بعشرة مثلا، وأفهم كلامه أنه لا بد من التأقيت، وذكر الأجرة، لانتفاء الجهالة حينئذ، ولا يشترط أن يقول من الآن (قوله: إن خلاف المعاطاة يجري في الإجارة الخ) أي فالمعتمد أنها لا تصح فيها، ومقابله تصح، فلو أعطى مالك الدار الأجرة، وسلم له المالك المفاتيح، وسكن فيها من غير صيغة، كانت إجارة صحيحة على هذا، وفاسدة على الأول (قوله: وإنما تصح الإجارة بأجر) قدر متعلق الجار والمجرور، لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بعامل واحد، وقوله بأجر، أي بعوض، وقوله صح كونه ثمنا، أي بأن يكون طاهرا منتفعا به، مقدورا على تسلمه، فلا يصح جعل نجس العين والمتنجس الذي لا يمكن تطهيره، وغير المنتفع به، وغير المقدور على تسلمه، كالمغصوب، أجرا، أي عوضا، لأن لا يصح جعله ثمنا (قوله: معلوم للعاقدين) صفة ثانية لأجر من الوصف بالمفرد بعد الوصف بالجملة.

وقوله قدرا، أي كعشرة، وقوله وجنسا، أي كذهب أو فضة.

وقوله وصفة أي كصحيح أو مكسر، ولا يقال يشكل على اشتراط العلم، صحة الاستئجار للحج بالنفقة، وهي مجهولة، كما جزم به في الروضة، لأنا نقول ليس ذاك

بإجارة، بل نوع جعالة، وهي يغتفر فيها الجهل بالجعل، وقيل إنه مستثنى توسعة في تحصيل العبادة، وقوله إن كان أي ذلك الأجر في الذمة، أي التزم في الذمة، وهو قيد في اشتراط العلم في الأجر (قوله: وإلا كفت معاينته) أي وإن لم يكن في الذمة بأن كان معينا أغنت معاينته، أي رؤيته، عن علم جنسه، وقدره، وصفته (قوله: في إجارة العين أو الذمة) الظاهر أنه متعلق بكل من معلوم ومن كفت معاينته، والمعنى، يشترط في الأجر أي العوض، أن يكون معلوما، إذا كان في الذمة، سواء كانت الإجارة في العين، أو في الذمة، فإن لم يكن الأجر في الذمة، كفت معاينته، سواء كانت الإجارة في العين، أو في الذمة أيضا (قوله: فلا يصح إجارة دار ودابة الخ) أي للجهل في ذلك، قال في شرح المنهج: فإن ذكر معلوما، وأذن له خارج العقد في صرفه في العمارة أو العلف، صحت.

اه.

وقوله خارج العقد، فإن كان في صلبه، فلا يصح، كآجرتكها بدينار على أن تصرفه في عمارتها أو علفها للجهل بالصرف، فتصير الأجرة مجهولة، فإن صرف وقصد

(1) سورة البقرة، الاية:259.

ص: 130

منفعة متقومة) أي لها قيمة (معلومة)، عينا، وقدرا، وصفة (واقعة للمكتري غير متضمن، لاستيفاء عين قصدا) بأن لا يتضمنه العقد.

وخرج بمتقومة ما ليس لها قيمة، فلا يصح اكتراء بياع للتلفظ بمحض كلمة أو كلمات يسيرة على الاوجه، ولو إيجابا وقبولا، وإن روجت السلعة، إذ لا قيمة لها.

ومن ثم اختص هذا بمبيع مستقر القيمة في البلد، كالخبز، بخلاف نحو عبد وثوب مما يختلف ثمنه باختلاف متعاطيه، فيختص بيعه، من البياع

ــ

الرجوع رجع، وإلا فلا.

اه.

بجيرمي، وقوله بعمارة لها: أي للدار، وهو راجع للأول، وقوله علف، بسكون اللام، وفتحها، وهو بالفتح، ما يعلف به، وهو راجع للثاني، فهو على اللف والنشر المرتب (قوله: ولا استئجار لسلخ) أي ولا يصح استئجار لسلخ شاة بأخذ الجلد، ولا استئجار لطحن نحو بر بأخذ بعض الدقيق، وذلك للجهل بثخانة الجلد، وبقدر الدقيق، ولعدم القدرة على الأجرة حالا، وخرج بقوله ببعض الدقيق، ما لو استأجره ببعض البر ليطحن باقيه، فلا يمتنع، كما قاله ع ش (قوله: منفعته) متعلق بتصح: أي إنما تصح الإجارة في منفعة، وذكر لها أربعة شروط: كونها متقومة، وكونها معلومة، وكونها واقعة للمكتري، وكونها غير متضمنة استيفاء عين قصدا، وبقي عليه خامس: وهو كونها مقدورة التسلم حسا وشرعا، فلا يصح اكتراء شخص لما لا يتعب ولا مجهول، كأحد العبدين، ولا آبق ومغصوب وأعمى لحفظ، ولا اكتراء لعبادة تجب فيها نية لها، أو لمتعلقها، كالصلوات، وإمامتها، ولا اكتراء بستان لثمره، لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة قصدا، بخلافها تبعا، كما في الاكتراء للإرضاع (قوله: أي لها قيمة) أي ليحسن بذل المال في مقابلتها، وإلا بأن كانت محرمة أو خسيسة، كان بذل المال في مقابلتها سفها، وأفاد بهذا التفسير، أنه ليس المراد بالمتقوم ما قابل المثلي، بل كل ما كان له قيمة، ولو كان مثليا (قوله: معلومة عينا) أي في إجارة العين.

وقوله وقدرا، أي فيهما.

وقوله وصفه، أي في إجارة الذمة.

قال البجيرمي: والمراد بعلم عين المنفعة وقدرها وصفتها، علم

محلها كذلك، بدليل تمثيله بعد، بأحد العبدين اه.

ثم التقدير للمنفعة، إما بالزمان، كسكنى الدار، وتعليم القرآن مثلا سنة، أو بمحل عمل، كركوب الدابة إلى مكة، وكخياطة هذا الثوب، فلو جمعها، كأن استأجره ليخيط الثوب بياض النهار، لم يصح، لأن المدة قد لا تفي بالعمل (قوله: واقعة للمكتري) أي واقعة تلك المنفعة للمكتري أو المستأجر (قوله: غير متضمن) الأولى أن يقول غير متضمنة، بتاء التأنيث، وتكون غير صفة لمنفعة، أو حالا من ضميرها.

وعبارة المنهج: لا تتضمن، بالتاء الفوقية، وهي ظاهرة، وقوله بأن لا يتضمنه العقد، مثله في شرح المنهج، وهو تصوير لعدم تضمن المنفعة، أي استيفائها لاستيفاء العين قصدا (قوله: وخرج بمتقومة إلخ) شروع في بيان المحترزات (قوله: فلا تصح اكتراء بياع) أي دلال، وقوله بمحض كلمة انظر ما فائدة زيادة لفظ محض؟ وفي المنهاج إسقاطه، وهو أولى، قال في فتح الجواد، والفعل الذي لا تعب فيه، كالكلمة التي لا تعب فيها، نعم، في الإحياء يجوز أخذ الأجرة على ضربة من ماهر يصلح بها اعوجاج سيف، أي وإن لم يكن فيها مشقة، لأن من شأن هذه الصنائع، أن يتعب في تحصيلها بالأموال وغيرها، بخلاف الأقوال.

اه.

(قوله: على الأوجه) راجع للكلمات اليسيرة.

وقوله ولو إيجابا، أي ولو كانت تلك الكلمة أو الكلمات إيجابا وقبولا، فلا يصح الاستئجار عليها (قوله: وإن روجت) أي تلك الكلمات أو الكلمات الصادرة من البياع.

وفي القاموس، راج، رواجا، نفق وروجته ترويجا نفقته.

اه.

(قوله: إذ لا قيمة لها) أي الكلمة أو الكلمات اليسيرة، وهو علة لعدم صحة اكتراء من ذكر (قوله: ومن ثم الخ) أي ومن أجل أن عدم صحة اكتراء بياع للتلفظ بمحض كلمة أو كلمات يسيرة لانتفاء كونه له قيمة اختص هذا، أي عدم الصحة فيما ذكر، بمبيع مستقر القيمة في البلد، وفي النهاية خلافه، ونصها، وشمل كلام المصنف ما كان مستقر القيمة، وما لم يستقر، خلافا لمحمد بن يحيى، إلا أن يحمل كلامه على ما فيه تعب اه.

وقوله خلافا لمحمد بن يحيى: أي حيث قال محل عدم صحة الإجارة على كلمة لا تتعب، إذا كان المنادي عليه مستقر القيمة.

اه.

ع ش (قوله: بخلاف نحو عبد وثوب) أي بخلاف الإكتراء على التلفظ بكلمة أو كلمات يسيرة، لأجل بيع نحو عبد أو ثوب، فإنه يصح، لأنه ليس مستقر القيمة، وهذا يقتضي الصحة مع عدم التعب في ذلك.

وقال سم: بخلافه، وهو أنه إن كان فيه تعب، صح، وإلا فلا فرق.

اه.

بالمعنى وقوله مما يختلف

ص: 131

بمزيد نفع، فيصح استئجاره عليه.

وحيث لم يصح، فإن تعب بكثرة تردد أو كلام، فله أجرة المثل، وإلا فلا.

وأفتى شيخنا المحقق ابن زياد بحرمة أخذ القاضي الاجرة على مجرد تليقن الايجاب، إذ لا كلفة في ذلك، وسبقة العلامة عمر الفتى، بالافتاء بالجواز إن لم يكن ولي المرأة فقال إذا لقن الولي والزوج صيغة النكاح، فله أن يأخذ ما اتفقا عليه بالرضا، وإن كثر، وإن لم يكن لها ولي غيره فليس له أخذ شئ على إيجاب النكاح، لوجوبه عليه حينئذ، انتهى.

وفيه نظر لما تقرر آنفا، ولا استئجار دراهم ودنانير غير المعراة للتزين، لان منفعة نحو التزيين بها لا تقابل بمال، وأما المعراة: فيصح استئجارها، على ما بحثه الاذرعي لانها حينئذ حلى، واستئجار الحلى صحيح قطعا.

وبمعلومة، استئجار المجهول، فأجرتك إحدى الدارين باطل، وبواقعة للمكتري، ما يقع نفعها للاجير، فلا يصح الاستئجار لعبادة تجب فيها نية غير نسك، كالصلاة، لان المنعة في

ــ

الخ، بيان لنحو.

وقوله باختلاف متعاطيه، أي مشتريه (قوله: فيصح استئجاره عليه) أي على بيعه.

والمراد على التلفظ بكلمة أو كلمات يسيرة لأجل بيعه، كما علمت، قال ع ش: وكأنهم اغتفروا جهالة العمل هنا للحاجة، فإنه لا يعلم مقدار

الكلمات التي يأتي بها، ولا مقدار الزمان الذي يصرف فيه التردد للنداء، ولا الأمكنة التي يتردد إليها.

اه.

(قوله: وحيث لم يصح) أي اكتراء بياع الخ: بأن كان على كلمة، أو كلمات لا تتعب، مع كون الثمن مستقر القيمة.

وقوله فإن تعب، أي البياع، ولا يخفى أن الصورة مفروضة في الإكتراء على ما لا يتعب حتى لا يصح، فيكون التعب هذا عارضا غير الذي انتفي من أصل العقد وبه يندفع ما يقال إن في كلامه تنافيا، فتأمل (قوله: فله أجرة المثل) أي وإن كان ذلك غير معقود عليه، لأن المعقود لما لم يتم إلا به عادة، نزل منزلته، فلم يكن متبرعا به، لأنه عمل طامعا في عوض، وقوله وإلا فلا، أي وإن لم يتعب بما ذكر، فليس له أجرة المثل (قوله: إذ لا كلفة في ذلك) أي في مجرد تلقين الجواب، أي وما لا كلفة فيه لا يصح الاستئجار عليه (قوله: وسبقه) أي ابن زياد.

وقوله العلامة عمر الفتى، بفتح التاء المخففة، وهو من العلماء المحققين، وله قبر مشهور، يزار في بيد.

وقوله بالإفتاء بالجواز أي جواز أخذ القاضي الأجرة (قوله: إن لم يكن) أي القاضي ولي المرأة (قوله: فقال) أي العلامة عمر، وقوله إذا لقن، أي القاضي، وقوله صيغة النكاح، أي لقن الولي الإيجاب ولقن الزوج القبول (قوله: فله) أي للقاضي، وقوله أن يأخذ ما أنفقا، أي القاضي والمذكور من الولي والزوج، وقوله وإن كثر، أي ما اتفقا عليه (قوله: وإن لم يكن لها) أي للمرأة ولي غيره أي القاضي (قوله: لوجوبه) أي الإيجاب عليه، أي القاضي.

(وقوله: حينئذ) أي حين إذ لم يكن لها ولي غيره (قوله: وفيه نظر) أي في الإفتاء بالجواز بالقيد المذكور نظر، وقوله لما تقرر آنفا، أي من أنه لا كلفة في ذلك حتى يصح أخذ الأجرة عليه (قوله: ولا استئجار دراهم الخ) معطوف على إكتراء بياع: أي ولا يصح استئجار دراهم ودنانير.

(وقوله: غير المعراة) أي المجعول فيها عرا، وسيذكر محترزه.

(وقوله: للتزيين) أي لأجل التزيين بها، أي أو الوزن بها أو الضرب على سكتها، ولو قال لنحو التزيين، كما في العلة بعد، لكان أولى (قوله: لأن منفعة نحو التزيين بها) إضافة منفعة إلى ما بعده للبيان، أي منفعة هي نحو التزيين، والمراد من التزيين، التزين بها، (وقوله: لا تقابل بمال) أي فهي غير متقومة وعبارة المغني، لأن منفعة التزيين بالنقد غير مقومة، فلا تقابل بمال.

اه.

(قوله: وأما المعراة) مثلها المثقوبة، بناء على أنه يحل التزيين بها، أما على أنه لا يحل، فيحرم استئجارها.

قال سم: والمعتمد حل التزيين بالمعراة دون المثقوبة اه.

(قوله: لأنها) أي الدراهم أو الدنانير، (وقوله: حينئذ) أي حين إذ كانت معراة (قوله: بمعلومة) أي وخرج بمعلومة فهو معطوف على بمتقومه، وكذا يقال فيما بعده، (وقوله: استئجار المجهول) كان الأولى إسقاط المضاف، على وفاق ما قبله وما بعده (قوله: إحدي الدارين) أي أو الثوبين، (وقوله: باطل) خبر آجرتك (قوله: وبواقعة للمكتري) أي وخرج بواقعة

للمكتري، أي المستأجر (قوله: فلا يصح الاستئجار لعبادة الخ) وذلك لأن القصد امتحان المكلف بها بكسر نفسه بالامتثال وغيره لا يقوم مقامه فيه، ولا يستحق الأجير شيئا، وإن عمل طامعا، كما يدل عليه قولهم كل ما لا يصح

ص: 132

ذلك للاجير لا المستأجر والامامة، ولو نقل كالتراويح، لان الامام مصل لنفسه، فمن أراد، اقتدي به، وإن لم ينو الامامة أما ما لا يحتاج إلى نية، كالاذان والاقامة فيصح الاستئجار عليه، والاجرة مقابلة لجميعه، مع نحو رعاية الوقت، وتجهيز الميت، وتعليم القرآن كله أو بعضه، وإن تعين على المعلم، للخبر الصحيح: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا: كتاب الله قال شيخنا في شرح المنهاج: يصح الاستئجار لقراءة القرآن عند القبر أو مع

ــ

الاستئجار له، لا أجرة لفاعله، وإن عمل طامعا.

اه.

نهاية.

قال ع ش: ومن ذلك ما يقع لكثير من أرباب البيوت، كالأمراء، أنهم يجعلون لمن يصلي بهم قدرا معلوما في كل شهر من غير عقد إجارة، فلا يستحقون معلوما، لأن هذه إجارة فاسدة، وما كن فاسدا، لكونه ليس محلا للصحة أصلا، لا شئ فيه للأجير، وإن عمل طامعا، فطريق من يصلي أن يطلب من صاحب البيت أو غيره أن ينذر له شيئا معينا، ما دام يصلي، فيستحقه عليه.

اه.

(قوله: تجب فيها نية) أي تجب في تلك العبادة نية، ولا فرق بين أن تكون النية للعبادة نفسها أو لمتعلقها كالإمامة، فإن النية، وإن لم تجب فيها، فهي واجبة في متعلقها، وهو الصلاة (قوله: غير نسك) بجر غير، صفة لعبادة، وبنصبه حال من ضمير فيها، وأما النسك، فيجوز الاستئجار له سواء كان حجا أو عمرة، ويتبعهما صلاة ركعتي نحو الطواف، لوقوعهما عن المستأجر، ومثله، تفرقه زكاة، وكفارة، وذبح، وتفرقه أضحية، وهدى، وصوم عن ميت، فيجوز الاستئجار لها وإن توقفت على النية، لما فيها من شائبة المال (قوله: لأن المنفعة الخ) تعليل لعدم صحة الاستئجار للعبادة المذكورة، (وقوله: في ذلك) أي في العبادة (قوله: والإمامة) معطوف على كالصلاة، أي وكالإمامة، وفي البجيرمي ما نصه: قال ح ل، ولا يبعد أن تكون الخطبة كالإمامة.

اه.

وما يقع من أن الإنسان يستنيب من يصلي عنه إماما بعوض، فذاك من قبيل الجعالة.

اه.

(قوله: كالأذان والإقامة) أي معا، أو الأذان وحده، وتدخل الإقامة تبعا، وعبارة فتح الجواد، وأذان وإقامة أوله فتدخل تبعا، لا لها وحدها قالوا: لعدم الكلفة.

اه.

وفي البجيرمي، ويدخل في الأذان الإقامة، ولا تجوز الإجارة لها، أي الإقامة وحدها، كذا قاله الرافعي، ولا يخلو عن وقفة.

اه.

قال ع ش: وينبغي أن يدخل في مسمى الأذان إذا استؤجر له ما جرت به العادة من الصلاة والسلام بعد ذلك في غير المغرب لأنهما وإن لم يكونا من مسماه شرعا صارا منه بحسب العرف.

اه.

(قوله: فيصح الاستئجار عليه) الضمير يعود على ما: أي فيصح الاستئجار على ما لا يحتاج لنية.

(وقوله: والأجرة) مقابلة لجميعه الضمير يعود على ما أيضا، لكن باعتبار بعض أفراده، وهو الأذان، إذ أفراد ما لا يحتاج لنية كثيرة، ولا يناسب منهما إلا الأذان، بدليل قوله مع رعاية الوقت (وقوله: مع نحو رعاية الوقت) دخل تحت لفظ نحو كل ما له تعلق بالأذان، كرفع الصوت، وكالصلاة والسلام بعده في غير المغرب، كما تقدم، وعبارة الروض وشرحه، والأجرة

تؤخذ عليه بجميع صفاته، لا على رفع الصوت، ولا على رعاية الوقت، ولا على الحيعلتين، كما قيل بكل منها.

اه.

وهي مخالفة لكلام الشارح، إلا أن يكون مراده، لا على رفع الصوت وحده الخ.

(قوله: وتجهيز الميت) معطوف على الأذان، أي وكتجهيز الميت (قوله: تعليم القرآن الخ) معطوف أيضا على الأذان، أي وكتعليم القرآن.

وقوله كله أو بعضه، أي مع تعيين ذلك البعض، وإلا فلا يصح قال في الروض وشرحه: لو استأجره ليعلمه عشر آيات من سورة كذا، لم يصح، حتى يعينها، لتفاوتها في الحفظ والتعليم، صعوبة وسهولة، ولو عين سورة كاملة: أغنى عن ذكر الآيات، وحتى يكون المتعلم مسلما، أو كافرا يرجى إسلامه، إذ غيره: لا يجوز تعليمه القرآن، فلا تجوز الإجارة له، ثم قال: لو كان المتعلم ينسى ما يتعلمه، فهل عليه أي الأجير، إعادة تعليمه، أو لا.

يرجع فيه إلى العرف الغالب، فإن لم يكن عرف غالب، فالأوجه اعتبار ما دون الآية، فإذا علمه بعضها فنسيها قبل أن يفرغ من باقيها، لزم الأجير إعادة تعليمها.

اه.

(قوله: وإن تعين) أي التعليم على المعلم، بأن لم يوجد غيره، وهو غاية المقدر، أي ويصح الاستئجار على تعليم القرآن، وإن تعين عليه، (وقوله: للخبر الصحيح) تعليل لذلك المقدر (قوله: أجرا) أي أجرة (قوله: يصح الاستئجار الخ) حاصل ما ذكره أربع صور، وإن كان قوله الآتي ومع ذكره في القلب صورة مستقلة، وهي القراءة عند القبر، والقراءة لا عنده، لكن مع الدعاء عقبها، والقراءة بحضرة المستأجر والقراءة مع ذكره في القلب، وخرج بذلك، القراءة لا مع أحد

ص: 133

الدعاء بمثل ما حصل له من الاجر له أو لغيره عقبها، عين زمانا أو مكانا أو لا، ونية الثواب له غير دعاء لغو، خلافا لجمع، وإن اختار السبكي ما قالوه، وكذا أهديت قراءتي أو ثوابها له خلافا لجمع أيضا، أو بحضرة

المستأجر، أي أو نحو ولده، فيما يظهر، ومع ذكره في القلب حالتها، كما ذكره بعضهم، وذلك لان موضعها موضع بركة وتنزل رحمة، والدعاء بعدها أقرب إجابة، وإحضار المستأجر في القلب سبب لشمول الرحمة له إذا نزلت على قلب القارئ، وألحق بها الاستئجار لمحض الذكر، والدعاء عقبه، وأفتى بعضهم، بأنه لو ترك من القراءة المستأجر عليها آيات، لزمه قراءة ما تركه، ولا يلزمه استئناف ما بعده.

وبأن من استوءجر لقراءة على قبر، لا يلزمه عند الشروع أن ينوي أن ذلك عما استؤجر عنه، أي بل الشرط عدم الصارف.

ــ

هذه الأربعة، فلا يصح الاستئجار لها، ولو استؤجر لها، فقرأ جنبا، ولو ناسيا، لم يستحق شيئا، لأن القصد بالاستئجار لها، حصول ثوابها، لأنه أقرب إلى نزول الرحمة، وقبول الدعاء عقبها، والجنب، لا ثواب له على قراءته، بل على قصده في صورة النسيان، وقوله لقراءة القرآن عند القبر، أي مدة معلومة، أو قدرا معلوما، وإن لم يعقبها بالدعاء للميت، أو لم يجعل أجرها له، لعود منفعتها إليه بنزول الرحمة في محلها.

اه.

فتح الجواد (قوله: أو مع الدعاء) معطوف عند القبر، وكذا قوله أو بحضرة مستأجر، أي أو عند غير القبر مع الدعاء، وقوله بمثل ما حصل له، أي للقارئ وقوله من الأجر، بيان لما.

وقوله له أو لغيره، تعميم في المدعو له، وهو متعلق بالدعاء، أي أو مع الدعاء بمثل ما حصل للقاري من الأجر، سواء كان ذلك الدعاء للميت أو لغير، كالمستأجر، وعبارة التحفة فيها إسقاط له الأولى، وإبدال اللام بالباء من لغيره، ونصها، أو مع الدعاء بمثل ما حصل من الأجر له أو بغيره.

اه.

وكتب سم ما نصه: قوله أو بغيره عطف على بمثل، والغير كالمغفرة.

ش.

اه.

فلعل في عبارة شارحنا تحريفا من النساخ، تأمل (قوله: عقبها) أي القراءة وهو متعلق

بالدعاء (قوله: عين) أي المستأجر زمانا أو مكانا أو لا.

أي أنه يصح الإستئجار للقراءة مع الدعاء عقبها، سواء عين المستأجر للأجير زمانا، أو مكانا للقراءة أو لا (قوله: وفيه الثواب له) أي نية القارئ جعل ثواب القراءة له.

أي للمدعو له وقوله من غير دعاء، أي عقبها.

وقوله لغو: أي لأن ثواب القراءة للقارئ، ولا يمكن نقله للمدعو له (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا إنه ليس بلغو، فعليه تصح الإجارة ويستحق الأجرة (قوله: وإن اختار السبكي ما قالوه) عبارة شرح الروض.

بعد كلام.

قال السبكي تبعا لابن الرفعة، بعد حمله كلامهم على ما إذا نوى القارئ أن يكون ثواب قراءته للميت بغير دعاء، على أن الذي دل عليه الخبر بالاستنباط، أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت نفعه، إذ قد ثبت أن القارئ لما قصد بقراءته نفع الملدوغ نفعه، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: وما يدريك أنها رقية؟ وإذا نفعت الحي بالقصد، كان نفع الميت بها أولى، لأنه يقع عنه من العبادات بغير إذنه، ما لا يقع عن الحي.

اه.

(قوله: وكذا أهديت الخ) أي وكذلك ما ذكر لغو، لعدم الدعاء (قوله: ومع ذكره في القلب حالتها) أي القراءة، وهو معطوف على بحضرة المستأجر، وهو يفيد أنه لا بد من اجتماع المستأجر، وذكره في القلب، ولا يكفي مجرد كون القراءة بحضرة من ذكر، وقد يقال قياس ما تقدم في القراءة عند القبر: خلافه، فإن كان قوله ومع ذكره الخ وجها مستقلا ليس من تتمة ما قبله، فلا إشكال.

اه.

سم.

بتصرف (قوله: وذلك لأن موضعها) أي وإنما صح الاستئجار لقراءة القرآن مع أمر من هذه الأمور، لأن موضعها أي القراءة، موضع بركة، وهو علة لصحة الاستئجار عند القبر.

وقوله والدعاء بعدها أقرب إجابة، علة لصحته مع الدعاء عقبها، وقوله وإحضار الخ.

علة لصحته بحضرة المستأجر، فهو على اللف والنشر المرتب (قوله: وألحق بها) أي بالقراءة.

وقوله والدعاء عقبه، معطوف على محض الدعاء، والواو بمعنى مع، أي الاستئجار بمحض الذكر مع الدعاء عقبه، أي الذكر (قوله: ولا يلزمه) أي الأجير (قوله: ما بعده) أي المتروك (قوله: وبأن) معطوف على بأنه، أي وأفتى بعضهم بأن من استؤجر الخ (قوله: أن ذلك) أي ما يقرؤه (قوله: بل الشرط عدم الصارف) أي أن لا

ص: 134

فإن قلت: صرحوا في النذر بأنه لا بد أن ينوي أنها عنه.

قلت: هنا قرينة صارفة لوقوعها عما استؤجر له، ولا كذلك ثم، ومن ثم لو استؤجر هنا لمطلق القراءة وصححناه: احتاج للنية فيما يظهر أولا لمطلقها، كالقراءة بحضرته لم يحتج لها، فذكر القبر مثال، انتهى ملخصا.

وبغير متضمن لاستيفاء عين ما تضمن استيفاءها، فلا يصح اكتراء بستان لثمرته، لان الاعيان لا تملك بعقد الاجارة قصدا، ونقل التاج السبكي في توشيحه اختيار والده التقي السبكي في آخر عمره، صحة إجارة

ــ

يصرف القراءة لغير ما استؤجر عنه (قوله: صرحوا في النذر) أي نذر القراءة.

وقوله أن ينوي، أي عند الشروع، وقوله أنها، أي القراءة.

وقوله عنه، أي عما نذره (قوله: قلت هنا) أي في الاستئجار للقراءة على القبر (قوله: قرينة صارفة) أي وهي كونه عند القبر (قوله: لوقوعها) متعلق بصارفه، والضمير يعود على القراءة، (وقوله: عما استؤجر له) متعلق بوقوعها، وعن: بمعنى اللام، أي أن هنا قرينة تصرف القراءة لما استؤجر له.

اه.

رشيدي.

بتصرف (قوله: ولا كذلك

ثم) أي وليس في النذر قرينة تصرف القراءة لما ذكر، وانظر: لو نذر القراءة عند القبر فمقتضاه أنه لا يحتاج لنية لوجود القرينة.

ثم رأيت سم كتب على قول التحفة، قرينة صارفة، ما نصه: إن كانت كونه عند القبر، فقد يرد ما نذر القراءة عنده (قوله: ومن ثم لو استأجر هنا الخ) أي ومن أجل أن عدم وجوب النية لوجود القرينة لو استؤجر لمطلق القراءة على القول بصحته احتاج للنية، فيما يظهر، لفقد القرينة (قوله: وصححناه) أي قلنا بصحة استئجار مطلق القراءة، أي على خلاف ما مر من الحصر في الأربع، والمعتمد عدم الصحة، لأن شرط الإجارة، عود منفعتها للمستأجر، وليس هنا منفعة تعود عليه فيما إذا استؤجر لقراءة مطلقة (قوله: أو لا لمطلقها) أي أو استؤجر لا لمطلق القراءة، (وقوله: كالقراءة بحضرته) أي المقروء له، وقوله لم يحتج لها، أي النية (قوله: فذكر القبر) أي في قول بعضهم، من استؤجر لقراءة على قبر، (وقوله: مثال) أي لا قيد، إذ المدار، على وجود القرينة الصارفة، سواء كانت هي كونه عند القبر، أو كونه بحضرة المقروء له، أو غير ذلك.

تنبيه: قال في التحفة، ما اعتيد في الدعاء بعد القراءة من: اجعل ثواب ذلك، أو مثله مقدما إلى حضرته صلى الله عليه وسلم، أو زيادة في شرفه، جائز، كما قاله جماعة من المتأخرين، بل حسن مندوب إليه، خلافا لمن وهم فيه، لانه صلى الله عليه وسلم أذن لنا بأمره بنحو سؤال الوسيلة له في كل دعاء له بما فيه زيادة تعظيمه الخ.

اه.

وفي ع ش: فائدة جليلة: وقع السؤال عما يقع من الداعين عقب الختمات من قولهم، إجعل اللهم ثواب ما قرئ زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم، ثم يقول، واجعل مثل ثواب ذلك، وأضعاف أمثاله، إلى روح فلان، أو في صحيفته، أو نحو ذلك، هل يجوز ذلك، أم يمتنع، لما فيه من إشعار تعظيم المدعو إليه بذلك، حيث اعتني به فدعا له بأضعاف مثل ما دعا به للرسول صلى الله عليه وسلم؟.

أقول: الظاهر أن مثل ذلك لا يمتنع، لأن الداعي لم يقصد بذلك تعظيما لغيره عليه الصلاة والسلام، بل كلامه محمول على إظهار احتياج غيره للرحمة منه سبحانه وتعالى، فاعتناؤه به، للاحتياج المذكور، وللإشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم، لقرب مكانته من الله عزوجل، الإجابة بالنسبة له محققة، فغيره، لبعد رتبته عما أعطيه عليه الصلاة والسلام، لا تتحقق الإجابة له، بل قد لا تكون مظنونة - فناسب تأكيد الدعاء له، وتكريره رجاء الإجابة.

اه (قوله: وبغير متضمن الخ) معطوف على بمتقومه، أي وخرج بغير متضمن لاستيفاء عين، ما تضمن استيفاءها: أي استئجار منفعة تضمن استيفاء عين، كاستئجار الشاة للبنها، وبركة لسمكها، وشمعة لوقودها، وبستان لثمرته، فكل ذلك لا يصح.

وهذا مما تعم به

البلوى، ويقع كثيرا (قوله: لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة قصدا) أي بخلافها تبعا، كما في اكتراء امرأة للإرضاع، فإنه يصح.

لأن استيفاء اللبن تابع للمعقود عليه، وبيان ذلك: ان الإرضاع هو الحضانة الصغرى، وهي وضعه في الحجر وإلقامه الثدي، وعصره له لتوقفه عليها، فهي المعقود عليه، واللبن تابع إذا بالإجارة موضوعة للمنافع، وإنما الأعيان تتبع

ص: 135

الاشجار لثمرها، وصرحوا بصحة استئجار قناة أو بئر للانتفاع بمائها للحاجة.

قال في العباب: لا يجوز إجارة الارض لدفن الميت لحرمة نبشه قبل بلائه، وجهالة وقت البلى (و) يجب (على مكر تسليم مفتاح دار) لمكتر، ولو ضاع من المكتري، وجب على المكري تجديده.

والمراد بالمفتاح، مفتاح الغلق المثبت.

أما غيره، فلا يجب تسليمه، بل ولا قفله، كسائر المنقولات.

(وعمارتها)، كبناء وتطيين سطح، ووضع باب، وإصلاح منكسر.

وليس المراد بكون ما ذكر واجبا على المكري أنه يأثم بتركه، أو أنه يجبر عليه، بل إنه إن تركه، ثبت للمكتري الخيار، كما بينته بقولي:(فإن بادر) وفعل ما عليه، فذاك (وإلا فللمكتري خيار) إن نقصته المنفعة،

ــ

للضرورة.

ويشترط لصحة ذلك تعيين مدة الرضاع، ومحله، من بيته، أو بيت المرضعة، وتعيين الرضيع بالرؤية، أو بالوصف، لاختلاف الأغراض باختلاف حاله، وكما يصح الاستئجار للإرضاع الذي هو الحضانة الصغرى، يصح للحضانة الكبرى، ولهما معا والحضانة الكبرى: تربية صبي بما يصلحه، كتعهده بغسل جسده، وثيابه، ودهنه، وكحله، وربطه في المهد، وتحريكه لينام، ونحوها مما يحتاجه (قوله: ونقل التاج السبكي الخ) ضعيف (قوله: صحة إجارة الخ) مفعول اختيار المضاف لفاعله (قوله: وصرحوا) أي الفقهاء.

(وقوله: بصحة استئجار قناة) عبارة الروض وشرحه، ويجوز للشخص استئجار القناة، وهي الجدول المحفور للزراعة، بمائها الجاري إليها من النهر، لا إستئجار القرار منها دون الماء، بأن استأجرها ليكون أحق بمائها الذي يحصل فيها بالمطر والثلج في المستقبل، لأنه استئجار لمنفعة مستقبلة.

اه (قوله: ويجب على مكر) يعني يتعين لدفع الخيار الآتي، وليس المراد أنه يأثم بذلك لو تركه، كما سيبينه، (وقوله: تسليم مفتاح دار) أي تسليم مفتاح ضبة دار، أي مع الدار، وقوله لمكتر، أي مستأجر، وهو متعلق بتسليم، ويده على المفتاح يد أمانة، فإذا تلف بتقصيره، ضمنه، أو عدمه، فلا (قوله: ولو ضاع) أي المفتاح.

(وقوله: وجب على المكري تجديده) أي ولو ضاع من المكتري بتقصيره، لكن عليه القيمة في هذه الحالة، فإن أبى، لم يجبر، ولم يأثم، لكن يتخير المكتري (قوله: والمراد بالمفتاح) أي الذي يجب على المكري (قوله: الغلق المثبت) أي كالضبة المسمرة (قوله: أما غيره) أي أما مفتاح غير الغلق المثبت، فلا يجب تسليمه (قوله: بل ولا قفله) بالجر، عطف على ضمير تسليمه، أي ولا يجب تسليم قفله، ويجوز فيه الرفع، على أنه بعد حذف المضاف أقيم مقامه، فارتفع ارتفاعه، وعبارة الفتح مع الأصل، وعلى مكر أيضا مفتاح لغلق مثبت تبعا له، بخلاف قفل منقول ومفتاحه، وإن اعتيد، وهو أمانة بيده، فلا يضمنه بتلفه بلا تفريط، وجدده إذا ضاع أو تلف، ولو بتقصير، لكن له، مع التقصير، قيمته.

اه (قوله: كسائر المنقولات) أي التي في الدار كالأبواب المقلوعة السرر، من كل ما لا يدخل في الدار إذا بيعت، والكاف للتنظير في عدم وجوب تسليمه على المكري (قوله: وعمارتها) بالرفع: معطوف على تسليم، أي ويجب على المكري أيضا عمارة الدار

(قوله: كبناء) أي للخراب الذي في الدار، وهو تمثيل للعمارة (قوله: وتطيين سطح) أي وضع الطين فيه (قوله: ووضع باب) أي انقلع، ومثله، وضع ميزاب، وإعادة رخام، سواء قلعه المكري، أو غيره، قال في التحفة: ولا نظر لكون الفائت به مجرد الزينة، لأنها غرض مقصود (قوله: وإصلاح منكسر) أي من الأخشاب المغلقة، أو غير الأخشاب (قوله: وليس المراد بكون ما ذكر) أي من تسليم مفتاح الدار، ومن عمارتها (قوله: أنه) أي المكري.

(وقوله: يأثم بتركه) أي كما هو تفسير الوجوب شرعا (قوله: أو أنه يجبر عليه) أي على ما ذكر، فالضمير يعود على ما وليس عائدا على الترك، كما هو ظاهر، أي وليس المراد بكون ما ذكر واجبا، أنه يجبر عليه.

قال البجيرمي: ومحل عدم وجوب العمارة في حق من يؤجر مال نفسه، أما الوقف، فيجب على الناظر العمارة، حيث كان فيه ريع - وفي معناه: المتصرف بالاحتياط - كولي المحجور عليه، بحيث لو لم يعمر، فسخ المستأجر الإجارة، وتضرر المحجور عليه.

اه (قوله: بل أنه الخ) أي بل المراد بكون ما ذكر واجبا على المكري، أنه إن تركه ثبت الخيار للمكتري.

(والحاصل) المراد بالوجوب: التعين بالنسبة لدفع الخيار، كما علمت (قوله: كما بينته) أي هذا المراد (قوله:

ص: 136

(وعلى مكتر.

تنظيف عرصتها) أي الدار، (من كناسة)، وثلج، والعرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شئ من بناء، وجمعها: عرصات، (وهو) أي المكتري (أمين) على العين المكتراة (مدة الاجارة) إن قدرت بزمن، أو مدة إمكان الاستيفاء إن قدرت بمحل عمل، (وكذا بعدها) ما لم يستعملها، استصحابا لما كان، ولانه

لا يلزمه الرد ولا مؤنته، بل لو شرط أحدهما عليه، فسد العقد.

وإنما الذي عليه، التخلية، كالوديع، ورجح السبكي أنه كالامانة الشرعية، فيلزمه إعلام مالكها بها أو الرد فورا، وإلا ضمن.

والمعتمد خلافه.

وإذا قلنا

ــ

فإن بادر) أي المكري.

(وقوله: وفعل ما عليه) أي وفعل الأمر الذي وجب عليه، من تسليم المفتاح وعمارة الدار، أي قبل مضي مدة لمثلها أجرة (قوله: فذاك) أي واضح، وهو جواب إن (قوله: وإلا) أي وإن لم يبادر بفعل ما عليه، فللمكتري خيار، أي فإن شاء فسخ عقد الإجارة، وإن شاء أمضاه (قوله: إن نقصته المنفعة) أي بعدم العمارة وإصلاح الخلل، وذلك لتضرره بنقصها.

قال في شرح المنهج: نعم، إن كان الخلل مقارنا للعقد، وعلم به، فلا خيار له.

اه (قوله: وعلى مكتر تنظيف عرصتها) معطوف على قوله على مكر إلخ، من عطف المفردات، أي ويجب على مكتر ذلك، وليس المراد بالوجوب أنه يلزم المكتري نقله، بل المراد أنه لا يلزم المؤجر ذلك، (وقوله: من كناسة وثلج) متعلق بتنظيف، أي يجب تنظيفها من الكناسة ومن الثلج، أما الكناسة، وهي ما تسقط من القشور، والطعام، ونحوهما، فلحصولها بفعله، وأما الثلج، فللتسامح بنقله عرفا.

وفي البجيرمي ما نصه: (والحاصل) أن إزالة الكناسة كالرماد، وتفريغ نحو الحش كالبالوعة، على المؤجر مطلقا، إلا ما حصل منها بفعل المستأجر، فعليه في الدوام، وكذا بعد الفراغ في نحو الكناسة، لجريان العادة بنقلها شيئا فشيئا، وليس المراد بكون شئ من ذلك على المستأجر بمعنى نقله إلى نحو الكيمان، بل المراد جمعه في محل من الدار معتاد له فيها، ويتبع في

ربط الدوات، العادة.

ق ل.

قال م ر: وبعده انقضاء المدة يجبر المكتري على نقل الكناسة.

اه (قوله: والعرصة الخ) عبارة المصباح، عرصة الدار، ساحتها، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء، والجمع عراص، مثل كلبة، وكلاب، وعرصات، مثل سجدة، وسجدات، وفي التهذيب، وسميت ساحة الدار عرصة لأن الصبيان يعرصون فيها، أي يلعبون ويمرحون.

اه بحذف (قوله: وهو) أي المكتري أمين على العين المكتراة، أي سواء انتفع بها أم لا، إذ لا يمكن استيفاء المنفعة بدون وضع يده عليها، ومع ذلك لو ادعى على المؤجر، لم يصدق، إلا ببينة، لأن القاعدة، أن كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه، صدق بيمينه، إلا المرتهن، والمستأجر (قوله: وكذا بعدها) أي وكذلك يكون أمينا فيها بعد مدة الاجارة (وقوله: ما لم يستعملها) قيد في كونه أمينا فيها بعد مدة الاجارة وسيأتي محترزه (قوله: استصحابا لما كان) علة لقوله وكذا بعدها، أي وإنما يكون أمينا بعدها أيضا استصحابا لما كان، أي من أمانته قبل انقضائها (قوله: ولأنه لا يلزمه الرد) أي بعد انقضائها، أي وإذا لم يلزمه الرد بعد ذلك، بقي على ما كان عليه من الأمانة، وقوله ولا مؤنته، أي الرد (قوله: بل لو شرط أحدهما) أي الرد أو المؤنة في العقد.

(وقوله: عليه) أي على المكتري، (وقوله: فسد العقد) أي عقد الإجارة، وهو جواب لو (قوله: وإنما الذي عليه الخ) أي وإنما الواجب عليه، أي المكتري، (وقوله: التخلية) أي يخلي بينها وبين مالكها، بأن لا يستعملها، ولا يحبسها لو طلبها (قوله: كالوديع) أي نظير الوديع، فإنه لا يلزمه الرد، وإنما يلزمه التخلية، وإذا كان المكتري كالوديع لزمه ما يلزمه، من دفع ضرر عن العين المؤجرة، من حريق، ونهب، وغيرهما، إذ قدر على ذلك، من غير خطر (قوله: ورجح السبكي أنه كالأمانة الشرعية) الضمير يعود على ما ذكر من العين المكتراة، ويصح رجوعه للمستأجر، ويقدر مضاف بعد الكاف: أي أنه كذي الأمانة، وعبارة النهاية، وما رجحه السبكي، من أنها كالأمانة الشرعية فعليه إعلام مالكها بها أو ردها فورا، وإلا ضمنها، غير معول عليه، لظهور الفرق بأن هذا وضع يده عليه بإذن مالكه ابتداء، بخلاف ذي الأمانة الشرعية.

اه.

ويعلم من الفرق المذكور، ضابط الأمانة الشرعية، والجعلية، وأن الأولى، هي التي لم يأذن المالك في وضع اليد عليها ابتداء، وإنما أذن الشارع في ذلك حفظا

ص: 137

بالاصح أنه ليس عليه إلا التخلية، فقضيته أنه لا يلزم إعلام المؤجر بتفريغ العين، بل الشرط أن لا يستعملها، ولا يحبسها لو طلبها.

وحينئذ يلزم من ذلك أنه لا فرق بين أن يقفل باب نحو الحانوت بعد تفريغه أو لا.

لكن قال البغوي: لو استأجر حانوتا شهرا، فأغلق بابه، وغاب شهرين، لزمه المسمى للشهر الاول، وأجرة المثل للشهر الثاني.

قال شيخنا في شرح المنهاج: وما ذكره البغوي، في مسألة الغيبة، متجه، ولو استعمل العين بعد المدة لزمه أجرة المثل، (كأجير) فإنه أمين، ولو بعد المدة أيضا، (فلا ضمان على واحد منهما) فلو اكترى دابة، ولم ينتفع بها فتلفت، أو اكتراه لخياطة ثوب أو صبغه فتلف، فلا يضمن، سواء انفرد الاجير باليد أم لا، كأن قعد

ــ

لها، والثانية: هي التي أذن المالك في ذلك ابتداء (قوله: فيلزمه) أي المكتري، وهذا مفرع على أنه كالأمانة الشرعية، (وقوله: إعلام مالكها بها) أي بالعين، وانظر ما المراد بإعلامه بذلك؟ ثم ظهر من كلامه بعد، أن المراد إعلامه بتفريغها من أمتعته (قوله: والمعتمد خلافه) أي خلاف ما رجحه السبكي، لما علمت من الفرق (قوله: أنه) أي المكتري،

والمصدر المؤول بدل من الأصح (قوله: ليس عليه) أي بعد انقضاء المدة، وقوله إلا التخلية، أي بين العين ومالكها (قوله: فقضيته) أي قضية كونه ليس عليه إلا التخلية (قوله: لو طلبها) أي المالك (قوله: وحينئذ يلزم من ذلك الخ) أي وحين إذ كان ليس عليه إلا التخلية، يلزم منه أنه لا فرق في التخلية بين أن يغلق باب نحو الحانوت أو لا، ولا تتوقف التخلية على عدم غلقه لبابه، وهذا ما جرى عليه في التحفة (قوله: لكن قال البغوي إلخ) جرى عليه في النهاية، ونصها، وعلى الأول، الأصح لا يلزم المكتري إعلام المكري بتفريغ العين، كما هو مقتضى كلامهم، بل الشرط أن لا يستعملها، ولا يحبسها، وإن لم يطلبها، فلو أغلق الدار، أو الحانوت بعد تفريغة، لزمته الأجرة، فيما يظهر، فقد صرح البغوي بأنه لو استأجر إلخ.

اه (قوله: قال شيخنا في شرح المنهاج) عبارته بعد عبارة البغوي التي ذكرها الشارح، قال وقد رأيت الشيخ القفال قال: لو أستأجر دابة يوما، فإذا بقيت عنده، ولم ينتفع بها، ولا حبسها عن مالكها، لا تلزمه أجرة المثل لليوم الثاني، لأن الرد ليس واجبا عليه، وإنما عليه التخلية إذا طلب مالكها، بخلاف الحانوت، لأنه في حبه وعلقته، وتسليم الحانوت والدار لا يكون إلا بتسليم المفتاح.

اه.

وما قاله في الدابة، واضح، وفي الحانوت والدار، من توقف التخلية فيهما على عدم غلقه لبابهما، فيه نظر.

ولا نسلم له ما علل به، لأن التسليم لهما هنا يحصل وإن لم يدفع المؤجر له مفتاحهما.

نعم، ما ذكره البغوي، في مسألة الغيبة، متجه لأن التقصير حينئذ من الغائب، لأن غلقه مع غيبته مانع للمالك من فتحه، لاحتمال أن له، أي للغائب، فيه شيئا.

اه.

بحذف (قوله: ولو استعمل العين الخ) هذا محترز قوله ما لم يستعملها.

قال سم: خرج باستعمالها، مجرد بقاء الأمتعة فيها، فلا أجرة، كما قدمته، وكذا مجرد بقاء البناء والغراس فيها، وقد شرط الإبقاء بعد المدة أو أطلق، فلا أجرة، كما قدمته عن الروض.

اه.

(وقوله: بعد المدة) أي بعد انقضاء مدة الإجارة، (وقوله: لزمه أجرة المثل) أي بالنسبة لما بعد المدة، وتكون من نقد البلد الغالب في تلك المدة، وعليه الضمان (قوله: كأجير: فإنه أمين) أي على ما استؤجر لحفظه، أو للعمل فيه - كالراعي، والخياط، والصباغ، شوبرى (قوله: ولو بعد المدة) أي مدة الإجارة إن قدرت بزمن، أي أو بعد تمام العمل إن قدرت بعمل، كخياطة وغيرها، (وقوله: أيضا) أي كالمكتري (قوله: فلا ضمان الخ) تفريع على كون المكتري والأجير أمينين، (وقوله: على واحد منهما) أي من المكتري والأجير (قوله: فلو اكترى الخ) تفريع على عدم تضمين واحد منهما، وهذا هو المكتري (قوله: ولم ينتفع بها) هذا ليس بقيد كما في البجيرمي، بل مثله.

ما إذا انتفع بها، لكن الانتفاع المأذون له فيه (قوله: فتلفت) أي الدابة بآفة سماوية (قوله: أو اكتراه) أي شخص، فالفاعل يعود على معلوم من المقام (قوله:

لخياطة ثوب) أي أو لحراسة (قوله: أو صبغه) بفتح أوله مصدرا، قال في المصباح: وصبغت الثوب صبغا، من بابي، نفع، وقتل، وفي لغة، من باب ضرب.

اه (قوله: فتلف) أي الثواب بآفة سماوية (قوله: فلا يضمن) جواب لو والفاعل يعود على كل من المكتري ومن الأجير المعبر عنه بقوله أو اكتراه، كما علمت، قال البجيرمي: ومع عدم ضمان الأجير هو

ص: 138

المكتري معه حتى يعمل، أو أحضره منزله ليعمل، (إلا بتقصير) كأن ترك المكتري الانتفاع بالدابة فتلفت بسبب، كانهدام سقف اصطبلها عليها في وقت لو انتفع بها فيه عادة سلمت، وكأن ضربها، أو أركبها أثقل منه.

ولا يضمن أجير لحفظ دكان مثلا إذا أخذ غيره ما فيها.

قال الزركشي: إنه لا ضمان أيضا على الخفير، وكأن استأجره ليرعى دابته فأعطاها آخر يرعاها فيضمنها كل منهما، والقرار على من تلفت بيده.

وكأن أسرف خباز في الوقود، أو مات المتعلم من ضرب المعلم، فإنه يضمن، ويصدق الاجير في أنه لم يقصر، ما لم يشهد خبيران

ــ

لا يستحق الأجرة، لأنه لم يسلم العين كما تسلمها، فلو تعجلها، وجب عليه ردها لصاحبها، ومنه ما يقع من دفع كراء المحمول معجلا، ثم تغرق السفينة قبل وصولها مكان التسليم، فإنه يجب على المتعجل ردها، لتبين عدم استحقاقها.

اه.

بتصرف (قوله: سواء انفرد الأجير باليد) أي كأن عمل وحده (قوله: كأن قعد الخ) هو وما بعده مثالان لما إذا لم ينفرد بالعمل.

وقوله أو أحضره منزله: أي وإن لم يقعد معه، أو حمل المتاع ومشي خلفه، لثبوت يد المالك عليه حكما.

اه.

تحفة (قوله: إلا بتقصير) مرتبط بالمتن، أي فلا ضمان على المكتري والأجير إلا إن حصل منهما تقصير حتى تلف ما تحت يدهما (قوله: كأن ترك الخ) تمثيل لما إذا حصل منهما تقصير في ذلك (قوله: كانهدام سقف الخ) تمثيل للسبب في التلف، (وقوله: في وقت لو انتفع الخ) المراد، كما في البجيرمي، ويؤخذ من عبارة سم أنه حصل الانهدام في وقت جرت العادة بالانتفاع بها فيه وتركه، وخرج به، ما لو حصل الانهدام في وقت لم تجر العادة بالانتفاع بها فيه وتركه، فإنه لا يضمن، لأنه لا يعد مقصرا بترك الانتفاع فيه وهذا هو المراد وإن كانت الجملة الشرطية لا تفيده، فتنبه.

قال سم، هذا التفصيل المذكور.

في الدابة ينبغي جريانه في غيرها، كثوب استأجره للبسه، فإذا ترك لبسه وتلف، أو غصب في وقت لو لبسه سلم من ذلك، ضمنه، فليتأمل.

اه.

وقال في فتح الجواد، والضمان بذلك، أي بالانهدام، ضمان جناية، لا يد على الأوجه فلو لم يتلف، لم يضمن.

قال الزركشي، ويضمن لو سافر به في وقت لم يعتد السير فيه فتلف أو غصب اه.

وقوله سلمت، أي من التلف بذلك السبب.

قال البجيرمي: ووجه كونه تعديا أنه لما نشأ الانهدام عليها، من ترك الانتفاع بها فيه، كان كأنه بفعله، اه.

ولو ترك الانتفاع وتلفت بسبب غيره، كما لو لدغتها حية أو نحوها، لم يضمن، عند الرملي (قوله: وكأن ضربها) عطف على كأن ترك، والمراد: ضربها فوق العادة ومثله ما لو نخعها باللجام كذلك، بخلاف ما لو كان مثل العادة فيهما فلا يضمن، وقوله أو أركبها أثقل منه، أي أو حملها مائة رطل شعير بدل مائة رطل بر، أو عكسه، وذلك لاجتماع مائة البر بسبب ثقلها في محل واحد، والشعير لخفته يأخذ من ظهر الدابة أكثر، فتتضرر بذلك، وضررهما مختلف (قوله: ولا يضمن أجير الخ) أي لعدم تقصيره، لأنه لم يسلم إليه المتاع،

وإنما هو بمنزلة حارس سكة سرق بعض بيوتها، قال ش ق: ويعلم منه أن خفراء الأسواق بمصر أو الدواب بالأرياف، لا ضمان عليهم، لعدم تقصيرهم، ولا يلزمهم إلا إيقاظ الملاك بالنداء، لا دفع اللصوص، فإن قصروا بنوم أو نحوه، ضمنوا، وإن لم يسلم لهم البهائم، لأن ذلك ليس بشرط، ولو في أول ليلة، خلافا لبعضهم، بل الشرط، أن يعرفوا ما يحرسونه.

اه.

(وقوله: إذا أخذ غيره) أي غير الأجير.

(وقوله: ما فيها) أي الدكان، وعبارة المغني: الأجير لحفظ الدكان مثلا لا ضمان عليه إذا أخذ ما فيه، لأنه لا يدله على المال.

اه.

وقوله ما فيه أي الدكان.

ويعلم من عبارتنا، مع عبارة المغني، أن الدكان يذكر ويؤنث، فانظره.

ثم رأيت البجيرمي كتب على قول المنهج، في آخر مبحث زكاة الماشية، ما نصه، قوله ودكان، بضم الدال المهملة، وهو الحانوت، وفي المصباح، أنه يذكر ويؤنث، وأنه اختلف في نونه: فقيل أصلية، وقيل زائدة، فعلى الأول، وزنه فعلال، وعلى الثاني، فعلان.

اه.

فتفطن (قوله: لا ضمان أيضا) أي كما لا ضمان على الأجير لحفظ دكان.

وقوله على الخفير، أي الحارس مطلقا في الأسواق، أو الأرياف، كما علم مما مر (قوله: وكأن استأجره ليرعى دابته) عطف على قوله كأن ترك المكتري.

قال سم: ظاهره ولو ذمة، ففي الضمان نظر.

اه.

وقوله فيضمنها كل منهما أي من الأجير الأول، والأجير الثاني، وقوله والقرار على من تلفت بيده، أي حيث كان عالما، وإلا فالقرار على الأول.

شرح م ر (قوله: وكأن أسرف خباز في الوقود) أي حتى احترق الخبز، وهو معطوف

ص: 139

بخلافه.

ولو اكترى دابة ليركبها اليوم ويرجع غدا، فأقام بها ورجع في الثالث، ضمنها فيه فقط، لانه استعملها فيه تعديا.

ولو اكترى عبدا لعمل معلوم، ولم يبين موضعه، فذهب به من بلد العقد إلى آخر، فأبق: ضمنه مع الاجرة.

فرع: يجوز لنحو القصار حبس الثوب، كرهنه، بأجرته حتى يستوفيها.

(ولا أجرة) لعمل: كحلق رأس،

ــ

أيضا على كأن ترك الخ.

والوقود، بفتح الواو، ما يوقد به قال تعالى: * (وقودها الناس والحجارة) * (1) وبالضم: الفعل (قوله: أو مات الخ) معطوف على أسرف، أو على ترك، أي وكأن مات المتعلم من ضرب المعلم.

قال ع ش: وإن كان مثله معتادا للتعليم، لكن يشكل وصفه حينئذ بالتعدي وقد يجاب عنه بما يأتي، من أن التأديب كان ممكنا بالقول، وظن عدم إفادته إنما يفيد الإقدام، وإذا مات تبين أنه متعد به.

اه.

وعبارة الروض وشرحه، ولو ضرب الأجير الصبي للتأديب والتعليم فمات، فمتعد لأن ذلك ممكن بغير الضرب.

اه (قوله: ويصدق الأجير) يعني لو اختلفا في التقصير وعدمه، صدق، الأجير بيمينه في عدمه، لأنه الأصل (قوله: ما لم يشهد خبيران بخلافه) أي بخلاف ما ادعاه الأجير.

قال ع ش، ومفهومه أنه لا يكفي رجل وامرأتان، ولا رجل ويمين، وهو ظاهر، لأن الفعل الذي وقع التنازع فيه، ليس مالا، وإن ترتب عليه الضمان.

اه (قوله: ولو اكتري) أي شخص.

وقوله اليوم، أي يوم الاستئجار، وقوله غدا، أي بعد يوم الاستئجار (قوله: فأقام) أي المكتري للدابة.

وقوله بها: أي بالدابة (قوله: ورجع) أي إلى محله.

وقوله في الثالث، أي اليوم

الثالث (قوله: ضمنها فيه) أي في الثالث، قال ع ش، أي ضمان يد، أخذا من قوله الاستعمال الخ، وعليه أجرة مثل اليوم الثالث، وأما الثاني، فيستقر فيه المسمى، لتمكنه من الانتفاع فيه مع كون الدابة في يده، والكلام فيما إذا تأخر، لا لنحو خوف، وإلا فلا ضمان عليه، ولا أجرة لليوم الثالث، لأن الثاني لا يحسب عليه.

اه.

وقوله فقط، أي غير الأول والثاني (قوله: لأنه استعملها الخ) قال سم: أنظر لو لم يستعملها؟ اه (قوله: ولم يبين موضعه) أي العمل، كمحل العقد، أو غير، وقوله فذهب، أي المكتري، وقوله به، أي بالعبد، وقوله إلى آخر، أي إلى بلد آخر، أي غير بلد العقد (قوله: فأبق) أي العبد، أي هرب (قوله: ضمنه) قال ع ش: هذا قد يشكل على ما مر من جواز السفر بالعين، حيث لا خطر، فإن مقتضاه عدم الضمان بتلفها في السفر، إلا ان يصور ما هنا بما لو استأجر القن لعمل لا يكون السفر طريقا لاستيفائه، كالخياطة، دون الخدمة، وما مر، بما إذ استؤجرت العين لعمل يكون السفر من طرق استيفائه كالركوب والحمل، فليراجع.

اه.

(وقوله: مع الأجرة) أي أجرة العبد، وظاهره، ولو لم يستوف به العمل (قوله: يجوز لنحو القصار) هو المبيض للثياب.

قال في القاموس: وقصرت الثوب قصرا بيضته.

والقصارة، بالكسر، الصناعة.

والفاعل قصار.

اه.

ويندرج تحت لفظ نحو: الخياط، والراعي.

وعبارة التحفة: ومر أوائل المبيع قبل قبضه أن للمستأجر حبس ما استؤجر عليه للعمل فيه ثم لاستيفاء أجرته، ومحله، ما إذا لم يتعدد، وإلا كاستأجرتك لكتابة كذا كل كراس بكذا، فليس له حبس كراس على أجرة آخر، لأن الكراريس حينئذ بمنزلة أعيان مختلفة.

اه.

وقوله حبس الثوب، أي عنده وقوله كرهنه أي الثوب، وظاهره أن الكاف للتنظير، وأنه يجوز لنحو القصار أن يرهن الثوب عند غيره بأجرته من غير إذن مالكه، وليس كذلك، فالصواب، التعبير باللام، بدل الكاف، والمعنى: يجوز لنحو القصار حبس الثوب عنده قبل استيفائه الأجرة، لأنه مرهون بأجرته.

ثم رأيت في التحفة، التعبير باللام، في كتاب المساقاة، ونصها:(فرع) أذن لغيره في زرع أرضه فحرثها وهيأها للزراعة، فزادت قيمتها بذلك، فأراد رهنها، أو بيعها مثلا من غير إذن العامل: لم يصح لتعذر الانتفاع بها بدون ذلك العمل المحترم فيها، ولأنها صارت مرهونة في ذلك العمل الزائد به قيمتها، وقد صرحوا بأن لنحو القصار حبس الثوب لرهنه بأجرته حتى يستوفيها.

اه (قوله: حتى يستوفيها) أي نحو القصار الأجرة من المكتري (قوله: ولا أجرة لعمل الخ) في البجيرمي: ومن هذه القاعدة ما لو جلس إنسان عند طباخ،

(1) سورة البقرة، الاية:24.

ص: 140

وخياطة ثوب، وقصارته، وصبغه بصبغ مالكه (بلا شرط) الاجرة.

فلو دفع ثوبه إلى خياط ليخيط، أو قصار

ليقصره، أو صباغ ليصبغه، ففعل، ولم يذكر أحدهما أجرة، ولا ما يفهمها، فلا أجرة له، لانه متبرع.

قال في البحر: ولانه لو قال اسكني دارك شهرا، فأسكنه، لا يستحق عليه أجرة إجماعا، وإن عرف بذلك العمل بها، لعدم التزامها.

ولا يستثنى وجوبها على داخل حمام، أو راكب سفينة مثلا بلا إذن، لاستيفائه المنفعة من غير أن يصرفها صاحبها إليه بخلافه بإذنه.

أما إذا ذكر أجرة، فيستحقها قطعا إن صح العقد، وإلا فأجرة المثل.

وأما إذا

ــ

وقال أطعمني رطلا من اللحم، ولم يسم ثمنا، فأطعمه، لم يستحق عليه قيمته، لأنه بالتقديم له، مسلط له عليه، وليس هذا من البيوع الفاسدة حتى يضمن بالإتلاف، لأنه لم يذكر فيه الثمن.

والبيع إن صح أو فسد: يعتبر فيه ذكر الثمن.

اه.

من القول التام في آداب دخول الحمام، لابن العماد (قوله: كحلق رأس الخ) تمثيل للعمل (قوله: وقصارته) أي الثوب، وهو بكسر القاف: تبييضه (قوله: وصبغه) بفتح الصاد.

(وقوله: بصبغ) بكسر الصاد، ما يصبغ به.

قال في القاموس.

الصبغ، بكسر الصاد - والصبغة، والصباغ أيضا: كله بمعنى، وهو ما يصبغ به، ومنهم من يقول، الصباغ جمع صبغ، مثل بئر وبئار.

اه.

(وقوله: بصبغ مالكه) أي مالك الثوب، ومفاده إنه إذا كان صبغه بصبغ نفسه، استحق الأجرة، فانظره، فإنه أطلق في التحفة والنهاية مع الأصل والروض وشرحه، ولم يقيدوا بصبغ مالكه، ولا بصبغ نفسه (قوله: بلا شرط الأجرة) وهو يحصل بذكرها، أو بذكر ما يقتضيها.

ولو قال بلا ذكر ما يقتضي الأجرة، لكان أولى، ليوافق التفريع بعد (قوله: فلو دفع الخ) تفريع على المنطوف (قوله: ففعل) أي من ذكر من الخياط والقصار والصباغ المأذون له فيه، وأفرد الضمير، مع أن المرجع جمع، لأن العطف بأو، وهي للأحد الدائر، أو باعتبار تأويله بالمذكور (قوله: لا ما يفهمها) أي لم يذكر أحدهما ما يفهمها، أي الأجرة، كأن قال اعمل وأنا أرضيك، أو لا أخيبك، أو ما ترى مني إلا ما يسرك، أو اعمل وأنا أثيبك، ونحو ذلك، وفي هذه، يستحق أجرة المثل، كما سيذكره بقوله، أما إذا عرض بها الخ (قوله: فلا أجرة له) جواب لو، وضمير له، يعود أيضا على من ذكر.

وفي شرح الروض: قال الأذرعي، والأشبه أن عدم استحقاقه الأجرة، محله إذا كان حرا، مكلفا، مطلق التصرف، فلو كان عبدا، أو محجورا عليه بسفه، أو نحوه، استحقها إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم المقابلة بالأعواض.

اه (قوله: لأنه متبرع) أي فهو لم يعمل طامعا (قوله: ولأنه لو قال الخ) عطف على قوله، لأنه متبرع (قوله: لا يستحق عليه) أي على سكناه الدار.

قال ع ش، ومثله ما جرت به العادة، من أنه يتفق أن إنسانا يتزوج امرأة ويسكن بها في بيت أهلها مدة، ولم تجر بينهما تسمية أجرة ولا ما يقوم مقام التسمية، لكن قول الشارح أسكني دارك شهرا الخ، يفهم وجوب الأجرة في هذه المسألة، وهو ظاهر.

اه (قوله: وإن عرف بذلك العمل بها) غاية لقوله ولا أجرة بلا شرط، واسم الإشارة عائد على عدم الشرط المفهوم من قوله بلا شرط، والباء الداخلة عليه بمعنى مع، والعمل نائب فاعل عرف، والضمير في بها، عائد على الأجرة، أي لا أجرة بلا شرط، وإن عرف أن هذا العمل يكون بالأجرة مع عدم الشرط.

قال البجيرمي: وفي سم، قوله وإن عرف بذلك العمل، لكن أفتى الروياني باللزوم في المعروف بذلك، وقال ابن عبد السلام: هو الأصح، وأفتى به خلق من المتأخرين، وعليه عمل

الناس الآن، ويعلم منها أن الغاية للرد.

اه (قوله: لعدم التزامها) علة لما تضمنته الغاية، أي لا أجرة له إذا كان معروفا عمله بها، لعدم التزام الأجرة في مقابلة عمله، وهي عين الأولى، أعني قوله لأنه متبرع، فلو اقتصر على إحداهما لكان أخصر (قوله: ولا يستثنى وجوبها) أي الأجرة من القاعدة المذكورة، أعني ولا أجرة لعامل بلا شرط - إذ هو ليس من أفرادها، إذ العامل فيها صرف منفعته بنفسه، وداخل الحمام أو راكب السفينة استوفاها من غير أن يصرفها صاحبها إليه (قوله: أو راكب سفينة) في فتح الجواد، وكداخل الحمام، راكب السفينة، لكن بحثه ابن الرفعة أنه متى علم به مالكها حين سيرها، لم يستحق شيئا، كما لو وضع متاعه على دابة غيره فسيرها مالكها، فإنه لا أجرة له (قوله: بخلافه بإذنه) أي بخلاف ما إذا كان دخول الحمام أو ركوب السفينة بإذن صاحبها، فإنه صاحبها، فإنه لا أجرة عليه كالأجير.

ص: 141

عرض بها، كأرضيك، أو لا أخيبك، أو ترى ما يسرك، فيجب أجرة المثل (وتقررت) أي الاجرة التي سميت في العقد (عليه) أي المكتري (بمضي مدة) في الاجارة المقدرة بوقت أو مضي مدة إمكان الاستيفاء في المقدرة بعمل (وإن لم يستوف) المستأجر المنفعة، لان المنافع تلفت تحت يده، وإن ترك لنحو مريض، أو خوف طريق، إذ ليس على المكري إلا التمكين من الاستيفاء، وليس له، بسبب ذلك، فسخ ولا رد إلى تيسير العمل (وتنفسخ) الاجارة (بتلف مستوفى منه معين) في العقد، كموت نحو دابة وأجير معينين، وانهدام دار، ولو بفعل المستأجر (في) زمان (مستقبل) لفوات محل المنفعة فيه، لا في ماض بعد القبض إذا كان لمثله أجرة،

ــ

(تنبيه) قال في المغني: ما يأخذه الحمامي، أجرة الحمام والآلة، من سطل، وإزار، ونحوهما، وحفظ المتاع، لا ثمن الماء، كما مرت الإشارة إليه، لأنه غير مضبوط، فلا يقابل بعوض.

فالحمامي مؤجر، أي للآلة، وأجير مشترك في الأمتعة، فلا يضمنها كسائر الأجراء، والآلة غير مضمونة على الداخل، لأنه مستأجر لها، ولو كان مع الداخل الآلة، ومن يحفظ المتاع، كان ما يأخذه الحمامي أجرة الحمام فقط.

اه (قوله: أما إذا ذكر أجرة) محترز قوله ولم يذكر أحدهما أجرة (قوله: فيستحقها) أي يستحق العامل الأجرة.

وقوله قطعا، أي بلا خوف، وقوله إن صح العقد، أي بأن استكمل الشروط المارة (قوله: وإلا فأجرة المثل) أي وإن لم يصح العقد فيستحق أجرة المثل، لا المسمى (قوله: وأما إذا عرض بها) محترز قوله ولا ما يفهمها.

وقوله فيجب أجرة المثل: أي لأنه لم يعمل متبرعا (قوله: وتقررت: أي الأجرة الخ) أي استقرت كلها بمضي مدة الاجارة، وقولهم تملك الأجرة بالعقد معينة كانت أو في الذمة، معناه أنها تملك ملكا مراعى بمعنى أنه كلما مضى زمان على السلامة، بان أن المؤجر استقر ملكه منها على ما يقابل ذلك إن قبض المكتري العين أو عرضت عليه فامتنع فلا تستقر كلها إلا بمضي المدة (قوله: في الإجارة المقدرة الخ) لو قال للإجارة في المقدرة بوقت، لكان أولى لأن المدة للإجارة، ولأنه أنسب بقوله بعد في المقدرة بعمل، فإنه حذف منه لفظ الإجارة (قوله: وإن لم يستوف الخ) غاية لتقرر الأجرة: أي تتقرر الأجرة بذلك على المستأجر، سواء استوفى المنفعة أم لا، كأن لم يسكن الدار، ولم يركب الدابة (قوله: لأن المنافع تلفت تحت يده) أي المستأجر، فهو المقصر بترك الانتفاع (قوله: وإن ترك لنحو مرض) غاية ثانية لما ذكر: أي تستقر الأجرة على المكتري وإن ترك الانتفاع بها لما ذكر (قوله: إذ ليس الخ) علة لما

تضمنته الغاية قبله، أي وإنما استقرت الأجرة إذا ترك الانتفاع لنحو مرض أو خوف طريق، لأنه ليس على المؤجر إلا تمكين المستأجر من الانتفاع من العين المؤجرة (قوله: وليس له بسبب ذلك الخ) أي ليس للمكتري بسبب المرض أو خوف الطريق أو نحوهما: فسخ لعقد الإجارة ولا رد للعين المؤجرة إلى أن يتيسر له العمل فيها فيسترجعها منه.

مبحث انفساخ الإجارة (قوله: وتنفسخ الإجارة الخ) شروع فيما يقتضي الانفساخ للإجارة وما يقتضي الخيار (قوله: بتلف مستوفى منه) أي حسا كان ذلك التلف، كمثال للشارح، أو شرعا، كحيض امرأة اكتريت لخدمة مسجد مدة معينة، وقوله معين في العقد، سيذكر محترزه (قوله: كموت نحو الخ) تمثيل للتلف الحاصل للمستوفى منه، وقوله وأجير، معطوف على نحو، وهو من أفراده، فالعطف من عطف الخاص على العام (قوله: وانهدام دار) أي وكانهدام دار، ومحل كونه موجبا للانفساخ، إذا كان كلها، أما انهدام بعضها، فيثبت الخيار للمستأجر، ما لم يبادر المؤجر، ويصلحها قبل مضي زمن لا أجرة له، ولم يقيد الدار بكونها معينة، لأن إجارة العقار لا تكون إلا إجارة عين (قوله: ولو بفعل المستأجر) أي ولو كان التلف حاصلا بفعل المستأجر، فإنه يكون موجبا للإنفساخ، ويكون هذا مستثنى من قولهم، من استعجل بشئ قبل أوانه، عوقب بحرمانه، ويلزمه بإتلاف نحو الدابة، قيمتها، وبإتلاف نحو الدار، أرش نقصها، لا إعادة بنائها.

قال في المغني:

ص: 142

لاستقراره.

بالقبض، فيستقر قسطه من المسمى باعتبار أجرة المثل، وخرج بالمستوفى منه، غيره مما يأتي وبالمعين في العقد، المعين عما في الذمة، فإن تلفهما: لا يوجب انفساخا، يل يبدلان، ويثبت الخيار على التراخي، على المعتمد، بعيب نحو الدابة المقارن إذا جهله، والحادث لتضرره، وهو ما أثر في المنفعة تأثيرا

ــ

(فإن قيل) لو أتلف المشتري المبيع استقر عليه الثمن، ولا ينفسخ البيع، فهلا كان المستأجر كذلك؟ (أجيب) بأن البيع ورد على العين، فإذا أتلفها، صار قابضا لها، والإجارة واردة على المنافع، ومنافع الزمن المستقبل معدومة، لا يتصور ورود الإتلاف عليها.

اه (قوله: في زمان مستقبل) متعلق بتنفسخ، أي تنفسخ بالنظر للزمان المستقبل وقوله لفوات محل المنفعة، وهو العين، وهو علة لكون الإجارة تنفسخ بالنسبة للمستقبل، وقوله فيه، أي في المستقبل (قوله: لا في ماض) معطوف على في زمان مستقبل، أي لا تنفسخ بالنظر للزمن الماضي، وقوله بعد القبض، قيد في عدم الانفساخ بالنظر لما مضى، أي لا تنفسخ بالنظر لذلك بشرط أن يكون التلف حصل بعد القبض، وخرج به.

ما إذا كان التلف قبل القبض، فإنها تنفسخ في جميع ما مضى وما يأتي، كما في المغني، (وقوله: إذا كان لمثله أجره) أي إذا كان لمثل الماضي، أي لمثل منفعة المستوفى منه في الزمان الماضي أجرة، وهو قيد في القيد

ولو قال، كما في المغنى، وكان لمثله أجرة، لكان أولى.

وخرج به، ما إذا لم يكن لمثله أجرة، فإنها تنفسخ في الجميع، كما في المغنى وعبارته: أما إذا كان قبل القبض، أو بعده ولم يكن لمثله أجرة، فإنه ينفسخ في الجميع.

اه (قوله: لاستقراره) أي الماضي: أي أجرته.

(وقوله: بالقبض) أي قبض المنفعة، أي استيفائها وهو علة لعدم الانفساخ في الماضي (قوله: فيستقر قسطه) أي الماضي، (وقوله: من المسمى) أي في العقد، (وقوله: باعتبار أجرة المثل) أي لكل زمن بما يناسبه فتقوم منفعة المدة الماضية والباقية، ويوزع المسمى على نسبة قيمتها وقت العقد، دون ما بعده، لا على نسبة المدتين، إذ قد تزيد أجرة شهر على شهور، فلو كانت مدة الإجارة مثلا سنة، ومضى نصفها، وكان المسمى ثلاثين، وأجرة مثل الماضي عشرون، وجب من المسمى ثلثاه، وهكذا (قوله: وخرج بالمستوفى منه غيره مما يأتي) وهو المستوفي، والمستوفى به، والمستوفى فيه.

وفي البجيرمي، أنظر صورة المستوفى فيه؟ ولعلها إذا حصل في الطريق خوف يمنع السير فيها.

اه (قوله: وبالمعين الخ) أي وخرج بالمستوفى منه المعين في القعد، المستوفى منه المعين عما في الذمة، بأن كانت الإجارة ذمية، وسلم المؤجر للمستأجر مستوفى منه معينا عما في ذمته (قوله: فإن تلفهما) أي تلف غير المستوفى منه، وتلف المعين عما في الذمة (قوله: بل يبدلان) أي غير المستوفى منه والمعين عما في الذمة، فيجوز إبدال المستوفي إذا تلف بغيره، كراكب بآخر، وساكن بآخر، والمستوفى به بغيره، كمحمول من طعام، وغيره، والمستوفى فيه، كالطريق بغيره، لأنه يجوز مع السلامة كما سيذكره قريبا، فمع التلف أولى، ويجوز إبدال المعين عما في الذمة إذا تلف بغيره، بل يجب، كما ستعرفه (قوله: يثبت الخيار) أي في إجارة العين، كما يدل عليه قوله بعد، ولا خيار في إجارة الذمة الخ، وقوله على التراخي، أي لأن الضرر يتكرر بتكرر الزمان، وجعله في الروض على التراخي، في عيب يتوقع زواله، وإلا فعلى الفور، وعبارته مع شرحه: وإن رضي المستأجر بعيب يتوقع زواله لم ينقطع خياره، لأن الضرر يتجدد ويتعذر قبض المنفعة، فهو كما لو تركت المطالبة بعد مدة الإيلاء والفسخ بعد ثبوت الإعسار، لها العود إليه، وإلا بأن لا يتوقع زواله، انقطع خياره، لأنه عيب واحد، وقد رضي به.

اه (قوله: على المعتمد) مقابله يقول إن الخيار على الفور (قوله: بعيب نحو الدابة) متعلق بيثبت، ونحو الدابة، العبد الأجير، والدار (قوله: المقارن) أي للعقد، وهو صفة لعيب، (وقوله: إذا جهله) أي المكتري، أما إذا علمه، فلا خيار (قوله: والحارث) أي بعد العقد في يد المكتري (قوله: لتضرره) أي المكتري بذلك العيب، وهو علة لثبوت الخيار به (قوله: وهو ما أثر الخ) أي العيب الذي يثبت الخيار وهو ما يؤثر في المنفعة أثرا يظهر له تفاوت في الأجرة، ككونها تعثر، أو تتخلف عن القافلة، لا كخشونة

مشيها، كما جزم به الشيخان، وخالف ابن الرفعة، فجعله عيبا، وصوبه الزركشي، قال: وبه جزم الرافعي في عيب

ص: 143

يظهر به تفاوت أجرتها، ولا خيار في إجارة الذمة بعيب الدابة، بل يلزمه الابدال.

ويجوز في إجارة عين وذمة استبدال المستوفي، كالراكب، والساكن، والمستوفى به كالمحمول، والمستوفى فيه كالطريق بمثلها، أو بدون مثلها، ما لم يشترط عدم الابدال في الآخرين.

فرع: لو استأجر ثوبا للبس المطلق، لا يلبسه وقت النوم ليلا، وإن اطردت عادتهم بذلك، ويجوز لمستأجر الدابة مثلا منع المؤجر من حمل شئ عليها.

فائدة: قال شيخنا: إن الطبيب الماهر، أي بأن كان خطوه نادرا، لو شرطت له أجرة، وأعطي ثمن

الادوية، فعالجه بها، فلم يبرأ، استحق المسمى، إن صحت الاجارة، وإلا فأجرة المثل.

وليس للعليل الرجوع

ــ

المبيع، قال في المغني، وجمع بين ما هنا وبين ما هناك، بأن المراد هنا خشونة لا يخاف منها السقوط، بخلافه هناك.

اه.

وقوله تفاوت أجرتها، أما القيمة فليس ظهور التفاوت معتبرا فيها، لأن مورد العقد هنا، المنفعة، لا العين، حتى تعتبر القيمة (قوله: ولا خيار في إجارة الذمة الخ) هذا يدل على أن قوله أولا ويثبت الخيار الخ مفروض في إجارة العين، كما علمت، وقول بعيب الدابة، أي ونحوها.

ومثل العيب - بالأولى، التلف (قوله: بل يلزمه) أي المكري الإبدال، أي لأن المعقود عليه في الذمة يثبت فيها بصفة السلامة، وهذا غير سليم، فإذا لم يرض به المكتري، رجع إلى ما في الذمة، فإن عجز المكري عن إبدالها، تخير المكتري، كما قاله الأذرعي (قوله: ويجوز في إجارة عين أو في ذمة استبدال الخ) أي لأنه لا ضرر فيه.

وقوله المستوفي، بكسر الفاء، اسم فاعل.

وقوله كالراكب والساكن، أي واللابس (قوله: والمستوفى به) أي ويجوز إبدال ما تستوفى المنفعة به.

(وقوله: كالمحمول) أي من طعام أو غيره، أي وكالثوب المعين للخياطة، والصبي المعين للتعليم أو الارتضاع، (وقوله: والمستوفى فيه) أي ويجوز إبدال ما تستوفي فيه المنفعة، كالطريق (قوله: بمثلها) أي المذكورات، وهو متعلق باستبدال، أي يجوز استبدال المستوفى بمثله، أي طولا، وقصرا، وضخامة، ونحافة، وغيرها، واستبدال المستوفى به بمثله كذلك، والمستوفى فيه بمثله، كطريق بمثله، لا بأصعب منه، ولا أطول، ولا أخوف، وقوله أو بدون مثلها، هذا مفهوم بالأولى (قوله: ما لو يشترط) أي المكري علي المكتري عدم الإبدال، فإن اشترط عليه، اتبع.

(وقوله: في الآخرين) أي المستوفى به والمستوفى فيه، ولا يجوز اشتراطه في الأول، أي المستوفي، بكسر الفاء.

فإن شرطه، بطل العقد، لما فيه من الحجر عليه من جهة أنه لا يؤجره لغيره، فأشبه منع بيع المبيع (قوله: فرع) الأولى فرعان بصيغة التثنية (قوله: للبس المطلق) أي غير المقيد بليل أو نهار (قوله: وإن اطردت عادتهم بذلك) أي بلبسه وقت النوم، وخالف بعضهم فقال: لا يلبسه وقت النوم إن اعتيد ذلك بذلك المحل، وإلا لم يجب نزعه مطلقا، وعبارة الروض وشرحه، ليس له النوم ليلا في ثوب مستأجر للبلس.

قال الرافعي، عملا بالعادة، نعم.

لا يلزمه نزع الإزار، كذا قاله المصنف في شرح الإرشاد، وقال الأذرعي: الظاهر أن المراد غير التحتاني، كما يفهمه تعليل الرافعي، اه.

وظاهر كلام الأصحاب: الأول، وطريقه، إذا أراد النوم فيه أن يشرطه وينام فيه نهارا، ولو غير القيلولة، ساعة أو ساعتين، لا أكثر النهار، عملا بالعرف، بل لا في القميص الفوقاني، أي لا ينام فيه،

ولا يلبسه كل وقت، بل إنما يلبسه عند التجمل في الأوقات التي جرت العادة فيها بالتجمل، كحال الخروج إلى السوق ونحوه، ودخول الناس عليه اه (قوله: ويجوز لمستأجر الدابة الخ) أي لأنه استحق جميع منفعتها، فله أن يمنع المؤجر من التصرف فيه بما يزاحم حقه، وقوله مثلا: أي أو عبدا (وقوله: من حمل شئ عليها) قال سم: أي كتعليق مخلاة عليها.

اه (قوله: قال شيخنا) أي في التحفة، ولفظها، اقتضى كلامهم، وصرح به بعضهم، أن الطبيب الماهر، أي بأن كان خطؤه نادرا، وإن لم يكن ماهرا في العلم، فيما يظهر، لأنا نجد بعض الأطباء استفاد من طول التجربة والعلاج ما قل به خطؤه جدا.

وبعضهم لعدم ذلك ما كثر به خطؤه، فتعين الضبط بما ذكرته لو شرطت له، إلى آخر ما ذكره الشارح (قوله: وأعطى ثمن الأدوية) أي زيادة على الأجرة (قوله: فعالجه بها) أي فعالج الطبيب المريض بالأدوية التي أخذ

ص: 144

عليه بشئ، لان المستأجر عليه المعالجة لا الشفاء، بل إن شرط، بطلت الاجارة، لانه بيد الله تعالى لا غير.

أما غير الماهر، فلا يستحق أجرة ويرجع عليه بثمن الادوية، لتقصيره بمباشرته بما ليس له بأهل.

ولو اختلفا: أي المكري والمكتري (في أجرة أو مدة) أو قدر منفعة، هل هي عشرة فراسخ، أو خمسة؟ أو في قدر المستأجر: هل هو كل الدار، أو بيت منها؟ (تحالفا، وفسخت)، أي الاجارة، ووجب على المكتري أجرة المثل لما استوفاه.

فرع: لو وجد المحمول على الدابة مثلا ناقصا نقصا يؤثر، وقد كاله المؤجر، حط قسطه من الاجرة، إن

ــ

ثمنها (وقوله: فلم يبرأ) أي المريض بمعالجة الطبيب (قوله: استحق المسمى) أي الأجرة التي سميت في العقد (قوله: إن صحت الإجارة) كأن قدرت بزمان معلوم.

ع ش (قوله: وإلا فأجرة المثل) أي وإن لم تصح استحق أجرة المثل (قوله: الرجوع عليه) أي على الطبيب (قوله: لأن المستأجر عليه) بفتح الجيم، أي لان الشئ الذي استؤجر عليه هو المعالجة، لا الشفاء (قوله: بل أن شرط) أي الشفاء في عقد الإجارة (قوله: لأنه) أي الشفاء بيد الله تعالى.

قال في التحفة: نعم إن جاعله عليه، صح، ولم يستحق المسمى إلا بعد وجوده.

اه (قوله: أما غير الماهر) هذا مفهوم قوله الماهر، (وقوله: فلا يستحق أجرة) في سم ما نصه، هل استئجاره صحيح أو لا؟ إن كان الأول: فقد يشكل الحكم الذي ذكره، وإن كان الثاني، فقد يقيد الرجوع بثمن الأدوية بالجهل بحاله.

م ر.

فليحرر.

اه.

قال ع ش: والظاهر الثاني، ولا شئ له في مقابلة عمله، لأنه لا يقابل بأجرة، لعدم الانتفاع به، بل الغالب على عمل مثله الضرر.

اه (قوله: لتقصيره الخ) أي لتقصير غير الماهر بسبب مباشرته للأمر الذي هو لبس بأهل له، فجميع الضمائر تعود على غير الماهر، ما عدا ضمير له، فإنه يعود على ما (قوله: ولو اختلفا إلخ) عقد له في الروض فصلا مستقلا، وما ذكره عين عبارته (قوله: في أجرة) أي في قدرها: هل هي خمسة دراهم، أو عشرة مثلا؟ (قوله: أو مدة) أي قدرها أيضا، هل هي شهر أو سنة؟ (قوله: أو قدر منفعة) أي قدر الانتفاع بالدابة مثلا؟ وقوله هل هي عشرة فراسخ أو خمسة، بيان للاختلاف في قدر المنفعة، أي هل الانتفاع بالدابة يكون في عشرة فراسخ أو خمسة؟ (قوله: أو في قدر المستأجر) بفتح الجيم: أي أو اختلفا في الشئ الذي له استؤجر، هل هو كل الدار أو بعضها؟ (قوله: تحالفا) أي المكري والمكتري، وهو جواب لو:

أي يحلف كل منهما يمينا يجمع نفيا لدعوى صاحبه وإثباتا لدعواه (قوله: أجرة المثل لما استوفاه) أي من منفعة المستأجر، بفتح الجيم (قوله: فرع) الأولى فرعان (قوله: لو وجد الخ) يعني لو وجد المستأجر ما حمله على دابة المؤجر من نحو البر أو الشعير ناقصا عما شرطه عليه، كأن شرط عليه في عقد الإجارة حمل عشرة آصع مثلا، فما حمل إلا تسعة، فإن كان الذي كاله ناقصا عما ذكر هو المؤجر، وكانت الإجارة ذمية: حط قسط من الأجرة قدر النقص، وهو عشرها في الصورة المذكورة، لأنه لم يف بالمشروط.

وإن كان الذي كاله ناقصا هو المستأجر نفسه، وأعطاه للمؤجر ليحمله، أو كانت الإجارة عينية، بأن كان استأجر دابته ليحمل عليها عشرة آصع، فما حمل عليها إلا تسعة، لم يحط شئ من الأجرة، لأنه هو الذي رضي على نفسه بالنقص وكان قادرا على الاستيفاء، ومحله في الإجارة العينية، ما إذا علم المستأجر بالنقص، أما إذا لم يعلم به، بأن أذن للمؤجر في الكيل، فكان ناقصا عن المشروط، فإنه يحط أيضا من أجرته بقدر النقص، وهذا كله مصرح به الروض وشرحه، وعبارته:(فرع) وإن كان المحمول على الدابة ناقصا عن المشروط نقصا يؤثر، بأن كان فوق ما يقع به التفاوت بين الكيلين، أو الوزنين، وقد كاله المؤجر حط قسطه من الأجرة، إن كانت الإجارة في الذمة، لأنه لم يف بالمشروط أولا كذلك، بل كانت إجارة عين، لكن لم يعلم المستأجر النقص، فإن علمه لم يحط شئ من الأجرة، لأن التمكين من الاستيفاء قد حصل، وذلك كاف في تقرير الأجرة، فهو كما لو كال المستأجر بنفسه ونقص.

أما النقص الذي لا يؤثر، فلا عبرة به، اه.

بقي ما لو كاله المؤجر أو المستأجر تاما، كما شرط في العقد، ثم سرق بعضه، فهل يضمن المؤجر النقص

ص: 145

كانت الاجارة في الذمة وإلا لم يحط شئ من الاجرة.

ولو استأجر سفينة فدخلها سمك، فهل هو له، أو للمؤجر؟ وجهان.

ــ

مع حط الأجرة أو لا يضمن؟ قياس ما مر من عدم الضمان إلا بتقصير فيما لو اكتراه لخياطة ثوب فتلف انه هنا كذلك، فتنبه (قوله: ولو استأجر) أي شخص، وقوله سفينة، أي أو نحوها كسنبوك، أو مركب، أو بابور (قوله: فدخلها) أي السفينة (قوله: فهل هو) أي السمك وقوله له، أي للمستأجر (قوله: وجهان) قال في المغني: حكاهما ابن جماعة في فروقه، أوجههما، أنه للمستأجر، لأنه ملك منافع السفينة ويده عليها، فكان أحق به.

اه.

(تتمة) في بيان أحكام الجعالة التي تركها المؤلف وكان حقه أن يذكرها تبعا لغيره من الفقهاء، واختلفوا في موضع ذكرها، فمنهم من ذكرها عقب الإجارة، كالغزالي، وصاحب التنبيه، وتبعهم في الروضة لاشتراكهما في غالب الأحكام، إذ الجعالة لا تخالف الإجارة إلا في خمسة أحكام، أحدها صحتها على عمل مجهول عسر علمه، كرد الضالة والآبق،

فإن لم يعسر علمه، اعتبر ضبطه، كما سيأتي، إذ لا حاجة إلى احتمال الجهل حينئذ.

ثانيها: صحتها مع غير معين، كأن يقول من رد ضالتي فله علي كذا.

ثالثها: كونها جائزة من الطرفين، طرف الجاعل، وطرف العامل.

رابعها: العامل لا يستحق الجعالة إلا بعد تمام العمل.

خامسها: عدم اشتراط القبول، ومنهم من ذكرها عقب اللقطة، وهم الجمهور، وتبعهم النووي في منهاجه، نظرا إلى ما فيها من التقاط الضالة، وهي بتثليث الجيم لغة، ما يجعل للإنسان على فعل شئ، سواء كان بعقد، أو بغيره، وشرعا التزام عوض معلوم على عمل معين أو مجهول عسر علمه، وأركانها إجمالا أربعة، وكلها قد تضمنها التعريف المذكور، الركن الأول: العاقد، وهو الملتزم للعوض، ولو غير المالك، والعامل، وشرط في الأول، اختيار، وإطلاق تصرف، فلا تصح التزام مكره، وصبي، ومجنون، ومحجور سفه، وفي الثاني: ولو كان غير معين، علمه بالالتزام، فلو قال إن رد آبقي زيد فله كذا، فرده غير عالم بذلك، لم يستحق شيئا، والمثال الأول للمعين، والثاني لغيره، وشرط فيه أيضا، إذا كان معينا، أهلية العمل، فيصح ممن هو أهل له، ولو عبدا، وصبيا، ومجنونا، ومحجور سفه، بخلاف صغير لا يقدر على العمل، لأن منفعته معدومة، فالجعالة معه كاستئجار أعمى للحفظ، وهو لا يصح، فكذلك هذا الركن الثاني: الصيغة، وهي من طرف الجاعل، لا العامل، فلا يشترط قبول منه لفظا، بل يكفي العمل منه، وشرط فيها عدم التأقيت، لأن التأقيت قد يفوت الغرض، الركن الثالث، الجعل وشرط فيه ما شرط في الثمن، فما لا يصح ثمنا لكونه مجهولا أو نجسا، لا يصح جعله جعلا، ويستحق العامل أجرة المثل في المجهول والنجس المقصود، كخمر، وجلد ميتة، فإن لم يكن مقصودا، كدم، فلا شئ له.

الركن الرابع: العمل وشرط فيه كلفة، وعدم تعينه، فلا جعل فيما لا كلفة فيه، كأن قال من دلني على مالي فله كذا، فدله عليه، وهو بيد غيره، ولا كلفة، ولا فيما تعين، كأن قال من رد مالي فله كذا، فرده من تعين عليه الرد لنحو غصب، لأن ما لا كلفة فيه وما تعين عليه شرعا، لا يقابلان بعوض، ولو حبس ظلما فبذل مالا لمن يخلصه بجاهه أو غيره كعلمه وولايته، جاز، لأن عدم التعين صادق بكون العمل فرض كفاية.

ولا فرق في العمل بين كونه معلوما، وكونه مجهولا عسر علمه للحاجة، كما في القراض، فإن لم يعسر علمه، اشترط ضبطه، ففي بناء حائط، يذكر موضعه، وطوله، وعرضه، وارتفاعه، وما يبنى به، وفي الخياطة، يعتبر وصفها ووصف الثوب، والأصل فيها قبل الإجماع، خبر أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو الراقي، وذلك أنه كان مع جماعة من الصحابة في السفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فلم يضيفوهم، فباتوا بالوادي، فلدغ رئيس ذلك الحي، فأتوا له بكل دواء، فلم

ينجع، أي لم ينفع بشئ، فقال بعضهم لبعض، سلوا هذا الحي الذي نزل عندكم، فسألوهم، فقالوا هل فيكم من راق، فإن سيد الحي لدغ؟ فقالوا نعم، ولكن لا يكون ذلك إلا بجعل، لكونهم لم يضيفوهم، فجعلوا لهم قطيعا من الغنم،

ص: 146

تتمة: تجوز المساقاة وهي أن يعامل المالك غيره على نخل أو شجر عنب مغروس معين في العقد مرئي

ــ

وكان ثلاثين رأسا، وكانت الصحابة كذلك، فقرأ عليه أبو سعيد، الفاتحة ثلاث مرات فكأنما نشط من عقال وإنما رقاه بالفاتحة، دون غيرها، لانه صلى الله عليه وسلم قال: فاتحة الكتاب شفاء لكل داء، ثم توقفوا في ذلك فقالوا، كيف نأخذ أجرا على كتاب الله تعالى؟ فلما قدموا المدينة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه عن ذلك، فقال: إن أحق - وفي رواية إن أحسن - ما أخذتم عليه أجرا، كتاب الله تعالى زاد بعضهم: اضربوا لي معكم بسهم وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تطييبا لقلوبهم، لا طلبا لنصيب معهم حقيقة، وأيضا، الحاجة قد تدعوا إليها، فجازت كالإجارة، لأن القياس يقتضي جواز كل ما دعت إليه الحاجة، ويستأنس للجعالة بقوله تعالى: * (ولمن جاء به حمل بعير) * وكان الحمل معلوما عندهم، كالوسق، وإنما كان هذا استئناسا، لا دليلا، لأنه في شرع من قبلنا، وهو ليس شرعا لنا، وإن ورد في شرعنا ما يقرره على الراجح، وقد نظم معظم ما مر ابن رسلان في زبده فقال: صحتها من مطلق التصرف بصيغة وهي بأن يشرط في ردود آبق وما قد شاكله معلوم قدر حازه من عمله وفسخها قبل تمام العمل من جاعل عليه أجر المثل والله سبحانه وتعالى أعلم (قوله: تتمة) أي في بيان المساقاة، والمزارعة، والمخابرة، وقد أفردها الفقهاء بباب مستقل، وذكرت عقب الإجارة، لأن كلا استيفاء منفعة بعوض، ولاشتراط التأقيت فيها، وغير ذلك، والأصل في المساقاة، خبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم: عامل أهل خيبر على نخلها وأرضها على ما يخرج منها من ثمر أو زرع لأنه لما فتحها ملك نخلها وزرعها، فصار الزرع من عند المالك، فقام مقام البذر، فكانت مساقاة ومزارعة، وهي تصح، تبعا للمساقاة، كما سيأتي، والحاجة داعية إليها، لأن مالك الأشجار، قد لا يحسن العمل فيها، أو لا يتفرغ له، ومن يحسن ويتفرغ، قد لا يكون له أشجار فيحتاج ذاك إلى الاستعمال، وهذا إلى العمل، وأركانها: مالك، وعامل، وعمل، ومورد، وثمر، وصيغة.

وكلها تعلم مما يأتي (قوله: تجوز المساقاة) أي من جائز التصرف، وهو الرشيد المختار، دون غيره، كالقراض، وتصح لصبي، ومجنون، وسفيه ومن وليهم، عند المصلحة (قوله: وهي الخ) أي شرعا، وأما لغة،

فهي مشتقة من السقي، بفتح السين، وسكون القاف، وتخفيف الياء، وإنما اشتققت منه، لاحتياجها إليه غالبا، لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة، لاسيما في أرض الحجاز، فإنهم يسقون من الآبار، وقيل مشتقة من السقي، بكسر القاف، وتشديد الياء، وهو صغار النخل، وعليه إنما اشتقت منه، لأنه موردها.

والأول أظهر، لأن السقي عليه مصدر، والاشتقاق منه ظاهر (قوله: أن يعامل المالك غيره) أي بصيغة، كما يفيده قوله بعد معين في العقد، إذ هو يفيد أن المعاملة تكون بعقد، أي صيغة، نحو ساقيتك على هذا النخل، أو العنب، أو أسلمته إليك لتتعهده بكذا، وقد اشتمل التعريف المذكور على أركان المساقاة، وهي ستة: مالك، وعامل، وعمل، وثمر، وصيغة، ومورد، فقوله معين في العقد، إشارة إلى الصيغة، وقوله المالك غيره، هما الركنان الأولان، (وقوله: على نخل أو شجر) هو السادس، وقوله لتتعهده، هو الثالث، إذ التعهد عمل.

وقوله على أن الثمرة الخ، هو الرابع (قوله: على نخل أو شجر عنب)، متعلق بيعامل، وما ذكر، هو المورد، كما مر (قوله: مغروس الخ) صفة لكل من نخل وشجر، وذكر ثلاثة شروط للمورد، وهي، الغرس، والتعيين في العقد، والرؤية.

وبقي عليه شرطان، كونه بيد عامل، وكونه لم يبد صلاح ثمره، سواء ظهر أو لا، فلا تصح على غير مغروس، كودي، ليغرسه، ويتعهده، وتكون الثمرة بينهما، كما لو سلمه بذرا ليزرعه، ولأن الغرس ليس من عمل المساقاة فضمه إليه يفسده، ولا على مبهم، كأحد البساتين، ولا على غير مرئي لهما عند العقد، وذلك للجهل بالمعقود

(1) سورة يوسف، الاية:72.

ص: 147

لهما عنده ليتعهده بالسقي والتربية، على أن الثمرة الحادثة أو الموجودة لهما.

وإلا تجوز في غير نخل وعنب لا تبعا لهما.

وجوزها القديم في سائر الاشجار، وبه قال مالك وأحمد، واختاره جمع من أصحابنا، ولو ساقاه على ودي غير مغروس ليغرسه ويكون الشجر أو ثمرته إذا أثمر لهما، لم تجز، لكن قضية كلام جمع من السلف، جوازها، والشجر لمالكه، وعليه لذي الارض أجرة مثلها، والمزارعة: هي أن يعامل المالك غيره على أرض

ــ

عليه، ولأنه عقد غرر من حيث أن العوض معدوم في الحال، وهما جاهلان بقدر ما يحصل وبصفاته، فلا يحتمل ضم غرر آخر، ولا كونه بغير يد العامل كيد المالك، ولا على ما بدا صلاح ثمره لفوات معظم الأعمال، وقوله ليتعهده بالسقي والتربية، بيان للعمل المختص بالعامل، وذلك لأن للعمل في المساقاة على ضربين، عمل يعود نفعه إلى الثمرة، كسقي النخل، وتلقيحه بوضع شئ من طلع الذكور في طلع الإناث، وهذا مختصر بالعامل، وعمل يعود نفعه إلى الأرض، كنصب الدولاب، وحفر الأنهار، وبناء حيطان البستان، وهذا مختص بالمالك، ولا يجوز أن يشترط على المالك أو العامل ما ليس عليه، فلو شرط على العامل أن يبني جدار الحديقة، أو على المالك تنقية النهر، لم يصح.

وقوله على أن الثمرة الحادثة، أي بعد العقد، وقوله أو الموجودة، أي عنده، لكن بشرط أن لا يكون قد بدا صلاحها، كما مر، وقوله لهما، أي للمالك والعامل، أي مختصة بهما، فلا يجوز بشرط بعضها لغيرهما، ولا شرط كلها للمالك، ولا يستحق في

هذه العامل أجرة، لأنه عمل غير طامع، كما في القراض، ولا بد أيضا من أن يكون القدر الذي للعامل معلوما بالجزئية: كربع، وثلث، بخلاف ما لو كان معلوما بغير الجزئية: كقنطار، أو قنطارين (قوله: ولا تجوز) أي المساقاة، والأولى التفريع.

(وقوله: في غير نخل وعنب) أي للنص على النخل، وألحق به العنب، بجامع وجوب الزكاة، وإمكان الخرص وغيرهما ليس منصوصا عليه، ولا في معناه، فلم تجز المساقاة عليه إلا تبعا لهما، فتجوز فيه.

وعبارة م ر: فتصح على أشجار مثمرة، تبعا للنخل والعنب، إذا كانت بينهما، وإن كثرت، وإن قيدها الماوردي بالقليلة، وشرط الزركشي، بحثا، تعذر إفرادها بالسقي، نظير المزارعة.

اه.

وعليه حملت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم على الزرع في الخبر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فالمراد بمعاملتهم، مساقاتهم، ومزارعتهم، تبعا، فالواقع منه صلى الله عليه وسلم، مزارعة تابعة للمساقاة.

(قوله: وجوزها) أي المساقاة وقوله في سائر الأشجار، أي كالخوخ، والتين، والتفاح، وذلك لقوله في الخبر السابق: من ثمر أو زرع ولعموم الحاجة، والجديد: المنع، لأنها رخصة، فتختص بموردها، ولأنه لا زكاة في ثمرها، فأشبهت غير المثمرة، ولأنها تنمو من غير تعهد وفي البجيرمي.

(فائدة) النخل والعنب يخالفان بقية الأشجار في أربعة أمور، الزكاة، والخرص، وبيع العرايا، والمساقاة.

اه.

برماوي.

وأسقط خامسا، وهو: جواز استقراض ثمرتها لإمكان معرفتها بالخرص فيهما، وتعذر خرصها في غيرهما.

اه.

شوبري.

اه (قوله: وبه) أي بجواز المساقاة في غير النخل وشجر العنب (قوله: ولو ساقاه على ودي الخ) محترز قوله مغروس، وهو بفتح الواو، وكسر الدال، وتشديد الياء، صغار النخل (قوله: ويكون الخ) بالنصب: معطوف على يغرسه، أي وليكون الشجر أو ثمرته إذا أثمر، للمالك وللعامل (قوله: لم تجز) أي المساقاة، وهو جواب لو (قوله: جوازها) أي المساقاة على الودي المذكور (قوله: والشجر لمالكه الخ) راجع للمنع، كما في سم، أي وعلى منع المساقاة في الودي لو عمل العامل فيه يكون الشجر لمالك الودي، وعليه لصاحب الأرض أجرة مثلها، ومحل هذا، إذا كان مالك الودي العامل، فإن كان صاحب الأرض، فالشجر يكون له، وللعامل أجرة عمله عليه، وعبارة الروض وشرحه، وإن دفع ذلك، أي الودي، وعمل العامل وكانت الثمرة متوقعة في المدة، فله الأجرة، أي أجرة عمله، على المالك، وإلا فلا، لا إن كان الغراس للعامل، فلا أجرة له، بل يلزمه للمالك أجرة الأرض، فإن كانت الأرض للعامل، استحق أجرة عمله وأرضه.

اه.

(قوله: والمزارعة) هي لغة: مشتقة من الزرع، وشرعا، ما ذكره بقوله، هي أن يعامل

ص: 148

ليزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها، والبذر من المالك، فإن كان البذر من العامل، فهي مخابرة، وهما باطلان، للنهي عنهما، واختار السبكي، كجمع آخرين، جوازهما، واستدلوا بعمل عمر رضي الله عنه وأهل المدية، وعلى المرجح، فلو أفردت الارض بالمزارعة، فالمغل للمالك، وعليه للعامل أجرة عمله ودوابه وآلاته، وإن

أفردت الارض بالمخابرة، فالمغل للعامل، وعليه لمالك الارض أجرة مثلها وطريق جعل الغلة لهما ولا أجرة أن

ــ

الخ.

والمراد بالعقد كأن يقول له، عاملتك على الأرض لتزرعها، والغلة الحاصلة بيننا نصفان (قوله: ليزرعها) أي الأرض ذلك الغير الذي هو العامل، وقوله بجزء معلوم، أي على جزء معلوم، كربع، ونصف، وقوله مما يخرج منها، متعلق بمحذوف صفة لجزء، أي جزء كائن مما يخرج من الأرض، أي من الزرع الحاصل فيها (قوله: والبذر من المالك) أي والحال أن البذر كائن من المالك، فالجملة حالية (قوله: فهي مخابرة) الضمير يعود على المعاملة المفهومة من أن يعامل، أي فإن كان البذر من المالك فالمعاملة على الأرض، وتسمى مخابرة.

ولا يصح رجوعه للمزارعة، كما هو ظاهر (قوله: وهما) أي المزارعة والمخابرة، وقوله باطلان: أي استقلالا فقط في المزارعة، ومطلقا في المخابرة.

وقد نظم بعضهم ذلك بقوله: مزارعة بطلانها مستقلة مخابرة بطلانها مطلقا نقل وصاحب بذر مالك الأرض في التي بدأنا وبذر في الأخيرة من عمل قال في شرح المنهج، وإنما لم تصح المخابرة تبعا، كالمزارعة، لعدم ورودها كذلك.

اه.

(قوله: للنهي عنهما) أي عن المزارعة والمخابرة في الصحيحين.

قال البجيرمي: صيغة النهي الواردة في المخابرة، كما في الدميري نقلا عن سنن أبي داود، من لم يذر المخابرة، فليؤذن بحرب من الله ورسوله.

اه.

والمعنى في المنع فيهما أن تحصيل منفعة الأرض ممكنة بالإجارة، فلم يجز العمل فيها ببعض ما يخرج منها، كالمواشي، بخلاف الشجر، فإنه لا يمكن عقد الإجارة عليه، فجوزت المساقاة للحاجة (قوله: واختار السبكي الخ) عبارة شرح المنهج، واختار النووي من جهة الدليل صحة كل منهما مطلقا، تبعا لابن المنذر وغيره.

قال: والأحاديث مؤولة على ما إذا شرط لواحد زرع قطعة معينة ولآخر أخرى، والمذهب ما تقرر.

ويجاب عن الدليل المجوز لهما، بحمله في المزارعة على جوازها تبعا أو بالطريق الآتي.

وفي المخابرة: على جوازها بالطريق الآتي.

اه.

(قوله: وعلى المرجح) هو عدم الجواز (قوله: فلو أفردت الأرض بالمزارعة) التقييد بالإفراد لإخراج ما لو لم تفرد، بأن عقد عليها تبعا للمساقاة، فإنه لا يقع المغل فيها للمالك، بل يكون بينهما، وقوله فالمغل للمالك، أي لأن البذر له، والزرع تابع له.

قال م ر: فلو كان البذر لهما فالغلة لهما، ولكل على الآخر أجرة ما صرفه من منافعه على حصة صاحبه (قوله: وعليه للعامل أجرة عمله) أي وعلى المالك للعامل أجرة عمله ودوابه وآلاته لبطلان العقد، ولا يمكن إحباط عمله مجانا، ولا فرق بين أن يسلم الزرع أو يتلف (قوله: وإن أفردت الأرض بالمخابرة) التقييد بالإفراد هنا غير ظاهر، لما مر من أنها باطلة مطلقا، فكان الأولى أن يقول فلو حصلت أو وجدت

المخابرة في الأرض وقوله فالمغل للعامل، أي لأنه مالك البذر، وقوله وعليه، أي العامل، وقوله أجرة مثلها، أي الأرض، وإن زادت الأجرة على الخراج (قوله: وطريق جعل الغلة لهما الخ) أشار بذلك لحيلة تسقط الأجرة، وتجعل الغلة مشتركة بين المالك والعامل في إفراد المزارعة وفي المخابرة وعبارة الروض مع شرحه، فإن أراد صحة ذلك فليستأجر العامل من المالك نصف الأرض بنصف منافعه، ومنافع آلاته، ونصف البذر إن كان منه.

قال في الأصل: أو يستأجره بنصف البذر، ويتبرع بالعمل والمنافع، أو يقرض المالك نصف البذر، ويستأجر منه نصف الأرض بنصف عمله وعمل آلاته.

وإن كان البذر من المالك استأجره، أي المالك، العامل بنصف البذر ليرزع له نصف الأرض، ويعيره نصف الأرض الآخر وإن شاء استأجره بنصف البذر ونصف منفعة تلك الأرض ليزرع له باقيه في باقيها.

اه.

(قوله:

ص: 149

يكتري العامل نصف الارض بنصف البذر ونصف عمله ونصف منافع آلاته، أو بنصف البذر ويتبرع بالعمل والمنافع إن كان البذر منه، فإن كان من المالك استأجرة بنصف البذر ليزرع له النصف الآخر من البذر في نصف الارض، ويعيره نصفها.

ــ

بنصف البذر) أي ويسلمه للمالك، لئلا يتحد القابض والمقبض، وقوله ونصف عمله، هو وما بعده معطوفان على نصف البذر، واغتفر الجهل في الأمور المذكورة، للضرورة (قوله: أو بنصف البذر) أي أو يكتري العامل نصف الأرض بنصف البذر، ويتبرع بالعمل (قوله: إن كان البذر منه) أي من العامل (قوله: فإن كان) أي البذر من المالك: أي مالك الأرض، وهذه طريق جعل الغلة بينهما في المزارعة، والأولى للمخابرة وقوله استأجره، أي استأجر المالك العامل.

وقوله ويعيره نصفها، أي يعير العامل نصف الأرض، فيكون حينئذ لكل منهما نصف المغل شائعا.

(واعلم) أن الطريق المذكورة وغيرها تقلب المزارعة والمخابرة إجارة، فلا بد من رعاية الرؤية وتقدير المدة وغيرهما من شروط الإجارة، كما في التحفة، والمغني، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 150