الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النكاح
ــ
باب النكاح
هذا هو الربع الثالث من الفقه.
وإنما قدموا العبادات لأنها أهم، ثم المعاملات لأن الاحتياج إليها أهم، ثم ذكروا الفرائض في أول النصف الثاني للإشارة إلى أنها نصف العلم، ثم النكاح لأنه إذا تمت شهوة البطن يحتاج لشهوة الفرج، ثم الجنايات لأن الغالب أن الجناية تحصل بعد استيفاء شهوتي البطن والفرج، ثم الأقضية والشهادات لأن الإنسان إذا وقعت منه الجنايات رفعوه للقاضي واحتاجوا للشهادة عليه، ثم ختموا بالعتق رجاء أن يختم الله لهم بالعتق من النار.
والنكاح من الشرائع القديمة، فإنه شرع من لدن آدم عليه السلام واستمر حتى في الجنة، فإنه يجوز للإنسان النكاح في الجنة، ولو لمحارمه، ما عدا الأصول والفروع، فلا ينكح أمه ولا بنته فيها.
قال الأطباء: ومقاصد النكاح ثلاثة: حفظ النسل، وإخراج الماء الذي يضر احتباسه بالبدن، ونيل اللذة.
وهذه الثالثة هي التي تبقى في الجنة، إذ لا تناسل هناك ولا احتباس، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع، فمن الأول قوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * (1) وقوله تعالى: * (وأنكحوا الأيامى منكم) *.
(2)
ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: من أحب فطرتي فليستسن بسنتي، ومن سنتي النكاح وفي رواية: فمن رغب عن سنتي فمات قبل أن يتزوج صرفت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة
وقال صلى الله عليه وسلم: من ترك التزويج مخافة العالة (3) فليس مني وأخرج الإمام أحمد ومسلم عن ابن عمر: الدنيا كلها متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة وابن ماجة عن أبي أمامة: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله والطبراني عن ابن مسعود تزوجوا الأبكار، فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما، وأرضى باليسر والبيهقي عن أبي سعيد وابن عباس رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه، وإذا بلغ فليزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما فإنما إثمه على أبيه وروي أنه: دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عكاف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عكاف ألك زوجة؟ قال: لا، قال ولا جارية؟ قال ولا جارية.
قال وأنت بخير موسر؟ قال وأنا بخير موسر.
قال أنت من إخوان الشياطين.
لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم.
إن من سنتي النكاح: شراركم عزابكم، أراذل أمواتكم عزابكم رواه الإمام أحمد في مسنده.
وقد نظم ابن العماد هذا المعنى في قوله: شراركم عزابكم جاء الخبرأراذل الأموات عزاب البشر وفي المجالس السنية للفشني ما نصه: قال بعض الشراح إنما كان من لا يتزوج أو يتسرى مع القدرة عليه من شرار الأمة في الأحياء وأراذلها في الأموات لمخالفته ما أمر الله به ورسوله وحث عليه، وسمي من شرار الخلق لعدم غض بصره وتحصين فرجه، ولعدم ستر شطر دينه، للأخبار الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: من تزوج فقد ستر شطر دينه، فليتق الله في الشطر الآخر وأيضا فإن مثل هذا لا يؤمن غالبا على النساء ولا على المجاورة في السكنى وغيرها.
فربما تسلط الشيطان فيقع الفساد.
اه.
(1) سورة النساء، الاية:3.
(2)
سورة النور، الاية:32.
(3)
لعلها العلية
وهو لغة الضم والاجتماع.
ومنه قولهم تناكحت الاشجار: إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض.
وشرعا عقد يتضمن إباحة وطئ بلفظ إنكاح أو تزويج، وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطئ على الصحيح (سن) أي
ــ
(وحكي) أبو العباس أحمد بن يعقوب أنه رؤي معروف الكرخي في النوم، فقيل له ما صنع الله بك؟ قال أباحني الجنة، غير أن في نفسي حسرة: إني خرجت من الدنيا ولم أتزوج (وحكي) أن بعض الصالحين كان يعرض عليه التزوج فيأبى برهة من دهره، فانتبه من نومه ذات يوم وقال
زوجوني، فزوجوه، فسئل عن ذلك: فقال لعل الله يرزقني ولدا ويقبضه فيكون لي مقدمة في الآخرة.
ثم قال رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وكنت من جملة الخلائق في الموقف وبي من العطش والكرب ما كاد أن يقطع عنقي، وكذا الخلائق في شدة العطش والكرب، فنحن كذلك إذ ولدان قد ظهروا وبأيديهم أباريق من فضة مغطاة بمناديل من نور وهم يتخللون الجموع ويتجاوزون أكثر الناس ويسقون واحدا بعد واحد، فمددت يدي إليهم وقلت لبعضهم اسقني فقد أجهدني العطش، فنظر إلي وقال ليس لك ولد فينا، إنما نسقي آباءنا وأمهاتنا.
فقلت من أنتم؟ فقالوا: نحن أطفال المسلمين وأركان النكاح خمسة: زوج، وزوجة، وولي، وشاهدان، وصيغة (قوله: وهو لغة الضم والاجتماع) عطف الاجتماع على الضم من عطف العام على الخاص.
وعبارة شيخ الإسلام والتحفة والنهاية، هو لغة الضم والوطئ.
اه.
فأفادت أنه يطلق لغة على الوطئ كما يطلق على الضم والاجتماع.
وعبارة الخطيب: والعرب تستعمله بمعنى العقد والوطئ جميعا.
اه.
وكتب البجيرمي: عليها، أي يطلق على كل منهما، فهو من قبيل المشترك، فيكون حقيقة فيهما.
اه.
ونقل الباجوري عن النووي في شرح مسلم مثله فقال: قال النووي في شرح مسلم: هو لغة الضم والوطئ.
ثم قال: قال الواحدي: قال أبو القاسم الزجاجي النكاح في كلام العرب بمعنى العقد والوطئ، ثم قال وقال أبو علي الفارسي فرقت العرب بينهما فرقا لطيفا: فإذا قالوا نكح فلانة أو بنت فلانة أرادوا عقد عليها، وإذا قالوا نكح امرأته أو زوجته أرادوا وطئها.
اه.
بتصرف.
وأورد البرماوي على هذا بأن فيه تساهلا لأن الوطئ والعقد من معناه الشرعي، وهو كما قال، وإن رده الباجوري.
فتنبه (قوله: ومنه) أي من النكاح بمعناه اللغوي الذي هو الضم والاجتماع، وقوله قولهم: أي العرب.
وقوله إذا تمايلت الخ: أي تقول ذلك إذا تمايلت الأشجار وانضم بعضها إلى بعض، وهذا هو محل الاستدلال.
وسمي المعنى الشرعي بذلك لما فيه من ضم أحد الوجهين إلى الآخر (قوله: وشرعا عقد الخ) اعلم أنه اختلف في كون عقد النكاح عقد إباحة أو تمليك على وجهين: أوجههما أنه عقد إباحة، وعليه التعريف المذكور.
ويظهر أثر الخلاف فيما لو حلف لا يملك شيئا وله زوجة، فعلى الأول لا يحنث، وعلى الثاني يحنث.
قال في المغني: واختار المصنف عدم الحنث إذا لم يكن له فيه، إذ لا يفهم منه الزوجية.
اه.
وقوله واختار عدم الحنث: أي حتى على أنه تمليك بدليل التعليل، وقال فيه أيضا: ويظهر أثر الخلاف فيما لو طئت بشبهة إن قلنا إنه ملك فالمهر له، وإلا فلها.
اه.
وهذا مبني على أن المراد بالملك ملك المنفعة، والمعتمد أن المراد به ملك الانتفاع فعليه المهر لها مطلقا.
وفي حاشية الجمل منا نصه.
(فرع) المعقود عليه في النكاح: حل الاستمتاع اللازم المؤقت بموت أحد الزوجين.
ويجوز رفعه بالطلاق وغيره، وقيل المعقود عليه عين المرأة، وقيل منافع البضع.
اه.
وقوله يتضمن إباحة وطئ: أي يستلزمها، وقوله بلفظ إنكاح: متعلق بمحذوف، أي عقد يحصل بلفظ إنكاح الخ: أي بلفظ مشتق إنكاح أو مشتق تزويج.
وخرج به بيع الأمة فإنه عقد يتضمن إباحة وطئ، لكن لا بلفظ إنكاح أو تزويج، وإنما قلنا أي بلفظ مشتق الخ لأنهما مصدران، والمصدر كناية لا ينعقد به النكاح.
اه.
بجيرمي (قوله: وهو) أي لفظ النكاح.
وقوله حقيقة في العقد مجاز في الوطئ: لا يرد عليه قوله تعالى: * (حتى تنكح زوجا غيره) * لأن المراد به فيه العقد.
وأما الوطئ فهو مستفاد من خبر حتى تذوقي عسيلته ويذوق
(1) سورة البقرة، الاية: 230
النكاح (لتائق) أي محتاج للوطئ - وإن اشتغل بالعبادة - (قادر) على مؤنة - من مهر، وكسوة فصل تمكين، ونفقة يومه - للاخبار الثابتة في السنن - وقد أوردت جملة منها في كتابي (إحكام أحكام النكاح) - ولما فيه من حفظ الدين وبقاء النسل.
وأما التائق العاجز عن المؤن فالاولى له تركه وكسر حاجته بالصوم - لا بالدواء - وكره
ــ
عسيلتك فالعقد مستفاد من الكتاب، والوطئ مستفاد من السنة.
والمراد به في ذلك الوطئ مجازا مرسلا: من إطلاق اسم السبب على المسبب بقرينة الخبر المذكور.
وقوله على الصحيح: مقابله قولان أحدهما أنه حقيقة في الوطئ مجاز في العقد، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه، وثانيهما أنه حقيقة فيهما بالاشتراك كعين، وعليه حمل النهي في قوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (1) فإن المراد النهي عن العقد وعن الوطئ بملك اليمين معا على استعمال المشترك في معنييه.
قال في المغني: وتظهر فائدة الخلاف فيمن زنى بامرأة فإنها تحرم على والده وولده عندهم لا عندنا.
قاله الماوردي والروياني.
وفيما لو علق الطلاق على النكاح فإنه يحمل على العقد عندنا، لا بالوطئ، إلا إن نوى.
اه.
وقوله عندنا: أي وأما عندهم فيحمل على الوطئ، ويفرق بينهما بالقرائن (قوله: سن الخ) ذكر له أربعة أحكام: السنية لتائق قادر على المؤن وخلاف الأولى لتائق غير قادر عليها، والكراهة لغير قادر وغير تائق، والوجوب لناذر له حيث ندب في حقه.
وبقي الحرمة، وهي في حق من لم يقم بحقوق الزوجية (قوله: أي النكاح) تفسير للضمير المستتر، ويتعين أن يراد به التزوج، وهو القبول، إذ هو الذي من طرف الزوج.
ففي كلام المصنف شبه استخدام حيث ذكر النكاح أولا في الترجمة بمعنى العقد المركب من الإيجاب والقبول، وذكره ثانيا بمعنى آخر وهو القبول الذي هو أحد طرفيه.
وأما الإيجاب الذي هو الطرف الآخر فمتعلق بالولي فلا قدرة للزوج عليه، وهو أيضا مستحق إن كانت المرأة تائقة، فيستحب لها النكاح بمعنى التزوج الذي هو الإيجاب لكن بواسطة الولي.
وفي معنى التائقة المحتاجة للنفقة والخائفة من اقتحام الفجرة، بل إن لم تندفع الفجرة عنها إلا بالنكاح وجب، فإن لم تكن تائقة ولا محتاجة ولا خائفة كره لها لأنها يخشى منها
أن لا تقوم بحقوق الزوجية مع عدم السبب المقتضي للنكاح.
وقوله لتائق: متعلق بسن، وقوله أي محتاج للوطئ: تفسير مراد له (قوله: وإن اشتغل بالعبادة) غاية في سنيته لمن ذكر.
والمناسب تأخيرها عن القيد الثاني.
أعني قوله قادر الخ، أي سن له ذلك مطلقا سواء كان مشتغلا بالعبادة أم لا.
وذلك لوجود التوقان مع القدرة، بخلاف غير التائق القادر على المؤنة.
فإن كان يتخلى للعبادة فهي أفضل، وإلا فهو أفضل لئلا تفضي به البطالة إلى الفواحش، كما قال بعضهم: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة (قوله: قادر على مؤنة) أي متعلقة بالنكاح زائدة عن مسكنه وخادمه ومركوبه وملبوسه (قوله: من مهر الخ) بيان للمؤنة، والمراد به الحال.
وقوله وكسوة فصل تمكين: أي الفصل الذي حصل التمكين فيه.
وقوله ونفقة يومه: أي يوم التمكين، أي وليلته، وعبر في جانب الكسوة بالفصل وفي جانب النفقة باليوم: لأن العبرة في الكسوة بفصل التمكين، كفصل الشتاء أو الصيف، وفي النفقة بيوم التمكين، أي وليلته (قوله: للأخبار الثابتة في السنن) هو تعليل لسنيته لمن ذكر (قوله: وقد أوردت حملة منها) أي من الأخبار، وقد علمت في أول الباب معظم ذلك، ومنها غير ما تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أي قاطع لتوقانه والباءة، بالمد، لغة الجماع، والمراد بها هو مع المؤنة لرواية من كان منكم ذا طول فليتزوج (قوله: إحكام أحكام النكاح) الأولى بكسر الهمزة: مصدر بمعنى إتقان، والثانية بالفتح جمع حكم.
وفي بعض نسخ الخط إسقاط الأولى (قوله: ولما فيه) أي النكاح، وهو معطوف على للأخبار (قوله: وأما التائق العاجز عن المؤن) هذا مفهوم قوله قادر على مؤنة، والأنسب أن يقول وخرج بقولي قادر العاجز (قوله: فالأولى له تركه) أي لقوله تعالى: * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) * ولمفهوم حديث من استطاع الخ (قوله: وكسر
(1) سورة البقرة، الاية:221.
(2)
سورة النور، الاية: 33
لعاجز عن المؤن غير تائق.
ويجب بالنذر، حيث ندب.
(و) سن (نظر كل) من الزوجين بعد العزم على النكاح وقبل الخطبة (الآخر غير عورة) مقررة في شروط الصلاة.
فينظر من الحرة وجهها ليعرف جمالها، وكفيها ظهرا
ــ
حاجته الخ) معطوف على تركه: أي والأولى له كسر حاجته: أي شهوته بالصوم لحديث من استطاع المار والمراد الصوم الدائم لأنه يثير الحرارة والشهوة في ابتدائه، ولا تنكسر إلا بدوامه.
وفي البجيرمي: قال العلماء الصوم يثير الحركة والشهوة أولا، فإذا داوم سكنت.
قال ابن حجر: ولا دخل للصوم في المرأة، لأنه لا يكسر شهوتها.
قال سم: في إطلاقه
نظر: ما المانع أنها كالرجل إذا كانت حاجتها الشهوة فتكسرها بالصوم؟ فليراجع.
وفيه أن هذا أمر طبي لا دخل للفقهاء فيه.
فكيف يقول ما المانع؟ اه.
(قوله: لا بالدواء) معطوف على بالصوم: أي لا كسر حاجته بالدواء ككافور، بل يتزوج ويتوكل على الله، فإن الله تكفل بالرزق للمتزوج بقصد العفاف، فإن كسرها به، فإن قطع الشهوة بالكلية حرم، وإن لم يقطعها بالكلية بل يفترها كره.
ومثل هذا التفصيل يجري في استعمال المرأة شيئا يمنع الحبل، فإن كان يقطع من أصله حرم، وإلا بأن كان يبطئه كره.
وفي البجيرمي ما نصه: واختلفوا في جواز التسبب في إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم فقال أبو إسحاق المروزي يجوز إلقاء النطفة والعلقة، ونقل ذلك عن أبي حنيفة رضي الله عنه.
وفي الإحياء، في مبحث العزل، ما يدل على تحريمه، وهو الأوجه، لأنها بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق المهيأ لنفخ الروح، ولا كذلك العزل.
اه.
ابن حجر.
والمعتمد أنه لا يحرم إلا بعد نفخ الروح فيه.
اه.
وسيذكره الشارح في آخر باب الجناية (قوله: وكره) أي النكاح بمعنى التزوج الذي هو القبول، كما تقدم.
وقوله لعاجز عن المؤن غير تائق، هذا مفهوم قوله تائق، فهو على اللف والنشر المشوش.
والأنسب هنا أيضا أن يقول وخرج بقولي تائق غيره فيكره إن عجز عن المؤنة.
وعبارة المنهج وشرحه، وكره النكاح لغيره، أي غير التائق له، لعلة أو غيرها إن فقدها، أي أهبته، أو وجدها وكان به علة كهرم وتعنين لانتفاء حاجته إليه مع التزام فاقد الأهبة ما لا يقدر عليه وخطر القيام بواجبه فيمن عداه، وإلا بأن وجدها ولا علة به فتخل لعبادة أفضل.
اه (قوله: ويجب بالنذر حيث ندب) أي إذا نذر النكاح وجب عليه إن ندب في حقه بأن كان تائقا قادرا على المؤنة، وهذا ما جرى عليه ابن حجر، ونص عبارته: نعم حيث ندب لوجود الحاجة والأهبة وجب بالنذر على المعتمد الذي صرح به ابن الرفعة وغيره.
اه.
والذي اعتمده م ر خلافه، ونص عبارته: ولا يلزم بالنذر مطلقا، وإن استحب، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، خلافا لبعض المتأخرين.
اه.
وعدم الانعقاد عنده نظرا لكون أصله الإباحة، والاستحباب فيه عارض.
نعم: قد يجب بغير النذر فيما لو خاف على نفسه العنت وتعين طريقا لدفعه مع قدرته.
وبحث بعضهم أيضا وجوبه فيما لو طلق مظلومة في القسم ليوفيها حقها من نوبة المظلوم لها (قوله: وسن نظر الخ) وذلك لما روي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب أحدكم المرأة، أي أراد خطبتها: - بدليل رواية أخرى -، فلا جناح عليه أن ينظر إليها وإن كانت لا تعلم رواه أبو داود والطبراني وأحمد.
وأخرج ابن النجار وغيره عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت جارية من الأنصار فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رأيتها؟ فقلت لا.
قال فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما، أي تدوم المودة والألفة، فأتيتهم فذكرت ذلك إلى والديها، فنظر أحدهما إلى صاحبه فقمت
فخرجت، فقالت الجارية علي بالرجل، فوقفت ناحية خدرها، فقالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر إلي فانظر، وإلا فأنا أحرج عليك أن تنظر فنظرت إليها، فتزوجتها، فما تزوجت امرأة قط أحب إلي منها ولا أكرم علي منها، وقد تزوجت سبعين امرأة (قوله: بعد العزم على النكاح) متعلق بسن أو بنظر.
وخرج به ما إذا كان قبل العزم فلا يسن، بل يحرم لأنه لا حاجة إليه قبله (قوله: وقبل الخطبة) خرج به ما إذا كان بعدها فلا يسن النظر.
نعم، يجوز، كما في التحفة، ونصها: وظاهر كلامهم أنه لا يندب النظر بعد الخطبة لأنه قد يعرض فتتأذى هي أو أهلها وأنه مع ذلك يجوز لأن فيه مصلحة أيضا، فما قيل يحتمل حرمته لأن إذن الشارع لم يقع إلا فيما قبل الخطبة يرد بأن الخبر مصرح بجوازه بعدها فبطل حصره، وإنما أولوه بالنسبة للأولوية، لا الجواز، كما هو واضح.
اه (قوله: الآخر) مفعول المصدر المضاف لفاعله وهو نظر: أي سن أن ينظر كل الآخر، وهو قيد خرج به النظر إلى نحو ولد المخطوبة الأمرد، فلا يجوز له نظره وإن
وبطنا ليعرف خصوبة بدنها.
وممن بها رق - ما عدا ما بين السرة والركبة - وهما ينظران منه ذلك.
ولا بد في حل النظر من تيقنه خلوها من نكاح وعدة، وأن لا يغلب على ظنه أنه لا يجاب.
وندب لمن لا يتيسر له النظر أن يرسل نحو امرأة لتتأملها وتصفها له.
وخرج بالنظر: المس، فيحرم - إذ لا حاجة إليه.
(مهمة) يحرم على الرجل - ولو شيخا هما - تعمد نظر شئ من بدن أجنبية - حرة أو أمة - بلغت حدا
ــ
بلغه استواؤهما في الحسن، خلافا لمن وهم فيه وزعم أن هذا حاجة مجوزة ممنوع: إذ الاستواء في الحسن المقتضي لكون نظره يكفي عن نظرها في كل ما هو المقصود منه يكاد يكون مستحيلا.
اه.
تحفة (قوله: غير عورة) منصوب على الاستثناء أو على البدلية من الآخر.
وقوله مقررة في شروط الصلاة: وهي للرجل والأمة ما بين السرة والركبة، وللحرة جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها (قوله: فينظر من الحرة وجهها الخ) أي ولو بشهوة أو خوف فتنة، كما قاله الإمام والروياني، وإن قال الأذرعي في جواز نظره بشهوة نظر، والمعتمد الجواز، ولو بشهوة، وله تكريره إن احتاج إليه، ولو فوق الثلاث، حتى يتبين له هيئتها، فإن لم يحتج إليه لكونه تبين له هيئتها بنظرة حرم ما زاد عليها، لأن الضابط في ذلك الحاجة.
وإذا لم تعجبه سكت ولا يقول لا أريدها، ولا يترتب على سكوته منع خطبتها لأن السكوت إذا طال وأشعر بالإعراض جازت، وضرر الطول دون ضرر لا أريدها.
فاحتمل.
أفاده م ر (قوله: ليعرف جمالها) علة لنظره وجهها (قوله: وكفيها) معطوف على وجهها: أي وينظر كفيها.
وقوله لعيرف خصوبة بدنها: علة له، والخصوبة النعومة.
وفي الخطيب، والحكمة في الاقتصار على الوجه والكفين أن في الوجه ما يستدل به على الجمال، وفي اليدين ما يستدل به على خصب البدن.
اه.
وكتب البجيرمي ما نصه: قد يقال هذه الحكمة توجد في الأمة، فمقتضاها أنه لا ينظر من الأمة إلا الوجه والكفين، كالحرة، للحكمة المذكورة، وأجيب بأن الحكمة لا يلزم اطرادها.
اه.
(قوله: وممن الخ) معطوف على من الحرة، أي وينظر من المرأة التي قام بها الرق، أي اتصفت به كلا أو بعضا، ما عدا ما بين السرة والركبة.
قال في
التحفة: ولا يعارضه ما يأتي أنها كالحرة في نظر الأجنبي إليها لأن النظر هنا مأمور به، ولو مع خوف الفتنة، فأنيط بما عدا عورة الصلاة.
وفيما يأتي منوط بخوف الفتنة، وهو جار فيما عدا الوجه والكفين مطلقا.
اه.
(قوله: وهما) أي الحرة والأمة.
وقوله تنظران منه، أي الرجل الخاطب إذا أرادتا تزوجه لأنهما يعجبهما منه ما يعجبه منهما.
وقوله ذلك: أي ما عدا ما بين السرة والركبة، وقيل الحرة تنظر منه ما ينظر منها فقط، وهو الوجه والكفان (قوله: ولا بد في حل النظر الخ) ذكر لحل النظر قيدين: تيقن الخلو من نكاح وعدة، وغلبة ظنه أنه يجاب.
وتقدم قيد أيضا له وهو العزم على النكاح، فلو انتفى أحد هذه القيود حرم عليه النظر لعدم وجود مسوغ، وقوله من تيقن خلوها من نكاح، قال سم: أو ظنه.
وقوله وعدة، أي وخلوها من عدة.
أي تحرم التعريض، كالرجعية، فإن لم تحرمه جاز النظر وإن علمت به لأن غايته أنه كالتعريض، فإطلاق بعضهم حرمته في العدة إذا كان بإذنها أو مع علمها بأنه لرغبته في نكاحها ينبغي حمله على ما ذكرته.
اه.
تحفة (قوله: وأن لا يغلب على ظنه الخ) المصدر معطوف على تيقن، أي ولا بد من عدم غلبة عدم الإجابة على الظن.
وقوله أنه أي الخاطب.
وقوله لإيجاب: أي لا يقبل إذا خطب (قوله: وندب لمن لا يتيسر له النظر) أي أو لا يريده بنفسه.
وقوله أن يرسل الخ: وذلك لما روى الإمام أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث امرأة تخطب له امرأة، فقال انظري إلى وجهها وكفيها وعراقيبها، وتسمى عوارضها وقوله نحو امرأة: أي كمحرم لها وممسوح.
وقوله ليتأملها، الضمير المستتر يعود على نحو المرأة، والبارز يعود على المخطوبة.
وقوله ويصفها له، أي للمرسل الخاطب، ويجوز أن يصف له زائد على ما لا يحل له نظره.
فيستفيد بالإرسال ما لا يستفيد بالنظر.
قال في التحفة: وهذا لمزيد الحاجة إليه مستثنى من حرمة وصف امرأة لرجل.
اه (قوله: وخرج بالنظر المس فيحرم) أي ولو لأعمى فلا يجوز له المس، بل يوكل من ينظر له.
وقوله إذ لا حاجة إليه: أي إلى المس، وهو تعليل لحرمته (قوله مهمة) أي في بيان النظر المحرم والجائز وغير ذلك.
وحاصله إنه إما أن يمتنع مطلقا، وذلك في الأجنبية،
تشتهى فيه - ولو شوهاء أو عجوزا - وعكسه، خلافا للحاوي - كالرافعي - وإن نظر بغير شهوة أو مع أمن الفتنة
ــ
وإما أن يجوز مطلقا، وذلك في الزوجة والأمة، وإما أن يجوز لما عدا ما بين السرة والركبة، وذلك في المحارم والأمة المزوجة والمعتدة، وإما أن يجوز لأجل الخطبة، وذلك للوجه والكفين في الحرة، وما عدا ما بينالسرة والركبة في الأمة، وإما أن يجوز لأجل المداواة، وذلك في محل الحاجة، وإما للمعاملة والشهادة، وذلك للوجه فقط.
فإن كن للشهادة على رضاع أو زنا فبالنظر لذلك المحل وإما أن يكون لتقليب أمة يريد شراءها، وذلك إلى المواضع التي يحتاج إلى تقليبها من
البدن ما عدا ما بين السرة والركبة.
اه.
بجيرمي بتصرف (قوله: يحرم على الرجل الخ) وذلك لقوله تعالى: * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) * (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: النظرة سهم مسموم من سهام إبليس المرجوم، لأنها تدعو إلى الفكر، والفكر يدعو إلى الزنا وقوله عليه السلام: العين تزني، والقلب يصدق ذلك أو يكذبه ولذلك قال بعضهم: كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر يسر ناظره ما ضر خاطره لا مرحبا بسرور عاد بالضرر والمراد بالرجل: الذكر البالغ، ولو احتمالا، فدخل الفحل وهو الذي بقي ذكره وأنثياه، والخصي وهو من قطع أنثياه وبقي ذكره، والمجبوب وهو من قطع ذكره وبقيت أنثياه، والخنثى المشكل لاحتمال ذكورته.
وأما الممسوح فهو مع النساء الأجانب كالمحرم، وأما المجنون فلا يوصف بتحريم ولا تحليل كالبهيمة، لكن يلزم المرأة الاحتجاب عنه.
وخرج بالذكر الأنثى فيحل نظرها لمثلها، وبالبالغ الصبي، لكن المراهق كالبالغ على الأصح.
ومعنى حرمة النظر فيه، مع أنه غير مكلف، أنه يحرم على وليه تمكينه منه، ويحرم على المرأة أن تنكشف عليه (قوله: ولو شيخا هما) غاية في حرمة نظر الرجل، والهم، بكسر الهاء وتشديد الميم، الشيخ الفاني (قوله: تعمد نظر الخ) فاعل يحرم.
وخرج به ما إذا حصل النظر اتفاقا فلا يحرم.
وقوله شئ من بدن أجنبية: أي ولو الوجه والكفين فيحرم النظر إليهما.
ووجه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة، وقد قال تعالى: * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) * (2) واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية.
قال في فتح الجواد: ولا ينافيه، أي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على المنع، ما نقله القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة، وعلى الرجال غض البصر لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن، بل لأن فيه مصلحة عامة بسد باب الفتنة.
نعم، الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها أخذا من قولهم يلزمها ستر وجهها عن الذمية، ولأن في بقاء كشفه إعانة على الحرام.
اه.
وقال في النهاية: حيث قيل بالتحريم وهو الراجح حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها، كما بحثه الأذرعي، لا سيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر.
اه.
وقوله المحاجر: جمع محجر، كمجلس، وهو ما يبدو من النقاب.
وفي
القاموس: المحجر من العين ما دار بها وبدا من البرقع أو ما يظهر من نقابها، كذا في ع ش، وقوله من خناجر: جمع خنجر، وهو من آلات القتل، فشبه ما يبدو من البرقع بالخنجر بجامع حصول الهلاك بكل وإن كان في المشبه به حسيا وفي المشبه معنويا (قوله: حرة أو أمة) بدل من أجنبية، وهو تعميم فيها (قوله: بلغت) أي الأجنبية.
(وقوله: تشتهي فيه) أي في ذلك الحد، والمراد تشتهي لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها.
وخرج به الصغيرة التي لا تشتهي فيحل النظر إليها لأنها ليست مظنة الشهوة إلا الفرج فيحرم النظر إليه إلا لنحو الأم زمن الرضاع والتربية فلا يحرم، كما سيأتي (قوله: ولو شوهاء أو عجوزا) غاية في حرمة النظر للأجنبية، أي يحرم النظر إلى الأجنبية ولو كانت شوهاء، أي قبيحة المنظر أو عجوزة ولو مع أمن الفتنة، إذ ما من ساقطة إلا ولها لاقطة.
وما أحسن ما قيل في هذا المعنى:
(1) سورة النور، الاية:30.
(2)
سورة النور، الاية: 30
على المعتمد، لا في نحو مرآة، كما أفتى به غير واحد وقول الاسنوي، تبعا للروضة، الصواب حل النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة: ضعيف، وكذا اختيار الاذرعي قول جمع يحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة ولا يحل النظر إلى عنق الحرة ورأسها قطعا.
وقيل يحل مع الكراهة النظر بلا شهوة وخوف فتنة إلى
ــ
لكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يوما لها سوق (قوله: وعكسه) فاعل لفعل محذوف: أي ويحرم عكسه، وهو تعمل نظر الاجنبية لشئ من بدن أجنبي وإن لم تخف فتنة ولم تنظر بشهوة، وذلك لقوله تعالى: * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) * (1)، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر ميمونة وأم سلمة، وقد رآهما ينظران لابن أم مكتوم، بالاحتجاب منه، فقالت له أم سلمة: أليس هو أعمى لا يبصر؟ فقال ألستما تبصرانه؟ (قوله: خلافا للحاوي كالرافعي) راجع لصورة العكس فقط فإنهما خالفا في ذلك حيث قالا بجواز نظر المرأة إلى بدن الأجنبي، واستدلا بنظر عائشة رضي الله عنها إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يراها، ورد بأنه ليس في الحديث أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم، وإنما نظرت لعبهم وحرابهم.
ولا يلزم منه تعمد نظر البدن، وإن وقع بلا قصد صرفته حالا أو أن ذلك كان قبل نزول آية الحجاب، أو أنها كانت لم تبلغ مبلغ النساء.
وعبارة المنهاج: والأصح جواز نظر المرأة إلى بدن أجنبي سوى ما بين سرته وركبته إن لم تخف فتنة.
قلت الأصح التحريم كهو إليها.
والله أعلم.
اه.
وقوله أولا والأصح، أي عند الرافعي (قوله: وإن نظر بغير شهوة) غاية في حرمة تعمد نظر الرجل، ولو قدمها على قوله وعكسه ثم قال ومثله العكس لكان أولى: أي يحرم تعمد النظر وإن نظر بغير شهوة وهي التلذذ بالنظر.
وقوله أو مع أمن الفتنة: هي ميل النفس ودعاؤها إلى الجماع.
وقوله على المعتمد: مقابله يقول
بحل النظر مع عدم الشهوة وأمن الفتنة، لكن في خصوص الوجه والكفين (قوله: لا في نحو مرآة) أي لا يحرم نظره لها في نحو مرآة كماء وذلك لأنه لم يرها فيها وإنما رأى مثالها.
ويؤيده قولهم لو علق طلاقها برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها والمرأة مثله فلا يحرم نظرها له في ذلك.
قال في التحفة: ومحل ذلك، كما هو ظاهر، حيص لم يخش فتنة ولا شهوة.
اه (قوله: كما أفتى به غير واحد) مرتبط بالنفي (قوله: وقول الأسنوي) مبتدأ خبره ضعيف.
وقوله الصواب حل النظر إلى الوجه والكفين: استدل عليه بقوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * (2) أي ما غلب ظهوره، وهو مفسر بالوجه الكفين.
ورد بأن الآية واردة في خصوص الصلاة (قوله: وكذا اختيار الأذرعي قول جمع يحل) أي الآية * (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) * (3) ويرده ما مر من سد الباب وأن لكل ساقطة لاقطة، ولا دلالة في الآية، كما هو جلي، بل فيها إشارة للحرمة بالتقييد بغير متبرجات بزينة، واجتماع أبي بكر وأنس بأم أيمن وسفيان وأضرابه برابعة رضي الله عنهم لا يستلزم النظر على أن مثل هؤلاء لا يقاس بهم غيرهم، ومن ثم جوزوا لمثلهم الخلوة، كما يأتي قبيل الاستبراء إن شاء الله تعالى - اه تحفة.
وقوله بل فيها إشارة الخ قال ع ش يتأمل وجه الإشارة، فإن ظاهرها جواز النظر إن لم تتبرج بالزينة، ومفهومها الحرمة إذا تزينت، وهو عين ما ذكره الأذرعي.
اه (قوله: ولا يحل النظر إلى عنق الحرة ورأسها قطعا) أي بلا خلاف، وذلك لأن الخلاف في الحل وعدمه إنما هو في غير عورة الصلاة وهما من العورة، وإنما نص عليهما، مع أن غيرهما من سائر أجزاء البدن غير الوجه والكفين كذلك، لئلا يتوهم أنهما كالوجه لقربهما منه.
هكذا ظهر (قوله: وقيل يحل الخ) مقابل التعميم السابق بقوله حرة أو أمة.
وعبارة المنهاج: والأصح عند المحققين أن الأمة كالحرة والله أعلم.
اه: أي لاشتراكهما في الأنوثة وخوف الفتنة، بل كثير من الإماء يفوق أكثر الحرائر جمالا، فخوفها فيهن أعظم، وضرب عمر رضي الله عنه لأمة استترت كالحرة وقال أتتشبهين بالحرائر يا لكاع؟ لا يدل للحل لاحتمال أنه لإيذائها الحرائر بظن أنهن هي: إذ الإماء كن يقصدن للزنا،
(1) سورة النور، الاية:31.
(2)
سورة النور، الاية:31.
(3)
سورة النور، الاية: 60
الامة إلا ما بين السرة والركبة لانه عورتها في الصلاة.
وليس من العورة الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة أو التذ به - كما بحثه الزركشي - وأفتى بعض المتأخرين بجواز نظر الصغير للنساء في الولائم والافراح، والمعتمد عند الشيخين عدم جواز نظر فرج صغيرة لا تشتهى، وقيل يكره ذلك.
وصحح المتولي حل نظر فرج الصغير إلى التمييز، وجزم به غيره، وقيل يحرم.
ويجوز لنحو الام نظر فرجيهما ومسه زمن الرضاع والتربية - للضرورة - وللعبد العدل النظر إلى سيدته المتصفة بالعدالة ما عدا ما بين السرة والركبة كهي.
ولمحرم - ولو
ــ
والحرائر كن يعرفن بالستر.
اه.
تحفة.
وقوله النظر الخ: فاعل يحل وخرج بالأمة المبعضة، فهي كالحرة قطعا.
وقيل
على الأصح.
وقوله إلا ما بين السرة والركبة: أي فلا يحل.
وقوله لأنه: أي ما بين السرة والركبة، وهو تعليل لعدم حل نظر ما بين سرتها وركبتها وحل ما عداه (قوله: وليس من العورة الصوت) أي صوت المرأة، ومثله صوت الأمرد فيحل سماعه ما لم تخش فتنة أو يلتذ به وإلا حرم (قوله: فلا يحرم سماعه) أي الصوت.
وقوله إلا إن خشي منه فتنة أو التذ به: أي فإنه يحرم سماعه، أي ولو بنحو القرآن، ومن الصوت: الزغاريد.
وفي البجيرمي: وصوتها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة.
وإذا قرع باب المرأة أحد فلا تجيبه بصوت رخيم، بل تغلظ صوتها، بأن تأخذ طرف كفها بفيها وتجيب.
وفي العباب: ويندب إذا خافت داعيا أن تغل صوتها بوضع ظهر كفها على فيها.
اه.
(قوله: وأفتى بعض المتأخرين بجواز نظر الصغير) إن كان مراده بهذا بيان مفهوم تقييد الحرمة بالرجل الذي هو الذكر البالغ فلا معنى لتخصيص الجواز ببعض المتأخرين ولا لتخصيصه بالولائم والأفراح، وأيضا هو ليس بمسلم لأنه يقتضي أن الصغير مطلقا يجوز له النظر مع أنه مختص بغير المراهق وإن كان ليس مراده ذلك وإنما مراده بيان أن الصغير كالرجل البالغ.
ولكن أفتى بعض المتأخرين بجواز نظره.
فصنيع عبارته لا يفيده، وأيضا هو ليس بمسلم لأن الصغير ليس كالبالغ مطلقا، بل إذا كان مراهقا فقط، وهو من قارب الاحتلام باعتبار غالب سنه وهو قريب خمس عشرة سنة، وأما إذا لم يكن مراهقا فيحل نظره بالاتفاق.
وكان المناسب والأولى أن يبين حكم غير الرجل، كأن يقول وخرج بالرجل الذي هو الذكر البالغ الأنثى فيحل نظرها لكن لمثلها والصغير فيحل نظره إذا كان غير مراهق.
وأما إذا كان مراهقا فهو كالكبير أو يقول كالمنهاج: والمراهق كالبالغ على الأصح (قوله: والمعتمد عند الشيخين) عبارة المنهاج مع المغني: والأصح حل النظر إلى صغيرة لا تشتهي إلا الفرج، فلا يحل نظره.
قال الرافعي، كصاحب العمدة، اتفاقا.
ورده في الروضة بأن القاضي جوزه جزما، فليس ذلك اتفاقا، بل فيه خلاف.
اه.
بحدف (قوله: وصحح المتولي حل نظر فرج الصغير) أي قبله، كما هو ظاهر، اه سم.
والفرق بين فرج الصغير - حيث حل النظر إليه - وفرج الصغيرة - حيث حرم النظر إليه - أن فرجها أفحش (قوله: وقيل يحرم) قال في التحفة: ويدل له خبر الحاكم أن محمد بن عياض قال: رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغري وعلي خرقة وقد كشف عورتي، فقال غطوا عورته، فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير، ولا ينظر الله إلى كاشف عورته اه (قوله: ويجوز لنحو الأم) أي من كل من يتولى الإرضاع والتربية، ولو أجنبية أو ذكرا.
وقوله نظر فرجيهما: أي الصغير والصغيرة (قوله: ومسه) الأولى ومسهما: أي الفرجين (قوله: زمن الرضاع) متعلق بيجوز: أي يجوز ذلك من الرضاع، أي مدة الرضاع سنتين أو أكثر أو أقل.
وقوله والتربية: أي وزمن التربية، أي التعهد والإصلاح
(قوله: للضرورة) علة الجواز: أي وإنما جاز ذلك لأن الضرورة داعية إليه، إذ تحتاج الأم ونحوها إلى غسل الفرج من النجاسة ودهنه للتداوي وغير ذلك (قوله: وللعبد العدل الخ) أي ويجوز للعبد العدل النظر الخ، وذلك لقوله تعالى: * (أو ما ملكت أيمانهن) * (1) ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها وقد أتاها ومعه عبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجلها، وإذا غطت به رجلها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال إنه لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك.
رواه أبو داود.
وخرج بالعدل الفاسق فلا يجوز نظره إليها ولا نظرها إليه.
والمراد بالعبد غير المشترك وغير المبعض وغير
(1) سورة النساء، الاية: 3
فاسقا أو كافرا - نظر ما وراء سرة وركبة منها، كنظرها إليه، ولمحرم ومماثل مس ما وراء السرة والركبة.
نعم: مس ظهر أو ساق محرمة كأمه وبنته وعكسه لا يحل إلا لحاجة أو شفقة.
وحيث حرم نظره حرم مسه بلا حائل لانه أبلغ في اللذة.
نعم: يحرم مس وجه الاجنبية مطلقا، وكل ما حرم نظره منه أو منها متصلا حرم نظره منفصلا: كقلامة يد أو رجل، وشعر امرأة وعانة رجل، فيجب مواراتهما وتحتجب - وجوبا مسلمة عن كافرة، وكذا عفيفة
ــ
المكاتب.
قال سم: أما هم فلا يجوز نظر واحد منهم إياها، كما لا يجوز نظرها لواحد منهم، كما صرح به في شرح الإرشاد، وصرح فيه أيضا بأن سيد المشتركة والمبعضة يجوز نظره إلى ما عدا ما بين سرتها وركبتها وقد يفرق بأن نظر الرجل أقوى لأن التمتع له بالأصالة فجاز له من النظر ما لم يجز للمرأة، ولقة جانبه جاز النظر إليه تبعا.
وفي شرح الروض: وسيأتي أنه يباح نظر الرجل إلى مكاتبته.
اه.
فانظر عكسه.
اه.
بتصرف.
وقوله المتصفة بالعدالة، خرج به غيرها، فلا يجوز نظره لها ولا نظرها له خوفا من الفتنة (قوله: ما عدا ما بين السرة والركبة) أما ما بين السرة والركبة فلا يجوز النظر إليه، ويلحق به نفس السرة والركبة احتياطا، كما في التحفة، (قوله: كهي) أي كما أنه يجوز لها هي أن تنظر إلى عبدها العدل ما عدا ذلك (قوله: ولمحرم) أي ويجوز لمحرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة.
وقوله نظر ما وراء سرة وركبة أي نظر غير السرة والركبة، أي وغير الذي بينهما أيضا بالأولى، فلا يقال إن ما وراءهما صادق بكل البدن حتى ما بينهما.
وانظر لم عبر فيما قبله بما عدا ما بين السرة والركبة وهنا بما وراء ذلك مع أن الحكم واحد فيهما؟ وعبارة الإرشاد التعبير في الكل بما وراء السرة والركبة ونصها: ولا نظر ممسوح وعبدها ومحرم وراء سرة وركبة.
اه.
وهي ظاهرة.
وقال في فتح الجواد: وما أفادته عبارته، من حرمة نظر السرة والركبة في هذه واللتين قبلها متجه لأنه الأحوط.
اه.
وقوله منها: أي من قريبته المحرم (قوله: كنظرها إليه) أي كجواز نظرها إلى ما وراء سرة وركبة من محرمها (قوله: ولمحرم ومماثل) أي امرأة مع امرأة ورجل مع رجل.
وقوله مس ما وراء السرة والركبة، أي لأنه يحل نظره، وما حل نظره حل مسه، كما يفهم من قوله بعد وحيث حرم نظره حرم مسه وكان الأولى ذكر هذا عقبه لأنه مندرج في مفهومه (قوله: نعم مس ظهر أو ساق محرمة) استدرك من جوازه مس ما وراء السرة والركبة من المحرم أو المماثل.
وعبارة م ر: وقد يحرم مس ما حل
نظره من المحرم كبطنها ورجلها وتقبيلها بلا حائل لغير حاجة ولا شفقة، بل كيدها، على مقتضى عبارة الروضة، لكن قال الإسنوي: إنه خلاف إجماع الأمة.
اه (قوله: وعكسه) أي مس المحرم كأمه وبنته لظهره أو ساقه (قوله: لا يحل) أي احتياطا كنفس السرة والركبة.
وفارق النظر بأنه أبلغ في اللذة وحاجة النظر أعم، فسومح فيه ما لم يسامح في المس.
اه.
فتح الجواد (قوله: وحيث حرم نظره حرم مسه) أي كل موضع حرم نظره حرم مسه فحرم مس الأمرد كما يحرم نظره ومس العورة كما يحرم نظرها.
وقد يحرم النظر دون المس كأن أمكن الطبيب معرفة العلة بالمس فقط، وقد يحرم المس دون النظر كمس بطن المحرم أو ظهرها.
كما علمت.
إذا علمت ذلك فالقاعدة المذكورة منطوقا ومفهوما أغلبية (قوله: بلا حائل) قال في التحفة وكذا معه إن خاف فتنة بل وإن أمنها على ما مر، بل المس أولى، اه (قوله: لأنه الخ) علة لترتب حرمة المس على حرمة النظر أو لمقدر: أي حرم مس بالأولى لأنه الخ.
وقوله أبلغ في اللذة: أي وإثارة الشهوة وإنما كان أبلغ: أي من النظر لأنه لو أنزل به أفطر، بخلاف ما لو أنزل بالنظر فلا (قوله: نعم يحرم مس وجه الأجنبية مطلقا) أي وإن حل نظره لنحو خطبة أو تعليم أو شهادة.
وعبارة التحفة، وما أفهمه المتن أنه حيث حل النظر حل المس أغلبي أيضا، فلا يحل لرجل مس وجه أجنبية وإن حل نظره لنحو خطبة أو شهادة أو تعليم، ولا لسيدة مس شئ من بدن عبدها وعكسه.
اه (قوله: وكل ما حرم نظره الخ) أي وكل جزء حرم نظره حال كون ذلك الجزء المنظور إليه متصلا حرم النظر إليه حال كونه منفصلا.
وقوله منه أو منها، تعميم في النظر: أي لا فرق في ذلك النظر بين أن يكون واقعا منه، وهذا بالنسبة لما إذا كان المنظور إليه منها أو واقعا منها، وهذا بالنسبة لما إذا كان المنظور إليه منه (قوله: كقلامة يد الخ) تمثيل للجزء المنفصل.
قال ع ش: ومثل قلامة النظر دم الفصد والحجامة لأنها أجزاء دون البول لأنه ليس جزءا.
وقال الشوبري: الذي يظهر أن نحو الريق والدم لا يحرم نظره لأنه ليس مظنة للفتنة برؤيته عند أحد.
اه (قوله: فيجب
عن فاسقة - أي بسحاق، أو زنا، أو قيادة، ويحرم مضاجعة رجلين أو امرأتين عاريين في ثوب واحد، وإن لم يتماسكا أو تباعدا مع اتحاد الفراش، خلافا للسبكي، وبحث استثناء الاب أو الام لخبر فيه بعيد جدا ويجب التفريق بين ابن عشر سنين وأبويه وإخوته في المضجع، وإن نظر فيه بعضهم بالنسبة للاب أو الام.
ويستحب
ــ
مواراتهما) الأولى مواراتها: أي القلامة والشعر والعانة، كما في النهاية، وإنما وجب ذلك لئلا ينظر إليها (قوله: وتحتجب وجوبا مسلمة عن كافرة) أي لأنه يحرم نظر الكافرة إليها على الأصح، وإذا حرم ذلك حرم على المسلمة تمكينها منه لأنها تعينها على محرم فيلزمها الاحتجاب منها.
ويجوز للمسلمة النظر إلى الكافرة لعدم محذور فيه، ولا ينافيه وجوب الاحتجاب منها لأنه لا يلزم من وجوبه حرمة نظرها إلى الكافرة، وإنما حرم النظر عليها لقوله تعالى: * (أو نسائهن) * (1) أي المؤمنات، والكافرة ليست من نساء المؤمنات ولأنها ربما تحكيها للكافر فلو جاز لها النظر لم يبق
للتخصيص فائدة.
ثم المحرم إنما هو النظر لما لا يبدو عند المهنة أما لما يبدو فيحل على المعتمد، كما في التحفة والنهاية والخطيب، ثم إن كون الحرمة على الكافرة مبني على أن الكافر مخاطبون بفروع الشريعة وهو الأصح ومحل ذلك كله في كافرة غير محرم للمسلمة وغير مملوكة لها أما هما فيجوز لهما النظر إليها (قوله: وكذا عفيفة) أي وكذا يجب أن تحتجب عفيفة عن فاسقة: أي لأنها تعينها على ما يخشى منه مفسدة.
وقوله بسحاقة.
(اعلم) أن تساحق النساء حرام ويعزرن بذلك.
قال القاضي أبو الطيب: وإثم ذلك كإثم الزنا وروي عنه: إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان (قوله: ويحرم مضاجعة الخ) أي لخبر مسلم.
لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد قال ع ش وكالمضاجعة ما يقع كثيرا في مصرنا من دخول اثنين فأكثر مغطس الحمام.
فيحرم إن خيف النظر أو المس من أحدهما لعورة الآخر.
اه.
وقوله رجلين أو امرأتين، في التعبير بذلك اشارة إلى اشتراط بلوغ الشهوة، وهو مجاوزة تسع سنين، أي ببلوغ أول العشرة، قاله م ر.
خلاقا للزركشي حيث اكتفى بمضي تسع سنين ولا فرق في ذلك بين الأجانب والمحارم، ولذا قال م ر: ولو أبا وابنه، وأما وبنتها وأخا وأخاه وأختا وأختها، فإذا كان مع الاتحاد حراما فمع عدم الاتحاد أولى: اه.
بجيرمي، وقوله عاريين خرج به إذا لم يكونا كذلك فيجوز نومهما في فراش واحد - ولو متلاصقين - وظاهره ولو انتفى التجرد من أحدهما، وهو محتمل.
بجيرمي.
(وقوله: في ثوب واحد) ومثله بالأولى ما إذا لم يكونا في ثوب أصلا وقوله مع اتحاد الفراش، أي مع كونهما في فراش واحد إلا أن أحدهما في جانب والآخر في جانب آخر.
(وقوله: خلافا للسبكي) أي فإنه يجوز ذلك مع تباعدهما وإن اتحد الفراش (قوله: وبحث استثناء الخ) أي والكلام مع العري، كما هو صريح الصنيع، اه سم.
وقوله لخبر فيه: وهو لا تباشر المرأة المرأة، ولا الرجل الرجل: إلا الوالد لولده وفي رواية إلا ولد أو والد رواه أبو داود والحاكم، وقال إنه على شرط البخاري.
قال في شرح الروض فهذه الزيادة تخصص خبر مسلم السابق ووجه ذلك قوة المحرمية بينهما وبعد الشهوة وكمال الاحتشام: وظاهر أن محله في مباشرة غير العورة وعند الحاجة على أنه يحتمل حمل ذلك على الولد الصغير.
اه.
وقال في التحفة.
وبفرض دلالة الخبر لذلك يتعين تأويله بما إذا تباعدا بحيث يؤمن تماس وريبة قطعا.
اه.
وقوله بعيد جدا خبر بحث الواقع مبتدأ (قوله: ويجب التفريق الخ) قال في شرح الروض: واحتج الرافعي بخبر مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ولا دلالة فيه، كما قاله السبكي وغيره، على التفريق بينهم وبين آبائهم وأمهاتهم.
اه.
وقوله بين ابن عشر سنين: قال في شرح
الروض: فازع فيه الزركشي وغيره فقالوا بل المعتبر السبع لخبر إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم رواه الدارقطني والحاكم، وقالوا أنه صحيح على شرط مسلم وهذا يدل على أن قوله في الخبر المشهور وفرقوا بينهم في المضاجع راجع إلى أبناء سبع وأبناء عشر جميعا.
اه.
وقوله وإخوته: أي الشاملين للأخوات عرفا (قوله: وإن نظر
تصافح الرجلين أو المرأتين إذا تلاقيا.
ويحرم مصافحة الامرد الجميل كنظره بشهوة، ويكره مصافحة من به عاهة
ــ
فيه) أي في وجوب التفريق بالنسبة للأب والأم وذلك لاستثنائهما في الخبر السابق الذي رواه أبو داود والحاكم، والمعتمد عدم استثنائهما، كما قاله الشيخان، قال في التحفة: وقد يوجه ما قالاه بأن ضعف عقل الصغير مع إمكان احتلامه قد يؤدي إلى محظور ولو بالأم، وقضية إطلاقهما حرمة تمكينها من التلاصق، ولو مع عدم التجرد، ومن التجرد، ولو مع البعد، وقد جمعهما فراش واحد، وليس ببعيد لما قررته وإن قال السبكي يجوز مع تباعدهما وإن اتحد الفراش.
اه.
وقوله ولو مع عدم التجرد: الذي في النهاية خلافه، ونصها: يجوز نومهما في فراش واحد مع عدم التجرد ولو متلاصقين فيما يظهر، ويمتنع مع التجرد في فراش واحد وإن تباعدا.
اه.
(قوله: ويستحب تصافح إلخ) أي لخبر ما من مسلمين يلتقيان يتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس إلا لقادم من سفر أو تباعد لقاء عرفا فسنة للاتباع.
ويسن تقبيل يد الحي لصلاح أو نحوه من الأمور الدينية، كعلم وزهد، ويكره ذلك لغني أو نحوه من الأمور الدنيوية، كشوكة ووجاهة، ويسن القيام لأهل الفضل إكراما، لا رياء وتفخيما.
اه.
إقناع.
وكتب البجيرمي: قوله ويسن القيام لأهل الفضل: لا ينافي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يتمثل الناس بين يديه قياما فليتبوأ مقعده من النار لأنه محمول على من أحب أن يقام له، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر أصحابه أن لا يقوموا إذا مر بهم، فمر يوما بحسان رضي الله عنه فقام وأنشد: قيامي للعزيز علي فرض وترك الفروض ما هو مستقيم عجبت لمن له عقل وفهم يرى هذا الجمال ولا يقوم! وقد أقره المصطفى صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وفيه حجة لمن قال: إن مراعاة الأدب خير من امتثال الأمر.
اه (قوله: ويحرم مصافحة الأمرد) وذلك لأنه أشد فتنة من النساء.
قال بعض التابعين: ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه.
(والحاصل) أقاويل السلف في التنفير عن المرد والتحذير من رؤيتهم ومن الوقوع في فتنتهم ومخالطتهم أكثر من
أن تحصر، وكانوا، رضوان الله عليهم، يسمون المرد الإنتان والجيف، لأن الشرع الشريف استقذر النظر إليهم، ومنع من مخالطتهم.
ولله در من قال: لا تصحبن أمردا يا ذا النهي واترك هواه وارتجع عن صحبته فهو محل النقص دوما والبلاكل البلاء أصله من فتنته (ويحكى) أن سفيان الثوري رضي الله عنه دخل عليه في الحمام أمرد حسن الوجه، فقال أخرجوه عني، فإني أرى مع كل امرأة شيطانا، ومع كل أمرد سبعة عشر شيطانا.
والأمرد هو الشاب الذي لم تنبت لحيته.
ولا يقال لمن أسن ولا شعر بوجهه أمرد، بل يقال له ثط، بالثاء والطاء المهملة، (قوله: الجميل) أي بالنسبة لطبع الناظر عند ابن حجر وقال.
م ر: الجمال هو الوصف المستحسن عرفا لذوي الطباع السليمة.
وقوله كنظره بشهوة: أي كحرمة نظر الأمرد بشهوة.
وضابط الشهوة، كما في الإحياء، إن كل من تأثر بجمال صورة الأمرد بحيث يظهر من نفسه الفرق بينه وبين الملتجي فهو لا يحل له النظر، ولو انتفت الشهوة وخيف الفتنة حرم النظر أيضا.
قال ابن الصلاح: وليس المعنى بخوف الفتنة غلبة الظن بوقوعها، بل يكفي أن لا يكون ذلك نادرا.
وما ذكره من تقييد الحرمة، بكونه بشهوة، هو ما عليه الرافعي، والمعتمد ما عليه النووي من حرمة النظر إليه مطلقا سواء كان بشهوة أو خوف فتنة أم لا.
قال في فتح الجواد: والخلوة به وإن تعدد أو مس شئ من بدنه حرام، حتى على طريقة الرافعي، لأنهما أفحش، والكلام في غير المحرم بنسب وكذا رضاع، كما هو ظاهر، لا مصاهرة فيما يظهر.
والمملوك كله الناظر بشرط كون كل منهما ثقة فيما يظهر أخذا مما مر في نظر العبد لسيدته
كالابرص والاجذم - ويجوز نظر وجه المرأة عند المعاملة ببيع وغيره للحاجة إلى معرفتها، وتعليم ما يجب تعلمه - كالفاتحة - دون ما يسن على الاوجه والشهادة تحملا وأداء لها أو عليها.
وتعمد النظر للشهادة لا يضر، وإن تيسر وجود نساء أو محارم يشهدن على الاوجه (و) يسن (خطبة) - بضم الخاء - من الولي (له) أي للنكاح الذي هو
ــ
أو عكسه.
وبه علم حل نظر عبد لسيده الأمرد.
اه (قوله: ويجوز نظر وجه المرأة) قال سم: أي بلا شهوة ولا خوف فتنة.
اه.
وخرج الوجه غيره فلا يجوز النظر إليه عند المعاملة ببيع وغيره، أي كرهن وحوالة وقراض، فإذا باع مثلا لامرأة ولم يعرفها نظر لوجهها خاصة.
ويجوز أيضا لها أن تنظر لوجهه.
وقوله للحاجة إلى معرفتها: علة للجواز، أي وإنما جاز ذلك للاحتياج إلى معرفتها لأنه ربما ظهر عيب في المبيع فيرده عليها، وهي أيضا تحتاج إلى معرفته لأنه ربما ظهر عيب في الثمن فترده إليه (قوله: وتعليم الخ) معطوف على المعاملة: أي ويجوز نظر وجه المرأة عند تعليمها ما يجب تعلمه كالفاتحة.
وأقل التشهد، وما يتعين فيه ذلك من الصنائع المحتاج إليها.
قال في النهاية: ومحل جواز ذلك عند فقد جنس ومحرم صالح وتعذره من وراء حجاب ووجود مانع خلوة، أخذا مما مر في العلاج، اه.
وكما يجوز
النظر لها لذلك يجوز النظر للأمرد لذلك، إلا إن الأوجه عدم اعتبار الشروط السابقة فيه، كما عليه الإجماع الفعلي، ويتجه اشتراط العدالة فيه وفي معلمه كالمملوك بل أولى.
وقوله كالفاتحة: تمثيل لما يجب تعلمه (قوله: دون ما يسن) أي فلا يجوز نظر وجه المرأة عند تعليم ما يسن تعلمه كالسورة.
وقوله على الأوجه: أي عند ابن حجر، والذي اعتمده م ر والخطيب التعميم.
وعبارة الأخير، والمعتمد أنه يجوز النظر للتعليم للأمرد وغيره واجبا كان أو مندوبا، وإنما منع من تعليم الزوجة المطلقة لأن كلا من الزوجين تعلقت آماله بالآخر، فصار لكل منهما طماعية في الآخر، فمنع من ذلك.
اه (قوله: والشهادة) معطوف على المعاملة أيضا: أي ويجوز نظر وجهها عند الشهادة.
وقوله تحملا وأداء: منصوبان على التمييز، أي من جهة التحمل ومن جهة الأداء.
وقوله لها أو عليها: راجع لكل منهما، والمراد بتحمل الشهادة لها أن يشهد أنها أقرضت مثلا فلانا كذا وكذا، وبتحملها عليها أن يشهد أنها اقترضت مثلا من فلان كذا وكذا.
والمراد بأداء الشهادة لها أو عليها أداؤها عند القاضي.
وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة كلفت الكشف عند الأداء إن لم يعرفها في نقابها.
وكما يجوز نظر وجهها للشهادة يجوز نظر فرجها للشهادة على الزنا تحملا لا أداء، ونظر ثدييها للشهادة على الرضاع.
وهذا كله إذا لم يخف فتنة، فإن خافها لم ينظر إلا إن تعينت عليه بأن لم يوجد غيره لكن في غير الزنا، لأنه لا يتصور التعين فيه، لأنه يسن للشاهد التستر، لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله ستير يحب من عباده الستيرين فينظر ويضبط نفسه.
قال م ر: قال السبكي ومع ذلك، أي تعينها عليه، يأثم بالشهوة، وإن أثيب على التحمل لأنه فعل ذو وجهين، لكن خالفه غير فبحث الحل مطلقا لأن الشهوة أمر طبيعي لا ينفك عن النظر، فلا يكلف الشاهد بإزالتها ولا يؤاخذ بها، كما لا يؤاخذ الزوج بميل قلبه لبعض نسوته، والحاكم بميل قلبه لبعض الخصوم.
اه.
وقوله فعل ذو وجهين: هما الثواب من جهة الشهادة، والعقاب من جهة النظر بشهوة (قوله: وتعمد النظر للشهادة لا يضر) أي لا يحرم فلا يفسق به.
وخرج بقوله للشهادة ما إذا تعمد النظر لغير الشهادة فإنه يحرم ويفسق به وترد شهادته، لكن إن لم تغلب طاعته على معاصيه، فإن غلبت عليها لم يفسق ولم ترد شهادته، لأن ذلك صغيرة، والصغيرة لا يفسق بها إلا حينئذ (قوله: وإن تيسر وجود نساء أو محارم) غاية في عدم الضرر.
قال في التحفة: ويفرق بينه وبين ما مر في المعالجة بأن النساء ناقصات وقد لا يقبلن، والمحارم ونحوهم قد لا يشهدون.
ثم رأيت بعضهم أجاب بأنهم وسعوا هنا اعتناء بالشهادة.
اه.
وقوله ما مر في المعالجة: وهو أنه لا يباح النظر لأجل المعالجة عند وجود امرأة أو محرم.
(قوله: ويسن خطبة) أي لخبر أبي داود وغيره كل أمر ذي بال، وفي رواية: كل كلام، لا يبدأ فيه بحمد الله فهو
أقطع أي عن البركة.
والخطبة كلام مفتتح بحمد مختتم بدعاء ووعظ، كأن يقول ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى
العقد بأن تكون قبل إيجابه، فلا تندب أخرى من المخاطب قبل قبوله - كما صححه في المنهاج - بل يستحب تركها خروجا من خلاف من أبطل بها، كما صرح به شيخنا وشيخه زكريا رحمهما الله - لكن الذي في الروضة وأصلها ندبها.
وتسن خطبة أيضا قبل الخطبة، وكذا قبل الاجابة، فيبدأ كل بالحمد والثناء على الله تعالى، ثم
ــ
آله وأصحابه.
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * (1).
* (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * إلى قوله * (رقيبا) * (2) وتسمى هذه الخطبة خطبة الحاجة.
وكان القفال يقول بعدها، أما بعد: فإن الأمور كلها بيد الله يقضي فيها ما يشاء ويحكم ما يريد، لا مؤخر لما قدم ولا مقدم لما أخر، ولا يجتمع اثنان ولا يفترقان إلا بقضاء وقدر، وكتاب من الله قد سبق، وإن مما قضى الله وقدر أن خطب فلان بن فلان فلانة بنت فلان على صداق كذا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.
وفي ق ل على الجلال.
(فائدة) في ذكر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج بنته فاطمة لعلي ابن عمه أبي طالب ولفظها الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وسيرهم بأحكامه ومشيئته، وجعل المصاهرة سببا لاحقا، وأمرا مفترضا، أو شج، أو شبك، به الأنام، وأكرم به الأرحام، فقال عز من قائل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) * (3)، ولكل قدر أجل، * (ولكل أجل كتاب) * (4)، * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (5).
اه.
(قوله: بضم الخاء) احتراز من الخطبة بكسر الخاء، وهي التماس النكاح من جهة المخطوبة، وستأتي (قوله: من الولي) الجار والمجرور صفة لخطبة: أي خطبة كائنة من الولي، أي أو الزوج أو الأجنبي، فالولي ليس بشرط (قوله: له) أي لأجله، فاللام تعليلية (قوله: الذي هو) أي النكاح، وقوله العقد: أي بمعنى العقد (قوله: بأن تكون) أي الخطبة المسنونة قبل إيجابه: أي التلفظ به، وما ذكر تصوير لسنها للنكاح بمعنى العقد.
وأفاد به أن المراد بالعقد خصوص الإيجاب، لا هو مع القبول (قوله: فلا تندب الخ) تفريع على مفهوم التقييد بقبل الإيجاب (قوله: كما صححه في المنهاج) عبارته: ولو خطب الولي فقال الزوج الحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت صح النكاح على الصحيح، بل يستحب ذلك.
قلت الصحيح لا يستحب والله أعلم.
اه.
(وقوله: صح النكاح) أي لأنها مقدمة القبول، فلا تقطع الولاء كالإقامة وطلب الماء والتيمم بين صلاتي الجمع، لكن محل ذلك إذا كانت قصيرة عرفا، أما إذا طالت لم يصح لإشعاره بالإعراض.
وضبط القفال الطول بأن يكون زمنه لو سكتا
فيه لخرج الجواب عن كونه جوابا، والأولى ضبطه (قوله: بل يستحب تركها) أي الخطبة قبل القبول، والإضراب انتقالي.
وقوله من أبطل: أي النكاح، وعلله بأنها غير مشروعة فأشبهت الكلام الأجنبي (قوله: كما صرح به) أي باستحباب تركها (قوله: لكن الذي في الروضة وأصلها ندبها) وعليه فيسن في النكاح أربع خطب: خطبتان للخطبة، بكسر الخاء، واحدة من الخاطب، وواحدة من المجيب له، وخطبتان للعقد، وواحدة قبل الإيجاب، وأخرى قبل القبول (قوله: وتسن خطبة أيضا الخ) واعلم أني وجدت لبعض الأفاضل صورة الخطبة الكائنة قبل الخطبة، بكسر الخاء، وصورة الخطبة الكائنة قبل الإجابة لها، وصورة أيضا للخطبة الكائنة قبل العقد غير ما تقدم، والثلاث في غاية من البلاغة.
ولا بأس بإيرادها هنا لتحفظ.
فصورة الأولى: (بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي هدانا لاتباع الملة الحنيفية السمحة الزهراء، وأرشدنا لاقتفاء أوامرها المنيفة الغراء.
أحمده سبحانه وتعالى حمدا أورد به موارد الفضل والإحسان.
وأرقى به إلى الحور المقصورات في بحبوحة الجنان.
وأشكره شكرا أستمطر به سحائب الكرم والامتنان.
وأستفيد به ترادف المنن من فيض كرم المنعم الديان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المحسن لقاصد فضله
(1) سورة آل عمران، الاية:102.
(2)
سورة النساء، الاية:1.
(3)
سورة الفرقان، الاية:54.
(4)
سورة الرعد، الاية:38.
(5)
سورة الرعد، الاية: 39
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بتبليغ الأمل.
والممتن على الواقف بباب جوده بقبول صالح العمل.
وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله المخصوص بالخلق العظيم، والمخطوب إلى مناجاة حضرة السميع العليم.
صلى الله عليه وسلم وعلى آله الغر الكرام، وأصحابه نجوم الهداية ومصابيح الظلام، صلاة وسلاما دائمين متلازمين ما فاح عرف طيب وند.
وفاه خطيب بأما بعد.
فقد قادتنا أزمة قدرة الملك العلام.
وجذبت أفئدتنا جواذب العناية كاشفة عن محياها اللثام، وساعدتنا أنظار عين الرعاية ساحبة ذيل الأمان والمرام إلى فسيح هذه الديار العامرة عالية الذرا والمقام، خاطبين عروس فخركم عزيزة الجناب.
راغبين في اجتلاء ضوء نورها الغني عن المدح والإطناب.
وها نحن قد حللنا بناديكم الرحيب وأنخنا مطايا الأمال في وسيع رحيبكم
الرطيب، بالمهر الذي وقع عليه الرضا والاتفاق، راجين لهما من الله حسن الوفاق، فتفضلوا بقبوله قبولا جميلا، وباليمن والبركة والهنا والسرور بكرة وأصيلا.
وصلى الله على سيدنا محمد أفضل الصلاة والسلام.
وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام.
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام.
وآخر دعواهم إن الحمد لله رب العالمين) وصورة الثانية: (إن أعذب ما رشفته أفواه المسامع من كؤوس الشفاه.
وأعبق ما تعطرت معاطر الآذان بطيب نشره وشميم رياه.
حمد الله المجيب دعاء من أخلص له في سره وإعلانه المعطي سائل من فيض جوده وفسيح امتنانه.
أحمده حمدا هبت نسمات قبوله على أغصان التهاني.
وأشكره شكر عبد تبلج بشر سؤله في أفق نيل الأماني.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي شرف مقام أحمد الخلق في الملإ الأعلى.
وحلاه بمفاخر حلى العبادة الأعز الأغلى شهادة يرتع قائلها في نيل مطلوبه.
وينشده بلبل الأفراح قائلا هنيئا لمن أمسى سمير حبيبه.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه وخليله الذي عنت لجلال نبوته الوجوه، فنالت ببركته الشاملة كل ما تؤمله من فضل الله وترجوه.
صلى الله عليه وسلم وعلى آله الذين من تمسك بولائهم فقد ظفر ونجا.
وأصحابه الذين نالوا بشرف صحبته كل مؤمل ومرتجى.
صلاة وسلاما يقترنان اقتران القبول للإيجاب وينجلي بهما غيم الغي عن مطالع الهدى وينجاب.
أما بعد لما كان التماس الإكفاء من أجل المطلوبات.
وآكد المندوبات.
لا سيما إذا كان الخاطب متصفا بالصدق والأمانة.
ومتحليا بالصلاح والديانة.
أجبنا لما نقلتم إليه أقدامكم أيها السادة الأمجاد، بالبشر والهناء والقبول والإنجاد من خطبتكم ذخيرة فخرنا وعقيلة خدرنا المرتضعة ثدي الصيانة في حجور الدلال.
الرافلة في حلل العفاف والكمال.
فأجبنا خطبتكم، ولبينا دعوتكم.
امتثالا لقوله تعالى عز من كريم غافر.
* (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر) * (1) وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشهير: إذا خاطبكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير والله المسؤول أن يجعل منهما الطيب الكثير.
إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
ويشكر الله إحسان من حضر هذا المحفل المنيف ويبلغهم المآرب والمطالب ويحسن للجميع بمنه وكرمه العواقب.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله على سيدنا محمد سيد السادات وآله وصحبه الكرام في المبدإ والختام) وصورة الثالثة: (الحمد لله الذي جعل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم عروس المملكة في السماء وأفضل البشر في الأرض.
وبعث الرسل قبله وفضل بعضهم على بعض.
فمنح إبراهيم الخلة وموسى المناجاة عند تمام وعده.
وأتى سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من
بعده ومنح من شاء من سائر أنبيائه ورسله، ما شاء من خصوصيات كرمه وفضله.
أحمده حمدا هبت نسمات قبوله على أغصان التهاني.
وأشكره شكرا تبلغ بشر سؤله في أفق نيل الأماني.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد له ولا ند له الذي لا تنفك أفعاله وأقواله عن مصالح وحكم.
ولا يسئل عما فعل ولا أمر به وحكم.
فمن حكمته الباهرة للعقول استباحة محرمات الفروج بشاهدي عدل وإيجاب وقبول.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله.
وصفيه وحبيه وخليله.
الحاث على التمسك به والائتساء بقوله حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء صلى الله عليه وسلم وعلى آله الذين من تمسك بولائهم فقد ظفر ونجا، وصحبه الذين نالوا بشرف صحبته كل مؤمل ومرتجى.
ما فاح عرف طيب وند.
وفاه خطيب بأما
(1) سورة البقرة، الاية: 232
بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوصي بالتقوى، ثم يقول في خطبة الخطبة: جئتكم راغبا في كريمتكم - أو فتاتكم - وإن كان وكيلا: قال: جاءكم موكلي، أو جئتكم عنه خاطبا كريمتكم، فيخطب الولي أو نائبه كذلك، ثم يقول لست بمرغوب عنك.
ويستحب أن يقول قبل العقد أزوجك على ما أمر الله به عز وجل من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
ــ
بعد.
فإيبن النكاح جنة يتقى بها من الفتنة وجنة يتلى على متفيئ ظلالها أسكن أنت وزوجك الجنة تثمر رياض الرحمة بين الزوجين والوداد.
وتطلع زينة الحياة الدنيا إذا حملت غرائسه ثمرة الفؤاد وناهيك ما ورد فيه من الآيات والأحاديث الثابتة بصحيح الرواية فمن الآيات الشريفة قوله تعالى عز من قائل: * (يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل) * (1) وقوله تعالى في كتابه المصون * (هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون) * (2) وقال تعالى معلنا بأن الفقر ليس عذرا عن اجتناء وصله وأن المعمول على فضله العميم * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) * (3) ومن الأحاديث الشريفة قوله صلى الله عليه وسلم ناهيا عن التبتل والتأني: أما والله إني لأخشاكم من الله وأتقاكم، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وقوله صلى الله عليه وسلم منبها على مزية الأبكار وفضلهن الكثير تزوجوا الأبكار، فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير وقوله صلى الله عليه وسلم مرشدا إلى أقوى المسالك خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبك في نفسها ومالك وقوله صلى الله عليه وسلم محرضا على النكاح ومنفرا عن الطلاق لما فيه من الأرش تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش.
هذا وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زوج سيدنا عليا بسيدتنا فاطمة رضي الله عنهما أنه خطب فقال.
ونطق بأفصح مقال: الحمد لله المحمود بنعمته.
المعبود بقدرته.
المطاع بسلطانه المرهوب من عذابه وسطوته النافذ أمره في سمائه وأرضه.
الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سببا لاحقا وأمرا مفترضا أوشج به الأرحام.
وألزم الأنام.
فقال عز من قائل: * (وهو الذي خلق من
الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) * (4).
فأمر الله يجري على قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قضاء قدر ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * (5) * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) * (6) * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) * (7) أما بعد فإن الأمور كلها بيد الله يقضي فيها ما يشاء ويحكم ما يريد لا مؤخر لما قدم ولا مقدم لما أخر ولا يجتمع اثنان ولا يفترقان إلا بقضاء وقدر وكتاب من الله قد سبق.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولمشايخي ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
(قوله: وقبل الخطبة) هي بكسر الخاء: التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة (قوله: وكذا قبل الإجابة) أي وكذا تسن قبل الإجابة من جهة المخطوبة (قوله: فيبدأ كل) أي من الخاطب والمجيب له.
وقوله ثم يقول: أي أحدهما: وهو الخاطب (قوله: في كريمتكم) أي أختكم وقوله أو فتاتكم: هي الشابة.
ع ش (قوله: فيخطب الولي أو نائبه كذلك) أي خطبة مشتملة على الحمد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والوصية
(1) سورة الحجرات، الاية:13.
(2)
سورة يس، الاية:56.
(3)
سورة النور، الاية:32.
(4)
سورة الفرقان، الاية:54.
(5)
سورة آل عمران، الاية:102.
(6)
سورة النساء، الاية:1.
(7)
سورة الاحزاب، الاية: 70
(فروع) يحرم التصريح بخطبة المعتدة من غيره رجعية كانت أو بائنا بطلاق أو فسخ أو موت.
ويجوز التعريض بها في عدة غير رجعية، وهو: كأنت جميلة، ورب راغب فيك.
ولا يحل خطبة المطلقة منه ثلاثا حتى تتحلل وتنقضي عدة المحلل إن طلق رجعيا، وإلا جاز التعريض في عدة المحلل.
ويحرم على عالم بخطبة
ــ
بالتقوى، ويغني عما ذكر قوله فيبدأ كل الخ، فكان الأخصر أن يقول ويقول الولي في خطبة الإجابة لست بمرغوب عنك
(قوله: ويستحب أن يقول) أي الولي.
قال ع ش: فلا يطلب ذلك من غيره وعليه فلو أتى به أجنبي لا تحصل السنة ولا يكون جهل الولي بذلك عذرا في الإكتفاء به من الغير، بل ينبغي للعالم تعليمه ذلك حيث جهله.
اه.
ويستحب أيضا الدعاء للزوج عقب العقد ببارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير (قوله: فروع) أي خمسة: أولها قوله يحرم التصريح الخ، ثانيها قوله ويجوز التعريض الخ، ثالثها قوله ولا يحل الخ، رابعها قوله يحرم الخ، خامسها قوله ومن استشير الخ (قوله: يحرم التصريح بخطبة الخ) هو ما يقطع بالرغبة في النكاح، كأريد نكاحك وإذا انقضت عدتك نكحتك، ومثل التصريح بها النفقة في زمن العدة، كما يقع كثيرا، فهو حرام.
ولو أنفق على المخطوبة ولم يتزوجها رجع بما أنفقه، حتى بالملح، ولو كان الترك منه أو بموتها.
وفي حاشية الجمل ما نصه: (سئل م ر) عمن خطب امرأة وأنفق عليها ليتزوجها ولم يحصل التزوج بها فهل لها الرجوع بما أنفقه لأجل ذلك أم لا؟.
(فأجاب) بأن له الرجوع بما أنفقه على من دفعه له سواء كان مأكلا أم مشربا أم ملبسا أم حليا، وسواء رجع هو أم مجيبه أم مات أحدهما لأنه إنما أنفق لأجل تزوجها فيرجع به إن بقي وببدله إن تلف.
اه.
ببعض تصرف.
ومحل رجوعه حيث أطلق أو قصد الهدية لأجل النكاح، فإن قصد الهدية، لا لأجل ذلك فلا رجوع وإنما حرم التصريح بها لأنها ربما تكذب في انقضاء العدة إذا تحققت رغبته فيها لما عهد على النساء من قلة الديانة وتضييع الأمانة فإنهن ناقصات عقل ودين.
(وقوله: المعتدة من غيره) خرج به ما إذا كانت معتدة منه فإنه يجوز له أن يصرح بالخطبة، كما له أن يعرض بها إن حل له نكاحها، كأن خالعها وشرعت في لعدة فيحل له التعريض والتصريح لأنه يجوز له نكاحها، فإن كان طلاقه لها رجعيا لم يكن له التصريح والتعريض بخطبتها لأنه ليس له نكاحها وإنما له مراجعتها.
نعم، إن نوى بنكاحها الرجعة صح لأنه كناية فيها، فإن نواها به حصلت وإلا فلا.
وأما من لا يحل له نكاحها كأن طلقها بائنا أو رجعيا ثم وطئت بشبهة وحملت من وطئ الشبهة، فإن عدة وطئ الشبهة تقدم إذا كانت بالحمل ويبقى عليها بقية كعدة الطلاق فلا يحل لصاحب عدة الشبهة أن يخطبها مع أنه صاحب العدة لأنه لا يجوز له العقد عليها حينئذ لما بقي عليها من عدة الطلاق اه.
باجوري.
وقوله رجعية كانت: أي المعتدة من غيره.
وقوله أو بائنا: أي أو كانت بائنا.
وقوله بطلاق: الباء سببية متعلقة ببائنا، أي بائنا بسبب طلاق، أي بالثلاث.
وقوله أو فسخ، أي أو بسبب فسخ حاصل منها بعيبه أو منه بعيبها، أي أو انفساخ كما في الرضاع (قوله: ويجوز التعريض) أي لقوله تعالى: * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة
النساء) * (1) والتعريض هو ما لا يقطع بالرغبة في النكاح، بل يحتملها كما يحتمل عدمها (قوله: في عدة غير رجعية) خرج به ما إذا كانت في عدة طلاق رجعي، فلا يحل التعريض له كالتصريح لأنها في حكم الزوجة، ومعلوم أن الزوجة يحرم فيها ذلك (قوله: وهو) أي التعريض (قوله: ولا يحل خطبة المطلقة منه) هذا مفرع على مفهوم قوله المعتدة من غيره، فكان عليه أن يذكر المفهوم أولا بأن يقول أما معتدته فله خطبتها فيحل له التصريح والتعريض إن حل له نكاحها وإلا فلا، ثم يقول فلا يحل خطبة المطلقة الخ (قوله: وتنقضي الخ) أي وحتى تنقضي عدة المحلل.
وقوله إن طلق: أي المحلل وهو قيد في اشتراط انقضاء عدة المحلل (قوله: وإلا) أي وإن لم يطلق رجعيا بأن طلقها بائنا.
وقوله جاز التعريض: أي لما تقدم آنفا من جواز التعريض في عدة غير رجعية (قوله: ويحرم على عالم الخ) وذلك لخبر الشيخين لا يخطب
(1) سورة البقرة، الاية: 235
الغير والاجابة له خطبة على خطبة من جازت خطبته وإن كرهت - وقد صرح لفظا بإجابته إلا بإذنه له من غير خوف ولا حياء، أو بإعراضه: كأن طال الزمن بعد إجابته، ومنه سفره البعيد.
ومن استشير في خاطب أو نحو
عالم يريد الاجتماع به ذكر - وجوبا - مساويه بصدق: بذلا للنصيحة الواجبة (ودينة) أي نكاح المرأة الدينة التي
ــ
الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب في ذلك والحكمة في ذلك الإيذاء، ولكن لا يحرم ذلك إلا بشروط ذكر منها الشارح أربعة: وهي علمه بخطبة الغير، وبإجابته له، وقد صرح لفظا بالإجابة، وأن تكون خطبة الخاطب الأول جائزة.
وبقي من الشروط: علمه بحرمة الخطبة على الخطبة، وبصراحة الإجابة، فخرج بما ذكر ما إذا لم تكن خطبة أصلا، أو لم يجب الخاطب الأول، أو أجيب تعريضا لا تصريحا، أو لم يعلم الثاني بالخطبة، أو علم بها ولم يعلم بالإجابة، أو علم بها ولم يعلم كونها بالصريح، أو علم كونها بالصريح ولم يعلم بالحرمة، أو علم بجميع ما ذكر لكن كانت الخطبة محرمة كأن خطب في عدة غيره فلا حرمة في جميع ما ذكر.
وقوله والإجابة له: أي وعالم بالإجابة له وهي تكون ممن تعتبر إجابته وهو الولي إن كانت الزوجة مجبرة، ونفس الزوجة إن كانت غير مجبرة، وهي مع الولي إن كان الخاطب غير كفء لأن الكفاءة حق لهما معا، والسيد إن كانت أمة غير مكاتبة، وهو مع الأمة إن كانت مكاتبة، والسلطان إن كانت المرأة مجنونة بالغة ولا أب لها ولا جد لها.
(وقوله: على خطبة من الخ) إظهار في مقام الإضمار، فالمناسب والأخصر أن يقول على خطبته إن جازت ويكون الضمير في خطبته عائدا على الغير المتقدم ذكره.
وقوله جازت خطبته: أي بأن كانت المخطوبة خالية من الموانع.
وخرج به من حرمت خطبته كأن خطبها في عدة غيره أو في نكاحه فلا تحرم لأنه لاحق للأول.
وقوله وإن كرهت، أي الخطبة الأولى الجائزة بأن كان عاجزا عن المؤن وغير تائق.
وقوله وقد صرح لفظا بإجابته، الواو للحال: أي والحال أنه قد صرح لفظا بإجابته، أي الخاطب، الأول، فلو لم يصرح بها لفظا،
بأن رد أو سكت عنه، لم تحرم.
وعبارة المنهاج مع المغني: فإن لم تجب ولم يرد بأن سكت عن التصريح بإجابة أو رد والساكت غير بكر يكفي سكوتها أو ذكر ما يشعر بالرضا نحو لا رغبة عنك لم تحرم في الأظهر، لأن فاطمة بنت قيس قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن معاوية وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد وجه الدلالة أن أبا جهم ومعاوية خطباها، وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بعد خطبتهما لأنها لم تكن أجابت واحدا منهما.
اه.
(قوله: إلا بإذنه له) متعلق بيحرم: أي يحرم الخطبة المذكورة إلا إن أذن الخاطب الأول للخاطب الثاني فإنها حينئذ لا تحرم.
(وقوله: من غير خوف ولا حياء) أي حال كون الإذن واقعا منه بنحو خوف، أي من الخاطب الثاني أو حياء منه فإن وقع مع خوف أو حياء لم ترتفع الحرمة (قوله: أو بإعراضه) معطوف على بإذنه، أي وإلا بإعراضه، أي الخاطب الأول فإنها لا تحرم.
قال في المغني: وإعراض المجيب كإعراض الخاطب.
اه.
ومثله في التحفة والنهاية (قوله: كأن طال الخ) تمثيل للإعراض.
وعبارة التحفة: كأن يطول الزمن بعد إجابته حتى تشهد قرائن أحواله بإعراضه.
اه.
(قوله: ومنه) أي الإعراض: أي مما يفيده.
وقوله سفره البعيد: أي المنقطع، كما في التحفة والنهاية.
وكتب ع ش: يظهر أن المراد بالانقطاع انقطاع المراسلة بينه وبين المخطوبة لا انقطاع خبره بالكلية.
اه.
وفي البجيرمي: ومنه، أي الإعراض، أن يتزوج من يحرم الجمع بينها وبين مخطوبته أو تطرأ ردته، لأن الردة، والعياذ بالله، قبل الوطئ تفسخ العقد، فالخطبة أولى، أو يعقد على أربع من خمس خطبهن معا أو مرتبا.
اه.
(قوله: ومن استشير في خاطب) أي هل يصلح أم لا (قوله: أو نحو عالم) أي أو استشير في نحو عالم كتاجر، وقوله يريد الاجتماع به: أي أو معاملته (قوله: ذكر) أي المستشار.
وقوله وجوبا: محله إذا لم يندفع إلا بذكر العيوب، فإن اندفع بدونه، بأن اكتفى بقوله له هو لا يصلح، أو احتيج لذكر البعض دون البعض، حرم ذكر شئ منها في الأول وشئ من البعض الآخر في الثاني.
وقوله مساويه، بفتح الميم، أي عيوبه الشرعية والعرفية، كالفقر والتقتير.
وذلك للحديث المار إن فاطمة بنت قيس استشارت النبي صلى الله عليه وسلم في تزويج أبي جهم أو معاوية، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، كناية عن كثرة الضرب، قيل أو السفر، وأما معاوية فصعلوك أي فقير لا مال له.
وفي
وجدت فيها صفة العدالة أولى من نكاح الفاسقة ولو بغير نحو زنا، للخبر المتفق عليه فاظفر بذات الدين (ونسيبة) أي معروفة الاصل وطيبته لنسبتها إلى العلماء والصلحاء أولى من غيرها: لخبر: تخيروا لنطفكم
ــ
البجيرمي: قال البارزي ولو استشير في أمر نفسه فإن كان فيه ما يثبت الخيار وجب ذكره للزوجة.
وإن كان فيه ما يقلل الرغبة فيه ولا يثبت الخيار كسوء الخلق والشح استحب.
وإن كان فيه شئ من المعاصي وجب عليه التوبة في الحال
وستر نفسه ولا يذكره.
وإن استشير في ولاية فإن علم من نفسه عدم الكفاية أو الخيانة وأن نفسه لا تطاوعه على تركها وجب عليه أن يبين ذلك أو يقول لست أهلا للولاية.
اه.
ووجوب التفصيل بعيد.
والأوجه دفع ذلك بنحو لا أصلح لكم.
اه.
وقوله ولو استشير في أمر نفسه، أي استشارت الزوجة خاطبها في أمر نفسه هل يصلح لها أم لا؟.
(واعلم) أن ذكر المستشار العيوب ليس من الغيبة المحرمة، بل هو من باب النصيحة، كما أنه ليس من الغيبة أيضا ما إذا كانت الغيبة في فاسق متجاهر، لكن بشرط أن تغتابه بما فسق به، وأن تقصد زجره بذلك إذا بلغته، وما إذا كانت على وجه التظلم، كأن تقول فلان ظلمني، أن على وجه التحذير: كأن تقول فلان فعل كذا فلا تصحبه، أو على وجه الاستعانة: كأن تقول فلان فعل كذا فأعني عليه، أو على وجه الإستفتاء: كأن تقول فلان فعل كذا فهل يجوز له ذلك أم لا؟.
وقد حصر بعضهم ما لا يعد غيبة في ستة أشياء ونظمها في قوله: القدح ليس بغيبة في ستة: متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسقا ومستفت ومن طلب الإعانة في إزالة منكر وقوله ومعرف هو المستشار.
وذلك لأنه يعرف المستشير عيوب من استشير فيه، ويصدق التعريف أيضا بقوله فلان الأعمش أو الأعرج (قوله: بصدق) متعلق بذكر: أي ذكرها بصدق بأن يكون ما ذكره موجودا في المستشار فيه.
وقوله بذلا للنصيحة: فيه إشارة إلى أنه لا بد من قصد النصيحة، لا الوقيعة، أي الخوض في عرضه.
ويشترط ذكو العيوب المتعلقة بما حصلت الإستشارة من أجله، فإذا استشير في نكاح ذكر العيوب المتعلقة به، لا المتعلقة بالبيع مثلا وهكذا (قوله: ودينه) هو وما عطف عليه مبتدأ وخبره قوله في المتن أولى.
والشارح قدر لكل خبرا (قوله: أي نكاح الخ) أفاد به أن في الكلام تقدير مضاف قبل المبتدأ وهو الذي يحكم عليه بالأولوية.
وقوله التي وجدت الخ: الأولى زيادة أي التفسيرية: لأنه تفسير للدينة.
وقوله صفة العدالة: هي فقد ارتكاب كبيرة وإصرار على صغيرة.
وأفاد بما ذكر أن العفة عن الزنا فقط لا تكفي، وقد صرح به في التحفة.
وقوله أولى من نكاح الفاسقة، هي من ارتكبت كبيرة أو أصرت على صغيرة.
(وقوله: ولو بغير نحو زنا) أي: ولو كان فسقها بغير نحو زنا، فإن الدينة أولى منها.
ونحو الزنا كل كبيرة كشرب الخمر وغير ذلك من الصغائر كالغيبة، بشرط الإصرار عليها، (قوله: للخبر المتفق عليه فاظفر الخ) هو بعض الخبر، ولفظه بتمامه تنكح المرأة لأربع: لمالها وجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك أي التصقتا بالتراب: كناية عن الفقر إن لم تفعل، واستغنيت إن فعلت.
قال في التحفة: وتردد في مسلمة تاركة للصلاة، وكتابية، فقيل هذه أولى للإجماع
على صحة نكاحها، ولبطلان نكاح تلك، لردتها عند قوم.
وقيل تلك لأن شرط نكاح هذه أي الكتابية مختلف فيه، ورجح بعضهم الأول، وهو واضح، في الإسرائيلية لأن الخلاف القوي إنما هو في غيرها، ولو قيل الأولى لقوى الإيمان والعلم هذه لأمنه من فتنتها وقرب سياسته لها إلى أن تسلم ولغيره تلك لئلا تفتنه هذه لكان أوجه.
اه.
(قوله: أي معروفة الخ) تفسير لنسيبة، وكان الملائم لما قبله أن يقول أي نكاح النسيبة: أي معروفة الأصل فيقدر مضافا كما قدره فيما قبله.
وقوله وطيبته: أي الأصل (قوله: لنسبتها الخ) علة للطيب، أي طيبها حاصل لأجل نسبتها إلى العلماء والصلحاء، أي أو الأشراف أو العرب (قوله: أولى) خبر نسيبة لما علمت أن الشارح قدر عند كل معطوف خبرا.
وقوله من غيرها: أي غير النسيبة (قوله: لخبر تخيروا لنطفكم الخ) قال في المغني: قال أبو حاتم الرازي هذا الخبر ليس له أصل، وقال ابن الصلاح له أسانيد فيها مقال، ولكن صحة الحاكم.
اه.
وفي البجيرمي ورد: تخيروا لنطفكم، فإن العرق دساس وورد وإياكم وخضراء الدمن.
قالوا من هي يا رسول الله؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء فشبه المرأة التي أصلها ردئ
ولا تضعوها في غير الاكفاء وتكره بنت الزنا والفاسق، (وجميلة) أولى: لخبر: خير النساء من تسر إذا نظرت (و) قرابة (بعيدة) عنه ممن في نسبه أولى من قرابة قريبة وأجنبية لضعف الشهوة في القريبة، فيجئ الولد نحيفا.
والقريبة من هي في أول درجات العمومة والخوولة، والاجنبية أولى من القرابة القريبة.
ولا يشكل ما ذكر بتزوج النبي (ص) زينب مع أنها بنت عمته لانه تزوجها بيانا للجواز، ولا بتزوج علي فاطمة رضي الله عنهما لانها بعيدة إذ
ــ
بالقطعة الزرع المرتفعة على غيرها التي منبتها موضع روث البهائم.
اه.
وقوله تخيروا لنطفكم.
قال في لطائف الحكم شرح غرائب الأحاديث، أي تكلفوا طلب ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها عن الخبث والفجور، ولا تضعوا نطفكم إلا في أصل ظاهر.
وأصل النطفة الماء القليل.
والمراد هنا المني: سمي نطفة لأن النطف القطر.
اه.
(قوله: وتكره بنت الزنا والفاسق) وذلك لأنه يعير بها لدناءة أصلها، وربما اكتسبت من طباع أبيها.
اه.
ع ش.
قال الأذرعي: ويشبه أن يلحق بهما اللقيطة، ومن لا يعرف لها أب.
اه.
(قوله: وجميلة) أي بحسب طبعه ولو سوداء عند حجر أو بحسب ذوي الطباع السليمة عند م ر.
وتكره بارعة الجمال لأنها إما أن تزهو، أي تتكبر، لجمالها، أو تمتد الأعين إليها (قوله: لخبر إلخ) دليل الأولوية الجميلة على غيرها.
وقوله إذا نظرت: للبناء للمجهول، والتاء فيه للتأنيث.
وتمام الحديث وتطيع إذا أمرت، ولا تخالف في نفسها ومالها (قوله: قرابة) أي يقرأ بالتنوين، وما بعده صفة.
وفي الكلام حذف: أي ونكاح ذات قرابة بعيدة أولى من نكاح ذات قرابة قريبة أو أجنبية (قوله: ممن في نسبه) الأولى إسقاط لفظ ممن، والإقتصار على قوله في نسبه، ويكون الجار والمجرور متعلقا ببعيدة: أي بعيدة عنه في النسب، كما صنع في فتح الجواد، وذلك لأنه على إبقائه يصير الجار والمجرور صفة للقرابة، أو حالا على قول، ويكون المعنى حينئذ قرابة كائنة من الأقارب التي في نسبه أو حال كونها منهم، ولا معنى لذلك (قوله: وأجنبية) معطوف على قرابة قريبة، وهذا يعين تقدير المضاف المار لأنه لا
معنى لكون القرابة البعيدة أولى من الأجنبية، إذ التفضيل بين الذوات لا بين الوصف والذات (قوله: لضعف الشهوة الخ) تعليل لأولوية غير ذات القرابة القريبة عليها.
وفي حاشية الجمل ما نصه: قوله والبعيدة أولى من الأجنبية، قالوا لأن مقصود النكاح اتصال القبائل لأجل اجتماع الكلمة، وهذا مفقود في نكاح القريبة، لأن الإتصال فيها موجود، والأجنبية ليست من قبائله حتى يطلب اتصالها.
اه.
ح ل (قوله: والقريبة) المراد به المرأة القريبة، لا المتقدمة في الذكر، لأن تلك صفة القرابة (قوله: من هي في أول درجات العمومة والخؤولة) أي كبنت العم وبنت الخال وبنت العمة وبنت الخالة، والمرأة البعيد بضدها وهي التي لا تكون في أول درجات ما ذكر: كبنت ابن العم أو بنت ابن الخال أو بنت ابن العمة أو بنت ابن الخالة.
(قوله: والأجنبية أولى من القرابة القريبة) أي أولى من ذات القرابة القريبة لما مر (قوله: ولا يشكل ما ذكر) أي من أن ذات القرابة البعيدة أولى من ذات القرابة القريبة ومن الأجنبية، وأن الأجنبية أولى من ذات القرابة القريبة (قوله: بتزوج النبي الخ) متعلق بيشكل.
وقوله زينب: أي بنت جحش رضي الله عنها، وهي المعنية بقوله تعالى: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * (1) أي فلما طلقها وانقضت عدتها زوجناكها وكانت تفتخر على نسائه صلى الله عليه وسلم تقول: إن آباءكن أنكحوكن وإن الله تعالى أنكحني إياه من فوق سبع سموات.
وفيها نزل الحجاب، وغضب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها في صفية بنت حيي تلك اليهودية، فهجرها في ذي الحجة والمحرم وبعض صفر، وهي أول نسائه وفاة ولحوقا به صلى الله عليه وسلم.
ففي حديث مسلم: عن عائشة أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن له أينا أسرع بك لحوقا؟ قال: أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا، فكان أسرعهن لحوقا به زينب بنت جحش قيل إن طول يدها بسبب أنها كانت تعمل وتتصدق كثيرا توفيت سنة عشرين، وفيها فتحت مصر، وقيل إحدى وعشرين، وقد بلغت ثلاثا وخمسين سنة، ودفنت بالبقيع، وصلى عليها عمر بن الخطاب وكانت عائشة تقول هي التي تساويني في المنزلة عنده صلى الله عليه وسلم، وما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة.
وقوله مع أنها أي زينب.
وقوله بنت عمته: أي النبي صلى الله عليه وسلم (قوله: لأنه تزوجها بيانا للجواز) أي جواز نكاح زوجة المتبني لأنها كانت تحت زيد بن حارثة الذي
(1) سورة الاحزاب، الاية: 37
هي بنت ابن عمه، لا بنت عمه، (وبكر) أولى من الثيب، للامر به في الاخبار الصحيحة.
إلا لعذر: كضعف آلته عن الاقتضاض، (وولود) وودود (أولى) للامر بهما.
ويعرف ذلك في البكر بأقاربها، والاولى أيضا أن تكون وافرة الععل وحسنة الخلق، وأن لا تكون ذات ولد من غيره إلا لمصلحة، وأن لا تكون شقراء ولا طويلة مهزولة
ــ
تبناه النبي صلى الله عليه وسلم (قوله: ولا بتزوج إلخ) أي ولا يشكل بتزوج لي رضي الله عنه سيدتنا فاطمة رضي الله عنها مع أنها من الأقارب لأنها ذات قرابة بعيدة لا قريبة (قوله: للأمر به) أي بتزوج البكر.
وقوله في الأخبار الصحيحة: منها قوله عليه
السلام: هلا بكرا تلاعبك وتلاعبها ومنها عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير ومعنى أنتق: أكثر أولادا، يقال للمرأة الكثيرة الأولاد: ناتق.
قال البجيرمي: وفي البكارة ثلاث فوائد: إحداها أن تحب الزوج الأول وتألفه، والطباع مجبولة على الأنس بأول مأولف، وأما التي مارست الرجال فربما لا ترضى ببعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته فتكره الزوج الثاني.
الفائدة الثانية أن ذلك أكمل في مودته لها.
الثالثة: لا تحن إلا للزوج الأول.
ولبعضهم: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل؟ اه.
وفي المغني: (روى) أبو نعيم عن شجاع بن الوليد قال: كان فيمن كان قبلكم رجل حلف لا يتزوج حتى يستشير مائة نفس وأنه استشار تسعة وتسعين رجلا واختلفوا عليه، فقال بقي واحد وهو أول من يطلع من هذا الفج وآخذ بقوله ولا أعدوه، فبينما هو كذلك إذ طلع عليه رجل راكب قصبة فأخبره بقصته، فقال النساء ثلاث: واحدة لك، وواحدة عليك وواحدة لا لك ولا عليك.
فالبكر لك، وذات الولد من غيرك عليك، والثيب لا لك ولا عليك.
ثم قال أطلق الجواد، فقال له أخبرني بقصتك.
فقال أنا رجل من علماء بني إسرائيل مات قاضيهم، فركبت هذه القصبة وتباهلت لأخلص من القضاء.
قال في الإحياء: وكما يستحب نكاح البكر يسن أن لا يزوج الولي ابنته إلا من بكر لم يتزوج قط لأن النفوس جبلت على الإيناس بأول مألوف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في خديجة إنها أول نسائي (قوله: إلا لعذر: كضعف آلته عن الإفتضاض) أي إزالة البكارة: أي وكاحتياجه لمن يقوم على عياله.
ومنه ما اتفق لجابر رضي الله عنه، فإنه لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟ اعتذر له فقال: إن أبي قتل يوم أحد وترك تسع بنات، فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن.
فقال صلى الله عليه وسلم أصبت (قوله: وولود وودود أولى) أي من غير الولود والودود (قوله: للأمر بهما) أي بالولود والودود: أي بنكاحهما في قوله عليه السلام: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده.
وروي سوداء ولود خير من حسناء عقيم (قوله: ويعرف ذلك) أي كونها ولودا (قوله: والأولى أيضا أن تكون وافرة العقل وحسنة الخلق) قال بعضهم: ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع وإلا استحقرته: بالسن، والطول، والمال، والحسب، وأن تكون فوقه بأربع: بالجمال، والأدب، والخلق، والورع.
قال في المغني:
وهذه الصفات كلها قل أن يجدها الشخص في نساء الدنيا، وإنما توجد في نساء الجنان.
فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا منهن (قوله: وأن لا تكون الخ) أي والأولى أن لا تكون ذات ولد من رجل غيره.
وقوله إلا لمصلحة: أي كتربية أولاده، كما في حديث جابر المار، ولأنه تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة ومعها ولد أبي سلمة للمصلحة (قوله: وأن لا تكون شقراء) قال في التحفة: قيل الشقرة بياض ناصع يخالفه نقط في الوجه لونها غير لونه.
اه.
وكأنه أخذ ذلك من العرف لأن كلام أهل اللغة مشكل فيه: إذ الذي في القاموس الأشقر من الناس من يعلو بياضه حمرة.
اه.
ويتعين تأويله بما يشير إليه قوله يعلوه بأن المراد أن الحمرة غلبت البياض وقهرته بحيث تصير كلهب النار الموقدة، إذ هذا هو المذموم، بخلاف مجرد تشرب البياض بالحمرة فإنه أفضل الألوان في الدنيا لأنه لونه صلى الله عليه وسلم الأصلي، كما بينته في شرح الشمائل، اه.
(قوله: ولا
للنهي عن نكاحها.
ومحل رعاية جميع ما مر حيث لم تتوقف العفة على غير متصفه بها، وإلا فهي أولى.
قال شيخنا في شرح المنهاج: ولو تعارضت تلك الصفات فالذي يظهر أنه يقدم الدين مطلقا، ثم العقل وحسن الخلق، ثم الولادة، ثم النسب، ثم البكارة، ثم الجمال، ثم ما المصلحة فيه أظهر - بحسب اجتهاده.
انتهى.
وجزم في شرح الارشاد بتقديم الولادة على العقل.
وندب للولي عرض موليته على ذوي الصلاح.
ويسن أن ينوي بالنكاح السنة وصون دينه.
وإنما يثاب عليه إن قصد به طاعة من نحو عفة أو ولد صالح.
وأن يكون العقد
ــ
طويلة مهزولة) أي والأولى أن لا تكون طويلة مهزولة (قوله: للنهي عن نكاحها) دليل لأولوية عدم كونها ذات ولد الخ، فالضمير في نكاحها راجع للثلاث ذات الولد والشقراء والطويلة المهزولة، والأولى أن يأتي بنون النسوة، كما تقدم غير مرة، والنهي المذكور في حديث زيد بن حارثة وهو قوله صلى الله عليه وسلم له لا تتزوج خمسا: شهبرة وهي الزرقاء البذية، ولا الهبرة وهي الطويلة المهزولة، ولا نهبرة وهي العجوز المدبرة، ولا هندرة وهي القصيرة الذميمة، ولا لفوتا وهي ذات الولد من غيرك (قوله: ومحل رعاية جميع ما مر) أي من الصفات من كونها دينة جميلة نسيبة بكرا ولودا (قوله: حيث لم تتوقف العفة على غير متصفة بها) أي بالصفات السابقة: أي ما عدا الوصف الأول، بأن وجدت العفة في غير المتصفة بالصفات.
وكان الملائم بتعبيره أولا بدينة أن يقول: حيث لم تتوقف الديانة التي هي العدالة (قوله: وإلا) أي بأن توقفت على غير متصفة بها بأن وجدت العفة في غير متصفة بها.
وقوله فهي: أي العفة، أي رعايتها، وقوله أولى: أي من بقية الصفات: أي رعايتها: فعفيفة غير متصفة ببقية الصفات أولى من متصفة ببقية الصفات غير عفيفة.
لخبر: فاظفر بذات الدين (قوله: قال شيخنا الخ) هذا تقوية لقوله ومحل رعاية جميع الخ.
(قوله: ولو تعارضت تلك الصفات) أي بأن وجد بعضها في بعض الآحاد من النساء وبعضها في بعض آخر ولم تجتمع كلها بأن وجد الدينة غير عاقلة أو عاقلة غير دينة فالمقدم الأولى، أو وجدت عاقلة حسنة الخلق غير ولود وولود غير عاقلة حسنة الخلق مع عدم الديانة فيهما فالمقدم الأولى، أو وجدت ولود غير نسيبة ونسيبة غير ولود مع فقد باقي الصفات فيهما فالمقدم الأولى، أو وجدت بكر غير جميلة وجميلة غير بكر مع فقد ما ذكر أيضا فيهما فالمقدم الأولى، فإذا فقدت هذه الصفات ولم توجد صفة منها في النساء راعى
الخاطب ما فيه المصلحة له بحسب اجتهاده.
وقوله يقدم الدين مطلقا: أي تقديما مطلقا أي على سائر الصفات (قوله: وجزم في شرح الإرشاد) عبارته: وعند تعارضها يقدم ما يرجع إلى الدين والعفة، ثم إلى النسل، ثم إلى العقل، ثم يتخير.
اه.
(قوله: وندب للولي عرض موليته إلخ) قال في المغني: كما فعل شعيب بموسى عليهما الصلاة والسلام، وعمر بعثمان وبأبي بكر رضي الله عنهم.
اه.
وقوله كما فعل شعيب بموسى: أي حيث قال له: * (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) * (1) قال بعض المفسرين ما نصه: فيه مشروعية عرض ولي المرأة لها على رجل، وهذه سنة ثابتة في الإسلام، كما ثبت من عرض عمر لابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، والقصة معروفة، وغير ذلك مما وقع في أيام الصحابة وأيام النبوة، وكذلك ما وقع من عرض المرأة لنفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اه.
(قوله: ويسن أن ينوي بالنكاح السنة) أي اتباعها.
وقوله وصون دينه: أي وينوي حفظ دينه، أي والنسل الصالح، وتكثير أتباع النبي صلى الله عليه وسلم (قوله: وإنما يثاب الخ) هذا يغني عنه قوله ويسن أن ينوي الخ، فالمناسب والأخصر أن يجعله تعليلا لما قبله بأن يقول لأنه إنما يثاب عليه بالنية.
وفي فتح الجواد: الاقتصار على قوله وإنما يثاب الخ وعدم ذكر قوله ويسن الخ، وهو ظاهر.
وإنما لم يثب عليه، أي النكاح، إلا بما ذكر لأن أصله الإباحة، كما مر، والمباح ينقلب طاعة بالنية، كما قال ابن رسلان في زبده: لكن إذا نوى بأكله القوى لطاعة الله: له ما قد نوى (قوله: وأن يكون الخ) معطوف على ينوي: أي ويسن أن يكون العقد في المسجد.
قال في التحفة: للأمر به في خبر الطبراني.
اه.
وهو أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف، وليولم أحدكم ولو بشاة، * (الهامش *)(1) سورة القصص، الاية: 27
في المسجد ويوم الجمعة وأول النهار وفي شوال، وأن يدخل فيه أيضا.
(أركانه) أي النكاح خمسة: (زوجة، وزوج، وولي، وشاهدان، وصيغة.
وشرط فيها) أي الصيغة (إيجاب من الولي) وهو (كزوجتك أو أنكحتك)
ــ
وإذا خطب أحدكم امرأة وقد خضب بالسواد فليعلمها ولا يغرنها اه.
غرائب الأحاديث.
وقال في شرحه: قوله أعلنوا هذا النكاح، أي أظهروه إظهار السرور.
وفرقا بينه وبين غيره واجعلوه في المساجد مبالغة في إظهاره واشتهاره، فإنه أعظم محافل الخير والفضل.
وقوله واضربوا عليه بالدفوف: جمع دف، بالضم، ويفتح، ما يضرب به لحادث سرور.
(فإن قلت) المسجد يصان عن ضرب الدف: فكيف أمر به؟ (قلت) ليس المراد أنه يضرب فيه، بل خارجه، والأمر فيه إنما هو في مجرد العقد.
اه.
(قوله: ويوم الجمعة) أي وأن يكون في يوم الجمعة لأنه أشرف الأيام وسيدها.
وقوله أول النهار: أي وأن يكون في أول النهار: لخبر اللهم بارك
لأمتي في بكورها حسنه الترمذي (قوله: وفي شوال) أي ويسن أن يكون العقد في شوال وقوله.
وأن يدخل فيه: أي ويسن أن يدخل على زوجته في شوال أيضا، والدليل عليه وعلى ما قبله خبر عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال ودخل فيه، وأي نسائه كان أحظى عنده مني وفيه رد على من كره ذلك.
(تتمة) يسن لمن حضر العقد من ولي وغيره الدعاء للزوج عقبه: ببارك الله لك، أو بارك عليك، وجمع بينكما في خير لصحة الخبر به.
ويدعو لكل منهما ببارك الله لكل واحد منكما في صاحبه وجمع بينكما في خير.
ويسن للزوج الأخذ بناصيتها أول لقائها، وأن يقول بارك الله لكل منا في صاحبه، ثم إذا أراد الجماع تغطيا بثوب وقدما قبيله التنظف والتطيب والتقبيل ونحو ذلك مما ينشط.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لأحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي.
وقال كل منهما، ولو مع اليأس من الولد: بسم الله.
اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا.
وليتحر استحضار ذلك بصدق من قلبه عند الإنزال.
فإن له أثرا بينا في صلاح الولد وغيره.
وفي المغني قال في الإحياء: يكره الجماع في الليلة الأولى من الشهر، والأخيرة منه، وليلة النصف منه.
فيقال: إن الشيطان يحضر الجماع في هذه الليالي.
اه.
ورده في التحفة والنهاية بعدم ثبوت شئ من ذلك.
قالا: وبفرض ثبوته: الذكر الوارد يمنعه.
اه.
ويسن للزوج إذا سبق إنزاله أن يمهلها حتى تنزل هي ويسن أن يتحرى بالجماع وقت السحر لانتفاء الشبع والجوع المفرطين حينئذ * إذ هو مع أحدهما مضر غالبا كما أن الإفراط فيه مضر مع التكلف، وضبط بعض الأطباء النافع من الوطئ بأن يجد داعية من نفسه، لا بواسطة تفكر ونحوه، ويسن أيضا أن يكون ليلة الجمعة ويومها قبل الذهاب إليها، وأن لا يتركه عند قدومه من سفر.
ويندب التقوي له بأدوية مباحة مع رعاية القوانين الطبية ومع قصد صالح، كعفة ونسل، لأنه وسيلة لمحبوب فليكن محبوبا، وكثير من الناس يترك التقوي المذكور فيتولد من الوطئ مضار جدا.
ووطئ الحامل والمرضع منهي عنه، فيكره إن خشي منه ضرر الولد، بل إن تحققه حرم.
ومن أطلق عدم كراهته مراده ما إذا لم يخش منه ضرر.
وسيذكر الشارح بعض ما ذكرته في آخر فصل الكفاءة (قوله: أركانه: أي النكاح) فيه أن النكاح معناه حقيقة العقد المركب من الإيجاب والقبول.
وهذه الأمور التي ذكرها لم تتركب منها ماهيته، كما هو مقتضى التعبير بالأركان، لأن الركن ما تتركب منه الماهية كأركان الصلاة.
ويجاب بأن المراد بالأركان ما لا بد منه فيشمل الأمور الخارجة، كما هنا، كالشاهدين فإنهما خارجان عن ماهية النكاح، ومن ثم جعلهما بعضهم شرطين.
أفاده البجيرمي.
وقوله خمسة: جعلها في التحفة أربعة بعد الزوجين ركنا واحدا (قوله: زوجة) بدل من خمسة (قوله: وشاهدان) عدهما ركنا واحدا لعدم اختصاص أحدهما بشرط دون
الآخر، بخلاف الزوجين فإنه يعتبر في كل منهما ما لا يعتبر في الآخر (قوله: وصيغة) هي إيجاب وقبول ولو من هازل (قوله: وشرط فيها إلخ) شروع في بيان شروط الأركان الخمسة وبدأ بشروط الصيغة لمزيد الخلاف فيها وطول الكلام عليها.
ولا يضر أن كثيرا ما يعللون تقديم الشئ بقلة الكلام عليه لأن النكات لا تتزاحم (قوله: إيجاب من الولي) أي أو نائبه (قوله: وهو) أي الإيجاب (قوله: كزوجتك الخ) لو حذف الكاف لكان أولى ليظهر تفريع الحصر عليه بقوله بعد فلا يصح الإيجاب الخ.
وقوله موليته: تنازعه كل من زوجتك وأنكحتك.
وقوله فلانة: أي ويعينها باسمها، أو صفتها، أو
موليتي فلانة، فلا يصح الايجاب إلا بأحد هذين اللفظين، لخبر مسلم: إتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله وهي ما ورد في كتابه، ولم يرد فيه غيرهما.
ولا يصح بأزوجك أو أنكحك على الاوجه، ولا بكناية كأحللتك ابنتي أو عقدتها لك (وقبول متصل به) أي بالايجاب من الزوج وهو (كتزوجتها أو نكحتها) فلا بد من دال عليها من نحو اسم أو ضمير أو إشارة (أو قبلت أو رضيت) على الاصح
ــ
الإشارة إليها، كما سيذكره، (قوله: فلا يصح الخ) قد عرفت أنه لا يظهر التفريع إلا لو حذف الكاف الداخلة على زوجتك، وإن كان يمكن أن يقال إنها استقصائية.
وقوله إلا بأحد هذين اللفظين: هو زوجتك، أو أنكحتك (قوله: لخبر مسلم الخ) دليل الحصر، ومحطة قوله بكلمة الله (قوله: بأمانة الله) أي بجعلهن تحت أيديكم كالأمانات الشرعية.
اه.
ع ش.
قال البجيرمي: ويصح أن يراد بالأمانة الشرعية، أي شريعة الله، ويكون قوله واستحللتم إلخ من عطف الخاص على العام.
اه.
(قوله: وهي) أي كلمة الله، وهذا ليس من الحديث.
وقوله ما ورد في كتابه: أي من قوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * (1) وقوله تعالى: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * (2)(قوله: ولم يرد فيه) أي في كتاب الله.
وقوله غيرهما: أي غير هذين اللفظين، وهما التزويج والإنكاح، والقياس ممتنع.
لأن في النكاح ضربا من التعبد، فلا يصح بنحو لفظ إباحة وتمليك وهبة.
أما جعله تعالى النكاح بلفظ الهبة في قوله تعالى: * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * (3) الآية.
فهو خصوصية له صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: * (خالصة لك من دون المؤمنين) * (4) قال في شرح الروض: وما في البخاري من أنه صلى الله عليه وسلم زوج امرأة فقال: ملكتكها بما معك من القرآن فقيل وهم من الراوي بدليل رواية الجمهور زوجتكها.
قال البيهقي: والجماعة أولى بالحفظ من الواحد.
وقيل إنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظين.
اه.
بتصرف ولا يرد ما سيأتي من صحة النكاح بالترجمة لوجود معنى الوارد فيها (قوله: ولا يصح) أي الإيجاب بأزوجك وأنكحك: أي لعدم الجزم بهما.
وقوله على الأوجه: مقابله جزم بالصحة فيهما إن خليا عن نية الوعد.
وعبارة التحفة: وجزم بعضهم بأن أزوجك وأنكحك كذلك إن خلا عن نية الوعد، وظاهره الصحة مع الإطلاق إن ذكرت قرينة تدل على ذلك كلفظ الآن، أولا.
وفيه نظر.
ثم قال رأيت البلقيني أطلق عنهم عدم الصحة فيهما، ثم بحث الصحة إذا انسلخ عن معنى الوعد بأن قال الآن وهو صريح فيما ذكرته.
اه.
وقوله وهو صريح فيما ذكرته.
أي من أنه لا يكفي الإطلاق بل لا بد من زيادة
لفظ الآن، وذلك لأنه قيد بالبلقيني الصحة بقوله: بأن قال الآن (قوله: ولا بكناية) أي ولا يصح الإيجاب بكناية، وذلك لأنها تحتاج إلى نية، والشهود ركن في صحة النكاح ولا إطلاع لهم على النية، ولأنها لا تتأتى في لفظ التزويج والإنكاح، والنكاح لا ينعقد إلا بهما.
وفي البجيرمي: ويستثنى من عدم الصحة بالكناية كتابة الأخرس، وكذا إشارته التي اختص بفهمها الفطن، فإنهما كنايتان وينعقد بهما النكاح منه تزويجا وتزوجا.
اه.
قال في التحفة: وتصح الكناية في المعقود عليه، كما قال أبو بنات زوجتك إحداهن أو بنتي أو فاطمة، ونويا معينة، ولو غير المسماة، فإنه يصح.
ويفرق بأن الصيغة هي المحللة، فاحتيط لها أكثر، ولا يكفي زوجت بنتي أحدكما مطلقا.
اه.
قال سم: أي وإن نويا معينا.
اه.
(قوله: كأحللتك ابنتي أو عقدتها لك) مثالان للكناية، ومثلهما زوجك الله ابنتي (قوله: وقبول) معطوف على إيجاب.
وقوله متصل به: سيذكر محترزه (قوله: من الزوج) أي قبول صادر من الزوج: أي أو من وليه أو وكيله (قوله: وهو) أي القبول (قوله: كتزوجتها أو نكحتها) أي أو تزوجت أو نكحت هذه أو فلانة، ويعينها باسمها (قوله: فلا بد الخ) تفريع على ذكر الضمير المفعول العائد على الزوجة، وكان حقه أن يذكر قبله أيضا اسم الإشارة واسمها، كما ذكرته ليتم التفريع عليه.
وقوله من دال عليها: أي من لفظ دال على المخطوبة.
وقوله من نحو اسم الخ: بيان للدال عليها، والمراد بنحو ذلك الوصف، كما سيأتي، كزوجتك التي في الدار، ولكن ليس فيها غيرها (قوله: أو قبلت أو رضيت) معطوف على تزوجتها
(1) سورة النساء، الاية:3.
(2)
سورة الاحزاب، الاية:37.
(3)
سورة الاحزاب، الاية:50.
(4)
سورة الاحزاب، الاية: 50
- خلافا للسبكي - لا فعلت (نكاحها) أو تزويجها أو قبلت النكاح أو التزويج - على المعتمد - لا قبلت ولا قبلتها مطلقا - أي المنكوحة - ولا قبلته - أي النكاح - والاولى في القبول: قبلت نكاحها لانه القبول الحقيقي (وصح) النكاح (بترجمة) أي ترجمة أحد اللفظين بأي لغة ولو ممن يحسن العربية لكن يشترط أن يأتي بما يعده أهل تلك اللغة صريحا في لغتهم.
هذا إن فهم كل كلام نفسه وكلام الآخر والشاهدان.
وقال العلامة التقي السبكي في
ــ
أي كقبلت ورضيت (قوله: على الأصح) راجع لرضيت فقط، خلافا لما يوهمه صنيعه من رجوعه لقبلت أيضا.
ويدل على ما ذكرته عبارة المغني ونصها: ورضيت نكاحها كقبلت نكاحها، كما حكاه ابن هبيرة الوزير عن إجماع الأئمة الأربعة، وإن توقف فيه السبكي، ومثله أردت، أو أحببت.
اه.
ومثلها عبارة فتح الجواد ونصها: أو رضيت نكاحها، والتوقف فيه لا وجه له، إذ لا فرق بينه وبين قبلت نكاحها، بل هذا أولى لأنه صريح في الرضا، وقبلت دال عليه.
اه.
(قوله: لا فعلت) أي لا يكفي فعلت نكاحها بدل قبلت أو رضيت.
قال سم: وذلك لأنه لا بد من ذكر النكاح فيقع معمولا
لفعلت وهو غير منتظم، سواء أريد بالنكاح الإيجاب أو العقد.
اه.
(قوله: نكاحها) مفعول لكل من قبلت ورضيت، والمراد به إنكاحها ليطابق الجواب ولاستحالة معنى النكاح، إذ هو المركب من الإيجاب والقبول.
اه.
تحفة.
وكتب سم: قال الزركشي: نعم، صرح جماعة من اللغويين أن النكاح مصدر كالإنكاح، وعليه فيخرج كلام الفقهاء.
اه.
(قوله: أو قبلت النكاح أو التزويج على المعتمد) قال في التحفة: ولا نظر لإيهام نكاح سابق حتى يجب هذا أو المذكور، خلافا لمن زعمه، لأن القرينة القطعية بأن المراد قبول ما أوجب له تغني عن ذلك.
اه.
وقوله حتى يجب هذا: أي لفظ هذا بأن يقول هذا النكاح أو النكاح هذا.
وقوله أو المذكور.
بأن يقول النكاح المذكور (قوله: لا قبلت ولا قبلتها) أي لا يكفي قبلت فقط من غير ذكر نكاحها أو تزويجها، ولا قبلتها بالضمير العائد على الزوجة فقط من غير ذكر لفظ نكاح أو تزويج قبله.
وقوله مطلقا، انظر ما معنى الإطلاق في كلامه؟ وفي التحفة بعد قوله ولا قبلته: زيادة إلا في مسألة المتوسط، فيكون المراد بالإطلاق في عبارة التحفة أنه لا فرق بين مسألة المتوسط وغيرها في قبلت وقبلتها فيعلم منها تفسير الإطلاق في عبارتنا بما ذكر ونصها لا قبلت ولا قبلتها مطلقا ولا قبلته إلا في مسألة المتوسط على ما في الروضة، لكن ردوه، ولا يشترط فيها أيضا تخاطب.
فلو قال للولي زوجته ابنتك فقال زوجت على ما اقتضاه كلامهما لكن جزم غير واحد بأنه لا بد من زوجته أو زوجتها، ثم قال للزوج قبلت نكاحها فقال قبلته على ما مر أو تزوجتها فقال تزوجتها صح.
ولا يكفي هنا نعم.
اه.
وقوله لكن ردوه: أي بأن الهاء لا تقوم مقام نكاحها.
وقوله ولا يشترط فيها: أي في مسألة المتوسطة (قوله: ولا قبلته) أي النكاح كان الأولى أن يزيد بعده الإستثناء السابق في عبارة التحفة، وهو إلا في مسألة المتوسط.
لعلم معنى الإطلاق السابق في كلامه.
ولعله سقط من النساخ (قوله: والأولى الخ) أي الأولى في القبول من تزوجتها ونكحتها ورضيت نكاحها أن يقول قبلت نكاحها.
وقوله لأنه القبول الحقيقي، مقتضاه أن ما عداه من ألفاظ القبول ليس قبولا حقيقيا وليس كذلك بل الكل قبول حقيقي شرعا، بل الوارد كما روي الآجري أن الواقع من علي في فاطمة رضي الله عنهما رضيت نكاحها (قوله: وصح النكاح بترجمة) قال في شرح الروض: اعتبارا بالمعنى، لأنه لفظ لا يتعلق به إعجاز، فاكتفى بترجمته.
اه.
(قوله: أي ترجمة أحد اللفظين) أي الإيجاب والقبول، ومثله ترجمة اللفظين معا، فقوله أحد ليس بقيد (قوله: بأي لغة) أي من لغة العجم، والمراد بها ما عدا العربية (قوله: ولو ممن يحسن العربية) غاية في الصحة: أي صحة النكاح بترجمته بما عدا لغة العرب، ولو ممن يحسن العربية.
وهي للرد، كما يفيده عبارة المغني ونصها بعد قول المنهاج: ويصح بالعجمية في الأصح، والثاني لا تصح اعتبارا باللفظ الوارد، والثالث إن عجز عن
العربية صح، وإلا فلا.
اه.
ومثله في النهاية (قوله: لكن يشترط الخ) لما كان إطلاق صحة النكاح بالترجمة يوهم عدم الفرق فيها بين الإتيان بالكناية أو بالصريح دفعة بقوله لكن يشترط الخ.
وقوله أن يأتي الخ: يعني يشترط في الإكتفاء بالترجمة أن تكون صريحة في النكاح في تلك اللغة، لا كناية فيه، إذ الكناية لا تدخل في صيغة النكاح باللفظ العربي، وبالأولى لا تدخل فيها باللفظ العجمي (قوله: هذا إن فهم الخ) أي محل صحته بالترجمة إن فهم كل من العاقدين كلام
شرح المنهاج: ولو تواطأ أهل قطر على لفظ في إرادة النكاح من غير صريح ترجمته لم ينعقد النكاح به.
انتهى.
والمراد بالترجمة ترجمة معناه اللغوي كالضم، فلا ينعقد بألفاظ اشتهرت في بعض الاقطار للانكاح - كما أفتى به شيخنا المحقق الزمزمي - ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية لعجمي لا يعرف معناها الاصلي بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح صح - كذا أفتى به شيخنا، والشيخ عطية - وقال في شرحي الارشاد والمنهاج: أنه لا يضر لحن العامي - كفتح تاء المتكلم، وإبدال الجيم زايا، أو عكسه.
وينعقد بإشارة أخرس مفهمة وقيل
ــ
نفسه وكلام الآخر: سواء اتفقت لغتهما أم اختلفت، فإن فهمها ثقة دونهما وأخبرهما بمعناها: فإن كان بعد الإتيان بها لم يصح، أو قبله صح، إن لم يطل الفصل، على الأوجه (قوله: والشاهدان) معطوف على كل، أي وفهمها الشاهدان أيضا، لما سيذكره أنه لا بد فيهما من معرفة لسان المتعاقدين (قوله: وقال العلامة التقي السبكي الخ) هذا تقوية للإستدراك الذي ذكره، إذ هو يفيد مفاده (قوله: ولو تواطأ أهل قطر) أي اتفق أهل جهة على لفظ، وقوله في إرادة النكاح.
الأولى أن يقول للنكاح ويحذف لفظ الجار والمجرور.
وقوله من غير صريح ترجمته، حال من لفظ: أي حال كون ذلك اللفظ الذي تواطأ عليه كائنا من غير صريح ترجمة النكاح.
وهو صادق بما إذا كان كناية فيه وبغيره (قوله: لم ينعقد النكاح) جواب لو.
وقوله به: أي باللفظ الذي تواطأوا عليه (قوله: والمراد بالترجمة) أي التي يصح بها النكاح.
وقوله ترجمة معناه اللغوي: أي ترجمة تفيد المعنى اللغوي للفظ النكاح وهو الضم، فلو أتي بترجمة للنكاح لا تفيده لم ينعقد بها النكاح.
وحاصل توضيح هذا المقام أن الإيجاب والقبول كما يصحان باللفظ العربي يصحان أيضا باللفظ العجمي، لكن يشترط في اللفظ العجمي المترجم به أن يفيد معنى النكاح اللغوي الذي أفاده ذلك اللفظ العربي، وهو الضم والوطئ، فإذا أتى بترجمة زوجتك أو أنكحتك مثلا اشترط فيها أن تكون مفيدة لمعنى الضم والوطئ، فإن لم تفد ذلك المعنى في تلك اللغة لم ينعقد بها النكاح ولو تواطأوا عليها (قوله: فلا ينعقد) أي النكاح وهو تفريع على مفهوم المراد المكذور.
وقوله بألفاظ: أي ليست مفيدة لمعنى النكاح اللغوي.
وقوله اشتهرت في بعض الأقطار للإنكاح: أي للتزويج، أي لاستعمالها في ذلك (قوله: ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية) أي عبر عن النكاح بالصيغة العربية لا العجمية.
وقوله لعجمي، متعلق بعقد.
وقوله لا يعرف: أي ذلك العجمي.
وقوله معناها: أي معنى الصيغة العربية، وقوله الأصلي: الذي يظهر أن المراد به اللغوي، لا الشرعي، الذي هو إنشاء الإيجاب أو القبول، وإلا لما صح قوله بعد بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح، لأن المراد بعقد النكاح الإيجاب والقبول، فإذا عرفه عرف المعنى الشرعي فحينئذ
لا يصح قوله لم يعرف معناها الأصلي - أي الشرعي - فتنبه (قوله: لا يضر لحن العامي) خرج به العارف فيضر لحنه.
هذا ما جرى عليه ابن حجر، وجرى م ر على عدم الضرر منه أيضا.
والمراد باللحن تغيير هيئة الحرف، وهو الحركة، أو تغييره نفس الحرف بأن يبدل بآخر، كما يدل عليه تمثيله، (قوله: كفتح تاء المتكلم الخ) أي من الإجياب والقبول، ولا ينافي عدم الضرر به هنا عدهم أنعمت، بضم التاء أو بكسرها، مما يضر في الصلاة لأن المدار في الصيغة على المتعارف في محاورات الناس، ولا كذلك القراءة (قوله: وإبدال الخ) معطوف على فتح، أي وكإبدال الجيم زايا، بأن يقول زوزتك.
وقوله أو عكسه، أو إبدال الزاي جيما، بأن يقول جوجتك، قال في التحفة، وفي فتاوى بعض المتقدمين يصح أنكحتك، كما هو لغة قوم من اليمن، والغزالي لا يضر زوجت لك أو إليك لأن الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى ينبغي أن يكون كالخطأ في الإعراب والتذكير والتأنيث.
اه.
(وقوله: والغزالي) أي وفتاوى الغزالي، فهو عطف على بعض (قوله: وينعقد) أي النكاح.
وقوله بإشارة أخرس مفهمة، عبارة التحفة وينعقد نكاح الأخرس بإشارته التي لا يختص بفهمها الفطن، وكذا بكتابته بلا خلاف على ما في المجموع، لكنه معترض بأنه يرى أنها في الطلاق كناية والعقود أغلظ من الحلول، فكيف يصح النكاح بها فضلا عن كونه بلا خلاف؟ وقد يجاب بحمل كلامه على ما إذا لم تكن له إشارة مفهمة وتعذر توكيله لاضطراره حينئذ، ويلحق بكتابته في ذلك إشارته التي يختص بفهمها الفطن.
اه.
(قوله:
لا ينعقد النكاح إلا بالصيغة العربية.
فعليه يصبر عند العجز إلى أن يتعلم أو يوكل.
وحكي هذا عن أحمد.
وخرج بقولي متصل ما إذا تخلل لفظ أجنبي عن العقد وإن قل: كأنكحتك ابنتي فاستوص بها خيرا.
ولا يضر تخلل خطبة خفيفة من الزوج، وإن قلنا بعدم استحبابها - خلافا للسبكي وابن أبي الشريف - ولا فقل قبلت نكاحها لانه من مقتضى العقد.
فلو أوجب ثم رجع عن إيجابه أو رجعت الآذنة في إذنها قبل القبول أو جنت أو ارتدت امتنع القبول.
(فرع) لو قال الولي زوجتكها بمهر كذا، فقال الزوج قبلت نكاحها ولم يقل على هذا الصداق: صح النكاح بمهر المثل - خلافا للبارزي - (لا) يصح النكاح مع (تعليق) كالبيع بل أولى لاختصاصه بمزيد
ــ
وقيل لا ينعقد الخ) مقابل ما في المتن، وكان المناسب أن يزيد في المتن قوله على الأصح كالمنهاج، ثم يحكي المقابل.
وقوله إلا بالصيغة العربية.
قال في المغني: اعتبارا باللفظ الوارد.
اه.
(قوله: فعليه) أي على هذا القيل.
وقوله يصبر: أي من لا يحسن العربية (قوله: وحكي هذا) أي القيل (قوله: وخرج بقولي متصل الخ) لو قدمه على قوله وصح بترجمة لكان أنسب (قوله: ماذا تخلل لفظ) أي أو سكوت لكن إن طال لإشعاره بالإعراض أيضا.
وقوله أجنبي عن العقد: أي بأن يكون ليس من مقتضياته.
وخرج به ما إذا لم يكن أجنبيا عنه بأن يكون من مقتضياته، فإن طال ضر، وإن قصر لم يضر، وقوله وإن قل: أي ذلك اللفظ المتخلل (قوله: كأنكحتك الخ) تمثيل للفظ الأجنبي المتخلل.
ومحله قوله فاستوص بها خيرا، لا كل الصيغة، كما هو ظاهر.
والمؤلف وافق العلامة الرملي في القول بالضرر باللفظ المذكور، وخالف شيخه العلامة ابن حجر في القول بعدم الضرر به، ووهم من قال بالضرر، ونص عبارته: ويؤخذ مما مر في البيع أن الفصل بأجنبي ممن طلب جوابه يضر، وإن قصر، وممن انقضى كلامه لا يضر، إلا إن طال، فقول بعضهم: لو قال
زوجتك فاستوص بها خيرا، لم يصح، وهم.
اه.
ونص عبارة م ر: وقول بعضهم لو قال زوجتك فاستوص بها فقبل لم يصح صحيح، والمنازعة فيه بأنه وهم مفرع على أن الكلمة في البيع ممن انقضى كلامه لا تضر، وقد علمت رده.
اه.
(قوله: ولا يضر تخلل خطبة خفيفة) أي غير طويلة بأن تشتمل على حمد وصلاة ووصية بالتقوى، أما إذا طالت فيضر لإشعاره بالإعراض، وضبط القفال الطول بأن يكون زمنه لو سكتا فيه لخرج الجواب عن كونه جوابا، والأولى ضبطه بالعرف.
وقوله من الزوج: أي صادرة منه بأن قال قبل القبول، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أوصيكم بتقوى الله قبلت نكاحها.
وخرج به الخطبة الصادرة من الولي قبل الإيجاب فهي لا تضر مطلقا، ولو طالت، لأنها لا تعد فاصلا (قوله: وإن قلنا بعدم استحبابها) أي الخطبة من الزوج قبل القبول، وهو غاية في عدم الضرر (قوله: خلافا للسبكي وابن أبي الشريف) أي القائلين بضرر تخلل ذلك، وعللاه بأنه أجنبي من العقد (قوله: ولا فقل الخ) أي ولا يضر قول العاقد للزوج فقل قبلت نكاحها فهو معطوف على مدخول يضر.
ونقل في حاشية الجمل عن شيخه الضرر به ونصها: والظاهر أنه يضر الفصل بقوله قل قبلت، قياسا على البيع بالأولى، لأن النكاح يحتاط له.
اه.
شيخنا.
اه.
ومثله في البجيرمي (قوله: لأنه من مقتضى العقد) تعليل لعدم الضرر بتخلل الخطبة الخفيفة، وبقوله فقل قبلت نكاحها فضمير أنه عائد على المذكور منهما وليس عائدا على الثاني فقط، وإن كان يوهمه صنيعه.
(قوله: فلو أوجب الخ) مفرع على مقدر ملحوظ في كلامه وهو أنه إذا أتى أحد العاقدين بأحد شقي العقد فلا بد من إصراره عليه وبقاء أهليته حتى يوجد الشق الآخر، وكذا الآذنة في تزويجها حيث يعتبر إذنها، وكان الأولى التصريح بهذا المقدر.
وقوله ثم رجع عن إيجابه: أي أو جن أو أغمي عليه أو ارتد (قوله: امتنع القبول) أي لم يصح ولو أتى به (قوله: لو قال الولي) أي للزوج ومثل الولي نائبه.
وقوله زوجتكها: أي موليتي.
وقوله بمهر كذا.
أي بمهر مقداره كذا وكذا كمائة (قوله: فقال الزوج) مثله وليه أو وكيله.
وقوله قبلت نكاحها، أي فقط (قوله: ولم يقل على هذا الصداق) أي أو نفاه (قوله: صح النكاح) جواب لو (قوله: خلافا للبارزي) أي القائل بعدم صحة النكاح حينئذ لعدم التوافق بين الإيجاب والقبول، وهو ضعيف، لأن التوافق
الاحتياط: كأن يقول الاب للآخر إن كانت بنتي طلقت أو اعتدت فقد زوجتكها فقبل ثم بان انقضاء عدتها وأنها أذنت له: فلا يصح لفساد الصيغة بالتعليق.
وبحث بعضهم الصحة في إن كانت فلانة موليتي فقد زوجتكها وفي زوجتك إن شئت كالبيع: إذ لا تعليق في الحقيقة، (و) لا مع (تأقيت) للنكاح بمدة معلومة أو مجهولة فيفسد لصحة النهي عن نكاح المتعة - وهو المؤقت ولو بألف سنة - وليس منه ما لو قال زوجتكها مدة حياتك أو حياتها
ــ
حاصل والصداق ليس بركن حتى يحتاج إلى التوافق فيه كالثمن في البيع.
نعم، يشترط للزومه ذكره في شقي العقد مع توافقهما فيه (قوله: لا يصح النكاح مع تعليق) أي ولو بإن شاء الله إن قصد التعليق أو أطلق، فإن قصد التبرك أو أن كل شئ بمشيئته تعالى صح، كما في النهاية.
(قوله: كالبيع) أي نظير البيع، فإنه لا يصح التعليق فيه، فالكاف للتنظير
(قوله: بل أولى) أي بل النكاح أولى بعدم صحته بالتعليق (قوله: لاختصاصه) أي النكاح، وهو علة الأولوية.
وقوله بمزيد الاحتياط: أي بزيادة احتياط على غيره لأجل حفظ الأبضاع، والدليل عليه اشتراط الإشهاد فيه دون غيره (قوله: كأن يقول الأب الخ) تمثيل ما دخله التعليق، وقوله للآخر: المناسب حذف أل، بأن يقول لآخر، وهو الزوج، أو وليه، أو وكيله (قوله: إن كانت بنتي طلقت الخ) مثله ما لو بشر بولد، فقال إن كان أنثى فقد زوجتكها فقبل وبانت أنثى (قوله: فقبل) أي ذلك الآخر.
وقوله ثم بان انقضاء إلخ: أي ثم بان طلاقها وانقضاء عدتها الخ.
ففي الكلام حذف المعطوف عليه، وقوله وأنها أذنت له: أي وبان أنها أذنت لأبيها في نكاحها، وإنما ذكر هذا وما قبله لأن القصد ترتيب عدم الصحة على التعليق فقط لأنه إذا لم يتبين ما ذكر من طلاقها وإذنها لوليها في النكاح يكون عدم الصحة مرتبا على هذا أيضا (قوله: فلا يصح) أي التزويج بالقول المذكور.
وقوله لفساد الصيغة بالتعليق: علة لعدم الصحة، ويرد عليه أنهم ذكروا في باب البيع أنه لو قال البائع إن كان هذا ملكي فقد بعتكه ثم تبين أنه ملكه فإنه يصح.
فما الفرق؟ قال في التحفة: والوجه الفرق بمزيد الإحتياط هنا (قوله: وبحث بعضهم الصحة في إن كانت فلانة موليتي فقد زوجتكها) قال في التحفة: ويتعين حمله على ما إذا علم أو ظن أنها موليته (قوله: وفي زوجتك إن شئت) قال في التحفة: يتعين حمله على ما إذا لم يرد التعليق.
اه.
(قوله: إذ لا تعليق في الحقيقة) تعليل لبحث بعضهم الصحة في الصورتين، وهو على حد قوله تعالى: * (وخافون إن كنتم مؤمنين) * (1) وقولك: إن كنت زوجتي فأنت طالق.
وهذا التعليل مبني على حمل التحفة السابق فيهما (قوله: ولا مع تأقيت) معطوف على مع تعليق: أي ولا يصح النكاح مع توقيته.
قال ع ش: أي حيث وقع ذلك في صلب العقد، أما لو توافقا عليه قبل ولم يتعرضا له في العقد لم يضر، لكن ينبغي كراهته.
اه.
(قوله: بمدة معلومة) أي كسنة.
وقوله أو مجهولة: أي كزمن وحين (قوله: فيفسد) لا حاجة إليه بعد قوله ولا مع تأقيت، لما علمت أنه معطوف على مع تعليق، وأن التقدير ولا يصح النكاح مع تعليق وعدم الصحة هو الفساد (قوله: لصحة النهي عن نكاح المتعة) قال في التحفة: وجاز أولا رخصة للمضطر، ثم حرم عام خيبر، ثم جاز عام الفتح وقبل حجة الوداع، ثم حرم أبدا بالنص الصريح.
وفي البجيرمي: (والحاصل) أن نكاح المتعة كان مباحا، ثم نسخ يوم خيبر، ثم أبيح يوم الفتح، ثم نسخ في أيام الفتح، واستمر تحريمه إلى يوم القيامة.
وكان فيه خلاف في الصدر الأول، ثم ارتفع وأجمعوا على تحريمه.
قال بعض الصحابة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بين الركن والباب، وهو يقول: أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع.
ألا وإن الله حرمها
إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا وقد وقعت مناظرة بين القاضي يحيى بن أكثم وأمير المؤمنين المأمون فإن المأمون نادى بإباحة المتعة، فدخل يحيى بن أكثم وهو متغير بسبب ذلك وجلس عنده، فقال له المأمون ما لي أراك متغيرا؟ قال لما حدث في الإسلام.
قال وما حدث؟ قال النداء بتحليل الزنا.
قال المتعة زنا؟ قال نعم.
قال ومن أين لك هذا؟ قال من كتاب الله وسنة رسوله: أما الكتاب فقد قال الله تعالى: * (قد أفلح
(1) سورة آل عمران، الاية: 175
لانه مقتضى العقد، بل يبقى أثره بعد الموت، ويلزمه في نكاح المتعة المهر والنسب والعدة، ويسقط الحد إن عقد بولي وشاهدين فإن عقد بينه وبين المرأة وجب الحمد إن وطئ: وحيث وجب الحد لم يثبت المهر ولا ما
ــ
المؤمنون) * إلى قوله * (والذين هو لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) * (1) يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟ قال لا.
قال فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث؟ قال لا.
قال فقد صار متجاوز هذين من العادين.
وأما السنة فقد روى الزهري بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها، فالتفت المأمون للحاضرين وقال: أتحفظون هذا من حديث الزهري؟ قالوا نعم.
فقال المأمون: استغفر الله نادوا بتحريم المتعة.
اه.
ملخصا.
(قوله: وهو) أي نكاح المتعة.
وقوله المؤقت الخ: هذا ضابطه عند الجمهور، وأما عند ابن عباس فهو الخالي من الولي والشهود، كذا في شرح التحرير، قال ش ق عليه.
وعلى كل فهو حرام، ولا حد فيه مطلقا للشبهة، وقال أيضا: إنما سمي بذلك لأن الغرض منه مجرد التمتع لا التوالد والتوارث اللذان هما الغرض الأصلي من النكاح المقتضيان للدوام.
قال: ولكن هذا لا يظهر على الضابط الثاني، إلا أن يقال شأن الصادر بلا ولي ولا شهود أن يكون الغرض منه مجرد التمتع: إذ لو أراد الدوام لعقد بحضرة ولي وشهود.
اه.
بتصرف (قوله: وليس منه) أي من المؤقت، والمراد الباطل، وإلا فلا يمكن نفي التأقيت رأسا لأنه موجود في العبارة.
وقوله ما لو قال زوجتكها مدة حياتك أو حياتها، أي ما لو أقت النكاح بمدة حياته أو حياتها.
وقوله لأنه، الضمير يعود على التأقيت بمدة الحياة المفهوم من المثال.
وقوله مقتضى العقد، أي وهو بقاء المعقود عليه إلى الموت، أي والتصريح بمقتضاه لا يضر، كنظيره فيما لو قال وهبتك أو أعمرتك هذه الدار مدة حياتك أو عمرك كذا في شرح الروض، وجرى عليه حجر في فتح الجواد ولم يرتضه في التحفة ونصها: وبحث البلقيني صحته إذا أقت بمدة عمره أو عمرها لأنه تصريح بمقضى الواقع، وقد ينازع فيه بأن الموت لا يرفع آثار النكاح كلها، فالتعليق بالحياة المقتضي لرفعها كلها بالموت مخالف لمقتضاه حينئذ، وبه يتأيد إطلاقهم.
ويعلم الفرق بين هذا
ووهبتك أو أعمرتك مدة حياتك بأن المدار ثم على صحة الحديث به، فهو إلى التعبد أقرب، على أنه يكفي طلب مزيد الاحتياط هنا فارقا بينه وبين غيره.
اه.
ومثله في النهاية ونصها: وبحث البلقيني صحته عند توقيته بمدة عمره أو عمرها لأنه تصريح بمقتضى الواقع ممنوع، فقد صرح بالأصحاب في البيع بأنه إذا قال بعتك هذا حياتك لم يصح البيع، فالنكاح أولى، ولأن الموت لا يرفع آثار النكاح كلها، فالتعليق بالحياة المقتضي لرفعها بالموت مخالف لمقتضاه حينئذ، وبه يتأيد إطلاقهم.
اه.
(قوله: بل يبقى أثره) أي النكاح: أي وهو الغسل والإرث.
وانظر في هذا الإضراب فإنه ينافي التأقيت بمدة الحياة وينافي التعليل الذي ذكره، وذلك لأنهما يقتضيان عدم بقاء أثر النكاح بعد الموت، ولذلك نازع ابن حجر والرملي، القائلان بعدم الصحة، البلقيني القائل بالصحة، ولو اقتضيا بقاء الأثر لما نازعاه ولوافقاه في الصحة، ولعل شارحنا لم ينظر لما اقتضاه التأقيت والتعليل الناشئ عنه النزاع المذكور، فلذلك أثبت الصحة القائل بها البلقيني، وأثبت ما هو محل نزاعهما للبلقيني بالإضراب المذكور.
فتنبه (قوله: ويلزمه في نكاح المتعة) أي ويلزم الواطئ بوطئه في نكاح المتعة.
وقوله المهر: أي مهر مثل بكر إن كانت بكرا وثيب إن كانت ثيبا ولا يلزمه المسمى لفساد النكاح.
وقوله والنسب: أي ويلزمه النسب: أي لو حملت منه وأتت بمولود فإنه ينسب إليه، وقوله والعدة لا معنى لعطفه على ما قبله، إذ يصير المعنى ويلزمه العدة وهو ليس عليه عدة فيتعين جعله فاعلا لفعل محذوف، أي ويلزمها العدة ولو لم يذكر ضمير يلزم البارز لصح العطف المذكور، ولكن يقدر المفعول بالنسبة للأولين ضميرا مذكرا، وبالنسبة للعدة ضميرا مؤنثا (قوله: ويسقط الحد) أي لشبهة اختلاف العلماء فيه.
وعبارة متن الروض، نكاح المتعة، وهو المؤقت، باطل يسقط به الحد، وإن علم فساده لشبهة اختلاف العلماء، ولا يجوز تقليده فيه، وينقض الحكم به.
اه.
بزيادة (قوله: إن عقد بولي وشاهدين) مثله ما لو عقد بشاهدين من غير ولي فإنه يلزمه ما ذكر ويسقط عنه الحد، لكن بشرط أن لا يحكم حاكم
(1) سورة المؤمنون، الاية: 1 - 7
بعده وينعقد النكاح بلا ذكر مهر في العقد بل يسن ذكره فيه.
وكره إخلاؤه عنه.
نعم، لو زوج أمته بعيده لم يستحب (و) شرط (في الزوجة) أي المنكوحة (خلو من نكاح وعدة) من غيره (وتعيين) لها.
فزوجتك إحدى
ــ
ببطلانه، وإلا وجب الحد (قوله: فإن عقد بينه وبين امرأة) أي من غير ولي وشاهدين.
وقوله وجب الحد: أي لأنه زنا (قوله: وحيث وجب الحد) أي بأن كان النكاح بلا ولي ولا شهود.
وقوله لم يثبت المهر الخ: أي لأنه زنا.
وقوله ولا ما بعده: هو النسب والعدة (قوله: وينعقد النكاح الخ) ذكر هذا هنا، وإن كان سيصرح به في الصداق، لمناسبته للصيغة من حيث إن تسمية المهر إنما يكون فيها.
فهو استطراد (قوله: بل يسن الخ) الإضراب انتقالي، والأولى أن يقول ويسن،
بالواو بدل أداة الإضراب، وسيذكر في باب الصداق أنه قد يجب ذكره لعارض، كأن كانت المرأة غير جائزة التصرف لصغر أو جنون أو سفه (قوله: وكره إخلاؤه) أي العقد وقوله عنه: أي عن ذكر الصداق (قوله: نعم لو زوج أمته بعبده لم يستحب) أي ذكره في العقد، إذ لا فائدة فيه فإنه لا يثبت للسيد على عبده شئ، فلا حاجة إلى ذكره.
ومحله حيث لا كتابة وإلا بأن كان أحدهما أو كلاهما مكاتبا استحب، إذ المكاتب كالأجنبي (قوله: وشرط في الزوجة الخ) لما أنهى الكلام على شروط الصيغة شرع في بيان شروط الزوجة التي هي أحد الأركان الخمسة، وذكر أربعة شروط: ثلاثة متنا، وهي خلوها من نكاح وعدة، وتعيين لها، وعدم محرمية.
وواحد شرحا: وهو ما سيذكر في التنبيه من اشتراط أن تكون مسلمة أو كتابية (قوله: أي المنكوحة) أي التي يريد أن ينكحها، ولو قال أي المخطوبة لكان أولى، ليفيد أن المراد بالزوجة في عبارته ليس حقيقتها، وإنما المراد بها المخطوبة وإطلاق الزوجة عليها يكون باعتبار ما تؤول إليه (قوله: خلو من نكاح وعدة) أي ولو بادعائها فيجوز تزويجها ما لم يعرف لها نكاح سابق، فإن عرف لها وادعت أن زوجها طلقها أو مات وانقضت عدتها، جاز لوليها الخاص تزويجها (1)، ولا يزوجها الولي العام، وهو الحاكم، إلا بعد ثبوت ذلك عنده،
(1) قوله: جاز لوليها الخاص تزويجها) محله ما لم ينكر زوجها الاول طلاقها ولم تقم بينة على طلاقها، وإلا فلا يصح.
وقد رفع سوال لمفتي السادة الشافعية شيخنا واستاذنا المرحوم بكرم الله مولانا السيد أحمد بن زيني دحلان في خصوص هذه القضية واجاب عنه رحمه الله خالق البرية.
وصورة السؤال ما قولكم دام فضلكم في امراة خرجت من بيت زجها الى بيت وليها هاربة ثم بعد مدة ذهبت الى القاضى وادعت أن زوجها طلقها وانها انقضت عدتها وطلبت منه أن يزوجها فطلب منها القاضى بينة الطلاق فلم تقمها، ثم ان الحاكم حكم عليها أن ترجع إلى بيت زجها فابت وهربت الى محل ثان، فجاء بعض علماء ذلك المحل وقال لوليها الخاص انك إذا صدقت قول موليتك في الطلاق وانقضاء العدة جاز لك ان تزوج موليتك، فاغتر بقوله، وزوج موليته، ثم ان الزوج الاول جاء الى الزوج الثاني وقال له ان نكاحك باطل لانك عقدت عليها وهى في عصمتي وانا لم اطلقها، فهل ما قاله الزوج الاول صحيح ويترتب عليه انها تنزع من الزوج الثاني وتسلم له أم لا؟ افتونا بالنص، فان المسالة وقع فيها خلاف عندهم بين علماء ذلك المحل، فمنهم من قال نعم لا يصح نكاح الزوج الثاني وتنزع منه وتسلم للاول، ومنهم من قال يصح نكاح الثاني ولاتنزع منه متمسكا بقولهم ان الولى الخاص إذا صدق قول موليته أن زوجها طلقها وانها انقضت عدتها له تزويجها ومتمسكا بما في التحفة في بال الرجعة وما كتبه سم عليه ونص التحفة: ولو ادعى على مزوجة انها زوجته
وقالت كنت زوجتك فطلقتني جعلت زوجة له لاقرارها له كذا أطلقه، واطال الاذرعى في رده نقلا وتوجيها ثم حمله على مزوجة انها زوجته وقالت كنت زوجتك فطلقني جعلت زوجة له لاقرارها له كدا اطلقه، واطال الاذرعى في رده نقلا وتوجيها ثم حمله على ما إذا لم تعترف للثاني ولا مكنته ولا اذنت في نكاحها.
انتهى.
ونص ما كتبه سم: قوله ثم حمله الخ.
في شرح الروض نحو هذا التقييد عن البغوي والبلقيني، فقال: نعم، ان اقرت اولا بالنكاح للثاني أو اذنت فيه لم تنزع منه ذكره البغوي، واشار إليه القاضى وكذا البلقينى فقال: يجب تقييده بما إذا لم تكن المراة اقرت النكاح لمن هي تحت يده ولا يثبت ذلك بالبينة، فان وجد احدهما لم تنزع منه جزما.
انتهى.
فقال البعض المذكور قول التحفة ثم حمله يدل على ما قلناه من ان نكاح الثاني صحيح وانها لا تنزع منه، وكذا ما نقله سم في شرح الروض عن البغوي والباقينى هذا حجته ودليله، فبينوا لنا ذلك فانكم لو لم تبينوا ذلك لنا عمل بهذه المسالة في ارضنا وحصل من ذلك ضرر عظيم .. لكم الاجر والثواب.
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والسالكين نهجهم بعده.
اللهم هداية للصواب.
إن لم تقم المراة المذكورة ببينة عادلة على طلاقها من زوجها الاول على عدم الطلاق نزعت من زوجها الثاني لتبين فساد العقد، ثم بعد عدتها من وطئه ان كان تسلم لزوجها الاول، لان المراة المذكورة في صورة السؤال قد علمت زوجيتها للاول باعترافها السابق على تزوجها بالثاني.
ومثله لو كانت زوجيتها له معلومة من غير اعترافها.
قال العلامة ابن المقري في متن الإرشاد من باب العدد ما نصه: معلوما وادعت طلاقا وتزوجت برجل آخر وادعى الزوج الاول بقاء النكاح وأنه لم يطلقها فالقول قوله وقد ذكر في الحاوى مسالة غيرها فقال ما معناه: إذا تزوجت امراة برجل اخر فجاء اخر وادعاها زوجة فقالت له: طلقني فانكر: حكم بانها زوجته لاعترافها له بالنكاح، ويحلف انه ما طلقها ويستحقها.
قال في المهمات: وكيف يستقيم ذلك، يعنى تسليمها الى من اعترفت بنكاحه وادعت طلاقه، وقد تعلق بها حق الزوج الثاني؟ وقد صحح الرافعى فيما إذا باع شيئا ثم اعترف بعد البيع بانه كان ملكا لغيره أنه لا يقبل منه لانهما قد بتواطان على ذلك.
قال: ولعل المسألة مصورة بما إذا ثبت نكاح الأول.
اه.
ملخصا.
وفي فتح الجواد ما نصه: وإن تزوجت امراة كانت في حباله زوج بأن ثبت ذلك ولو باقرارها به قبل نكاح الثاني فادعى عليها الأول بقاء نكاحه وانه يطلقها فسئلت، الجواب فإذا هي مدعية انه طلقها وانقضت عدتها منه قبل أن تنكح الثاني ولا بينة بالطلاق فحلف أنه لم يطلقها اخذها من الثاني لأنها أقرت له بالزوجية وهو اقرار صحيح: إذا لم يتفقا على الطلاق.
اه.
(والحاصل) أن المراة إذا تزوجت فجاء رجل وادعى عليها انها زجته فأجابته بانك طلقني ولم تات ببينة على الطلاق، كان لها في هذه
الحالة صورتان: احدهما ان تكون زوجيتها من الاول المدعى معلومة ببينة أو بإقرارها أو بغير ذلك، ففى هذه الصورة يحلف زوجها الاول المدعى على عدم الطلاق ويأخذها من الثاني.
وهذه هي مسالة السؤال ومسالة متن الارشاد، ولذا قيد في التمشية مسالة متنه بقوله: وقد اعترف بنكاح أو كان معلوما كما تقدم آنفآ.
وقيد الشهاب ابن حجر في فتح الجواد ايضا بقوله: كانت في حبالة زوج بأن ثبت ذلك ولو باقرارها به قبل نكاح الثاني، كما تقدم آنفآ ايضا ثانيتهما: أن تكون المرأة مبهمة الحال: أي لم يعرف انها كانت زوجة المدعى وانه طلقها وفى هذه الصورة ينظر، فان كانت قد اذنت في نكاحها بالثاني أو مكنته بقيت عنده ولاتنزع منه، وإن لم تكن أذنت في النكاح منه ولا مكنته حلف زوجها الاول ونزعت من الثاني وردت إليه وهذه الصورة الثانية مع ما فيها من التفصيل من كون المراة المجيبة بما ذكر قد اذنت في نكاحها بالثاني أو مكنته أو لم تأذن ولم تمكنه هي مسالة التحفة وكلام ابن قاسم وشرح الروض فيها.
إذا تبين ذلك علمت أنه لا يصح التمسك بما في التحفة والاستدلال به على مسالة السؤال.
والله سبحانه وتعالى اعلم.
امر برقمه المرتجي من ربه الغفران أحمد بن زيني دحلان.
مفتي الشافعية، في مكة المحمية، غفر الله له ولوالديه ومشايخه والمسلمين آمين.
(واجاب) عنه ايضا شيخنا مؤلف هذه الحاشية المذكورة فقال: اللهم هداية للصواب.
نعم، النكاح الثاني باطل لأن الأصل عدم الطلاق وبقاء العصمة فتنزع من الزوج وتسلم للاول كرها، لكن محله إذا لم تقم بينة على الطلاق وحلف الزوج الاول على عدم الطلاق، كما صرح بذلك في متن الإرشاد في باب العدة، ونص عبارته: وان تزوجت مدعية انه طلقها فحلف اخذها.
اه.
قال محشيه التزيلى اليمني: يعنى إذا ادعت امراة أن زوجها طلقها ثم تزوجت باخر فانكر الزوج الاول الطلاق فانه يحلف وتسلم إليه المراة ويلغو نكاح الثاني، لأن الأصل عدم الطلاق.
اه.
ومثله في شرح ابن حجر في فتح الجواد وعبارته: وان تزوجت امراة كانت في مدعية انه طلقها وانقضت عدتها منه قبل أن تنكح الثاني ولا بينة بالطلاق فحلف انه لم بطلقها اخذها من الثاني، لأنها أقرت له بالزوجية، وهو اقرار صحيح.
إذا لم يتفقا على الطلاق اه.
ويؤيده ايضا عبارة الروض وشرحه في الباب السادس في مسائل منثورة تتعلق باداب القضاء والشهادات والدعاوى ونصها: فصل في فتاوى البغوي، أنها لو أقرت لرجل بنكاح من سنة واثبت اخر، أي اقام بينة بنكاحها من شهر، حكم للمقر له، لانه قد ثبت باقرارها النكاح للاول، فما لم يثبت الطلاق لا حكم للنكاح الثاني.
اه.
فقوله فما لم يثبت الخ: نص في المسالة.
(فان قلت) فما تصنع في صورة التحفة السابقة فانها عين الصورة المسؤول عنها والحال ان الاذرعى حملها على ما إذا لم تعترف للثاني ولامكنته ولا اذنت في نكاحه؟ ومفهومه انها إذا اعترفت للثاني بالزوحية ومكنته أو اذنت في نكاحها لا تجعل زوجة للاول تبقى زوجة للثاني، ومثله ما كتبه ابن قاسم، فان ذلك كله يناقض ما نقلته عن الارشاد.
وما كتب عليه.
قلت: ليست صورة التحفة عين الصورة
المسؤول عنها ولا تناقض بينهما.
وبيان ذلك ان الصورة المسؤول عنها مفروضة في امراة علم قبل النكاح الثاني لها بالبينة وباقرارها انها زوجة فلان وادعت الطلاق ولم تثبت.
وصورة التحفة مفروضة في امرأة مستبهمة، أي لم يعلم قبل نكاح الثاني لها أنها مزوجة بل هي كانت تحت حبالة الثاني فجاء رجل آخر وادعى انها زوجته، فهذه الصور فيها تفصيل، فان اقرت للاول بازوجية ولم تقر للثاني ولم تمكنه من الوطء ولم تأذن له في النكاح فيأخذها الاول وتكون زوجة له، واما ان اقرت للثاني بالزوجية أو اقامت بينة عليها فهي زوجته ولم تنزع منه.
ويدل لكون صورة التحفة المذكورة مفروضة في المبهمة، أي التي لم يعلم قبل نكاح الثاني انها كانت مزوجة صريح عبارة فتح الجواد ونصه بعدما نقلته عنه آنفا: والحق الحاوى، كالشيخين، بذلك ما لو استبهمت بأن لم يعلم نكاح احد لها وانما هي تحت حبالة رجل فادعى آخر انها زوجته فقالت طلقني وانكر فيحلف ويأخذها ايضا.
نعم، ان اقرت اولا بالنكاح للثاني أو اذنت فيه لم تنزع منه، كما قاله القاضي وغيره، واعتمده الادرعى وغيره، كما لو نكحت بإذنها ثم ادعت رضاعا محرما لا يقبل.
قال الباقينى: وكذا لو ثبت نكاح الثاني بالبينة.
اه.
ومثلها عبارة البهجة وشرحها ونصها بعد كلام: الا إذا ادعى على مستبهمة أي لم يعرف انها كانت زوجته وطلقها تحت امرئ زوجية مقدمة على نكاحه، فان تقل في الجواب كنت زوجتك لكن طلقني وهو، أي الزوج، نفى هذا، أي طلاقها، تكن زوجته ان حلف انه لم يطلق، لأن الأصل عدم الطلاق، بخلاف الاولى فانهما اتفقا على الطلاق والاصل عدم الرجعة.
نعم: ان اقرت اولا بالنكاح للثاني أو أذنت فيه لم تنزع منه، كما لو نكحت رجلا باذنها ثم اقرت برضاع محرم بينهما لا يقبل إقرارها، وكما لو باع شيئا ثم اقر انه كان ملك فلان لا يقبل اقراره.
ذكره البغوي واشار إليه القاضي، وكذا البلقينى بحثا.
فقال: يجب تقييده بما إذا لم تكن المراة اقرت بالنكاح لمن هي تحت يده ولا ثبت ذلك بالبينة، فإن وجد أحدهما لم تنزع منه جزما.
اه.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب
بناتي باطل ولو مع الاشارة، ويكفي التعيين بوصف أو إشارة كزوجتك بنتي وليس له غيرها أو التي في الدار وليس فيها غيرها أو هذه وإن سماها بغير اسمها في الكل - بخلاف زوجتك فاطمة وإن كان اسم بنته إلا إن نوياها.
ولو
ــ
كما قال ز ي، اه.
بجيرمي بتصرف.
وقوله من غيره: الجار والمجرور صفة لعدة: أي عدة حاصلة لها من غير الزوج.
وخرج به المعتدة منه، ففيها تفصيل، فإن كان الطلاق رجعيا أو بائنا بدون الثلاث واللعان صح النكاح في العدة، وإلا فلا.
ومعنى صحته في الرجعية رجوعها من غير عقد (قوله: وتعيين) بالرفع عطف على خلو، أي وشرط تعيين للزوجة بما يذكره حاصل من وليها (قوله: فزوجتك إحدى بناتي باطل) أي ما لم ينويا معينة، وإلا فلا يبطل، لما تقدم أن الكناية في المعقود عليه تصح (قوله: ولو مع الإشارة) أي للبنات اللاتي المزوجة إحداهن، بأن قال زوجتك إحدى بناتي هؤلاء أو إحدى هؤلاء البنات فإنه باطل للجهل يعين المزوجة، لا للمزوجة التي هي إحدى البنات، وإلا لنافى قوله بعد ويكفي
التعيين بوصف أو إشارة.
تأمل (قوله: ويكفي التعيين بوصف) ليس المراد به الوصف الاصطلاحي، وهو ما دل على معنى وذات: كقائم وضارب، بل المراد به المعنى القائم بغيره، سواء دل على ذات قائم بها ذلك المعنى أم لا، فهو أعم من الاصطلاحي (قوله: كزوجتك بنتي) تمثيل للتعيين بالوصف، ومثله الذي بعده (قوله: وليس له غيرها) قيد لا بد منه، فلو كان له بنت غيرها لا يكون قوله بنتي تعيينا فيكون باطلا (قوله: أو التي في الدار) أي أو قال زوجتك التي في الدار.
وقوله وليس فيه، أي في الدار غيرها أي غير بنته، وهو قيد أيضا.
فلو كان في الدار بنت أخرى غير بنته وقال زوجتك التي في الدار لا يكون تعيينا فيكون باطلا للإبهام (قوله: أو هذه) أي أو قال زوجتك هذه وهي حاضرة (قوله: وإن سماها) أي المعينة بما ذكر، وهو غاية للإكتفاء بالتعيين بما ذكر: أي يكفي التعيين بما ذكر وإن سماها بغير اسمها، كأن قال زوجتك بنتي مريم والحال أن اسمها خديجة، أو قال زوجتك عائشة التي في الدار والحال أن اسمها فاطمة، أو قال زوجتك فاطمة هذه والحال أن اسمها زينب مثلا.
وإنما اكتفى بالتعيين بما ذكر مع تغيير الاسم لأن كلا من البنتية والكينونة في الدار في المثالين الأولين وصف مميز، فاعتبر ولغا الاسم، ولأن العبرة بالإشارة في الثالث، لا بالاسم، فكان كالعدم (قوله: بخلاف زوجتك فاطمة) أي بخلاف التعيين بالاسم فقط: كزوجتك فاطمة من غير أن تقول بنتي، فلا يكفي لكثرة الفواطم، وإن كان هذا الاسم هو اسمها في الواقع.
وقوله إلا إن نوياها، أي نوى العاقدان بفاطمة بنته فيكفي عملا بما نوياه.
قال في المغني.
(فإن قيل) يشترط في صحة العقد الإشهاد والشهوتد لا اطلاع لهم على النية.
(أجيب) بأن الكناية مغتفرة في ذلك، على أن الخوارزمي اعتبر في مثل ذلك أيضا علم الشهود بالمنويه.
وعليه لا
قال زوجتك بنتي الكبرى وسماها باسم الصغرى صح في الكبرى لان الكبر صفة قائمة بذاتها، بخلاف الاسم فقدم عليه: ولو قال: زوجتك بنتي خديجة فبانت بنت ابنه صح إن نوياها أو عينها بإشارة أو لم يعرف لصلبه غيرها، وإلا فلا (و) شرط فيها أيضا (عدم محرمية) بينها وبين الخاطب (بنسب فيحرم) به آخر لآية: * (حرمت عليكم) * (نساء قرابة غير) ما دخل في (ولد عمومة وخؤولة) فحينئذ يحرم نكاح أم وهي من ولدتك، أو ولدت
ــ
سؤال.
اه.
(قوله: ولو قال) أي من له ابنتان.
صغرى وكبرى (قوله: وسماها) أي الكبرى (قوله: صح) أي النكاح (قوله: لأن الكبر صفة قائمة بذاتها) أي فاكتفى بها (قوله: بخلاف الاسم) أي فليس وصفا قائما بذاتها (قوله: فقدم) أي الكبر الذي هو صفة.
وقوله عليه: أي على الإسم.
قال في شرح الروض.
ولو قال زوجتك بنتي الصغيرة الطويلة وكانت الطويلة الكبيرة فالتزويج باطل لأن كلا الوصفين لازم، وليس اعتبار أحدهما في تمييز المنكوحة أولى من اعتبار الآخر وصارت مبهمة.
اه.
(قوله: ولو قال) أي الولي للزوج (قوله: فبانت) أي خديجة المسماة في العقد بنت ابنه لا بنته (قوله: صح) أي العقد.
وقوله إن نوياها: أي نويا بخديجة بنت ابنه، ويأتي فيه السؤال والجواب السابقان في شرح
الروض، وقوله أو عينها بإشارة، أي بأن قال زوجتك بنتي خديجة هذه وأشار لبنت الابن، وقوله أو لم يعرف لصلبه غيرها، أي لم يعرف أن له بنتا من صلبه غير بنت الابن، وفيه أن هذا يقتضي أن بنت الابن يصدق عليها أنها من صلبه، وليس كذلك، بل هي من صلب الابن، إلا أن يقال أنه على سبيل التجوز (قوله: وإلا فلا) أي وإن لم ينوياها ولم تتعين بإشارة وعرف لصلبه بنت غيرها فلا يصح العقد.
وفي الروض وشرحه: ولو ذكر الولي اسم واحدة من بنتيه وقصدهما الأخرى صح التزويج فيما قصداها ولغت التسمية، وفيه الإشكال السابق.
ويأتي فيه ما تقدم فإن اختلف قصدهما لم يصح التزويج، لأن الزوج قبل غير ما أوجبه الولي.
اه.
(قوله: وشرط فيها) أي في الزوجة.
وقوله أيضا، أي كما شرط فيها ما تقدم من الخلو من النكاح والعدة ومن التعيين (قوله: عدم محرمية) أي انتفاء محرمية، وهي وصف يقتضي تحريم المناكحة.
وقوله بينها، أي المخطوبة، والظرف متعلق بمحذوف صفة لمحرمية (قوله: بنسب) الباء سببية متعلقة بمحرمية، أي محرمية سببها نسب أو رضاع أو مصاهرة (قوله: فيحرم الخ) تفريع على المفهوم.
وقوله به: أي بالنسب والأولى بها، أي المحرمية الكائنة بسبب النسب.
(واعلم) أن للمحرمات بالنسب ضابطين، الأول ما ذكره المصنف: وهو تحريم نساء القرابة إلا من دخلت تحت ولد العمومة أو ولد الخؤولة كبنت العم والعمة وبنت الخال والخالة.
والثاني يحرم على الرجل أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول، فالأصول الأمهات وإن علت، والفصول البنات وإن سفلت، وفصول أول الأصول الأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت وبنات أولادهم، لأن أول الأصول الآباء والأمهات وفصولهم الإخوة والأخوات وأولادهم، وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول هو العمات والخالات، لأن كل أصل بعد الأصل الأول الأجداد والجدات وإن علوا وخرج بأول فصل ثاني فصل وهو أولاد الأعمام والعمات وأولاد الأخوال والخالات، وثالث فصل، وهكذا.
وهذا هو الضابط للشيخ أبي إسحاق الاسفرايني، والأول لتلميذه الشيخ أبي منصور البغدادي وهو أولى لإيجازه ونصه على الإناث (قوله: لآية حرمت الخ) دليل للتحريم، ولو أخره عن الفاعل لكان أولى (قوله: نساء الخ) فاعل يحرم، ولا بد من تقدير مضاف قبله لأن التحريم كغيره من الأحكام لا يتعلق بالذوات وإنما يتعلق بالأفعال: أي يحرم نكاحن أو وطؤهن، وقوله غير بالرفع صفة لنساء، وبالنصب على الاستثناء أو الحالية (قوله: حينئذ يحرم) أي فحين إذ كان المحرم غير ما دخل في ولد العمومة والخؤولة من نساء القرابة يحرم نكاح أم، وكان الأولى والأخصر أن يقول كأم الخ تمثيلا لنساء القرابة ويحذف قوله فحينئذ يحرم نكاح، إذ هو عين قوله فيحرم نساء قرابة (قوله: وهي) أي الأم.
وقوله
من ولدتك أو ولدت من ولدك بتاء التأنيث فيهما، وهذا ضابط للأم.
وإن شئت فقل في ضابطها هي كل أنثى يصل إليها
من ولدك ذكرا كان أو أنثى وهي الجدة من الجهتين، وبنت وهي من ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى - لا مخلوقة من ماء زناه - وأخت، وبنت أخ، وأخت، وعمة وهي أخت ذكر ولدك، وخالة وهي أخت أنثى ولدتك.
(فرع) لو تزوج مجهولة النسب فاستلحقها أبوه ثبت نسبها ولا ينفسخ النكاح إن كذبه الزوج، ومثله عكسه
ــ
نسبك بواسطة أو غيرها، ولكن إطلاق الأم على الثاني مجاز.
وقوله ذكرا كان أو أنثى، تعميم في من الثانية (قوله: وهي الجدة) أي من ولدت من ولدك تسمى بالجدة حقيقة.
(وقوله: من الجهتين) أي جهة الأم وجهة الأب (قوله: وبنت) بالجر عطف على أم، أي ويحرم نكاح بنت أيضا.
قال في التحفة: ولو احتمالا، كالمنفية باللعان، ومن ثم لو كذب نفسه لحقته ومع النفي لا يثبت لها من أحكام البنت سوى تحريم نكاحها على الأوجه.
اه.
(قوله: وهي) أي البنت.
وقوله من ولدتها، بفتح تاء الفاعل، وهذا ضابط للبنت، وإن شئت فقل هي كل أنثى ينتهي إليك نسبها بواسطة أو غيرها.
وقوله أو ولدت من ولدها، إطلاق البنت على هذه مجاز لا حقيقة (قوله: ذكرا كان أو أنثى) تعميم في من الثانية أيضا (قوله: لا مخلوقة من ماء زناه) أي لا يحرم نكاح مخلوقه من ماء زناه: إذ لا حرمة لماء الزنا لكن يكره نكاحها خروجا من خلاف الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
ومثل المخلوقة من ماء الزنا المخلوقة من ماء استمنائه بغير يد حليلته والمرتضعة بلبن الزنا، وإن أرضعت المرأة بلبن زنا شخص بنتا صغيرة حلت له، ولا يقاس على ذلك المرأة الزانية، فإنها يحرم عليها ولدها بالإجماع.
والفرق أن البنت انفصلت من الرجل وهي نطفة قذرة لا يعبأ بها، والولد انفصل من المرأة وهو إنسان كامل (قوله: وأخت) بالجر معطوف أيضا على أم، أي ويحرم نكاح أخت شقيقة كانت أو لأب أو لأم.
وضابطها كل أنثى ولدها أبواك أو أحدهما (قوله: وبنت أخ) معطوف أيضا على أم: أي ويحرم نكاح بنت أخ من جميع الجهات وإن نزلت (قوله: وأخت) بالجر معطوف على أخ، أي وبنت أخت فيحرم نكاحها أيضا (قوله: وعمة) بالجر معطوف على أم: أي ويحرم نكاح عمة (قوله: وهي) أي العمة.
وقوله أخت ذكر ولدك: أي بواسطة أو بغيرها، فالتي بغير واسطة كأخت أبيك وهي عمة حقيقة، والتي بواسطة كعمة أبيك وعمة أمك وهي عمة مجازا (قوله: وخالة) بالجر أيضا عطفا على أم: أي ويحرم نكاح خالة (قوله: وهي) أي الخالة.
وقوله أخت أنثى ولدتك: أي بواسطة أو بغيرها، فالأولى كأخت أمك وهي خالة حقيقة، والثانية كخالة أبيك وخالة أمك وهي خالة مجازا (قوله: لو تزوج مجهولة النسب) أي لا يدري إلى من تنتسب كلقيطة (قوله: فاستلحقها أبوه) أي أبو الزوج، أي ادعى أنها بنته.
وقوله ثبت نسبها، أي إن وجد شرط الاستلحاق وهو الإمكان وتصديقها له إن كبرت (قوله: ولا ينفسخ النكاح إن كذبه الزوج) خرج به ما لو صدقه الزوج فإنه ينفسخ النكاح (قوله: ومثله عكسه) أي ومثل استلحاق أبي زوجها لها عكسه وهو استلحاق أبيها لزوجها فيثبت النسب به
ولا ينفسخ النكاح.
وقد ذكر مسألة العكس وما قبلها بغاية الإيضاح في النهاية ونصها: نعم، لو زوجه الحاكم مجهولة النسب ثم استلحقها أبوه بشرطه ولم يصدقه هو ثبتت أخوتها له وبقي نكاحه كما نص عليه وجرى عليه العبادي والقاضي غير مرة قالوا: وليس لنا من يطأ أخته في الإسلام غير هذا.
ولو مات الزوج فينبغي أن ترث منه زوجته بالزوجية لا بالأختية، لأن الزوجية لا تحجب، بخلاف الأختية فهي أقوى السببين، فإن صدقة الزوج والزوجة انفسخ النكاح.
ثم إن كان قبل الدخول فلا شئ لها أو بعده فلها مهر المثل.
وقيس بهذه الصورة ما لو تزوجت بمجهول النسب فاستلحقه أبوها ثبت نسبه.
ولا ينفسخ النكاح إن لم يصدقه الزوج.
وإن أقام الأب بينة في الصورة الأولى ثبت النسب وانفسخ النكاح، وحكم المهر ما مر.
وإن لم تكن بينة وصدقته الزوجة فقط لم ينفسخ النكاح لحق الزوجة، لكن لو أبانها لم يجز له بعد ذلك تجديد نكاحها، لأن إذنها شرط، وقد اعتقت بالتحريم، وأما المهر فلازم للزوج، لأنه يدعي ثبوته عليه لكنها تنكره، فإن كان قبل الدخول فنصف المسمى، أو بعده فكله.
وحكمها في قبضه كمن أقر لشخص بشئ وهو ينكره، ومر حكمه في الإقرار.
ولو وقع الاستلحاق قبل التزويج لم يجز للإبن نكاحها.
اه.
وقول بشرطه: قال ع ش: هو الإمكان
بأن تزوجت مجهولا فاستلحقه أبوها ولم تصدقه (أو رضاع فيحرم به) أي بالرضاع (من يحرم بنسب) للخبر المتفق عليه: ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فمرضعتك ومرضعتها ومرضعة من ولدك من نسب أو رضاع وكل من ولدت مرضعتك أو ذا لبنها، أمك من رضاع، والمرتضعة بلبنك ولبن فرعك نسبا أو رضاعا
ــ
وتصديقها إن كبرت.
وقوله فإن صدقه الزوج والزوجة: قال الرشيدي أو الزوج فقط.
اه.
(وقوله: ومر حكمه في الإقرار) قال ع ش: هو أنه يبقى في يده من هو بيده حتى يرجع المنكر ويعترف.
اه.
(قوله: ولم تصدقه) يفيد أنها إذا صدقته ينفسخ النكاح، ولو لم يصدقه الزوج، وهذا خلاف ما في عبارة النهاية المارة وخلاف ما في التحفة أيضا.
فتنبه (قوله: أو رضاع) عطف على نسب: أي وشرط عدم محرمية برضاع (قوله: فيحرم الخ) تفريع على المفهوم أيضا.
وقوله به: أي بالرضاع، والأولى بها، أي بالمحرمية الكائنة بسبب الرضاع، كما تقدم (قوله: من يحرم بنسب) أي نكاح نظير من يحرم بالنسب، فلا بد من تقدير مضافين.
أما الأول فلما تقدم، وأما الثاني فلأن المحرم نكاحه بالرضاع ليس عين من يحرم بالنسب، كما هو ظاهر، والمحرمات بالنسب سبع، كما تقدم، الأم والبنت والأخت وبنت الأخ وبنت الأخت والعمة والخالة، فتكون المحرمات بالرضاع كذلك، فجملة المحرمات بالنسب والرضاع أربع عشرة، ويزاد عليها أربع بالمصاهرة.
فالجملة ثمان عشرة.
وهذه هي التي تحريمها على التأبيد، وأما التي تحريمها لا على التأبيد بل من جهة الجمع فثلاث: أخت الزوجة وعمتها وخالتها، وعد بعضهم من أسباب التحريم اختلاف الجنس فلا يجوز للآدمي نكاح جنية، وبالعكس.
قاله العماد بن يونس، وأفتى به ابن عبد السلام وتبعه شيخ الإسلام واعتمده ابن حجر، قال لأن الله
تعالى امتن علينا بجعل الأزواج من أنفسنا ليتم التآنس بها.
أي في قوله تعالى: * (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) * (1) وجواز ذلك يفوت الامتنان، وفي حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن وخالف القمولي فجوز ذلك واعتمده العلامة الرملي، وأجيب عن الآية بأن الإمتنان في الآية بأعظم لأمرين وهو لا ينافي جواز الآخر، والنهي في الحديث للكراهة، لا للتحريم (قوله: للخبر المتفق عليه) أي وللنص على الأمهات والأخوات في الآية، وبعض المفسرين يجعل السبع مأخوذة من الآية الشريفة.
قال: لأن تحريم السبع لأجل الولادة له أو منه أو لأجل الإخوة له ولو بواسطة أو لأحد أصوله، فأشير للأول بقوله تعالى: * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) * (2) فالتحريم لأجل الولادة الذي علم من ذلك يشمل تحريم الأم وتحريم البنت، وأشير للثاني بقوله تعالى: * (وأخواتكم من الرضاعة) * (3) فالتحريم لأجل الإخوة له ولو بواسطة، أو لأحد أصوله الذي علم من ذلك يشمل تحريم الأخت والخالة والعمة وبنت الأخ وبنت الأخت، لأن تحريم الأخت لأجل الأخوة له بغير واسطة وتحريم الخالة والعمة لأجل الإخوة لأحد أصوله الذي هو الأم في الأولى والأب في الثانية، وتحريم بنت الأخ وبنت الأخت للأخوة له بواسطة، ولا يخفى ما في ذلك من الخفاء.
اه.
باجوري (قوله: فمرضعتك) مبتدأ، خبره أمك، وهو بيان لضابط الأم من الرضاع (قوله: ومرضعتها) أي مرضعة مرضعتك، وهذه كالتي بعدها إطلاق الأم عليها مجاز لأنها جدة (قوله: ومرضعة من ولدك) أي مرضعة أمك التي ولدتك.
وقوله من نسب أو رضاع: تعميم في من ولدك، وهو غير ظاهر، لأن الولادة مختصة بالنسب، وعلى تسليم أن المراد بمن ولدك أمك مطلقا بطريق التجوز يظهر التعميم ويكون الشق الثاني من التعميم، وهو قوله أو رضاع، مكررا مع قوله أولا ومرضعتها، وبيانه أن مرضعة أمك من الرضاع هي عين مرضعة مرضعتك.
وإذا علمت ذلك فالأولى إسقاطه، كما في التحفة (قوله: وكل من ولدت مرضعتك) معطوف على فمرضعتك (قوله: أو ذا لبنها) أي أو ولدت ذا لبنها وهو الفحل الذي هو حليل المرضعة الذي له اللبن.
واحترز بقوله ذا لبنها عما لو كان اللبن لغيره كأن تزوج امرأة ترضع فإن الزوج المذكور ليس صاحب اللبن، فأم من ولدته ليست أمك (قوله: أمك من رضاع) أي بشرط أن تبلغ تسع سنين تقريبا وإلا فلبنها لا يحرم، كما سيذكره (قوله: والمرتضعة بلبنك) مبتدأ خبره بنتك، وهو بيان لضابط البنت.
ولا فرق في هذه المرتضعة بين أن
(1) سورة الروم، الاية:21.
(2)
سورة النساء، الاية:23.
(3)
سورة النساء، الاية: 23
وبنتها كذلك وإن سفلت بنتك، والمرتضعة بلبن أحد أبويك نسبا أو رضاعا أختك.
وقس على هذا بقية الاصناف المتقدمة.
ولا يحرم عليك برضاع من أرضعت أخاك أو ولد ولدك ولا أم مرضعة ولدك وبنتها، وكذا أخت أخيك لابيك أو لامك من نسب أو رضاع.
(تنبيه) الرضاع المحرم وصول لبن آدمية بلغت سن حيض، ولو قطرة، أو مختلطا بغيره - وإن قل - جوف
ــ
تكون مرضعتها زوجة أو أمة أو موطوءة بشبهة (قوله: ولبن فرعك) أي والمرتضعة بلبن فرعك.
(وقوله: نسبا أو رضاعا) تعميم في الفرع (قوله: وبنتها) أي بنت المرتضعة.
وقوله كذلك: أي نسبا أو رضاعا (قوله: وإن سفلت) أي بنت المرتضعة بلبنك، فهي بنتك أيضا (قوله: والمرتضعة) مبتدأ خبره قوله أختك.
وهو بيان لضابط الأخت.
(واعلم) أن من ارتضع من امرأة صار جميع بناتها أخوات له من الرضاع سواء التي ارتضع عليها والتي قبلها والتي بعدها، وإنما نبهنا على ذلك، مع وضوحه، لأن جهلة العوام يسألون عن ذلك كثيرا ويظنون أن الأخت من الرضاع هي التي ارتضع عليها دون غيرها (قوله: وقس على هذا) أي في التصوير لا في الحكم: إذ هو ثابت بالحديث.
وقوله بقية الأصناف المتقدمة: أي في النسب وهي بنت الأخ وبنت الأخت والعمة والخالة، فالمرتضعة من أختك أو من لبن أخيك نسبا أو رضاعا بنت أخت أو أخ، وأخت ذي اللبن عمة رضاع، وأخت المرضعة خالة الرضاع (قوله: ولا يحرم عليك برضاع من أرضعت أخاك الخ) شروع في أربع مسائل استثناها بعضهم من قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فهي تحرم من النسب ولا تحرم من الرضاع، والمحققون، كما في الروضة، على أنها لا تستثنى لعدم دخولها في القاعدة لأنهن إنما يحرمن في النسب لمعنى لا يوجد فيهن في الرضاع.
وذلك المعنى هو الأمومة والبنتية والأختية، كما سيأتي تقريره، وقد نظمها بعضهم فقال: مرضعة الأخ أو الأخت تحل أو ولد الولد ولو أنثى جعل كذاك أم مرضع للولد وبنتها وهي ختام العدد (قوله: من أرضعت أخاك) أي أو أختك ولو كانت هذه أم نسب لحرمت عليك لأنها أمك إن كان الأخ والأخت شقيقين لك أو لأم أو موطوءة أبيك إن كان لأب.
(وقوله: أو ولد ولدك) بنصب ولد الأول معطوفا على أخاك: أي ولا يحرم عليك من أرضعت ولد ولدك، ولو كانت أم نسب لحرمت عليك لأنها إما بنتك إن كان ولدك أنثى أو موطوءة ابنك إن كان ذكرا (قوله: ولا أم مرضعة الخ) بالرفع عطف على من: أي ولا يحرم عليك أم مرضعة ولدك ولا بنت مرضعته ولو كانت المرضعة أم نسب كانت موطوءتك فيحرم عليك أمها وبنتها (قوله: وكذا أخت أخيك إلخ) أي وكذا لا يحرم عليك أخت أخيك ولا بد من قطع النظر عن متعلق قوله أولا ولا يحرم وهو برضاع وإلا لما صح التعميم بقوله بعد من نسب أو رضاع.
وقوله من نسب أو رضاع: تعميم في الأخ وفي الأخت، أي ولا يحرم عليك أخت أخيك الذي من النسب أو من
الرضاع سواء كانت هي أيضا من النسب، كأن كان لزيد أخ لأب وأخت لأم فلأخيه لأبيه نكاحها، أم من الرضاع: كأن ترضع امرأة زيد أو صغيرة أجنبية فلأخيه لأبيه نكاحها، وسواء كانت الأخت أخت أخيك من أبيك لأمه كما مثلنا أم أخت أخيك من أمك لأبيه.
مثاله في النسب أن يكون لأبي أخيك من أمك بنت من غير أمك فلك نكاحها، وفي الرضاع أن ترضع صغيرة بلبن أبي أخيك لأمك فلك نكاحها (قوله: تنبيه) أي في بيان شروط الرضاع المحرم.
وقد أفرده الفقهاء بباب مستقل، ويذكرونه عقب العقدة، والمصنف خالفهم وذكره هنا لأنه لما ذكر الرضاع المحرم ناسب أن يذكر شروطه معه.
فما أحسن صنيعه.
(واعلم) أن الرضاع لغة اسم لمص الثدي وشرب لبنه.
وشرعا ما ذكره الشارح.
وأركانه ثلاثة: مرضع، ورضيع، ولبن، وكلها تعلم من كلامه (قوله: الرضاع) بكسر الراء وفتحها وبالضاد المعجمة وقد تبدل تاء.
وقوله المحرم، بكسر الراء المشددة: أي للنكاح (قوله: وصول الخ) سواء كان بمص الثدي أم بغيره، كما إذا حلب منها ثم صب في فم
رضيع لم يبلغ حولين يقينا خمس مرات يقينا عرفا، فإن قطع الرضيع إعراضا وإن لم يشتغل بشئ آخر أو قطعته
ــ
الرضيع.
وقوله لبن: أي ولو مخيضا، ومثل الزبد والجبن والإقط والقشطة لأن ما ذكر في حكم اللبن، بخلاف السمن الخالص من اللبن.
والمصل، وهو الذي يسيل من الجبن والإقط، واعتمد بعضهم التحريم بالسمن الخالص لما فيه من الدسم.
وقوله آدمية: أي حية حياة مستقرة في حال انفصال اللبن منها وإن لم يشربه إلا بعد موتها.
وخرج بالآدمية الرجل فلا تثبت حرمة بلبنه على الصحيح لأنه ليس معدا للتغذية، فأشبه غيره من المائعات، لكن يكره له ولفرعه نكاح من ارتضعت بلبنه.
وخرج أيضا الخنثى المشكل والمذهب أنه يوقف الأمر فيه إلى البيان، فإن بان أنثى حرم لبنه وإلا فلا.
فلو مات قبله لم يثبت التحريم، فللذي ارتضع منه نكاح أم الخنثى ونحوها والبهيمة.
فلو ارتضع صغيران من شاة مثلا لم تحرم مناكحتهما والجنية بناء على عدم صحة مناكحتنا للجن.
أما على صحة ذلك فهم كالآدميين.
فلو أرضعت جنية صغيرا ثبت التحريم وإن لم تكن على صورة الآدمية أو كان ثديها في غير محله المعتاد.
وخرج بقولي حية الميتة فلا يثبت الرضاع بلبنها لأنه منفصل من جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة.
وبحياة مستقرة من انتهت إلى حركة المذبوح فلا يثبت الرضاع بلبنها أيضا (قوله: بلغت سن حيض) الجملة صفة لآدمية.
أي آدمية موصوفة بكونها بلغت سن الحيض، أي ولو كانت بكرا خلية.
وسن الحيض هو تسع سنين قمرية، ويكفي كون التسع تقريبية، على المعتمد: كما في الحيض، ولا يشترط أن تكون تحديدية.
فلو انفصل اللبن منها قبل التسع بما لا يسع حيضا وطهرا، وهو أقل من ستة عشر
يوما، كان محرما.
وخرج بذلك من لم تبلغ سن حيض بأن انفصل منها قبل التسع بما يسع حيضا وطهرا، وهو ستة عشر يوما فأكثر، فلا يؤثر، وذلك لأنها لا تحتمل حينئذ الولادة واللبن فرعها (قوله: ولو قطرة) غاية في اللبن المحرم وصوله: أي يحرم وصول اللبن ولو كان قطرة، والمراد في كل رضعة (قوله: أو مختلطا بغيره) غاية ثانية: أي ولو كان مختلطا بغيره مائعا كان أو جامدا فإنه يحرم.
وقوله وإن قل أي اللبن المخلوط مع غيره.
ثم إن كان اللبن المخلوط غالبا بأن بقي طعمه أو لونه أو ريحه أثر التحريم مطلقا، سواء شرب البعض أو الكل، وإن كان مغلوبا بأن زال طعمه أو لونه أو ريحه حسا وتقديرا بالأشد، فإن شرب الكل أثر التحريم لتيقن شرب اللبن، وإلا فلا (قوله: جوف) بالنصب على الظرفية متعلق بوصول: أي وصوله في جوفه، أي معدته أو دماغه.
فالمراد بالجوف ما يحيل الغذاء أو الدواء.
والمراد الوصول مطلقا، ولو بإسعاط، بأن يصب اللبن في أنفه فيصل إلى دماغه، لا بحقنة، بأن يصب اللبن في دبره فيصل إلى معدته أو بتقطير في قبل أو أذن لعدم التغذي بذلك.
ومن هنا يظهر أنه لا أثر لوصوله لما عدا المعدة والدماغ وإن وصل إلى حد الباطن المفطر للصائم.
وقوله رضيع: أي حي حياة مستقرة، فلا أثر لوصوله جوف من حركته حركة مذبوح أو ميت اتفاقا لانتفاء التغذي (قوله: لم يبلغ حولين) الجملة صفة لرضيع: أي رضيع موصوف بكونه لم يبلغ عمره حولين، أي بالأهلة إن وقع انفصال الرضيع أول الشهر الأول، فإن انكسر الشهر بأن وقع انفصاله في أثنائه تمم العدد من الخامس والعشرين شهرا ثلاثين يوما.
وخرج بلم يبلغ حولين ما لو بلغهما فلا يؤثر ارتضاعه تحريما.
وذلك لخبر الدارقطني لا رضاع إلا ما كان في الحولين وما ورد مما خالف ذلك في قصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه فإن زوجته كرهت دخوله عليها فأرشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إرضاعه حيث قال لها أرضعيه: فمخصوص به أو منسوخ.
وابتداؤهما يعتبر من تمام انفصال الرضيع.
فلو ارتضع قبل تمامه لم يؤثر.
ولو تم الرضيع حولين في أثناء الرضعة الخامسة أثر على المذهب لأن ما يصل إلى الجوف في كل رضعة غير مقدر حتى لو لم يصل في كل رضعة إلا فطرة: كفى، كما تقدم (قوله: يقينا) قيد في انتفاء بلوغه الحولين، أي يعتبر انتفاء بلوغه الحولين يقينا.
فلو شك هل بلغهما أم لا؟ لم يؤثر الرضاع حينئذ للشك في سبب التحريم (قوله: خمس مرات) حال من وصول: أي حال كون وصول اللبن في جوف الرضيع خمس مرات أو ظرف متعلق به، أي وصوله من خمس مرات.
وقوله يقينا، قيد في الخمس مرات.
فلو شك في كونه خمسا أو أقل لم يؤثر لأن الأصل عدم الخمس، لكن لا يخفى الورع.
والحكمة في اعتباره خمس مرات أن الحواس التي بها الإدراك خمس: وهي السمع والبصر والشم والذوق والمس، فكأن كل رضعة تحفظ حاسة.
وقيل يكفي رضعة واحدة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك
رضي الله عنهما، ثم إن ظاهر العبارة أنه يكفي وصول اللبن الجوف خمس مرات ولو انفصل اللبن من الثدي دفعة
المرضعة ثم عاد إليه فيهما فورا فرضعتان، أو قطعه لنحو لهو كنوم خفيف وعاد حالا أو طال والثدي بفمه أو تحول ولو بتحويلها من ثدي لآخر أو قطعته لشغل خفيف ثم عادت إليه فلا تعدد في جميع ذلك، وتصير المرضعة أمه، وذو اللبن أباه.
وتسري الحرمة من الرضيع إلى أصولهما وفروعهما وحواشيهما نسبا ورضاعا،
ــ
واحدة، وليس كذلك، بل لا بد من انفصال اللبن خمسا ووصوله إلى الجوف خمسا.
فلو حلب منها لبن دفعة وأوجره الطفل خمس مرات أو حلب منها خمس مرات وأوجره دفعة حسب رضعة واحدة في الصورتين اعتبارا في الأولى بحالة الانفصال وفي الثانية بحالة الوصول.
وقوله عرفا أي أن العبرة في ضبط الخمس بالعرف، وذلك لأنهن لا ضابط لهن لغة ولا شرعا.
وما لا ضابط له فيهما فضابطه العرف.
فما قضى بكونه رضعة أو رضعات اعتبر، وإلا فلا (قوله: فإن قطع الرضيع الخ) أي الرضاع.
وهو تفريع على كون العبرة في ضبطهن بالعرف.
وقوله إعراضا، منصوب على الحال من فاعل قطع: أي قطعه حال كونه معرضا عن الثدي أو على أنه مفعول لأجله، أي للإعراض.
وخرج به ما لو قطعه لا إعراضا بل لنحو اللهو ثم عاد إليه فإنه يعد رضعة واحدة، كما سيصرح به قريبا (قوله: وإن لم يشتغل الخ) لو أخره عن قوله فرضعتان لكان أولى، لأنه غاية له (قوله: أو قطعته المرضعة) أي إعراضا أيضا لا لشغل خفيف، وإلا فلا تعدد، كما سيصرح به (قوله: ثم عاد) أي الرضيع.
(وقوله: إليه) أي إلى الرضاع.
(وقوله: فيهما) أي في الصورتين.
(وقوله: فورا) أي أو بالتراخي، ولو قال ولو فورا لكان أولى (قوله: فرضعتان) خبر لمبتدأ محذوف والجملة جواب الشرط: أي فهما، أي ما قبل القطع وما بعد العود، رضعتان (قوله: أو قطعة) أي الرضيع الرضاع.
(وقوله: لنحو لهو) هذا مفهوم قوله إعراضا، كما علمت.
(قوله: كنوم) تمثيل لنحو اللهو.
ومثله التنفس وازدراد ما جمعه من اللبن في فمه.
وقوله خفيف، صفة لنحو لهو، ويصح جعله صفة لنوم، لكن الأول أولى (قوله: وعاد حالا) أي بعد قطعه لنحو لهو (قوله: أو طال) معطوف على خفيف من عطف الفعل على الاسم المشبه للفعل وهو جائز.
قال في الخلاصة: واعطف على اسم شبه فعل فعلا وعكسا استعمل تجده سهلا والمناسب أن يقول أو طويل من عطف الوصف على الوصف، أي أو قطعه لنحو لهو طويل.
وقوله والثدي بفمه: الجملة حالية، وهي قيد في الطول.
وعبارة التحفة: أما إذا نام أو التهى طويلا فإن بقي الثدي بفمه لم يتعدد وإلا تعدد.
اه.
(قوله: أو تحول) يصح قراءته بصيغة الفعل عطفا على أو قطعه، ويصح قراءته بصيغة المصدر عطفا على نحو لهو، والتقدير عليه أو قطعه لأجل نحو تحول.
ويدل للأول عبارة المنهاج ونصها مع التحفة، أو قطعه للهو وعاد في الحال أو تحول أو حولته من ثدي لآخر فلا تعدد.
اه.
ويدل للثاني عبارة الإرشاد ونصها مع شرحه: لا إن قطعه بتحول:
أي سبب تحوله من ثدي لآخر.
اه.
(قوله: ولو بتحويلها) أي ولو كان التحول حصل بتحويل المرضعة له.
والغاية للتعميم: أي لا فرق في هذا التحول بين أن يكون من الطفل بنفسه أو من المرضعة (قوله: من ثدي لآخر) متعلق بتحول: أي تحول من ثديها إلى ثديها الآخر.
ولو عبر بما ذكرته لكان أولى لأن عبارته تشمل ثدي غير المرضعة الأولى مع أن الرضاع يتعدد به مطلقا (قوله: أو قطعته الخ) معطوف على أو قطعه لنحو لهو.
(وقوله: لشغل خفيف) خرج به ما إذا كان لشغل غير خفيف بأن كان طويلا فإنه يتعدد بالعود.
وحاصل ما ذكره الشارح من المسائل خمس على قراءة تحول بصيغة الفعل: اثنان منها يتعدد فيهما الرضاع وهما: ما إذا قطعه الرضيع إعراضا، وما إذا قطعته كذلك.
والبقية لا يتعدد فيها الرضاع وهي: ما إذا قطعه لنحو لهو خفيف، وأما إذا تحول من ثديها للآخر، وأما إذا قطعته لشغل خفيف (قوله: فلا تعدد) جواب إن المقدرة قبل قوله قطعه لنحو لهو وبعد أو، وقوله في جميع ذلك، أي المذكور، وهو قوله أو قطعه لنحو لهو وقوله أو تحول وقوله أو قطعته، وإنما لم يحصل التعدد في ذلك عملا بالعرف (قوله: وتصير المرضعة الخ) لا حاجة إلى هذا بعد الضابط السابق الذي ذكره بقوله فمرضعتك ومرضعتها الخ إلا أن يقال الغرض منه بيان ضابط آخر بعبارة أخرى، وكان الأولى التفريع بالفاء.
وقوله أمه: أي الرضيع.
وقوله وذو اللبن أباه، أي ويصير صاحب اللبن أبا الرضيع.
ولا فرق فيه بين أن يكون زوجا أو واطئا بشبهة أو واطئا بمالك اليمين لا الواطئ بزنا، فلا يحرم عليه أن ينكح المرتضعة بلبن زناه
وإلى فروع الرضيع - لا إلى أصوله وحواشيه - ولو أقر رجل وامرأة قبل العقد أن بينهما أخوة رضاع وأمكن حرم تناكحهما، وإن رجعا عن الاقرار أو بعده فهو باطل، فيفرق بينهما.
وإن أقر به فأنكرت صدق في حقه، ويفرق
بينهما أو أقرت به دونه.
فإن كان بعد أن عينته في الاذن للتزويج أو مكنته من وطئه إياها لم يقبل قولها، وإلا
ــ
لكن يكره ولا تنقطع نسبة اللبن عن صاحبه، فإن طالت المدة جدا أو انقطع ثم عاد إلا بولادة من آخر فاللبن قبلها للأول واللبن بعدها للآخر (قوله: وتسري الخ) أي تنتشر الحرمة ممن رضع، وهو الطفل، أي وصول المرضعة وذي اللبن وفروعهما وحواشيهما.
ثم إن صريح عبارته أن الحرمة تنتشر من الرضيع إلى من ذكر مع أن الحرمة إنما تنتشر من المرضعة إلى أصولها وفروعها وحواشيها، وكذلك من ذي اللبن إلى المذكورين، فكان الأولى أن يقول وتسري الحرمة من المرضعة وذي اللبن إلى من ذكر ومن الرضيع إلى فروعه فقط.
والمراد بالأصول الآباء، وبالفروع الأبناء، وبالحواشي الأخوة والأخوات والأعمام والعمات.
فيصير آباء المرضعة وصاحب اللبن أجداده، وأمهاتهما جداته، وأولادهما أخوته وأخواته: سواء وجدوا قبله وبعده، كما تقدم، وإخوة المرضعة أخواله، وأخواتها خالاته، وإخوة صاحب اللبن أعمامه، وأخواته عماته، ويصير أولاد الرضيع أحفادهما (قوله: وإلى فروع الرضيع الخ) أي وتسري الحرمة من الرضيع إلى فروعه لا إلى أصوله وحواشيه، والفرق بين أصولهما وحواشيهما وبين أصوله وحواشيه أن لبن المرضعة كالجزء من
أصولها فتسري الحرمة إليهم وإلى حواشيهم، وسبب لبن المرضعة مني الفحل الذي جاء منه الولد، وهو كالجزء من أصوله أيضا، فيسري التحريم إليهم وإلى حواشيهم، ولا كذلك في أصول الرضيع وحواشيه.
وقد نظم هذا الضابط بعضهم بقوله: وينتشر التحريم من مرضع إلى أصول فصول والحواشي من الوسطو وممن له در إلى هذه ومن رضيع إلى ما كان من فرعه فقط والمراد بمن له الدر صاحب اللبن، كالزوج، واسم الاشارة عائد إلى الثلاثة قبله (قوله: ولو أقر الخ) شروع في الإقرار والشهادة بالرضاع (قوله: رجل وامرأة) الواو بمعنى أو، لأن لفظ الإقرار لا يشترط أن يكون صادرا منهما معا، بل يكون تارة صادرا منهما معا، وتارة يكون صادرا على أحدهما ثم يوافقه الآخر أو ينكر (قوله: قبل العقد) الظرف متعلق بأقر.
وسيذكر محترزه (قوله: أن بينهما أخوة رضاع) أي أو بنوة أو عمومة أو خؤولة بأن قال هي بنتي أو أختي أو عمتي أو خالتي، أو قالت هي هو إبني أو أخي أو عمي أو خالي ووافق كل منهما الآخر على ما أقر به (قوله: وأمكن) أي المقر به بأن لم يكذبه الحس، فإن كذبه بأن منع من الاجتماع بها أو بمن تحرم عليه بسبب إرضاعها مانع حسي أو ادعى أنها بنته وهي أسن منه، فإقراره لغو (قوله: حرم تناكحهما) أي مؤاخذة لكل منهما بإقراره.
قال في التحفة: ظاهرا وباطنا إن صدق المقر، وإلا فظاهرا فقط ثم قال: ويظهر أنه لا تثبت الحرمة على غير المقر من فروعه وأصوله مثلا إلا إن صدقه.
اه (قوله: وإن رجعا عن الإقرار) غاية في حرمة المناكحة بالإقرار: أي حرمت مناكحتهما به بعده وإن رجعا عنه فلا يعتد برجوعهما (قوله: أو بعده) معطوف على قوله قبل العقد: أي أو أقر رجل وامرأة بعد العقد أن بينهما ما ذكر (قوله: فهو باطل) أي فعقد النكاح باطل عملا بإقرارهما وإن قضت العادة بجهلهما بشروط الرضاع المحرم (قوله: فيفرق بينهما) أي ويسقط المسمى لتبين فساد النكاح ويجب مهر المثل إن وطئها معذورة، كأن كانت جاهلة بالحال أو مكرهة، وإلا فلا يجب شئ (قوله: وإن أقر) أي الزوج.
وقوله به: أي بالرضاع المحرم.
وقوله فأنكرت، أي الزوجة المدعى به (قوله: صدق في حقه) أي عمل بإقراره بالنسبة لحقه وهو انفساخ النكاح، لا بالنسبة لحقها وهو الصداق.
فلا يسقط عنه، بل لها المسمى إن صح، وإلا فمهر المثل إن وطئها، وإلا فنصفه، وذلك لأن الفرقة منه (قوله: ويفرق بينهما) أي يفرق القاضي أو نائبه بينهما حينئذ (قوله: أو أقرت) أي الزوجة.
وقوله به: أي الرضاع المحرم، وقوله دونه: أي الزوج، أي أنه أنكر ما ادعته (قوله: فإن الخ) جواب أن المقدرة قبل قوله أقرت: أي أو إن أقرت وأنكر هو فإن الخ.
وقوله كان أي إقرارها
صدقت بيمينها ولا تسمع دعوى نحو أب محرمية بالرضاع بين الزوجين.
ويثبت الرضاع برجل وامرأتين، وبأربع نسوة ولو فيهن أم المرضعة إن شهدت حسبة بلا سبق دعوى كشهادة أب امرأة وابنها بطلاقها كذلك.
وتقبل شهادة مرضعة مع غيرها لم تطلب أجرة الرضاع وإن ذكرت فعلها كأشهد أني أرضعتها.
وشرط شهادة الرضاع ذكر وقت
ــ
بذلك.
وقوله بعد أن عينته: الأولى إسقاط قوله بعد أن ويقتصر على قوله عينته لأن ذكره يقتضي أنها لو أقرت بذلك قبل تعيينها وقبل تمكينها من الوطئ يقبل قولها، ولا معنى له: إذ الفرض أن الإقرار واقع بعد العقد.
وقوله أو مكنته من وطئه إياها، أي حال كونها عالمة بالحال مختارة.
وقوله لم يقبل قولها: أي ويصدق هو بيمينه ولا شئ لها لا المسمى ولا مهر المثل بوطئه لها لأنها زانية.
وعبارة التحفة مع الأصل، وإن ادعته، أي الزوجة، الرضاع المحرم فأنكره الزوج صدق بيمينه إن زوجت منه برضاها به بأن عينته في إذنها لتضمنه إقرارها بحلها له، وإلا تزوج برضاها، بل إجبارا، أو أذنت من غير تعيين زوج فالأصح تصديقها بيمينها، ما لم تمكنه من وطئها مختارة، لاحتمال ما تدعيه ولم يثبت منها ما يناقضه.
اه (قوله: وإلا صدقت) أي وإن لم تعين الزوج في الإذن للتزويج بأن أذنت للولي في التزويج من غير تعيين ولم تمكنه من وطئه إياها حال كونها عالمة مختارة، بأن مكنته حال كونها جاهلة بالحال أو مكرهة، أو لم تمكنه رأسا صدقت بيمينها وفرق بينهما وعليه مهر المثل لا المسمى إذا وطئها.
نعم، إن أخذت المسمى فليس له رده وإعطاؤها مهر المثل.
والورع له فيما إذا ادعت الرضاع أن يطلقها لتحل لغيره إن كانت كاذبة.
ثم إن منكر الرضاع منهما يحلف على نفي علمه به لأنه ينفي فعل غيره ولا نظر إلى فعله في الارتضاع، لأنه كان صغيرا ومدعيه يحلف على بت لأنه يثبت فعل الغير.
نعم لو نكل أحدهما عن اليمين وردت على الآخر حلف على البت (قوله: ولا تسمع دعوى نحو أب إلخ) أي أن لم تكن بينة ولم يصدقاه بدليل قوله بعد ويثبت الخ (قوله: ويثبت الرضاع برجل وامرأتين) أي بشهادة رجل وامرأتين: أي وبرجلين أيضا وإن تعمدا النظر لثدييها لغير الشهادة وتكرر منهما لأنه صغيرة لا يضر إدمانها حيث غلبت طاعاته على معاصيه (قوله: وبأربع نسوة) أي ويثبت بأربع نسوة لاطلاعهن عليه غالبا كالولادة ومن ثم لو كان النزاع في الشرب من ظرف لم يقبلن لأن الرجال يطلعون عليه ثم يقبلن في أن ما في الظرف لبن فلانة، لأن الرجال لا يطلعون على الحلب غالبا.
اه.
تحفة (قوله: ولو فيهن، أم المرضعة) غاية في ثبوت الرضاع بأربع نسوة: أي يثبت الرضاع بهن ولو كانت أم المرضعة واحدة منهن.
والمرضعة تقرأ بصيغة اسم المفعول، وأمها هي المرضعة، بكسر الضاد، وإنما حملت ما ذكر على هذا الضبط لأنها هي التي يتوهم إخراجها وعدم صحة شهادتها للتهمة.
وأما غيرها فلا يتوهم فيه ذلك فلا حاجة للتنبيه عليه بالغاية (قوله: إن شهدت) أي أم المرضعة (قوله: حسبة) أي شهادة حسبة، وهي التي تكون من غير استشهاد: كأن يقول الشاهد ابتداء عند القاضي أشهد على فلان بكذا فأحضره سواء تقدمها دعوى أم لا.
وهذا هو الذي جرى عليه ابن حجر
وغيره، خلافا للأذرعي كما في الرشيدي حيث قال: إنها لا يقال لها شهادة حسبة بعد الدعوى.
فقول الشارح بعد بلا دعوى، أي سبق دعوى، ليس بقيد، أو يقال إنه جرى على طريقة الأذرعي التي نقلها عنه الرشيدي.
وإنما اكتفى بشهادة الحسبة منها لانتفاء التهمة لأنها تكون شهادة على المرضعة - لا لها - وخرج بشهادة الحسبة غيرها فلا تكفي منها للتهمة لأنها تكون شهادة لها حينئذ (قوله: كشهادة أب امرأة وابنها بطلاقها) الكاف للتنظير: أي نظير شهادة أم امرأة وابنها بطلاقها فإنها تقبل.
وقوله كذلك: أي إذا كانت حسبة، فإن لم تكن حسبة فلا تقبل (قوله: وتقبل شهادة مرضعة مع غيرها) أي مع ثلاث غيرها أو مع رجل وامرأة غيرها.
(وقوله: لم تطلب أجرة الرضاع) أي حال الشهادة أو قبلها، فإن طلبتها لم تقبل للتهمة (قوله: وإن ذكرت فعلها) أي تقبل شهادتها حينئذ وإن ذكرت في الشهادة فعلها لأنها غير متهمة في ذلك مع كون فعلها غير مقصود في الإثبات، إذ العبرة بوصول اللبن لجوفه.
وعبارة المنهاج: وتقبل شهادة المرضعة إن لم تطلب أجرة ولا ذكرت فعلها وكذا إن ذكرته فقالت أرضعته في الأصح.
اه.
(قوله: وشرط شهادة الرضاع) أي صحتها.
(وقوله: ذكر وقت إلخ) أي بأن يقول أشهد أنه رضع خمس رضعات متفرقات في الحياة بعد التسع وقبل الحولين.
قال في التحفة: نعم إن كان الشاهد فقيها يوثق بمعرفته وفقهه موافقا للقاضي المقلد في شرط التحريم وحقيقة الرضعة اكتفى
الرضاع، وعدده، وتفرق المرات، ووصول اللبن إلى جوفه في كل رضعة.
ويعرف بنظر حلب وإيجار وازدراد، وبقرائن كامتصاص ثدي وحركة حلقة بعد علمه أنها ذات لبن وإلا لم يحل له أن يشهد لان الاصل عدم اللبن.
ولا يكفي في أداء الشهادة ذكره القرائن بل يعتمدها ويجزم بالشهادة.
ولو شهد به دون النصاب أو وقع شك في تمام الرضعات أو الحولين أو وصول اللبن إلى جوف الرضيع لم يحرم النكاح، لكن الورع الاجتناب وإن لم تخبره إلا واحدة.
نعم إن صدقها يوم الاخذ بقولها ولا يثبت الاقرار بالرضاع إلا برجلين عدلين (أو مصاهرة) محرم زوجة أصل من أب أو جد لاب أو أم وإن علا من نسب أو رضاع، (وفصل) من ابن وابنه وإن سفل منهما،
ــ
منه بإطلاق كونه محرما.
اه (قوله: ويعرف) أي وصوله للجوف (قوله: بنظر حلب) بفتح لامه وهو اللبن المحلوب.
وقوله وإيجار: أي مع إيجار وازدراد، والأول هو وضعه في فم الرضيع والثاني بلعه ووصوله للمعدة.
فلا بد في معرفة وصوله إلى الجوف من مشاهدة هذه الثلاث: أعني الحلب، والإيجار، والازدراد.
(قوله: أو بقرائن) عطف على نظر: أي ويعرف أيضا بقرائن (قوله: كامتصاص ثدي الخ) تمثيل للقرائن.
وقوله وحركة حلقه: أي وكحركة حلقه، وهو بسكون اللام بعد حاء مفتوحة (قوله: بعد علمه) الظرف متعلق بامتصاص وما بعده، كما هو ظاهر عبارته، وهو يفيد اشتراط تقدم علمه بذلك على الامتصاص وما بعده، مع أنه يكفي العلم به ولو بعد ما ذكر.
فالأولى جعله متعلقا بفعل محذوف: أي ويشهد بعد علمه أنها ذات لبن حالة الإرضاع أو قبيله.
أفاده البجيرمي (قوله: وإلا إلخ) أي وإن لم يعلم أنها ذات لبن فلا يحل له أن يشهد ولو مع وجود القرائن المذكورة لأن الأصل عدم اللبن، ولا عبرة بالقرائن مع هذا الأصل (قوله: ولا يكفي في أداء الشهادة ذكره القرائن) أي بأن يقول أشهد أنه مص الثدي وحرك حلقه (قوله: بل يعتمدها ويجزم بالشهادة) أي بل يجزم بالشهادة بالرضاع معتمدا على القرائن من غير ذكر لها (قوله: ولو شهد به) أي بالرضاع.
وقوله دون النصاب: دون إن جعلت من الظروف المتصرفة فهي مرفوعة على أنها فاعل شهد، وإن جعلت من الظروف غير المتصرفة، كما هو رأي الجمهور، فالفاعل محذوف، وهي منصوبة صفة له، أي عدد دون النصاب.
والنصاب في الشهود هنا رجلان، أو رجل وامرأتان، أو أربع نسوة، كما تقدم (قوله: أو وقع شك الخ) هذا مفهوم قوله في حد الرضاع المحرم يقينا بعد قوله لم يبلغ حولين وبعد قوله خمس مرات، ولو قدمه هناك لكان أولى.
وقوله في تمام الرضعات: أي هل ارتضع خمسا أو أقل.
وقوله أو الحولين، أي أو شك هل ارتضع بعد تمام الحولين أو قبله؟ وقوله أو وصول اللبن جوف الرضيع، أي أو شك هل وصل إليه أم لا؟ (قوله: لم يحرم النكاح) أي لم يحرم الرضاع المذكور النكاح، فراء يحرم مشددة مكسورة، وفاعله يعود على الرضاع، ويصح جعل النكاح فاعلا والراء عليه مخففة مضمومة (قوله: لكن الورع الاجتناب) أي اجتناب النكاح لما روي عن عقبة بن الحارث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقلت له يا رسول الله: تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء.
فقالت قد أرضعتكما وهي كاذبة فقال صلى الله عليه وسلم كيف تصنع بها وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ دعها منك، أي طلقها، قال عقبة: فراجعت النبي صلى الله عليه وسلم وقلت يا رسول الله إنها امرأة سوداء، أي فلا يقبل قولها، فقال أليس وقد قيل فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى طريق الورع والاحتياط وإن لم تقبل شهادة تلك المرأة (قوله: وإن لم تخبره إلا واحدة) غاية في كون الورع الاجتناب (قوله: نعم إن صدقها يلزم الأخذ بقولها) أي يلزمه أن يعمل بقولها، فالأخذ فاعل يلزم.
ويصح جعل يلزم مبنيا للمجهول من ألزم الرباعي، وهو يطلب مفعولين: الأول الضمير المستتر، والثاني الأخذ.
والمعنى ألزمه الشارع العمل بقولها: أي فيحرم عليه النكاح (قوله: ولا يثبت الإقرار بالرضاع إلا برجلين) والفرق بين الرضاع نفسه، حيث يثبت بما مر، وبين الإقرار به، حيث لا يثبت إلا برجلين، أن الثاني مما يطلع عليه الرجال وهو لا يثبت إلا برجلين، كما سيأتي في الشهادة، (قوله: أو مصاهرة) معطوف على بنسب: أي وشرط في الزوجة عدم محرمية بسبب مظاهرة، وهي معنى يشبه القرابة يترتب على النكاح.
وعبارة شرح الروض: وهي خلطة توجب تحريما.
اه (قوله: فتحرم زوجة أصل) أي وإن لم يدخل بها، وذلك لإطلاق قوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا
(وأصل زوجة) أي أمهاتها بنسب أو رضاع وإن علت وإن لم يدخل بها للآية.
وحكمته ابتلاء الزوج بمكالمتها والخلوة لترتيب أمر الزوجة فحرمت كسابقتيها بنفس العقد ليتمكن من ذلك.
(واعلم) أنه يعتبر في زوجتي الاب والابن وفي أم الزوجة عند عدم الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا (وكذا فصلها) أي الزوجة بنسب أو رضاع ولو بواسطة سواء بنت ابنها وبنت ابنتها وإن سفلت (إن دخل بها) بأن
ــ
ما قد سلف) * (1) يعني ما قد مضى في الجاهلية قبل علمكم بتحريمه، كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في الأم: فلا مؤاخذة عليكم به، فإنه كان في الجاهلية إذا مات الرجل عن زوجة خلفه عليها أكبر أولاده فيتزوجها.
(قوله: من أب الخ) بيان للأصل.
(وقوله: أو جد لأب أو أم) أي جد من جهة الأب أو من جهة الأم.
(وقوله: وإن علا) أي الجد.
(وقوله: من نسب أو رضاع) تعميم في الأب والجد، أي لا فرق فيهما بين أن يكونا من جهة النسب أو من جهة الرضاع (قوله: وفصل) أي وتحرم زوجة فصل، أي فرع وإن لم يدخل بها لإطلاق قوله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * (2) * والتقييد في الآية لإخراج حليلة المتبني، فلا يحرم على الشخص زوج من تبناه لأنه ليس بابن له، لا لإخراج حليلة الابن من الرضاع فإنها تحرم بالاجماع (قوله: من ابن الخ) بيان للفصل.
(وقوله: وإن سفل) أي ابن الابن.
(وقوله: منهما) أي من نسب أو رضاع (قوله: وأصل زوجة) بالرفع عطف على زوجة.
وقوله أي أمهاتها تفسير لأصل الزوجة، وقوله بنسب أو رضاع، تعميم في الأمهات.
وقوله وإن علت، أي الامهات.
والأولى وإن علون، بنون النسوة، وقوله وإن لم يدخل بها: غاية في الحرمة، أي يحرم نكاح أصل الزوجة وإن لم يدخل بالزوجة (قوله: للآية) دليل للحرمة في جميع ما مر من زوجة الأصل وما بعده، وإن كان صنيعه يفيد أنه دليل لها في الأخير فقط.
والمراد لما تضمنته الآية من حرمة نكاح من ذكر فإنها تضمنت حرمة نكاح زوجة الأصل بقوله في صدرها * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * (1) وحرمة نكاح زوجة الفصل بقوله فيها * (وحلائل أبنائكم) * وحرمة نكاح أصل الزوجة بقوله فيها * (وأمهات نسائكم) * (قوله: وحكمته الخ) بيان لحكمة تحريم أصل الزوجة مطلقا، دخل بها أم لا، والأولى تأخير هذا عن قوله وكذا فصلها إن دخل بها والإتيان به فارقا بين الأمهات، حيث حرمن بنفس العقد، والبنات، حيث حرمن بالدخول.
(وقوله: ابتلاء الزوج بمكالمتها) أي أمهات الزوجة، والأولى مكالمتهن.
وقوله والخلوة: معطوف على مكالمتها، أي وابتلاء الزوج بالخلوة بالأمهات.
(وقوله: لترتيب أمر الزوجة) اللام تعليلية متعلقة بقوله ابتلاء، أي ابتلاء الرجل بما ذكر من المكالمة والخلوة لأجل ترتيب أمر الزوجة، أي أمر الدخول بها (قوله: فحرمت) أي أمهات الزوجة، والأولى فحرمن، كما تقدم، وقوله كسابقتيها: هما زوجة الأصل وزوجة الفصل فإنهما تحرمان بنفس العقد (قوله: ليتمكن) أي الزوج، واللام تعليلية متعلقة بحرمت.
وقوله من ذلك: أي من المذكور من مكالمتهن والخلوة بهن لترتيب ما ذكر (قوله: واعلم أنه يعتبر في زوجتي الأب والابن) أي يعتبر في تحريم زوجة الأب على الفصل وتحريم زوجة الابن على الأصل.
وكان الأخصر والأولى أن يقول بدل قوله واعلم الخ، ويشترط أن يكون العقد صحيحا.
وقوله وفي أم الزوجة، أي وفي تحريم أم الزوجة على الزوجة.
وقوله عند عدم الدخول بهن: الظرف متعلق بيعتبر، والضمير يعود على الزوجات الثلاث.
وخرج به ما إذا دخل بهن فلا يعتبر ما ذكر لأنهن يحرمن بالدخول عليهن ولو كان العقد فاسدا لأنها من قبيل الموطوءة بشبهة وهي حرام، كما سيأتي، وقوله أن يكون العقد صحيحا، نائب فاعل يعتبر.
وخرج به ما لو كان العقد فاسدا فلا
يحرمن، لكن عند عدم الدخول بهن، وإلا حرمن به، كما علمت، وهذا الشرط لا يأتي في بيت الزوجة، كما سيذكره، فإنها تحرم بالدخول: سواء كان العقد صحيحا أو فاسدا.
(والحاصل) أن من حرم بالعقد لا بد في تحريمه من صحة العقد إلا إن حصل دخول بالفعل فيحصل التحريم بالوطئ لا بالعقد، ومن حرم بالدخول كالربيبة فلا يعتبر فيه صحة العقد (قوله: وكذا فصلها الخ) إنما فصله بكذا ولم
(1) سورة النساء، الاية:22.
(2)
سورة النساء، الاية: 23
وطئها ولو في الدبر وإن كان العقد فاسدا، وإن لم يطأها لم تحرم بنتها - بخلاف أمها.
ولا تحرم بنت زوج الام ولا أم زوجة الاب والابن.
ومن وطئ امرأة بملك أو شبهة منه كأنه وطئ بفاسد نكاح أو شراء أو بظن زوجة
ــ
يعطفه على ما قبله لئلا يتوهم أن التقييد بقوله إن دخل بها راجع لهما مع أنه إنما هو راجع للثاني فقط: أي كما يحرم أصل الزوج يحرم أيضا فصل الزوجة، أي فرعها، وذلك لقوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) * (1) وذكر الحجور في الآية جرى على الغالب، فإن من تزوج امرأة تكون بنتها في حجره غالبا (قوله: بنسب أو رضاع) تعميم أو في فصل الزوجة: أي يحرم فصل الزوجة مطلقا سواء كان بنسب أو رضاع.
وقوله ولو بواسطة: تعميم ثان فيه أيضا أي يحرم فصل الزوجة مطلقا سواء كان بينه وبينها واسطة كبنت ابنتها أم لا.
(وقوله: سواء بنت ابنها) أي الزوجة وبنت ابنتها، وهذا تعميم ثالث أيضا: أي يحرم فصل الزوجة مطلقا سواء كانت بنت ابنها أو كان بنت ابنتها.
(والحاصل) تحرم الربيبة وهي بنت الزوجة وبناتها وبنت الربيب وهو ابن الزوجة وبناتها.
وقوله وإن سفلت، الأولى وإن سفلتا، أي بنت ابنها وبنت ابنتها، وهذه الغاية يغني عنها قوله ولو بواسطة (قوله: إن دخل بها) قيد في تحريم فصل الزوجة (قوله: بأن وطئها) تصوير للدخول والمراد وطئها في حياتها، ومثل الوطئ استدخال منيه المحترم في حال نزوله وادخاله: إذ هو كالوطئ في أكثر أحكامه في هذا الباب، كذا في التحفة، (وقوله: ولو في الدبر) غاية في الوطئ، أي ولو كان الوطئ في دبرها (قوله: وإن كان العقد فاسدا) غاية في التحريم بالدخول: أي يحرم فصل الزوجة على زوجها ولو كان العقد فاسدا بأن فقد شرطا من شروطنه المارة (قوله: وإن لم يطأها) أي الزوجة، وهو مقابل قوله بأن وطئها المجعول تصويرا للدخول.
والمناسب في المقابلة أن يقول وإن لم يدخل بها.
وقوله لم تحرم بنتها: أي الزوجة.
قال في شرح المنهج: إلا أن تكون منفية بلعانه.
اه.
قال البجيرمي: وصورتها أن يعقد على امرأة ثم يختلي بها من غير وطئ ولا
استدخال ماء ثم تلد بنتا يمكن كونها منه فينفيها باللعان، إذ هو واجب حينئذ لعلمه أنها ليست منه فهي تحرم عليه وإن كانت بنت زوجته التي لم يدخل بها.
اه.
بزيادة (قوله: بخلاف أمها) أي فإنها تحرم، ولو لم يطأها، لكن بشرط صحة العقد عند عدم الدخول، كما تقدم (قوله: ولا تحرم بنت زوج الأم) أي على ابن الزوجة، وهذا يعلم من قوله وكذا فصلها، أي الزوجة.
ومثلها أم الزوج فلا تحرم على ابن زوجته.
(قوله: ولا أم زوجة الأب) أي ولا تحرم أم زوجة أبيه عليه وهذا يعلم من قوله تحرم زوجة أصل، ومثلها بنت زوجة أبيه فلا تحرم عليه.
(وقوله: والابن معطوف على الأب) أي ولا يحرم أم زوجة ابنه، ومثلها بنت زوجة ابنه.
وهذا يعلم من قوله وزوجة فصل.
(والحاصل) لا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا بنت زوج البنت ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولابنتها ولا أم زوجة الابن ولابنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب وهو زوج الأم لأنه يربيه غالبا (قوله: ومن وطئ امرأة) أي ولو في الدبر أو القبل ولم تزل البكارة.
ومثل الوطئ استدخالها ماء السيد المحترم حال خروجه أو ماء الأجنبي بشبهة.
ويشترط في الواطئ أن يكون حيا، وأن يكون واضحا، وخرج بالأول الميت فلا تحريم باستدخالها ذكره، وبالثاني الخنثى فلا أثر لوطئه لاحتمال زيادة ما أولج به وخرج بقوله وطئ ما إذا باشرها بغير وطئ فلا تحرم (قوله: بملك) الباء سببية متعلقة بوطئ (قوله: أو شبهة منه) أي أو بسبب شبهة حاصلة من الواطئ، سواء وجد منها شبهة أيضا أم لا.
واحترز بقوله بملك أو شبهة منه عما إذا كان وطئها بزنا فلا تحرم عليه أمهاتها وبناتها، ولا تحرم هي على آبائه وأبنائه لأن ذلك لا يثبت نسبا ولا عدة (قوله: كأن وطئ الخ) تمثيل لوطئ الشبهة.
وقوله بفاسد نكاح الإضافة من إضافة الصفة للموصوف: أي نكاح فاسد بسبب اختلال شرط من شروط الصحة.
وفي البجيرمي ما نصه: هل من فاسد النكاح العقد على خامسة أو لا لأن هذا معلوم لا يكاد أحد يجهله فلا يعهد شبهة حرر ح ل؟ الظاهر الثاني.
اه.
وقوله أو شراء، معطوف على نكاح، أي أو بفاسد شراء (قوله: أو
(1) سورة النساء، الاية: 23
حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت على آبائه وأبنائه لان الوطئ بملك اليمين نازل بمنزلة عقد النكاح وبشبهة يثبت
النسب والعدة لاحتمال حملها منه سواء أوجد منها شبهة أيضا أم لا، لكن يحرم على الواطئ بشبهة نظر أم الموطوءة وبنتها ومسهما.
(فرع) لو اختطلت محرمة بنسوة غير محصورات بأن يعسر عدهن على الآحاد كألف امرأة نكح من شاء
ــ
بظن زوجة) معطوف على بفاسد نكاح: أي أو وطئها على ظن أنها زوجته: أي أو أمته أي أو وطئ الأمة المشتركة بينه وبين غيره أو أمة فرعه، وكذا لو وطئ بجهة قال بها عالم يعتد، بخلافه كأن يكون النكاح واقعا بلا ولي فإن الوطئ به فيه شبهة أبي حنيفة رضي الله عنه لقوله بصحته بلا ولي.
(واعلم) أن الشبهة تنقسم ثلاثة أقسام القسم الأول شبهة الفاعل، وهي كمن وطئ على ظن الزوجية أو الملكية.
والقسم الثاني: شبهة المحل وهي كمن وطئ الأمة المشتركة.
والقسم الثالث: شبهة الطريق وهي التي يقول بها عالم يعتد بخلافه.
والأول لا يتصف بحل ولا حرمة لأن فاعله غافل وهو غير مكلف.
والثاني حرام.
والثالث إن قلد القائل بالحل لا حرمة وإلا حرم (قوله: حرم الخ) جواب من قوله عليه: أي على من وطئ.
وقوله أمهاتها وبناتها، الضمير فيهما يعود على المرأة الموطوءة بملك أو شبهة منه (قوله: وحرمت) أي المرأة المذكورة.
(وقوله: على آبائه وأبنائها) أي من وطئ.
ثم إنه مع الحرمة تثبت المحرمية في صورة المملوكة ولا تثبت في صورة وطئ الشبهة، ويشير إليه صنيع الشارح في التعليل الآتي قريبا بقوله لان الوطئ بملك اليمين نازل بمنزلة عقد النكاح.
وبقوله وبشبهة يثبت النسب والعدة، فإنه جعل الوطئ بملك اليمين منزلا منزلة عقد النكاح ولم يجعل الوطئ بشبهة كذلك.
ومن جملة آثار عقد النكاح ثبوت المحرمية لأم الزوجة وبنتها فأنتج أن المحرمية تثبت في الأول دون الثاني، وأيضا شبب التحريم في الاول، وهو الوطئ، مباح، بخلاف وطئ الشبهة.
وقد عرفوا المحرم بأنها من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها (قوله: لأن الوطئ بملك اليمين الخ) علة التحريم بالنظر للموطوءة بالملك.
وقوله نازل بمنزلة عقد النكاح: أي بمنزلة الوطئ بعقد النكاح، فاندفع ما يقال إن التشبيه بالعقد يقتضي حل بنتها لأن البنت تحل بالعقد على الأم، وإنما تحرم بالوطئ، كما تقدم (قوله: وبشبهة) معطوف على بملك اليمين، أي ولان الوطئ بشبهة يثبت النسب والعدة، وهذا علة التحريم بالنظر للموطوءة بشبهة.
وإنما حرمت به لأنه يقتضي ثبوت النسب والعدة، وإذا اقتضى ذلك اقتضى التحريم كالزوجية.
(واعلم) أن شبهته وحده توجب ما عدا المهر من نسب وعدة، إذ لا مهر لزانية وشبهتها وحدها توجب المهر فقط دون النسب والعدة وشبهتهما توجب الجميع، ولا يثبت بها محرمية مطلقا، أي لا للواطئ ولا لأبيه وابنه، فلا يحل نحو نظر ولا مس ولا خلوة (قوله: لاحتمال حملها منه) هذا علة لثبوت العدة بوطئ الشبهة لا للنسب، لأنه إنما يثبت النسب بالجمل للفعل مع وضعه.
وعبارة الإرشاد مع فتح الجواد، وفي وجوب عدة عليها للوطئ لاحتمال حملها منه.
اه.
وهي ظاهرة، ولو حذف الشارح العلة المذكورة، كشارح المنهج، لكان أولى لأن صنيعه يوهم أنها علة لثبوت النسب والعدة (قوله: سواء أوجد الخ) تعميم المحذوف مرتب على قوله يثبت النسب والعدة وهو فيثبت التحريم، وقد صرح به في شرح المنهج وعبارته، وبشبهة يثبت النسب والعدة فيثبت التحريم سواء أوجد منها شبهة أيضا أم لا.
اه.
وكان الأولى للشارح التصريح به أيضا، وأفاد بالتعميم المذكور أن العبرة في حرمة المصاهرة بشبهة الرجل لا المرأة.
وصورة وجود الشبهة منها أنها تظن الواطئ لها زوجها أو سيدها، وصورة عدمها أنها تعلم أنه ليس كذلك (قوله: لكن يحرم الخ)
الإستدراك من ثبوت التحريم الحاصل بسبب وطئ الشبهة دفع به ما يتوهم من أن ثبوت التحريم يقتضي حل النظر والمس لمن ذكر، وحاصل الدفع أنه مع التحريم المذكور يحرم النظر والمس، وذلك لما علمت أن وطئ الشبهة إنما يثبت التحريم فقط، ولا يثبت المحرمية المقتضية لحل النظر والمس (قوله: فرع لو اختلطت محرمة) هي بضم الميم وتشديد الراء: أي امرأة محرمة عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة أو بلعان أو توثن، ويوجد في بعض النسخ محرمه، بفتح الميم
منهن إلى أن تبقى واحدة على الارجح وإن قدر ولو بسهولة على متيقنة الحل أو بمحصورات كعشرين بل مائة لم ينكح منهن شيئا.
نعم إن قطع بتميزها كسوداء اختلطت بمن لا سواد فيهن لم يحرم غيرها - كما استظهره شيخنا.
(تنبيه) اعلم أنه يشترط أيضا في المنكوحة كونها مسلمة أو كتابية خالصة ذمية كانت أو حربية، فيحل مع
ــ
وإسكان الحاء مع الإضافة إلى الضمير، والأول أولى منه (قوله: بأن يعسر إلخ) بيان لضابط غير المحصور، وهو لإمام الحرمين، وفي الإحياء: كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كالألف، فغير محصور.
وإن سهل عده، كعشرين، فمحصور، وبينهما وسائط تلحق بأحدهما بالظن.
وما وقع فيه الشك استفت فيه القلب.
اه.
شرح الروض بتصرف.
والمراد عسر ذلك في بادئ النظر والفكر، بمعنى أن الفكر يحكم بعسر العد.
وعبارة م ر، ثم ما عسر عده بمجرد النظر غير محصور، وما سهل، كمائة، محصور، وما بينهما أوساط تلحق بأحدهما بالظن، وما شك فيه يستفتى فيه القلب.
قال الغزالي: والذي رجحه الأذعري التحريم عند الشك لأن من الشروط العلم بحلها.
واعترض بما لو زوج أمة موروثة ظنا حياته فبان ميتا أو تزوجت زوجة المفقود فبان ميتا فإنه يصح.
وأجيب بأن العلم بحل المرأة شرط لجواز الاقدام، لا للصحة، اه.
وقوله على الآحاد: أي على كل واحد على حدته.
وعبارة الروض، وغير المحصور ما يعسر عده على واحد.
اه.
وخرج بهذا ما لو لم يعسر عده على جماعة مجتمعين فإنه لا عبرة به (قوله: كألف امرأة) سيأتي عن البجيرمي قريبا أن التسعمائة والثمانمائة إلى الستمائة غير محصور (قوله: نكح من شاء منهن) أي رخصة له من الله تعالى: وحكمة ذلك أنه لو لم يبح له ذلك ربما انسد عليه باب النكاح، فإنه وإن سافر لبلد لا يأمن أن تسافر هي إليه (قوله: إلى أن تبقى واحدة) أي فلا ينكحها.
وقوله على الأرجح: أي قياسا على ترجيحهم في الأواني أنه يتطهر إلى أن يبقى واحدة.
وقال الروياني: ينكح إلى أن يبقى عدد محصور، ويفرق بين الأواني وبين ما هنا بأن النكاج يحتاط له أكثر.
قال في التحفة: وينكح إلى أن يبقى محصور على ما رجحه الروياني، وعليه فلا يخالفه ترجيحهم في الأواني أنه يأخذ إلى بقاء واحدة، لأن النكاح يحتاط له أكثر من غيره.
وأما الفرق بأن ذاك يكفي فيه الظن فيباح المظنون مع القدرة على المتيقن، بخلافه هنا فغير صحيح: لما تقرر من حل المشكوك فيها مع وجود اللواتي تحل يقينا، ثم قال: لكن زوال يقين اختلاط المحرم بالنكاح منهن يضعف التقييد بقوله إلى أن يبقى محصور ويقوي القياس
على الأواني وعدم النظر للإحتياط المذكور اه.
بنوع تصرف (قوله: وإن قدر الخ) غاية لحل نكاحه من شاء إلى أن تبقى واحدة: أي يحل له ذلك وإن كان قادرا على نكاح امرأة متيقنة الحل بأن تكون من غير النسوة التي اختلطت محرمة بهن.
قال في التحفة بعد الغاية المذكورة: خلافا للسبكي.
فأفاد أنها للرد عليه (قوله: أو بمحصورات) معطوف على النسوة: أي أو اختلطت محرمة بنسوة محصورات (قوله: كعشرين بل مائة) عبارة البجيرمي: قوله كعشرين - أي ومائة ومائتين، وغير المحصور كألف وتسعمائة وثمانمائة وسبعمائة وستمائة، وما بين الستمائة والمائتين يستفتى فيه القلب: أي الفكر، فإن حكم بأنه يعسر عده كان غير محصور، وإلا كان محصورا.
اه.
شيخنا.
وفي الزيادي: أن غير المحصور خمسمائة فما فوق، وأن المحصور مائتان فما دون، وأما الثلثمائة والأربعمائة فيستفتى فيه القلب.
قال: والقلب إلى التحريم أميل.
اه.
(قوله: نعم إن قطع بتميزها) أي المحرمة المختلطة بمحصورات.
وهو استدراك على قوله لم ينكح منهن شيئا.
وقوله لم يحرم غيرها: أي غير المتميزة بالسواد.
وذلك الغير هو من لا سواد فيه.
وقوله كما استظهر شيخنا أي في فتح الجواد، وعبارته، نعم إن قطع بتميزها كسوداء اختلطت بمن لا سواد فيهن لم يحرم غيرها.
اه.
وتأمل هذا الاستدراك فإنه إذا قطع بتمييز محرمة بصفة، فلا التباس حينئذ.
وخرج عن موضع المسألة الذي هو اختلاط محرمة بغير محرمة، إذ الذي يظهر أن المراد بالاختلاط الإلتباس وعدم التمييز، ويدل لما ذكرته عبارة الجمل على شرح المنهج ونصها: قوله ولو اختلطت محرمة الخ، فيه إشارة إلى أنه ليس ثم علامة يحتمل بها تمييز.
اه (قوله: تنبيه) أي في بيان نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات، وقد أفرده الفقهاء بترجمة مستقلة (قوله: يشترط أيضا) أي كما يشترط ما تقدم
الكراهة نكاح الاسرائيلية بشرط أن لا يعلم دخول أول آبائها في ذلك الدين بعد بعثة عيسى عليه السلام وإن علم دخوله فيه بعد التحري، ونكاح غيرها بشرط أن يعلم دخول أول آبائها فيه قبلها ولو بعد التحريف إن تجنبوا
ــ
من خلو الزوجة من نكاح وعدة ومن التعيين وعدم وجود محرمية (قوله: في المنكوحة) أي التي يريد أن ينكحها ويزوج عليها والمراد في حل نكاحها.
ومثل المنكوحة الأمة التي يريد التسري بها (قوله: كونها مسلمة) أي لقوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (1) وقوله أو كتابية: أي لقوله تعالى: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * (2) أي حل لكم.
ويشترط فيها أن تكون يهودية أو نصرانية.
والأولى هي المتمسكة بالتوراة، والثانية هي المتمسكة بالإنجيل.
وأما إذا لم تكن كذلك كالمتمسكة بزبور داود ونحوه، كصحف شيث وادريس وابراهيم عليه الصلاة والسلام فلا تحل لمسلم.
قيل: لأن ذلك لم ينزل بنظم يدرس ويتلى، وإنما أوحي إليهم معانيه.
وقيل لأن حكم ومواعظ، لا أحكام وشرائح (قوله: خالصة) صفة لكتابية.
وخرج بها المتولدة من كتابي ونحو وثنية فتحرم، كعكسه،
تغليبا للتحريم (قوله: ذمية كانت أو حربية) تعميم في الكتابية: أي لا فرق فيها بين أن تكون ذمية، وهي التي عقد لها الإمام ذمة على أن عليها كل سنة دينارا، أو حربية، وهي التي حاربتنا ونابذتنا، (قوله: فيحل الخ) الأولى والأخصر في التعبير أن يقول وشرط فيها إذا كانت إسرائيلية الخ، وذلك لأن عبارته توهم أن الإسرائيلية غير الكتابية المتقدمة.
وعبارة المنهج وشرحه: وشرطه، أي حل نكاح الكتابية الخالصة في إسرائيلية الخ.
اه.
وهي ظاهرة (قوله: مع الكراهة) أي لأنه يخاف من الميل إليها الفتنة في الدين، والحربية أشد كراهة لأنها ليست تحت قهرنا، وللخوف من إرقاق الولد حيث لم يعلم أنه ولد مسلم.
ومحل الكراهة إن لم يرج إسلامها ووجد مسلمة تصلح ولم يخش العنت، وإلا فلا كراهة، بل يسن (قوله: نكاح الإسرائيلية) نسبة إلى إسرائيل: وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام (قوله: بشرط أن لا يعلم دخول إلخ) أي بأن علم دخوله فيه قبل البعثة أو شك فيه، فإن علم دخوله فيه بعدها لا يصح نكاحها لسقوط فضيلة ذلك الدين بالشريعة الناسخة له فلم يدخل فيه وهو حق (قوله: أول آبائها) عبارة م ر: والمراد بأول آبائها أول جد يمكن انتسابها إليه، ولا نظر لمن بعده.
وظاهر أنه يكفي هنا بعض آبائها من جهة الأم.
اه.
وقوله ولا نظر لمن بعده: أي الذي هو أنزل منه، فلا يضر دخوله فيه بعد البعثة الناسخة (قوله: في ذلك الدين) أي الذي هي متلبسة به، وهو دين اليهودية أو النصرانية (قوله: بعد بعثة عيسى) ليس بقيد.
فالمراد بعد بعثة تنسخه كبعثة موسى فإنها ناسخة لما قبلها، وبعثة عيسى فإنها ناسخة لبعثة موسى، وكبعثة نبينا فإنها ناسخة لبعثة عيسى.
فالشرائع الناسخة ثلاث، فلا عبرة بالتمسك بغيرها، ولو فيما بينها، فلا تحل المنسوبة إلى هذا الغير.
وبين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة وخمس وعشرون سنة.
وبين مولى عيسى وهجرة نبينا صلى الله عليه وسلم ستمائة وثلاثون سنة.
ذكره السيوطي في التحبير في علم التفسير.
كذا في ش ق (قوله: وإن علم دخوله إلخ) غاية في حل نكاح الإسرائيلية التي لم يعلم دخول أول آبائها في ذلك الدين قبل بعثة تنسخه، أي يحل نكاحها وإن علم دخول أول آبائها بعد التحريف.
قال البجيرمي: أي وإن لم يجتنبوا المحرف.
اه.
(قوله: ونكاح غيرها) معطوف على نكاح الإسرائيلية: أي ويحل نكاح الكتابية غير الإسرائيلية (قوله: بشرط أن يعلم) أي بالتواتر أو بشهادة عدلين أسلما لا بقول المتعاقدين على المعتمد.
ز ي.
وقوله دخول أول آبائها فيه: أي في ذلك الدين، وقوله قبلها: أي قبل بعثة تنسخه، واحترز به عما إذا علم دخوله فيه بعدها أو شك فيه فإنه لا يصح نكاحها.
وقوله إن تجنبوا المحرف: فلو علم دخوله فيه قبلها وبعد التحريف ولم يتجنبوا المحرف لا يصح أيضا نكاحها.
(وأعلم) أنه إذا نكح الكتابية مطلقا، اسرائيلية كانت أو لا، بالشروط السابقة تكون كالمسلمة، في نحو نفقة وكسوة
وقسم وطلاق، بجامع الزوجية المقتضية لذلك.
وله إجبارها، كالمسلمة، على غسل من حدث أكبر، كجنابة وحيض، ويغتفر منها عدم النية للضرورة.
وعلى تنظيف وعلى ترك تناول خبيث، كخنزير، وبصل، ومسكر، لتوقف التمتع أو * (ال
(1) سورة البقرة، الاية:221.
(2)
سورة المائدة، الاية: 5
المحرف، ولو أسلم كتابي وتحته كتابية دام نكاحه وإن كان قبل الدخول أو وثني وتحته وثنية فتخلفت قبل الدخول تنجزت الفرقة أو بعده وأسلمت في العدة دام نكاحه، وإلا فالفرقة من إسلامه.
ولو أسلمت وأصر على الكفر: فإن دخل بها وأسلم في العدة دام النكاح، وإلا فالفرقة من إسلامها.
وحيث أدمنا لا يضر مقارنة مفسد هو زائل عند الاسلام فتقر على نكاح في عدة هي منقضية عند الاسلام وعلى غصب حربي لحربية إن اعتقدوه
ــ
كماله على ذلك (قوله: ولو أسلم) شروع في حكم الكافر إذا أسلم وتحته كافرة.
وقد أفرده الفقهاء بترجمة مخصوصة.
وقوله كتابي: أي ولو كان إسلامه تبعا لأحد أبويه (قوله: وتحته كتابية) حرة كانت أو أمة إذا كان هو ممن يحل له الأمة (قوله: دام نكاحه) أي بالإجماع لأنها تحل له ابتداء.
وقوله وإن كان: أي إسلامه قبل الدخول بها.
وهو غاية لدوام النكاح (قوله: أو وثني) أي أو لو أسلم وثني: أي عابد وثن، أي صنم، قيل: الوثن هو غير المصور.
والصنم هو المصور (قوله: وتحته وثنية) أي والحال أن تحت هذا الوثني الذي أسلم وثنية.
وقوله فتخلفت: أي لم تسلم معه.
وقوله قبل الدخول: متعلق بأسلم المقدر قبل قوله وثني: أي أسلم قبل الدخول بها، أي الوطئ ولو في الدبر، ومثله استدخال المني.
وقوله تنجزت الفرقة: أي وقعت حالا وهي فرقة فسخ لا فرقة طلاق.
وهذا جواب لو المقدرة بعد أو وقبل أسلم المقدر (قوله: أو بعده) أي أو لو أسلم بعد الدخول.
وقوله وأسلمت في العدة: أي قبل انقضائها (قوله: دام نكاحه) جواب لو المقدرة في قوله أو بعده، كما علمت من الحل (قوله: وإلا) أي وإن لم تسلم في العدة بأن لم تسلم أصلا، أو أسلمت بعدها.
قال ح ل: وكذا لو أسلمت مع انقضاء العدة تغليبا للمانع.
اه.
وقوله فالفرقة من إسلامه، أي فالفرقة تتبين من حين إسلامه (قوله: ولو أسلمت) الضمير يعود على زوجة الكافر مطلقا، كتابية كانت أو وثنية، وهو أولى من عوده إلى الوثنية فقط.
وإن كانت أقرب مذكور لأنه يبقى عليه الكتابية.
وقوله وأصر أي دام زوجها الكافر، كتابيا كان أو وثنيا، على الكفر (قوله: فإن دخل بها) أي قبل إسلامها، وقوله: وأسلم: أي الزوج (قوله: وإلا) أي وإن لم يسلم في العدة، وسكت عن مفهوم دخل بها.
ولا يقال إن قوله وإلا راجع إليه أيضا لأنه يصير المعنى عليه وإن لم يدخل بها ولم يسلم في العدة تبينت الفرقة من حين إسلامها، وذلك لا يصح، لأنه إذا لم يدخل بها لا عدة حتى أنه يصح أن يقول بعده ولم يسلم في العدة.
وكان المناسب أن يجعله على نمط ما قبله بأن يقول: فإن كان أي إسلامها قبل الدخول تنجزت الفرقة، أو بعده وأسلم في العدة دام نكاحه، وإلا فالفرقة من حين إسلامها.
فتنبه.
(واعلم) أنه لم يبين حكم ما إذا أسلما معا.
وحاصله أنهما إذا أسلما معا، سواء كان قبل الدخول بها أو بعده، دام النكاح بينهما إجماعا، كما حكاه ابن المنذر وغيره، ولما رواه الترمذي وصححه أن رجلا جاء مسلما، ثم جاءت امرأته مسلمة، فقال يا رسول الله: كانت أسلمت معي.
فردها عليه وإن شك في المعية، فإن كان بعد الدخول وجمعهما الإسلام في العدة دام النكاح بينهما، أو كان قبله، فإن تصادقا على معية أو على تعاقب عمل به فيدوم النكاح بينهما في الأول وتنجز الفرقة في الثاني (قوله: وحيث أدمنا الخ) يعني حيث أدمنا النكاح بينهما: أي بأن وجدت القيود السابقة.
(وقوله: فلا يضر مقارنة مفسد) أي لعقد النكاح، أي لما يعتقدون به وجود النكاح ولو فعلا: كوطئ.
وإنما لم يضر ذلك تخفيفا عليهم لأجل الإسلام وذلك المفسد كالنكاح في العدة (قوله: هو زائل عند الإسلام) شرط في المفسد الذي لا يضر مقارنته للنكاح، أي يشترط فيه أن يزول عند الإسلام.
ويشترط أن لا يعتقدوا فساده بسبب الإسلام، وأن تكون تلك الزوجة بحيث تحل له الآن لو ابتدأ نكاحها، فإن لم يزل المفسد عند الإسلام أو زال عنده واعتقدوا فساده أو لم تحل له الآن ضر ذلك.
فلو نكح حرة وأمة ثم أسلم الزوج وأسلما معه ضر ذلك، إذ لا يحل له نكاح الأمة لو أراد ابتداء النكاح لها ولبقاء المفسد عنده (قوله: فتقر على نكاح في عدة) أي للغير، ولو بوطئ شبهة، وتقر أيضا على نكاح بلا ولي ولا شهود بحيث يحل نكاحها الآن.
قال في النهاية: والضابط في الحل أن تكون الآن بحيث يحل ابتداء نكاحها مع تقدم ما تسمى به زوجة عندهم.
اه.
وقوله هي منقضية عند الإسلام، فلو لم تكن منقضية عنده لا تقر عليه لبقاء المفسد عند الإسلام (قوله: وعلى غصب الخ) معطوف على قوله على نكاح: أي ويقر على غصب حربي لحربية إن اعتقدوا الغصب نكاحا
نكاحا.
وكالغصب المطاوعة.
قاله شيخنا.
ونكاح الكفار صحيح، على الصحيح، ولا يصح نكاح الجنية كعكسه على ما عليه أكثر المتأخرين.
(و) شرط (في الزوج تعيين) فزوجت بنتي أحدكما باطل ولو مع الاشارة (وعدم محرمة) كأخت أو عمة أو خالة (للمخطوبة) بنسب أو رضاع (تحته) أي الزوج ولو في العدة الرجعية لان الرجعية كالزوجة بدليل التوارث.
فإن نكح محرمين في عقد بطل فيهما: إذ لا مرجح، أو في عقدين بطل
ــ
صحيحا إقامة للفعل مقام القول وإنما لم يضر ذلك هنا للضابط المار عن م ر.
وخرج بقوله غصب حربي لحربية ما لو غصب ذمي ذمية واتخذها زوجة فإنهم لا يقرون وإن اعتقدوه نكاحا، لأن على الإمام دفع بعضهم عن بعض.
كذا في المغني (قوله: وكالغصب المطاوعة) أي فيقر على مطاوعة حربية لحربي في النكاح (قوله: ونكاح الكفار صحيح) أي محكوم بصحته رخصة، ولقوله تعالى: * (وامرأته حمالة الحطب) * (1) وقوله: * (وقالت امرأة فرعون) * (2) فلو ترافعوا إلينا لا نبطله.
وفي النهاية: والأوجه أنه ليس لنا البحث عن اشتمال أنكحتهم على مفسد أو لا، لأن الأصل في أنكحتهم الصحة كأنكحتنا.
قال الرشيدي: أي ليس لنا البحث بعد الترافع إلينا والمراد أن لا يبحث على اشتماله على مفسد، ثم ينظر هل هذا المفسد باق فننقض العقد أو زائل فنبقيه؟ فما مر، من إنا ننقض عقدهم المشتمل على مفسد غير زائل، محله إذا ظهر
لنا ذلك من غير بحث وإلا فالبحث علينا ممتنع.
اه.
(قوله: ولا يصح نكاح الجنية الخ) قد تقدم الكلام على ذلك.
فلا تغفل (قوله: كعكسه) أي نكاح الجني لإنسية (قوله: وشرط في الزوج إلخ) شروع في بيان شروط الزوج الذي هو أحد الأركان (قوله: تعيين) أي بما مر من كونه بالوصف أو الإشارة (قوله: فزوجت بنتي أحدكما باطل) قال في التحفة: مطلقا، أي سواء كان نوى الولي معينا منهما أم لا، قال ع ش: وعليه فلعل الفرق بين هذا وبين زوجتك إحدى بناتي ونويا معينة حيث صح، ثم لا هنا: أنه يعتبر من الزوج القبول، فلا بد من تعيينه ليقع الإشهاد على قبوله الموافق للإيجاب، والمرأة ليس العقد والخطاب معها والشهادة تقع على ما ذكره الولي فاغتفر فيها ما لا يغتفر في الزوج.
اه.
(قوله: ولو مع الإشارة) أي للمخاطبين: بأن قال زوجت أحد هذين الرجلين، لا للأحد الذي يريد التزويج، بأن قال زوجت هذا منهما لأنه حينئذ معين، فهو يأتي فيه ما سبق في قوله ولو مع الإشارة بعد قوله فزوجتك إحدى بناتي باطل، وهو ساقط من عبارة التحفة والنهاية وشرح المنهج، وهو الأولى (قوله: وعدم محرمة) هي تقرأ بفتح الميم وسكون الحاء وفتح الراء المخففة.
وهذا شروع فيما حرمته، لا على التأبيد، بل من جهة الجمع في العصبة، وهو جمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها ولو بواسطة، وذلك لقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الاختين) * (3) وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، لا الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى رواه أبو داود وغيره.
والمعنى في ذلك ما فيه من قطيعة الرحم بسبب ما يحصل بينهما من المخاصمة المؤدية إلى البغضاء غالبا، وهذا في الدنيا.
وأما في الآخرة فلا حرمة فيه لانتفاء علة التحريم، إذ لا تباغض فيها ولا حقد ولا غل.
قال تعالى: * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * (4)(قوله: للمخطوبة) متعلق بمحذوف صفة لمحرمة: أي محرمة كائنة للمخطوبة: أي وشرط عدم وجود امرأة محرمة تحته لمن يريد أن يخطبها (قوله: بنسب أو رضاع) تعميم في المحرمة، ولو قدمه على قوله للمخطوبة لكان أولى وخرج بهما المصاهرة فلا تقتضي حرمة الجمع، فيجوز الجمع بين امرأة وأم زوجها أو بنت زوجها، وإن حرم تناكحهما لو فرضت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى (قوله: تحته) متعلق بمحذوف صفة ثانية لمحرمة، وكان الأولى تقديمه على قوله للمخطوبة.
والمراد تحته حقيقة وهي غير المطلقة رأسا وحكما، وهي المطلقة طلاقا رجعيا بدليل الغاية بعده (قوله: ولو في العدة) غاية لاشتراط عدم وجود محرمة تحته للمخطوبة: أي يشترط ذلك ولو كانت المحرمة في العدة.
وقوله الرجعية: صفة للعدة، أي العدة التي تجوز الرجعة فيها بأن كانت مطلقة طلاقا رجعيا (قوله: لأن الرجعية الخ) علة لمقدر مرتبط بالغاية، أي وإنما اشترط أن لا يكون
(1) سورة المسد، الاية:4.
(2)
سورة القصص، الاية:9.
(3)
سورة النساء، الاية:23.
(4)
سورة الاعراف، الاية: 43
الثاني.
وضابط من يحرم الجمع بينهما كل امرأتين بينهما نسب أو رضاع يحرم تناكحهما إن فرضت إحداهما ذكرا ويشترط أيضا أن لا تكون تحته أربع من الزوجات سوى المخطوبة ولو كان بعضهن في العدة الرجعية لان الرجعية في حكم الزوجة، فلو نكح الحر خمسا مرتبا بطل في الخامسة أو في عقد بطل في الجميع أو زاد العبد على الثنتين بطل كذلك.
أما إذا كانت المحرمة للمخطوبة أو إحدى الزوجات الاربعة في العدة البائن فيصح
ــ
تحته محرمة للمخطوبة كائنة في عدة رجعية مع أنها مطلقة لأنها رجعية، وهي كالزوجة، بدليل صحة التوارث بينهما لو مات أحدهما في هذه العدة (قوله: فإن نكح محرمين في عقد) أي فإن جمع بينهما في عقد واحد أو في عقدين وقعا معا، بأن قال الولي له زوجتك بناتي فقبل نكاحهما معا، أو جهل السبق والمعينة، أو علم السبق لكن جهلت السابقة فيبطل نكاحهما معا في الجمع، (وقوله: أو في عقدين الخ) أي أو نكح محرمين في عقدين بطل الثاني.
وهذا إذا كانا مرتبين وعرفت السابقة، وإلا بطلا معا، كما علمت (قوله: وضابط من يحرم الجمع بينهما كل الخ) إعراب هذا التركيب ضابط مبتدأ أول، ولفظ كل مبتدأ ثاني.
(وقوله: يحرم تنكاحهما) خبر الثاني وهو وخبره خبر الأول.
(وقوله: إن فرضت إلخ) مرتبط بقوله يحرم تنكاحهما: أي يحرم تنكاحهما لو فرضت إحداهما ذكرا، وذلك كما في الأختين فإنه لو فرضت إحداهما ذكرا مع كون الأخرى أنثى حرم تناكحهما، لأن الشخص يحرم عليه نكاح أخته، وكما في المرأة وعمتها فإنه لو فرضت المرأة ذكرا حرم عليه نكاح عمته، ولو فرضت العمة ذكرا حرم عليه نكاح بنت أخيه، وكما في المرأة وخالتها فإنه لو فرضت المرأة ذكرا حرم عليه نكاح خالته، ولو فرضت الخالة ذكرا حرم عليه نكاح بنت أخته.
(واعلم) أن من حرم جمعهما بنكاح حرم جمعهما أيضا في الوطئ بملك اليمين، فلو تملك أختين ووطئ واحدة منهما حرمت الأخرى حتى يحرم الأولى بطريق من الطرق التي تزيل الملك أو الإستحقاق كبيعها أو تزويجها، وكذلك يحرم الجمع بينهما لو كانت إحداهما زوجة والأخرى مملوكة، لكن المعقود عليها أقوى من المملوكة.
فلو عقد على امرأة ثم ملك أختها أو ملك أولا ثم عقد على أختها حلت الزوجة دون المملوكة لأن فراش النكاح أقوى من فراش الملك، إذ يتعلق به الطلاق والظهار والإيلاء وغيرها.
فلو فارق الزوجة حلت المملوكة.
وخرج بفراش النكاح وفراش الملك نفس النكاح والملك فإن الملك أقوى من النكاح لأنه يملك به الرقبة والمنفعة، بخلاف النكاح فإنه لا يملك به إلا ضرب من المنفعة، ولذلك إذا طرأ الملك على النكاح أبطله، فإذا كان متزوجا أمة ثم ملكها بطل نكاحها ولا يدخل
النكاح على الملك، فإذا ملك أمة لا يصح نكاحه لها إلا إن أعتقها ثم ينكحها (قوله: ويشترط أيضا) أي كما يشترط التعيين وعدم المحرمة، وقوله أن لا تكون تحته أربع من الزوجات، إنما اشترط ذلك لأن غاية ما يباح للحر نكاح أربع للخبر الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن أسلم على أكثر من أربع أمسك أربعا وفارق سائرهن وكأن حكمة هذا العدد موافقته لاختلاط البدن الأربعة المستولدة عنها أنواع الشهوة المستوفاة غالبا بهن.
قال ابن عبد السلام: كانت شريعة موسى تحلل النساء من غير حصر لمصلحة الرجال، وشريعة عيسى صلى الله عليه وسلم تمنع غير الواحدة لمصلحة النساء، فراعت شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم مصلحة النوعين (ولو كان بعضهن في العدة الرجعية) غاية في اشتراط ما ذكر (قوله: فلو نكح الحر الخ) مفرع على مفهوم الشرط المذكور (قوله: بطل) أي النكاح في المرأة الخامسة لأنها هي الزائدة على العدد المباح (قوله: أو في عقد) أي أو نكح الحر خمسا في عقد واحد بطل النكاح في الجميع، لأنه لا أولوية لإحداهن على الباقيات (قوله: أو زاد العبد الخ) معطوف على قوله نكح الحر الخ، فيكون داخلا في حيز التفريع على اشتراط أن لا يكون تحته أربع من الزوجات وهو لا يظهر، فلو قال أولا ويشترط أن لا يكون تحت الحر أربع من الزوجات وتحت العبد زوجتان سوى المخطوبة ثم فرع عليهما ما ذكر لكان التفريع ظاهرا.
فتنبه.
(وقوله: بطل كذلك) أي في الثالثة إن كان مرتبا أو في الجميع إن كن في عقد واحد، إذ العبد على نصف الحر فلا يجوز له أن ينكح ما عدا اثنتين (قوله: أما إذا كانت الخ) محترز قوله في العدة الرجعية، ويصح أن يكون محترز قوله تحته (قوله: أو إحدى الخ) معطوف على اسم كانت: أي أو
نكاح محرمتها والخامسة لان البائنة أجنبية (و) شرط (في الشاهدين أهلية شهادة) تأتي شروطها في باب الشهادة وهي حرية كاملة وذكورة محققة وعدالة ومن لازمها الاسلام والتكليف وسمع ونطق وبصر لما يأتي أن الاقوال لا تثبت إلا بالمعاينة والسماع.
وفي الاعمى وجه لانه أهل للشهادة في الجملة، الاصح لا وإن عرف الزوجين، ومثله من بظلمة شديدة ومعرفة لسان المتعاقدين.
(وعدم تعينهما) أو أحدهما (للولاية) فلا يصح النكاح بحضرة
ــ
كانت إحدى الخ.
(وقوله: في العدة) متعلق بمحذوف خبر كان ويقدر مثنى، وقوله البائن: أي التي لا يجوز فيها الرجعة، والوصف المذكور وصف المطلقة فوصف العدة به على ضرب من التجوز.
وعبارة المنهج في عدة بائن، بالإضافة، (قوله: فيصح الخ) جواب أما.
وقوله والخامسة: بالجر عطف على محرمتها: أي ويصح نكاح الخامسة.
(قوله: وشرط في الشاهدين الخ) شروع في شروط الشاهدين اللذين هما أحد الأركان أيضا.
(وقوله: أهلية شهادة) في البجيرمي ما نصه: ولا يشترط معرفة الشهود للزوجة ولا أن المنكوحة بنت فلان، بل الواجب عليهم الحضور، وتحمل الشهادة على صورة العقد حتى إذا دعوا لأداء الشهادة لم يحل لهم أن يشهدوا أن المنكوحة بنت فلان بل يشهدون على جريان العقد، كما قاله القاضي حسين.
كذا بخط شيخنا الزيادي.
شوبري.
وهو تابع لابن حجر.
وقال م ر: لا بد من معرفة الشهود اسمها ونسبها، أو يشهدان على صوتها برؤية وجهها، بأن تكشف لهم النقاب.
وقال
عميرة: واعلم أنه يشترط في انعقاد النكاح على المرأة المنتقبة أن يراها الشاهدان قبل العقد، فلو عقد عليها وهي منتقبة ولم يعرفها الشاهدان لم يصح لأن استماع الشاهد العقد كاستماع الحاكم الشهادة.
قال الزركشي: محله إذا كانت مجهولة النسب، وإلا فيصح.
وهي مسألة نفيسة.
والقضاة الآن لا يعلمون بها، فإنهم يزوجون المنتقبة الحاضرة من غير معرفة الشهود لها اكتفاء بحضورها وإخبارها.
وعبارة م ر في الشهادة.
قال جمع: لا ينعقد نكاح منتقبة إلا إن عرفها الشاهدان اسما ونسبا وصورة.
اه (قوله: تأتي شروطها) أي أهلية الشهادة (قوله: وهي) أي الشروط الآتية (قوله: حرية كاملة) خرج بها من به رق ولو مبعضا لنقصه (قوله: وذكورة محققة) خرج به الأنثى والخنثى، وفيه أن هذا الشرط لم يعده في باب الشهادة من الشروط.
وعبارته هناك: وشرط في شاهد تكليف وحرية ومروءة وعدالة.
اه.
ويمكن أن يقال أنه يفهم من قوله هناك ولما يظهر للرجال غالبا كنكاح وطلاق وعتق رجلان فإن الرجل هو الذكر المحقق البالغ (قوله: وعدالة) هي تتحقق باجتناب كل كبيرة وإصرار على صغيرة على غلبة طاعاته على معاصيه.
ولم يذكر المروءة مع أنه عدها في باب الشهادة ويمكن أن يقال إن العدالة تستلزمها بناء على أن العدالة في العرف ملكة تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر وصغائر الخسة، كسرقة لقمة والتنظيف بثمرة، أي نقصها من البائع وزياداتها من المشتري، والرذائل المباحة كالمشي حافيا أو مكشوف الرأس وأكل غير سوقي في سوق (قوله: ومن لازمها الخ) أي ومن لازم العدالة الإسلام والتكليف، أي فلا حاجة لعدهما (قوله: وسمع الخ) معطوف على حرية (قوله: لما يأتي) أي في الشهادات، وفيه أنه لم يذكر النطق وإن كان اشتراطه مسلما، وقد ذكره في التحفة وعبارة المؤلف هناك: وشرط الشهادة بقوله كعقد وفسخ وإقرار هو: أي إبصار وسمع لقائله حال صدوره، فلا يقبل فيه أصم لا يسمع شيئا ولا أعمى في مرئي لانسداد طرق التمييز مع اشتباه الأصوات، ولا يكفي سماع شاهد من وراء حجاب وإن علم صوته لأن ما أمكن إدراكه بإحدى الحواس لا يجوز أن يعمل فيه بغلبة ظن لجواز اشتباه الأصوات.
قال شيخنا: نعم لو علمه ببيت وحده وعلم أن الصوت ممن في البيت جاز اعتماد صوته وإن لم يره، وكذا لم علم اثنين ببيت لا ثالث لهما وسمعهما يتعاقدان وعلم الموجب منهما من القابل لعلمه بمالك المبيع أو نحو ذلك فله الشهادة بما سمعه منهما.
اه (قوله: وفي الأعمى وجه) أي بصحة شهادته.
قال في النهاية: وفي الأصم أيضا وجه، وقوله لأنه: أي الأعمى، ومثله الأصم، وقوله أهل للشهادة في الجملة: أي في بعض المحال كالشهادة في غير المرئي (قوله: والأصح لا) أي لا تصح شهادته لعدم رؤيته للموجب والقابل حال العقد والإعتماد على الصوت لا نظر له.
وقوله إن عرف الزوجين: أي من قبل عماه بأن كان عماه طارئا، والغاية لكون الأصح
عدم الصحة (قوله: ومثله الخ) أي ومثل الأعمى في عدم صحة الشهادة من بظلمة شديدة لا يرى فيها العاقدين.
وفي
عبدين أو امرأتين أو فاسقين أو أصمين أو أخرسين أو أعميين أو من لم يفهم لسان المتعاقدين ولا بحضرة متعين للولاية.
فلو وكل الاب أو الاخ المنفرد في النكاح وحضر مع الآخر لم يصح لانه ولي عاقد فلا يكون شاهدا.
ومن ثم لو شهد أخوان من ثلاثة وعقد الثالث بغير وكالة من أحدهما صح، وإلا فلا.
(تنبيه) لا يشترط الاشهاد على إذن معتبرة الاذن لانه ليس ركنا للعقد، بل هو شرط فيه، فلم يجب الاشهاد
ــ
ع ش ما نصه: قوله ومثله من بظلمة شديدة تقدم في البيع أن البصير يصح بيعه للمعين وإن كان بظلمة شديدة حال العقد بحيث لا يرى أحدهما الآخر.
ولعل الفرق بين ما هنا وثم أن المقصود من شهود النكاح إثبات العقد بهما عند التنازع، وهو منتف مع الظلمة.
اه (قوله: ومعرفة لسان المتعاقدين) معطوف على أهلية شهادة في المتن، لا على حرية، كما هو ظاهر، أي وشرط معرفة الشاهدين لسان المتعاقدين الموجب والقابل فلا يكفي إخبار ثقة لهما بمعنى العقد.
قال ع ش: لكن بعد تمام الصيغة، أما قبلها بأن أخبره بمعناها ولم يطل الفصل فيصح.
اه (قوله: وعدم الخ) معطوف على أهلية شهادة: أي وشرط عدم تعين الشاهدين أو أحدهما للولاية.
ومثال تعينهما معا للولاية أخوان أذنت لهما معا أن يزوجاها (قوله: فلا يصح النكاح إلخ) شروع في أخذ محترزات الشروط المارة، فقوله بحضرة عبدين محترزا لحرية ولا فرق فيهما بين أن يكونا مبعضين أو لا، وقوله أو امرأتين محترزا لذكورة ومثلهما الخنثيان كما علمت.
نعم، إن بانا بعد العقد أنهما ذكران صح، وقوله أو فاسقين محترزا لعدالة.
(واعلم) أنه يحرم على العالم بفسق نفسه تعرض للشهادة.
وقوله أو أصمين محترزا لسمع، وقوله أو أخرسين محترز النطق، وقوله أو أعميين، محترزا لبصر.
وقوله أو من لم يفهم لسان المتعاقدين، محترز لمعرفة لسان المتعاقدين.
وقوله: ولا بحضرة متعين للولاية: محترز عدم تعيينهما أو أحدهما للولاية (قوله: فلو وكل الأب الخ) مفرع على عدم صحته بحضرة ولي متعين للشهادة (قوله: أو الأخ المنفرد) قيد به لأنه لا يتعين للولاية إلا حينئذ، فلو لم ينفرد كأن كان لها ثلاثة إخوة وعقد لها واحد منهم بإذنها له فقط وشهد الآخران، صح، كما سيصرح به قريبا فإن أذنت لكل منهم تعين أن يكون الشاهدان من غيرهم، ففي مفهوم القيد المذكور تفصيل، وإذا كان كذلك فلا يعترض بأن مفهومه أنه إذا لم ينفرد صح أن يكون شاهدا مطلقا مع أنه ليس كذلك (قوله: في النكاح) أي في عقد النكاح لموليتهما، وهو متعلق بوكل (قوله: وحضر) أي من ذكر من الأب أو الأخ المنفرد، وقوله مع آخر، أي مع شخص آخر غيره (قوله: لم يصح) أي النكاح، وهو جواب لو (قوله: لأنه) أي من ذكر من الأب أو الأخ، وهو علة لعدم الصحة.
وقوله فلا يكون شاهدا: أي فلا يصح أن يكون شاهدا (قوله: ومن ثم لو شهد إلخ) أي ومن أجل التعليل المذكور لو شهد أخوان من ثلاثة وعقد الثالث بغير وكالة من أحدهما بأن أذنت لهذا الثالث العاقد فقط صح النكاح لعدم كونهما وليين عاقدين لها حينئذ.
وقوله وإلا بأن
عقد الثالث بوكالة من أحدهما بأن أذنت لهما وهما وكلا الثالث في عقد النكاح، ومثله ما لو أذنت للثلاثة في النكاح، وقوله فلا: أي فلا يصح النكاح بحضور الأخوين المأذون لهما في النكاح شاهدين لأنهما العاقدان في الحقيقة، والوكيل في النكاح إنما هو سفير محض (قوله: لا يشترط الإشهاد على إذن معتبرة الإذن) أي على إذن من يعتبر إذنها في صحة النكاح، وهي غير المجبرة.
نعم، يندب احتياطا ليؤمن إنكارها.
لا يقال إن التقييد بمعتبرة الإذن يوهم اشتراط الإشهاد في إذن غير معتبرة الإذن وهي المجبرة البالغة، لأنا نقول عدم اشتراط فيه مفهوم بالأولى، إذا إذنها غير شرط مستحب، وإذا لم يكن شرطا فيما الإذن فيه شرط فلأن لا يكون شرطا في غيره أولى.
فالقيد لبيان الواقع، لا للإحتراز (قوله: لأنه) أي إذنها ليس ركنا في العقد: أي ليس جزءا من أجزاء العقد والإشهاد، إنما هو شرط في العقد.
وعبارة شرح المنهج، وإنما لم يشترط لأن رضاها ليس من نفس النكاح المعتبر فيه الإشهاد، وإنما هو شرط فيه ورضاها الكافي في العقد يحصل بإذنها أو ببينة أو بإخبار وليها مع تصديق الزوج أو عكسه.
اه (قوله: بل هو) أي الإذن.
وقوله شرط فيه، أي في العقد
عليه إن كان الولي غير حاكم وكذا إن كان حاكما على الاوجه.
ونقل في البحر عن الاصحاب أنه يجوز اعتماد صبي أرسله الولي إلى غيره ليزوج موليته: أي إن وقع في قلبه صدق الخبر.
(فرع) لو زوجها وليها قبل بلوغ إذنها إليه صح على الاوجه إن كان الاذن سابقا على حالة التزويج، لان العبرة في العقود بما في نفس الامر - لا بما في ظن المكلف - (وصح) النكاح (بمستوري عدالة) وهما من لم
ــ
وقوله فلم يجب الإشهاد عليه: أي على الإذن لأنه خارج عن ماهية العقد لكونه شرطا (قوله: إن كان الولي غير حاكم الخ) الأولى أن يأتي به في صورة التعميم بأن يقول: سواء كان الولي غير حاكم أو كان حاكما وقوله على الأوجه: مقابله يقول إن الحاكم لا يزوج إلا إذا ثبت عنده الإذن ببينة، ومثلها الإقرار.
وعبارة التحفة: نعم أفتى البلقيني كابن عبد السلام بأنه لو كان المزوج هو الحاكم لم يباشره إلا إن ثبت إذنها عنده.
وأفتى البغوي بأن الشرط أن يقع في قلبه صدق المخبر له بأنها أذنت له، وكلام القفال والقاضي يؤيده وعليه يحمل ما في البحر عن الأصحاب أنه يجوز اعتماد صبي أرسله الولي لغيره ليزوج موليته.
والذي يتجه هنا ما مر في عقده بمستورين أن الخلاف إنما هو في جواز مباشرته لا في الصحة، كما هو ظاهر، لما مر أن مدارها على ما في نفس الأمر.
اه.
وفي النهاية: وما أفتى به البلقيني، كابن عبد السلام، مبني على أن تصرف الحاكم حكم، والصحيح خلافه.
اه.
(قوله: ونقل في البحر الخ) هذا مبني على غير مذكور، وهو إفتاء البغوي بأن الشرط فيما إذا كان الولي الحاكم أن يقع في قلبه صدق المخبر له كما يعلم من عبارة التحفة المارة ومن قوله بعد: أي إن وقع في قلبه صدق المخبر.
أما لو جرينا على إفتاء البلقيني المذكور في عبارة التحفة المارة - وهو أنه لا بد من ثبوت الإذن عند الحاكم، فقياسه هنا أنه لا يجوز اعتماد الصبي فيما ذكر (قوله: في قلبه) أي الغير المرسل إليه، وقوله صدق المخبر، بكسر الباء، وهو الصبي (قوله: لو زوجها وليها) أي لو زوج المولية المعتبرة الإذن وليها قبل بلوغ إذنها
إليه.
وقوله صح: أي تزويجه لها.
وقوله على الأوجه مقابله قول البغوي بعدم الصحة، ورده في التحفة بقوله: وأما قول البغوي لو زوجها وليها وكانت قد أذنت ولم يبلغه الإذن لم يصح وإن جهل اشتراط إذنها لأنه تهور محض، فهو لا يوافق قولهم العبرة في العقود حتى النكاح بما في نفس الأمر.
اه (قوله: أن كان الإذن سابقا على حالة التزويج) شرط في الصحة: أي يشترط فيها أن يتبين أنها قد أذنت له قبل التزويج فلو تبين أنها أذنت له بعد التزويج.
ومثله ما إذا لم يتبين شئ أصلا فلا يصح.
(وقوله: لأن العبرة الخ) علة الصحة.
وفي سم: قال في تجريد المزجد: أراد أن يزوج ابنة عمه وأخبره رجل أو رجلان أنها أذنت له فزوجها ثم قالا كذبنا في الإخبار، فإن قالت المرأة كنت أذنت صح النكاح، أو أنكرت صدقت بيمينها وعلى الزوج البينة بإذنها، ولو أرسلت رسولا بالإذن إلى ابن عمها فلم يأته الرسول وأتاه من سمع من الرسول وأخبره فزوجها صح النكاح، لأن هذا إخبار لا شهادة.
قاله في الأنوار.
اه (قوله: وصح النكاح) أي ظاهرا لا باطنا، وقوله بمستوري عدالة: أي شاهدين مستورة عدالتهما، وذلك لأن ظاهر المسلمين العدالة، ولأن النكاح يجري بين أوساط الناس وعوامهم، فلو كلفوا بمعرفة العدالة الباطنة ليحضر المتصف بها لطال الأمر وشق.
قال في التحفة: ومن ثم صحح في نكت التنبيه، كابن الصلاح، أنه لو كان العاقد الحاكم اعتبرت العدالة الباطنة قطعا لسهولة معرفتها عليه بمراجعة المزكين، وصحح المتولي وغيره أنه لا فرق، إذ ما طريقه المعاملة يستوي فيه الحاكم وغيره، ثم قال: والذي يتجه أخذا من قوله لو طلب منه جماعة بأيديهم مال لا منازع لهم فيه قسمته بينهم لم يجبهم إلا إن أثبتوا عنده أنه ملكهم لئلا يحتجوا بعد بقسمته على أنه ملكهم، أنه لا يتولى العقد إلا بحضرة من ثبتت عنده عدالتهما، وأن ذلك ليس شرطا للصحة، بل لجواز الإقدام، فلو عقد بمستورين فبانا عدلين صح، أو عقد غيره بهما فبانا فاسقين لم يصح، كما يأتي، لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر.
اه.
وقوله وصحح المتولي أنه لا فرق.
اعتمده في النهاية والمغني.
(تنبيه) لا يصح النكاح بمستوري الإسلام والحرية، وهما من لم يعرف حالهما في أحدهما باطنا وإن كانا بمحل كل أهله مسلمون أو أحرارا، وذلك كأن وجد لقيط ولم يعرف حاله إسلاما ورقا، وإنما لم يصح بهما لسهولة الوقوف على
يعرف لهما مفسق، كما نص عليه، واعتمده جمع، وأطالوا فيه.
وبطل الستر بتجريح عدل وإذا تاب الفاسق لم يلتحق بالمستور.
ويسن استتابة المستور عند العقد.
ولو علم الحاكم فسق الشاهدين لزمه التفريق بين الزوجين
ولو قبل الترافع إليه على الاوجه.
ويصح أيضا بابني الزوجين أو عدويهما.
وقد يصح كون الاب شاهدا أيضا: كأن تكون بنته قنة.
وظاهر كلام الحناطي - بل صريحه - أنه لا يلزم الزوج البحث عن حال الولي والشهود.
قال شيخنا: وهو كذلك إن لم يظن وجود مفسد للعقد (وبان بطلانه) أي النكاح (بحجة فيه) أي في النكاح من بينة أو
ــ
الباطن فيهما.
ومثلهما في ذلك البلوغ ونحوه مما مر من الشروط.
نعم.
إن بانا مسلمين أو حرين أو بالغين مثلا بأن انعقاده كما لو بان الخنثى ذكرا.
أفاده حجر.
(قوله: وهما) أي مستور العدالة.
(وقوله: من لم يعرف لهما مفسق) أي لم يعرف أنهما ارتكبا مفسقا من الكبائر أو من الإصرار على الصغائر.
(وقوله: كما نص عليه) أي على الضابط المذكور،
(وقوله: واعتمده) أي هذا الضابط المنصوص عليه.
وقوله وأطالوا فيه: أي في ترجيحه، وقيل في ضابط المستورين هو من عرف ظاهرهما بالعدالة ولم يزكيا.
قال في التحفة: وهو ما اختاره المصنف وقال إنه الحق.
اه.
وكتب سم ما نصه: قوله أو من عرف إلخ - كأن معناه أنه شوهد منهما أسباب العدالة من ملازمة الواجبات والطاعات واجتناب المحرمات - بخلاف المذكور عن النص.
فإنه صادق بمجهولين لم يعرف حالهما ولا شوهد منهما أسباب العدالة.
وبهذا يتضح الفرق بين النص ومختار المصنف.
اه.
(قوله: وبطل الستر بتجريح عدل) أي بإخبار عدل بفسق ذلك المستور، فلو أخبر بفسق المستور عدل لم يصح النكاح.
قال في شرح الروض: وقول صاحب الذخائر الأشبه الصحة، فإن الجرح لا يثبت إلا بشاهدين ولم يوجدا: يرد بأنه ليس الغرض إثبات الجرح، بل زوال ظن العدالة، وهو حاصل بخبر العدل.
اه.
ثم إن كون الستر يبطل بتجريح عدل محله إذا كان واقعا قبل العقد، بخلافه بعده لانعقاده ظاهرا فلا بد من ثبوت مبطله، كذا في التحفة والنهاية.
(قوله: لم يلتحق بالمستور) أي فلا يصح به العقد إلا بعد مضي مدة الإستبراء وهي سنة.
قال في شرح الروض: لأن توبته حينئذ تصدر عن عادة لاعن عزم محقق.
اه (قوله: ويسن استتابة إلخ) أي احتياطا.
قال الرشيدي: أنظر ما فائدة هذه الإستتابة مع أن توبة الفاسق لا تلحقه بالمستور كما قدمه قبله؟ ولعلهم يفرقون بين ظاهر الفسق وغير ظاهره.
اه.
(قوله: ولو علم الحاكم فسق الخ) الأولى أن لا يذكر هذا ويزيد بعد قوله الآتي أو علم حاكم فيلزمه التفريق الخ، كما صنع في التحفة، ونصها: وإنما يتبين الفسق أو غيره بعلم القاضي فيلزمه التفريق بينهما إلخ.
اه.
(قوله: ولو قبل الترافع إليه) قال في فتح الجواد: لكن إن علم أن الزوج مقلد لمن لا يجيز ذلك، أي النكاح، بشاهدين فاسقين، وإلا فلا بد من الترافع إليه فيما يظهر.
اه.
بزيادة (قوله: ويصح) أي النكاح.
وقوله بابني الزوجين أو عدويهما: أي أو ابن عدو أحدهما مع ابن أو عدو الآخر (قوله: وقد يصح كون الأب شاهدا) أي فيما إذا كانت الولاية لغيره.
والمناسب تقديم هذه المسألة عند قول الشارح ولا بحضرة متعين للولاية ويذكرها بعد قوله ومن ثم لو شهد أخوان من ثلاثة وعقد الثالث بغير وكالة صح بأن يقول بعده أو شهد أب في نكاح بنته القنة فإنه يصح لعدم تعينه للولاية.
وقوله كأن تكون بنته قنة: أي فالولاية فيها لسيدها لا له فصح أن يكون شاهدا.
وعبارة شرح الروض: كأن تكون بنته كافرة أو رقيقة أو ابنه سفيها وأذن له في النكاح لأنه ليس عاقدا ولا العاقد نائبه.
اه (قوله: قال شيخنا وهو) أي الحكم كذلك، أي كما قاله الحناطي، ثم إن ظاهر عبارة الشارح أن هذا قول شيخه، وليس كذلك.
نعم: يفهم من عبارة شيخه ونصها: وظاهر كلام الحناطي - بل صريحه - أنه لا يلزم الزوج البحث عن حال الولي والشهود وأوجبه بعض المتأخرين لامتناع الإقدام على
العقد مع الشك في شروطه.
ويرد بأن ما علل به إنما هو في الشك في الزوجين فقط لما مر أنهما المقصودان بالذات، فاحتيط لهما أكثر، بخلاف غيرهما فجاز الإقدام على العقد حيث لم يظن وجود مفسد له في الولي أو الشاهد.
ثم إن بان مفسد بان فساد النكاح، وإلا فلا.
اه.
وقوله وأوجبه بعض المتأخرين: قال سم جزم به في الكنز وأنه يأثم بتركه وإن صح العقد ما لم يبن خلل وإن ذلك هو الأوجه الأفقه، خلافا للحناطي.
اه.
(قوله: وبان بطلانه) أي تبين بطلان النكاح بعد حصوله (قوله: بحجة) متعلق ببان.
وقوله فيه: متعلق بمحذوف صفة لحجة، أي بحجة مقبولة في ثبوت النكاح وهي
علم حاكم (أو بإقرار الزوجين في حقهما بما يمنع صحته) كفسق الشاهد أو الولي عند العقد والرق والصبا لهما وكوقوعه في العدة.
وخرج بفي حقهما حق الله تعالى كأن طلقها ثلاثا ثم اتفقا على فساد النكاح بشئ مما ذكر وأراد نكاحا جديدا فلا يقيل إقرارهما، بل لا بد من محلل للتهمة، ولانه حق الله، ولو أقاما عليه بينة لم تسمع.
ــ
رجلان، أو علم الحاكم.
والتقييد بقوله فيه يخرج الرجل والمرأتين لأنه ليس بحجة فيه وإن كان بحجة في غيره (قوله: من بينة الخ) بيان للحجة: أي أن الحجة هي بينة تشهد بما يمنع صحته مفسرا بكونه عند العقد سواء كانت حسية أو غيرها أو علم حاكم.
قال في النهاية: حيث ساغ له الحكم بعلمه.
اه.
قال ع ش: أي بأن كان مجتهدا.
اه.
(قوله: أو بإقرار الزوجين) معطوف على بحجة: أي أو بان بطلانه بإقرار الزوجين (قوله: في حقهما) الأولى تقديمه على قوله بحجة الخ ليتصل بمتعلقه الذي هو بطلان: إذ هو متعلق به، كما في البجيرمي، والجار والمجرور الذي بعده متعلق بكل من حجة وإقرار: أي تبين بالحجة أو الإقرار بطلانه بالنسبة لما يتعلق بحق الزوجين فقط وسيذكر مفهومه.
وعبارة التحفة تقتضي تعلقه بمحذوف: أي ويعتد بالحجة أو الإقرار في حقهما ونصها: وعلم أن إقرارهما وبينتهما إنما يعتد بهما فيما يتعلق بحقهما لا غير.
ومنه يؤخذ أنه لو طلقها ثم أقيمت بينة بفساد النكاح ثم أعادها عادت إليه بطلقتين فقط، لأن إسقاط الطلقة حق لله تعالى فلا تفيده البينة أيضا.
ويحتمل خلافه.
اه.
(قوله: بما يمنع صحته) تنازعه كل من قوله بحجة وقوله أو بإقرار.
كما علمت (قوله: كفسق الشاهد) هو وجميع ما بعده تمثيل لما يمنع الصحة.
وقوله عند العقد: متعلق بفسق.
وخرج به تبين فسقه بعده أو قبله فلا يضر لجواز حدوثه في الأولى ولاحتمال توبته في الثانية.
نعم: تبينه قبل مضي زمن من الإستبراء بالنسبة للشاهد كتبينه عنده، أما بالنسبة للولي فليس كذلك لأنه لا يشترط لصحة عقده بعد التوبة مضي مدة الإستبراء، كما سيأتي (قوله: والرق والصبا) عطف على فسق: أي وكالرق والصبا، أي عند العقد فلا يضر تبينهما قبله لاحتمال الكمال عنده.
وقوله لهما: أي الشاهد والولي (قوله: وكوقوعه) معطوف على كفسق وكان الأولى حذف الكاف، كالذي قبله، أي وكوقوع النكاح في العدة الكائنة من غيره، فهو مما يمنع صحته ومما يمنع صحته أيضا الجنون والإغماء والردة عنده (قوله: وخرج بفي حقهما حق الله تعالى) أي فلا يؤثر بطلان النكاح بالنسبة لحق الله تعالى وهو
كالتخليل في المثال، فإنه لا يسقط بثبوت فساد النكاح لأنه حق الله تعالى وإن كان مقتضى ثبوت ذلك سقوطه لأنه فرع الطلاق.
وقد تبين أن لا طلاق لعدم النكاح (قوله: كأن طلقها ثلاثا الخ) في ع ش ما نصه: وقع السؤال عمن طلق زوجته ثلاثا عامدا عالما: هل يجوز له أن يدعى بفساد العقد الأول لكون الولي كان فاسقا أو الشهود كذلك بعد مدة من السنين؟ وهل له الإقدام على أن يعقد عليها من غير وفاء عدة من نكاحه الأول؟ وهل يتوقف نكاحه الثاني على حكم حاكم بصحته؟ وهل الأصل في عقود المسلمين الصحة أو الفساد؟ (وأجبنا عنه بما صورته) الحمد لله.
لا يجوز له أن يدعي بذلك عند القاضي ولا تسمع دعواه بذلك، وإن وافقته الزوجة عليه حيث أراد به إسقاط التحليل.
نعم: إن علم بذلك جاز له فيما بينه وبين الله تعالى العمل به فيصح نكاحه لها من غير محلل وإن وافقته الزوجة على ذلك ومن غير وفاء عدة منه، لأنه يجوز للإنسان أن يعقد في عدة نفسه سواء كانت عن شبهة أو طلاق، ولا يتوقف حل وطئه لها وثبوت أحكام الزوجية له على حكم حاكم، بل المدار على علمه بفساد الأول في مذهبه واستجماع الثاني لشروط الصحة المختلفة كلها أو بعضها في العقد الأول، ولا يجوز لغير القاضي التعرض له فيما فعل.
وأما القاضي فيجب عليه أن يفرق بينهما إذا علم بذلك.
والأصل في العقود الصحة فلا يجوز الإعتراض في نكاح ولا غيره على من استند في فعله إلى عقد ما لم يثبت فساده بطريقه، وهذا كله حيث لم يحكم حاكم بصحة النكاح الأول ممن يرى صحته مع فسق الولي أو الشهود.
أما إذا حكم به حاكم فلا يجوز له العمل بخلافه، لا ظاهرا ولا باطنا، لما هو مقرر أن حكم الحاكم يرفع الحلاف، ولا فرق فيما ذكر بين أن يسبق من الزوج تقليد لغير إمامنا الشافعي ممن يري صحة النكاح مع فسق الشاهد والولي أم لا.
اه (قوله: يشئ) متعلق بفساد.
وقوله مما ذكر: أي من الفسق والرق والصبا، أي وغير ما ذكر أيضا: كالجنون والردة والإغماء (قوله: فلا يقبل إقرارهما) أي بالنسبة لصحة نكاح جديد من غير تحليل (قوله: بل لا بد) أي لصحته من محلل
أما بينة الحسبة فتسمع.
نعم محل عدم قبول إقرارهما في الظاهر، أما في الباطن فالنظر لما في نفس الامر ولا يتبين البطلان بإقرار الشاهدين بما يمنع الصحة فلا يؤثر في الابطال، كما لا يؤثر فيه بعد الحكم بشهادتهما، ولان الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما.
أما إذا أقر به الزوج دون الزوجة فيفرق بينهما مؤاخذة له بإقراره وعليه نصف المهر إن لم يدخل بها وإلا فكله: إذ لا يقبل قوله عليها في المهر بخلاف ما إذا أقرت به دونه فيصدق هو
ــ
(قوله: للتهمة) بضم ففتح.
وهو علة لعدم قبول إقرارهما: أي لا يقبل لاتهامهما في دعواهما فساد النكاح (قوله: ولأنه) أي التحليل المفهوم من المحلل.
وقوله حق الله: أي لا حق الزوجين (قوله: ولو أقاما) أي الزوجان ومثله أحدهما.
(وقوله: عليه) أي فساد النكاح.
(وقوله: لم تسمع) قال السبكي هو صحيح إذا أراد نكاحا جديدا كما فرضه، فلو أراد التخلص من المهر أو أرادت بعد الدخول مهر المثل، أي وكان أكثر من المسمى فينبغي قبولها اه.
وما قاله السبكي صادق عليه قول المصنف في حقهما (قوله: أما بينة الحسبة فتسمع) هذا محترز أقاما: إذ بينة الحسبة لم تقم وإنما قامت
بنفسها وشهدت.
وعبارة التحفة: وخرج بأقاما ما لو قامت حسبة ووجدت شروط قيامها فتسمع.
اه.
وعبارة النهاية: ذكر البغوي في تعليقه أن بينة الحسبة تقبل، لكنهم ذكروا في باب الشهادات أن محل قبوله بينة الحسبة عند الحاجة إليها كأن طلق شخص زوجته وهو يعاشرها أو أعتق رقيقه وهو ينكر ذلك، أما إذا لم تدع الحاجة إليها فلا.
وهنا كذلك.
نبه عليه الوالد رحمه الله تعالى.
اه.
وسيأتي أيضا للشارح، في بابها، التقييد بذلك (قوله: نعم الخ) تقييد لقوله فلا يقبل إقرارهما (قوله: أما في الباطن فالنظر لما في نفس الأمر) أي فيجوز لهما العمل بإقرارهما، فيصح نكاحه لها من غير محلل إن وافقته ومن غير وفاء عدة، لكن إن علم بهما الحاكم فرق بينهما، كما علمت ذلك من جواب ع ش المار آنفا، (قوله: ولا يتبين البطلان بإقرار الشاهدين بما يمنع الصحة) أي بأن قالا كنا فاسقين عند العقد مثلا.
وهذا مفهوم قوله بإقرار الزوجين (قوله: فلا يؤثر) أي إقرار الشاهدين بما يمنع الصحة.
(وقوله: في الإبطال) أي إبطال النكاح (قوله: كما لا يؤثر) أي الإقرار.
وقوله فيه: أي الإبطال.
وقوله بعد الحكم بشهادتهما: اعترض بأن المقيس وهو قوله فلا يؤثر في الإبطال صادق بالمقيس عليه فلا حاجة إلى القياس.
وأجيب بتخصيص المقيس بما إذا كان قبل الحكم بشهادتهما ويرد عليه أنه حينئذ قياس مع الفارق، لأن النكاح تقوى بعد الحكم بشهادتهما فلا يلزم من عدم تأثير الإقرار في إبطاله حينئذ عدم تأثيره في إبطاله قبل الحكم بشهادتيهما إلا أن يقال إنه قياس أدون.
تأمل اه.
بجيرمي بتصرف (قوله: ولأن الحق) أي الذي أقرا به وهو مانع صحة النكاح.
(وقوله: ليس لهما) أي الشاهدين، واللام بمعنى على: أي ليس عليهما بل هو على الزوجين، وإذا كان كذلك فلا يصح إقرارهما بحق على غيرهما، لأن الإقرار، كما تقدم، إخبار بحق سابق عليه نفسه.
ومقتضى التعليل أنه لو كان الحق لهما قبل بالنسبة إليهما وهو كذلك.
وعبارة التحفة: نعم له أثر في حقهما، فلو حضرا عقد أختهما مثلا ثم ماتت وورثاها سقط المهر قبل الوطئ وفسد المسمى بعده فيجب مهر المثل: أي إن كان دون المسمى أو مثله لا أكثر، كما هو ظاهر، لئلا يلزم أنهما أوجبا بإقرارهما حقا لهما على غيرهما.
اه.
وقوله حقا لهما على غيرهما: وهو ما زاد على المسمى (قوله: فلا يقبل قولهما) أي على الزوجين، كما علمت (قوله: أما إذا أقر به) أي بما يمنع الصحة وهو مقابل قوله أو بإقرار الزوجين، والأولى أن يقول فإن أقر: بالتفريع على ما قبله، كما صنع في المنهج (قوله: فيفرق بينهما) وهي فرقة فسخ لا طلاق فلا تنقص عددا (قوله: مؤاخذة له) أي للزوج، وهو علة التفريق بينهما، (وقوله: بإقراره) أي باعترافه بما يتعين به بطلان نكاحه (قوله: وعليه) أي الزوج المقر بما يمنع الصحة.
(وقوله: نصف المهر) أي المسمى (قوله: وإلا) أي بأن دخل بها فكله: أي فعليه كله (قوله: إذ لا يقبل قوله عليهما في المهر) أي لأنه
حقها لا حقه.
(والحاصل) يسقط بإقراره حقه لا حقها لأن حكم اعترافه مقصور عليه، ولذلك لا يرثها وهي ترثه، لكن بعد حلفها أنه عقد بعدلين (قوله: بخلاف ما إذا أقرت) أي الزوجة.
وقوله به: أي بما يمنع صحة النكاح.
ولا بد من تخصيص ما يمنع بغير نحو محرمية: لما تقدم في مبحث الرضاع، وسيصرح به أيضا قريبا.
وعبارة التحفة: وخرج باعترافه اعترافها
بيمينه لان العصمة بيده وهي تريد رفعها فلا تطالبه بمهر إن طلقت قبل وطئ، وعليه إن وطئ الاقل من المسمى ومهر المثل.
ولو أقرت بالاذن ثم ادعت أنها إنما أذنت بشرط صفة في الزوج ولم توجد ونفى الزوج ذلك صدقت بيمينها فيما استظهره شيخنا (و) إذا اختلفا فادعت أنها محرمة بنحو رضاع وأنكر (حلفت مدعية محرمية) وصدقت وبان بطلان النكاح فيفرق بينهما إن (لم ترضه) أي الزوج حال العقد ولا عقبه لاجبارها أو أذنها في غير معين ولم ترض بعد العقد بنطق ولا تمكين لاحتمال ما تدعيه مع عدم سبق مناقضه، فهو كقولها ابتداء فلان أخي من الرضاع فلا تزوج منه.
فإن رضيت ولم تعتذر بنحو نسيان أو غلط لم تسمع دعواها (و) إن اعتذرت
ــ
بخلل ولي أو شهود فلا يفرق به بينهما الخ.
اه.
وقوله دونه: أي الزوج (قوله: فيصدق) أي فيصدق الزوج بعدم ما أقرت به الزوجة بيمينه، فإن نكل عن اليمين حلفت وفرق بينهما (قوله: لأن العصمة بيده الخ) علة لتصديقه هو دونها: أي وإنما صدق هو لأن العصمة بيده وهي تريد رفعها.
أي والأصل بقاؤها (قوله: فلا تطالبه بمهر) الأولى ولا تطالبه، بالواو، لأنه معطوف على فيصدق الواقع في جواب إذا، لا تفريع، وإنما لم تطالبه به لسقوطه بإقرارها.
ومحله ما لم تكن محجورا عليها بسفه، وإلا فلا سقوط لفساد إقرارها في المال.
ومحل سقوطه أيضا إن لم تكن قد قبضته فإن قبضته فليس له استرداده منها وكما لا تطالبه بالمهر إذا مات لا ترثه مؤاخذة لها بذلك.
وعبارة الروض ولو أقرت دونه صدق بيمينه ولكن لا ترثه ولا تطالبه بمهر.
اه.
(قوله: وعليه إن وطئ الخ) الأخصر أن يقول أو بعده فلها أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل (قوله: ولو أقرت بالإذن) أي في التزويج (قوله: ثم ادعت) أي بعد التزويج.
وقوله أنها إنما أذنت أي في التزويج وقوله بشرط صفة في الزوج أي ككونه عالما أو شريفا أو غير ذلك (قوله: ولم توجد) أي تلك الصفة المشروطة (قوله: ونفى الزوج ذلك) أي الشرط الذي ادعته (قوله: صدقت بيمينها) أي للقاعدة أن من كان القول قوله في أصل الشئ كان القول قوله في صفته كالموكل يدعي تقييد إذنه بصفة، فينكر الوكيل.
وبحث بعضهم تصديق الزوج لأنه يدعي الصحة يرده تصديقهم للموكل وإن ادعى الفساد.
اه.
تحفة (قوله: وإذا اختلفا إلخ) هذه المسألة قد تقدمت في الشرح في مبحث الرضاع المحرم عند قوله ولو أقر رجل وامرأة الخ، فكان الأولى إسقاطها هناك استغناء عنها بما هنا أو يؤخر الكلام على صورة الإتفاق والإختلاف كلها إلى هنا، فرارا من التكرار (قوله: فادعت أنها محرمة) خرج به ما إذا ادعى هو ذلك فإنه هو المصدق مطلقا، كما تقدم، (وقوله: بنحو رضاع) أي كمصاهرة ونسب (قوله: وأنكر) أي الزوج (قوله: حلفت مدعية محرمية) جواب إذا التي قدرها الشارح، ولو قال سمعت دعوى مدعية المحرمية وحلفت عليها لكان أولى ليطابق مقابله الآتي: وهو قوله فإن رضيته لم تسمع دعواها (قوله: وصدقت) أي ولها مهر المثل لا المسمى إن وطئت، وإلا فلا
شئ لها (قوله: وبان بطلان النكاح) أي بسبب المحرمية التي ادعتها الزوجة (قوله: فيفرق بينهما) أي يفرق الحاكم بينهما وجوبا (قوله: إن لم ترضه الخ) قيد لقوله حلفت مدعية محرمية (قوله: حال العقد) أي وقت العقد، وهو متعلق بترضه.
(وقوله: ولا عقبه) معطوف على حال العقد: أي لم ترضه لا حالة العقد ولا بعده.
(وقوله: لإجبارها الخ) تعليل لتصوير عدم الرضا حالة العقد وبعده: أي أنه يتصور عدم رضاها به حالة العقد وبعده لكونها مجبرة أو لكونها أذنت للولي في التزويج ولم تعين أحدا ولم ترض بعد العقد به بنطق منها بأن تقول له رضيت بك أو تمكين من وطئه إياها (قوله: لاحتمال ما تدعيه) علة لتصديقها باليمين.
(وقوله: مع عدم سبق مناقضة) أي مع عدم تقدم شئ منها مناقض لما تدعيه، والمناقض له رضاها المتضمن لإقرارها بحلها له أو التمكين من وطئه إياها (قوله: فهو إلخ) أي ما ادعته بعد العقد من المحرمية: كقولها ابتداء أي قبل العقد، فلان أخي من الرضاع فلا تزوج منه: أي عليه مؤاخذة بقولها (قوله: فإن رضيت) أي حالة العقد أو بعده بأن مكنته من نفسها.
(وقوله: ولم تعتذر) أي في رضاها.
(وقوله: بنحو نسيان) الباء تصويرية متعلقة بتعذر، أي ويتصور الإعتذار بنحو نسيان في رضاها بتمكينها له بأن قالت مكنته من نفسي نسيانا لا عمدا.
(وقوله: أو غلط) بأن قالت أنا مرادي بالزوج الذي عينته زيد فغلطت وقلت عمرو (قوله: لم تسمع دعواها) أي
سمعت دعواها للعذر ولكن (حلف) هو أي الزوج (لراضية اعتذرت) بنسيان أو غلط (و) شرط (في الولي عدالة وحرية وتكليف) فلا ولاية لفاسق غير الامام الاعظم لان الفسق نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق.
هذا هو المذهب للخبر الصحيح لا نكاح إلا بولي مرشد أي عدل.
وقال بعضهم: إنه يلي.
والذي اختاره
ــ
لأنه سبق منها ما يناقضها وهو رضاها به فيصدق حينئذ هو ولا يفرق بينهما (قوله: وإن اعتذرت سمعت دعواها للعذر) أنظر ما فائدة سماع دعواها؟ ثم رأيت في الأنوار وشرح البهجة أن ذلك لتحليف الزوج أنه لا يعلم بينهما محرمية.
فقول الشارح بعد ولكن حلف بيان لتلك الفائدة، ونص عبارة الأنوار: ولو زوجت امرأة ثم ادعت محرمية الرضاع أو غيره فإن زوجت برضاها الصريح نطقا من شخص معين فلا يقبل دعواها إلا إذا ذكرت عذرا كغلط أو نسيان أو جهل فتسمع ويحلف الزوج على نفي العلم بالمحرمية ولا يسمع قولها ولا بينتها، وإن زوجت بغير رضاها لكونها أمة أو مجبرة أو برضاها ولم تعين الزوج سمعت دعواها أو بينتها.
وهل تصدق بيمينها ليندفع النكاح بها؟ وجهان: أحدهما نعم، وهو قول ابن الحداد والمقطوع به عند المتولي وهو الأصح عند الشيخ أبي علي الطبري وصاحب التهذيب، وأسنده إلى الإمام المعظم.
كذا في تعليق الحاوي، وهو الأصح في الروضة.
والمرجح في المحرر، والمفهوم من سياق الشرحين.
والثاني لا، بل القول قوله بيمينه على نفي المحرمية ليستمر النكاح.
وهو قول أبي زيد المروزي، والمحكي عن ابن شريح (1) وهو الأصح عند الغزالي والمذكور في الحاوي، والمفهوم من شرح اللباب.
ولو زوجت برضاها واكتفى
بسكوتها لبكارتها ثم ادعت محرمية سمعت بينتها وتصدق بيمينها.
ولو زوجت بغير رضاها ومكنت الزوج من نفسها أو اختلعت نفسها أو دخلت عليه وقامت معه فكما لو زوجت برضاها.
اه.
(قوله: ولكن حلف هو: أي الزوج لراضية اعتذرت) في العبارة إظهار في مقام الإضمار، كما لا يخفى، وهو يفيد أنه لا يحلف لراضية لم تعتذر.
وظاهر عبارة المنهاج، في باب الرضاع، أنه يحلف لها مطلقا، ونصها: وإن ادعته، أي الرضاع المحرم، فأنكر صدق بيمينه إن زوجت برضاها، وإلا فالأصح تصديقها.
اه.
(قوله: وشرط في الولي) شروع في بيان شروط الولي الذي هو أحد الأركان الخمسة.
(وقوله: عدالة) هذا شرط للولي المزوج بالولاية، أما المزوج بالملك فلا يشترط فيه.
والمراد بالعدالة في حق الولي عدم الفسق، بخلافها في الشاهد فإن المراد بها ملكة في النفس تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر والصغائر ومن الرذائل المباحة، كما تقدم، فحينئذ العدالة في حق الولي تشمل الواسطة وهي عدم الفسق مع عدم الملكة المذكورة، وتتحقق في الصبي إذا بلغ ولم يصدر منه كبيرة ولا صغيرة ولم يحصل له تلك الملكة، وفي الفاسق إذا تاب فإنهما يزوجان حالا.
(وقوله: وحرية) أي كاملة.
(وقوله: تكليف) أي بلوغ وعقل.
وشرط أيضا اختيار وذكورة محققة وعدم إحرام، وعدم اختلاف دين.
ولو قال - كما في المنهج - وشرط في الولي اختيار وفقد مانع الولاية لكان أولى لشموله لذلك كله (قوله: فلا ولاية لفاسق) مفهوم الشرط الأول، وهو العدالة وهذا عندنا.
وأما عند الأئمة الثلاثة فتثبت الولاية للفاسق.
(وقوله: غير الإمام الأعظم) أي أما الإمام الأعظم فلا يمنع فسقه ولايته بناء على الصحيح أنه لا ينعزل بالفسق فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشأنه.
اه.
شرح المنهج.
(وقوله: فيزوج بناته) أي إن لم يكن لهن ولي خاص غيره كالجد والأخ وإلا قدم عليه لتقدم الخاص على العام.
وقال سم: لو كانت بناته أبكارا هل يجبرهن لأنه أب أو لا بد من الإستئذان لأن تزويجه بالولاية العامة لا الخاصة: فيه نظر، ومال م ر إلى الأول.
اه (قوله: لأن الفسق نقص يقدح في الشهادة) أي يضر بها.
وقوله فيمنع الولاية: يقتضي إن كل ما يقدح في الشهادة يمنع الولاية، وليس كذلك، لأن ارتكاب خارم المروءة نقص يقدح في الشهادة ولا يمنع الولاية، ومن ثم لم يعلل م ر ولا حجر بهذا التعليل.
اه.
بجيرمي (قوله: كالرق) أي فإنه نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية.
والكاف للتنظير (قوله: هذا) أي ما ذكر من كونه لا ولاية لفاسق هو المذهب (قوله: للخبر الصحيح الخ) دليل للمذهب (قوله: أي عدل) تفسير لمرشد (قوله: وقال بعضهم
(1)(قوله عن ابن شريح) كذابالاصل الذى بايدينا.
اه.
مصصححه
النووي - كابن الصلاح والسبكي - ما أفتى به الغزالي من بقاء الولاية للفاسق حيث تنتقل لحاكم فاسق.
ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا على ما اعتمده شيخنا كغيره، لكن الذي قاله الشيخان إنه لا يزوج إلا بعد الاستبراء، - واعتمده السبكي - ولا لرقيق كله أو بعضه لنقصه ولا لصبي ومجنون لنقصهما أيضا وإن تقطع الجنون تغليبا لزمنه المقتضي لسلب العبارة فيزوج الابعد زمنه فقط ولا تنتظر إفاقته.
نعم: إن قصر زمن الجنون
ــ
أنه)، أي الفاسق يلي.
وعبارة التحفة: واختار أكثر متأخري الأصحاب أنه يلي.
اه (قوله: والذي اختاره النووي الخ) حاصل هذا القول التفصيل وهو أنه إن كان لو سلبت الولاية من الولي الخاص الفاسق انتقلت لحاكم فاسق بأن لم يوجد غيره أبقيت الولاية له، وإلا بأن كان لو سلبت لا تنتقل لحاكم فاسق بأن وجد غيره من ولي أبعد أو حاكم غير فاسق فلا تبقى له بل تنتقل عنه إلى الولي الأبعد أو للحاكم غير الفاسق إذا لم يوجد الأبعد (قوله: من بقاء الخ) بيان لما أفتى به الغزالي.
(وقوله: حيث تنتقل لحاكم فاسق) أي بأن عدم الأبعد والحاكم غير الفاسق، كما علمت، وإنما بقيت للخاص الفاسق ولم تنتقل عنه: قال في التحفة لأن الفسق عم، واستحسنه في الروضة وقال ينبغي العمل به، وبه أفتى ابن الصلاح، وقواه السبكي.
وقال الأذرعي لي منذ سنين أفتى بصحة تزويج القريب الفاسق، واختاره جمع آخرون إذا عم الفسق، وأطالوا في الإنتصار له حتى قال الغزالي من أبطله حكم على أهل العصر كلهم، إلا من شذ، بأنهم أولاد حرام.
اه.
وهو عجيب، لأن غايته أنهم من وطئ شبهة وهو لا يوصف بحرمة كحل، فصواب العبارة حكم عليهم بأنهم ليسوا أولاد حل اه.
(قوله: ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا) أي لأن الشرط عدم الفسق لا العدالة التي هي ملكة تمنع من اقتراف الذنوب الخ، كما تقدم، وفي سم ما نصه: قوله زوج حالا، قال الزركشي: فبين العدالة والفسق واسطة، ومثل بهذا وبالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم ولم يوجد منهما مفسق فقال ليسا بفاسقين لعدم صدور مفسق ولا عدلين لعدم حصول الملكة، وقال لا تحصل عدالة الكافر إلا بعد الإختبار.
قال الأستاذ في كنزه: وفي ذلك نظر ظاهر ومنابذة لإطلاقهم، فالصواب أن الصبي إذا بلغ رشيدا والكافر إذا أسلم ولم يوجد منهما مفسق يوصفان بالعدالة.
اه.
وما قاله الأستاذ لا ينبغي العدول عنه.
اه (قوله: أيضا زوج حالا) قال ع ش: أي وإن لم يشرع حالا في رد المظالم ولا في قضاء الصلوات مثلا حيث وجدت شروط التوبة بأن عزم مصمما على رد المظالم.
اه.
(قوله: على ما اعتمده شيخنا) عبارته: ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا لأن الشرط عدم الفسق لا العدالة وبينهما واسطة، ولذلك زوج المستور الظاهر العدالة.
اه.
وقوله كغيره: أي كشيخ الإسلام في شرح الروض والخطيب والرملي (قوله: لكن الذي إلخ) ضعيف (قوله: أنه) أي الفاسق الذي تاب توبة صحيحة.
(وقوله: لا يزوج إلا بعد الإستبراء) أي بسنة فإذا مضت سنة من بعد التوبة ولم يعد إلى الفسق فيها صحت ولايته، وإلا فلا (قوله: ولا لرقيق) معطوف على لفاسق: أي ولا ولاية لرقيق كله أو بعضه.
قال في شرح المنهج: لو ملك المبعض أمة زوجها، كما قاله البلقيني، بناء على الأصح من أنه يزوج بملك لا بالولاية خلافا لما أفتى به البغوي.
اه.
وقوله لما أفتى به: أي من أنه لا يزوج أصلا.
ح ل.
وخرج بقوله ولا ولاية وكالته
فتصح في القبول لا في الإيجاب عملا بالقاعدة في ضابط الوكيل وهو صحة مباشرته فيما وكل فيه لنفسه، وهو يصح أن يقبل لنفسه فيصح أن يقبل لغيره بالوكالة عنه (قوله: ولا لصبي ومجنون) معطوف أيضا على قوله لفاسق.
ولا هنا وفيما قبله للتأكيد.
أي ولا ولاية لصبي ومجنون.
وقوله لنقصهما: علة لعدم صحة ولايتهما.
وقوله أيضا: أي كنقص الرقيق (قوله: وإن تقطع الجنون) غاية في المجنون المنفية عنه الولاية، وظاهرها أن المجنون لا ولاية له أصلا ولو في زمن الإفاقة فيما إذا تقطع الجنون، وليس كذلك، بل المراد أنه حالة جنونه لا يزوج وتنتقل الولاية للأبعد ولا ينتظر زمن الإفاقة، كما في سم، وعبارته: قوله وإن تقطع الجنون، ليس المراد أنه لا ولاية له حتى في زمن الإفاقة، بل معناه أنه الأبعد يزوج في زمن الجنون ولا يجب انتظار الإفاقة، وأما هو في زمن إفاقته فيصح تزويجه.
اه.
(قوله: تغليبا لزمنه) أي الجنون على زمن الإفاقة، فكأن الكل جنون وهو علة للغاية.
وظاهرها يفيد ما أفاده ظاهر الغاية المتقدم بيانه، وليس مرادا أيضا.
فتنبه.
وقوله المقتضي: بدل من الضمير في زمنه العائد على الجنون، وهو كالعلة للتغليب المذكور.
أي
كيوم في سنة انتظرت إفاقته، وكذي الجنون ذو ألم يشغله عن النظر بالمصلحة ومختل النظر بنحو هرم ومن به بعد الافاقة آثار خبل توجب حدة في الخلق (وينقل ضد كل) من الفسق والرق والصبا والجنون (ولاية لابعد) لا لحاكم - ولو في باب الولاء - حتى لو أعتق شخص أمة ومات عن ابن صغير وأخ كبير كانت الولاية للاخ لا للحاكم على المعتمد.
ولا ولاية أيضا لانثى فلا تزوج امرأة نفسها - ولو بإذن من وليها - ولا بناتها خلافا لابي
ــ
وإنما غلب زمن الجنون على زمن الإفاقة لأن الجنون يقضي سلب العبارة والإفاقة تقتضي ثوبتها، والمانع مقدم على المثبت.
وقوله لسلب العبارة: أي عبارته كالعقود الواقعة منه وكالأقوال وغيرها.
(قوله: فيزوج الأبعد زمنه فقط ولا تنتظر إفاقته) هذا قرينة دالة على صرف الغاية والعلة عن ظاهرهما وبيان للمراد منهما، فهو مؤيد لما سلف (قوله: نعم إن إلخ) استدراك على قوله ولا تنتظر إفاقته.
وقوله قصر زمن الجنون: أي جدا، كما في التحفة (قوله: كيوم في سنة) تمثيل للزمن القصير، وظاهر اقتصاره تبعا لشيخه في التمثيل بيوم أنه لا تنتظر إفاقته فيما إذا زاد عليه.
فانظره (قوله: وكذي الجنون ذو ألم) أي مرض.
(وقوله: يشغله) أي ذلك الألم.
(وقوله: عن النظر بالمصلحة) أي عن معرفة أحوال الأزواج وما يصلح منهم وما لا يصلح ولا ينتظر زواله، بل تنتقل الولاية للأبعد لأنه لا حد له يعرفه الخبراء (قوله: ومختل النظر) أي الفكر.
وعطفه على ما قبله من عطف الخاص على العام.
(وقوله: بنحو هرم) أي كخبل أصلي أو طارئ، وكأسقام شغلته عن اختيار الأكفاء (قوله: ومن به الخ) عطف على ذو ألم: أي وكذي الجنون من وجد فيه بعد الإفاقة منه آثار خبل بسكون الموحدة الجنون وشبهه كالهوج والبله، وبفتحها الجنون فقط - كما يفيده كلام المصباح، وقال ع ن: الخبل فساد في العقل، والمشهور الفتح.
اه.
بجيرمي (قوله: توجب) أي تلك الآثار.
وقوله حدة: أي شدة تمنع من النظر في أحوال الأزواج.
وقوله في الخلق: بضم الخاء واللام (قوله: وينقل ضد
كل) أي من العدالة والحرية والتكليف وأضدادها ما بينه الشارح بقوله من الفسق والرق والصبا والجنون.
قال البجيرمي: وتعبيره بالنقل بالنسبة للصبا والجنون فيه مسامحة لأن النقل فرع الثبوت وهي لا تثبت لهؤلاء، إلا أن يقال ضمن ينقلها معنى يثبتها، فأطلق الملزوم وأراد اللازم، أو هو مستعمل في حقيقته ومجازه.
اه (قوله: من الفسق الخ) بيان للمضاف، وهو ضد لا للمضاف إليه الذي هو لقظ كل، كما علمت، (قوله: ولاية) مفعول ينقل.
وقوله لأبعد: متعلق به: أي ينقل الضد المذكور الولاية من الولي القريب لمن هو أبعد منه لأن القريب كالعدم (قوله: لا لحاكم) أي لا ينقلها للحاكم مع وجود ولي من الأقرباء ولو كان بعيدا، وذلك لأن الحاكم إنما هو ولي من لا ولي له، والولي هنا موجود (قوله: ولو في باب الولاء) غاية لنقل الضد الولاية للأبعد: أي أنه ينقلها له مطلقا في النسب وفي الولاء، والغاية المذكورة للرد (قوله: حتى لو الخ) حتى تفريعية على الغاية: أي فلو أعتق شخص أمته ومات عن ابن صغير وأخ كبير فإن الولاية تنتقل من الإبن لصغره للأخ الكبير ولا تنتقل للحاكم.
وقوله على المعتمد: ظاهر صنيعه حيث قيد في الولاء بقوله على المعتمد وأطلق فيما قبله أن الخلاف في نقل الولاية للأبعد أو للحاكم إنما هو في الولاء.
وهو أيضا صريح المغني وعبارته: وظاهر كلامه أنه لا فرق في ذلك - أي ثبوت الولاية للأبعد - بين النسب والولاء حتى أعتق شخص أمة ومات عن ابن صغير وأخ كامل كانت الولاية للأخ، وهو كذلك خلافا لمن قال إنها في الولاء للحاكم، فقد نقله القمولي عن العراقيين، وصوبه البلقيني.
اه والذي يفهم من عبارة التحفة والنهاية أن الخلاف في النسب وفي الولاء ونصهما فالولاية للأبعد - نسبا فولاء فلو أعتق أمة ومات عن ابن صغير وأب أو أخ كبير زوج الأب أو الأخ لا الحاكم على المنقول المعتمد، وإن نقل عن نص وجمع متقدمين أن الحاكم هو الذي يزوج، وانتصر له الأذرعي واعتمده جمع متأخرون.
وقول البلقيني الظاهر والإحتياط أن الحاكم يزوج يعارضه قوله في المسألة نصوص تدل على أن الأبعد هو الذي يزوج وهو الصواب.
اه.
وذلك لأن الأقرب حينئذ كالعدم، ولإجماع أهل السير على أنه صلى الله عليه وسلم زوجه وكيله عمرو بن أمية بن أم حبيبة بالحبشة من ابن عم أبيها خالد بن سعيد بن العاص أو عثمان بن عفان لكفر أبيها أبي سفيان.
ويقاس بالكفر سائر الموانع.
اه.
بتصرف.
وقولهما لا الحاكم: هو بالجر عطف على قوله للأبعد - لا على الأب أو الأخ - بدليل آخر العبارة (قوله: ولا ولاية أيضا) أي كما لا
حنيفة فيهما.
ويقبل إقرار مكلفة به لصدقها وإن كذبها وليها لان النكاح حق الزوجين فيثبت بتصادقهما (وهو) أي الولي (أب ف) - عند عدمه حسا أو شرعا (أبوه) وإن علا (فيزوجان) أي الاب والجد حيث لا عداوة ظاهرة (بكرا
ــ
ولاية لرقيق الخ، وهذا مفهوم قيد ملحوظ عند قوله وشرط في الولي عدالة الخ وهو وذكورة كما نبهت عليه مع غيره في أول الشروط، وكان الأولى التصريح به (قوله: فلا تزوج امرأة نفسها ولو بإذن من وليها ولا بناتها) أي لا تملك مباشرة ذلك
ولو بإذن من وليها فيه، وذلك لآية * (فلا تعضلوهن) * إذ لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير، وللخبرين الصحيحين لا نكاح إلا بولي الحديث، وأيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، وكرره ثلاث مرات، وصح أيضا لا تزوج المرأة المرأة، ولا المرأة نفسها، فإن الزانية التي تزوج نفسها نعم لو لم يكن لها ولي قاله بعضهم أصلا - وهو الظاهر - وقال بعضهم يمكن الرجوع إليه، أي يسهل عادة كما هو ظاهر، جاز له أن تفوض مع خاطبها أمرها إلى مجتهد عدل فيزوجها ولو مع وجود الحاكم المجتهد لأنه محكم والمحكم كالحاكم، وإلى عدل غير مجتهد ولو مع وجود مجتهد غير قاض فيزوجها العدل غير المجتهد لا مع وجود حاكم ولو غير أهل.
أما مع وجوده فلا يزوجها إلا هو.
وخرج بتزوج ما لو وكل امرأة في توكيل من يزوج موليته أو وكل موليته لتوكل من يزوجها ولم يقل لها عن نفسك سواء قال عني أم أطلق فوكلت وعقد الوكيل فإنه يصح لأنها سفيرة محضة بين الولي والوكيل، بخلاف ما لو قال عن نفسك فإنه لا يصح.
ولو بلينا بامرأة نفذ تزويجها لغيرها، وكما لا يصح أن تزوج نفسها أو غيرها لا يصح أن تقبل نكاحها لأحد بولاية ولا بوكالة لأن محاسن الشريعة تقتضي فطمها عن ذلك بالكلية.
اه.
تحفة.
بتصرف (قوله: خلافا لأبي حنيفة فيهما) أي في تزويجها لنفسها وتزويجها لبناتها (قوله: ويقبل إقرار مكلفة به) أي بالنكاح ولو رقيقة أو سفيهة.
وقوله لمصدقها: أي ولو رقيقا أو سفيها، لكن يشترط تصديق الولي والسيد في الرقيقين والسفيهين.
وفي حاشية الجمل ما نصه: قوله إقرار مكلفة الخ: أي وكذا عكسه: أي إقراره به مع تصديقها له.
اه.
شيخنا.
وفي ق ل على الجلال: ويقبل إقرار البالغ والعاقل بنكاح امرأة صدقته كعكسه.
وخرج بالتصديق ما لو كذبها أو عكسه فلا يثبت ولا إرث لأحدهما من الآخر لو مات، لكن لها الرجوع عن التكذيب ولو بعد موته، وحينئذ ترث منه ولا مهر لها عليه.
اه.
وفي البجيرمي: وإذا كذبها الزوج ليس لها أن تتزوج حالا، بل لا بد من تطليق الزوج لها.
فإذا كذب الزوج نفسه لم يلتفت إليه وإن ادعى أنه كان ناسيا عن التكذيب، فلو كذبته وقد أقر بنكاحها ثم رجعت عن تكذيبها قبل تكذيبها نفسها لأنها أقرت بحق له عليها بعد إنكاره، ولا كذلك هو في الأولى.
اه.
(قوله: وإن كذبها وليها) غاية في قبول إقرارها: أي يقبل إقرارها بتصديق الزوج لها ولو كان الولي كذبها، لكن محله في غير السفيهة، وإلا فلا بد من تصديقه لها، كما تقدم (قوله: لأن النكاح الخ) علة لقبول إقرارها به مع تصديقه لها.
وقوله فيثبت: أي النكاح بتصادقهما: أي ولا يؤثر إنكار الغير له (قوله: وهو أي الولي إلخ) شروع في بيان الأولياء وأحكامهم.
(واعلم) أن أسباب الولاية أربعة: الأبوة، وهي أقوى الأسباب، والعصوبة، والإعتقا، والسلطنة.
وقد عد ابن
رسلان الأولياء بقوله: ولي حرة أب فالجد ثم أخ فكالعصبات رتب إرثهم فمعتق فعاصب كالنسب فحاكم كفسق عضل الأقرب (قوله أب) هو مقدم على جميع الأولياء لأنه أشفقهم (قوله: فعند عدمه) أي الأب.
وقوله حسا: أي بأن مات.
وقوله أو شرعا: أي بأن قام به مانع من موانع الولاية السابقة كالرق والجنون والردة والعياذ بالله تعالى.
وقوله أبوه: خبر لمبتدأ محذوف: أي فعند عدم الأب وليها أبو الأب: وقوله وإن علا: أي أبو الأب، لكن بالترتيب: فالأقرب من الأجداد مقدم على الأبعد منهم (قوله: فيزوجان) تفريع على ثبوت الولاية للأب وأبيه، والمراد يزوجان على التعاقب بالترتيب السابق، كما هو ظاهر، وقوله أي الأب والجد: تفسير للضمير في يزوجان.
والمناسب لما قبله أن يبدل الجد بأبي الأب.
وقوله حيث لا عداوة ظاهرة: أي بينهما وبينها، فإن وجدت العداوة الظاهرة وهي التي لا تخفى على أهل محلتها، فليس
أو ثيبا بلا وطئ) لمن زالت بكارتها بنحو إصبع (بغير إذنها) فلا يشترط الاذن منها بالغة كانت أو غير بالغة لكمال شفقته ولخبر الدارقطني: الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها (لكفء) موسر بمهر المثل، فإن زوجها المجبر - أي الاب أو الجد - لغير كفء لم يصح النكاح، وكذا إن زوجها لغير موسر بالمهر على ما اعتمده الشيخان، لكن الذي اختاره جمع محققون الصحة في الثانية، واعتمده شيخنا ابن زياد.
ويشترط لجواز مباشرته لذلك - لا لصحته - كونه بمهر المثل الحال من نقد البلد فإن انتفيا صح بمهر المثل من نقد البلد.
ــ
لهما تزويجها إلا بإذنها، بخلاف غير الظاهرة، وهي التي تخفى على أهل محلتها فلا تؤثر، لأن الولي يحتاط لموليته لخوف لحوق العار ولغيره.
ويشترط أيضا أن لا يكون بينها وبين الزوج عداوة ولو غير ظاهرة، وإنما لم يعتبر ظهور العداوة فيه، كما اعتبر في الولي، لأن عداوته الخفية تحمله على إضرارها بما لا يحتمل بسبب المعاشرة (قوله: بكرا) مفعول يزوجان، وهي التي لم تزل بكارتها.
وقوله أو ثيبا بلا وطئ.
أي ويزوجان ثيبا لكن بشرط أن تكون ثيوبتها حصلت من غير وطئ (قوله: لمن زالت الخ) الأولى أن يقول كأن زالت الخ بجعله تمثيلا للثيب بلا وطئ، ولأنه على ما قاله يحصل ركة في المقال من جهة الإظهار في مقام الإضمار، ويحصل أيضا إيهام أن المخلوقة بلا بكارة لا يزوجها الأب والجد من جهة التقييد بزوال البكارة بنحو أصبع.
وعبارة شرح المنهج: أما من خلقت بلا بكارة أو زالت بكارتها بغير ما ذكر لسقطة وحدة حيض ووطئ في دبرها فهي في ذلك كالبكر لأنها لم تمارس الرجال بالوطئ في محل البكارة وهي على غباوتها وحيائها.
اه.
(قوله: بغير إذنها) متعلق بيزوجان.
والضمير يعود على الواحدة الدائرة وهي البكر أو الثيب بلا وطئ (قوله: فلا يشترط الإذن منها) أي في التزويج.
نعم: يستحب استئذانها كما سيصرح به (قوله: بالغة كانت أو غير بالغة) تعميم في عدم اشتراط إذنها: أي لا يشترط ذلك مطلقا سواء كانت بالغة أو كانت غير بالغة: أي وسواء كانت أيضا عاقلة أو مجنونة (قوله: لكمال شفقته) أي المذكور من الأب والجد.
والملائم لقوله فيزوجان أن يقول شفقتهما بضمير التثنية: أي ولأنها
لم تمارس الرجال بالوطئ فهي شديدة الحياء (قوله: ولخبر الدارقطني الخ) لا يعارضه رواية مسلم والبكر يستأمرها أبوها لأنها محمولة على الندب (قوله: لكفء) متعلق بيزوجان، واللام بمعنى على: أي يزوجانها على كفء، وهو قيد في الصحة كما يدل عليه مفهومه (قوله: موسر بمهر المثل) قيد ثان في الصحة أيضا وظاهره أنه يكفي اليسار به ولو كان أقل من الصداق المسمى، وفي النهاية خلافه ونصها: ويساره بحال صداقها، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، فلو زوجها من معسر به لم يصح لأنه بخسها حقها.
اه.
وفي البجيرمي: ولو زوج الولي محجوره المعسر بنتا بإجبار وليها لها ثم دفع أبو الزوج الصداق عنه بعد العقد فلا يصح لأنه كان حال العقد معسرا.
فالطريق أن يهب الأب ابنه قبل العقد مقدار الصداق ويقبضه له ثم يزوجه.
وينبغي أن يكون مثل الهبة للولد ما يقع كثيرا من أن الأب يدفع عن الابن مقدم الصداق قبل العقد فإنه وإن لم يكن هبة إلا أنه ينزل منزلتها بل قد يدعي أنه هبة ضمنية للولد فإن دفعه لولي الزوجة في قوة أن يقول ملكت هذا لابني ودفعته لك عن صداق بنتك الذي قدر لها.
وانظر ما ضابط اليسار بالمهر: هل يشترط أن يكون فاضلا عن الدين والخادم وعن مؤنة من تلزمه مؤنته ونحو ذلك حتى لو احتاج إلى صرف شئ من المال لشئ من ذلك لا يكون موسرا أو لا يشترط ذلك؟ اه (قوله: فإن زوجها الخ) بيان لمفهوم القيد الأول (قوله: وكذا إن زوجها الخ) أي وكذلك لا يصح النكاح إن زوجها لغير موسر بالمهر، وهو بيان لمفهوم القيد الثاني (قوله: على ما عتمد الشيخان) مرتبط بما بعد وكذا (قوله: لكن الخ) الأولى عدم الإستدراك بأن يقول واختار جمع الخ (قوله: الصحة في الثانية) وهي ما إذا زوجها لغير موسر، وعليه فيكون اليسار شرطا لجواز الإقدام (قوله: ويشترط لجواز مباشرته لذلك) أي لعقد النكاح إجبارا.
(والحاصل) الشروط سبعة: أربعة للصحة - وهي التي تقدمت - أن لا يكون بينها وبين وليها عداوة ظاهرة، ولا بينها وبين الزوج عداوة وإن لم تكن ظاهرة، وأن تزوج من كفء، وأن يكون موسرا بمهر المثل أو بحال الصداق على
(فرع) لو أقر مجبر بالنكاح لكفء قبل إقراره وإن أنكرته لان من ملك الانشاء ملك الاقرار، بخلاف غيره
(لا) يزوجان (ثيبا بوطئ) ولو زنا وإن كانت ثيوبتها بقولها إن حلفت (إلا بإذنها نطقا) للخبر السابق (بالغة) فلا تزوج الثيب الصغيرة العاقلة الحرة حتى تبلغ لعدم اعتبار إذنها، خلافا لابي حنيفة رضي الله عنه.
(وتصدق)
ــ
الخلاف.
فمتى فقد شرط منها كان النكاح باطلا إن لم تأذن.
وثلاث لجواز المباشرة، وهي كونه بمهر المثل، ومن نقد البلد، وكونه حالا.
وقد نظمها بعضهم بقوله: الشرط في جواز إقدام ورد حلول مهر المثل من نقد البلد كفاءة الزوج يساره بحال صداقها ولا عداوة بحال
وفقدها من الولي ظاهرا شروط صحة كما تقررا قال في التحفة: واشتراط أن لا تتضرر به لنحو هرم أو عمى وإلا فسخ، وأن لا يلزمها الحج وإلا اشترط إذنها لئلا يمنعها الزوج منه ضعيفان، بل الثاني شاذ لوجود العلة مع إذنها اه.
وقوله لوجود العلة: قال سم: أي منع الزوج لها.
اه.
(قوله: كونه بمهر المثل الحال من نقد البلد) قال في النهاية: وسيأتي في مهر المثل ما يعلم منه أن محل ذلك فيمن لم يعتدن الأجل أو غير نقد البلد، وإلا جاز بالمؤجل وبغير نقد البلد.
اه.
والمراد بنقد البلد ما جرت عادة أهل البلد بالمعاملة به ولو من العروض (قوله: فإن انتفيا) أي كونه بمهر المثل الحال وكونه من نقد البلد بأن كان بأقل من مهر المثل أو به لكنه مؤجل أو به حالا لكنه غير نقد البلد.
وقوله صح: أي النكاح لكن مع الإثم.
وقوله بمهر المثل: أي الحال من نقد البلد (قوله: فرع لو أقر إلخ) عبارة التحفة مع الأصل: ويقبل إقرار الولي بالنكاح على موليته إن استقل حالة الإقرار بالإنشاء وهو المجبر من أب أو جد أو سيد أو قاض في مجنونة وإن لم تصدقه البالغة لما مر أن من ملك الإنشاء ملك الإقرار به غالبا، وإلا يستقل به لانتفاء إجباره حالة الإقرار: كأن ادعى وهي ثيب أنه زوجها حين كانت بكرا أو لانتفاء كفاءة الزوج فلا يقبل لعجزه عن الإنشاء بدون إذنها.
اه (قوله: لأن من ملك الإنشاء ملك الإقرار) يرد على مفهومه ما تقدم من قبول إقرار المكلفة بالنكاح مع عدم صحة إنشائها له.
ويجاب بأن القاعدة المذكورة أغلبية، كما يعلم من عبارة التحفة المارة، أو أن ذلك مستثنى منه (قوله: بخلاف غيره) أي غير المجبر فلا يقبل إقراره لكونه لا يملك الإنشاء.
إذ هو متوقف على رضاها (قوله: لا يزوجان) أي الأب والجد.
(وقوله: ثيبا بوطئ) أي ثيبا حصلت ثيوبتها بوطئ: أي ولو من نحو قرد، ولا بد أن يكون في قبلها الأصلي وإن تعدد.
فلو اشتبه بغيره فلا بد من زوال بكارتها منهما (قوله: ولو زنا) غاية في عدم تزويج الثيب بالوطئ إلا بالإذن: أي لا يزوجانها إلا به مطلقا سواء كان الوطئ حلالا أو حراما كالزنا.
ومثله ما لو كان الوطئ وهي نائمة، وذلك لأنها بذلك تسمى ثيبا فيشملها الخبر (قوله: وإن كانت الخ) غاية ثانية لما ذكر: أي لا يزوجانها إلا بالإذن وإن كانت ثيوبتها ثبتت بإخبارها، وذلك لأنها تصدق في دعواها الثيوبة قبل العقد بيمين، كما سيأتي قريبا، (قوله: إلا بإذنها) الاستثناء لغو والجار والمجرور متعلق بيزوجان: أي لا يزوجانها إلا بإذنها.
وقوله نطقا: أي إن كانت ناطقة فإن لم تكن ناطقة، فإذنها بالإشارة المفهمة أو بالكتابة (قوله: للخبر السابق) وهو الثيب أحق بنفسها: أي في الإذن أو في اختيار الزوج وليس المراد أنها أحق بنفسها في العقد كما يقوله المخالف كالحنفية.
وورد أيضا لا تنكحوا الأيامي حتى تستأمروهن رواه الترمذي، لكن يرد عليه أن الأيم شاملة للبكر وللثيب فلا يكون نصا في المدعي إلا أن
يقال حتى تستأمروهن.
أي وجوبا في الثيب، وندبا في غيرها (قوله: بالغة) حال من الضمير في إذنها (قوله: فلا تزوج الثيب إلخ) مفهوم قوله بالغة.
(وقوله: العاقلة) خرجت المجنونة فيزوجها أبوها وجدها عند فقده قبل بلوغها للمصلحة.
(وقوله: الحرة) خرجت القنة فيزوجها سيدها مطلقا ثيبا أو غيرها صغيرة أو كبيرة (قوله: حتى تبلغ) الأولى إسقاطه: إذ قوله فلا تزوج مفهوم قوله بالغة، كما علمت، (قوله: لعدم اعتبار إذنها) إذ شرط اعتباره البلوغ وهو مفقود.
وإلى ذلك أشار ابن رسلان في زبده بقوله:
المرأة البالغة (في) دعوى (بكارة) بلا يمين وفي ثيوبة قبل عقد عليها (بيمينها) وإن لم تتزوج ولم تذكر سببا، فلا تسئل عن السبب الذي صارت به ثيبا.
وخرج بقولي قبل عقد دعواها الثيوبة بعد أن يزوجها الاب بغير إذنها بظنه بكرا فلا تصدق هي لما في تصديقها من إبطال النكاح مع أن الاصل بقاء البكارة، بل لو شهدت أربع نسوة بثيوبتها عند العقد لم يبطل لاحتمال إزالتها بنحو أصبع أو خلقت بدونها.
وفي فتاوى الكمال الرداد: يجوز للاب تزويج صغيرة أخبرته أن الزوج الذي طلقها لم يطأها: أي إذا غلب على ظنه صدق قولها وإن عاشرها الزوج أياما، ولا ينتظر بلوغه للتزويج.
(ثم) بعد الاصل (عصبتها وهو) من على حاشية النسب فيقدم (أخ
ــ
والأب والجد لبكر أجبراوثيب زواجها تعذرا بل إذنها بعد البلوغ قد وجب.
(قوله: خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه أي في قوله بجواز تزوج الثيب الصغيرة (قوله: وتصدق المرأة البالغة في دعوى بكارة) أي قبل العقد أو بعده.
بدليل التقييد بعد في دعوى الثيوبة بكونها قبل العقد والإطلاق هنا، فإذا ادعت بعد العقد أن أباها زوجها بغير إذنها وهي بكر ليصح العقد وادعى الزوج أن أباها زوجها من غير إذنها وهي ثيب ليبطل العقد، فالمصدق هي بلا يمين، لأن الأصل بقاء البكارة وعدم إبطال النكاح، أو ادعت قبل العقد أنها بكر فزوجها أبوها من غير إذنها صح العقد (قوله: وفي ثيوبة قبل العقد) أي وتصدق في دعوى ثيوبة قبل عقد عليها بيمينها ليسقط إجبار أبيها في تزويجها عن غير إذنها فلا يجوز لأبيها أن يزوجها بغير إذنها (قوله: وإن لم إلخ) غاية في تصديقها في دعوى الثيوبة بيمينها: أي تصدق وإن لم تتزوج ولم تذكر سببا للثيوبة (قوله: فلا تسئل) الأولى ولا تسئل بالواو بدل الفاء.
(وقوله: عن السبب) أي في الثيوبة ولا يكشف عنها أيضا لأنها أعلم بحالها (قوله: وخرج بقولي قبل عقد) أي دعواها الثيوبة قبل العقد (قوله: دعواها الثيوبة) فاعل خرج.
وقوله بعد أن يزوجها: الأولى زوجها، بصيغة الماضي، أي ادعت بعد التزوج أنها كانت قبله ثيبا (قوله: بظنه بكرا) أي زوجها الأب وهو يظن أنها بكر.
وخرج به ما إذا زوجها بغير إذنها معتقدا أنها ثيب فالنكاح من أصله غير صحيح، فلا يحتاج إلى دعوى ولا جواب (قوله: فلا تصدق هي) أي الزوجة في دعواها الحاصلة بعد النكاح للثيوبة (قوله: لما في تصديقها من إبطال النكاح) أي والأصل عدم إبطاله وهو علة لعدم تصديقها (قوله: مع أن الأصل بقاء البكارة) أي التي ادعاها الأب أو الزوج (قوله: بل ولو شهدت أربع نسوة) أي بعد العقد، والإضراب انتقالي.
(وقوله: عند العقد) متعلق بثبوبتها: أي شهدن بعد العقد أنها كانت ثيبا عنده فلا تقبل شهادتهن.
(وقوله: لم يبطل) أي النكاح وهو جواب لو (قوله: لاحتمال إزالتها) أي البكارة، وهو تعليل لعدم بطلان النكاح بشهادتهن، أي وإنما لم يبطل بها لاحتمال زوال البكارة من غير وطئ، وهو لا يمنع الاجبار فيكون النكاح بغير إذنها صحيحا.
وقوله نحو إصبع: أي كسقطة أو حدة حيض كما تقدم (قوله: أو خلقت بدونها) أي ولاحتمال أنها خلقت من غير بكارة، والأولى أن يقول أو خلقها، بصيغة المصدر، عطفا على إزالتها (قوله: يجوز للأب تزويج صغيرة الخ) وعليه فالتقييد بالبلوغ في قوله وتصدق المرأة البالغة ليس بشرط بالنسبة لدعوى البكارة.
وفي الخطيب: ولو وطئت البكر في قبلها ولم تزل بكارتها كأن كانت غوراء فهي كسائر الأبكار.
اه.
وفي البجيرمي عليه حادثة وقع السؤال عنها وهي: أن بكرا وجدت حاملا وكشف عليها القوابل فرأينها بكرا.
هل يجوز لوليها أن يزوجها بالإجبار مع كونها حاملا أم لا؟ فأجاب بأنه يجوز لوليها تزويجها بالإجبار وهي حامل لاحتمال أن شخصا حك ذكره على فرجها فأمنى ودخل منيه في فرجها فحملت منه من غير زوال البكارة فهو غير محترم، فيصح نكاحها في هذه الصورة مع وجود الحمل.
واحتمال كونها زنت وأن البكارة عادت والتحمت فيه إساءة ظن بها.
فعملنا بالظاهر (قوله: ثم بعد الأصل) أي الأب وأبيه وإن علا.
وقوله عصبتها: أي تكون الولاية لعصبتها.
وهذا شروع في السبب الثاني من أسباب الولاية (قوله: وهو) أي العصبة وذكره باعتبار الخبر، وهذا بيان لضابط العصبة هنا (قوله: حاشية النسب) أي طرفه، وفيه استعارة بالكناية حيث شبه النسب
لابوين فأخ لاب فبنوهما) كذلك فيقدم بنو الاخوة لابوين ثم بنو الاخوة لاب (ف) - بعد ابن الاخ (عم) لابوين ثم لاب ثم بنوهما كذلك ثم عم الاب ثم بنوه كذلك وهكذا.
(ثم) بعد فقد عصبة النسب من كان عصبة بولاء كترتيب إرثهم فيقدم (معتق فعصباته) ثم معتق المعتق ثم عصباته وهكذا، (فيزوجون) أي الاولياء المذكورين على ترتيب ولا (يتهم بالغة) لا صغيرة - خلافا لابي حنيفة (بإذن ثيب بوطئ نطقا) لخبر الدارقطني السابق، ويجوز الاذن منها بلفظ الوكالة كوكلتك في تزويجي ورضيت بمن يرضاه أبي أو أمي أو بما يفعله أبي لا بما تفعله
ــ
بثوب له طرف، وحذف المشبه به ورمز له بشئ من لوازمه وهو حاشية.
وخرج به عصبتها من صلبها كابنها فلا يزوج ابن أمه وإن علت لأنه لا مشاركة بينه وبينها في السب.
إذ ليس هناك رجل ينسبان إليه، بل هو لأبيه وهي لأبيها فلا يعتني بدفع العار عنه.
نعم: إن كان ابنها ابن عم لها أو نحو أخ بوطئ شبهة أو معتقا لها أو قاضيا زوج بذلك السبب لا بالبنوة (قوله: فيقدم الخ) أي أنه يقدم الأقرب فالأقرب من العصبات كالإرث، فيقدم أخ لأبوين لإدلائه بالأب والأم فهو أقوى من غيره (قوله: فأخ لأب) أي ثم بعده يقدم أخ لأب على غيره من سائر المنازل لإدلائه بالأب (قوله: فبنوهما كذلك) أي لأبوين أو لأب (قوله: فيقدم بنو الخ) مفرع على قوله فبنوهما كذلك (قوله: فبعد ابن الأخ) المناسب لما قبله أن يقول فبعد بني الأخوة لأبوين ولأب.
وقوله عم لأبوين: أي أخو أبيها من الأب والأم.
وقوله ثم لأب: أي ثم عمها لأب أي أخو أبيها من أبيه (قوله: ثم بنوهما كذلك) أي لأبوين أو لأب فيقدم ابن العم لأبوين على ابن العم لأب.
ومحله إن لم يكن ابن العم لأب أخا لأم وإلا قدم على ابن العم لأبوين لأنه أقوى لإدلائه بالجد وبالأم والثاني يدلي بالجد والجدة (قوله: ثم عم
الأب) أي ثم بعد بني الأعمام يقدم عم أبيها.
وقوله ثم بنوه: أي بنو عم الأب.
وقوله كذلك: راجع لعم الأب وبنيه: أي فيقدم عم أبيها الشقيق ثم لأب ثم بنو عم أبيها الشقيق ثم لأب (قوله: وهكذا) أي ثم عم الجد لأبوين ثم لأب ثم بنوه ثم عم أبي الجد ثم بنوه كذلك ثم عم جد الجد ثم بنوه كذلك (قوله: ثم بعد فقد عصبة النسب من كان عصبة بولاء) أي تكون الولاية لمن كان عصبة بولاء أي غير المعتقة فإنها وإن كانت عاصبة إلا أنها لا تلي النكاح (قوله: كترتيب إرثهم) أي عصبة الولاء.
وتقدم في بابه أنه يقدم ابن المعتق على أبيه وأخوه وابن أخيه على جده وعمه على أبي جده (قوله: فيقدم معتق) أي ذكر، كما علمت، ولو شاركته أنثى (قوله: فعصباته) أي فبعد المعتق عصباته، وذلك لحديث الولاء لحمة كلحمة النسب وهي بضم اللام وفتحها الخلطة، ولأن العتق أخرجها من الرق إلى الحرية، فأشبه الأب في إخراجه لها إلى الوجود (قوله: ثم معتق المعتق) أي ثم بعد فقد عصبات المعتق تكون الولاية لمعتق المعتق (قوله: ثم عصباته) أي ثم بعد معتق المعتق تكون الولاية لعصبات معتق المعتق (قوله: وهكذا) أي ثم معتق معتق المعتق ثم عصباته وهكذا (قوله: فيزوجون أي الأولياء المذكورون) أي من جهة النسب ومن جهة الولاء.
(وقوله: على ترتيب ولايتهم) أي السابق بيانه من تقديم الأخ الشقيق على غيره وهكذا.
ولا يجوز أن ينتقل إلى المنزلة الثانية مع وجود الأولى.
فعلى هذا لو غاب الشقيق لا يزوج الذي لأب بل السلطان، كما سيأتي، في كلامه (قوله: بالغة) مفعول يزوجون: أي فيزوج من بعد الأصل من العصبات بالغة: أي عاقلة حرة (قوله: لا صغيرة) أي لا يزوجون: صغيرة ولو بكرا أو مجنونة لاشتراط الإذن وهي ليست أهلا له (قوله: خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه أي فإنه جوز للأولياء المذكورين تزوج الصغيرة (قوله: بإذن ثيب الخ) لا يخفى ما في عبارته هنا وفيما سيأتي من الإظهار في مقام الإضمار الموجب للركاكة، فلو قال ويزوجون بالغة بإذنها إن كانت ثيبا بوطئ وبصمتها إن كانت بكرا لكان أولى وأخصر.
وقوله نطقا: أي إن كانت ناطقة، وإلا فإشارتها المفهمة أو كتابتها كافية في الإذن، كما تقدم، وقوله لخبر الدارقطني السابق: أي وهو الثيب أحق بنفسها من وليها ووجهه أنها لما مارست الرجال بقبلها زالت غباوتها وعرفت ما يضرها وما ينفعها (قوله: ويجوز الخ) أي يصح الإذن من الثيب بلفظ الوكالة لأن المعنى فيهما واحد.
وعبارة المغني: ولو أذنت بلفظ التزويج أو التوكيل جاز على النص، كما نقله في زيادة الروضة عن حكاية صاحب البيان، لأن المعنى فيهما واحد، وإن قال الراقمي الذين لقيناهم من الأئمة لا يعدونه إذنا لأن توكيل المرأة في النكاح باطل.
اه (قوله: كوكلتك الخ) تمثيل للإذن الحاصل بلفظ الوكالة (قوله: ورضيت
أمي لانها لا تعقد ولا إن رضي أبي أو أمي للتعليق وبرضيت فلانا زوجا أو رضيت أن أزوج.
وكذا بأذنت له أن يعقد لي وإن لم تذكر نكاحا - على ما بحث - ولو قيل لها أرضيت بالتزويج؟ فقالت رضيت كفى (وصمت بكر) ولو عتيقة (استوءذنت) في كفء وغيره وإن بكت، لكن من غير صياح أو ضرب حد: لخبر: والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها وخرج بثيب بوطئ مزالة البكارة بنحو إصبع فحكمها حكم البكر في الاكتفاء بالسكوت بعد
ــ
الخ) لا يصح عطفه على وكلتك لأنه تمثيل لما هو بلفظ الوكالة وهذا ليس كذلك ولا عطفه على الوكالة لأنه فعل لم يؤول بالمصدر وهو لا يصح عطفه على الاسم المحض، فلعل في العبارة حذفا وهو بقولها رضيت.
ثم رأيت في فتح الجواد التصريح به وعبارته: ويجوز بلفظ الوكالة، وقوله رضيت اه.
وقيد في التحفة والنهاية والمعنى الجواز بقولها رضيت الخ بما إذا كانوا يتفاوضون في ذكر النكاح.
وعبارة الأولين واللفظ للثاني: يكفي قولها رضيت بمن يرضاه أبي أو أمي أو بما يفعله أبي وهم في ذكر النكاح، لا إن رضيت أمي أو بما تفعله مطلقا، ولا إن رضي أبي، إلا أن تريد به ما يفعله.
اه.
وقوله وهم في ذكر النكاح.
قال الرشيدي أي وهم يتفاوضون في ذكر النكاح.
اه.
(وقوله: مطلقا) أي سواء كانوا في ذكر النكاح أم لا.
اه.
ع ش (قوله: لا بما تفعله أمي) أي لا يصح الإذن بما تفعله أمي: أي مطلقا سواء كانوا في ذكر النكاح أم لا، كما علمت (قوله: لأنها لا تعتقد) علة لعدم صحة إذنها بقولها رضيت بما تفعله أمي: أي وإنما لم يصح لأن الأم لا تعقد: أي لا تفعل العقد (قوله: ولا إن رضي أبي) أي ولا يجوز قولها رضيت إن رضي أبي قال في الروض وشرحه إلا أن تريد به رضيت بما يفعله فيكفي.
اه.
ومثله في التحفة والنهاية.
وقوله أو أمي: أي ولا يكفي رضيت إن رضيت به أمي: أي مطلقا سواء أرادت به ما ذكر أم لا (قوله: وبرضيت فلانا زوجا) أي ويجوز الإذن بقولها رضيت.
وفي لتحفة ما نصه.
(تنبيه) يعلم مما يأتي أواخر الفصل الآتي أن قولها رضيت أن أزوج أو رضيت فلانا زوجا متضمن للإذن للولي فله أن يزوجها بلا تجديد استئذان، ويشترط عدم رجوعها عنه قبل كمال العقد، لكن لا يقبل قولها فيه إلا ببينة.
قال الأسنوي وغيره: ولو أذنت له ثم عزل نفسه لم ينعزل كما اقتضاه كلامهم.
أي لأن ولايته بالنص فلم يؤثر فيها عزله لنفسه، وقيده بعضهم بما إذا قبل الإذن وإلا كان رده أو عضله إبطالا له فلا يزوجها إلا بإذن جديد.
قيل وفيه نظر، أي لما ذكرته.
اه.
(وقوله: لما ذكرته) أي من أن ولايته بالنص الخ (قوله: وكذا بأذنت) أي وكذا يصح الإذن بأذنت له أن يعقد لي.
(وقوله: وإن لم تذكر نكاحا) أي بعد قولها يعقد لي.
وقوله على ما بحث، ويؤيده ما تقدم من أنه يكفي قولها رضيت بمن يرضاه أبي أو أمي أو بما يفعله أبي كما نص عليه في التحفة (قوله: ولو قيل لها) أي قال ولي البالغة الثيب لها.
وقوله أرضيت بالتزويج: أي أن أزوجك ولو لم يعين لها الزوج وقوله فقالت: أي المولية رضيت، أي به، وقوله كفى: أي قولها المذكور في الإذن (قوله: وصمت بكر) بالجر عطف على بإذن: أي ويزوجون بالغة بصمت بكر، أي سكوتها، وقد علمت ما فيه.
والمعنى: أن السكوت يكفي في حقها إذا استؤذنت وإن لم تعلم أن سكوتها إذن.
وكسكوتها: قولها لم لا يجوز أن
آذن؟ جوابا لقوله لها أيجوز أن أزوجك؟ أو تأذنين؟ لأنه يشعر برضاها.
(وقوله: ولو عتيقة) أي فإنه يكفي صمتها والغاية للرد على الزركشي حيث قال في ديباجه لا يكفي سكوت العتيقة (قوله: استؤذنت) قيد في الاكتفاء بالصمت.
وخرج به صمتها مع عدم استئذانها بأن زوجت بحضورها فلا يكفي (قوله: في كفء وغيره) أي في تزويجها على كفء وغير كفء ولا يشترط معرفتها عينه (قوله: وإن بكت) غاية أيضا في الاكتفاء بصمتها: أي ويكفي وإن بكت عند الاستئذان.
وقوله لكن من غير صياح أو ضرب خد: أما إذا بكت مع صياح أو ضرب خد فلا يكفي صمتها، لأنه يشعر بعدم رضاها (قوله: لخبر الخ) دليل الاكتفاء بصمتها إذا استؤذنت.
(وقوله: والبكر تستأمر) أي تستأذن.
(وقوله: وإذنها سكوتها) إذنها خبر مقدم وسكوتها مبتدأ مؤخر، والتقدير وسكوتها كإذنها، ثم حذفت الكاف مبالغة في التشبيه وقدم المشبه به.
هكذا يتعين.
ولا يصح أن يجعل إذنها مبتدأ وسكوتها خبرا، لأن السكون ليس إذنا حتى يجعل خبرا عنه، وإنما هو كالإذن.
اه.
بجيرمي بتصرف (قوله: وخرج بثيب بوطئ الخ) الأولى تقديمه على قوله وصمت بكر.
وقوله مزالة البكارة بنحو أصبع:
الاستئذان.
ويندب للاب والجد استئذان البكر البالغة تطييبا لخاطرها، أما الصغيرة فلا إذن لها وبحث ندبه في
المميزة ولغيرهما الاشهاد على الاذن.
(فرع) لو أعتق جماعة أمة اشترط رضا كلهم فيوكلون واحدا منهم أو من غيرهم.
ولو أراد أحدهم أن يتزوجها زوجه الباقون مع القاضي: فإن مات جميعهم كفى رضا كل واحد من عصبة كل واحد، ولو اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة جاز أن يزوجها أحدهم برضاها وإن لم يرض الباقون (ثم) بعد فقد عصبة النسب والولاء (قاض) أو نائبه لقوله (ص): السلطان ولي من لا ولي لها والمراد من له ولاية من الامام والقضاة ونوابهم
ــ
أي كسقطة وحدة حيض، كما تقدم (قوله: فحكمها) أي مزالة البكارة بنحو ما ذكر (قوله: ويندب للأب والجد استئذان البكر البالغة) أي ولو سكرانة.
قال في التحفة: وعليه، أي ندب الاستئذان، حملوا خبر مسلم والبكر يستأمرها أبوها جمعا بينه وبين خبر الدارقطني السابق: أي بناء على ثبوت قوله فيه يزوجها أبوها الصريح في الإجبار.
اه.
(قوله: أما الصغيرة الخ) محترز البالغة.
(وقوله: فلا إذن لها) أي فلا إذن معتبر منها حتى أنه يندب استئذانها (قوله: وبحث ندبه) أي الاستئذان في المميز.
قال في التحفة: لإطلاق الخبر السابق ولأن بعض الأئمة أوجبه، ويسن أن لا يزوجها حينئذ إلا لحاجة أو مصلحة، وأن يرسل لموليته ثقة لا تحتشمها، والأم أولى، ليعلم ما في نفسها.
اه.
(قوله: ولغيرهما الاشهاد على الإذن) أي ويندب لغير الأب والجد الاشهاد على الإذن: أي إذن من يشترط إذنها وهي غير المجبرة.
وكان الأولى والأخصر له أن يذكر هذا عند قوله فيما تقدم لا يشترط الإشهاد على إذن معتبرة الإذن بأن يقول بعده بل يندب، كما نبهت عليه هناك، (قوله: فرع) الأولى فروع: إذ المذكور ثلاثة: وهي قوله لو أعتق جماعة الخ، وقوله ولو أراد الخ، وقوله ولو اجتمع الخ (قوله: لو أعتق جماعة أمة) المراد بها ما فوق الواحد فيصدق بالاثنين فما فوق (قوله: اشترط رضا كلهم) أي لأن الولاء لهم كلهم (قوله: فيوكلون إلخ) أي أو يباشرون معا.
وعبارة الروض وشرحه: (فرع) وإن أعتقها اثنان اشترط رضاهما فيوكلان أو يوكل أحدهما الآخر أو يباشران معا لأن كلا منهما إنما يثبت له
الولاء على نصفها، فكما يعتبر اجتماعهما على التزويج قبل العتق يعتبر بعده.
اه.
(قوله: ولو أراد أحدهم) أي الجماعة (قوله: زوجه الباقون مع القاضي) أما الباقون فعن أنفسهم، وأما القاضي فعن المتزوج: إذ ليس له أن يزوج نفسه على موليته بنفسه (قوله: فإن مات جميعهم الخ) وإن مات أحدهم كفى موافقة أحد عصبته للآخرين.
ولو مات ولا عصبة له استقل الباقون بتزويجها.
وقوله كفى رضا كل واحد من عصبة كل واحد: الأولى حذف كل الأولى لأنها توهم أنه لا بد من رضا كل واحد واحد من عصبة كل واحد مع أنه يكفي واحد فقط من عصبة كل واحد (قوله: ولو اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة) أي كبنين أو أخوة.
وقوله جاز أن يزوجها أحدهم برضاها.
(تنبيه) لم يتعرض لما إذا اجتمع الأولياء من النسب.
وحاصل ذلك أنهم إذا اجتمعوا في درجة واحدة كإخوة أشقاء أو لأب أو أعمام كذلك فإن أذنت لكل منهم بانفراد فيه أو قالت أذنت في فلان فمن شاء منكم فليزوجني منه جاز لكل منهم أن يزوجها.
واستحب أن يزوجها أفقههم بباب النكاح، ثم أورعهم، ثم أسنهم، لكن برضا الباقين.
فإن أذنت لواحد منهم فقط فلا يزوجها غيره إلا وكالة عنه.
ولو قالت لهم كلهم زوجوه اشترط اجتماعهم، فإن تشاحوا في صورة إذنها لكل واحد منهم وقال كل منهم أنا الذي أزوجها فإن اتحد الخاطب أقرع بينهم وجوبا للنزاع فمن خرجت قرعته منهم زوج، وإن تعدد فمن ترضاه، فإن رضيت الكل أمر الحاكم بتزويجها من أصلحهم (قوله: ثم بعد فقد عصبة النسب والولاء) أي فقدهم حسا أو شرعا.
وقوله قاض: أي تكون الولاية له (قوله: لقوله صلى الله عليه وسلم الخ) دليل لكون الولاية بعد فقد المذكورين تثبت للقاضي (قوله: والمراد) أي بالسلطان من له ولاية: أي عامة أو خاصة.
وأتى بهذا لدفع ما يقال إن الدليل لم يطابق المدعي إذ المدعي القاضي والذي في الدليل السلطان.
وحاصل الدفع أن المراد بالسلطان كل من له سلطنة وولاية على
(فيزوج) أي القاضي (بكفء) لا بغيره (بالغة) كائنة في محل ولايته حالة العقد ولو مجتازة به وإن كان إذنها له وهي خارجة، أما إذا كانت خارجة عن محل ولايته حالته فلا يزوجها وإن أذنت له قبل خروجها منه أو كان هو فيه لان الولاية عليها لا تتعلق بالخاطب.
وخرج بالبالغة اليتيمة فلا يزوجها القاضي ولو حنفيا لم يأذن له سلطان حنفي فيه.
وتصدق المرأة في دعوى البلوغ بحيض أو إمناء بلا يمين: إذ لا يعرف إلا منها في دعوى البلوغ بالسن إلا ببينة خبيرة تذكر عدد السنين (وعدم وليها) الخاص بنسب أو ولاء (أو غاب) أي أقرب أوليائها
ــ
المرأة عاما كان كالإمام أو خاصا كالقاضي والمتولي لعقود الأنكحة أو هذا النكاح بخصوصه (قوله: فيزوج الخ) بيان لشروط تزويج القاضي، وذكر ثلاثة شروط: أن يكون الزوج كفؤا، وأن تكون المرأة بالغة، وأن تكون في محل ولايته (قوله: بكفء) أي على كفء.
فالباء بمعنى على.
وقوله لا بغيره: أي لا على غير كفء (قوله: بالغة) مفعول يزوج.
وقوله كائنة في محل ولايته: أي القاضي وسواء كان الزوج فيه أيضا أم لا: بأن وكل الزوج فعقد الحاكم مع وكيله، فالعبرة بالمرأة.
(وقوله: حالة العقد) الظرف متعلق بكائنة (قوله: ولو مجتازة به) غاية لصحة تزويج القاضي من هي في محل ولايته: أي يصح ذلك ولو كانت مارة في محل ولايته لا مقيمة فيه (قوله: وإن كان إذنها الخ) غاية ثانية لها أيضا: أي
يصح ذلك وإن كانت وقت الإذن خارجة عن محل ولايته لكنها بعد ذلك دخلت فيه وعقد لها وهي فيه، فالعبرة أن تكون في محل الولاية وقت العقد سواء كان إذنها له فيه أيضا أم لا (قوله: أما إذا كانت الخ) مفهوم قوله كائنة في محل ولايته الخ.
وقوله حالته: أي العقد.
وقوله فلا يزوجها.
أي فلا يزوج القاضي من خرجت عن محل ولايته لأنه ليس له عليها ولاية (قوله: وإن أذنت إلخ) غاية في عدم صحة تزويجه لها: أي لا يصح وإن أذنت له (قوله: قبل خروجها منه) أي من محل ولايته (قوله: أو كان هو فيه) غاية ثانية له أيضا: أي لا يصح أن يزوج الخارجة عن محل ولايته وإن كان الخاطب فيه.
وقوله لأن الولاية عليها لا تتعلق بالخاطب: علة لعدم صحة تزويجه إذا كان الخاطب في محل ولايته: أي وإنما لم يصح ذلك لأن الولاية لا تتعلق بالخاطب وإنما تتعلق بها نفسها، فالعبرة بها، لا به (قوله: وخرج بالبالغة الخ) كان عليه أن يذكر مخرج القيد الأول وهو قوله بكفء، ولعله لم يذكره اتكالا على ذكره في فصل الكفاءة.
وقوله اليتيمة: أي الصغيرة ولو مراهقة (قوله: فلا يزوجها) أي اليتيمة.
(وقوله: ولو حنفيا) أي ولو كان القاضي حنفيا فإنه لا يجوز له أن يزوجها، لكن بالشرط الذي ذكره وهو إن لم يأذن له السلطان الحنفي فيه، ومفهومه أنه إذا أذن له السلطان الحنفي فيه صح تزويج القاضي لها (قوله: وتصدق المرأة في دعوى البلوغ بحيض أو إمناء) محله إن أمكن ذلك منها بأن بلغت تسع سنين.
(وقوله: بلا يمين) متعلق بتصدق (قوله: إذ لا يعرف) أي البلوغ بالحيض أو الإمناء إلا منها نفسها، وهو علة لتصديقها في دعواها ما ذكر بلا يمين (قوله: لا في دعوى إلخ) أي لا تصدق في دعوي البلوغ بالسن، وهو خمس عشرة سنة، إلا ببينة، وهي رجلان، وتقدم في باب الإقرار أنه إن شهد أربع نسوة بولادتها يوم كذا قبلن ويثبت بهن السن تبعا.
(وقوله: خبيرة) أي بسنها.
(وقوله: تذكر عدد السنين) هذا قيد في ثبوت البلوغ بالسن، أي أنه لا يثبت إلا إن ذكرت البينة عدد السنين الذي يحصل به البلوغ، وهو خمسة عشرة سنة، (قوله: وعدم وليها) الجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل نصب صفة لبالغة، ولا حاجة إلى هذا بعد قوله فيزوج الخ المفرع على ما إذا فقد عصبة النسب والولاء.
(وقوله: أو غاب) أي أقرب أوليائها الخ، وهو معطوف على عدم وليها، فيفيد حينئذ أنه مفرع على ما قبله وهو لا يصح، وذلك لأن موضوع الكلام السابق، كما علمت، في فقد الولي مطلقا، وهذه المواضع موجود فيها الولي، لكن تعذر فيها تزويجه بسبب غيبته أو عضله أو احرامه الخ، فناب الحاكم منابه في التزويج بسبب ذلك، فكان الأولى أن يفصله عما قبله كأن يقول: وكذا يزوج القاضي فيما إذا غاب الأقرب الخ.
ويكون شروعا في مواضع مستقلة زيادة على ما تقدم يزوج فيها الحاكم.
تأمل.
وقد نظن بعضهم هذه المواضع التي يزوج فيها الحاكم مطلقا في قوله:
ويزوج الحاكم في صور أتت منظومة تحكي عقود جواهر
(مرحلتين) وليس له وكيل حاضر في التزويج وتصدق المرأة في دعوى غيبة الولي وخلوها من النكاح والعدة وإن لم تقم بينة بذلك.
ويسن طلب بينة بذلك منها، وإلا فتحليفها.
ولو زوجها لغيبة الولي فبان أنه قريب من بلد
ــ
عدم الولي وفقده ونكاحه وكذاك غيبته مسافة قاصر وكذاك إغماء وحبس مانع أمة لمحجور توالي القادر إحرامه وتعزز مع عضله إسلام أم الفرع وهي لكافر (وزاد بعضهم عليها).
تزويج من جنت ولم يكن مجبر بعد البلوغ فضم ذاك وبادر (وقوله: عدم الولي) أي بأن لم يكن لها ولي أصلا.
(وقوله: وفقده) أي بأن فقد، أي غاب ولم يدر موته ولا حياته ولا محله بشرط أن لا يحكم بموته حاكم، فإن حكم بموته انتقلت للأبعد.
وقوله ونكاحه: أي لنفسه بأن أراد أن يتزوأ بنت عمه ولم يوجد من يساويه في الدرجة فإن الحاكم يزوجها له.
وقوله مسافة قاصر: مثلها ما إذا كان دون مسافة القصر وتعذر الوصول إليه.
وقوله وكذاك إغماء: ضعيف، والمعتمد أنه ينتظر ثلاثة أيام، فإن لم يفق انتقلت الولاية للأبعد ولا يزوجها الحاكم أصلا.
وقوله وحبس مانع: أي من الاجتماع عليه.
وقوله أمة لمحجور: أي حجر سفه بأن بلغ غير رشيد أو بذر بعد رشده ثم حجر عليه لأنه لنقصه لا يلي أمر نفسه فلا يلي أمر غيره، بخلاف حجر الفلس فلا يمنع الولاية لكمال نظره، والحجر عليه لحق الغرماء لا لنقص فيه.
وقوله توارى القادر: أي اختفاؤه.
والقادر يحتمل أنه تكملة للبيت، ويحتمل أنه احتراز عن المكره.
وقوله إحرامه: أي بالحج أو العمرة أو بهما.
وقوله وتعزز: أي تغلب بأن يمتنع من غير توار معتمدا على الغلبة.
فالفرق بين التواري والتعزز: أن التواري الامتناع مع الاختفاء، والتعزز الامتناع مع الظهور والقوة.
وقوله مع عضله: أي عضلا لا يفسق به بأن غلبت طاعاته على معاصيه، وإلا فتنتقل للأبعد بناء على منع ولاية الفاسق.
وقوله إسلام أم الفرع: أي أم الولد يعني إذا استولد الكافر أمة ثم أسلمت فإنه يزوجها الحاكم.
وقوله ولم يك مجبر: فإن كان هناك مجبر زوجها هو، لا الحاكم، هذا حاصل ما يتعلق بشرح الأبيات المذكورة.
وقد ذكر معظم ذلك المؤلف رحمه الله تعالى (قوله: أو غاب) فاعله ضمير مستتر يعود على وليها.
وقوله بعد: أي أقرب أوليائها تفسير مراد له، ولا يقال إن الفاعل محذوف وأن هذا تقديره لأنا نقول ليس هذا من المواضع التي يجوز حذف الفاعل فيها، وفائدة هذا التفسير بيان أنه إذا غاب الأقرب لا تنتقل الولاية للأبعد بل للحاكم (قوله: مرحلتين) منصوب بإسقاط الخافض: أي إلى مرحلتين.
والمراد إلى مسافة مقدارها بسير الأثقال مرحلتان، وهذه هي مسافة القصر (قوله: وليس له الخ) الجملة حالية: أي والحال أنه ليس لهذا الغائب وكيل حاضر هي التزويج، فإن كان له وكيل حاضر قدم على السلطان على المنقول المعتمد، خلافا للبلقيني (قوله: وتصدق المرأة في دعوى غيبة الولي) قال سم: أي بلا يمين، ثم قال في الروض وشرحه: وهل يحلفها وجوبا على أنها لم تأذن للغائب إن كان ممن لا يزوج إلا بإذن وعلى أنه لم يزوجها في الغيبة؟ وجهان.
اه.
والأوجه الوجوب في الصورتين.
م ر.
اه (قوله: وخلوها الخ) معطوف على غيبة الولي: أي وتصدق أيضا في دعوى خلوها من النكاح ومن العدة: أي ومن سائر موانع النكاح كالإحرام والمحرمية وسيصرح بهذه المسألة في المتن (قوله: وإن لم تقم بينة بذلك) غاية في تصديقها في دعواها ما ذكر: أي تصدق مطلقا سواء أقامت بينة على ما ادعته أم لا.
قال في المغني: لأن العقود يرجع فيها إلى قوله أربابها.
اه (قوله: ويسن طلب بينة بذلك) أي بما ادعته.
وقوله منها: أي المرأة، وهو متعلق بطلب: أي طلبها منها.
وعبارة المغني: وتستحب إقامة البينة بذلك ولا يقبل فيها الإشهاد مطلع على باطن أحوالها.
اه.
وقال في التحفة: فإن ألحت في الطلب بلا بينة ولا يمين أجيبت على الأوجه، وإن رأى القاضي التأخير لما يترتب عليه حينئذ من المفاسد التي لا تتدارك.
اه (قوله: وإلا فتحليفها) أي وإلا تأت بالبينة بعد الطلب فيسن تحليفها، ويدل على ذلك عبارة الروض ونصها: ويستحب تحليفها على ذلك: أي على غيبة وليها
العقد وقت النكاح لم ينعقد إن ثبت قربه.
فلا يقدح في صحة النكاح مجر قوله كنت قريبا من البلد، بل لا بد من بينة على الاوجه، خلافا لما نقله الزركشي والشيخ زكريا عن فتاوي البغوي (أو) غاب إلى دونهما لكن (تعذر وصول إليه) أي إلى الولي (لخوف) في الطريق من القتل أو الضرب أو أخذ المال (أو فقد) أي الولي بأن لم يعرف مكانه ولا موته ولا حياته بعد غيبة أو حضور قتال أو انكسار سفينة أو أسر عدو.
هذا إن لم يحكم بموته، وإلا زوجها الابعد.
(أو عضل) الولي ولو مجبر أي منع (مكلفة) أي بالغة عاقلة (دعت إلى) تزويجها من (كفء) ولو بدون مهر المثل من تزويجها به.
ــ
وخروجها عن النكاح والعدة.
اه.
وكتب الرشيدي على قول النهاية وإلا فتحليفها ما نصه: هذا لا حاجة إليه مع قوله وتصدق في غيبة وليها، إذ من المعلوم أن تصديقها إنما يكون باليمين على أنه لا يخفى ما في تعبيره بقوله وإلا من الإيهام.
اه.
وقوله إذ من المعلوم إلخ: فيه نظر لما تقدم عن سم من أنها تصدق بلا يمين.
وكتب ع ش ما نصه: وقوله وإلا أي بأن لم تقم بينة.
وقوله فتحليفها: أي وجوبا.
اه.
وفي قوله وجوبا نظر أيضا لما تقدم عن الروض (قوله: ولو زوجها) أي القاضي.
وقوله لغيبة الولي: أي لأجل أن وليها الخاص غائب.
والمراد غائب إلى مسافة القصر بدعواها مثلا وقوله فبان: أي وليها بعد النكاح وقوله أنه قريب من بلد العقد: أي أنه كان في دون مسافة القصر، ولا بد من تقييده، أخذا مما بعد بكونه لم يتعذر الوصول إليه، وإلا كان حكمه حكم من كان في مسافة القصر (قوله: لم ينعقد) أي النكاح.
وقوله إن ثبت قربه: أي ببينة (قوله: فلا يقدح في صحة الخ) أي فلا يؤثر في صحته مجرد قوله كنت قريبا من غير أن يأتي ببينة على قوله المذكور (قوله: خلافا لما نقله الزركشي والشيخ زكريا) أي من أنه يقدح قوله المذكور في الصحة ولو لم
يأت ببينة.
وعبارة الروض وشرحه: فإن زوجت في غيبته فبان الولي قريبا من البلد عند العقد ولو بقوله، كما يؤخذ من كلام نقله الزركشي عن فتاوى البغوي، لم ينعقد نكاحها لأن تزويج الحاكم لا يصح مع وجود الولي الخاص.
اه (قوله: أو غاب إلى دونهما) معطوف على قوله أو غاب مرحلتين ومقابل له: أي أو لم يغب إلى مرحلتين بل غاب إلى دونهما لكن تعذر الوصول إليه فللقاضي أن يزوجها عند غيبته حينئذ.
وخرج بقوله لكن تعذر الوصول إليه ما إذا لم يتعذر فلا يزوج إلا بإذنه كما لو كان مقيما.
وعبارة شرح الروض: أما ما دون مسافة القصر فلا يزوج حتى يرجع الولي فيحضر أو يوكل كما لو كان مقيما.
نعم: لو تعذر الوصول إليه لفتنة أو خوف ففي الجيلي أن له أن يزوج بلا مراجعة في الأصح.
اه (قوله: لخوف في الطريق) متعلق بتعذر، واللام تعليلية: أي أو تعذر لأجل خوف حاصل في الطريق.
وفي شرح الروض: قال الأذرعي والظاهر أنه لو كان في البلد في سجن السلطان وتعذر الوصول إليه أن القاضي يزوج.
اه.
وقوله من القتل الخ: بيان للخوف (قوله: أو فقد) معطوف على عدم وليها لأن هذا نوع ثالث، وأما الذي قبله فهو من تتمة النوع الثاني، ولذلك عطفته عليه.
وقوله أي الولي: المناسب أن يقول كسابقه، أي أقرب الأولياء، ومثله يقال فيما بعده.
(وقوله: بأن لم يعرف الخ) تصوير للفقد، وهذا هو الفارق بينه وبين العدم في قوله عدم وليها.
وحاصل الفرق أن المعدوم هو الذي عرف عدمه، والمفقود هو الذي لم يعرف عدمه ولا حياته.
(وقوله: بعد غيبة الخ) متعلق بيعرف المنفي (قوله: هذا) أي ما ذكر من تزويج القاضي عند فقد الولي إن لم يحكم بموته حاكم،.
فإن حكم به انتقلت الولاية للأبعد ولا يزوجها القاضي (قوله: أو عضل الولي الخ) معطوف على عدم وليها أيضا.
وعبارة التحفة مع الأصل: وكذا يزوج السلطان إذا عضل القريب أو المعتق أو عصبته إجماعا، لكن بعد ثبوت العضل عنده بامتناعه منه أو سكوته بحضرته بعد أمره به والخاطب والمرأة حاضران أو وكيلهما أو بينة عند تعززه أو تواريه.
نعم: إن فسق بعضله لتكرره منه مع عدم غلبة طاعاته على معاصيه أو قلنا بما قاله جمع إنه كبيرة زوج الأبعد، وإلا فلا: لأن العضل صغيرة وإفتاء المصنف بأنه كبيرة بإجماع المسلمين مراده أنه عند عدم تلك الغلبة في حكمها لتصريحه هو وغيره بأنه صغيرة.
اه.
وقوله لتكرره منه: قال في الروض: ولا يفسق إلا إذا تكرر ثلاث مرات.
اه.
(قوله: ولو مجبرا) غاية في الولي: أي لا فرق فيه بين أن يكون مجبرا أو لا (قوله: أي منع) تفسير لعضل (قوله: مكلفة) مفعول عضل، وهو قيد أول.
وقوله أي بالغة عاقلة: تفسير
(فروع) لا يزوج القاضي إن عضل مجبر من تزويجها بكفء عينته وقد عين هو كفؤ آخر غير معينها وإن كان معينة دون معينها كفاءة.
ولا يزوج غير المجبر ولو أبا أو جدا بأن كانت ثيبا إلا ممن عينته وإلا كان عاضلا.
ولو ثبت تواري الولي أو تعززه زوجها الحاكم.
وكذا يزوج القاضي إذا أحرم الولي أو أراد نكاحها كابن عم فقد من يساويه في الدرجة ومعتق فلا يزوج الابعد في الصور المذكورة لبقاء الاقرب على ولايته.
وإنما يزوج
ــ
للمكلفة.
وقوله دعت: أي طلبت المكلفة، وهو قيد ثان.
وقوله إلى تزويجها: متعلق بدعت.
وقوله من كفء: متعلق
بتزويجها، وهو قيد ثالث.
وبقي من القيود أن يكون الكفء معينا، وأن يثبت عضله عند القاضي، كما تقدم، إما بامتناعه من التزويج بعد أمر القاضي له أو ببينة تشهد بعضله، فإذا فقد واحد من هذه القيود لا يكون عاضلا، فلا يجوز للقاضي أن يزوجها (قوله: ولو بدون مهر مثل) أي يحصل العضل بطلبها التزويج على كفء ولو بدون مهر المثل، وذلك لأن المهر لها لا له، فإذا رضيت به لم يكن لعضله عذر (قوله: من تزويجها) متعلق بعضل.
وقوله به: أي بالكفء، والباء بمعنى على: أي عضلها من التزويج على كفء (قوله: فروع) أي خمسة: الأول قوله لا يزوج القاضي الخ، الثاني قوله ولا يزوج غير المجبر الخ الثالث قوله ولو ثبت توارى الخ، الرابع قوله وكذا يزوج الخ، الخامس قوله وإنما يزوج للقاضي الخ (قوله: لا يزوج الخ) يعني لو عينت للولي المجبر كفؤا وهو عين لها كفؤا آخر غير كفئها لا يكون عاضلا بذلك فلا يزوجها القاضي بل تبقى الولاية له، وذلك لأن نظره أعلى من نظرها، فقد يكون معينه أصلح لها من معينها.
وقوله وقد عين هو: أي المجبر.
وقوله وإن كان معينه: بصيغة اسم المفعول، وهو غاية لعدم تزويج القاضي حينئذ: أي لا يزوج القاضي حينئذ وإن كان من عينه المجبر أقل في الكفاءة بمن عينته هي لأنه لا يكون عاضلا بذلك (قوله: ولا يزوج غير المجبر) أي موليته.
وقوله ولو أبا أو جدا: غاية لغير المجبر.
وقوله بأن كانت ثيبا: تصوير لكون الأب أو الجد غير مجبر.
وقوله إلا ممن عينته: متعلق بيزوج، والاستثناء ملغى: أي لا يزوجها إلا على من عينته.
وذلك لأن أصل تزويجها متوقف على إذنها، فإذا عينت له شخصا تعين (قوله: وإلا) أي وإن لم يزوجها على من عينته سواء أراد تزويجها على غيره أم لم يرد أصلا.
وقوله كان عاضلا: جواب إن المدغمة في لا، وحينئذ يزوجها القاضي (قوله: ولو ثبت) أي ببينة.
وقوله توارى الولي أو تعززه: في حاشية الباجوري التواري: الهرب والتعزز: كأن يقول عند طلب التزويج منه أزوجها غدا، وهكذا فكلما يسئل في ذلك يوعد.
اه.
وتقدم فرق غير هذا في شرح الأبيات المار (قوله: زوجها الحاكم) جواب لو.
والمناسب لسابقه ولاحقه أن يقول القاضي (قوله: وكذا يزوج القاضي الخ) أي ومثل كونه يزوج فيما إذا ثبت التواري أو التعزز يزوج إذا أحرم الولي: أي بحج أو عمرة أو بهما معا صحيحا كان إحرامه أو فاسدا (قوله: أو أراد نكاحها) أي وكذا يزوج القاضي إذا أراد الولي أن يتزوج بموليته، لكن بشرط أن لا يكون لها ولي مساو له في الدرجة غيره بدليل المثال بعد.
فإن كان لها ولي غيره كذلك فإنه هو الذي يزوجها لا القاضي (قوله: كابن عم) أي أراد أن يتزوج على بنت عمه.
وقوله فقد من يساويه في الدرجة: فإن لم يفقد كأن كان لها ابنا عم متساويان في الدرجة وأراد أحدهما أن يتزوج بها فإن الآخر هو الذي يزوجها لا القاضي، كما علمت، وقوله ومعتق: معطوف على ابن عم: أي وكمعتق أراد أن يتزوج على
عتيقته فإن القاضي هو الذي يزوجها عليه وتقدم في الشرح أنه لو أعتق جماعة أمة وأراد واحد منهم أن يتزوج بها فإنه يزوجها القاضي مع الباقين (قوله: فلا يزوج الأبعد الخ) هذا تصريح بما علم من قوله فيزوج القاضي الخ: إذ يعلم منه أنه إذا كان هناك ولي أبعد لا تنتقل الولاية له بل للقاضي.
وقوله في الصور المذكورة: أي في الفروع وفيما قبلها غير الصورة الأولى، أعني صورة عدم الولي، لأنه لا يتصور فيها وجود ولي أبعد، إذ المراد فيها عدم الأولياء مطلقا (قوله: لبقاء الأقرب على ولايته) تعليل لكون القاضي هو الذي يزوج في الصور المذكورة لا الأبعد: أي وإنما زوج القاضي لا الأبعد لكون الأقرب باقيا على ولايته بدليل أنه في صورة الغيبة لو رجع هو الذي يزوج، وكذلك في صورة العضل والإحرام، والأبعد إنما يزوج إذا لم تكن الولاية ثابتة للأقرب بأن كان رقيقا أو صبيا أو مجنونا.
للقاضي أو طفله إذا أراد نكاح من ليس لها ولي قاض آخر بمحل ولايته إذا كانت المرأة في عمله أو نائب القاضي الذي يتزوج هو أو طفله (ثم) إن لم يوجد ولي ممن مر فيزوجها (محكم عدل) حر ولته مع خاطبها أمرها ليزوجها منه وإن لم يكن مجتهدا إذا لم يكن ثم قاض ولو غير أهل، وإلا فيشترط كون المحكم مجتهدا.
قال
ــ
(والحاصل) أن الولي الأقرب في صورة الغيبة وما بعدها باق على ولايته إلا أنه لما تعذر التزويج بسبب الغيبة ونحوها ناب عنه القاضي، والأبعد إنما يزوج عند انتفاء الولاية من الأقرب.
(واعلم) أنه اختلف في الإمام: هل يزوج بالولاية أو بالنيابة الشرعية؟ على وجهين.
وذكر في فتح الجواد أن فروعا تقتضي أن تزويج السلطان بالولاية العامة، وفروعا أخر تقتضي أنه بالنيابة الشرعية، وأن الذي يتجه أنه في نحو الغيبة بنيابة اقتضتها الولاية، وعند عدم الولي يزوج بالولاية.
اه (قوله: وإنما يزوج للقاضي) اللام زائدة، وكان الأولى إسقاطها.
وقوله أو طفله: لو قال أو محجوره لكان أولى ليشمل المجنون.
وقوله إذا أراد نكاح الخ: أي لنفسه أو لمحجوره ليطابق ما قبله.
(وقوله: من ليس لها ولي) أي خاص.
(وقوله: قاض آخر) فاعل يزوج.
(وقوله: بمحل ولايته) الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لقاض: أي قاض آخر كائن بمحل ولاية القاضي المتزوج، والمراد أن للقاضي الآخر ولاية على محل ولاية القاضي المتزوج بأن يكون لذلك المحل قاضيان لجواز تعدد القاضي في بلدة، فإذا أراد القاضيين أن يتزوج بمن ليس لها ولي خاص زوجه الآخر عليها كابني العم المتساويين في الدرجة (قوله: إذا كانت المرأة في عمله) الضمير يعود علي القاضي الآخر، وهو بيان لقيد ثان، وهو أنه لا بد في المرأة أن تكون في محل عمل القاضي الآخر لأجل أن تكون له ولاية عليها.
وهذا القيد يغني عن القيد الأول، أعني قوله بمحل ولايته، وذلك لأنه يلزم من كونها في محل عمل القاضي الآخر أن يكون هو في محل عمل القاضي المتزوج: إذ الفرض أن للقاضي المتزوج ولاية عليها، ولذلك لم يذكره في التحفة ونصها مع الأصل: فلو أراد القاضي نكاح من لا ولي لها غيره لنفسه أو
لمحجوره زوجه من هي في عمله سواء من فوقه من الولاة ومن هو مثله أو خليفته لأن حكمه نافذ عليه.
وإن أراده الإمام الأعظم زوجه خليفته.
اه (قوله: أو نائب القاضي) معطوف على قاض آخر: أي أو يزوجه نائبه.
وقوله أو طفله.
معطوف على الضمير المستتر في يتزوج لوجود الفصل بالضمير المنفصل.
قال في الخلاصة: وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل (قوله: ثم إن لم يوجد ولي ممن مر) أي من الأصل وعصبة النسب وعصبة الولاء والقاضي.
وصريح هذا يفيد أن المحكم لا يزوج إلا عند فقد الجميع حتى القاضي، وإذ كان كذلك فلا يلائم تفصيله الآتي، أعني قوله وإن لم يكن مجتهد إذا لم يكن ثم قاض، وإلا اشترط أن يكون المحكم مجتهدا فإنه يقتضي عدم اشتراط فقد القاضي في تزويج المحكم، وتفصيله المذكور هو الموافق لصريح عبارة التحفة المار نقلها على قول الشارح، فلا تزوج امرأة نفسها، وحينئذ فكان الأولى للمؤلف أن يعبر بعبارة موافقة لما ذكر (قوله: فيزوجها محكم) بصيغة اسم المفعول.
قال في التحفة: وهل يتقيد ذلك بكون المفوض إليه في محلها كما يتقيد القاضي بمحل ولايته، أو يفرق بأن ولاية القاضي مقيدة بمحل فلم يجاوزه بخلاف ولاية هذا فإن مناطها إذنها له بشرطه فحيث وجد زوجها وإن بعد محلها؟ كل محتمل.
والثاني أقرب اه.
وفي البجيرمي: فإن لم يوجد أحد تحكمه أمرها وخافت الزنا زوجت نفسها، لكن بشرط أن يكون بينها وبين الولي مسافة القصر.
ثم إذا رجعا للعمران ووجد الناس جددا العقد إن لم يكونا قلدا من يقول بذلك.
اه.
(قوله: عدل) خرج به غيره فلا يصح تزويجه لأنه غير أهل للتحكيم.
وقوله حر: خرج به غيره فلا يصح منه ذلك لذلك (قوله: ولته) أي فوضته.
وقوله مع خاطبها: إنما قيد بذلك لأن حكم المحكم لا يفيد إلا برضاهما به معا ولا بد أن يكون لفظا فلا يكفي السكوت.
نعم يكفي سكوت البكر إذا استئذنت في التحكيم.
وقوله أمرها: مفعول ثان لولت، وفي العبارة حذف: أي وولاه الخاطب أمره لأن المرأة تفوضه أمر نفسها والخاطب كذلك يفوضه أمر نفسه (قوله: ليزوجها منه) هذه العلة عين
شيخنا: نعم إن كان الحاكم لا يزوج إلا بدراهم، كما حدث الآن - فيتجه أن لها أن تولي عدلا مع وجوده وإن سلمنا أنه لا ينعزل بذلك بأن علم موليه ذلك منه حال التولية.
انتهى.
ولو وطئ في نكاح بلا ولي كأن زوجت نفسها ولم يحكم حاكم بصحته ولا ببطلانه لزمه مهر المثل دون المسمى لفساد النكاح ويعزر به معتقد تحريمه ويسقط عند الحد.
(و) يجوز (لقاض تزويج من قالت أنا خلية عن نكاح وعدة) أو طلقني زوجي واعتددت (ما لم يعرف لها زوجا) معينا (وإلا) أي وإن عرف لها زوجا باسمه أو شخصه أو عينته (شرط) في صحة تزويج
ــ
الأمر المفوض إلى المحكم: إذ هو التزويج، وإذا كان كذلك فينحل المعنى ولته أن يزوجها ليزوجها، ولا يخفى ما في ذلك من الركاكة، فالأولى حينئذ إسقاطها (قوله: وإن لم يكن مجتهدا) غاية لقوله فيزوجها محكم عدل: أي يزوجها ذلك المحكم وإن لم يكن مجتهدا.
وقوله إذا لم يكن إلخ: قيد في جواز تزويج المحكم مطلقا وإن كان ليس بمجتهد: أي محل جواز ذلك مطلقا إذا لم يوجد ثم أي في المحل الذي حكما المحكم فيه قاض.
(والحاصل) يجوز تحكيم المجتهد مطلقا سواء وجد حاكم ولو مجتهدا أم لا، وتحكيم العدل غير المجتهد بشرط أن لا يكون هناك قاض ولو غير أهل: سواء وجد مجتهد أم لا (قوله: وإلا) أي بأن كان ثم قاض ولو غير أهل.
وقوله فيشترط: أي في صحة تزويجه أن يكون المحكم مجتهدا (قوله: نعم إن كان الحاكم الخ) استدراك على اشتراط كون المحكم مجتهدا إذا وجد قاض (قوله: فيتجه أن لها أن تولي عدلا) أي غير مجتهد.
وقوله مع وجوده: أي الحاكم المذكور (قوله: وإن سلمنا أنه) أي الحاكم لا ينعزل بذلك: أي بأخذه الدراهم (قوله: بأن علم موليه) تصوير لعدم انعزاله مع أخذه الدراهم، فإن لم يعلم منه ذلك حال التولية انعزل بأخذه الدراهم لأنه مفسق، وذلك لما سيأتي في باب القضاء من أنه إذا ولى سلطان غير أهل للقضاء مع علمه بفسقه نفذت توليته وقضاؤه وإلا بأن ظن عدالته ولو علم فسقه لم يوله فلا (قوله: ولو وطئ في نكاح الخ) المناسب ذكر هذا عند قوله فيما تقدم فلا تزوج امرأة نفسها ولا بناتها، خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه، وقد قدمت الكلام عليه هناك (قوله: بلا ولي) أي ولا محكم أيضا كما هو ظاهر (قوله: كأن زوجت نفسها) أي بحضرة شاهدين عند ابن حجر، ومثله لو زوجت نفسها بلا حضرة شاهدين عند م ر (قوله: ولم يحكم حاكم بصحته) أي النكاح، فإن حكم بها وجب المسمى ولا تعزير.
وقوله ولا ببطلانه: فإن حكم به فالوطئ زنا فيه الحد، لا المهر (قوله: لزمه) جواب لو.
وقوله مهر المثل: أي مهر مثل بكر إن كانت بكرا وإن لم يجب أرش البكارة أخذا من قوله في الروض وشرحه في البيع الفاسد وحيث لا حد يجب المهر، فإن كان بكرا فمهر للتمتع بها، وقياسا على النكاح الفاسد وأرش البكارة لإتلافها، بخلافة في النكاح الفاسد لأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه، وأرش البكارة مضمون في صحيح البيع دون صحيح النكاح الخ.
اه.
سم (قوله: لفساد النكاح) أي ولخبر: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، ثلاثا، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له رواه الترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححه (قوله: ويعزر به معتقد تحريمه) أي لارتكابه محرما لا حد فيه ولا كفارة (قوله: ويسقط عنه الحد) أي لشبهة اختلاف العلماء (قوله: ويجوز لقاض الخ) مثله الولي الحاضر، ولكن لا يشترط فيه ما اشترط في القاضي إذا عرف لها زوجا معينا.
(والحاصل) أنه لو ادعت المرأة أنها خلية عن النكاح والعدة ولم تعين الزوج قبل قولها وجاز للولي اعتماد قولها سواء كان خاصا أو عاما، بخلاف ما لو قالت كنت زوجة لفلان وعينته وقد طلقني أو مات فإنه لا يقبل قولها بالنسبة إلى الولي العام إلا بإثبات، بخلاف الخاص فإنه يقبل قولها بالنسبة إليه مطلقا.
والقرق بينهما أن الأول نائب الغائبين ونحوهم
فينوب عن المعين ويحتاج إلى الإثبات لئلا يفوت حقه، بخلاف الثاني (قوله: أو طلقني الخ) أي أو قالت طلقني زوجي واعتددت (قوله: ما لم يعرف) أي القاضي.
وقوله لها: أي للمرأة المدعية ما ذكر.
وقوله زوجا معينا: أي باسمه أو شخصه، كما سيصرح به فيما بعد (قوله: وإلا إلخ) مفهوم القيد.
وقوله أي وإن عرف لها زوجا: أي بنفسه بدليل قوله
الحاكم لها دون الولي الخاص (إثبات لفراقه) بنحو طلاق أو موت - سواء أغاب أم حضر - وإنما فرقوا بين المعين وغيره - مع أن المدار والعلم يسبق الزوجية أو بعدمه حتى يعمل بالاصل في كل منهما - لان القاضي لما تعين الزوج عنده باسمه أو شخصه تأكد له الاحتياط والعمل بأصل بقاء الزوجية فاشترط الثبوت، ولانها لما ذكرت معينا باسم العلم كأنها ادعت عليه، بل صرحوا بأنها دعوى عليه فلا بد من إثبات ذلك - بخلاف ما إذا عرف مطلق الزوجية من غير تعيين بما ذكر فاكتفي بإخبارها بالخلو عن الموانع.
لقول الاصحاب: إن العبرة في العقود بقول أربابها.
وأما الولي الخاص فيزوجها إن صدقها وإن عرف زوجها الاول من غير إثبات طلاق ولا يمين، لكن يسن له - كقاض لم يعرف زوجها - طلبت إثبات ذلك، ولا فرق بين القاضي والولي حيث فصل بين
ــ
بعد أو عينته (قوله: باسمه) متعلق بعرف: أي عرفه باسمه وإن لم يعرف شخصه.
وقوله أو شخصه: أي ذاته وإن لم يعرف اسمه.
وقوله أو عينته: أي باسم العلم: كأن قالت له إن فلانا كان زوجي وقد طلقني، أو باسم الإشارة: كأن قالت هذا زوجي وقد طلقني (قوله: شرط الخ) جواب إن المدغمة في لا.
وقوله في صحة تزويج الحاكم: الأولى تزويجه، إذ المقام للإضمار (قوله: دون الولي الخاص) سيأتي محترزه (قوله: إثبات) أي ببينة.
وقوله بنحو طلاق أو موت: الباء سببية متعلقة بفراق، أي فراقه بسبب طلاق أو موت ونحوهما كالفسخ (قوله: سواء الخ) تعميم في اشتراط إثبات الفرقة، أي يشترط إثباتها ببينة مطلقا سواء أغاب الزوج أم حضر (قوله: وإنما فرقوا بين المعين) أي حيث اشترط إثبات فراقه بالنسبة للحاكم.
وقوله وغيره، أي وبين غير المعين حيث لم يشترط فيه ذلك مطلقا.
وقوله مع أن المدار العلم بسبق الزوجية، أي علم الحاكم به.
وقوله أو بعدمه، أي عدم العلم بسبق الزوجية.
وقوله حتى يعمل بالأصل، أي فيعمل.
فحتى تفريعية والفعل مرفوع، أي فحقهم إذا كان المدار على ما ذكر أن يعملوا بالأصل في كل ولا يفرقوا بين المعين وغيره.
والأصل فيما إذا علم بسبق الزوجية بقاؤها حتى يثبت ما يرفعها سواء كان الزوج معينا أو لا، والأصل فيما إذا لم يعلم بسبق الزوجية وعدمها (قوله: لأن القاضي الخ) هذا وجه الفرق، فهو علة لفرقوا.
وقوله تأكد له، أي للقاضي وهو جواب لما.
وقوله الاحتياط، أي في تزويجها (قوله: والعمل الخ) أي وتأكد له العمل بالأصل وهو بقاء الزوجية (قوله: فاشترط) أي لصحة تزويج القاضي.
وقوله الثبوت: أي الإثبات، أي إثباتها الفراق لمخالفته الأصل (قوله: ولأنها الخ) عطف على قوله لأن القاضي (قوله: باسم العلم) أي باسمه الذي هو علم عليه، فالعلم، بفتحتين، والإضافة للبيان (قوله: كأنها ادعت عليه) أي بأنه فارقها (قوله: بل صرحوا بأنها دعوى) أي حقيقة والإضراب انتقالي (قوله: فلا بد من إثبات ذلك) أي الفراق لأن على المدعي البينة (قوله: بخلاف ما إذا عرف مطلق الزوجية الخ) أي فلا يتأكد له الاحتياط، فلم يشترط الإثبات.
وقوله من غير تعيين بما ذكر: أي بالاسم أو الشخص (قوله: فاكتفى) أي القاضي.
وقوله بالخلو عن الموانع: متعلق بإخبارها (قوله: لقول الأصحاب أن الخ) هذه العلة تقتضي عدم اشتراط الإثبات في المعين أيضا بالنسبة
للحاكم ولكنه لم يعمل بها فيه بالنسبة إليه للاحتياط ولأن تعيينها بمنزلة دعوى منها عليه، كما تقدم.
وعبارة التحفة: وإلا اشترط في صحة تزويج الحاكم لها إثباتها لفراقه.
هذا ما دل عليه كلام الشيخين، وهو المعتمد، وإن كان القياس ما قاله جمع من قبول قولها في المعين أيضا حتى عند القاضي لقول الأصحاب أن العبرة في العقود بقول أربابها.
اه.
بحذف.
(وقوله: في العقود) أي إثباتا أو رفعا فلا يرد أن المدعي هنا الفراق وهو لا يسمى عقدا (قوله: وأما الولي الخاص) محترز قوله دون الولي الخاص.
(وقوله: فيزوجها إن صدقها) أي في أنها خلية من النكاح والعدة أو أن زوجها طلقها واعتدت منه (قوله: وإن عرف زوجها الأول) غاية في صحة تزويج الولي لها (قوله: من غير إثبات الخ) متعلق بيزوجها (قوله: لكن يسن له) أي للولي الخاص.
(وقوله: كقاض لم يعرف زوجها) أي كما أنه يسن لقاض الخ.
وقوله طلب: نائب فاعل يسن.
وقوله إثبات ذلك أي ما ادعته من أنها خلية من النكاح والعدة (قوله: وفرق بين القاضي والولي الخ) هذا عين قوله أولا وإنما فرقوا الخ إلا أنه هناك جعله بين المعين وغيره.
وهنا بين القاضي والولي، ولكن الحيثية واحدة، فالأولى
المعين وغيره في ذلك دون هذا لان القاضي يجب عليه الاحتياط أكثر من الولي (و) يجوز (لمجبر) وهو الاب والجد - في البكر (توكيل) معين صح تزوجه في تزويج موليته بغير إذنها وإن لم يعين المجبر الزوج في توكيله (وعلى وكيل) إن لم يعين الولي الزوج (رعاية حظ) واحتياط في أمرها، فإن زوجها بغير كفء أو بكفء وقد خطبها أكفأ منه لم يصح التزويج لمخالفته الاحتياط الواجب عليه (و) يجوز التوكيل (لغيره) أي غير المجبر بأن
ــ
إسقاط هذا اكتفاء بذلك (قوله: حيث فصل بين المعين وغيره) أي فاشترط الإثبات في الأول دون الثاني.
وقوله في ذلك: أي في القاضي.
وقوله دون هذا: أي الولي (قوله: لأن القاضي الخ) علة الفرق.
وقوله يجب عليه الاحتياط: في سم ما نصه: والفرق أنه إذا تعين الزوج فقد تعين صاحب الحق والقاضي له، بل عليه النظر في حقوق الغائبين ومراعاتها، بخلاف الولي الخاص.
اه.
(قوله: ويجوز لمجبر وهو الأب الخ) ظاهره وإن نهته عنه لأنه لما جاز له تزويجها بغير إذنها لم يؤثر نهيها.
اه.
سم (قوله: توكيل معين) خرج المبهم كأن يقول وكلت أحدكما فلا يصح توكيله.
وقوله صح تزوجه الجملة صفة لمعين: أي معين موصوف بكونه يصح أن يتزوج هو بنفسه.
وقيد به لما تقدم في باب الوكالة من أن شرط الوكيل صحة مباشرته ما وكل فيه.
وخرج به نحو الصبي والمجنون فلا يصح توكيلهما في النكاح لعدم صحة المباشرة منهما لأنفسهما (قوله: في تزويج موليته) متعلق بتوكيل: أي توكيله في تزويج موليته (قوله: بغير إذنها) أي كما يزوجها بغير إذنها.
نعم: يسن للوكيل استئذانها ويكفي سكوتها، تحفة.
وقال سم: ولو وكل بغير إذنها ثم صارت ثيبا قبل العقد فيتجه بطلان التوكيل وامتناع تزويج الوكيل لخروج الولي عن أهلية التوكيل بغير إذنها، ويحتمل خلافه.
فليراجع.
اه.
وقوله بغير إذنها: أما لو وكل بإذنها فيستصحب ولا يبطل التوكيل (قوله: وإن لم يعين المجبر الزوج) أي يجوز توكيل المجبر في التزويج وإن لم يعين للوكيل الزوج: كأن قال له وكلتك في تزويج بنتي، وذلك لأن وفور شفقته
تدعوه إلى أن لا يوكل إلا من يثق بنظره واختباره، ولا ينافيه اشتراط تعيين الزوجة لمن وكله أن يتزوج له لأنه لا ضابط له فيها يرجع إليه بخلافه في الزوج فإنه يتقيد بالكفء (قوله: وعلى وكيل) أي ويجب على وكيل.
(وقوله: إن لم يعين الولي الزوج) أي للوكيل فإن عينه له اتبع ما عين له، ولا يجب عليه رعاية حظ واحتياط في أمرها.
ومفاده أنه إذا عين له غير كفء تعين وصح تزويجها عليه، وهو مسلم إن كان برضاها، وإلا فلا: لأنه لا يصح منه أن يزوجها بنفسه عليه فضلا عن التوكيل فيه (وقوله: رعاية حظ) أي لها فلا يزوج بمهر المثل، وثم من يبذل أكثر منه: أي يحرم عليه ذلك وإن صح العقد كما هو ظاهر بخلاف البيع لأنه يتأثر بفساد المسمى، ولا كذلك النكاح.
اه.
(قوله: فإن زوجها بغير كفء) هذا لا يترتب على رعاية الأحظ والاحتياط لأن التزويج على كفء شرط للصحة لا للكمال حتى أنه يقال إذا لم يزوج على كفء لم يراع الأحظ والأكمل.
نعم: إن أريد بالاحتياط مطلق أمر مطلوب، سواء كان شرط صحة أو كمال، صح ترتبه عليه (قوله: أو بكفء وقد خطبها أكفأ منه) يعني لو خطبها أكفاء متفاوتون في الكفاءة لم يجز تزويجها بغير الأكفاء لأن تصرف الوكيل بالمصلحة وهي منحصرة فيه، وإنما لم يلزم الولي ذلك لأن نظره أوسع من نظر الوكيل ففوض الأمر إلى ما يراه أصلح وفي التحفة: ولو استويا كفاءة وأحدهما متوسط والآخر موسر تعين الثاني، كما قال بعضهم، ومحله إن سلم ما لم يكن الأول أصلح لحمق الثاني أو شدة بخله: اه.
(قوله: لم يصح التزويج) أي على غير الكفء في الصورة الأولى، وغير الأكفأ في الصورة الثانية.
قال ع ش: وقضيته عدم الصحة وإن كان غير الأكفأ أصلح من حسن اليسار وحسن الخلق ونحوهما، ولو قيل بالصحة لم يكن بعيدا.
اه.
(قوله: ويجوز التوكيل لغيره) دخل في الغير القاضي، فله التوكيل: قاله سم: ثم قال: وبه يتضح ما أجبت به في حادثة بزبيد، وهي أن قاضي بلدة صغيرة عارف بلغة العرب وبالعلوم الشرعية ولاه من له ذلك شرعا، ولم يأذن له في الاستخلاف وجاءه امرأة ورجل غريبان وأذنت له المرأة أن يزوجها بهذا الرجل ولم يكن لها ولي خاص في البلدة ولا في أعمالها، فهل للقاضي أن يفوض أمر العقد إلى غيره أم ليس له ذلك؟ وإذا قلتم بأنه يفوض: هل يكون من قبيل الاستخلاف؟ وإذا قلتم لا: فهل هو من قبيل التوكيل؟
لم يكن أبا ولا جدا في البكر أن كانت موليته ثيبا فليوكل (بعد إذن) حصل منها (له فيه) أي التزويج إن لم تنهه عن التوكيل.
وإذا عينت للولي رجلا فليعينه للوكيل وإلا لم يصح تزيجه.
ولو لمن عينته لان الاذن المطلق مع أن المطلوب معين فاسد.
وخرج بقولي بعد إذنها للولي في التزويج ما لو وكله قبل إذنها له فيه فلا يصح التوكيل ولا النكاح.
نعم: لو وكل قبل أن يعلم إذنها له ظانا جواز التوكيل قبل الاذن فزوجها الوكيل صح إن تبين أنها كانت أذنت قبل التوكيل لان العبرة في العقود بما في نفس الامر لا بما في ظن المكلف وإلا فلا.
ــ
(فأجبت) بأن العقد صحيح، وإن ذلك من قبيل التوكيل أخذا من هذا الكلام، وعبارة الروض: ولغير المجبر التوكيل بعد الإذن له في النكاح.
اه.
ثم بلغني أن الزبيديين والمصريين أجابوا بعدم الصحة، إذ ليس له الاستخلاف.
ثم بلغني أن علامتهم الشمس الرملي رجع إلى الجواب بالصحة عند قدومه مكة للحج، ونقل لي صورة جوابه وهو ما
نصه: نعم العقد المذكور صحيح حيث كان الزوج كفؤا، إذ للولي سواء كان خاصا أم عاما التوكيل حيث لم تنهه عن ذلك.
اه.
(قوله: بأن لم يكن إلخ) تصوير لغير المجبر.
(وقوله: أو كانت موليته ثيبا) أي أو كان أبا أو جدا وكانت موليته ثيبا (قوله: فليوكل) دخول على المتن، والأولى إسقاطه لقرب العهد بمتعلقه.
وقوله بعد إذن حصل منها له فيه الضمير الأول الذي في الفعل يعود على الإذن، والثاني المجرور بمن يعود على المرأة المولية والثالث يعود على غير المجبر، والرابع يعود على التزويج، كما فسره به الشارح، ويصح توكيله بعد الإذن المذكور وإن لم تأذن له في التوكيل ولم تعين زوجا قال في التحفة: لأنه بالإذن صار وليا شرعا، أي متصرفا بالولاية الشرعية، فملك التوكيل عنه، وبه فارق كون الوكيل لا يوكل إلا لحاجة.
اه.
وقال سم: وهذا تصريح بأن الولي ولو غير مجبر ومنه القاضي يوكل وإن لاقت به المباشرة ولم يعجز عنها.
اه.
(قوله: إن لم تنهه) أي غير المجبرة.
وهو قيد لصحة توكيله: أي يصح ما لم تنهه عنه، فإن نهته عنه لم يصح التوكيل، وذلك لأنها إنما تزوج بالإذن ولم تأذن في تزويج الوكيل به نهته عنه.
وعبارة المنهاج: وغير المجبر إن قالت له وكل وكل، وإن نهته عن التوكيل فلا، وإن قالت له زوجني وأطلقت فلم تأمره بتوكيل ولا نهته عنه فله التوكيل في الأصح.
اه.
بزيادة (قوله: وإذا عينت) أي بالاسم أو الشخص (قوله: فليعينه) أي الولي الرجل: أي فليعين الولي الرجل للوكيل (قوله: وإلا) أي بأن لم يعين أصلا: بأن أطلق أو عين غير ما عينته.
وقوله لم يصح تزويجه: أي الوكيل (قوله: ولو لمن عينته) غاية لعدم الصحة: أي لم يصح وإن كان زوجها الوكيل على الذي عينته (قوله: لأن الإذن الخ) علة لعدم صحة تزويج الوكيل الذي لم يعين له الولي الرجل الذي عينته: أي وإنما لم يصح حينئذ لأن إذن الولي للوكيل المطلق عن تعيين من عينته فاسد.
وإذا فسد ما ترتب عليه وهو التزويج: وقوله مع أن المطلوب: أي مطلوبها معين.
وقوله فاسد: خبر أن الأولى (قوله: وخرج بقولي بعد إذنها للولي في التزويج) حكاه بالمعنى وإلا فهو لم يقل هناك ما ذكر، وإنما قال بعد أذن له فيه (قوله: ما لو وكله) ما فاعل خرج، وهي واقعة على من يعقل، وهو الوكيل، وهذا خلاف الغالب ولو زائدة، وفاعل وكل ضمير يعود على الولي والبارز يعود على ما هو العائد والتقدير.
وخرج بما ذكر الوكيل الذي وكله الولي الخ.
ويحتمل أن تكون ما مصدرية ولو زائدة، وعليه فالضمير البارز لا يعود على ما، لأنها حينئذ حرف مصدري، وإنما يعود على الوكيل المعلوم والتقدير: وخرج بما ذكر توكيل الولي إياه الخ (قوله: قبل إذنها) أي غير المجبرة.
وقوله له: أي للولي.
وقوله فيه: أي التزويج (قوله: فلا يصح التوكيل) أي لأنه لا يملك التزويج بنفسه قبل الإذن فكيف يوكل غيره فيه؟ ومحله في غير الحاكم، أما هو فيصح توكيله قبل استئذانها، كما سيأتي، وقوله ولا النكاح:
عطف لازم على ملزوم، إذ يلزم من عدم صحة التوكيل عدم صحة النكاح (قوله: نعم.
لو وكل الخ) استدراك على عدم صحة التوكيل والنكاح فيما لو وكله الولي قبل إذنها له: أي لا يصحان إلا إن تبين أنها أذنت له قبل التوكيل فإنهما يصحان حينئذ.
(وقوله: قبل أن يعلم) أي الولي.
(وقوله: إذنها له) أي في التزويج.
وقوله ظانا حال من فاعل يعلم أو وكل.
(وقوله: فزوجها الوكيل) أي بالإذن المذكور.
(وقوله: صح) أي تزويج الوكيل.
(وقوله: إن تبين) أي بعد التزويج.
(وقوله: أنها كانت أذنت) أي للولي في التزويج.
(وقوله: لأن العبرة الخ) علة للصحة.
(وقوله: وإلا فلا) أي وإن لم
(فروع) لو زوج القاضي امرأة قبل ثبوت توكيله بل بخبر عدل نفذ وصح، لكنه غير جائز لانه تعاطى عقدا فاسدا في الظاهر - كما قاله بعض أصحابنا - ولو بلغت الولي امرأة إذن موليته فيه فصدقها ووكل القاضي فزوجها صح التوكيل والتزويج.
ولو قالت امرأة لوليها أذنت لك في تزويجي لمن أراد تزويجي الآن وبعد طلاقي وانقضاء عدتي صح تزويجه بهذا الاذن ثانيا، فلو وكل الولي أجنبيا بهذه الصفة صح تزويجه ثانيا أيضا لانه وإن لم يملكه حال الاذن لكنه تابع لما ملكه حال الاذن - كما أفتى به الطيب الناشري، وأقره بعض أصحابنا.
ولو أمر القاضي
ــ
يتبين ذلك فلا يصح النكاح (قوله: فروع) أي أربعة (قوله: لو زوج القاضي امرأة) أي ليس لها ولي غيره (قوله: قبل ثبوت توكيله) أي قبل ثبوت توكيلها إياه، فالإضافة من إضافة المصدر للمفعول بعد حذف الفاعل.
وثبوت ما ذكر يكون بشاهدين.
(وقوله: بل بخبر عدل) أي بل زوجها بأخبار عدل بأنها وكلته وخبر الواحد لا يثبت له التوكيل (قوله: نفذ وصح) فاعل الفعلين يعود على التزويج، ويحتمل أن يكون فاعل نفذ يعود على الإذن المعلوم من السياق، وفاعل صح يعود على التزويج، وهو الأولى، (قوله: لكنه) أي تزويجه بخبر عدل غير جائز.
أي حرام (قوله: لأنه تعاطى عقدا فاسدا إلخ) علة لعدم الجواز: أي وإنما لم يجز تزويجه المذكور بمعنى أنه يحرم عليه لأنه تعاطى عقدا فاسدا بحسب الظاهر.
إذ هو مبني على إخبار الواحد له بالوكالة، وهو لا يثبت به التوكيل، كما تقدم، ومقتضى العلة المذكورة أنه لا ينفذ ولا يصح، فحينئذ ينافي قوله المار نفذ وصح إلا أن يقال أن المراد بالنفوذ والصحة في الباطن بدليل التقييد في العلة بقوله في الظاهر، فلا تنافي (قوله: ولو بلغت الولي امرأة إذن موليته) الولي مفعول أول وإذن مفعول ثان وامرأة فاعل.
وقوله فيه: أي في التزويج (قوله: فصدقها) أي الولي (قوله: ووكل) أي الولي القاضي وقوله فزوجها: أي القاضي (قوله: صح التوكيل والتزويج) أي لما تقدم أن الاشهاد على الإذن غير شرط.
فيقبل.
خبر الصبي.
والمرأة فيه، وإذا صح الإذن بذلك صح التوكيل والتزويج (قوله: ولو قالت امرأة) أي رشيدة خلية من النكاح ومن العدة (قوله: الآن) متعلق بتزويجي.
وقوله وبعد طلاقي: معطوف على الآن: أي أذنت لك في تزويجي الآن وفي تزويجي إذا طلقني هذا الزوج وانقضت عدتي منه: فالمأذون فيه شيئان: التزويج الآن، والتزويج بعد طلاقها وانقضاء عدتها (قوله: صح تزويجه) أي إياها، فالإضافة من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف.
وقوله بهذا الإذن: أي الواقع الآن.
وقوله ثانيا: أي بعد تزويجها أولا وطلاقها وانقضاء عدتها تبعا لتزويجه الواقع أولا.
وتقدم في باب الوكالة اضطراب في ذلك، وأن الذي
رجحه في الروضة في النكاح الصحة (قوله: فلو وكل الولي أجنبيا بهذه الصفة) أي بهذه الحالة بأن قال له وكلتك الآن في تزويج موليتي لمن أراد أن يتزوجها وبعد طلاقها وانقضاء عدتها.
وقوله صح تزويجه أي الوكيل.
وقوله ثانيا: أي بعد تزويجها أولا وطلاقها وانقضاء عدتها.
وقوله أيضا: كما صح تزويج الولي ثانيا (قوله: لأنه الخ) علة لصحة تزويج الولي والوكيل ثانيا، والضمير يعود على من ذكر منهما وإن كان صنيعه يفيد أنه علة للصحة في الثاني.
وقوله وإن لم يملكه.
أي التزويج ثانيا.
وقوله حال الإذن أي وقت إذنها له في التزويج.
وقوله لكنه: أي التزويج ثانيا تابع لما ملكه وهو التزويج أولا، فلذلك صح لأنه رب شئ يصح تبعا، ولا يصح استقلالا.
ومفاد ما ذكر أنها لو أذنت لوليها أن يزوجها إذا طلقت وانقضت عدتها أو وكل الولي من يزوج موليته إذا طلقت وانقضت عدتها لم يصح التزويج في الصورتين.
لأنه لم يقع تبعا لغيره وهو مسلم في الثانية دون الأولى، كما في النهاية، ونصها: ويصح إذنها لوليها أن يزوجها إذا طلقها زوجها وانقضت عدتها لا توكيل الولي لمن يزوج موليته كذلك لأن تزويج الولي بالولاية الشرعية وتزويج الوكيل بالولاية الجعلية، وظاهر أن الأولى أقوى من الثانية فيكتفي فيها بما لا يكتفي في الجعلية، ولأن باب الإذن أوسع من باب الوكالة.
اه.
ومثله في التحفة.
وقوله بالولاية الشرعية: أي المستفادة من جهة الشرع بعد إذنها له (قوله: ولو أمر القاضي) أما غيره فلا يصح منه ذلك مطلقا.
وقوله قبل استئذانها: أي إذنها وقوله فيه: أي في التزويج.
وقوله فزوجها: أي ذلك الرجل بعد أمر القاضي.
رجلا بتزويج من لا ولي لها قبل استئذانها فيه فزوجها بإذنها جاز بناء على الاصح إن استنابته في شغل معين استخلاف لا توكيل.
(فرع) لو استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف استخلاف لا توكيل الكتاب فقط بل يشترط اللفظ عليه منه، وليس للمكتوب إليه الاعتماد على الخط.
هذا ما في أصل الروضة.
وتضعيف البلقيني له مردود بتصريحهم بأن الكتابة
وحدها لا تفيد في الاستخلاف، بل لا بد من إشهاد شاهدين على ذلك: قاله شيخنا في شرحه الكبير.
(و) يجوز (لزوج توكيل في قبوله) أي النكاح فيقول وكيل الولي للزوج زوجتك فلانة بنت فلان ابن فلان ثم يقول موكلي أو وكالة عنه إن جهل الزوج أو الشاهدان وكالته وإلا لم يشترط ذلك وإن حصل العلم بأخبار الوكيل.
ويقول الولي
ــ
وقوله بإذنها: أي للرجل المأمور بالتزويج.
وقوله جاز: أي صح التزويج منه (قوله: بناء على الأصح الخ) أما إن بنينا على خلاف الأصح من أن استنابته في شغل معين توكيل لا استخلاف فلا يصح تزويجه لعدم صحة تقدم التوكيل على الإذن منها.
(وقوله: أن استنابته) أي القاضي.
(وقوله: في شغل معين) أي كتحليف وسماع شهادة.
(وقوله: استخلاف) أي يجري مجرى الاستخلاف، كما في شرح الروض، (قوله: لو استخلف القاضي) أي الذي ليس هناك ولي غيره (قوله: لم يكف الكتاب) أي كتاب القاضي بالاستخلاف.
وقوله فقط: أي من غير لفظ (قوله: بل يشترط اللفظ) أي التلفظ بالاستخلاف.
(وقوله: عليه) أي على الكتاب، أي زيادة عليه، وقوله منه: متعلق باللفظ، والضمير يعود على القاضي (قوله: وليس للمكتوب إليه) أي من كتب له القاضي بأن يزوج فلانة.
(وقوله: الاعتماد على الخط) أي خط القاضي وحده (قوله: هذا) أي ما ذكر من أنه ليس للمكتوب إليه الاعتماد على الخط (قوله: وتضعيف البلقيني له) أي لما في أصل الروضة (قوله: مردود) خبر تضعيف.
وقوله بتصريحهم.
أي الفقهاء.
وقوله بأن الكتابة وحدها.
أي من غير إشهاد
بما تضمنته الكتابة بدليل ما بعده (قوله: لا تفيد) أي لا تكفي وحدها (قوله: بل لا بد من إشهاد شاهدين على ذلك) أي على الاستخلاف الذي تضمنه الكتاب.
ثم إن هذا يفيد أن التلفظ بالاستخلاف مع الكتابة فقط لا يكفي، بل لا بد من الشهود على ذلك، وما تقدم يفيد الاكتفاء به.
فانظره (قوله: ويجوز لزوج توكيل في قبوله) أي كما يجوز للولي أن يوكل في تزويج موليته، ويجوز أيضا لهما معا أن يوكلا في ذلك فيقول وكيل الولي زوجت بنت فلان بن فلان، ويقول وكيل الزوج قبلت نكاحها له (قوله: فيقول وكيل الخ) شروع في بيان لفظ الوكيل ولفظ الولي مع وكيل الزوج.
(وقوله: زوجتك فلانة بنت فلان بن فلان) أي ويرفع نسبه إلى أن يحصل التمييز، ويكفي الاقتصار على فلانة أو بنت فلان إن حصل التمييز به (قوله: ثم يقول) أي وكيل الولي وجوبا بعد قوله ابن فلان.
(وقوله: أو وكالة عنه) أو للتخيير: أي هو مخير بين أن يقول موكلي أو يقول وكالة عنه.
وقوله إن جهل إلخ: قيد في اشتراط أن يقول الوكيل أحد اللفظين المذكورين (قوله: وإلا) أي وإن لم يجهلوها بأن علموها.
وقوله لم يشترط ذلك: أي قوله موكلي أو وكالة عنه، ومثله يقال فيما يأتي في وكيل الزوج، فلا بد من التصريح بالوكالة: بأن يقول قبلت نكاحها لفلان موكلي أو وكالة عنه إن جهلها الولي أو الشهود، وإلا فلا يشترط ذلك.
ثم أن الاشتراط المذكور إنما هو لجواز المباشرة، لا لصحة العقد، فيصح مع الجهل الوكالة، لكن مع الحرمة.
وعبارة التحفة.
(تنبيه) ظاهر كلامهم أن التصريح بالوكالة فيما ذكر شرط لصحة العقد وفيه نظر واضح: لقولهم العبرة في العقود حتى في النكاح بما في نفس الأمر، فالذي يتجه أنه شرط لحل التصرف لا غير.
اه.
(قوله: وان حصل العلم الخ) أي لا يشترط التصريح بالوكالة إذا علموا بها وإن حصل علمهم لذلك بأخبار الوكيل بالوكالة بأن أخبرهم من قبل العقد بأنه وكيل الولي في التزويج (قوله: ويقول الولي الخ) كان الأولى للمؤلف أن يذكر هذا عقب المتن بأن يقول فيقول الولي الخ لأنه هو المرتب عليه، وأما قوله أو لا فيقول وكيل الولي الخ فليس مفرعا على المتن.
نعم: هو مفرع على قوله سابقا ويجوز لمجبر توكيل في تزويج موليته فكان الأولى تقديمه عنده.
وقوله لوكيل الزوج: مثل وكيله وليه.
وقوله فلان بن
لوكيل الزوج زوجت بنتي لفلان بن فلان، فيقول وكيله كما يقول ولي الصبي حين يقبل النكاح له قبلت نكاحها له.
فإن ترك لفظة له فيهما لم يصح النكاح وإن نوى الموكل أو الطفل كما لو قال زوجتك بدل فلان لعدم التوافق، فإن ترك لفظة له في هذه انعقد للوكيل وإن نوى موكله.
(فروع) من قال أنا وكيل في تزويج فلانة فلمن صدقه قبول النكاح منه ويجوز لمن أخبره عدل بطلاق فلان أو موته أو توكيله أن يعمل به بالنسبة لما يتعلق بنفسه وكذا خطه الموثوق به، وأما بالنسبة لحق الغير أو لما
ــ
فلان: أي وهو الزوج، فلو تركه وأتى بكاف الخطاب بدله، بأن قال زوجتك بنتي، لم يصح: كما سيصرح به (قوله: فيقول وكيله) أي الزوج ومقتضى التعبير بفاء التعقيب أنه لا يجوز تقديم القبول على الإيجاب، وليس كذلك: بل يجوز تقديم القبول عليه: بأن يقول وكيل الزوج قبلت نكاح فلانة بنتك لفلان، ويقول الولي زوجتها له (قوله: كما يقول ولي
الصبي) أي يقول قولا نظير قول ولي الصبي إذا أراد قبول النكاح للصبي (قوله: قبلت نكاحها له) الجملة تنازعها يقول الأولى ويقول الثانية فتجعل مقولة لأحدهما ويحذف نظيرها من الآخر.
والمراد بالنكاح الإنكاح وهو التزويج لأنه هو الذي يقبله الزوج، وليس المراد به المراكب من الإيجاب والقبول: إذ يستحيل قبوله، كما تقدم (قوله: فإن ترك) هو بالبناء للمعلوم، والضمير يعود على المذكور من الوكيل والولي.
ويصح بناؤه للمجهول وما بعده نائب فاعله.
وقوله فيهما: أي في الصورتين صورة قبول وكيل الزوج وصورة قبول ولي الصبي (قوله: لم يصح النكاح) جواب إن، وذلك لعدم التوافق بين الإيجاب والقبول (قوله: وإن نوي) بالبناء للمجهول وما بعده نائب فاعل، ويصح أن يكون بالبناء للمعلوم أيضا، كالذي قبله، والكلام هنا على التوزيع: أي وإن نوى الوكيل الموكل في الصورة الأولى أو الولي الطفل في الصورة الثانية (قوله: كما لو قال إلخ) أي كما لا يصح النكاح لو قال الولي لوكيل الزوج أو وليه زوجتك بنتي، بكاف الخطاب، وقوله بدل فلان: حال من مقدر، والتقدير زوجتك، بكاف الخطاب، حال كونها بدل فلان: أي الاسم الظاهر (قوله: لعدم التوافق) علة لعدم صحة النكاح فيما لو تركت لفظة له، وعدم صحته فيما لو أبدل الاسم الظاهر بكاف الخطاب: أي وإنما لم يصح النكاح فيما إذا تركت لفظة له وفيما إذا أتى بكاف الخطاب بدل الاسم الظاهر لعدم التوافق بين الإيجاب والقبول الذي هو شرط في صحته، وذلك لأن الإيجاب الصادر من الولي زوجت بنتي فلان ابن فلان والقبول الصادر من وكيل الزوج أو ولي الصبي قبلت نكاحها بإسناد النكاح إلى نفسه فلم يتوافقا، وكذلك فيما إذا قال الولي لوكيل الزوج أو وليه زوجتك بنتي، أو قال الوكيل أو الولي قبلت نكاحها له فإنهما لم يتوافقا (قوله: فإن ترك لفظة له) بالبناء للمجهول أو للمعلوم والفاعل وكيل الزوج أو وليه: أي ترك وكيل الزوج أو وليه لفظة له في القبول عنه بأن قال قبلت نكاحها فقط.
وقوله في هذه: أي فيما إذا قال الولي له زوجتك بكاف الخطاب، بدل الاسم الظاهر.
وانظر ما متعلق الجر والمجرور؟ فإنه لا يصح جعله لفظ ترك لأنه يصير المعنى فإن ترك لفظة له في هذه وهي زوجتك بنتي لأنه لم يترك شيئا منها.
ثم ظهر أن في الكلام اختصارا، والأصل فإن ترك لفظة له في القبول المقابل لهذه الحالة (قوله: انعقد) أي النكاح وهو جواب إن.
وقوله وإن نوى موكله: غاية لانعقاد النكاح للوكيل: أي ينعقد النكاح له وإن نوى الوكيل بقوله قبلت نكاحها جعل النكاح واقعا للموكل.
وإنما لم ينعقد للموكل إذا نواه لأن الشهود لا مطلع لهم على النية.
وفي المغني ما نصه: ولا يقع العقد للموكل بالنية، بخلاف البيع: لأن الزوجين هنا بمثابة الثمن والمثمن في البيع.
فلا بد من ذكرهما، ولأن البيع يرد على المال وهو يقبل النقل من شخص لآخر فيجوز أن يقع للوكيل ثم ينتقل للموكل والنكاح يرد على البضع وهو لا يقبل
النقل، ولأن إنكار الموكل في نكاحه للوكالة يبطل النكاح بالكلية.
بخلاف البيع لوقوعه للوكيل.
اه.
(قوله: فروع) لم يذكر إلا فرعين فكان الأولى أن يقول فرعان (قوله: من قال أنا وكيل في تزويج فلانة) أي والموكل له الولي خاصا أو عاما (قوله: فلمن الخ) الفاء واقعة في جواب الشرط، والجار والمجرور خبر مقدم، وقبول النكاح مبتدأ مؤخر.
وقوله صدقه: الضمير البارز يعود على من قال أنا وكيل.
ومثله ضمير منه (قوله: ويجوز لمن أخبره عدل) صنيعه يفيد أن من واقعة على غير الحاكم لأنه ذكر حكم الحاكم بقوله، أو لما يتعلق بالحاكم (قوله: بطلاق فلان) أي لزوجته.
وقوله أو موته: أي أو
يتعلق بالحاكم فلا يجوز اعتماد عدل ولا خط قاض من كل ما ليس بحجة شرعية (فرع: يزوج عتيقة امرأة حية) عدم ولي عتيقتها نسبا (وليها) أي المعتقة تبعا لولايته عليها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها بترتيب الاولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ما دامت حية (بإذن عتيقة) ولو لم ترض المعتقة: إذ لا ولاية لها، فإذا ماتت المعتقة، زوجها
ــ
أخبره بموت فلان.
وقوله أو توكيله: الإضافة من إضافة المصدر لفاعله، أي أو أخبره عدل بتوكيل فلان إياك مثلا (قوله: أن يعمل به) أي بخبر العدل.
وقوله بالنسبة لما يتعلق بنفسه: أي بالنسبة للأمر الذي يتعلق بنفس المخبر، بفتح الباء، كأن علق عتق عبده أو طلاق زوجته مثلا على طلاق فلان زوجته أو على موته مثلا، فإذا صدق العدل في خبره عتق عليه عبده وطلقت عليه زوجته (قوله: وكذا خطه) أي وكذا يجوز له أن يعمل بخط العدل بالنسبة لما يتعلق بنفسه، وهذا لا ينافي ما تقدم من أنه لا يجوز للمكتوب إليه الاعتماد على الخط لأن ذلك فيما يتعلق بغيره، بخلاف ما هنا (قوله: وأما بالنسبة لحق الغير) أي للحق الذي يتعلق بالغير وقوله أو لما يتعلق بالحاكم: أي أو بالنسبة للأمر الذي يتعلق بالحاكم والأمر الذي يتعلق به هو الحكم على الغير، والأولى والأخصر حذفه وجعل من، في قوله لمن أخبره، واقعة على الحاكم وغيره، وذلك لأن التفصيل الجاري في غير الحاكم من كونه له العمل بخبر العدل بالنسبة لنفسه لا بالنسبة للغير يجري أيضا في الحاكم وقوله فلا يجوز اعتماد عدل: إظهار في مقام الإضمار، والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله: أي فلا يجوز أن يعتمد كل من المخبر، بالفتح، ومن الحاكم على مقتضى صنيعه خبر العدل في ذلك: كما إذا أخبر عدل الولي أن فلانا طلق موليتك أو مات عنها فلا يجوز له أن يزوجها بذلك الخبر، أو كان إنسان وصيا على تبرعات فأخبره أن موصيه قد مات فلا يجوز له أن يعتمد ذلك ويقسم تلك التبرعات لأن ما ذكر حق يتعلق بالغير، لا به نفسه، ومثله في ذلك الحاكم فلو أخبره عدل بأن فلانا طلق زوجته أو مات فلا يجوز له أن يعمل بمقتضى ذلك، كأن يقسم التركة أو يزوجه إذا أذنت له فيه.
وقوله ولا خط قاض، ولو قال ولا خطه، أي العدل، بالضمير: قاضيا كان أو غيره، لكان أولى.
وقوله من كل ما ليس بحجة شرعية، بيان للعدل والخط، والحجة الشرعيه هنا رجلان (قوله: فرع) الأولى فروع، بصيغة الجمع، وهي في بيان تزويج العتيقة والأمة (قوله: يزوج عتيقة امرأة الخ) تقرأ عتيقة بالنصب على أنه مفعول مقدم وقوله وليها، فاعل
مؤخر.
وقوله امرأة: قيد خرج به عتيقة الرجل، فهو الذي يزوجها ثم عصبته، كما تقدم بيانه.
وقوله حية: صفة لامرأة، وهو قيد أيضا خرج به ما إذا كانت ميتة فإن الذي يزوج عتيقتها ابنها، كما سيصرح به، وقوله عدم ولي عتيقتها نسبا: أي فقد حسا أو شرعا ولي العتيقة من جهة النسب، وهو قيد أيضا خرج به ما إذا لم يفقد فإن الذي يزوجها الأقرب.
فالأقرب من الأولياء على ما تقدم من الترتيب، فلا يزوجها أولياء المعتقة إلا بعد فقد أولياء النسب.
(والحاصل) أن الذي يزوج العتيقة عند فقد أوليائها نسبا هو ولي المعتقة، ويستثنى من طرد ذلك ما لو كانت المعتقة ووليها كافرين والعتيقة مسلمة فإن الذي يزوجها حينئذ الحاكم، ومن عكسه ما لو كانت المعتقة مسلمة ووليها والعتيقة كافرين فيزوج الولي العتيقة، وإن كان لا يزوج المعتقة (قوله: تبعا لولايته عليها) أي أن ولي المعتقة يزوج العتيقة بطريق التبعية لولايته على نفس المعتقة.
وعبارة شرح التحرير: لأنه لما انتفت ولاية المرأة للنكاح استتبعت الولاية عليها الولاية على عتيقتها.
اه.
(قوله: فيزوجها) أي العتيقة وهو بيان للولي.
وقوله ثم جدها، أي المعتقة.
والمراد به أبو أبيها وإن علا، ولو عبر به، كما تقدم، لكان أولى.
لأن الجد شامل لما كان من جهة الأم مع أنه لا ولاية له (قوله: بترتيب الأولياء) الباء بمعنى على متعلقة بمحذوف: أي ثم تجري من بعد الأب والجد على ترتيب الأولياء في الإرث، فيقدم أخ شقيق على أخ الأب وهكذا الخ ما تقدم (قوله: ولا يزوجها ابن المعتقة ما دامت حية) أي لأنه لا يكون وليا للمعتقة لما تقدم أنه لا يزوج ابن ببنوة فلا يكون وليا لعتيقتها (قوله: بإذن عتيقة) متعلق بقوله يزوج: أي يزوجها بإذنها، ويكفي سكوتها إن كانت بكرا (قوله: ولو لم ترض المعتقة) غاية في التزويج بإذنها: أي يزوج العتيقة بإذنها سواء رضيت المعتقة أم لا.
وذلك لأن رضاها غير معتبر لأنه لا ولاية لها ولا إجبار، فلا فائدة له.
وقيل يعتبر رضاها لأن الولاء لها
ابنها (و) يزوج (أمة) امرأة (بالغة) رشيدة (وليها) أي ولي السيدة (بإذنها وحدها) لانها المالكة لها، فلا يعتبر إذن الامة لان لسيدتها إجبارها على النكاح.
ويشترط أن يكون إذن السيدة نطقا وإن كانت بكرا (و) يزوج (أمة صغيرة بكر أو صغير أب) فأبوه (لغبطة) وجدت كتحصيل مهر أو نفقة (لا يزوج عبدهما) لانقطاع كسبه عنهما - خلافا لمالك - إن ظهرت مصلحة ولا أمة ثيب صغيرة لانه لا يلي نكاح مالكتها.
ولا يجوز للقاضي أن يزوج أمة الغائب
ــ
والعصبة إنما يزوجون بإدلائهم بها، فلا أقل من مراجعتها (قوله: فإذا ماتت المعتقة زوجها ابنها) أي ثم أبوها على ترتيب عصبات الولاء، ولو قال ولو ماتت المعتقة زوج عتيقتها من له الولاء عليها لكان أولى، لشموله لجميع ذلك قوله ويزوج أمة لما بين حكم تزويج العتيقة شرع في بيان حكم تزويج الأمة غير العتيقة.
وقوله امرأة: قيد خرج به أمة الرجل فإنه هو الذي يزوجها.
وقوله بالغة رشيدة: نعتان لامرأة.
ولو اقتصر على الثانية لكان أولى لإغنائها عن الأولى وذكر محترز الأولى بقوله ويزوج أمة صغيرة ولم يذكر محترز الثانية وهو المجنونة والمحجور عليها بسفه فيزوج أمتهما ولي مال ونكاح لهما من أب وإن علا وسلطان، لكن تزوج أمة السفيهة إلا بإذنها كأمة السفيه، إذ لا فرق، كما يستفاد من عبارة شرح المنهج، ونصها
مع الأصل: ولولي نكاح ومال من أب وإن علا وسلطان تزويج أمة موليه من ذي صغر وجنوه وسفه ولو أنثى بإذن ذي السفه اكتسابا للمهر والنفقة.
بخلاف عبده أي المولي لما فيه من انقطاع اكتسابه عنه.
اه.
وخرج بقوله ولي نكاح الأمة المملوكة لصغيرة عاقلة ثيب فلا تزوج أصلا لأنها تابعة لسيدتها وهي لا تزوج أصلا: إذ لا يلي نكاحها أحد حينئذ.
كما تقدم، وكما قال ابن رسلان: وثيب زواجها تعذرا وخرج به أيضا الأمة المملوكة لصغير وصغيرة بكر فيزوجها ما عدا السلطان من الأب والجد، وأما السلطان فلا يزوجها لأنه لا يلي نكاحهما حينئذ فلا يلي نكاح أمتهما، بخلاف الأب والجد فإنهما يليان نكاحهما فيليان نكاح أمتهما تبعا.
وسيصرح المؤلف ببعض ما ذكر (قوله: وليها) أي مطلقا، أصلا كان أو غيره، وهو فاعل يزوج (قوله: بإذنها) أي السيدة.
وقوله وحدها: حال من المضاف إليه: أي حالة كونها متوحدة في الإذن، أي منفردة به فلا يعتبر إذن الولي ولا إذن الأمة، كما سيصرح بهذا، وليس للأب إجبار أمتها على النكاح وإن كان له إجبار سيدتها عليه (قوله: لأنها) أي السيدة، وهو علة لكون التزويج يكون بإذنها وحدها.
وقوله المالكة لها: أي للأمة (قوله: فلا يعتبر الخ) تفريع على اشتراط إذن السيدة وحدها: أي وإذا اشترط إذن السيدة وحدها فلا يعتبر إذن الأمة لو لم تأذن السيدة (قوله: لأن لسيدتها إجبارها على النكاح) أي فلا فائدة حينئذ في إذن الأمة (قوله: ويشترط) أي في صحة إذنها.
وقوله نطقا: أي إن كانت ناطقة فإن كانت خرساء فيكفي في إذنها إشارتها المفهمة.
وقوله وإن كانت بكرا: غاية في اشتراط الإذن نطقا: أي يشترط ذلك وإن كانت السيدة بكرا، وذكر لأنها لا تستحي في تزويج أمتها (قوله: ويزوج أمة صغيرة) هو تركيب إضافي.
وقوله بكر: صفة للمضاف إليه.
وسيأتي محترزه (قوله: أو صغير) بالجر معطوف على صغيرة: أي أو أمة صغيرة (قوله: أب) فاعل يزوج.
وقوله فأبوه: أي فقط لأن لهما إجبار سيديهما فجاز لهما إجبارهما تبعا لسيديهما فلا يزوجهما غيرهما من السلطان ونحوه من بقية الأولياء (قوله: لغبطة) متعلق بيزوج: أي يزوجانها عند وجود غبطة، أي منفعة للسيدة أو السيد (قوله: كتحصيل مهر الخ) تمثيل للغبطة.
قال في المغني، وقيل لا يزوجها، أي الأب والجد، لأنه قد تنقص قيمتها، وقد تحبل فتهلك.
اه.
(قوله: لا يزوج عبدهما) أي الصغيرة والصغير: أي والمجنون والسفيه ذكرا أو أنثى.
وهذا مفهوم قوله أمة (قوله: لانقطاع كسبه عنهما) أي عن الصغيرة والصغير فلم يكن لهما مصلحة في التزويج حينئذ.
قال في التحفة: ولم ينظروا إلى أنها ربما تظهر مع تزويجه لندرته اه.
(قوله: خلافا لمالك) رضي الله عنه: أي فإنه قال بجواز
تزويج عبدهما إن ظهرت مصلحة فيه، وذلك بأن يكون إذا تزوج يكتسب ما يكفي زوجته ويكفيهما، وإذا لم يتزوج ربما انقطع عن ذلك بسبب ما يتولد عنه من الأمراض (قوله: ولا أمة ثيب صغيرة) محترز قوله بكرى أي ولا يزوج الأب فأبوه
وإن احتاجت إلى النكاح وتضررت بعدم النفقة.
نعم: إن رأى القاضي بيعها لان الحظ فيه للغائب من الانفاق عليها باعها (و) يزوج (سيد) بالملك ولو فاسقا (أمته) المملوكة كلها له لا المشتركة ولو باغتنام بينه وبين جماعة أخرى بغير رضا جميعهم (ولو) بكرا (صغيرة) أو ثيبا غير بالغة أو كبيرة بلا إذن منها لان النكاح يرد على منافع
البضع وهي مملوكة له وله إجبارها عليه لكن لا يزوجها لغير كفء بعيب مثبت للخيار أو فسق أو حرفة دنيئة إلا برضاها، وله تزويجها برقيق ودنئ نسب لعدم النسب لها.
وللمكتب لا لسيده تزويج أمته إن أذن له سيده فيه.
ــ
أمة ثيب صغيرة.
ومحله ما لم تكن مجنونة، وإلا جاز لهما أن يزوجا أمتها لأنهما يليان مالها ونكاحها (قوله: لأنه لا يلي نكاح مالكتها) أي فلا يلي نكاح أمتها بالأولى.
(والحاصل) أنه يشترط فيمن يلي نكاح الأمة أن يكون ولي مال مالكتها ونكاحها فيزوج أمة الصغيرة البكر والصغيرة الأب فأبوه لأنهما يليان نكاح السيدة أو السيد فيليان نكاح أمتهما تبعا، ويزوج أمة الرشيد وليها مطلقا ولو السلطان لأنه يلي نكاحها لكن بإذنها، ولا يزوج أمة الثيب الصغيرة الأب والجد والسلطان وغيرهم لهم لا يلوون نكاح السيدة فلا يلوون نكاح أمتها (قوله: ولا يجوز للقاضي أن يزوج أمة الغائب) وذلك لأن الولاية عليها من جهة الملك فهي قاصرة على المالك فلا تنتقل للقاضي عند غيبته (قوله: نعم إن رأى القاضي بيعها) مفعول رأى الثاني محذوف: أي أصلح.
وقوله لأن الحظ الخ: علة الصلاحية التي رآها القاضي.
وقوله فيه: أي في البيع، وقوله الغائب: أي المالك الغائب، وقوله من الإنفاق عليها: متعلق بالحظ، وأصله الأحظ: أي الأحظ له من الإنفاق عليها.
ولو قال لأنه أحظ له من الإنفاق لكان أولى (قوله: باعها) جواب إن (قوله: ويزوج سيد بالملك) أي لا بالولاية، وذلك لأن التصرف فيما يملك استيفاؤه، ونقله إلى الغير إنما يكون بحكم الملك كاستيفاء المنافع ونقلها بالإجارة.
اه.
تحفة (قوله: ولو كان فاسقا) أي ولو كان السيد فاسقا.
وذلك لأن الفسق يمنع الولاية لا الملك، وتزويج السيد ليس بالولاية وإنما هو بالملك (قوله: أمته) أي ولو كانت كافرة أو كانت محرمة عليه كأخته.
وقوله المملوكة كلها له: أي لسيدها (قوله: لا المشتركة) أي لا يزوج المشتركة وهو مفهوم.
قوله المملوكة كلها.
وقوله ولو باغتنام: أي ولو حصل الاشتراك بسبب الاغتنام بأن غنم جماعة أمة، فهي مشتركة بينهم.
وقوله بينة: متعلق بالمشتركة (قوله: بغير رضا جميعهم) أي لا يجوز تزويجها بغير رضا جميع المالكين لها، أما مع رضاهم فيجوز (قوله: ولو بكرا صغيرة) الغاية للتعميم، لا المرد، إذ لا خلاف فيه.
ولو قال، كما في المنهاج بدلها بأي صفة كانت، أي صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا رشيدة أو غيرها، لكان أولى.
وقوله أو كبيرة: أي بكرا أو ثيبا.
وقوله بلا إذن منها: أي الكبيرة، والأولى إسقاطه أو إسقاط قوله بعد وله إجبارها الخ، وذلك لأن أحدهما يغني عن الآخر.
وفي المنهج والمنهاج الاقتصار على الثاني، وهو ظاهر (قوله: لأن النكاح الخ) علة لكونه أن يزوجها بلا إذن منها (قوله:
وهي) أي المنافع.
وقوله مملوكة له: أي والمالك يفعل في ملكه ما يشاء سواء رضي به المملوك أم لا (قوله: له إجبارها عليه) أي النكاح للعلة المارة آنفا، ومحله في غير المبعضة والمكاتبة، أما هما فلا يجبرهما عليه لأنهما في حقه كالأجنبيات، وفي غير المتعلق بها حق لازم كالرهن والجناية فليس للراهن تزويج المرهونة إلا على المرتهن أو بإذنه وليس للسيد تزويج الجانية المتعلقة برقبتها مال وهو معسر، وإلا صح، وكان اختيارا للفداء (قوله: لكن لا يزوجها لغير كفء الخ) لما كانت العلة المارة، وهي قوله لأن النكاح الخ وهي مملوكة له، توهم جواز تزويجها على غير كفء لها، كجواز بيعها عليه، أتى بالاستدراك المذكور لدفع هذا الإيهام.
وحاصله أن النكاح ليس كالبيع لأنه لا يقصد به التمتع، بخلاف النكاح، وعبارة المنهج وشرحه: وله إجبار أمته على نكاحها صغيرة كانت أو كبيرة بكرا أو ثيبا عاقلة أو مجنونة، لأن النكاح يرد على منافع البضع وهي مملوكة له وبهذا فارقت العبد لكن لا يزوجها بغير كفء بعيب أو غيره إلا برضاها، بخلاف البيع لأنه لا يقصد به التمتع.
اه.
(قوله: بعيب الخ) الباء سببية متعلقة بمحذوف واقع خبر المبتدأ محذوف: أي وعدم الكفاءة فيه بسبب عيب مثبت للخيار كجذام وبرص وجنون، أو بسبب فسق أو بسبب حرفة دنيئة (قوله: إلا برضاها) إلا أداة حصر والجار والمجرور متعلق بيزوجها: أي لا يزوجها إلا برضاها.
وقوله له: اللام بمعنى الباء متعلقة
ولو طلبت الامة تزويجها لم يلزم السيد لانه ينقص قيمتها قال شيخنا: يزوج الحاكم أمة كافر أسلمت بإذنه والموقوفة بإذن الموقوف عليهم - أي إن انحصروا وإلا لم تزوج فيما يظهر (ولا ينكح عبد) ولو مكاتبا (إلا بإذن سيده) ولو كان السيد أنثى سواء أطلق الاذن أم قيد بامرأة معينة أو قبيلة فينكح بحسب إذنه.
ولا يعدل عما أذن له
ــ
برضاها: أي رضاها بغير الكفء (قوله: وله) أي للسيد.
وقوله تزويجها برقيق: أي على رقيق.
وقوله ودنئ نسب: أي لأن الحق في الكفاءة في النسب لسيدها، لا لها، وقد أسقطه هنا بتزويجها على من ذكر.
وعبارة الروض وشرحه.
(فرع) لا يصح تزويج الأمة بمن به عيب مثبت للخيار للإضرار بها ويزوجها جوازا بغير رضاها ولو عربية من عربي دنئ النسب حرا كان أو عبدا.
وقضيته مع ما مر من أن بعض الخصال لا ينجبر ببعض أنه لا يزوجها إذا كان عربية من عجمي ولو حرا، بخلاف قول أصله ويزوجها من رقيق ودنئ النسب فإنه يقتضي أنه يزوجها منه، فينافي قوله فيما مر والأمة العربية بالحر العجمي: أي ولا يزوج الأمة العربية بالحر العجمي على هذا الخلاف: أي الخلاف، في انجبار بعض الخصال ببعض، كذا قاله الإسنوي، فعدول المصنف عن عبارة أصله إلى ما قاله لذلك والحق ما في الأصل ولا منافاة لأن الحق في الكفاءة في النسب لسيدها لا لها وقد أسقطه هنا بتزويجه لها ممن ذكر، وما مر محله إذا زوجها غير سيدها بإذن أو ولاية على مالكها لا يزوجها ممن لا يكافئها بسبب آخر.
أي غير دناءة النسب كعيب مثبت للخيار إلا برضاها وعليها تمكينه من نفسها لإذنها وله بيعها من العيب لأن الشراء لا يتعين للاستمتاع، ويلزمها تمكينه لأنها صارت
ملكه.
اه.
بتصرف (قوله: لعدم النسب لها) أي للرقيقة.
قال البجيرمي: أي لعدم النسب المعتبر وإن كانت شريفة لأن الرق يضمحل معه جميع الفضائل اه.
(قوله: وللمكاتب) أي كتابة صحيحة، والجار والمجرور خبر مقدم، وقوله تزويج أمته: مبتدأ مؤخر (قوله: لسيده) أي المكاتب، فلا يزوجها كما لا يزوج عبده لأن السيد مع المكاتب كالأجنبي (قوله: إن أذن له) أي المكاتب.
وقوله سيده: أي المكاتب، وقوله فيه: أي التزويج فإن لم يأذن له فيه لم يجز له ذلك كتبرعه.
قال ع ش: وإنما توقف تزويج المكاتب أمته على إذن السيد لأنه ربما عجز نفسه أو عجزه سيده فيعود هو وما في يده للسيد فاشترط إذن السيد له في التزويج وإذا زوج فهو مزوج عن نفسه لا عن سيده.
اه.
(قوله: ولو طلبت الأمة) أي من سيدها.
وقوله تزويجها: أي تزويج السيد إياها، فالإضافة من إضافة المصدر لمفعوله بعد حذف الفاعل (قوله: لم يلزم) أي التزويج السيد: أي لا يجير عليه وإن كانت محرمة عليه كأخته (قوله: لأنه) أي التزويج بنقص قيمتها: أي ولفوات استمتاعه بمن تحل له (قوله: يزوج الحاكم أمة كافر أسلمت) أي ولا يزوجها الكافر لأنه لا يملك التمتع بها أصلا بل ولا سائر التصرفات فيها سوى إزالة الملك عنها وكتابتها.
وعبارة الأنوار، ولا يزوج الكافر أمته المسلمة ومستولدته لتزلزل ملكه وعدم تسلطه على أهل الإسلام.
اه.
وقوله بإذنه: متعلق بيزوج، والضمير للكافر (قوله: والموقوفة الخ) أي ويزوج الحاكم الأمة الموقوفة على جماعة لكن بإذنهم إن انحصروا، وخرج بالموقوفة العبد الموقوف فلا يزوج بحال، إذ الحاكم وولي الموقوف عليه وناظر المسجد ونحوه لا يتصرفون إلا بالمصلحة، ولا مصلحة في تزويجه لما فيه من تعلق المهر والنفقة (قوله: وإلا) أي وإن لم ينحصروا.
وقوله لم تزوج فيما يظهر.
قال في النهاية: إنها تزوج بإذن الناظر فيما يظهر، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، (قوله: ولا ينكح عبد) أي لا يصح نكاحه.
وقوله ولو مكاتبا: أي أو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة أو مبعضا (قوله: إلا بإذن سيده) أي الرشيد غير المحرم نطقا ولو بكرا، وذلك لخبر: أيما مملوك تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وروى أبو داود: فنكاحه باطل اه.
شرح الروض (قوله: ولو كان السيد أنثى) أي ثيبا أو بكرا (قوله: سواء أطلق الإذن) أي إن النكاح بإذن السيد صحيح، سواء أطلق الإذن أم قيده، فهو تعميم لصحة النكاح بالإذن وإذا أطلق الإذن فله أن ينكحه حرة أو أمة ببلده وغيرها.
نعم للسيد منعه من الخروج إلى غير بلده.
(قوله: أم قيد بامرأة معينة) أي أم قيد السيد الإذن للعبد بنكاح امرأة معينة.
وقوله أو قبيلة: أي أو قيد الإذن له بنكاح امرأة من هذه القبيلة دون غيرها، ومثلها البلدة (قوله: فينكح بحسب إذنه) أي السيد، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر مرتبط بالشق الثاني: أعني أم قيد، أي وإذا قيد السيد الإذن بما ذكر فينكح
فيه مراعاة لحقه.
فإن عدل عنه لم يصح النكاح ولو نكح العبد بلا إذن سيده بطل النكاح.
ويفرق بينهما خلافا لمالك فإن وطئ فلا شئ عليه لرشيدة مختارة.
أما السفيهة والصغيرة فيلزم فيهما مهر المثل.
ولا يجوز للعبد ولو مأذونا في التجارة أو مكاتبا أن يتسرى وإن جاز له النكاح بالاذن لان المأذون له لا يملك ولضعف الملك في
ــ
بحسب إذنه له (قوله: ولا يعدل) أي العبد في نكاحه.
وقوله عما أذن: أي عن الأمر الذي أذن السيد.
وقوله له، أي للعبد.
وقوله فيه، أي في ذلك الأمر، فالضمير يعود على ما.
وقوله مراعاة لحقه: أي السيد، وهو تعليل لكونه ينكح بحسب الإذن ولا يعدل إلى غيره (قوله: فإن عدل عنه) أي عما أذن له فيه (قوله: لم يصح النكاح) أي وإن كانت المعدول إليها دونها مهرا وخيرا منها جمالا ونسبا ودينا وأقل مؤنة.
قال في التحفة: نعم لو قدر له مهرا فزاد عليه أو زاد على مهر المثل عند الإطلاق صحت الزيادة ولزمت ذمته فيتبع بها إذا عتق لأن له ذمة صحيحة.
اه.
(قوله: ولو نكح العبد بلا إذن سيده بطل النكاح) أي لحجره وللخبر المار.
قال في النهاية ومثله في التحفة: وقول الأذرعي يستثنى من ذلك ما لو منعه سيده فرفعه إلى حاكم يرى إجباره فأمره فامتنع فأذن له الحاكم أو زوجه فإنه يصح جزما، كما لو عضل الولي محل نظر، لأنه إن أراد صحته على مذهب ذلك الحاكم لم يصح الاستثناء أو على قولنا فلا وجه له.
اه.
وفي المغني: قال في الأم ولا أعلم من أحد لقيته ولا حكى لي عنه من أهل العلم اختلافا في أنه لا يجوز نكاح العبد إلا بإذن مالكه.
اه.
ولا ينافي قوله لا أعلم ما حكاه الرافعي عن أبي حنيفة أن نكاحه موقوف على إجازة السيد، وعن مالك أنه يصح وللسيد فسخه لأنه لم يبلغه ذلك.
اه.
(قوله: ويفرق بينهما) أي العبد وزوجته.
والذي يفرق هو الحاكم، كما يستفاد من عبارة ش ق (قوله: خلافا لمالك) أي في قوله بصحة نكاح العبد بلا إذن سيده، لكن للسيد فسخه، كما تقدم آنفا عن المغني، (قوله: فإن وطئ) أي العبد زوجته بهذا النكاح الباطل.
وقوله فلا شئ عليه لرشيدة مختارة: الذي في التحفة والنهاية أن عليه لها مهر المثل ويتعلق بذمته فقط، ولفظهما وإذا بطل لعدم الإذن تعلق مهر المثل بذمته فقط ويتجه أن محله في غير نحو الصغيرة، وإلا تعلق برقبته.
اه.
وما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى إنما هو في السفيه لا في العبد، كما هو صريح عبارة المنهاج، ونصها مع التحفة، ولو نكح السفيه بلا إذن فباطل، فإن وطئ منكوحته الرشيدة المختارة لم يلزمه شئ، أي حد، قطعا للشبهة، ومن ثم لحقه الولد ولا مهر ظاهرا ولو بعد فك الحجر وإن لم تعلم سفهه لأنها مقصرة بترك البحث مع كونها سلطته على بعضها، بخلافه باطنا بعد فك الحجر عنه، كما نص عليه في الأم، واعتمدوه، بخلاف صغيرة مجنونة ومكرهة ومزوجة بالإجبار ونائمة فيجب مهر المثل إذ لا يصح تسليطهن.
اه.
إذا علمت ذلك تعلم ما في كلامه من التخليط.
ثم رأيت في المغني نص على أن بعض الشارحين توهم أن العبد كالسفيه، ولعل شارحنا تبع هذا البعض في ذلك، ونص عبارته:
(تنبيه) قول المصنف باطل يقتضي أنه إذا وطئ لا يلزمه شئ كالسفيه، وليس مرادا، كما توهمه بعض الشارحين، بل يلزمه مهر المثل في ذمته، كما صرح به المصنف في نكاح العبد.
اه.
(قوله: أما السفيهة والصغيرة) أي ونحوهما من كل من ليست برشيدة مختارة مما تقدم.
وقوله فيلزم فيهما مهر المثل: أي ويتعلق برقبته، كما علمت (قوله: ولا يجوز للعبد) أي لا يصح ولو أذن له السيد فيه لأن العبد لا يملك ولو بتمليك سيده والتسري يفيد دخول المتسري بها في ملك المتسري.
وقوله ولو مأذونا في التجارة: أي ولو كان العبد مأذونا له في التجارة فلا يجوز له ذلك لأن التجارة لا تتناول ذلك.
وقوله أو مكاتبا: أي ولو مكاتبا (قوله: أن يتسرى) المصدر المؤول فاعل يجوز.
والتسري مطلق الوطئ، وشرعا يعتبر فيه ثلاثة أمور: الوطئ والإنزال ومنع الخروج.
والمراد به الأول لأن الرقيق يمنع من الوطئ، مطلقا، سواء وجد إنزاله ومنع الخروج أم لا، ولو عبر بيطأ، كما عبر به شيخ الإسلام، لكان أولى لئلا يوهم أن المراد به المعنى الشرعي مع أنه ليس كذلك.
فتنبه (قوله: لأن المأذون له) أي في التجارة وغيره بالأولى وهو علة لعدم جواز التسري بالنسبة لغير المكاتب.
وقوله لا يملك: أي ولو بتمليك سيده، كما علمت، لأنه ليس أهلا للملك، وأما الإضافة التي ظاهرها الملك في خبر الصحيحين: من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع فهي للاختصاص، لا
المكاتب.
ولو طلب العبد النكاح لا يجب على السيد إجابته ولو مكاتبا: ولا يصدق مدعي عتق من عبد أو أمة إلا بالبينة المعتبرة الآتي بيانها في باب الشهادة وصدق مدعي حرية أصالة بيمين ما لم يسبق إقرار برق أو لم يثبت لان الاصل الحرية.
فصل في الكفاءة وهي معتبرة في النكاح لا لصحته، بل لانها حق للمرأة والولي فلهما إسقاطها.
(لا يكافئ حرة) أصلية أو
ــ
للملك (قوله: ولضعف الملك) علة لعدم جواز التسري بالنسبة للمكاتب (قوله: ولو طلب العبد النكاح) أي من السيد (قوله: لا يجب على السيد إجابته) أي لأنه يشوش عليه مقاصد الملك وفوائده وينقص القيمة.
وقوله ولو مكاتبا: أي ولو كان العبد مكاتبا فلا تجب إجابته ومثله للبعض (قوله: ولا يصدق مدعي عتق) كان المناسب أن يقول، كعادته، فرع أو فرعان (قوله: من عبد أو أمة) بيان مدعي العتق (قوله: إلا بالبينة) أي فإنه يصدق بها (قوله: الآتي بيانها في باب الشهادة) عبارته هناك: والشهادة لما يظهر للرجال غالبا كالنكاح وطلاق وعتق رجلان لا رجل وامرأتان.
انتهت (قوله: وصدق مدعي حرية إلخ) يعني لو ادعى عليه بالرق وقال أنا حر أصالة صدق بيمينه وإن استخدمه قبل إنكاره وجرى عليه البيع مرارا أو تداولته الأيدي لموافقته الأصل وهو الحرية.
وقوله أصالة: أي لا بالعتق.
وقوله ما لم يصدق الخ: قيد لتصديقه بيمينه، أي يصدق بها ما لم يسبق منه وهو رشيد إقرار بالملك، وإلا صدق مدعي الرق.
وقوله أو لم يثبب: أي وما لم يثبت الرق ببينة تشهد برقة وإلا عمل بها.
ولو أقام هو أيضا بينة على حريته قدمت الأولى لأن معها زيادة علم بنقلها عن الأصل، وإذا ثبتت الحرية الأصلية رجع مشتريه على بائعة بثمنه وإن أقر المشتري له بالملك لأنه بناء على ظاهر اليد.
وسيذكر المؤلف هذه المسألة في باب الدعاوي والبينات بأبسط مما هنا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في الكفاءة أي في بيان خصال الكفاءة المعتبرة في النكاح لدفع العار والضرر.
وهي لغة: التساوي والتعادل.
واصطلاحا أمر يوجب عدمه عارا.
وضابطها مساواة الزوج للزوجة في كمال أو خسة ما عدا السلامة من عيوب النكاح (قوله: وهي) أي الكفاءة.
وقوله معتبرة في النكاح لا لصحته: أي غالبا، فلا ينافي أنها قد تعتبر للصحة، كما في التزويج بالإجبار، وعبارة التحفة: وهي معتبرة في النكاح لا لصحته مطلقا بل حيث لا رضا من المرأة وحدها في جب ولا عنة ومع وليها الأقرب فقط فيما عداهما.
اه.
ومثله في النهاية وقوله بل حيث لا رضا، مقابل قوله لا لصحته مطلقا، فكأنه قيل لا تعتبر للصحة على الإطلاق وإنما تعتبر حيث لا رضا.
اه.
ع ش.
(والحاصل) الكفاءة تعتبر شرط للصحة عند عدم الرضا، وإلا فليست شرطا لها (قوله: بل لأنها حق للمرأة) أستفيد منه أن المراعى فيها جانب الزوجة لا الزوج.
وقوله والولي: أي واحدا كان أو جماعة مستوين في الدرجة، فلا بد مع رضاها بغير الكفء من رضا سائر الأولياء به.
ولا يكفي رضا أحدهم دون الباقين، كما سيأتي في كلامه، (قوله: فلهما) أي المرأة والولي (قوله: إسقاطها) أي الكفاءة: أي ولو كانت شرطا لصحة العقد مطلقا لما صح حينئذ.
والمراد بالسقوط رضاهما بغير الكفء وذلك لانه صلى الله عليه وسلم زوج بناته من غير كفء ولا مكافئ لهن، وأمر فاطمة بنت قيس نكاح أسامة فنكحته وهو مولى وهي قرشية ولو كانت شرطا للصحة مطلقا لما صح ذلك (قوله: ولا يكافئ حرة الخ) شروع في بيان خصال الكفاءة.
والذي يؤخذ من كلامه متنا وشرحا أنها ست وهي الحرية والعفة والنسب والدين والسلامة من الحرف الدنيئة والسلامة من العيوب، وبعضهم عدها خمسا وأدرج العفة في الدين ونظمها بقوله: شرط الكفاءة خمسة قد حررت ينبيك عنها بيت شعر مفرد
عتيقة ولا من لم يمسها الرق أو آباءها أو الاقرب إليها منهم غيرها بأن لا يكون مثلها في ذلك ولا أثر لمس الرق في الامهات (ولا عفيفة) وسنية وغيرهما من فاسق ومبتدع، فالفاسق كفء للفاسقة: أي إن استوى فسقهما (و) لا (نسيبة) من عربية وقرشية وهاشمية أو مطلبية غيرها يعني لا يكافئ عربية أبا غيرها من العجم وإن كانت أمة
ــ
نسب ودين حرفة حرية فقد العيوب وفي اليسار تردد والراجح أنه لا يشترط، كما سيأتي، في كلامه، لأن المال غاد ورائح ولا يفتخر به أصحاب المروءات والبصائر.
وللعلامة مرعي الحنبلي: قالوا الكفاءة ستة فأجبتهم قد كان هذا في الزمان الأقدم
أما بنو هذا الزمان فإنهم لا يعرفون سوى يسار الدرهم ثم أن العبرة في هذه الخصال بحال العقد فلا يؤثر طروها بعده ما عدا الرق فإن طروه يبطل النكاح ولا وجودها مع زوالها قبله.
قال في التحفة: نعم ترك الحرف الدنيئة قبله لا يؤثر إلا إن مضت سنة.
كذا طلقه غير واحد، وهو ظاهر إن تلبس بغيرها بحيث زال عنه اسمها ولم ينسب إليه البتة، وإلا فلا بد من مضي زمن يقطع نسبتها عنه بحيث صار لا يعير بها.
وهل تعتبر السنة في الفاسق إذا تاب كالحرفة القياس؟ نعم: قال ثم رأيت ابن العماد والزركشي بحثا أن الفاسق إذا تاب لا يكافئ العفيفة: وينبغي حمله على ما إذا لم تمض سنة من توبته، وظاهر كلام بعضهم اعتماد إطلاقهما، لكن بالنسبة للزنا.
اه.
(قوله: حرة أصلية) مفعول يكافئ.
وقوله أو عتيقة: مقابل قوله أصلية (قوله: ولا من لا يمسها الرق) هو معنى قوله حرة أصلية، فكان عليه أن يقول ولا من لم يمس الرق آباءها أو الأقرب إليها منهم (قوله: غيرها) فاعل يكافئ وقدر الشارح عند كل صفة نظير هذا فيكون فاعل لفعل مقدر نظير المذكور وإن نظرت لأصل المتن ففاعل الفعل قوله بعد تتمة الصفات غير بالتنوين (قوله: بأن لا يكون) تصوير لكون الزوج غير مكافئ لها.
وقوله في ذلك.
أي فيما ذكر من كونها حرة أصلية الخ وذلك بأن تكون حرة أصلية وهو ليس كذلك بأن يكون رقيقا أو عتيقا، أو تكون هي عتيقة وهو رقيق أو تكون هي لم يمس آباءها الرق وهو مس آباء الرق، أو الأقرب إليها من الآباء لم يمسه الرق والأقرب إليه منهم مسه الرق: كأن يكون أبوه الثالث مسه الرق وأبوها الرابع مسه الرق، ففي جميع ذلك لا يكون كفأ لها (قوله: ولا أثر لمس الرق في الأمهات) أي لا يؤثر في الكفاءة مس الرق في الأمهات، فلو كانت حرة لم يمس أبويها الرق وهو كذلك لكن مس أمه الرق كافأها لأنه يتبع الأب في النسب لا الأم (قوله: ولا عفيفة الخ) أي ولا يكافئ عفيفة أي صالحة.
وقوله وسنية: أي غير مبتدعة.
وقوله وغيرهما: فاعل يكافئ.
أي لا يكافئهما غيرهما، وذلك لقوله تعالى: * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا؟ لا يستوون) * (1) وقوله من فاسق ومبتدع: بيان لغيرهما (قوله: فالفاسق الخ) تفريع على ما يفهم من كلامه وذلك لأنه يفهم من كون العفيفة ليست كفأ للفاسق أن الفاسقة كفء له (قوله: إن استوى فسقهما) أي اتحدا نوعا وقدرا، فإن زاد فسقه أو اختلف فسقهما نوعا، بأن يكون شارب الخمر وهي زانية لم يكافئها (قوله: ولا نسيبة) أي ولا يكافئ نسيبة.
وقوله من عربية وقرشية وهاشمية أو مطلبية: بيان للنسبية.
وقوله غيرها: فاعل يكافئ المقدر، أي لا يكافئ النسبية غير النسبية (2)، وقد بسط الكلام على ذلك في الروض وشرحه فلنذكره تكميلا للفائدة.
(ونصه) ولا يكافئ العربية والقرشية والهاشمية إلا مثلها: لشرف العرب على غيرهم، ولأن الناس تفتخر بأنسابهما
أتم فخار، ولخبر: قدموا قريشا ولا تقدموها رواه الشافعي بلاغا: أي بلفظ بلغني، ولخبر مسلم: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم وبنو
(1) سورة السجدة، الاية:18.
(2)
(قوله غير النسيبة) كذا في الاصل هنا ومثله فيما سيأتي، والمناسب غير النسيب: لان غير صفة لمذكر هو الزوج، كما هو ظاهر.
اه.
مصححه
عربية، ولا قرشية غيرها من بقية العرب، ولا هاشمية أو مطلبية غيرهما من بقية قريش.
وصح: نحن وبنو
المطلب شئ واحد فهما متكافئان.
ولا يكافئ من أسلم بنفسه من لها أب أو أكثر في الاسلام، ومن له أبوان لمن لها ثلاثة آباء فيه على ما صرحوا به، لكن حكى القاضي أبو الطيب وغيره فيه وجها أنهما كفآن واختاره
ــ
هاشم وبنو المطلب أكفاء، لخبر البخاري: نحن وبنو المطلب شئ واحد ومحله في الحرة.
ولو نكح هاشمي أو مطلبي أمة فأتت منه ببنت فهي مملوكة لمالك أمها فله تزويجها من رقيق ودنئ النسب، كما سيأتي، وأفهم كلامه ما صرح به في الروضة من أن موالي كل قبيلة ليسوا أكفاء لها فسائر العرب، أي باقيهم، أكفاء: أي بعضهم أكفاء بعض.
وقال الرافعي: مقتضى اعتبار النسب في العجم اعتباره في غير قريش من العرب، لكن ذكر جماعة أنهم أكفاء، وجرى النووي على ما انتصر له المصنف، فقال مستدركا على الرافعي ما ذكره الجماعة هو مقتضى كلام الأكثرين، وذكر إبراهيم المروزي أن غير كنانة لا يكافئها، واستبدل له السبكي بخبر مسلم السابق فحصل في كونهم أكفاء وجهان.
وقد نقل الماوردي عن البصريين أنهم أكفاء وعن البغداديين خلافة فتفضل مضر على ربيعة وعدنان على قحطان اعتبارا بالقرب منه صلى الله عليه وسلم، وتقدم عنه نظيره في قسم الفئ والغنيمة.
وهذا هو الأوجه: اه.
وجرى في الأنوار على أن غير قريش من العرب بعضهم كفء لبعض وعبارته الثالثة: النسب فالعجمي ليس كفؤا للعربية ولا غير القرشي للقرشية ولا غير الهاشمي والمطلبي للهاشمية أو المطلبية وهما كفآن، ويعتبر النسب في العجم كفي العرب وغير قريش من العرب بعضهم كفء بعض.
والعبرة في النسب بالآباء إلا في أولاد بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
اه.
(قوله: يعني لا يكافئ إلخ) تفصيل لما أجمله أولا بقوله ولا نسيبة غيرها (قوله: عربية أبا) أي من جهة الأب (قوله: غيرها) فاعل يكافئ.
وقوله من العجم بيان للغير.
(واعلم) أنه يعتبر النسب في العجم كما يعتبر في العرب، كما تقدم، فالفرس أفضل من القبط، وبنو إسرائيل أفضل من القبط (قوله: وإن كانت أمة عربية) أي فلا عبرة بها لما تقدم من الأنوار أن العبرة في النسب بالآباء (قوله: ولا قرشية غيرها) أي ولا يكافئ قرشية غيرها.
وقوله من بقية العرب: بيان لغيرها (قوله: ولا هاشمية أو مطلبية غيرهما) أي ولا يكافئ هاشمية أو مطلبية غيرها من بقية أصناف قريش كبني عبد شمس (قوله: وصح نحن وبنو المطلب شئ
واحد) وفي رواية: نحن وبنو المطلب هكذا: وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وخرج بقوله وبنو المطلب بنو عبد شمس ونوفل فليسوا وبنو هاشم سواء، لأن هؤلاء، وإن كانوا أولاد عبد مناف كبني هاشم والمطلب، إلا أنهم أخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم عن آله لإيذائهم (قوله: فهما) أي بنو هاشم وبنو المطلب وقوله متكافئان: أي فيكافئ ذكور أحدهما بنات الآخر (قوله: ولا يكافئ من أسلم الخ) هذه الخصلة هي التي عبرت عنها بالدين.
وقوله من لها أب: مفعول يكافئ، أي لا يكافئ الذي ليس له أب في الإسلام المرأة التي لها ذلك (قوله: ومن له أبوان) أي ولا يكافئ من له أبوان.
وقوله لمن لها: اللام زائدة، ومن: مفعول يكافئ (قوله: على ما صرحوا به) هو المعتمد، وإن كان صنيعه يفيد خلافه.
وقوله لكن الخ: ضعيف.
وقوله فيه: أي في المذكور الذي صرحوا فيه بعدم التكافؤ (قوله: أنهما) أي من أسلم بنفسه ومن لها أب أو أكثر ومن له أبوان ومن لها ثلاثة آباء في الإسلام (قوله: واختاره) أي هذا الوجه الروياني وجزم به صاحب العباب وعللاه بأنه يلزم على الوجه الأول أن الصحابي لا يكون كفؤا لبنت التابعي، وجزم في التحفة بالأول وقال: وما لزم عليه من أن الصحابي ليس كفؤ بنت تابعي صحيح لا زلل فيه لما يأتي أن بعض الخصال لا يقابل ببعض، فاندفع ما للأذرعي.
اه.
ومثله في النهاية والمغني، وعبارة المغني: فمن أسلم بنفسه ليس كفؤا لمن لها أب أو أكثر في الإسلام، ومن له أبوان في الإسلام ليس كفؤا لمن لها ثلاثة آباء فيه.
(فإن قيل) قضية هذا أن من أسلم بنفسه من الصحابة رضي الله عنهم لا يكون كفؤا لبنات التابعين وهذا مشكل وكيف لا يكون كفؤا لهن وهو أفضل الأمة؟
الروياني.
وجزم به صاحب العباب.
(و) لا (سليمة من حرف دنيئة)، وهي ما دلت ملابسته على انحطاط المروءة، غيرها، فلا يكافئ من هو أو أبوه حجام أو كناس أو راع بنت خياط ولا هو بنت تاجر، وهو من يجلب البضائع من غير تقييد بجنس، أو بزاز، وهو بائع البز ولا هما بنت عالم أو قاض عادل.
قال الروياني: وصوبه، الاذرعي ولا يكافئ عالمة جاهل، خلافا للروضة والاصح أن اليسار لا يعتبر في الكفاءة لان المال ظل زائل ولا
ــ
(أجيب) بأنه لا مانع من ذلك.
اه.
(قوله: ولا سليمة) أي ولا يكافئ سليمة.
وقوله من حرف، بكسر ففتح جمع حرفة: كقرب جمع قربة.
وقوله دنيئة: بالهمز وتركه (قوله: وهي الخ) بيان لضابط الحرف الدنيئة.
وقوله ما دلت ملابسته ما واقعة على الصنائع، وتذكير الضمير في قوله ملابسته باعتبار لفظ ما، والمعنى أن الحرف الدنيئة هي الصنائع التي دلت ملابستها.
أي مصاحبتها على انحطاط المروءة أي سقوطها (قوله: غيرها) فاعل يكافئ المقدر أي ولا يكافئ السليمة من الحرف الدنيئة غير السليمة.
وقد بسط الكلام على ما ذكر في الأنوار وعبارته: الخامسة الحرفة فأصحاب الحرف الدنيئة ليسوا بأكفاء للأشراف ولا لسائر المحترفة: فالكناس والحجام والفصاد والختان والقمام وقيم الحمام والحائك والحارس والراعي والبقار والزبال والنخال والإسكاف والدباغ والقصاب والجزار والسلاخ والحمال والجمال والحلاق
والملاح والمراق والهراس والفوال والكروشي والحمامي والحداد والصواغ والصباغ والدهان والدباس ونحوهم لا يكافئون ابنة الخياط والخباز والزراع والفخار والنجار ونحوهم.
وسلك المتولي الصراف والعطار في سلكهم، ويشبه أن يكون الصراف كالصواغ وأن يكون العطار كالبزاز والخياط لا يكافئ ابنة التاجر والبزاز والبياع والجوهري وهم لا يكافئون ابنة القاضي والعالم والزاهد المشهور والصنائع الشريفة بعضها أشرف ومن بعض كما تبين والدنيئة بعضها أدنأ من بعض.
فالذي سبب دناءته استعمال النجاسة: كالحجام والفصاد أدنى في الذي لا يستعملها كالخراز وشبهه.
وإذا شك في الشرف والدناءة أو في الشريف والاشرف أو الدنئ والأدنى فالمرجع إلى عادة البلد.
اه (قوله: فلا يكافئ من) هي اسم موصول فاعل يكافئ.
وقوله هو أو أبوه حجام: الجملة صلة الموصول (قوله: أو كناس) أي ولو للمسجد (قوله: أو راع) لا يرد أن الرعاية طريقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لأن الكلام فيمن أخذ الرعي حرفة يكتسب بها فقط، والأنبياء لم يتخذوه لذلك (قوله: بنت خياط) مفعول يكافئ وكان الأولى أن يسقط لفظ بنت، كما نص عليه البجيرمي، وعبارته، قوله بنت خياط، المناسب أن يقول لخياطة لأن الآباء لا تعتبر إلا بعد اتحاد الزوجين في الحرفة.
اه.
ح ل.
قال شيخنا العزيزي: ولم يقل ليس كفء خياطة مع أنه الملائم لما قبله للتنبيه على أن الحرفة تعتبر في الأصول كما تعتبر في الزوجين.
اه.
(قوله: ولا هو) أي ولا يكافئ: هو أي الخياط.
وقوله بنت تاجر: يأتي فيه وفيما بعده ما تقدم (قوله: وهو) أي التاجر.
وقوله من يجلب البضائع: أي يأتي بها من محلها إلى محل آخر ليبيعها فيه.
وقوله من غير تقييد بجنس: أي من البضائع كالرز (قوله: أو بزاز) بالجر عطف على تاجر: أي ولا يكافئ الخياط بنت بزاز (قوله: وهو) أي البزاز.
وقوله بائع البز: هو، بفتح الباء، القماش (قوله: ولا هما) أي ولا يكافئ التاجر والبزاز (قوله: بنت عالم أو قاض) قال في التحفة: الذي يظهر أن مرادهم بالعالم هنا من يسمى عالما في العرف وهو الفقيه والمحدث والمفسر لا غير، أخذا مما مر في الوصية، وحينئذ فقضيته أن طالب العلم وإن برع فيه قبل أن يسمى عالما يكافئ بنته الجاهل.
وفيه وقفة ظاهرة: كمكافأته لبنت عالم بالأصلين والعلوم العربية.
ولا يبعد أن من نسب أبوها لعلم يفتخر به عرفا لا يكافئها من ليس كذلك.
ويفرق بين ما هنا والوصية بأن المدار ثم على التسمية دون ما به افتخار؟ وهنا بالعكس، فالعرف هنا غيره ثم.
فتأمله.
اه (قوله: عدل) صفة لكل من العالم والقاضي، فلا عبرة بالفسق منهما، وفي شرح الرملي: وبحث الأذرعي أن العلم مع الفسق لا أثر له، إذ لا فخر له حينئذ في العرف فضلا عن الشرع.
وصرح بذلك في القضاء فقال إن كان القاضي أهلا فعالم وزيادة، أو غير أهل - كما هو الغالب في قضاة زمننا نجد الواحد منهم كقريب العهد بالإسلام - ففي النظر إليه
نظر، ويجئ فيه ما سبق في الظلمة المستولين على الرقاب، بل هو أولى منهم بعدم الإعتبار: لأن النسبة إليه عار، بخلاف الملوك ونحوهم.
ومثله في التحفة (قوله: خلافا للروضة) في التحفة ما نصه: في الروضة أن الجاهل يكافئ
يفتخر أهل المروءات والبصائر (و) لا سليمة حال العقد (من عيب) مثبت لخيار (نكاح) لجاهل به حالته كجنون
ــ
العالمة، وهو مشكل: فإنه يرى اعتبار العلم في آبائها، فكيف لا يعتبره فيها؟ إلا أن يجاب بأن العرف يعير بنت العالم بالجاهل، ولا يعير العالمة بالجاهل.
اه.
وضعف في الأنوار ما في الروضة، وعبارته: قال الروياني الشيخ لا يكون كفؤا للشابة والجاهل للعالمة.
قال صاحب الروضة.
هو ضعيف وهذا التضعيف في الجاهل والعالمة ضعيف: لأن علم الآباء إذا كان شرفا للأولاد فكيف بعلمهم؟ ولأن الحرفة تراعى في الزوجة مع أنها لا توازي العلم.
وقد قطع بموافقة الروياني شارح مختصر الجويني وغيره.
اه (قوله: والأصح أن اليسار لا يعتبر في الكفاءة) مقابله يقول إنه يعتبر: لأنه إذا كان معسرا لم ينفق على الولد وتتضرر هي بنفقته عليها نفقة المعسرين.
قال في النهاية: وعلى الأول، أي الأصح، لو زوجها وليها بالإجبار بمعسر بحال صداقها عليه لم يصح النكاح، وليس مبنيا على اعتبار اليسار، كما قاله الزركشي، بل لأنه بخسها حقها، فهو كما لو زوجها من غير كفء.
اه.
(قوله: لأن المال ظل زائل الخ) عبارة المغني: لأن المال ظل زائل، وحال حائل، ومال مائل، ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر.
وقال في التحفة: ويجاب عن الخبر الصحيح الحسب المال، وأما معاوية فصعلوك بأن الأول، أي الحسب، المال على طبق الخبر الآخر تنكح المرأة لحسبها ومالها الحديث.
أي أن الغالب في الأغراض ذلك.
ووكل صلى الله عليه وسلم بيان ذم المال إلى ما عرف من الكتاب والسنة في ذمة، لا سيما قوله تعالى: * (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة) * إلى قوله: * (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا) * (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا: كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام والشراب - لو سويت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء والثاني تصح بما يعد عرفا منفرا وإن لم يكن منفرا شرعا.
اه.
وقوله والثاني: معطوف على الأول، أي وهو وأما معاوية فصعلوك.
وفي المغني ما نصه: (فائدة) قال الإمام والغزالي: شرف النفس من ثلاث جهات: إحداها الانتهاء إلى شجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعاد له شئ: الثانية: الإنتماء إلى العلماء فإنهم ورثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وبهم ربط الله تعالى حفظ الملة المحمدية: والثالثة الإنتماء إلى أهل الصلاح المشهور والتقوي قال الله تعالى: * (وكان أبوهما صالحا) * قال: ولا عبرة بالإنتساب إلى عظماء الدنيا والظلمة المستولين على الرقاب، وإن تفاخر الناس بهم، قال الرافعي: وكلام النقلة
لا يساعدهما عليه في عظماء الدنيا.
اه (قوله: ولا سليمة الخ) أي ولا يكافئ سليمة من عيب.
وهذه الخصلة معتبرة في الزوجين، وكذا في أبيهما وأمهما على أحد وجهين، وهو الأوجه عند م ر.
وعليه: فابن نحو الأجذم ليس كفؤا لمن أبوها سليم، وعند حجر خلافه قال: وزعم الأطباء الأعداء في الولد لا يعول عليه، والمراد بالعيب المثبت للخيار الذي تعتبر السلامة منه، في الكفاءة المشترك، وهو الجنون والجذام والبرص، لا الخاص بالرجل، وهو الجب والعنة، إذ لا معنى لكونها سليمة منها، ولا الخاص بها - وهو الرتق والقرن - إذ لا معنى لكونه غير سليم منهما (قوله: حالة العقد) قيد به لما تقدم أن العبرة في الخصال بحال العقد، لكن كان عليه أن يقيد به في جميعها، كما في التحفة والنهاية، (قوله: لخيار نكاح) أي لخيار فسخ نكاح، ففي الكلام مضاف مقدر (قوله: لجاهل به) متعلق بمثبت.
وقوله حالته: متعلق بجاهل، والضمير يعود على العقد.
وهذا بيان لشرط كون العيب مثبتا للخيار وأتى به للإيضاح، وإلا فهو ليس بصدد بيان شروطه.
والمعنى: أن العيب الذي تشترط السلامة منه هو المثبت لخيار فسخ النكاح وهو لا يكون مثبتا إلا لجاهل بالعيب حالة العقد دون العالم به عنده ويصدق منكر العلم به بيمينه ولو بعد الوطئ وعبارة الروض، وشرحه.
(فرع) لو نكح أحدهما الآخر عالما بالعيب القائم بالآخر غير العنة فلا خيار له كما في المبيع والقول فيما لو كان به عيب وادعى على الآخر علمه به ولو بعد الدخول فأنكر قوله بيمينه أنه لم يعلم به لأن الأصل عدم علمه به.
اه (قوله: كجنون الخ) تمثيل للعيب المثبت للخيار الذي يشترط السلامة منه.
وقوله ولو متقطعا: أي ولو كان الجنون متقطعا يأتي
(1) سورة الزخرف، الايتان: 33، 34، 35.
(2)
سورة الكهف، الاية: 82
ولو متقطعا، وإن قل، وهو مرض يزول به الشعور من القلب (وجذام) مستحكم وهي علة يحمر منها العضو ثم يسود ثم يتقطع (وبرص) مستحكم وهو بياض شديد يذهب دموية الجلد، وإن قلا، وعلامة الاستحكام في الاول اسوداد العضو.
وفي الثاني عدم احمراره عند عصره (غير) ممن به عيب لان النفس تعاف صحبة من به ذلك ولو كان بها عيب أيضا فلا كفاءة وإن اتفقا أو كان ما بها أقبح.
أما العيوب التي لا تثبت الخيار فلا تؤثر، كالعمى وقطع الطرف وتشوه الصورة، خلافا لجمع متقدمين.
ــ
تارة ويذهب تارة.
وقوله وإن قل: أي الجنون.
وهذا ما جرى عليه شيخه ابن حجر، والذي جرى عليه م ر: أن الخفيف لا يضر، وعبارته: ويستثنى من المتقطع، كما قاله المتولي، الخفيف الذي يطرأ في بعض الأزمان.
اه.
ومثل الجنون في ثبوت الخيار: الخبل، كما ألحقه به الشافعي رضي الله عنه، كذا قيل.
وفي القاموس: أنه الجنون، وعليه: فلا إلحاق والإغماء المأيوس من زواله كالجنون (قوله: هو) أي الجنون.
وقوله يزول به الشعور، أي الإدراك من القلب لكن مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء (قوله: وجذام) بالجر معطوف على جنون: أي وكجذام.
وقوله مستحكم - بكسر الكاف - بمعنى محكم: يقال أحكم واستحكم: أي صار محكما.
وقيد بالإستحكام فيه وفيما بعده، دون الجنون،
للإشارة إلى أنه لا يشترط فيه الإستحكام.
والفرق أن الجنون يفضي إلى الجناية، كما قاله الزركشي، فإذا جن أحد الزوجين ترتب عليه الجناية على الآخر بقتل أو نحوه، واعتمد الزيادي عدم الإستحكام في البرص والجذام كالجنون.
ومما جرب للجذام أن يؤخذ من دهن حب العنب ومرارة النسر أجزاء متساوية ويخلطان معا ويدلك بهما ثلاثة أيام.
ومما جرب للبرص أن يؤخذ ماء الورد ويطلى به ثلاثة أيام فإنه يبرأ بإذن الله تعالى (قوله: وهي) أي الجذام، وأنت الضمير باعتبار الخبر.
وقوله علة يحمر منها العضو: قال م ر ويتصور في كل عضو غير أنه يكون في الوجه أغلب.
اه.
وقوله ثم يتقطع: أي وبعده يتناثر، أي يتساقط (قوله: وبرص) هو بالجر عطف على جنون: أي وكبر ص.
وخرج به البهق فلا يؤثر (قوله: وهو) أي البرص (قوله: وإن قلا) أي الجذام والبرص فإنهما يؤثران (قوله: وعلامة الإستحكام في الأول) أي في الجذام.
(وقوله: اسوداد العضو) أي وإن لم يوجد تقطع ولا تناثر على المعتمد (قوله: وفي الثاني) أي وعلامة الإستحكام في الثاني، أي البرص.
وقوله عدم احمراره: أي العضو.
وعبارة غيره: وعلامة الإستحكام فيه وصوله للعظم بحيث لو فرك العضو فركا عنيفا لم يحمر اه (قوله: غير) فاعل يكافئ المقدر في قوله ولا سليمة: أي ولا يكافئ سليمة من العيب غيرها.
وهذا باعتبار حل الشارح، أما باعتبار المتن فهو فاعل يكافئ المصرح به أول الفصل، كما تقدم التنبيه عليه، وقوله ممن به عيب: بيان للغير.
وقوله منها: أي من العيوب الثلاثة (قوله: لأن النفس الخ) علة لعدم المكافأة المذكورة: أي لا يكافئ السليمة من العيوب من لم يسلم منها لأن النفس الخ.
وقول تعاف: أي تكره صحبة من به ذلك، أي المذكور من الجنون والجذام والبرص، لأن الأول يؤدي إلى الجناية، والأخيرين يعديان.
ففي الصحيحين: فر من المجذوم فرارك من الأسد وهذا محمول على غير قوي اليقين الذي يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدر له.
وذلك الغير هو الذي يحصل في قلبه خوف حصول المرض.
فقد جرت العادة بأنه يحصل له المرض غالبا.
وحينئذ فلا ينافي ما صح في الحديث لا عدوى لأنه محمول على قوي اليقين الذي يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدر له، فقد شوهد أنه.
لا يحصل له مرض ولا ضرر، أو يقال: المراد لا عدوى مؤثرة، فلا ينافي أنه قد تحصل العدوى، لكن بفعل الله تعالى فإن الحديث ورد ردا لما كان يعتقده أهل الجاهلية من نسبة الفعل لغير الله تعالى (قوله: ولو كان بها الخ) كلام مستأنف، ولو شرطية جوابها قوله فلا كفاءة، ولا يصح جعلها غاية ويكون قوله فلا كفاءة تفريعا لأن موضوع هذه الخصلة لأن السليمة من العيوب لا يكافئها من هو متصف بها، وحينئذ فينحل المعنى السليمة من العيوب لا يكافئها من ذكر وإن كان بها عيب ولو متفقا، فيناقض آخر الكلام أوله.
لأنها إذا كان بها عيب فلا تكون سليمة من العيوب، لا سيما عند اتفاقهما في العيب.
وقوله وإن اتفقا أي العيبان كأن يكون جذماء، وهو كذلك، وذلك لأن الإنسان يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه.
وقوله أو كان ما بها أقبح: أي أو كان العيب الذي فيها أقبح من العيب الذي فيه: كأن تكون جذماء وهو أبرص، أو يكون الذي بها
(تتمة) ومن عيوب النكاح رتق وقرن فيها وجب وعنة فيه فلكل من الزوجين الخيار فورا في فسخ النكاح بما وجد من العيوب المذكورة في الآخر بشرط أن يكون بحضور الحاكم.
وليس منها استحاضة وبخر وصنان
ــ
أكثر (قوله: أما العيوب الخ) مقابل قوله عيب مثبت لخيار.
وقوله كالعمى الخ: تمثيل للعيوب التي لا تثبت الخيار (قوله: وقطع الطرف) أي قطع عضو من أعضائه، وهو بفتح الراء، وأما بسكونها فهو العين.
وقوله وتشوه الصورة: أي قبح الخلقة بنقص فيها أو غيره (قوله: تتمة) أي في بيان العيوب التي تثبت الخيار، وقد أفردها الفقهاء بباب مستقل.
وحاصلها سبعة: الثلاثة المتقدمة وهي مشتركة، ويثبت الخيار بها للزوجين مطلقا، وجدت قبل العقد أو بعده، وللولي إن قارنت العقد وإن رضيت بها لأنه يعير بها.
واثنان خاصان بالرجل: وهما الجب والعنة، فيثبت الخيار بهما للزوجة، وإثنان خاصان بها: وهما الرتق والقرن، فيثبت بهما الخيار للزوج (قوله: ومن عيوب النكاح) أي العيوب المثبتة لفسخ النكاح (قوله: رتق) بفتحتين: وهو انسداد محل الجماع بلحم.
ولا تجبر على شق الموضع فإن شقته أو شقه غيرها وأمكن الوطئ فلا خيار لزوال المانع من الجماع، ولا تمكن الأمة من الشق إلا بإذن سيدها.
وقوله وقرن، بفتح القاف وفتح الراء، وقيل بسكونها، وهو انسداد محل الجماع بعظم (قوله: وجب) بفتح الجيم وتشديد الباء: وهو قطع الذكر أو بعضه والباقي دون الحشفة ولو بفعل الزوجة أو بعد الوطئ.
وقوله وعنة، بضم العين وتشديد النون، وهي العجز عن الوطئ في القبل لضعف الآلة أو القلب أو الكبد.
ولا بد في ثبوت الخيار بها من أن تكون من مكلف، بخلاف الصبي والمجنون فلا يسمع دعوى العنة في حقهما لأنها لا تثبت إلا بإقرار الزوج عند القاضي أو عند بينة تشهد على إقراره أو بيمينها بعد نكوله وإقرار كل من الصبي والمجنون لغو كنكوله ولا تثبت بالبينة لأنه لا إطلاع للشهود عليها.
ولا بد أيضا أن تكون قبل الوطئ فلا خيار له بعد الوطئ ولو مرة لأنها وصلت إلى مطلوبها وعرفت بذلك قدرته على الجماع مع توقع حصول الشفاء بزوالها وعود الداعية للإستمتاع، بخلاف حدوث الجب بعد الوطئ فإنه يثبت به الخيار ليأسها من الجماع وعدم توقع الإستمتاع، ولا بد من ضرب القاضي له سنة، كما فعله عمر رضي الله عنه وتابعه العلماء عليه، وقالوا: تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فيزول في الشتاء، أو برودة فيزول في الصيف، أو يبوسة فيزول في الربيع، أو رطوبة فيزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولم يطأ رفعت أمرها إلى القاضي لامتناع استقلالها بالفسخ، فإذا ادعى الوطئ وهي ثيب أو بكر غوراء ولم تصدقه صدق هو بيمينه أنه وطئ، ولا يطالب بوطئ، بخلاف البكر غير الغوراء فتحلف هي أنه لم يطأ،
وكذلك إن نكل عن اليمين في الثيب أو البكر الغوراء فإنها تحلف يمين الرد كغيرها (قوله: فلكل من الزوجين الخ) تفريع على كون المذكورات من عيوب النكاح.
وقوله الخيار فورا: أي لأن الخيار خيار عيب وهو على الفور كما في الخيار بعيب المبيع.
فمن أخر بعد ثبوت حقه سقط خياره وتقبل دعواه الجهل بأصل ثبوت الخيار أو بفوريته إن أمكن بأن لا يكون مخالطا للعلماء مخالطة تستدعي عرفا معرفة ذلك، ولا ينافي الفورية ضرب السنة في العنة لأنها لا تثبت بعد مضي السنة والرفع بعدها إلى القاضي، وحينئذ فلها الفسخ ولكن بعد قول القاضي ثبتت عندي عنته أو ثبت حق الفسخ (قوله: في فسخ النكاح).
(اعلم) أن الفسخ يفارق الطلاق في أربعة أمور: الأول أنه لا ينقص عدد الطلاق فلو فسخ مرة ثم جدد العقد ثم فسخ ثانيا وهكذا لم تحرم عليه الحرمة الكبرى، بخلاف ما إذا طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه الحرمة المذكورة ولا تحل له إلا بمحلل.
الثاني إذا فسخ قبل الدخول فلا شئ عليه، بخلاف ما إذا طلق فإن عليه نصف المهر.
الثالث إذا فسخ لتبين العيب بعد الوطئ لزمه مهر المثل، بخلاف ما إذا طلق حينئذ فإن عليه المسمى.
الرابع إذا فسخ بمقارن للعقد فلا نفقه لها وإن كانت حاملا، بخلاف ما إذا طلق في الحالة المذكورة فتجب النفقة.
وأما السكنى فتجب في كل من الفسخ والطلاق حيث كان بعد الدخول (قوله: بما وجد الخ) متعلق بالخيار، والباء سببية: أي الخيار بسبب ما وجد من العيوب.
وقوله في الآخر: متعلق بوجد (قوله: بشرط أن يكون بحضور الحاكم) أي إنما يصح الخيار فورا في فسخ النكاح إن كان حاصلا بحضور الحاكم، وذلك لأن الفسخ بالعيوب المذكورة أمر مجتهد فيه كالفسخ بإعسار فتوقف ثبوتها على مزيد نظر
وقروح سيالة وضيق منفذ.
ويجوز لكل من الزوجين خيار بخلف شرط وقع في العقد لا قبله كأن شرط في أحد الزوجين حرية أو نسب أو جمال أو يسار أو بكارة أو شباب أو سلامة من عيوب كزوجتك بشرط أنها بكر أو حرة مثلا، فإن بان أدنى مما شرط فله فسخ ولو بلا قاض ولو شرطت بكارة فوجدت ثيبا وادعت ذهابها عنده فأنكر
ــ
واجتهاد، وهو لا يكون إلا من الحاكم فلو تراضيا بالفسخ بها من غير حاكم لم ينفذ، ويغني عنه المحكم بشرط ولو مع وجود القاضي.
نعم إن لم تجد حاكما ولا محكما نفذ فسخها للضرورة، كما قالوه في الإعسار بالنفقة، (قوله: وليس منها) أي من العيوب المثبتة للخيار، فهو مرتبط بقوله ومن عيوب النكاح الخ (قوله: استحاضة) أي وإن لم تخفظ لها عادة بأن تحيرت وإن حكم أهل الخبرة باستحكامها (قوله: وبخر) بفتحتين نتن الفم وغيره كالأنف، وقيل نتن الأنف يسمى نخرا بالنون (قوله: وصنان) هو بضم الصاد.
وظاهر إطلاقه أنه لا فرق فيه بين أن يكون مستحكما أو يكون لعارض عرق أو حركة عنيفة أو اجتماع الوسخ (قوله: وقروح سيالة) أي كالمبارك المعروف (قوله: وضيق منفذ) أطلق جعله من العيوب الغير المثبتة للخيار وليس كذلك، بل فيه تفصيل: هو أنه إن تعذر دخول ذكر من بدنه كبدنها نحافة وضدها فرجها
كان من العيوب المثبتة للخيار، وإلا فلا.
وعبارة التحفة.
ومثله، أي المنسد محل جماعها، ضيق المنفذ بحيث يفضيها كل واطئ.
كذا أطلقوه.
ولعل المراد بحيث يتعذر دخول ذكر من بدنه كبدنها نحافة وضدها فرجها، سواء أدي لإفضائها أم لا، ثم قال: قال الأسنوي وكما يخير بذلك فكذلك تتخير هي بكر آلته بحيث يفضي كل موطوءة.
اه.
بتصرف.
والإفضاء رفع ما بين قبلها ودبرها، أو رفع ما بين مدخل الذكر ومخرج البول على الخلاف فيه.
(قوله: ويجوز لكل من الزوجين خيار إلخ) شروع في بيان خيار الشرط بعد بيان خيار العيب.
وحاصل الكلام عليه أنه لو شرط في أحد الزوجين وصف لا يمنع صحة النكاح كمالا كان كجمال وبكارة وحرية أو نقصا كضدها أو لا، ولا كبياض وسمرة، فأخلف المشروط صح النكاح لأن خلف الشرط إذا لم يفسد البيع المتأثر بالشروط الفاسدة فالنكاح أولى، ولكل من الزوجين الخيار إن بان الموصوف دون ما شرط كأن شرط أنها حرة فبانت أمة وهو حر يحل له نكاح الأمة وقد أذن سيدها في نكاحها أو أنه حر فبان عبدا وهي حرة وقد أذن له سيده في نكاحه، فإن بان مثل ما شرط أو خيرا مما شرط كإسلام وبكارة وحرية بدل أضدادها صح النكاح ولا خيار لأنه مساو أو أكمل.
وحكم المهر هنا كحكمه في خيار العيب، فإن كان الفسخ قبل وطئ فلا مهر أو بعده، أو معه فمهر المثل (قوله: بخلف شرط) أي بوصف لا يمنع صحة النكاح كما علمت بخلاف ما إذا كان يمنعها كأن شرط كونها أمة وهو حر لا يحل له نكاحها أو شرط كونها مسلمة وهو كافر فالنكاح يبطل بذلك من أصله.
وخرج بقوله خلف شرط خلف العين كزوجني على زيد فزوجها على عمرو فإن النكاح يبطل جزما.
وقوله وقع في العقد الجملة صفة لشرط: أي شرط موصوف بكونه وقع في العقد.
وقوله لا قبله: تصريح بمفهوم، قوله في العقد: أي أما إذا وقع قبله فلا يؤثر.
وذلك لأنه إنما يؤثر إذا ذكر في العقد، بخلاف ما إذا سبقه (قوله: كأن شرط في أحد الزوجين الخ) هو شامل لما إذا كان الشارط الزوجة أو الولي ولما إذا كانت الزوجة مجبرة، أو غير مجبرة: أي وقد أذنت في معين وشرطت ما ذكر فإن إذنها في النكاح للمعين بمثابة إسقاط الكفاءة منها ومن الولي.
اه.
بجيرمي.
وقوله حرية بالرفع نائب فاعل شرط.
وقوله أو يسار: أي غنى.
وقوله أو بكارة: ومعنى كون الزوج بكرا أنه لم يتزوج إلى الآن.
اه.
بجيرمي.
وقوله أو سلامة من عيوب: أي غير عيوب النكاح، وأما هي فهي مثبتة للخيار مطلقا سواء شرطت السلامة منها أم لا.
وعبارة البجيرمي: فإن وجد عيب من عيوب النكاح كان لها الخيار مطلقا وإن كان الوصف من غيرها من بقية خصال الكفاءة كالحرية والنسب والحرفة، فإن شرط منها كان لها الخيار وإلا فلا.
اه (قوله: كزوجتك بشرط أنها بكر أو حرة مثلا) أي أو نسيبة أو غنية أو شباب.
ومثله يقال في الزوج كأن يقول ولي الزوجة للزوج زوجتك
بشرط أنك بكر أو حر أو غني أو شباب أو يقول ذلك لوكيل الزوج (قوله: فإن بان أدنى مما شرط) إسم بان يعود على أحد الزوجين، لكن على تقدير مضاف، ومتعلق شرط محذوف: أي فإن بان أحد الزوجين: أي وصفه أدنى من الوصف الذي فيه وما ذكر مرتب على مقدر.
أي فإذا شرط وأخلف الشرط فإن بان أدنى مما شرط فله فسخ.
قال في التحفة: نعم الأظهر
صدقت بيمينها لدفع الفسخ أو ادعت افتضاضه لها فأنكر فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ أيضا، لكن يصدق هو بيمينه لتشطير المهر إن طلق قبل الدخول (ولا يقابل بعضها) أي بعض خصال الكفاءة (ببعض) من تلك الخصال فلا تزوج حرة عجمية برقيق عربي ولا حرة فاسقة بعبد عفيف.
قال المتولي: وليس من الحرف الدنيئة خبازة.
ولو اطرد عرف بلد بتفضيل بعض الحرف الدنيئة التي نصوا عليها لم يعتبر، ويعتبر عرف بلدها فيما لم ينصوا عليه.
وليس للاب تزويج ابنه الصغير أمة لانه مأمون العنت (ويزوجها بغير كفء ولي) بنسب وولاء (لا
ــ
في الروضة أن نسبه إذا بان مثل نسبها أو أفضل لم تتخير وإن كان دون المشروط، وكذا لو شرطت حريته فبان قنا وهي أمة على الأوجه.
اه.
وخرج بقوله أدنى ما لو بان مثله أو خيرا منه فلا فسخ (قوله: ولو بلا قاض) غاية لقوله فله فسخ، وهي للرد، كما يستفاد من عبارة التحفة ونصها: والخيار فوري، ونازع فيه الشيخان بأنه مجتهد فيه فليكن، كما مر اه.
أي كعيب النكاح.
ومثلها النهاية (قوله: ولو شرطت بكارة) أي شرط الزوج أنه لا يتزوجها إلا إن كانت بكرا.
وقوله فوجدت ثيبا.
أي فوجدها ثيبا (قوله: وادعت ذهابها عنده) أي ادعت أن البكارة ذهبت عند الزوج بعد العقد.
والمراد لا بوطئه بأن يكون بنحو سقطه ليغاير ما بعده.
وقوله فأنكر: أي أنها ذهبت عنده.
وقوله صدقت بيمينها: جواب لو.
وقوله لدفع الفسخ: أي لأجل ذلك (قوله: أو ادعت افتضاضه لها) أي أو ادعت أنها دخلت عليه بكرا، وأنه هو الذي أزال بكارتها.
فلو قال عند قوله وادعت ذهابها عنده بوطئه أو بغيره لكان أخصر.
وقوله فأنكر: أي الزوج ما ادعته وادعى أنه ما افتضها بل وجدها ثيبا (قوله: فالقول قولها بيمينها) عبر أولا بقوله صدقت بيمينها وهنا بما ذكر تفننا، وقوله أيضا: أي كما تصدق في الصورة الأولى لدفع الفسخ (قوله: لكن يصدق الخ) راجع للصورتين قبله ودفع بهذا الإستداراك ما قد يتوهم من أنه إذا كان القول قولها بيمينها في الصورتين أنها تستحق المهر كاملا مع أنه ليس كذلك.
(والحاصل) القول قولها بالنسبة لدفع الفسخ، والقول قوله بالنسبة لتشطير المهر.
(قوله: إن طلق قبل الدخول) أي قبل الوطئ فإن طلق بعد الوطئ وقال وطئتها ووجدتها ثيبا وقالت أزالها بوطئه صدقت الزوجة فيجب المهر لأنه كان يمكنه معرفة كونها بكرا بغير الوطئ (قوله: ولا يقابل الخ) لو قدم هذا على التتمة لكان أولى لأنه من متعلقات خصال الكفاءة ومعنى عدم مقابلة بعض خصال الكفاءة ببعض أنه لا تجبر خصلة في الزوج رديئة بخصلة حميدة.
فلو كان الزوج نسيبا معيبا وهي سليمة من العيوب وغير نسيبة فلا يجبر النسب العيب ويكون كفؤا لها.
ومثله ما لو كان ابن البزاز عفيفا وابنة العالم غير عفيفة فلا يكون كفؤا لها.
ومثله ما ذكره المؤلف بقوله فلا تزوج حرة عجمية برقيق عربي لأنه ليس كفؤا لها، وذلك لما بالزوج من النقص المانع من الكفاءة - وهو الرق - ولا ينجبر بما فيه من
الفضيلة الزائدة وهي كونه عربيا.
وبقوله ولا حر ة فاسقة بعبد عفيف: أي لا تزوج حرة فاسقة بعبد عفيف لما مر (قوله: وليس من الحرف الدنيئة خبازة) بكسر ففتح: أي ولا نجارة بالنون ولا تجارة بالتاء (قوله: ولو اطرد عرف الخ) وحاصل ذلك أن ما نص عليه الفقهاء من رفعه أو دناءة في الخصال نعول عليه، وما لم ينص الفقهاء عليه يرجع فيه إلى عرف البلد.
قال في التحفة: وهل المراد بلد العقد أو بلد الزوجة؟ كل محتمل.
والثاني أقرب: لأن المدار على عارها وعدمه.
وذلك وإنما يعرف بالنسبة لعرف بلدها، أي التي هي به حالة العقد - وذكر في الأنوار تفاضلا بين كثير من الحرف، ولعله باعتبار عرف بلده.
اه.
وقوله وذكر في الأنوار: قد نقلنا بعض عبارته فيما تقدم، فارجع إليه إن شئت: وقوله لم يعتبر: أي العرف المطرد بعد نص الفقهاء (قوله: ويعتبر عرف بلدها) قال في النهاية: أي التي هي بها حالة العقد.
وقال ع ش: قضيته اعتبار بلد العقد وإن كان مجيئا لها لعارض كزيارة وفي نيتها العود إلى وطنها، وينبغي خلافه.
ثم رأيت في سم على حجر ما نصه: قوله أي التي هي بها، إن كان المراد التي بها على وجه التوطن فواضح، وإن كان المراد على عزم العود لبلدها فمشكل.
اه.
وقوله فيما لم ينصوا عليه: أي في الحرف التي لم ينصوا عليها بدناءة ولا برفعة (قوله: وليس للأب تزويج ابنه الخ) لو أخر هذا وذكره في فصل في نكاح الأمة لكان أنسب وإن كان ذكره هنا فيه نوع مناسبة من جهة أن
قاض برضا كل) منها ومن وليها أو أوليائها المستوين الكاملين لزوال المانع برضاهم، أما القاضي فلا يصح له تزويجها لغير كفء وإن رضيت به على المعتمد إن كان لها ولي غائب أو مفقود لانه كالنائب عنه فلا يترك الحظ له.
وبحث جمع متأخرون أنها لو لم تجد كفؤا وخافت الفتنة لزم القاضي إجابتها للضرورة.
قال شيخنا وهو
ــ
الامة لا تكافئ الحر.
وقوله أمة: أي أو معيبة بعيب يثبت الخيار، ويجوز تزويجه من لا تكافئه بنسب أو حرفة أو غيرهما من سائر الخصال غير العيوب.
وذلك لأن الرجل لا يعير باستفراش من لا تكافئه.
نعم: يثبت له الخيار إذا بلغ.
وقوله لأنه مأمون العنت: أي الذي هو شرط في جواز نكاح الأمة.
وفي التحفة بعده: قال الزركشي قد يمنع هذا في المراهق لأن شهوته إذ ذاك أعظم.
(فإن قيل) فعله ليس زنا.
(قيل) وفعل المجنون كذلك مع أنهم جوزوا له نكاح الأمة عند خوف العنت فهلا كان المراهق كذلك؟ اه.
ولك رده بأن وطئ المجنون يشبه وطئ العاقل إنزالا ونسبا وغيرهما، بخلاف وطئ المراهق فلا جامع بينهما.
وادعاء أن شهوته إذ ذاك أعظم ممنوع لأنها شهوة كاذبة إذ لم تنشأ عن داع قوي وهو انعقاد المني.
اه (قوله: ويزوجها بغير كفء الخ) أي يصح أن يزوجها عليه الخ.
وقوله ولي: فاعل يزوجها.
ولا فرق فيه بين أن يكون منفردا: أي ليس هناك ولي غيره أو ليس منفردا بدليل قوله بعد أو أوليائها (قوله: لا قاض) معطوف على ولي (قوله: برضا كل) متعلق بيزوجها.
وقوله منها الخ: بيان لكل.
وقوله ومن وليها: إن كان هو المباشر للعقد فلا حاجة إلى ذكره لأن مباشرته تستلزم الرضا منه، وإن كان غيره
من بقية الأولياء أغنى عنه قوله بعد أو أوليائها.
وعبارة متن المنهاج: زوجها الولي غير كفء برضاها أو بعض الأولياء المستوين برضاها ورضا الباقين صح التزويج.
اه.
فلو صنع مثل صنيعه لكان أولى (قوله: أو أوليائها) أي أو منها مع أوليائها: أي باقيهم.
فلو زوجها أحد الأولياء بغير كفء برضاها فقط ولم يرض باقي الأولياء لم يصح لأن لهم حقا في الكفاءة إلا في إعادة النكاح المختلع رضوا به أو لا بأن زوجها أحدهم به برضاها ورضاهم ثم اختلعها زوجها فأعادها له أحدهم برضاها دون الباقين فإنه يصح، ويكفي رضاهم به أولا.
أفاده في الروض وشرحه.
وقوله المستوين: أي في درجة واحدة كإخوة.
وخرج به ما إذا لم يكونوا مستوين كأخ وعم فلا عبرة بالأبعد الذي هو العم لأنه لا حق له في الكفاءة.
فلو زوجها الأقرب غير كفء برضاها فليس له اعتراض عليه ولا نظر لتضرره بلحوق العار بنسبه لأن القرابة يكثر انتشارها فيشق اعتبار رضا الكل.
وقوله الكاملين: أي البالغين العاقلين.
وخرج به غيرهم فلا يعتبره رضاه (قوله: لزوال المانع) علة لقوله يزوجها برضا كل: أي يزوجها مع رضاهم لزوال المانع من صحة النكاح وهو الكفاءة برضاهم.
وإنما زال المانع بذلك لما تقدم أن الكفاءة ليست بشرط للصحة فتسقط بالرضا (قوله: أما القاضي الخ) مفهوم قوله لا قاض.
وقوله فلا يصح له تزويجها لغير كفء: يستثنى منه ما لو كان عدم الكفاءة بسبب جب أو عنة فيصح للقاضي تزويجها على المجبوب والعنين برضاها.
وقوله على المعتمد: لا ينافيه خبر فاطمة بنت قيس السابق أول الفصل: إذ ليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم زوجها أسامة بل أشار عليها به ولا يدري من زوجها فيجوز أن يكون زوجها ولي خاص برضاها، ومقابل المعتمد أنه يصح كما في التحفة ونصها: وقال كثيرون، أو الأكثرون، ويصح.
وأطال جمع متأخرون في ترجيحه وتزييف الأول، وليس كما قالوا.
اه.
قوله وأطال جمع متأخرون في ترجيحه: رأيت في بعض هوامش فتح الجواد ما نصه: إختار جماعة من الأصحاب الوجه القائل بالصحة مطلقا منهم الشيخ أبو محمد والإمام الغزالي والعبادي، ومال إليه السبكي ورجحه البلقيني وغيره، وعليه العمل.
اه.
مشكاة المصباح لبا مخرمة.
اه (قوله: إن كان لها ولي الخ) سيأتي محترزه (قوله: لأنه) أي القاضي.
(وقوله: كالنائب عنه) أي عن الولي الخاص الغائب أو المفقود.
(وقوله: فلا يترك) أي القاضي.
(وقوله: الحظ له) أي للولي الخاص المذكور والحظ له هو تزويجها على كفء (قوله: وبحث جمع متأخرون أنها) أي المرأة التي غاب وليها أو فقد (قوله: قال شيخنا وهو) أي البحث المذكور متجه مدركا.
وعبارته بعد كلام، ثم رأيت جمعا متأخرين بحثوا أنها لو لم تجد كفؤا وخافت العنت لزم القاضي إجابتها قولا واحدا للضرورة كما أبيحت الأمة
متحه.
مدركا، أما من ليس لها ولي أصلا فتزويجها القاضي لغير كفء بطلبها التزويج منه صحيح على المختار - خلافا للشيخين.
(فرع) لو زوجت من غير كفء بالاجبار أو بالاذن المطلق عند التقييد بكفء أو بغيره لم يصح التزويج لعدم رضاها به، فإن أذنت في تزويجها بمن ظنته كفؤا فبان خلافه صح النكاح ولا خيار لها لتقصيرها بترك البحث نعم، لها خيار إن بان معيبا أو رقيقا وهي حرة.
(تتمة) يجوز للزوج كل تمتع منها بما سوى حلقة دبرها ولو بمص بظرها أو استمناء بيدها، لا بيده، وإن
ــ
لخائف العنت.
اه.
وهو متجه مدركا.
والذي يتجه نقلا ما ذكرته أنه إن كان في البلد حاكم يرى تزويجها من غير الكفء تعين، فإن فقد ووجدت عدلا تحكمه ويزوجها تعين، فإن فقدا تعين ما بحثه هؤلاء.
اه (قوله: أما من ليس لها ولي أصلا الخ) محترز قوله إن كان لها ولي الخ.
ثم إن تفصيله المذكور بين أن يكون لها ولي غائب أو نحوه فلا يصح تزويج الحاكم على الأصح، وبين أن لا يكون لها ولي أصلا فيصح على المختار ليس في التحفة والنهاية، بل الذي فيهما مع الأصل أنه لا يزوج الحاكم بغير كفء على الأصح مطلقا، لا فرق في ذلك بين أن لا يكون لها ولي أصلا وبين أن يكون لها ولي غائب أو فقد، ثم ذكرا مقابله ولم يفصلا فيه التفصيل المذكور، ثم نقلا عن جمع تخصيص المقابل، وهو القول بالصحة، بما إذا لم يكن تزويجه لنحو غيبة الولي أو عضله وإلا لم يصح تزويجه قطعا لبقاء حقه وولايته.
وفي المنهج وشرحه والروض وشرحه: الجزم بعدم صحة تزويج الحاكم بغير كفء برضاها من غير تفصيل ولا ذكر خلاف.
إذا علمت هذا تعلم ما في كلامه وتعلم أيضا ما في قوله بعد صحيح على المختار فإنه إن كان جاريا فيه على مقابل الأصح ورد عليه أنه يقول بالصحة مطلقا من غير تفصيل، وإن كان جاريا على ما جرى عليه جمع من تخصيص القول بالصحة بما إذا لم يكن تزويجنه لنحو غيبة الولي ورد عليه أنه إذا كان لها ولي غائب لا يصح تزويجه قطعا.
وهو قد أشار إلى الخلاف فيه بقوله فيما سبق على المعتمد.
ويمكن أن يقال إن المؤلف رحمه الله تعالى جار على طريقة ثالثة توسط فيها ففصل التفصيل المذكور.
تأمل (قوله: فرع) الأولى فرعان لأنه ذكر اثنين: الأولى قوله لو زوجت من غير كفء الخ.
الثاني قوله فإن أذنت في تزويجها الخ (قوله: لو زوجت) أي المرأة مطلقا بكرا كانت أو ثيبا.
وقوله من غير كفء: أي على غير كفء.
وقوله بالإجبار: أي بأن يكون الولي أبا أو جدا وهي بكر (قوله: أو بالإذن) أي أو زوجت بإذنها بأن كانت ممن يعتبر إذنها: كأن يكون الولي غير مجبر أو هي ثيب بالغ.
وقوله المطلق عن التقييد بكفء أو بغيره: أي أذنت في تزويجها من غير تعيين زوج بأن قالت له أذنت لك في تزويجي: فإن قيدت الإذن بكفء تعين، أو غير كفء: فإن كان المزوج الولي الخاص صح تزويجها عليه كما تقدم (قوله: لم يصح التزويج) أي على الأصح، ومقابله يصح لكن لها الخيار حالا إن كانت بالغة، وبعد البلوغ إن كانت صغيرة، كما في متن المنهاج، وعبارته، ويجري القولان في تزويج الأب بكرا صغيرة أو تزويج الأب أو غيره بالغة غير كفء بغير رضاها، ففي الأظهر التزويج باطل، وفي الآخر يصح، وللبالغة الخيار، وللصغيرة إذا بلغت.
اه (قوله: فإن أذنت في تزويجها) أي معتبرة الإذن.
وقوله بمن ظنته كفؤا أي على معين ظنته كفؤا.
وقوله فبان: أي من ظنته كفؤا.
وقوله خلافه: أي خلاف كونه كفؤا وهو كونه غير كفء (قوله: صح النكاح)
جواب إن (قوله: ولا خيار لها) أي في فسخ النكاح.
وقوله لتقصيرها بترك البحث: علة لعدم ثبوت الخيار لها (قوله: نعم إلخ) استدراك من عدم ثبوت الخيار لها وقوله إن بان: أي الذي ظنته كفؤا.
وقوله معيبا أو رقيقا: قال ع ش أي بخلاف ما لو بان فاسقا أو دنئ النسب أو الحرفة مثلا فلا خيار لها حيث أذنت فيه، بخلاف ما لو زوجت من ذلك بغير إذنها فالنكاح باطل.
اه.
(قوله: تتمة) أي في بيان بعض آداب النكاح.
وقد ذكرت معظمها قبيل مبحث الأركان (قوله: يجوز للزوج) ومثله المتسري (وقوله: كل تمتع منها) أي من زوجته: أي أو من أمته (قوله: بما سوى حلقة دبرها) أما التمتع بها بالوطئ
خاف الزنا، خلافا لاحمد، ولا افتضاض بأصبع.
ويسن ملاعبة الزوجة إيناسا، وأن لا يخليها عن الجماع كل أربع ليال مرة بلا عذر، وأن يتحرى بالجماع وقت السحر، وأن يمهل لتنزل إذا تقدم إنزاله، وأن يجامعها عند القدوم من سفره، وأن يتطيبا للغشيان، وأن يقول كل، ولو مع اليأس من الولد، بسم الله اللهم جنبنا الشيطان.
وجنب الشيطان ما رزقتنا.
وأن يناما في فراش واحد والتقوي له بأدوية مباحة بقصد صالح: كعفة ونسل وسيلة
لمحبوب فليكن محبوبا فيما يظهر.
قاله شيخنا: ويحرم عليها منعه من استمتاع جائز.
ويكره لها أن تصف
ــ
فحرام: لما ورد أنه اللوطية الصغرى وأنه لا ينظر الله إلى فاعله وأنه ملعون (قوله: ولو بمص بظرها) أي ولو كان التمتع بمص بظرها فإنه جائز.
قال في القاموس: البظر - بالضم - الهنة، وسط الشفرة العليا.
اه.
والهنة هي التي تقطعها الخاتنة من فرج المرأة عند الختان (قوله: أو استمناء بيدها) أي ولو باستمناء بيدها فإنه جائز.
وقوله لا بيده: أي لا يجوز الاستمناء بيده، أي ولا بيد غيره غير حليلته، ففي بعض الأحاديث لعن الله من نكح يده.
وإن الله أهلك أمة كانوا يعبثون بفروجهم وقوله وإن خاف الزنا: غاية لقوله لا بيده، أي لا يجوز بيده وإن خاف الزنا.
وقوله خلافا لأحمد: أي فإنه أجازه بيده بشرط خوف الزنا وبشرط فقد مهر حرة وثمن أمة (قوله: ولا افتضاض بأصبع) ظاهر صنيعه أنه معطوف على قوله لا بيده، وهو لا يصح: إذ يصير التقدير ولا يجوز استمناء بافتضاض، ولا معنى له.
فيتعين جعله فاعلا لفعل مقدر: أي ولا يجوز افتضاض: أي إزالة البكارة بأصبعه.
وفي البجيرمي ما نصه: قال سم ولا يجوز إزالة بكارتها بأصبعه أو نحوها، إذ لو جاز ذلك لم يكن عجزه عن إزالتها مثبتا للخيار لقدرته على إزالتها بذلك.
اه (قوله: ويسن ملاعبة الزوجة) ومثلها الأمة المتسرى بها.
وقوله إيناسا: أي لأجل الإيناس بها (قوله: وأن لا يخليها إلخ) أي ويسن أن لا يخليها عن الجماع كل أربع ليال: أي تحصينا لها، ولأن غاية ما تطيق المرأة في الصبر عن الجماع ثلاث ليال، ولذلك لم يسوغ الشارع للحر أكثر من أربع (قوله: بلا عذر) متعلق بيخليها المنفي، فإن كان هناك عذر قائم بها، كحيض أو نفاس، أو به، كمرض، لا يكون عدم الإخلاء المذكور سنه (قوله: وأن يتحرى إلخ) أي ويسن أن يجتهد في أن يكون جماعه في وقت السحر، وذلك لانتفاء الشبع والجوع المفرطين حينئذ: إذ هو مع أحدهما مضر غالبا (قوله: وأن يمهل إلخ) أي ويسن أن يمهل: أي يؤخر نزع ذكره من فرجها إذا تقدم إنزاله حتى تنزل.
ويظهر ذلك بإخبارها أو بقرائن (قوله: وأن يجامعها الخ)
أو ويسن أن يجامعها عند القدوم من سفره.
قال ع ش: أي يجامعها في الليلة التي تعقب سفره، بل أو في يومه إن اتفقت خلوة.
اه (قوله: وأن يتطيبا للغشيان) أي ويسن أن يتطيب الزوجان للوطئ (قوله: وأن يقول كل) أي ويسن أن يقول كل من الزوجين ما ذكر، وذلك لما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما ولد لم يضره وفي رواية للبخاري لم يضره شيطان أبدا قال في النهاية: وليتحر استحضار ذلك أي قوله بسم الله الخ، عند الإنزال، فإن له أثرا بينا في صلاح الولد وغيره.
اه.
وقوله ولو مع اليأس من الولد: غاية في سن القول المذكور: أي يسن أن يقول كل منهما ذلك ولو مع اليأس من الولد لكونها كبيرة أو صغيرة أو حاملا.
كذال في ع ش.
والمراد بيأس الحامل من الولد: أي الطارئ، إذ الحامل لا يتصور أن تحمل (قوله: والتقوي) مبتدأ خبره قوله وسيلة لمحبوب.
وقوله له: أي للجماع.
وقوله بأدوية: متعلق بالتقوي.
وقوله مباحة: خرجت المحرمة فيحرم التقوي بها.
وقوله بقصد صالح: أي مع قصد صالح.
(وقوله: كعفة الخ) تمثيل للقصد الصالح.
(وقوله: وسيلة لمحبوب) وهو الجماع المصحوب بالقصد الصالح.
(وقوله: فليكن) أي التقوي بأدوية مباحة (قوله: ويحرم عليها) أي الزوجة، ومثلها الأمة، وقوله منعه: أي الزوج.
وقوله من استمتاع جائز: أي جماعا كان أو غيره (قوله: ويكره لها أن تصف الخ) محل الكراهة، كما هو ظاهر، إذا كانت الموصوفة خلية لأنه إذا علق بها يمكنه أن يتزوجها، بخلاف الحليلة فينبغي حرمته إذا غلب على ظنها أنه يؤدي إلى فتنة، كذا في فتح الجواد
لزوجها أو غيره امرأة أخرى لغير حاجة.
وله الوطئ في زمن يعلم دخول وقت المكتوبة فيه وخروجه قبل وجود الماء وأنها لا تغتسل عقبه وتفوت الصلاة.
فصل في نكاح الامة (حرم لحر) ولو عقيما أو آيسا من الولد (نكاح أمة) لغيره ولو مبعضة (إلا) بثلاثة شروط: أحدها (بعجز عمن تصلح لتمتع) ولو أمة أو رجعية لانها في حكم الزوجية ما لم تنقض عدتها بدليل التوارث بأن لا يكون تحته
ــ
(قوله: لغير حاجة) متعلق بتصف: أي يكره ذلك إذا كان لغير حاجة، أما إذا كان لحاجة كأن أرسلها تنظر امرأة لأجل إرادة التزويج عليها فلا يكره، كما مر في مبحث الخطبة (قوله: وله الوطئ الخ) أي ويجوز للزوج - ومثله السيد - أن يجامع أهله عند عدم الماء في وقت الصلاة وإن علم خروج الوقت قبل وجود الماء ويتيمم حينئذ ويصلي من غير إعادة، كما صرح بذلك في النهاية في باب التيمم ونص عبارتها: ويجوز للرجل جماع أهله وإن علم عدم الماء وقت الصلاة فيتيمم ويصلي من غير إعادة.
اه.
وكتب ع ش قوله وإن علم إلخ ما نصه.
هذا ظاهر حيث كانا مستنجيين بالماء، وإلا لم يجز له جماعها - كما مر - لما فيه من التضمخ بالنجاسة، ولما يترتب عليه من بطلان تيممه إذا علم أنه لم يجد ماء في وقت الصلاة.
هذا وقد مر أنه لا يكلف الاستنجاء من المذي لأنه يضعف شهوته فيعفي عنه لكن بالنسبة للجماع لا لما أصاب بدنه منه أو ثوبه.
وعليه فلو علم أنه لا يجد ماء يغسل به ما أصابه منه بعد الجماع فينبغي حرمته إذا كان الجماع بعد دخول
الوقت لا قبله فلا يحرم لعدم مخاطبته بالصلاة الآن وهو لا يكلف تحصيل شروط الصلاة قبل دخول وقتها.
اه.
(قوله: وأنها لا تغتسل الخ) الذي يظهر أن الواو بمعنى أو، وأنها صورة ثانية لجواز الوطئ وليست من تتمة ما قبلها، ولكن لم يظهر ما تعطف عليه ثم ظهر أنه معطوف على مدخول يعلم ويقدر ما يناسبه: أي وله الوطئ في زمن يعلم أنها لا تغتسل عقب وطئه فيه وأنه يخرج وقت المكتوبة فتفوت الصلاة بأن يكون الزمن الذي وطئها فيه لا يسع إلا الوطئ والغسل عقبه والصلاة.
تأمل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في نكاح الأمة أي في بيان حكمه: صحة وعدمها (قوله: حرم لحر) أي كامل الحرية بخلاف الرقيق كلا أو بعضا فيجوز له نكاح الأمة وإن لم توجد الشروط ما عدا إسلام الأمة فهو شرط فيه أيضا فلا يجوز له إذا كان مسلما أن يتزوج إلا أمة مسلمة (قوله: ولو عقيما أو آيسا) غاية في الحرمة وهي للتعميم: أي لا فرق فيها بين أن يكون الحر عقيما أو آيسا أو لا (قوله: نكاح أمة لغيره) أي العقد على أمة غيره وإنما قيد بقوله لغيره لأنه لا يجوز له نكاح أمته: أي العقد عليها مطلقا وجدت الشروط أم لا.
نعم: إن أعتقها جاز له نكاحها، بل يستحب، لأنه ورد: أن له أجرين: أجرا على إعتاقها، وأجرا على نكاحها.
وأمة ولده مثل أمته في ذلك.
(وقوله: ولو مبعضة) تعميم في الأمة: أي لا فرق فيها بين أن تكون رقيقة كاملة أو مبعضة فهي كالرقيقة، لأن إرقاق بعض الولد محظور كإرقاق كله.
نعم: إذا جاز له نكاح الأمة ووجد مبعضة وجب تقديمها على كاملة الرق لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله (قوله: إلا بثلاثة شروط) قد نظمها ابن رسلان في زبده فقال: وإنما ينكح حر ذات رق مسلمة خوف الزنا ولم يطق صداق حرة الخ (قوله: أحدها بعجز) أي أحد الشروط مصور بعجز، فالباء للتصوير (قوله: عمن تصلح لتمتع) أي عن نكاح من تصلح للتمتع.
وقال في التحفة: هل المراد صلاحيتها باعتبار طبعه أو باعتبار العرف؟ كل محتمل وتمثيلهم بالصالحة بمن تحتمل وطأ ولا بها عيب خيار ولا هرمة ولا زانية ولا غائبة ولا معتدة يرجح الثاني.
اه.
(قوله: ولو أمة)
شئ من ذلك ولا قادرا على نكاح حرة لعدمها أو فقره أو التسري بعدم وجود أمة في ملكه أو ثمن لشرائها.
ولو وجد من يقرض أو يهب مالا أو جارية لم يلزمه القبول، بل يحل مع ذلك نكاح الامة لا لمن له ولد موسر.
أما إذا كان تحته صغيرة لا تحتمل الوطئ أو هرمة أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو رتقاء أو قرناء فتحل الامة.
وكذا إن كان تحته زانية على ما أفتى به غير واحدة.
ولو قدر على غائبة في مكان قريب لم يشق قصدها وأمكن انتقالها
ــ
غاية لمن تصلح للتمتع التي يشترط العجز عنها.
ولا فرق في الأمة بين أن تكون مملوكة أو زوجة، فلو تزوج أولا بأمة بالشروط فلا يجوز له أن يتزوج ثانيا بأمة أخرى إلا إن انتقل إلى جهة أخرى فيجوز له أن يتزوج وهكذا إلى أربع، وله بعد ذلك جمعهن والقسم بينهن لأنه دوام ويغتفر فيه ما لا يغتفر في الابتداء (قوله: أو رجعية) أي ولو كانت التي تصلح للتمتع
رجعية فيشترط العجز عنها (قوله: لأنها) أي الرجعية وهو علة لمقدر: أي وإنما اشترط العجز عنها لأن الرجعية في حكم الزوجة.
(وقوله: في حكم الزوجية) الأولى بإسقاط الياء (قوله: ما لم تنقض عدتها) تقييد لقوله في حكم الزوجية: أي هي في حكمها ما لم تنقض عدتها، فإن انقضت صارت بائنا وليست في حكم الزوجة (قوله: بدليل التوارث) الإضافة للبيان.
وهو دليل لكونها في حكم الزوجة: أي أن الدليل على أنها في حكم الزوجة التوارث، فهو يرثها إذا ماتت، وهي ترثه إذا مات (قوله: بأن لا يكون تحته الخ) الباء لتصوير العجز عمن تصلح للتمتع: أي ويتصور العجز عنها بأن لا يكون تحته شئ ممن يصلح للتمتع بأن لا يكون تحته شئ أصلا أو كان ولكن لا يصلح للتمتع (قوله: ولا قادرا الخ) المنصوب خبر يكون محذوفة هي واسمها: أي وبأن لا يكون مريد نكاح الأمة قادرا، فهو تصوير للعجز المذكور.
(وقوله: على نكاح حرة) المقام للإضمار، فكان الأولى والأخصر أن يقول ولا قادر: عليها أي على من تصلح للتمتع إما لعدمه أو لفقره (قوله: لعدمها) علة لعدم القدرة: أي وليس قادرا على نكاح الحرة لأجل كونها معدومة: أي بأن لم يجدها في بلده أو في مكان قريب لا يشق قصده وأمكن انتقالها معه.
ومثل عدمها عدم رضاها به لقصور نسبه أو نحوه.
(وقوله: أو فقره) أي أو لأجل فقره: أي عدم وجود المهر الذي طلبته منه (قوله: أو التسري) أي أو ليس قادرا على التسري.
فهو بالجر معطوف على نكاح.
(وقوله: بعدم أمة) الباء سببية: أي ليس قادرا على التسري بسبب عدم وجود أمة في ملكه.
(وقوله: أو ثمن معطوف على أمة) أي أو بسبب عدم وجود ثمن يشتري به أمة يتسراها (قوله: ولو وجد الخ) أفاد بهذا أن المراد بالقدرة المنفية في قوله ولا قادرا القدرة بغير الاقتراض والهبة، فإن كان قادرا لكن بالاقتراض أو بالهبة فلا تعبر قدرته ويجوز له نكاح الأمة (قوله: مالا) تنازعه كل من يقرض ويهب.
(وقوله: أو جارية) خاص بالثاني: أي أو يهب جارية.
(وقوله: لم يلزمه القبول) أي للقرض وللهبة لما في ذلك من المنة (قوله: بل يحل مع ذلك) أي مع وجود من يقرضه أو يهبه (قوله: لا لمن له ولد موسر) ليس له شئ قبله يصلح لأن يعطف عليه فيتعين جعل مدخول لا محذوفا هو متعلق الجار والمجرور بعدها: أي لا يجوز نكاح الأمة لمن له ولد موسر لأنه يجب عليه إعفاف والده.
ولو قال وبأن لا يكون له ولد موسر عطفا على قوله بأن لا يكون تحته شئ من ذلك ويكون تصويرا للعجز المذكور في المتن لكان أولى (قوله: أما إذا كان تحته إلخ) مفهوم قوله عمن تصلح لتمتع، والأنسب والأخصر أن يقول أو يكون تحته من لا تصلح للتمتع كصغيرة الخ.
ويحمل قوله أولا بأن لا يكون تحته شئ من ذلك على ما إذا لم يكن تحته شئ أصلا، وذلك لأن العجز في المتن بمعنى النفي وهو إذا دخل على مقيد بقيد يصدق بنفي المقيد والقيد وبنفي القيد وحده فيحتاج تصوير
العجز لصورتين: أن لا يكون تحته شئ أصلا، أو يكون ولكن لا تصلح للتمتع (قوله: فتحل الأمة) جواب أما، وإنما حلت له حينئذ مع وجود المذكورات لأنها لا تعفه فوجودها كالعدم (قوله: وكذا إن كان تحته زانية) أي وكذا يحل له نكاح الأمة إن كان تحته زانية للعلة السابقة (قوله: ولو قدر على غائبة في مكان قريب) أي بأن يكون دون مسافة القصر.
وقوله لم يشق قصدها: الجملة صفة لغائبة: أي غائبة موصوفة بكونها لم يشق الذهاب إليها في المكان الذي هي فيه (قوله: وأمكن انتقالها) أي من مكانها لبلده: أي الزوج، وجملة ما ذكره من القيود الثلاثة: أن تكون في مكان قريب، وأن لا
لبلده لم تحل الامة، أما لو كان تحته غائبة في مكان بعيد عن بلده ولحقه مشقة ظاهرة بأن ينسب متحملها في طلب الزوجة إلى مجاوزة الحد في قصدها أو يخاف الزنا مدة قصدها فهي كالعدم كالتي لا يمكن انتقالها إلى وطئة لمشقة الغربة له.
(و) ثانيها (بخوفه زنا) بغلبة شهوة وضعف تقواه فتحل - للآية - فإن ضعفت شهوته وله تقوى أو مروءة أو حياء يستقبح معه الزنا أو قويت شهوته وتقواه لم تحل له الامة لانه لا يخاف الزنا.
ولو خاف الزنا
ــ
يلحقه مشقة ظاهرة في قصدها، وأن يمكن انتقالها معه (قوله: أما لو كان تحته الخ) محترز قوله ولو قدر على غائبة في مكان قريب الخ.
ثم إن المتبادر من قوله تحته أن الغائبة زوجته فيفيد أن التفصيل المذكور جار فيها فقط وليس كذلك، بل هو إنما يجري في الغائبة التي يريد أن يتزوجها: وأما الزوجة فأطلقوا فيها أن غيبتها تبيح نكاح الأمة من غير تفصيل.
وقال في التحفة والنهاية: إن إطلاقهم صحيح، وفرقا بين الزوجة وبين غيرها بأن الطمع في حصول حرة لم يألفها يخفف العنت.
والذي اعتمده ابن قاسم وقال لا ينبغي العدول عنه جريان التفصيل لها أيضا إذا علمت هذا فكان الأولى أن يقول أما لو قدر على غائبة في مكان بعيد الخ فتحمل على حرة غير زوجة أو على ما يشملها والزوجة على ما اعتمده سم.
تأمل (قوله: ولحقه مشقة ظاهرة) أي في سفره لها.
والأولى التعبير بأو لأن هذا محترز القيد الثاني.
وقوله بأن ينسب الخ: تصوير لضابط المشقة الظاهرة.
وقوله إلى مجاوزة الحد في قصدها: المراد منه أن يحصل له لوم وتعيير من الناس بقصدها (قوله: أو يخاف الزنا) عطف على جملة ولحقه مشقة: أي أو لم تلحقه مشقة ظاهرة لكن يخاف الزنا مدة قصدها: فأي ولا يقدر على منع نفسه منه؟ فالمراد خوف مخصوص فلا يرد أن خوف الزنا شرط في صحة نكاح الأمة: أي فائدة في التصريح به هنا.
وحاصل الجواب أن الذي جعل شرطا مطلق خوف، أي قدر على منع نفسه مما يخافه أو لا، كان ذلك الخوف في مدة السفر أو لا، وأن المراد به هنا خوف مخصوص بكونه في مدة السفر وبكونه ليس له قدرة على منع نفسه منه (قوله: فهي) أي الغائبة التي في مكان بعيد أو التي يلحقه مشقة ظاهرة في طلبها (قوله: كالتي لا يمكن الخ) أي كالغائبة التي لا يمكن انتقالها إلى وطنه: أي فهي كالعدم ولو لم تحصل له مشقة في قصدها أو لم يخف الزنا مدة سفره لها.
وهذا محترز قوله وأمكن انتقالها لبلده.
ولو قال قبل قوله فهي كالعدم أو لم يكن انتقالها إلى بلده لكان أولى وأخصر (قوله: لمشقة الغربة له) تعليل لمحذوف: أي ولا يكلف المقام معها لمشقة الغربة له، والرخصة لا تحتمل هذا التضييق
(قوله: وثانيها) أي الشروط (قوله: بخوفه زنا) الباء للتصوير: أي ثانيها مصور بخوف زنا: أي بتوقعه لا على ندور: بأن يغلب على ظنه الوقوع فيه أو يحتمل الوقوع فيه وعدمه على سواء.
وقوله بغلبة شهوة: الباء سببية، أي بخوفه الزنا الحاصل بسبب غلبة شهوته وضعف تقواه.
ويحتمل - وهو الأقرب - أن تكون الباء بمعنى مع: أي بخوفه زنا مع غلبة شهوته وضعف تقواه، بخلاف خوف الزنا مع ضعف شهوته أو مع قوتها وقوة تقواه فلا يبيح نكاح الأمة - كما سيبينه بعد - (قوله: فتحل) أي الأمة: أي نكاحها.
وهذا تفريع على الشرط الأول وهو العجز، والثاني وهو خوف الزنا.
(وقوله: للآية) تعليل للحل بالنسبة للشرطين المذكورين: وهي قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم - إلى قوله - ذلك لمن خشي العنت منكم) * (1) والطول: السعة.
والمراد به المهر.
والمراد بالمحصنات: الحرائر، ووصفهن بالمؤمنات جرى على الغالب.
لأن الحرة الكتابية كالحرة المسلمة في منع الأمة (قوله: فإن ضعفت شهوته وله تقوى إلخ) محترز قوله بغلبة شهوة وضعف تقواه.
وقوله أو مروءة: عطفها على التقوى من عطف الخاص على العام لأنها توقي الأدناس المحرمة والمباحة فيسقطها الأكل والشرب في السوق، بخلاف التقوى فإنها توقي المحرمات - سواء توقي معها المباحات أم لا - فلا يسقطها الأكل والشرب وقوله أو حياء: الذي يظهر أن المروءة تستلزم الحياء: إذ من لا مروءة له لا حياء فيه (قوله: يستقبح معه الزنا) الجملة صفة لحياء: أي حياء يستقبح معه الزنا.
وعبارة الروض: يستقبح معهما الزنا.
اه.
فالضمير يعود على المروءة وعلى الحياء (قوله: أو قويت شهوته) معطوف على فإن ضعفت شهوته.
وقوله وتقواه: أي وغلبت تقواه، فالاثنان يستويان في الغلبة (قوله: لم تحل له الامة)
(1) سورة النساء، الاية: 25
من أمة بعينها لقوة ميله إليها لم تحل له - كما صرحوا به - والشرط الثالث: أن تكون الامة مسلمة يمكن وطوها فلا تحل له الامة الكتابية.
وعند أبي حنيفة رضي الله عنه يجوز للحر نكاح أمة غيره إن لم يكن تحته حرة.
(فروع) لو نكح الحر الامة بشروطه ثم أيسر أو نكح الحرة لم ينفسخ نكاح الامة.
وولد الامة من نكاح أو غيره كزنا أو شبهة بأن نكحها وهو موسر قن لمالكها.
ولو غر واحد بحرية أمة وتزوجها فأولادها الحاصلون منه
ــ
جواب إن (قوله: لأنه لا يخاف الزنا) أي أصلا، أو يخافه على ندور.
وهو علة لعدم حل نكاح الأمة حينئذ (قوله: ولو خاف الزنا الخ) هذا مرتب على مقدر مرتبط بقوله بخوفه زنا.
والمراد بخوف الزنا عمومه - لا خصوصه - فلو خاف الزنا من أمة الخ.
وعبارة المغني: والمراد بالعنت عمومه، لا خصوصه، حتى لو خاف العنت من أمة بعينها الخ (قوله: لم تحل له) أي سواء وجد الطول أم لا، ولا عبرة بعشقه لها لأنه داء تهيجه البطالة وإطالة الفكر.
وكم ممن ابتلي به وزال عنه؟ ولله در القائل: ليس الشجاع الذي يحمي فريسته يوم القتال ونار الحرب تشتعل لكن من غض طرفا أو ثنى قدما عن الحرام فذاك الفارس البطل
(قوله: أن تكون الأمة) أي التي يريد أن ينكحها مسلمة.
وذلك لقوله تعالى: * (من فتياتكم المؤمنات) * (1)(وقوله: يمكن وطؤها) أي بأن لا تكون صغيرة ولارتقاء ولا قرناء (قوله: فلا تحل له الأمة الكتابية) مفهوم الشرط المذكور.
وإنما جاز له وطئ أمته الكتابية بملك اليمين - كما سيصرح به - لأن المحذور في نكاح الأمة الذي هو إرقاق الولد منتف فيها (قوله: وعند أبي حنيفة يجوز للحر نكاح أمة غيره) أي وإن لم يخف الزنا.
(فائدة) قال المناوي في شرح الخصائص: خص النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم نكاح الأمة المسلمة لأن نكاحها مقيد بخوف العنت وهو معصوم، وبفقدان مهر الحرة ونكاحها غني عن المهر ابتداء وانتهاء، وبرق الولد ومنصبه منزه عنه.
ولو قدر له نكاح أمة كان ولده منها حرا.
اه.
بجيرمي (قوله: فروع) أي ثلاثة: الأول قوله لو نكح الخ الثاني وولد الأمة الخ، الثالث ولو غر الخ (قوله: بشروطه) أي النكاح، وهي العجز عمن تصلح للتمتع وخوف الزنا وإسلام الأمة (قوله: ثم أيسر) أي بأن قدر على صداق الحرة (قوله: أو نكح الحرة) أي بعد نكاح الأمة - كما هو فرض المسألة - بخلاف ما لو عقد عليهما معا فإنه يصح في الحرة ولا يصح في الأمة (قوله: لم ينفسخ نكاح الأمة) أي لأنه دوام، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في الابتداء (قوله: وولد الأمة) أي أمة الغير.
(وقوله: من نكاح أو غيره) تعميم في الولد، أي لا فرق فيه بين أن يكون من نكاح: أي عقد صحيح.
وقوله أو غيره: أي غير نكاح.
وقوله كزنا إلخ: تمثيل لغير النكاح.
وقوله أو شبهة: أي لا تقتضي حريته كأن اشتبهت على الواطئ بزوجته المملوكة أو نكحها وهو موسر.
أما التي تقتضي الحرية كأن غر بها فولدها حر، كما سيصرح به (قوله: بأن نكحها وهو موسر) الباء لتصوير الشبهة المقتضية لإرقاق الولد (قوله: قن) خبر المبتدأ الذي هو ولد الأمة وقوله لمالكها: أي الأمة (قوله: ولو غر) أي الحر.
وقوله بحرية أمة: أي بأن قال له وليها إنها حرة لا أمة.
وقوله وتزوجها: أي بناء على أنها حرة (قوله: فأولادها الحاصلون منه) أي من هذا المغرور.
وقوله ما لم يعلم برقها: قيد في حرية الأولاد: أي محلها مدة عدم علمه برقها: أي قبل انعقاد الأولاد فإن علمه قبل الانعقاد فالأولاد أرقاء.
وعبارة شرح الروض: أما الحاصلون بعد علمه برقها فأرقاء.
والمراد بالحصول العلوق ويعلم ذلك بالوضع، فإن وضعتهم لأقل من ستة أشهر من وطئه بعد علمه فأحرار.
وإلا فأرقاء.
قاله الماوردي.
قال الزركشي: ولا بد من اعتبار قدر
(1) سورة النساء، الاية: 25
أحرار ما لم يعلم برقها وإن كان عبدا ويلزمه قيمتهم يوم الولادة (وحل لمسلم) حر (وطئ) أمته (الكتابية) لا الوثنية والمجوسية.
(تتمة) لا يضمن سيد بإذنه في نكاح عبده مهرا ولا مؤنة وإن شرط في إذنه ضمان، بل يكونان في كسبه وفي مال تجارة أذن له فيها.
ثم إن لم يكن مكتسبا ولا مأذونا فهما في ذمته فقط كزائد على مقدر له ومهر وجب بوطئ في نكاح فاسد لم يأذن فيه سيده ولا يثبت مهر أصلا بتزويج أمته لعبده وإن سماه، وقيل يجب ثم يسقط.
ــ
زائد للوطئ والوضع.
اه (قوله: وإن كان) أي ذلك المغرور عبدا وحينئذ يلغز ويقال لنا ولد حر بين رقيقين (قوله:
ويلزمه الخ) مرتب على كون الأولاد أحرارا: أي وإذا كانوا كذلك فيلزم المغرور وإن كان معذورا قيمتهم لسيد الأمة لأنه قوت عليه رقهم التابع لرقها بظنه حريتها.
نعم إن كان المغرور عبدا لسيدها فلا شئ عليه.
إذ لا يجب للسيد على عبده مال، وكذا إن كان الغار سيدها لأنه لو غرم رجع عليه.
ثم إن المغرور إذا غرم يرجع على الغار له لأنه الموقع له في الغرامة وهو لم يدخل في العقد على أن يغرمها.
ويتصور التغرير بالحرية للأمة منها أو من وكيل السيد في تزويجها أو منهما أو من سيدها في مرهونة زوجها هو بإذن المرتهن وهو معسر بالدين الذي عليه وفي جانية زوجها هو بإذن المجنى عليه وهو معسر أيضا، وفيمن اسمها حرة فقال زوجتك حرة ونحو ذلك مما يتصور فيه التغرير من السيد، وفي الغالب لا يتصور منه.
وذلك لأنه إذا قال زوجتك هذه الحرة أو على أنها حرة عتقت عليه.
ثم إن التغريم المذكور محله إذا انفصل الولد حيا، أما إذا انفصل ميتا بلا جناية فلا شئ فيه (قوله: وحل لمسلم حر) أي وكذا كتابي.
وقوله وطئ أمته الكتابية: أي ذمية كانت أو حربية، لكن يكره وطؤها لئلا تفتنه بفرط ميله إليها أو ولده (قوله: لا الوثنية ولا المجوسية) أي لا يجوز وطؤهما لقوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (1)(قوله: تتمة) أي في بيان متعلقات نكاح الرقيق (قوله: لا يضمن سيد الخ) المراد به هنا مالك الرقبة والمنفعة معا، فإن اختلفا، كموصى له بمنفعته، اعتبر إذن مالك الرقبة في الأكساب النادرة كاللقطة وإذن الموصى له في الأكساب المعتادة كحرفة.
اه.
بجيرمي (قوله: بإذنه) الباء سببية متعلقة بيضمن: أي لا يكون إذنه في النكاح سببا في ضمانه ما ذكر، وذلك لأنه لم يتلزمه تعريضا ولا تصريحا (قوله: وإن شرط في إذنه ضمان) أي وإن ذكر في إذنه في النكاح ما يدل على الضمان: كأن قال تزوج وعلي المهر والنفقة فإنه لا يضمنهما، وذلك لتقدم ضمانه على وجوبهما وضمان ما لم يجب باطل.
قال في التحفة: بخلافه - أي الضمان بعد العقد - فإنه يصح في المهر إن علمه لا النفقة إلا فيما وجب منها قبل الضمان وعلمه.
اه (قوله: بل يكونان) أي المهر والمؤنة.
وقوله في كسبه: أي مع أنهما في ذمته لأن تعلقهما بكسبه فرع تعلقهما بذمته.
قال في النهاية: وكيفية تعلقهما بالكسب أن ينظر في كسبه كل يوم فتؤدي منه النفقة لأن الحاجة لها ناجزة، ثم إن فضل شئ صرف للمهر الحال حتى يفرغ ثم يصرف للسيد ولا يدخر شيئا منه للنفقة أو الحلول في المستقبل لعدم وجوبهما.
اه (قوله: وفي مال تجارة) أي ويكونان أيضا في مال تجارة ربحا ورأس مال، لأن ذلك دين لزمه بعقد مأذون فيه فصار كدين التجارة، ولا ترتيب بينه وبين الكسب، كما أفادته واو العطف، فإن لم يف أحدهما كمل من الآخر.
وقوله أذن له فيها: أي أذن السيد له في التجارة (قوله: ثم إن لم يكن مكتسبا) أي عجز عن الإكتساب (قوله: ولا مأذونا) أي له في التجارة (قوله: فهما) أي المهر والمؤنة.
وقوله في ذمته فقط: أي
فيطالب بهما بعد العتق واليسار (قوله: كزائد على مقدر له) أي بأن قدر السيد له مهرا فزاد عليه، فالزائد يكون في ذمته فقط ولا يتعلق بالكسب ومال التجارة (قوله: ومهر وجب) أي وكمهر وجب الخ: أي فإنه يتعلق بذمته فقط.
وقوله في نكاح فاسد: خرج به الوطئ في نكاح صحيح، فالمهر فيه يتعلق بكسبه ومال تجارته (قوله: لم يأذن فيه سيده) أي لم يأذن في النكاح الفاسد بخصوصه سيده، فإن أذن له فيه تعلق بكسبه ومال تجارته (قوله: ولا يثبت مهر أصلا الخ) أي لأنه لا يثبت له على عبده دين.
وهذا إذا كان غير مكاتب.
أما هو فيلزمه المهر لأنه مع السيد في المعاملة كالأجنبي.
قال م ر:
(1) سورة البقرة، الاية: 221
فصل في الصداق وهو ما وجب بنكاح أو وطئ.
وسمي بذلك لاشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الاصل في
ــ
وأما المبعض فالظاهر أنه يلزمه بقسط ما فيه من الحرية.
اه.
(قوله: وقيل يجب) أي المهر على عبده أولا ثم يسقط عنه.
وفي المغني ما نصه: وهل وجب المهر ثم سقط أو لم يجب أصلا؟ ظاهر كلام المصنف الثاني، وجرى عليه في المطلب.
وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا زوجه بها وفوض بعضها.
ثم وطئها بعدما أعتقه.
فإن قلنا بعدم الوجوب فلا شئ للسيد عليه، وإن قلنا بالوجوب وجب للسيد عليه مهر المثل لأنه وجب بالوطئ وهو حر.
اه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في الصداق أي في بيان أحكامه: كسنية ذكره في العقد، أو كراهته، وهو بفتح الصاد، ويجوز كسرها، ويجمع جمع قلة على أصدقة، وكثرة على صدق، بضمتين، ويؤخذ الجمعان المذكوران من قول ابن مالك: في اسم مذكر رباعي بمد ثالث افعله عنهم اطرد وقوله: وفعل لاسم رباعي بمدقد زيد قبل لام اعلالا فقد والأول مثل طعام وأطعمة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة.
والثاني مثل قضيب وقضب وعمود وعمد.
والأصل فيه قبل الإجماع: قوله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * (1) أي تكرمة وعطية، وقوله تعالى: * (وآتوهن أجورهن) * (2) وقوله صلى الله عليه وسلم لمريد التزوج التمس ولو خاتما من حديد رواه الشيخان: أي اطلب شيئا تجعله صداقا ولو كان الملتمس خاتما من حديد.
والمخاطب بإيتاء المهور إلى النساء الأزواج عند الأكثرين، وهو الظاهر، وقيل الأولياء لأنهم كانوا في الجاهلية بأخذونها ولا يعطون النساء منها شيئا، بل بقي منه بقية الآن في بعض البلاد (قوله: وهو) أي الصداق شرعا ما
ذكر، وأما لغة فهو اسم لما وجب بالنكاح فقط، فيكون المعنى الشرعي أعم من اللغوي على عكس القاعدة من أن اللغوي أعم من المعنى الشرعي، وهذا مبني على أنه لا فرق بين الصداق والمهر.
أما على ما قيل من أن الصداق ما وجب بالنكاح والمهر ما وجب بغير ذلك فلا يكون المعنى الشرعي أعم من المعنى اللغوي لكنه على خلاف القاعدة أيضا لأن القاعدة أن المعنى اللغوي أعم من المعنى الشرعي كما علمت وهذا مساو له (قوله: ما وجب) أي مال أو منفعة وجب للمرأة على الرجل غالبا وقد يجب للرجل على المرأة كما لو أرضعت إحدى زوجتيه وهي الكبرى الأخرى وهي الصغرى فيجب على المرضعة نصف مهر مثل الصغرى للزوج، ويجب على الزوج للصغرى نصف المسمى إن كان صحيحا، وإلا فنصف مهر المثل.
وإنما وجب على المرضعة للزوج نصف المهر ولم يجب المهر كله مع أنها فوتت عليه البضع اعتبارا لما يجب له بما يجب عليه، وقد يجب للرجل على الرجل كما في شهود الطلاق إذا رجعوا بعد حكم الحاكم بالفراق فإنهم يغرمون مهر المثل للزوج.
وقوله بنكاح: أي بسبب نكاح: أي عقد صحيح، وهذا في غير المفوضة وهي القائلة لوليها زوجني بلا مهر أو على أن لا مهر لي، أما هي فمهرها لا يجب بالعقد بل بأحد ثلاثة أشياء: بفرض الزوج على نفسه، وبفرض الحاكم على الزوج، وبالوطئ.
وقال بعضهم: إن وجوب مهرها وإن كان مبتدأ بالفرض وغيره لكن أصله العقد فشمله قوله بنكاح.
وقوله أو وطئ: أي في شبهة أو في تفويض، فإذا وطئها بشبهة وجب عليه مهر المثل.
ومنها الوطئ في النكاح الفاسد.
وكان على الشارح أن يزيد في التعريف أو تفويت بضع قهرا ليشمل مسألة الارضاع
(1) سورة النساء، الاية:4.
(2)
سورة النساء، الاية: 25
إيجابه، ويقال له أيضا مهر.
وقيل الصداق ما وجب بتسميته في العقد.
والمهر ما وجب بغير ذلك (سن) ولو في تزويج أمته بعبده ذكر صداق في عقد) وكونه من فضة، للاتباع فيهما، وعدم زيادة على خمسمائة درهم أصدقة
ــ
ومسألة رجوع الشهود السابقتين.
وعبارة غيره: ما وجب بنكاح أو وطئ أو تفويت بضع قهرا كإرضاع ورجوع شهود.
اه.
وهي أولى (قوله: وسمى بذلك) ضمير سمى يعود على ما في قوله ما وجب، واسم الإشارة يعود على الصداق.
وأفاد به بيان حكمة تسمية ما ذكر بلفظ الصداق.
وقوله لإشعاره: أي ما وجب، أي بذله، فالضمير يعود على ما أيضا بتقدير مضاف.
وقوله بصدق رغبة بذله: وهو الزوج.
وقوله في النكاح: متعلق برغبة.
قوله الذي هو: أي النكاح بمعنى العقد.
وقوله الأصل في إيجابه: أي الصداق (قوله: يقال له) أي لما سمى بالصداق.
وقوله مهر: نائب فاعل يقال، والمراد أنه يسمى بالمهر كما يسمى بالصداق.
وسمى أيضا نحلة، وفريضة، وحباء، وأجرا، وعقرا، وعلائق، فهي ثمانية نظمها
بعضهم في بيت مفرد فقال: صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عقر علائق وزاد بعضهم ثلاثة في بيت فقال: وطول نكاح، ثم خرس تمامها ففرد وعشر عد ذاك موافق والعقر، بضم العين، اسم لدية فرج المرأة ثم استعمل في المهر.
والعلائق جمع عليقة، بفتح فكسر، والخرس، بضم الخاء وسكون الراء، وزيد على ذلك أيضا صدقة، بفتح أوله وتثليث ثانيه، وبضم أوله أو فتحه مع إسكان ثانيه، وبضمهما، وعطية فيكون المجموع ثلاثة عشر اسما، ونطق القرآن العظيم منها بستة: الصدقة والنحلة في قوله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * (1) والنكاح في قوله تعالى: * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا) * (2) والأجر في قوله تعالى: * (وآتوهن أجورهن بالمعروف) * (3) والفريضة في قوله: * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * (4) والطول في قوله: * (ومن لم يستطع منكم طولا) * (5) ووردت السنة بالباقي (قوله: وقيل الصداق الخ) حاصل هذا القيل التفرقة بين المسمى بالصداق والمسمى بالمهر.
وقوله ما وجب بتسمية في العقد: عبارة البجيرمي: وقيل الصداق ما وجب بالعقد.
والمهر ما وجب بغيره كوطئ الشبهة.
اه.
(قوله: سن الخ) شروع في بيان حكم ذكر المهر في صلب العقد وفي غيره.
وقوله ولو في تزويج أمته بعبده: الغاية للرد على من قال إنه لا يستحب التسمية في هذه الصورة، وهو المعتمد إن لم يكن أحدهما مكاتبا.
وعبارة المنهج: نعم لو زوج عبده بأمته ولا كتابة لم يسن ذكره: إذ لا فائدة فيه فإنه لا يثبت للسيد على عبده شئ فلا حاجة إلى تسميته، بخلاف ما لو كان أحدهما أو كلاهما مكاتبا إذ المكاتب كالأجنبي.
اه.
ومثلها عبارة النهاية، ونصها: نعم لو زوج عبده بأمته لا يستحب ذكره في الجديد، إذ لا فائدة فيه.
كذا في المطلب والكفاية.
وفي نسخ العزيز المعتمدة وفي بعض نسخه والروضة أن الجديد الاستحباب.
قال الأذرعي: والصواب الأول.
اه.
وظاهر عبارة التحفة الموافقة لهما ونصها بعد قوله يسن، ولو في تزويج أمته بعبده على ما مر.
اه.
(وقوله: على ما مر) هو قوله نعم تسن تسميته على ما في الروضة واعترض بأن الأكثرين على عدم ندبها.
اه.
وقد مشى عليه الشارح نفسه، في مبحث شروط النكاح، عند قوله ولا مع تأقيت.
فتنبه.
وقوله ذكر صداق: نائب فاعل سن.
وقوله في عقد: أي في أثنائه، فلا اعتبار بذكره قبله أو بعده (قوله: وكونه من فضة) معطوف على ذكر: أي وسن كونه من فضة.
ويسن أيضا أن لا يدخل بها حتى يدفع شيئا من الصداق، خروجا من خلاف من أوجبه، قال بعضهم:
وحكمة ذلك أن الله تعالى لما خلق حواء اشتقا لها آدم ومد يده إليها فلقال الله له: يا آدم حتى تؤدي مهرها.
قال وما
(1) سورة النساء، الاية:4.
(2)
سورة النور، الاية:33.
(3)
سورة النساء، الاية:25.
(4)
سورة النساء، الاية:24.
(5)
سورة النساء، الاية: 25
بناته (ص) أو نقصان عن عشرة دراهم خالصة: وكره إخلاوه عن ذكره.
وقد يجب لعارض: كأن كانت المرأة غير جائزة التصرف.
(وما صح) كونه (ثمنا صح) كونه (صداقا) وإن قل لصحة كونه عوضا فإن عقد بما لا يتمول،
ــ
مهرها.
قال وما مهرها؟ قال مهرها أن تصلي على محمد صلى الله عليه وسلم ألفا في نفس واحد.
فصلى خمسمائة مرة فتنفس.
فقال: يا آدم الذي صليته هو مقدم الصداق، والذي بقي عليك هو مؤخره.
وفي رواية: إن الله تعالى لما خلق حواء قال له آدم يا رب زوجني من حواء.
فقال له يا آدم حتى تعطيني مهرها.
قال وما مهرها يا رب؟ قال: مهرها أن تصلي على محمد حبيبي مائة مرة في نفس.
فصلى آدم سبعين مرة ثم انقطع نفسه.
فقال له الرب لا بأس عليك.
الذي صليته مقدم المهر، والذي بقي عليك مؤخره فلذلك تجد بعض الناس يقدمون النصف ويؤخرون النصف.
وبعضهم يقدم نحو الثلثين ويؤخر نحو الثلث، وهو الأغلب المتعارف بيننا الآن في هذه الأزمان (قوله: للاتباع فيهما) أي في ذكر الصداق وفي كونه من فضة (قوله: وعدم زيادة الخ) معطوف أيضا على ذكر: أي وسن عدم زيادة على خمسمائة درهم.
وقوله أصدقه إلخ: هو بالرفع خبر المبتدأ محذوف، وبالجر بدل أو عطف بيان من خمسمائة درهم، وهو في قوة التعليل لسنية عدم الزيادة على ذلك: أي وإنما سن ذلك لأنها أصدقة بناته صلى الله عليه وسلم كما صح عن سيدنا عمر رضي الله عنه في خطبته أنه قال: لا تغالوا بصدق النساء فإنها لو كنت مكرمة في الدنيا أو تقوي عند الله كان أولى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يرد على هذا إصداق أم حبيبة أربعمائة دينار لأنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان من النجاشي إكراما له صلى الله عليه وسلم فإنها كانت تحت عبد الله بن جحش وهاجرت معه إلى الحبشة فتنصر وبقيت على الإسلام رضي الله عنها فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري في تزويجها من النجاشي فأصدقها النجاشي أربعمائة دينار وجهزها من عنده وأرسلها مع شرحبيل للنبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع (قوله: أو نقصان الخ) معطوف على زيادة: أي وسن عدم نقصان عن عشرة دراهم، خروجا من خلاف أبي حنيفة رضي الله عنه، فإنه لا يجوز عند التسمية أقل منها (قوله: وكره إخلاؤه) أي العقد عن ذكره: أي الصداق (قوله: وقد يجب) أي ذكر الصداق في العقد (قوله:
كأن كانت المرأة الخ) تمثيل للعارض الموجب لذكره في العقد.
وقوله غير جائزة التصرف: أي لصغر أو جنون أو سفه، أي وقد حصل الاتفاق مع الزوج على أكثر من مهل المثل فتفوت الزيادة مع أنه مصلحة للزوجة المذكوة.
ومن صور وجوب التسمية أيضا ما لو كانت الزوجة جائزة التصرف وأذنت لوليها أن يزوجها من غير تفويض وقد حصل الاتفاق على أكثر من مهر المثل، فلو سكت لوجب مهر المثل فتفوت المصلحة مع أن تصرف الولي يكون بها.
ومنها أيضا ما لو كان الزوج غير جائز التصرف وحصل الاتفاق على أقل من مهر المثل فتجب تسمية ما وقع الاتفاق عليه، فلو سكت عن التسمية لوجب مهر المثل فتحصل زيادة على الزوج، والمصلحة في هذه الصورة عائدة على الزوج، وفيما قبلها على الزوجة.
وقد تحرم التسمية، كما لو زوج محجورة بمن لم ترض إلا بأكثر من مهر مثلها (قوله: وما صح كونه ثمنا الخ) هذه في المعنى قضية شرطية صورتها: وكل ما صح جعله ثمنا صح جعله صداقا.
والذي يصح جعله ثمنا هو الذي وجدت فيه الشروط السابقة في باب البيع: من كونه طاهرا منتفعا به مقدورا على تسلمه مملوكا لذي العقد.
وقوله صح كونه صداقا: أي في الجملة، فلا يرد ما لو زوج عبده لحرة وجعل رقبته صداقا لها فإنه يصح مع صحة جعله ثمنا لأنه منع منه هنا مانع وهو أنه لا يجتمع الملك والنكاح لتناقضهما (قوله: وإن قل) غاية لقوله ما صح كون ثمنا: أي كل ما صح أن يكون ثمنا ولو قليلا يصح كونه صداقا، ولا حاجة إلى تقييد القلة بأن لا تنتهي إلى حد لا يتمول: لأنه حينئذ لا يصح كونه ثمنا فهو خارج من موضوع المسألة (قوله: لصحة كونه عوضا) عبارة شرح المنهج: لكونه، أي الصداق، عوضا بإسقاط لفظ صحة، وهو الأولى: إذ لا معنى للعلة بدون إسقاطه، وهي علة لما تضمنته الشرطية السابقة، والمعنى: وإنما اشترط في صحة ما يجعل صداقا صحة جعله ثمنا لكون الصداق عوضا عن الاستمتاع بالبضع، فهو كالثمن.
نعم: إن جعل علة للغاية كان لزيادة لفظ صحة معنى، أي وإنما صح أن يكون قليلا لصحة كون القليل عوضا إلا أنه بعيد.
تأمل (قوله: فإن عقد مما لا يتمول) أي بما لا يقابل بمال سواء كان في حد ذاته مالا كنواة أو غيره كترك حد قذف فلا حاجة حينئذ إلى زيادة، وما لا
كنواة وحصاة وقمع باذنجان وترك حد قذف، فسدت التسمية لخروجه عن العوضية (ولها) كولي ناقصة بصغر أو جنون وسيد أمة (حبس نفسها لتقبض غير مؤجل) من المهر المعين أو الحال سواء كان بعضه أم كله، أما لو كان مؤجلا فلا حبس لها وإن حل قبل تسليمها نفسها له، ويسقط حق الحبس بوطئه إياها طائعة كاملة فلغيرها الحبس بعد الكمال إلا أن يسلمها الولي بمصلحة، وتمهل وجوبا النحو تنظف بالطلب منها أو من وليها ما يراه قاض من
ــ
يقابل بمال كما زاده بعضهم (قوله: كنواة الخ) تمثيل لما لا يتمول (قوله: وقمع باذنجان) في المصباح: القمع ما على الثمرة ونحوها، وهو الذي تتعلق به مثل عنب وحمل، والجمع أقماع.
اه.
بتصرف (قوله: وترك حد قذف) أي بأن قذفته واستحقت الحد وأراد أن يجعل تركه صداقا لها فلا يصح لأنه لا يقابل بمال (قوله: فسدت التسمية) جواب إن، ومع فساد التسمية النكاح صحيح لأن النكاح لا يفسد بفساد المسمى.
وذلك لأن عقد النكاح مشتمل على عقدين: عقد
للنكاح قصدا وبالذات، وعقد للصداق تبعا وبالعرض.
فإذا صح ما بالذات صح التابع له أو فسد هو فسد ولا كذلك ما لو فسد التابع، فإن المتبوع على الصحة، كما هو ظاهر، أفاده البجيرمي (قوله: لخروجه عن العوضية) علة الفساد: أي فسدت التسمية بما لا يتمول لكونه لا يكون عوضا (قوله: ولها) الضمير يعود على معلوم من السياق، وهو الزوجة الرشيدة التي لم يدخل بها (قوله: كولي ناقصة) بالإضافة.
وقوله بصغر: الباء سببية متعلق بناقصة: أي نقصها بسبب صغر أو جنون، أي أو سفه، (قوله: وسيد أمة) معطوف على ولي ناقصة: أي ولسيد أمة (قوله: حبس نفسها) أي عن تمكين الزوج منها: أي أو حبس الولي أو السيد لها عنه.
وكان عليه أن يزيد ما ذكر ليطابق ما قبله.
وإذا حبست نفسها أو حبسها الولي بسبب عدم تسليم الصداق استحقت النفقة وغيرها وجوبا مدة الحبس لأن التقصير منه.
(فإن قيل) كيف ساغ لها الحبس مع أنه لا يجب إلا بالوطئ أو بالموت؟ (يجاب) بأنه لما جرى سبب وجوبه وهو العقد جاز لها الطلب.
وقوله لتقبض غير مؤجل: اللام تعليلية متعلقة بحبس: أي لها الحبس لأجل أن تقبض ما هو لها من المهر غير المؤجل (قوله: من المهر الخ) بيان لغير المؤجل.
والمراد بالمهر الذي ملكته بالنكاح.
فخرج ما لو زوج أم ولده فعتقت بموته أو أعتقها أو باع أمته بعد التزويج فليس لها الحبس لأنه ملك للوارث أو المعتق أو البائع لا لها فهي لم تملكه.
وخرج أيضا ما لو زوج أمة ثم أعتقها وأوصى لها بمهرها فليس لها حبس نفسها لأنها إنما ملكته بالوصية لا بالنكاح.
وقوله المعين: أي كتزوجتها بهذا العبد.
وقوله أو الحال: بأن التزمه في الذمة وشرط أن يؤديه حالا كتزوجتها بمائة ريال حالة (قوله: سواء كان الخ) تعميم في غير المؤجل: أي لا فرق في غير المؤجل الذي حبست نفسها لأجله بين أن يكون بعض المهر بأن استلمت بعضه وبقي البعض، أو كله بأن لم تستلم منه شيئا (قوله: أما لو كان مؤجلا فلا حبس لها) أي لرضاها بالتأجيل (قوله: وإن حل الخ) غاية لقوله فلا حبس لها: أي فلا حبس لها ولو حل الأجل قبل تسليمها نفسها له لأنها قد وجب عليها أن تسلم نفسها قبل الحلول فلا يرتفع بالحلول.
ولو تنازع الزوجان في البداءة بالتسليم بأن قال الزوج لا أسلم المهر حتى تسلمي نفسك وقالت هي لا أسلمك نفسي حتى تسلم المهر أجبر فيؤمر بوضعه عند عدل وتؤمر بتمكين لنفسها، فإذا مكنت أعطاه لها وإن لم يأتها الزوج.
ولو بادرت فمكنته طالبته بالمهر.
فإن لم يطأ امتنعت حتى يسلم المهر.
ولو بادر فسلم المهر لزمها التمكين إذا طلبه، فإذا امتنعت ولو بلا عذر لا يسترد المهر لتبرعه بالمبادرة (قوله: ويسقط حق الحبس) أي للزوجة.
وقوله بوطئه: أي الزوج.
والإضافة من إضافة المصدر لفاعله.
وقوله إياها: مفعوله.
وقوله طائعة كاملة: حالان من المفعول أو الثاني حال من فاعل طائعة
وتسمى الحال المتداخلة (قوله: فلغيرها) الضمير عود على القيد الثاني: أعني كاملة: أي فلغيهر الكاملة من صغيرة ومجنونة الحبس بعد الكمال: أي البلوغ والإفاقة، وكان عليه أن يذكر محترز القيد الأول أيضا، أعني طائعة، وهو الإكراه.
ولو قال أما لو أكرهها أو كانت غير كاملة حال الوطئ ثم كملت بعده فلها الحبس لأوفى بالمراد (قوله: إلا أن يسلمها الولي بمصلحة) أي إلا أن يسلم غير الكاملة وليها بمصلحة تعود إليها كالنفقة والكسوة وكحفظها فليس لها الحبس
ثلاثة أيام فأقل، لا لانقطاع حيض ونفاس.
نعم، لو خشيت أنه يطؤها سلمت نفسها وعليها الامتناع، فإن
علمت أن امتناعها لا يفيد واقتضت القرائن بالقطع بأنه يطوها لم يبعد أن لها، بل عليها، الامتناع حينئذ، على ما قاله شيخنا، (ولو أنكح) الولي (صغيرة) أو مجنونة (أو رشيدة بكرا بلا إذن بدون مهر مثل أو عينت له قدرا
ــ
بعد الكمال.
وعبارة شرح الروض: نعم لو سلم الولي الصغيرة أو المجنونة بالمصلحة فينبغي كما في الكفاية أنه لا رجوع لها وإن كملت، كما لو ترك الولي الشفعة لمصلحة ليس للمحجور عليه الأخذ بها بعد زوال الحجر على الأصح، بخلاف ما لو سلمها بغير مصلحة، انتهت (قوله: وتمهل وجوبا) أي بعد تسليم الصداق لها.
وقوله لنحو تنظف: كإزالة وسخ واستحداد، وذلك لأن ما ذكر منفر، فإزالته أدعى إلى بقاء النكاح.
وخرج بنحو التنظيف الجهاز والسمن ونحوهما فلا تمهل لها (قوله: بالطلب منها) متعلق بتمهل.
وفي حاشية الجملة ما نصه: ونفقة مدة الإمهال على الزوج لأنها معذورة في ذلك.
كذا في حاشية ح ل.
وفي ع ش على م ر ما يصرح بأنه لا نفقة لها.
وعبارته على قول الأصل ولا تسلم صغيرة ولا مريضة حتى يزول مانع وطئ.
قوله: حتى يزول إلخ: أي ولا نفقة لهما لعدم التمكين وينبغي أن مثلهما من استمهلت لنحو تنظف وكل من عذرت في عدم التمكين.
اه.
(قوله: ما يراه قاض) ما واقعة على زمن، فهي ظرف باعتبار معناها متعلق بتمهل: أي تمهل زمنا يراه قاض لأنه أمر مجتهد فيه فأنيط به (قوله: من ثلاثة أيام فأقل) بيان لما، ولا يجوز مجاوزتها لأن غرض التنظيف يحصل فيها غالبا (قوله: لا لانقطاع الخ) معطوف على لنحو تنظف: أي لا تمهل لانقطاع حيض ونفاس لأن مدتهما قد تطول ويتأتى التمتع معهما بلا وطئ كما في الرتقاء.
قال في النهاية: وقول الزركشي إن قياس ما ذكروه في الأمهال للتنظيف أن تمهل الحائض إذا لم تزد مدة حيضها على مدة التنظيف.
وصرح به في التتمة فيختص عدم إمهالها بما إذا كانت مدة الحيض تزيد على ثلاثة أيام وإلا فتمهل: مردود.
اه.
أي فلا تمهل وإن قل.
ع ش.
وقال في شرح الروض: وكالحيض فيما قاله، أي الزركشي، النفاس.
اه.
(قوله: نعم لو الخ) الأولى حذف لفظ نعم وجعل واو العطف في محلها: إذ لا معنى للاستدراك لأن المستدرك منه، وهو قوله لا لانقطاع الخ، معناه أنها تسلم نفسها له، والاستدراك يفيد هذا المعنى.
وقوله خشيت: أي الحائض أو النفساء.
وقوله أنه يطؤها: أي في حال الحيض والنفاس.
وقوله سلمت نفسها: أي لزوجها.
وقوله وعليها الامتناع: أي من الوطئ (قوله: فإن علمت أن
امتناعها) أي من الوطئ.
وقوله واقتضت القرائن بالقطع: أي بالجزم بأن يطأها (قوله: لم يبعد أن لها بل عليها الامتناع) أي من التسليم: أي أنها لا تسلم نفسها فحصل الفرق بين الامتناع الأول والثاني، فالأول بمعنى الامتناع من الوطئ والثاني بمعنى الامتناع من التسليم.
وعبارة شرح الروض: ولو علمت أنه يطؤها ولا يراقب الله تعالى فهل لها أن تمتنع؟ فيه تردد للإمام قال: ولا يبعد تجويز ذلك أو إيجابه.
اه.
وقوله حينئذ: أي حين إذ علمت ذلك واقتضت القرائن الخ (قوله: ولو أنكح الولي) المراد به ما يعم المجبر وغيره، وذلك لأن ما عدا الصغيرة والمجنونة لا يختص بالمجبر (قوله: صغيرة) أي بكرا.
وقوله أو مجنونة: أي بكرا أو ثيبا (قوله: بكرا) صفة لكل من صغيرة ومن رشيدة.
ولو قدم لفظ بكرا على قوله رشيدة لكان أولى: لأن البكارة ليست بقيد في الرشيدة.
وقوله بلا إذن: متعلق بأنكح.
والمراد بلا إذن من الرشيدة في النقص عن مهر المثل، سواء أذنت في النكاح أم لا، ليشمل المجبرة فإنه لا يشترط إذنها في النكاح.
وإنما قدم على قوله بدون مهر المثل، مع أن المراد منه ما تقدم، لأن قوله بدون مهر المثل متعلق بأنكح المرتبط بالصغيرة وبالرشيدة، فلو أخره لتوهم أنه راجع أيضا للصغيرة وللرشيدة مع أنه إنما هو راجع للثانية فقط: إذ الصغيرة ليس لها إذن (قوله: أو عينت) أي الرشيدة بكرا أو غيرها، وهو معطوف على مقدر مرتبط بقوله بلا إذن: أي بلا إذن ولم تعين له قدرا أو عينته بأن قالت له زوجني بألف فزوجها بدونه.
وقوله فنقص عنه: أي عن القدر الذي عينته له.
وخرج بنقص عنه ما لو زاد عليه فينعقد بالزائد، كما في نظيره من وكيل البيع المأذون له فيه بقدر فزاد عليه وانظر لو كان الناقص عن القدر الذي عينته زائدا على مهر المثل، فهل يبطل المسمى ويرجع إلى مهر المثل أم لا؟ وعبارة التحفة، وبحث الزركشي، كالبلقيني، أنها لو كانت سفيهة فسمى دون مأذونها لكنه زائد على مهر مثلها انعقد بالمسمى لئلا يضيع الزائد عليها، وطرداه في
فنقص عنه) أو أطلقت الاذن ولم تتعرض لمهر فنقص عن مهر مثل.
(صح) النكاح على الاصح (بمهر مثل) لفساد المسمى كما إذا قبل النكاح لطفله بفوق مهر مثل من ماله.
ولو ذكروا مهرا سرا وأكثر منه جهرا لزمه ما عقد به اعتبارا بالعقد.
وإذا عقد سرا بألف ثم أعيد جهرا بألفين تجملا لزم ألف (وفي وطئ نكاح) أو شراء (فاسد) كما في وطئ شبهة يجب (مهر مثل) لاستيفائه منفعة البضع، ولا يتعدد بتعدد الوطئ إن اتحدت الشبهة.
(ويتقرر كله)
ــ
الرشيدة وهو متجه في السفيهة، لا لما نظرا إليه، بل لأنه لا مدخل لإذنها في الأموال، فكأنها لم تأذن في شئ لا في الرشيدة، لأن إذنها معتبر في المال أيضا فاقتضت مخالفته ولو بما فيه مصلحة لها فساد المسمى ووجوب مهر المثل.
اه.
(قوله: أو أطلقت) أي الرشيدة الإذن: أي في النكاح ولا حاجة إلى ذكر هذه المسألة بعد قوله أو رشيدة بلا إذن: إذ المراد، كما تقدم، بلا إذن في النقص عن مهر المثل أذنت في النكاح أم لا.
فالشق الأول، أعني ما إذا أذنت في النكاح ولم تأذن في النقص، هو عين هذه المسألة إلا أن يقال إنه من ذكر الخاص بعد العام، والمؤلف تبع شيخ الإسلام في العبارة المذكورة.
وعبارة المنهاج: ولو قالت لوليها زوجني بألف فنقص عنه بطل النكاح.
فلو أطلقت فنقص عن مهر مثل
بطل.
وفي قول يصح بمهر مثل.
(قلت) الأظهر صحة النكاح في الصورتين بمهر المثل والله أعلم.
اه.
وهي ظاهرة.
وقوله ولم تتعرض لمهر: أي سكت عن قدره، وهو بيان لمعنى الإطلاق (قوله: صح النكاح) جواب لو.
وقوله على الأصح: أي لأن فساد الصداق لا يفسد النكاح كما مر.
وفارق عدم صحته من غير كفء بأن إيجاب مهر المثل هنا تدارك لما فات من المسمى، وذاك لا يمكن تداركه.
ومقابل الأصح يحكم بفساد النكاح (قوله: لفساد المسمى) علة لصحته بمهر المثل (قوله: كما إذا قبل) أي ولي الطفل: أي فإنه يصح بمهر المثل.
وقوله لطفله: أي أو مجنون أو سفيه (قوله: بفوق مهر مثل) أي مما لا يتغابن بمثله، وهو متعلق بقبل.
وقوله من ماله: أي حالة كون ذلك الفوق مع مهر المثل من مال الطفل.
وعبارة الجمل: وقوله بفوق مهر مثل: أي بمهر مثل فما فوق حالة كون المجموع من مال المولى، أما لو كان من مال الولي أو قدر المهر من مال المولى والزائد من مال الولي فإنه يصح في هاتين بالمسمى.
اه.
(قوله: ولو ذكروا) الضمير يعود على معلوم من المقام وهو الزوج والولي والزوجة الرشيدة أو غيرها ممن ينضم للولي والزوج في الغالب وعبارة التحفة مع الأصل: فان توافقوا، أي الزوج والولي والزوجة الرشيدة، فالجمع باعتبارها أو باعتبار من ينضم للفريقين غالبا.
اه.
وقوله مهرا سرا: أي سواء كان بالتوافق أو بالعقد.
وقوله وأكثر منه جهرا: يقال فيه ما في الذي قبله.
وقوله لزمه ما عقد به: أي ما وقع العقد عليه اعتبارا بالعقد سواء قل أو كثر.
فلو وقع الاتفاق على ألفين ووقع العقد على ألف لزمه الألف، أو وقع الاتفاق على ألف ووقع العقد على ألفين لزمه الألفان.
هذا إن لم يتكرر العقد.
فإن تكرر لزمه ما وقع العقد الأول عليه قل أو كثر، اتحدت شهود العلانية والسر أم لا.
وذلك لأن العبرة بالعقد الأول، وأما الثاني فهو لاغ لا عبرة به.
وقد بين هذا بقوله وإذا عقد سرا بألف ثم أعيد جهرا بألفين، أي أو العكس: بأن عقد سرا بألفين ثم أعيد جهرا بألف، فيلزمه الألفان.
وعلى هاتين الحالتين حملوا نص الشافعي رضي الله عنه في موضع على أن المهر مهر السر، وفي آخر على أنه مهر العلانية: أي فالأول محمول على ما تقدم عقد السر، والثاني محمول على تقدم عقد العلانية (قوله: وفي وطئ نكاح أو شراء) الجار والمجرور خبر مقدم.
وقوله مهر مثل: مبتدأ مؤخر.
والشارح جعل قوله مهر مثل فاعلا لفعل محذوف.
وعليه فيكون الجار والمجرور متعلقا به، والأولى أن يجعله كما ذكرت: إذ لا يجوز حذف الفعل إلا بقرينة تدل عليه، وهذا بيان لشبهة الطريق.
وقوله فاسد: أي كل من النكاح والشراء (قوله: كما في وطئ الشبهة) التشبيه يفيد أن ما تقدم من وطئ النكاح والشراء الفاسدين ليس من وطئ الشبهة وليس كذلك.
ولو قال، كما في المنهج، وفي وطئ شبهة كنكاح فاسد الخ لكان
أولى.
(واعلم) أن الشبهة إما أن تكون شبهة طريق، وهي التي يقول بحلها عالم، وذلك كما في الوطئ بالنكاح الفاسد
أي كل الصداق (بموت) لاحدهما، ولو قبل الوطئ، لاجماع الصحابة على ذلك (أو وطئ) أي بغيبة الحشفة وإن بقيت البكارة (ويسقط) أي كله (بفراق) وقع منها (قبله) أي قبل وطئ (كفسخها) بعيبه أو بإعساره وكردتها أو
ــ
والشراء الفاسد، وإما أن تكون شبهة الفاعل: وذلك كوطئ الأجنبية على ظن أنها حليلة، وإما أن تكون شبهة المحل: كما إذا وطئ أب أمة ولده أو شريك الأمة المشتركة أو سيد مكاتبته، وقد تقدم الكلام عليها في مبحث الرضاع (قوله: يجب مهر مثل) محله إن كانت الشبهة منها بأن لا تكون زانية وإلا فلا وجوب: سواء كان هو زانيا أم لا ويعتبر المهر وقت الوطئ لأنه وقت الإتلاف لا وقت العقد لفساده.
وقوله لاستيفائه: أي الواطئ، وهو علة لوجوب مهر المثل عليه (قوله: ولا يتعدد) أي المهر.
وقوله بتعدد الوطئ: المراد بتعدده كما قاله الدميري، أي يحصل بكل مرة فضاء الوطر مع تعدد الأزمنة.
فلو كان ينزع ويعود فالأفعال متواصلة ولم يقض الوطر إلا آخرا فهو وقاع واحد بلا خلاف.
أما إذا لم تتواصل الأفعال فتتعدد الوطآت وإن لم يقض وطره.
(والحاصل) أنه متى نزع قاصدا الترك أو بعد قضاء الوطر ثم عاد تعدد، وإلا فلا.
اه.
نهاية (قوله: إن اتحدت الشبهة) الأولى أن يقول، كما في التحفة، لاتحاد الشبهة.
وذلك لأنه لم يذكر في كلامه من أنواع الشبهة إلا نوعا واحدا وهو النكاح الفاسد أو الشراء الفاسد، فلا يناسب أن يقيد ذلك بقوله إن اتحدت الشبهة.
نعم: لو عبر كالمنهج بالعبارة التي نبهت عليها آنفا لكان قوله إن اتحدت مناسبا.
(والحاصل) أنه لا يتعدد المهر بتعدد الوطئ إن اتحد شخص الشبهة، فإن لم يتحد شخص الشبهة تعدد المهر سواء اتحد الجنس أم تعدد، كما لو وطئ مرارا بشبهة الفاعل أو شبهة الطريق أو شبهة المحل بشرط أن لا يؤدي المهر قبل تعدد الوطئ، وإلا تعدد المهر.
وذلك كأن وطئ امرأة مرة بنكاح فاسد.
وفرق بينهما ثم مرة أخرى بنكاح فاسد أو وطئها يظنها زوجته ثم علم الواقع ثم وطئها مرة أخرى يظنها زوجته أيضا.
وهذان المثالان لتعدد شخصها مع اتحاد جنسها، وهو شبهة الطريق في الأول، وفي الثاني شبهة الفاعل.
ومثال تعدد الشخص مع تعدد الجنس أن يطأها بنكاح فاسد ويفرق بينهما ثم يطأها مرة أخرى يظنها زوجته أو بالعكس.
ففي جميع ما ذكر يتعدد المهر.
ثم إن العبرة في عدم التعدد عند اتحادها أن تكون من الواطئ والموطوءة، فإن فقدت الشبهة منه مع وجودها منها تعدد المهر مطلقا.
فلو كرر وطئ نائمة أو مكرهة أو مطاوعة بشبهة اختصت بها تكرر المهر، لأن سببه الإتلاف وقد تعدد بتعدد الوطآت (قوله: ويتقرر كله الخ)
المراد بالتقرر الأمن من سقوطه كله بالفسخ أو شطره بالطلاق، لا وجوبه، لأنه يجب بالعقد (قوله: ويموت) أي في نكاح صحيح لا فاسد، فلا يستقر المهر بالموت فيه.
وقد يسقط المهر بالموت، كما لو قتلت أمة نفسها أو قتلها سيدها.
ومثل الموت مسخ أحدهما حجرا كله أو نصفه الأعلى (قوله: ولو قبل الوطئ) تفيد الغاية أنه إذا وطئ ثم مات تقرر المهر بالموت وليس كذلك، بل يتقرر بالوطئ.
وفي التحفة والنهاية وشرح المنهج إسقاطها، وهو المتعين، (قوله: لإجماع الصحابة على ذلك) أي على تقرره كله بالموت: أي ولبقاء آثار النكاح بعده من الوارث وغيره (قوله: أو وطئ) أي ويتقرر كله بوطئ: أي وإن حرم كوقوعه في حيض أو في دبرها.
وخرج بتقرره بالموت وبالوطئ غيرهما كاستدخال مائة وخلوة ومباشرة في غير الفرج حتى لو طلقها بعد ذلك فلا يجب إلا بالشطر، لآية * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) * (1) أي تجامعون (قوله: ويسقط الخ) شروع في بيان ما يرفع المهر وما ينصفه وغيرهما.
وقد أفرده الفقهاء بترجمة مستقلة (قوله: أي كله) أي الصداق.
وهو بيان للفاعل المستتر، لا هو الفاعل نفسه: إذ لا يجوز حذفه في غير مواضع الحذف، كما تقدم التنبيه عليه غير مرة (قوله: بفراق وقع منها) أي بسبب عيب فيه أو بسبب ردتها فإنه بالردة ينفسخ النكاح حالا إذا كان قبل الوطئ (قوله: قبله) متعلق بالفعل الذي قدره وهو قوله وقع منها (قوله: أي قبل وطئ) أي في قبل أو دبر ولو بعد استدخال مني.
تحفة (قوله: كفسخها إلخ) تمثيل لما يحصل به الفراق منها (قوله: بعيبه) الباء سببية متعلق بفسخها: أي فسخها
(1) سورة البقرة، الاية: 237
بسببها كفسخه بعيبها (ويتشطر) المهر: أي يجب نصفه فقط (بطلاق) ولو باختيارها: كأن فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها أو علقه بفعلها ففعلت أو فورقت بالخلع وبإنفساخ نكاح بردته وحده (قبله) أي الوطئ.
(وصدق نافي وطئ) من الزوجين بيمينه لان الاصل عدمه إلا إذا نكحها بشرط البكارة ثم قال وجدتها ثيبا ولم أطأها فقالت
ــ
بسبب عيب كائن في الزوج.
وقوله بإعساره: أي بمهرها أو بالنفقة (قوله: وكردتها) عطف على كفسخها: أي وكإرضاعها زوجة له صغيرة، وكإسلامها ولو تبعا لأحد أبويها عند غير ابن حجر، أما عنده فيتشطر المهر.
قال: وما جزم به شيخنا، بأنه لا فرق: أي بين إسلامها تبعا وغيره، فهو لا يلائم ما قالوه: أي من تشطر المهر فيما لو أرضعته أمها أو أرضعتها أمه، بجامع أن إسلام الأم كإرضاعها سواء فكما لم ينظروا لإرضاعها فكذلك لا ينظر لإسلامها.
اه.
(قوله: أو بسببها) معطوف على منها: أي أو وقع الفراق لكن منه بسببها.
وإنما سقط المهر في الأول لأنها هي المختارة للفرقة فلذلك سقط العوض، وفي الثاني لأنها لما كانت بسببها كانت كأنهاها الفاسخة (قوله: ويتشطر المهر) أي في كل فراق لا يكون منها ولا بسببها.
والمراد من تشطيره عود نصف المهر إلى الزوج إن كان هو المؤدي عن نفسه أو أداه عنه وليه، وإلا عاد للمؤدي بنفس الفراق وإن لم يختر العود.
وذلك لظاهر الآية.
وقيل المراد من التشطير أن له خيار الرجوع في النصف
إن شاء تملكه وإن شاء تركه (قوله: بطلاق) أي بائنا كان أو رجعيا لكن بعد انقضاء العدة، وصورة الرجعي قبل الدخول أن يكون بعد استدخال المني فهو طلاق قبل الدخول لكنه رجعي (قوله: ولو باختيارها) غاية في التشطر: أي يتشطر بالطلاق ولو كان الطلاق وقع باختيارها (قوله: كأن فوض إلخ) تمثيل لما كان باختيارها (قوله: أو علقه) أي طلاقها بفعلها: كإن دخلت الدار فأنت طالق.
وقوله ففعلت: أي المعلق عليه الطلاق، وهو الدخول للدار (قوله: أو فورقت بالخلع) معطوف على فوض: أي وكأن فورقت.
فهو مندرج فيما كان باختيارها (قوله: وبانفساخ نكاح) معطوف على بطلاق في المتن: أي ويتشطر المهر بانفساخ للنكاح.
وقوله بردته: أي الزوج، أي أو بإسلامه، ولو تبعا، أو لعانه أو إرضاع أمه لها وهي صغيرة أو إرضاع أمها له وهو صغير.
ففي كل ذلك يتشطر المهر للنص عليه في الطلاق بقوله تعالى: * (فنصف ما فرضتم) * (1) وقياسا عليه في الباقي.
وقوله وحده.
تقدم حكم ردتها وحدها.
وبقي ما لو ارتدا معا، والعياذ بالله تعالى، فهل هي كردتها فيسقط المهر كله أو كردته فينصف؟ وجهان.
أصحهما الثاني تغليبا لسببه (قوله: وصدق نافي وطئ من الزوجين) أي إذا اختلفا في الوطئ وعدمه، وكان المصدق الذي ينفي الوطئ لأن الأصل عدمه.
واستثنى مسائل ذكر بعضها الشارح يكون المصدق فيها المثبت.
وقد نظمها بعضهم بقوله: إذا اختلف الزوجان في وطئه لها فمن منهما ينفيه فالقول قوله سوى صور ست فمثبته هو المصدق فاحفظ ما تبين نقله إذا اختلفا في الوطئ قبل طلاقها وجاء له منها على الفرش نجله فأنكره فالقول في ذاك قولها ويلزمه شرعا لها المهر كله كذلك عنين يقول وطئتها زمان امتهال حيث يمكن فعله كذلك مول قال إني وطئتها وفئت فلا تطليق يلغى ومثله إذا طاهرا كانت وقال لسنة سمت أنت فيها طالق صح عقله فقال بهذا الطهر إني وطئتها وما طلقت لم ينقطع منه حبله ومن طلقت منه ثلاثا وزوجت بغير وفيها قال ما غاب قبله فقالت بلى قد غاب فالقول قولها وأدرك ذاك الزوج الأول حله وإن زوجت عرس بشرط بكارة فقالت لنا إن الثيوبة فعله
وأنكره فالقول في ذاك قولها وليس له منها خيار ينيله
(1) سورة البقرة، الآية: 237
بل زالت بوطئك فتصدق بيمينها لدفع الفسخ، ويصدق هو لتشطيره إن طلق قبل وطئ (وإذا اختلفا) أي الزوجان (في قدره) أي المهر المسمى وكان ما يدعيه الزوج أقل (أو) في (صفته) من نحو جنس كدنانير وحلول وقدر أجل وصحة وضدها.
(ولا بينة) لاحدهما أو تعارضت بيناتهما (تحالفا) كما في البيع، (ثم) بعد التحالف (يفسخ
ــ
وقوله في ذاك قولها: أي لترجيح جانبها بالولد، فإن نفاه عنه صدق بيمينه لانتفاء المرجح.
وقوله وقال لسنة: بالنون المشددة.
وقوله سمت: أي السنة.
وقوله أنت فيها طالق: مقول القول، يعني إذا قال لطاهر أنت طالق للسنة فقال وطئت في هذا الطهر فلا طلاق حالا لكونه بدعيا وقالت لم تطأ فيه فيقع حالا صدق لأن الأصل بقاء العصمة، والطلاق السني هو ما وقع في طهر خلا عن وطئ فيه، والبدعي بخلافه.
وقوله وفيها قال: أي الغير ما غاب قبله بضم القاف.
أي ما غابت حشفته في فرجها فلا تحل للأول.
وقوله فالقول قولها: أي لتحل للأول ويقبل قوله بالنسبة لتشطير المهر.
وقوله فالقول في ذاك قولها: أي بالنسبة لدفع الفسخ، وأما بالنسبة لتشطير المهر فالقول قوله هو (قوله: بيمينه) متعلق بصدق (قوله: لأن الأصل عدمه) أي عدم الوطئ وهو علة لكون المصدق نافي الوطئ (قوله: إلا إذا نكحها الخ) استثناء من قوله وصدق نافي وطئ إلخ.
(واعلم) أن هذه الصورة قد تقدمت في عيوب النكاح (قوله: ثم قال) أي الزوج.
وقوله فقالت: أي الزوجة: أي أنكرت قوله المذكور وقالت بل زالت البكارة بوطئك (قوله: فتصدق بيمينها لدفع الفسخ) أي لأجل أن لا يفسخ النكاح (قوله: ويصدق هو) أي بيمينه، كما تقدم للشارح التقييد به، وقوله لتشطيره: أي لأجل تشطير المهر.
أي عدم دفع كله لها.
وقوله إن طلق قبل وطئ: أي بعد الاختلاف المذكور وقبل وطئ فإن طلقها بعد الوطئ فلا يتشطر المهر، بل يجب كله، كما هو ظاهر، (قوله: وإذا اختلفا إلخ) شروع في بيان التحالف عند الاختلاف في قدر المهر أو صفته.
وقد عقد له الفقهاء فصلا مستقلا (قوله: أي الزوجان) أي أو وارثاهما أو وارث أحدهما والآخر (قوله: في قدره) أي كأن قالت نكحتني بألف فقال بخمسائة.
وقوله أي المهر المسمى: أي في العقد، وإنما قيده بالمسمى ليخرج ما لو وجب مهر المثل لنحو فساد تسمية ولم يعرف لها مهر مثل فاختلف فيه فيصدق الزوج بيمينه لأنه غارم والأصل براءة ذمته عما زاد.
أفاده م ر.
(قوله: وكان ما يدعيه الزوج أقل) أي كالمثال السابق.
وخرج به ما إذا كان أكثر فإنها تأخذ ما ادعته ويبقى في يده الزائد كمن أقر لشخص بشئ فكذبه (قوله: أو في صفته) معطوف على في قدره: أي أو اختلفا في صفته.
والمراد بها ما يشمل الجنس والحلول والأجل وقدر الأجل بدليل البيان بعده وهو قوله من نحو جنس الخ فإنه بيان للصفة.
ويدخل تحت نحوه الحلول والأجل وقدر الأجل والصحة (قوله: كدنانير) أي ادعتها هي دونه: كأن قالت تزوجتك بألف دينار فقال بل بألف درهم، وهو تمثيل للاختلاف في الجنس.
وقوله وحلول: معطوف على دنانير: أي وكحلول ادعته هي دونه، كأن قالت تزوجتك بمائة حالة فقال بل مؤجلة، وهو تمثيل للاختلاف في نحو الجنس، ومثله ما بعده.
وقوله وقدر أجل: معطوف على دنانير أيضا، وذلك كأن قالت تزوجتك بمائة مؤجلة إلى شهرين فقال بلى إلى ثلاثة أشهر.
وقوله وصحة: معطوف أيضا على دنانير: كأن قالت زوجتك بمائة صحيحة فقال بل مكسرة: ثم إن عطف المذكورات على دنانير أولى من عطفها على نحو جنس لأنه عليه يكون قد وفى بالأمثلة للجنس ولنحوه، بخلافه على الثاني فلا يكون موفيا بذلك ويلزم عليه أيضا تخريج العطف على أنه من عطف الخاص على العام، وهو خلاف الأصل فيه.
وقوله وضدها: راجع للجميع، أي الدنانير وما بعدها، أي كدنانير وضدها وهو الدراهم، وحلول وضده وهو الأجل، وقدر أجل وضده.
والمراد به أن يكون مدعاه أكثر من مدعاها في القدر.
وبقي ما لو اختلفا في أصل تسمية المهر أو في تسمية قدر المهر.
كأن ادعى تسمية فأنكرتها لتأخذ مهر المثل أو ادعت تسمية قدر فأنكرها الزوج (قوله: ولا بينة) أي والحال أنه لا بينة لواحد منهما أصلا (قوله: أو تعارضت إلخ) أي أو وجدت بينة لكل منهما ولكن تعارضتا بأن أطلقتا أو أرختا بتاريخ واحد أو أرخت إحداهما وأطلقت الأخرى، فإن لم يكن التاريخ واحدا حكم بمقدمة التاريخ (قوله: تحالفا) جواب إذا.
وقوله كما في البيع: أي كالتحالف المار في البيع، ولكن هنا يبدأ في اليمين بالزوج لقوة جانبه، وكيفية التحالف المار فيه أن
المسمى ويجب مهر المثل) وإن زاد على ما ادعته الزوجة وهو ما يرغب به عادة في مثلها نسبا وصفة من نساء عصباتها، فتقدم أخت لابوين فلاب فبنت أخ فعمة كذلك فإن جهل مهرهن فيعتبر مهر رحم لها كجدة وخالة.
قال الماوردي والروياني: تقدم الام فالاخت للام فالجدات فالخالة فبنت الاخت، أي للام، فبنت الخالة.
ولو
اجتمع أم أب وأم أم فالذي يتجه استواوهما، فإن تعذرت اعتبر بمثلها في الشبه من الاجنبيات.
ويعتبر مع ذلك ما يختلف به غرض كسن ويسار وبكارة وجمال وفصاحة، فإن اختصت عنهن بفضل أو نقص زيد عليه أو نقص منه
ــ
يحلف كل واحد يمينا واحدة تجمع نفيا لقول صاحبه وإثباتا لقوله فيقول الزوج مثلا: والله ما تزوجتها بألف دينار ولقد تزوجتها بألف درهم، وتقول هي والله ما تزوجته بألف درهم ولقد تزوجته بألف دينار (قوله: ثم بعد التحالف يفسخ المسمى) أي على ما مر في البيع أيضا من أنهما يفسخانه أو أحدهما أو الحاكم ولا ينفسخ بنفس التحالف (قوله: ويجب مهر المثل) أي لأن التحالف يوجب رد البضع، وهو متعذر فوجبت قيمته وهو مهر المثل.
فمهر المثل سببه التحالف والفسخ وهو غير المهر الذي ادعاه الزوج لأنه فسخ وصار لغوا بدعوى الزيادة عليه.
أفاده البجيرمي (قوله: وإن زاد) أي مهر المثل على ما ادعته الزوجة.
وهذا في صورة الاختلاف في قدر المهر (قوله: وهو) أي مهر المثل وقوله ما يرغب به عادة أي قدر ما يرغب فيه في العادة.
وخرج بها ما لو شذ واحد لفرط سعته ويساره فرغب بزيادة فلا عبرة به.
وقوله في مثلها نسبا: أي ولو في العجم.
واعتبار النسب هو الركن الأعظم لأن الرغبات تختلف به مطلقا.
وقوله وصفة الأولى حذفه
لأنه يشمله.
قوله الآتي قريبا ويعتبر مع ذلك ما يختلف به غرض إلخ.
وقوله من نساء عصباتها: بيان لمثله والمراد لو فرضن ذكورا: إذ ليس في النساء عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة وهي المنسوبات إلى من تنسب المنكوحة إليه من الآباء فتراعى أخت لأبوين ثم لأب ثم بنت أخ كذلك ثم عمة كذلك ثم بنت عمة كذلك وليس منهن الأم والجدة والخالة.
قال في فتتح الجواد: وتقدم نساء عصباتها وإن غبن عن بلدها، فإن كن ببلدين هي في أحدهما اعتبر نساء بلدها (قوله: فإن جهل مهرهن) أي نساء عصباتها.
وعبارة متن المنهاج: فإن فقد نساء العصبة أو لم ينكحن أو جهل مهرهن فأرحام.
اه.
وهي أولى (قوله: فيعتبر مهر رحم لها) أي فيعتبر مهر ذوات رحم لها وذلك لأنهن أولى من الأجانب.
والمراد بذوات الأرحام هنا الأم وقراباتها لا ذوو الأرحام المذكورون في الفرائض لأن الأم وأمهاتها لسن من ذوي الأرحام المذكورين في الفرائض، بل من أصحاب الفروض (قوله: كجدة وخالة) تمثيل لذوات الرحم لها (قوله: قال الماوردي والروياني تقدم الأم إلخ) أي من ذوات الأرحام: أي تعتبر الأم أولا ثم الأخت للأم (قوله: فالجدات الخ) أي وتقدم القربى من كل جهة على البعدي.
وقوله فالخالة: أي فبعد الجد أب الخالة وهي أخت الأم (قوله: فبنت الأخت) أي فبعد الخالة بنت الأخت.
وقوله أي للأم: بيان للأخت (قوله: فبنت الخالة) أي فبعد بنت الأخت تعتبر بنت الخالة (قوله: ولو اجتمع الخ) هذا من قول الماوردي والروياني كما يدل عليه عبارة المغني ونصها.
(تنبيه) ظاهر كلامه أن الأم لا تعتبر، وليس مرادا، فقد قال الماوردي تقدم من نساء الأرحام الأم ثم الجدات ثم الخالات ثم بنات الأخوات ثم بنات الأخوال.
وعلى هذا قال ولو اجتمعت أم أب وأم أم فأوجه ثالثها، وهو الأوجه، التسوية.
اه (قوله: فالذي يتجه استواؤهما) قال سم في الكنز للأستاذ أبي الحسن البكري: والأقرب، تقدم، أم الأم.
اه (قوله: فإن تعذرت) أي ذوات الأرحام.
وفي بعض نسخ الخط فإن تعذرن، بنون النسوة، وهو أولى.
والمراد تعذر معرفة ما يرغب فيه من مهورهن: إما لكونهن لم يوجدن، وإما لكونهن لم ينكحن.
وقوله اعتبرت: أي المنكوحة بمثلها في الشبه من الأجنبيات.
وعبارة فتح الجواد: ومن تعذرت معرفة أقاربها تعتبر بمن يساويها من نساء بلدها ثم أقرب البلاد إليها ثم أقرب النساء بها شبها: أي فتعتبر الأمة بأمة مثلها، والبدوية ببدوية وهكذا.
اه (قوله: ويعتبر مع ذلك) أي مع ما ذكر من رعاية مثلها نسبا (قوله: ما يختلف به غرض) أي رعاية ما يختلف به ذلك وعبارة فتح الجواد مع الأصل ويعتبر زيادة على رعاية النسب موجب رغبة، أي ما يوجب الرغبة، أي أو ضدها من الصفات والإعتبارات المرغبة والمنفردة:
لائق بالحال بحسب ما يراه قاض.
ولو سامحت واحدة لم يجب موافقتها (وليس لولي عفو عن مهر) لموليته كسائر ديونها وحقوقها.
ووجدت من خط العلامة الطنبداوي أن الحيلة في براءة الزوج عن المهر حيث كانت المرأة صغيرة أو مجنونة أو سفيهة أن يقول الولي مثلا طلق موليتي على خمسمائة درهم مثلا علي فيطلق ثم يقول الزوج أحلت عليك موليتك بالصداق الذي لها علي فيقول الولي قبلت فيبرأ الزوج حينئذ من الصداق اه.
ويصح التبرع بالمهر من مكلفة بلفظ الابراء والعفو والاسقاط والاحلال والتحليل والاباحة والهبة وإن لم يحصل قبول.
ــ
كشرف سيد أمة أو معتقها وخسته، وكيسار وعفة وجمال وبكارة وفصاحة وضدها، فإن فضلتهن أو نقصت عنهن فرض اللائق بالحال.
اه.
(قوله: كسن الخ) تمثيل لما يختلف به الغرض من الصفات (قوله: ويسار) قال في النهاية: وإنما لم يعتبر نحو المال والجمال في الكفاءة لأن مدارها على دفع العار، ومدار المهر على ما تختلف به الرغبات.
اه.
(قوله: فإن اختصت) أي المنكوحة.
وقوله عنهن: أي عن أمثالها.
وقوله بفضل: أي بصفة فاضلة من الصفات المذكورة.
وقوله أو نقص: معطوف على فضل: أي أو اختصت بنقص أي بصفة ناقصة من أضداد الصفات المذكورة.
وقوله زيد عليه: أي على مهر من أشبهتها وزادت المنكوحة عليها بصفة فاضلة.
وقوله أو نقص منه: أي من المهر المذكور.
وقوله لائق بالحال: تنازعه كل من زيد ونقص.
والمعنى زيد على المهر أو نقص من المهر لائق بها بحسب ما فيها من الزيادة أو النقصان.
وقوله بحسب ما يراه قاض: أي لأن ما ذكر من الزيادة أو النقصان أمر مجتهد فيه فأنيط بالحاكم (قوله: ولو سامحت واحدة) أي ولو سامحت واحدة من العصبة ببعض مهرها.
وقوله لم يجب موافقتها: أي لا يجب على الباقيات المسامحة أيضا وذلك لأن العبرة بالغالب، ومحله ما لم تكن المسامحة لنقص نسب يفتر الرغبة وإلا فتعتبر.
قال في الروض وشرحه: وإن كن كلهن أو غالبهن يسامحن قوما دون قوم اعتبرناه، فلو جرت عادتهن بمسامحة العشيرة دون غيرهم خففنا مهر هذه في حق العشيرة دون غيرهم، وكذا لو سامحن للشريف دون غيرهم.
اه (قوله: وليس لولي عفو عن مهر لموليته) أي على الجديد ولا يرد عليه قوله تعالى: * (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * (1) لأن الذأي بيده ذلك الزوج لا الولي: إذ لم يبق بيده بعد العقد عقدة بخلاف الزوج فإن بيده العقدة من حين العقد إلى الفرقة إن شاء أمسكها وإن شاء حلها بالفرقة.
قال في النهاية: والقديم له ذلك، وله شروط.
أن يكون الوليد أبا أو جدا، وأن يكون قبل الدخول، وأن تكون بكرا صغيرة عاقلة، وأن يكون بعد الطلاق، وأن يكون الصداق دينا في ذمة الزوج لم يقبض.
اه (قوله: كسائر ديونها) أي كسائر الديون التي تستحقها في ذمة الزوج أو غيره، فلا يجوز للولي العفو عنها.
وقوله وحقوقها: عطفه على الديون من عطف العام على الخاص: إذ هي شاملة للديون ولغيرها كحد القذف (قوله: ووجدت من خط) أي بخط فمن بمعنى الباء (قوله: إن الحيلة في براءة الزوج) أي فقط، لا في سقوط حقها مطلقا، إذ الحيلة التي ذكرها فيها انتقال الحق في ذمة الزوج إلى ذمة الولي، فحقها باق في ذمة الولي (قوله: إن يقول الولي الخ) المصدر المؤول خبر أن.
وقوله طلق موليتي: أي الصغيرة أو المجنونة أو السفيهة.
وقوله على خمسمائة درهم: أي على دفع خمسمائة درهم لك.
وقوله علي: أي حال كونها ثابتة علي أدفعها لك.
وخرج ما لو قال على موليتي
فلا يصح (قوله: فيطلق) أي على الشرط الذي ذكره الولي (قوله: ثم يقول الزوج) أي للولي.
وقوله أحلت الخ: مقول القول (قوله: فيقول الولي قبلت) أي الحوالة المذكورة لها (قوله: فيبرأ الزوج) أي وينتقل حقها حينئذ إلى ذمة وليها كما عرفت (قوله: ويصح التبرع بالمهر من مكلفة) بالغة عاقلة وخرج بذلك الصغيرة والمجنونة فلا يصح إبراؤهما (قوله: بلفظ الإبراء) أي بلفظ مشتقاته: كأبرأتك وأنت برئ من الصداق الذي لي عليك (قوله: والعفو) أي وبلفظ العفو أي مشتقاته: كعفوت عنك في الصداق وأنت معفو عنك في الصداق (قوله: والإسقاط) أي وبلفظ الإسقاط: أي مشتقاته
(1) سورة البقرة، الاية: 237
(مهمات) لو خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل العقد: أي ولم يقصد التبرع ثم وقع الاعراض منها أو منه رجع بما وصلها منه، كما صرح به جمع محققون، ولو أعطاها مالا فقالت هدية وقال صداقا صدق بيمينه وإن كان من غير جنسه، ولو دفع لمخطوبته وقال جعلته من الصداق الذي سيجب بالعقد أو من الكسوة التي ستجب بالعقد والتمكين وقالت بل هي هدية فالذي يتجه تصديقها، إذ لا قرينة هنا على صدقه في قصده، ولو طلق في مسألتنا بعد العقد لم يرجع بشئ، كما رجحه الاذرعي، خلافا للبغوي، لانه إنما أعطى لاجل العقد وقد وجد.
ــ
أيضا كأسقطت عنك صداقي وهو ساقط عنك (قوله: والإحلال والتحليل) أي وبلفظهما أي مشتقاتهما أيضا كأن تقول له أنت في حل من الصداق الذي في ذمتك أو حللتك من الصداق الذي لي عليك (قوله: والإباحة والهبة) أي بلفظ مشتقاتهما: كأبحتك الصداق أو وهبته لك (قوله: وإن لم يحصل قبول) أي يصح التبرع بهذه الألفاظ وإن لم يحصل قبول من الزوج: إذ الإبراء لا يحتاج إلى قبول (قوله: مهمات) أي ثلاث (قوله: لو خطب الخ) هذه المسألة قد تقدمت في آخر باب الهبة، وقد نقلت هناك، وفي باب النكاح سؤالا وجوابا عن الشهاب الرملي فيها.
فلا تغفل (قوله: بلا لفظ) أي يدل على التبرع، وهو وما بعده متعلقان بكل من الفعلين قبله: أعني أرسل ودفع.
وقوله إليها: أي إلى مخطوبته ومثلها وليها أو وكيلها.
وقوله مالا: تنازعه كل من الفعلين المتقدمين وقوله قبل العقد: متعلق بكل منهما أيضا (قوله: أي ولم يقصد التبرع) ويعرف القصد بإقراره (قوله: ثم وقع الإعراض) أي عن العقد.
وقوله منها أو منه: أي حال كونه صادرا منها أو منه (قوله: رجع) جواب لو والرجوع إما عليها أو على وليها أو وكيلها.
وقوله بما وصلها: أي بما استلمته منه سواء كان بالإرسال أو الدفع (قوله: كما صرح به) أي بالرجوع جمع محققون.
وعبارة التحفة بعد قوله بما وصلها منه كما أفاده كلام البغوي واعتمده الأذرعي ونقله الزركشي وغيره عن الرافعي، أي اقتضاء يقرب من الصريح.
وعبارة قواعده: خطب امرأة فأجابته فحمل إليهم هدية ثم لم ينكحها رجع بما ساقه إليها لأنه ساقه بناء على إنكاحه ولم يحصل ذكره الرافعي الخ (قوله: ولو أعطاها) أي أعطى زوجته التي لها في ذمته صدق بعد العقد مالا (قوله: فقالت الخ) أي فاختلفا فيه فقالت هذا الذي أعطيتني إياه هدية لا صداق، وقال هو بل أعطيتك إياه على أنه الصداق الذي لك في ذمتي.
وقوله صدق: أي الزوج.
وعبارة الأنوار: ولو انفقا على قبض مال منه أو بعث مال إليها فقال دفعته أو بعثته مهرا وقالت هبة
أو هدية: فإن اتفقا على أنه تلفظ وقال قلت إنه صداق وقالت أنه هبة أو هدية ولا بينة صدق بيمينه، ولو اتفقا على أنه لم يتلفظ واختلفا في نيته صدق بيمينه سواء كان من جنس الصداق أو غيره، فإذا حلف فإن كان من جنس الصداق وقع عنه وإلا فإن رضيا ببيعه بالصداق فذاك وإلا استرده وأدى الصداق، فإن كان تالفا فله البدل، وقد يتقاصان.
اه (قوله: وإن كان) أي المال المختلف فيه من غير جنس الصداق: بأن كان المال المذكور دراهم والمسمى في العقد مثلا دنانير (قوله: ولو دفع لمخطوبته) أي قبل العقد مالا.
وقوله وقال الخ: أي واختلفا فيه قبل العقد أو بعده فقال الزوج أنا وقت دفعه قصدت جعله عن الصداق الذي سيجب علي بالعقد، وقالت هي بل هو هدية أهديته.
ومثله ما إذا قال جعلته عن الكسوة التي ستجب علي بالعقد والتمكين وقالت هي بل هدية (قوله: فالذي إلخ) جواب لو.
وقوله يتجه تصديقها: أي المخطوبة (قوله: إذ لا قرينة هنا) أي في هذه المسألة على صدقه في قصده والفرض أنه لا بينة.
والإحتراز به عن المسألتين الأوليين، أي مسألة ما إذا خطب امرأة وأرسل إليها مالا قبل العقد ولم يقصد التبرع ثم وقع الإعراض، ومسألة ما إذا أعطاها مالا فقالت هدية وقال صداق، فإن فيهما قرينة على صدقه في قصده: أما الأولى فلأن قرينة سبق الخطبة تغلب على الظن أنه إنما بعثه أو دفعه إليها لتتم تلك الخطبة، وأما في الثانية فقرينة وجود الدين مع غلبة قصد براءة الذمة تؤكد صدق الدافع.
أفاده في التحفة (قوله: ولو طلق في مسألتنا) انظر ما المراد بمسألته هل الأولى أو الثانية أو الثالثة؟ فإنه ساق المسائل الثلاث ولم يختص بواحدة منها حتى تصح الحوالة عليها؟ والظاهر أنه يعني بها المسألة الأولى - وهي
(تتمة) تجب عليه لزوجة موطوءة ولو أمة متعة بفراق بغير سببها وبغير موت أحدهما وهي ما يتراضى الزوجان عليه وقيل أقل مال يجوز جعله صداقا.
ويسن أن لا ينقص عن ثلاثين درهما، فإن تنازعا قدرها القاضي بقدر حالهما من يساره وإعساره ونسبها وصفتها.
ــ
قوله ولو خطب ثم أرسل أو دفع الخ - بقرينة العلة الآتية فإنها هي التي دفع فيها لأجل العقد، إذا علمت ذلك فكان الأولى أن يقول في المسألة الأولى: ثم رأيت هذه اللفظة في عبارة شيخه، فلعلها سرت له منها.
فتنبه (قوله: لم يرجع بشئ) أي عليها (قوله: خلافا للبغوي) أي القائل بأن له الرجوع.
(قوله: تتمة) أي في بيان حكم المتعة، وهي، بضم الميم وكسرها، لغة التمتع.
وشرعا مال يدفعه لمن فارقها أو لسيدها بشروط تأتي.
والأصل فيها قوله تعالى: * (وللمطلقات متاع بالمعروف) * (1) وقوله تعالى: * (ومتعوهن) * (2) هي واجبة، ولا ينافي الوجوب قوله: * (حقا على المحسنين) * (3) لأن فاعل الوجوب محسن أيضا.
والحكمة فيها جبر الإيحاش الحاصل بالفراق.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: أن وجوب المتعة مما يغفل عنه النساء، فينبغي تعريفهن إياه وإشاعته بينهن ليعرفن ذلك (قوله: تجب عليه الخ) لا فرق في وجوبها بين المسلم والكافر، والحر والعبد، والمسلمة
والذمية، والحرة والأمة، وهي لسيد الأمة وفي كسب العبد (قوله: لزوجة موطوءة) وكذا غير الموطوءة التي لم يجب لها شئ أصلا.
وهي المفوضة التي طلقت قبل الفرض ووالوطئ فتجب لها المتعة لقوله تعالى: * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، ومتعوهن) * (4) أما التي وجب لها نصف المهر فلا متعة لها لأن النصف جابر للإيجاش الذي حصل لها بالطلاق مع سلامة بضعها.
ولو قال، كغيره، لزوجة لم يجب لها نصف مهر فقط بأن لم يجب لها المهر أصلا أو وجب لها المهر كله لكان أولى: لما في عبارته من الإيهام الذي لا يخفى (قوله: ولو أمة) أي ولو كانت الزوجة أمة وهو حر بشروطه أو عبد (قوله: متعة) فاعل تجب (قوله: بفراق) الباء سببية متعلقة بتجب: أي تجب بسبب الفراق (قوله: بغير سببها) الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لفراق: ي فراق حاصل بغير سببها: أي وبغير سببهما وبغير سبب ملكه لها، وذلك كطلاقه وإسلامه وردته ولعانه، بخلاف ما إذا كان الفراق حصل بسببها كإسلامها وردتها وملكها له وفسخها بعيبه وفسخه بعيبها أو بسببهما: كأن ارتدا معا أو بسبب ملكه لها بأن اشتراها بعد أن تزوجها فلا متعة في ذلك كله (قوله: وبغير موت أحدهما) معطوف على بغير سببها: أي وفراق حاصل بغير موت أحد الزوجين: أي أو موتهما معا.
وخرج به ما إذا كان الفراق بموت أحدهما: أي أو موتهما فلا متعة فيه (قوله: وهي) أي المتعة شرعا.
(وقوله: ما يتراضى الخ) أي مال يتراضى الزوجان عليه (قوله: وقيل أقل مال الخ) أي وقيل إن المتعة هي أقل مال يجوز أن يجعل صداقا بأن يكون متمولا طاهرا منتفعا به (قوله: ويسن أن لا ينقص) أي المال الذي يجعل متعة.
(وقوله عن ثلاثين درهما) أي أو ما قيمته ذلك.
وفي المغني: قال في البويطي وهذا أدنى المستحب، وأعلاه خادم، وأوسطه ثوب.
اه.
ويسن أن لا تبلغ نصف مهر المثل - كما قاله ابن المقري، فإن بلغته أو جاوزته جاز لإطلاق الآية.
قال البلقيني وغيره: ولا يزيد وجوبا على مهر المثل ولم يذكروه.
اه (قوله: فإن تنازعا) أي الزوجان في قدر المتعة.
وقوله قدرها القاضي: أي باجتهاده.
وقوله بقدر حالهما: أي معتبرا حالهما وقت الفراق لقوله تعالى: * (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) * (5) وقيل يعتبر حاله فقط لظاهر الآية المذكورة وكالنفقة، ويرد بأن قوله تعالى: * (وللمطلقات متاع بالمعروف) * (6) فيه إشارة إلى اعتبار حالهن أيضا، وقيل يعتبر حالها فقط لأنها كالبدل عن المهر وهو معتبر بها وحدها.
وقوله من يساره وإعساره: هذا بيان لحال الزوج.
وقوله ونسبها وصفتها: بيان لحال الزوجة.
(1) سورة البقرة، الاية:241.
(2)
سورة البقرة، الاية:236.
(3)
سورة البقرة، الاية:236.
(4)
سورة البقرة، الاية:236.
(5)
سورة البقرة، الاية:236.
(6)
سورة البقرة، الاية: 241
(خاتمة) الوليمة لعرس سنة مؤكدة للزوج الرشيد وولي غيره من مال نفسه ولا حد لاقلها، لكن الافضل
للقادر شاة.
ووقتها الافضل بعد الدخول، للاتباع، وقبله بعد العقد يحصل بها أصل السنة.
والمتجه استمرار طلبها بعد الدخول وإن طال الزمن كالعقيقة أو طلقها وهي ليلا أولى.
وتجب على غير معذور بأعذار الجمعة
ــ
(قوله: خاتمة) أي في بيان حكم الوليمة.
وذكرها عقب الصداق لأن من جملة الولائم وليمة الإملاك الذي هو العقد والصداق ملازم لعقد النكاح، فلما ذكر الصداق كأنه ذكر عقد النكاح الذي هو سبب للوليمة.
اه.
بجيرمي.
والوليمة مأخوذة من الولم: وهو الإجتماع، لأن الناس يجتمعون لها، وهي تقع على كل طعام يتخذ لحادث سرور أو غيره، لكن استعمالها مطلقا في العرس أشهر وفي غيره مقيدة: فيقال وليمة ختان أو غيره (قوله: الوليمة لعرس) هو بضم العين مع ضم الراء وإسكانها: يطلق على العقد وعلى الدخول، وأما بكسر العين وسكون الراء فهو اسم للزوجة أو التقييد به لبيان الواقع وليس للإحتراز عن غيره: إذ الوليمة مستحبة لغير العرس أيضا، كما سينص عليه، (قوله: سنة مؤكدة) أي لثبوتها عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا: ففي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بمدين من شعير، وأنه أولم على صفية بتمر وسمن وأقط، وقال لعبد الرحمن بن عوف، وقد تزوج، أولم ولو بشاة.
والأمر فيه للندب قياسا على الأضحية وسائر الولائم (قوله: للزوج الرشيد) أي عليه: فاللام بمعنى على.
وقوله وولي غيره: أي وعلى ولي غير الرشيد من أب أو جد.
قال في التحفة: فلو عملها غيرهما - أي الزوج والولي: كأبي الزوجة - أو هي عنه، فالذي يتجه أن الزوج إن أذن تأدت السنة عنه فتجب الإجابة إليها وإن لم يأذن فلا، خلافا لمن أطلق حصولها.
وقوله من مال نفسه: حال من ولي غيره: أي حال كون الولي يفعلها من مال نفسه، أما إذا فعلها من مال موليه فتحرم (قوله: ولا حد لأقلها) أي الوليمة.
وقوله لكن الأفضل للقادر شاة: عبارة النهاية: وأقلها للمتمكن شاة ولغيره ما قدر عليه.
قال النسائي، رحمه الله تعالى، والمراد أقل الكمال شاة لقول التنبيه: وبأي شئ أولم من الطعام جاز.
وهي يشمل المأكول والمشروب الذي يعمل في حال العقد من سكر وغيره ولو موسرا.
اه.
وكتب ع ش: قوله من سكر وغيره: أي فيكفي في أداء السنة.
والمفهوم من مثل هذا التعبير أنه ليس بمكروه ولا حرام، خلافا لمن توهمه من ضعفه الطلبة.
اه (قوله: ووقتها الأفضل بعد الدخول) عبارة المغني:
(تنبيه) لم يتعرضوا لوقت الوليمة، واستنبط السبكي من كلام البغوي أن وقتها موسع من حين العقد فيدخل وقتها به.
والأفضل فعلها بعد الدخول لانه صلى الله عليه وسلم لم يولم على نسائه إلا بعد الدخول، فتجب الإجابة إليها من حين العقد وإن خالف الأفضل.
اه.
(قوله: وقبله) متعلق بيحصل: أي ويحصل أصل السنة بالوليمة قبل الدخول حال كونها واقعة بعد العقد، وإذا قصد بها حينئذ وليمة العقد والدخول معا حصلا.
ولو بالقهوة أو الشربات، كما يعلم مما تقدم قريبا (قوله: والمتجه استمرار طلبها) أي الوليمة (قوله: بعد الدخول) الأولى إسقاطه لما علمت أن وقتها يدخل بالعقد، فحينئذ يكون الطلب منه ولو لم يدخل بها.
وعبارة التحفة: ولا تفوت بطلاق ولا موت ولا بطول الزمن فيما يظهر.
اه.
ومثلها النهاية.
(قوله: وإن طال الزمن) ظاهره أنها أداء أبدا.
وفي البجيرمي ما نصه: قال الدميري والظاهر أنها تنتهي بمدة الزفاف للبكر سبعا وللثيب ثلاثا.
اه: أي ففعلها بعد ذلك يكون قضاء.
اه (قوله: كالعقيقة) أي نظير العقيقة فإنه يستمر طلبها وإن طال الزمن والطلب موجه على الولي إلى البلوغ إن أيسر ثم من بعده يكون المولى مخيرا بين أن يعتق عن نفسه أو يترك ذلك (قوله: أو طلقها) عطف على قوله طال الزمن: أي وإن طلقها فهي يستمر طلبها (قوله: وهي) أي الوليمة وقوله ليلا أولى أي من كونها في النهار.
وعبارة النهاية: ونقل ابن الصلاح أن الأفضل فعلها ليلا لا نهارا لأنها في مقابلة نعمة ليلية.
ولقوله سبحانه وتعالى: * (فإذا طعمتم فانتشروا) * (1) وكان ذلك ليلا.
اه.
وهو متجه إن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعلها ليلا.
اه.
وكتب ع ش عليه: أي ولم يثبت ذلك، فلا يتم الإستدلال على سنها ليلا بأنه عليه السلام فعلها كذلك.
اه.
(قوله:
(1) سورة الاحزاب، الاية: 53
وقاض الاجابة إلى وليمة عرس عملت بعد عقد، لا قبله، إن دعاه مسلم إليها بنفسه أو نائبة الثقة، وكذا مميز لم يعهد منه كذب وعم بالدعاء الموصوفين يوصف قصده كجيرانه وعشيرته أو أصدقائه أو أهل حرفته فلو كثر نحو عشيرته أو عجز عن الاستيعاب لفقره لم يشترط عموم الدعوة على الاوجه، بل الشرط أن لا يظهر منه قصد تخصيص لغني أو غيره وأن يعين المدعو بعينه أو وصفه فلا يكفي من أراد فليحضر أو ادع من شئت أو لقيت، بل
ــ
وتجب الخ) وذلك لخبر الصحيحين إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها وخبر أبي داود إذا دعا أحدكم أخاه فليجب: عرسا كان أو غيره وحملوا الأمر في ذلك على الندب بالنسبة لوليمة غير العرس، وعلى الوجوب في وليمة العرس.
وأخذ جماعة بظاهره من الوجوب فيهما، ويؤيد الأول ما في مسند أحمد عن الحسن دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فلم يجب وقال لم يكن يدعى له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خبر الصحيحين مرفوعا: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب ففيه التقييد بوليمة العرس، وعليها حمل خبر مسلم: شر الطعام طعام الوليمة: تدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله أي شر الطعام طعام الوليمة في حال كونها تدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، كما هو شأن الولائم، فإنه يقصد بها الفخر والخيلاء، ومن لم يجب الدعوة في غير هذه الحالة فقد عصى الله
ورسوله، فتجب الإجابة في غير هذه الحالة المذكورة لما سيأتي من أن من شروط وجوب الإجابة أن لا يخص بالدعوة الأغنياء لغناهم (قوله: على غير معذور بأعذار الجمعة) خرج به المعذور بأعذار الجمعة فلا تجب عليه الإجابة، والمراد بأعذار الجمعة ما يتأتى منها هنا من نحو مرض ووحل ما لا يتأتى منها هنا كجوع وعطش فليسا عذرا هنا لأن المقصود من الوليمة الأكل والشرب (قوله: وقاض) معطوف على معذور: أي وتجب على غير قاض أيضا، أما هو فلا تجب الإجابة عليه وفي معناه كل ذي ولاية عامة، بل إن كان للداعي خصومة أو غلب على ظنه أنه سيخاصم حرمت عليه الإجابة (قوله: الإجابة) فاعل تجب (قوله: إلى وليمة عرس) المقام للإضمار: إذ هي المتقدم ذكرها.
وخرج بوليمة العرس غيرها فلا تجب الإجابة له، بل تسن، كما تقدم، وكما سيذكره، قال في التحفة: ومنه.
وليمة التسري كما هو ظاهر.
اه (قوله: عملت بعد عقد) شروع في بيان شروط الإجابة، والجملة المذكورة حالية: أي حال كونها عملت بعد العقد.
وقوله لا قبله: هو مفهوم البعدية، أي فلا عملت قبله فلا تجب الإجابة وإن اتصلت بالعقد لأن ما يفعل قبله ليس وليمة عرس (قوله: إن دعاه مسلم) خرج به ما لو كان كافرا فلا تطلب إجابته: نعم: تسن إجابة ذمي.
وكما يشترط أن يكون الداعي مسلما يشترط أيضا أن يكون المدعو مسلما أيضا، فلا تجب الإجابة على كافر ولا تسن لانتفاء المودة معه.
وقوله بنفسه: متعلق بدعاه، أي دعاه بنفسه، وقوله أو نائبه.
الثقة: معطوف على نفسه، أي أو دعاه بنائبه الثقة: أي العدل (قوله: وكذا مميز) أي وكذلك تجب الإجابة إن دعاه إليها بإرسال مميز لم يعهد منه كذب (قوله: وعم بالدعاء الخ) عطف على دعاه.
والمراد عند تمكنه منه، وإلا فلا يجب التعميم بقرينة ما بعده.
وقوله بوصف قصده: أي الداعي (قوله: كجيرانه الخ) تمثيل للموصوفين بوصف قصده، وهو الجوار.
والمراد بالجيران هنا أهل محلته ومسجده دون أربعين دارا من كل جانب (قوله: فلو كثر الخ) عبارة فتح الجواد: أن عم بالدعاء الموصوفين بوصف قصده، كجيرانه أو عشيرته أو أصدقائه أو أهل حرفته، لا جميع الناس لتعذره، بل لو كثر نحو عشيرته أو عجز عن الإستيعاب لفقره لم يشترط عموم الدعوة، على الأوجه، بل الشرط أن لا يظهر منه قصد تخصيص الغني أو غيره.
اه.
وقوله أو عجز عن الإستيعاب: أي أو لم تكثر عشيرته لكن عجز عن استيعاب الموجودين لفقره (قوله: لم يشترط) أي في وجوب الإجابة: وقوله عموم الدعوة: أي للموصوفين بوصف قصده حتى لو دعا واحدا لكون طعامه لا يكفي إلا واحدا لفقره لم يسقط عنه وجوب الإجابة (قوله: بل الشرط أن لا يظهر منه قصد تخصيص لغني) أي لأجل غناه.
فلو خص الغني بالدعوة لأجل غناه لم تجب الإجابة عليه فضلا عن غيره، وذلك لخبر شر الطعام السابق، بخلاف ما لو خصه لا لغناه، بل لجوار أو اجتماع
حرفة، فتجب الإجابة.
وقوله أو غيره: أي وان لا يظهر منه قصد تخصيص لغير الغنى، ومقتضاه أنه لو خص الفقراء بالدعوة لم تجب الإجابة، وهو أيضا قضية عبارة فتح الجواد السابقة.
وقضية قول شيخ الإسلام في المنهج وشرح الروض
لا تسن الاجابة حينئذ.
وأن لا يترتب على إجابته خلوة محرمة فالمرأة تجيبها المرأة إن أذن زوجها أو سيدها لا الرجل إلا إن كان هناك مانع خلوة محرمة كمحرم لها أو له أو امرأة.
أما مع الخلوة فلا يجيبها مطلقا، وكذا مع
ــ
بأن لا يخص بها أغنياء ولا غيرهم.
وقضية قول ابن حجر مثلا بعد قول المصنف وأن لا يخص الأغنياء.
وكتب عليه ابن قاسم ما نصه: قضية قوله مثلا إنه قد يضر تخصيص الفقراء، ويوجه بأنه لو كان جيرانه وأهل حرفته مثلا كلهم فقراء أو بعضهم أغنياء فخصص الفقراء لما ذكر، فالوجه عدم الوجوب حينئذ لأن هذا التخصيص موغر للصدور، كما لا يخفى، ولو كانوا كلهم أغنياء فخصص بعضهم لا لما ذكر فالوجه عدم الوجوب أيضا.
ولعله لا يشمله قولهم أن لا يخص الأغنياء بناء على أن المتبادر منه تخصيصهم بالنسبة للفقراء.
نعم: لو خصص فقراء جيرانه أو أهل حرفته أو بعضهم لعدم كفاية ما يقدر عليه فآثر الفقراء لأنهم أحوج اتجه الوجوب، فظهر أنه لا ينبغي إطلاق أنه لا يضر تخصيص الفقراء.
فليتأمل اه.
وقوله لا لما ذكر: أي لا لكونهم جيرانه أو عشيرته.
وفي البجيرمي خلافه ونصه: ونقل عن شيخنا زي.
أنه لو خص الفقراء وجبت الإجابة عليهم.
اه.
ح ل.
وهذا هو المعتمد.
فالشرط أن لا يخص الأغنياء لغناهم، كما يفهم من الأصل، اه.
(قوله: وان يعين الخ) أي ويشترط لوجوب الإجابة أن يعين الخ، فإن وما بعدها في تأويل مصدر نائب فاعل لفعل مقدر، ولا يصح عطفه على قوله وعم الخ المسلط عليه إن الشرطية، كما هو ظاهر، ولو قال وعين، بصيغة الماضي، المدعو لكان أولى، وكذا يقال فيما بعد من القيود.
وقوله بعينه: أي بأن يقول تفضل يا فلان عندي.
وقوله أو وصفه: أي المحصور فيه بأن يقول لنائبه: ادع عالم البلدة أو مفتيها وليس ثم إلا هو (قوله: فلا يكفي) أي في وجوب الإجابة، وهو مفرع على مفهوم قوله وأن يعين الخ.
وقوله من أراد فليحضر: فاعل يكفي قصد لفظه، أي لا يكفي هذا اللفظ.
وقوله أو ادع من شئت أو لقيت: أي ولا يكفي ادع الخ، وفي الكلام حذف: أي لا يكفي قوله لغيره ادع يا فلان من شئت أو من لقيته (قوله: بل لا تسن الإجابة حينئذ) أي حين إذ لم يعين المدعو بعينه أو وصفه أو حين إذ قال من أراد فليحضر أو ادع من شئت أو لقيت.
وعبارة الروض وشرحه: لا إن نادى في الناس، كأن فتح الباب وقال ليحضر من أراد، أو قال لغيره ادع من شئت، فلا تطلب الإجابة من المدعو لأن امتناعه حينئذ لا يورث وحشة.
اه.
ومثل قوله ليحضر من أراد: إحضر إن شئت، ما لم تظهر قرينة على جريان ذلك على وجه التأدب أو الإستعطاف مع ظهور رغبته في حضوره، وإلا لزمت الإجابة (قوله: وإن لا يترتب الخ) معطوف على أن يعين المجعول نائب فاعل لفعل مقدر: أي ويشترط أن لا
يترتب على الإجابة خلوة محرمة.
فإن ترتب عليها خلوة محرمة بأن يكون الداعي امرأة أجنبية من غير حضور محرم لا لها ولا للمدعو لم تجب الإجابة (قوله: فالمرأة الخ) مفرع على منطوق الشرط وعلى مفهومه، فقوله فالمرأة الخ مفرع على المنطوق وهو أن لا يترتب على إجابته خلوة محرمة.
وقوله لا الرجل: مفرع على المفهوم وهو ترتب الخلوة المحرمة على إجابته.
وقوله تجيبها المرأة أي وجوبا (قوله: إن أذن زوجها) أي المرأة المدعوة في الإجابة، ولا بد من سن الوليمة للمرأة الداعية وإلا لم تجب الإجابة.
قال في فتح الجواد.
ولا يتصور كون المرأة تولم إلا عن موليها وهي وصية أو قيمة.
اه.
وقال في التحفة: ومن صور وليمة المرأة إن لم تولم عن الرجل بإذنه.
كذا قيل.
وفيه نظر: فإن الذي يظهر حينئذ أن العبرة بدعوته لا بدعوتها لأن الوليمة صارت له بإذنه لها المقتضي لتقدير دخول ذلك في ملكه نظير إخراج الفظرة عن الغير بإذنه وحينئذ، فيتعين أن يزاد في التصوير إن أذن لها في الدعوة أيضا.
اه.
ومثله في النهاية (قوله: لا الرجل) أي لا يجيبها الرجل بل تحرم عليه لما يترتب على الإجابة من الخلوة المحرمة.
وبقيت صورة مندرجة في مفهوم الشرط وهو أن المرأة لا تجيب الرجل، ومثل المرأة الأمرد الذي يخشى من حضوره ريبة أو تهمة فلا تجب الإجابة وإن أذن له الولي، خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد وغلبت فيه محبة الأولاد.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (قوله: إلا إن كان إلخ) قد علمت أن قوله لا الرجل مرتب على ما إذا ترتب على الإجابة وجود الخلوة المحرمة الذي هو مفهوم الشرط السابق، وحينئذ فينحل المعنى لا يجيبها الرجل مع الخلوة المحرمة إلا إن كان هناك مانع خلوة، أما مع الخلوة فلا يجيبها الخ، ولا يخفى ما في ذلك من الركاكة والتكرار: إذ الإستثناء المذكور مكرر مع قوله بعد وكذا مع عدمها، فكان الأولى
عدمها إن كان الطعام خاصا به: كأن جلست ببيت وبعثت له الطعام إلى بيت آخر من دارها خوف الفتنة.
بخلاف إذا لم تخف، فقد كان شعبان وأضرابه رابعة العدوية ويسمعون كلامها: فإن وجد رجل كسفيان وامرأة كرابعة لم تحرم الاجابة، بل لا تكره.
وأن لا يدعي لنحو خوف منه أو طمع في جاهه أو لاعانته على باطل ولا إلى شبهة بأن لا يعلم حرام في ماله.
أما إذا كان فيه شبهة بأن علم اختلاطه أو طعام الوليمة بحرام، وإن قل، فلا تجب إجابة، بل تكره إن كان أكثر ماله حراما، فإن علم أن عين الطعام حرام حرمت الاجابة وإن لم يرد الاكل منه، كما استظهره شيخنا، ولا إلى محل فيه منكر لا يزول بحضوره.
ومن المنكر ستر جدار بحرير وفرش
ــ
والأخصر أن يقول لا الرجل فلا يجيبها مطلقا وكذا إن لم تكن خلوة محرمة وخص بالطعام.
وعبارة الروض وشرحه: والمرأة تجيبها المرأة وكذا يجيبها الرجل لا مع خلوة محرمة فلا يجيبها إلى طعام مطلقا أو: مع عدم الخلوة فلا يجيبها إلى طعام خاص به كأن جلست ببيت وبعثت له الطعام إلى بيت آخر من دارها خوف الفتنة إلخ.
اه.
(قوله: كمحرم الخ) تمثيل لمانع الخلوة.
وقوله لها: أي للمرأة الداعية.
وقوله أوله: أي أو محرم للرجل المدعو.
وقوله أو امرأة: معطوف على محرم: أي وكوجود امرأة، أي أخرى ثقة يحتشمها الرجل (قوله: أما مع الخلوة الخ) مفهوم قوله إن كان هناك مانع خلوة (قوله: فلا يجيبها) أي فلا يجب الرجل المدعو المرأة الداعية.
وقوله مطلقا: أي خص بالطعام أولا (قوله: وكذا مع عدمها) أي وكذا لا يجيبها مع عدم الخلوة إن كان الطعام خاصا به.
وقوله كأن جلست: تمثيل لعدم خلوة مع
اختصاصه بالطعام (قوله: خوف الفتنة) مرتبط بقوله فلا يجيبها مطلقا وبقوله وكذا مع عدمها: أي أنه لا يجيبها مع الخلوة أو مع عدمها أو مع اختصاصه بالطعام خوف الفتنة والتهمة، ويحتمل جعله مرتبا بقوله لا الرجل: أي لا يجيبها الرجل خوف الفتنة، وهو أولى (قوله: بخلاف ما إذا لم تخف) أي الفتنة فإنها يجيبها (قوله: فقد كان سفيان الخ) دليل على أنه إذا لم تخف الفتنة أجابها.
وقوله وأضرابه: أي أمثاله: كالجنيد سيد الطائفة، والسري السقطي وغيرهم، نفعنا الله بتراب أقدامهم، وأمدنا بمددهم آمين، (قوله: لم تحرم الإجابة) جواب إن.
وقوله بل لا تكره: إضراب انتقالي، وصرح في التحفة بوجوب الإجابة حينئذ، وعبارتها: ومن ثم لو كان كسفيان وهي كرابعة وجبت الإجابة.
اه.
ومثلها النهاية (قوله: أن لا يدعى الخ) معطوف على وأن يعين أيضا: أي ويشترط أن لا يدعى لنحو خوف منه الخ: أي بل يدعى لقصد التقرب والتودد أو لنحو علمه أو صلاحه أو ورعه أولا بقصد شئ (قوله: أو لإعانته عل باطل) أي وأن لا يدعى لأجل أن يعين المدعو الداعي على باطل (قوله: ولا إلى شبهة الخ) معطوف على لنحو خوف منه: أي وأن لا يدعى إلى شبهة في مال الداعي: قال في التحفة: أي قوية، ثم قال: وقيدت بقوية لأنه لا يوجد الآن ملك ينفك عن شبهة.
اه.
(قوله: بأن لا يعلم حرام) تصوير لنفي الشبهة (قوله: أما إذا كان في شبهة) الأنسب بالمقابلة أما إذا ادعى إلى شبهة (قوله: بأن علم) أي المدعو اختلاطه: أي المال كله.
وقوله أو طعام: بالجر عطف على الضمير، وفيه العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وفيه خلاف، ومنعه الجمهور وأجازه ابن مالك.
قال في الخلاصة: وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا وليس عندي لازما الخ: أي أو علم اختلاط طعام الوليمة.
وقوله بحرام: متعلق باختلاط (قوله: وإن قل) أي الحرام، خلافا لما يقتضيه كلام بعضهم من تقييده بالكثرة، لكن يؤيده أنه لا تكره معاملة من في ماله حرام والأكل منه إلا حينئذ.
ويجاب بأنه يحتاط للوجوب ما لا يحتاط للكراهة.
كذا في التحفة والنهاية (قوله: فلا تجب) جواب أما (قوله: بل تكره إن كان أكثر ماله حراما) أي كما تكره معاملته (قوله: فإن علم الخ) مفهوم قيد ملحوظ بعد قوله إن كان أكثر ماله حراما: أي وهو لم يعلم أن الطعام الذي دعي إليه عين ذلك الحرام.
(وقوله: حرمت الإجابة) جواب إن.
(وقوله: وإن لم يرد الأكل منه) أي من الطعام الحرام، وهو غاية لحرمة الإجابة (قوله: كما استظهره شيخنا) أي في التحفة وفتح الجواد (قوله: ولا إلى محل فيه منكر) معطوف على قوله لنحو خوف منه أيضا: أي ويشترط أيضا لوجوب الإجابة أن لا
مغصوبة أو مسروقة ووجود من يضحك الحاضرين بالفحش والكذب، فإن كان حرمت الاجابة، ومنه صورة حيوان مشتملة على ما لا يمكن بقاؤه بدونه وإن لم يكن لها نظير كفرس بأجنحة وطير بوجه إنسان على سقف أو جدار أو ستر علق لزينة أو ثياب ملبوسة أو وسادة منصوبة لانها تشبه الاصنام فلا تجب الاجابة في شئ من الصور
ــ
يدعى إلى محل فيه منكر: أي في محل حضوره منكر محرم ولو صغيرة كآنية نقد يباشر الأكل منها، بخلاف مجرد حضورها بناء على ما يأتي في صورة غير ممتهنة أنه لا يحرم دخول محلها وكنظر رجل لامرأة أو عكسه، وبه يعلم أن إشراف النساء على الرجل عذر.
وكآلة مطربة محرمة كذي وتر وزمر ولو شبابة وطبل كوبة وكمن يضحك بفحش وكذب، أما محرم ونحوه مما مر بغير محل حضوره، كبيت آخر من الدار، فلا يمنع الوجوب، كما صرح به بعضهم، ويوافقه قول الحاوي إذا لم يشاهد الملاهي لم يضر سماعها كالتي بجواره.
ونقله الأذرعي عن قضية كلام كثيرين منهم الشيخان، ثم نقل عن قضية كلام آخرين عدم الفرق بين محل الحضور وسائر بيوت الدار واعتمده فقال المختار: إنه لا تجب الإجابة بل تجوز لما في الحضور من سوء الظن بالمدعو.
وكذا في التحفة والنهاية.
(وقوله: لا يزول) أي المنكر بحضوره، أي المدعو، فإن كان يزول بحضوره لنحو علم أو جاه فليحضر، وجوبا، إجابة للدعوة وإزالة للمنكر.
ووجود من يزيله غيره لا يمنع الوجوب عليه لأنه ليس للإجابة فقط، كما علمت، ولو لم يعلم بالمنكر إلا بعد حضوره نهاهم، فإن عجز خرج، فإن عجز لنحو خوف قعد كارها ولا يجلس معهم إن أمكن (قوله: ومن المنكر ستر جدار بحرير) أي ولو للنساء، ومثله فراش حرير في دعوة اتخذت للرجال.
ثم أن العبرة في المنكر باعتقاد المدعو كشرب النبيذ عند الحنفي والمدعو شافعي فتسقط الإجابة عن الشافعي فقط.
قال في التحفة: ولا ينافيه ما يأتي في السير أن العبرة في الذي ينكر باعتقاد الفاعل تحريمه لأن ما هنا في وجوب الحضور ووجوبه مع وجود محرم في اعتقاده فيه مشقة عليه فسقط وجوب الحضور لذلك، وأما الإنكار ففيه إضرار بالفاعل ولا يجوز إضراره إلا إن اعتقد تحريمه، بخلاف ما إذا اعتقد المنكر فقط لأن أحدا لا يعامل بقضية اعتقاد غيره.
فتأمله.
اه (قوله: وفرش) بالرفع عطف على ستر جدار: أي ومن المنكر فرش مغصوبة أو مسروقة: أي وجودها في محل الحضور، ومنه أيضا فرش جلود السباع وعليها الوبر لأنه شأن المتكبرين (قوله: ووجود من الخ) أي ومن المنكر وجود من يضحك الحاضرين (قوله: فإن كان إلخ) أي فإن وجد المنكر في محل حضوره حرمت الآجابة، فكان تامة وفاعلها يعود على المنكر (قوله: ومنه) أي ومن المنكر.
(وقوله: صورة حيوان) خرج صورة غيره كالأشجار والسفن والشمس والقمر فليست من المنكر (قوله: ومشتملة) صفة لصورة.
وقوله على ما لا يمكن بقاؤه بدونه: أي على الجزء الذي لا يمكن بقاء الحيوان بدونه كالرأس والوسط.
وقوله وإن لم يكن إلخ: غاية في كون الصورة المذكورة من المنكر.
وقوله لها: أي لتلك الصورة المشتملة على ما لا يمكن بقاء الحيوان بدونه (قوله: كفرس الخ) تمثيل لصورة الحيوان التي ليس لها نظير: أي في الحيوانات.
وقوله بأجنحة: أي مع أجنحة أو مصور بأجنحة، فالياء
بمعنى مع أو للتصوير (قوله: وطير بوجه إنسان) أي وكطير مع وجه إنسان أو مصور به، فالباء يأتي فيها ما في الذي قبلها (قوله: على سقف الخ) صفة ثانية لصورة: أي صورة كائنة على سقف الخ.
والمراد أنها تكون مرفوعة كأن كانت على سقف أو ثوب، بخلاف غير المرفوعة كأن كانت على أرض ونحوها مما تمتهن فيه الصورة فلا تحرم الإجابة (قوله: أو ستر) أي أو على ستر.
وقوله علق لزينة: أي أو منفعة.
ويفرق بين هذا وحل التضبيب لحاجة بأن الحاجة تزيل مفسدة النقد ثم لزوال الخيلاء لا هنا لأن تعظيم الصورة بارتفاع محلها باق مع الإنتفاع به.
اه.
تحفة (قوله: أو ثياب ملبوسة) أي أو كانت الصورة على ثياب ملبوسة: أي شأنها أن تلبس، فتدخل الموضوعة على الأرض (قوله: أو وسادة) هي مرادفة للمخدة.
وقوله منصوبة: أي مرفوعة.
قال البجيرمي: وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم: امتنع من الدخول على عائشة رضي الله عنها من أجل النمرقة التي عليها التصاوير فقالت أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ فسألت عن سبب امتناعه من الدخول، فقال ما بال هذه النمرقة؟ قالت اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أصحاب هذه التصاوير يعذبون يوم القيامة، يقال لهم احيوا ما خلقتم متفق عليه.
والنمرقة بالضم:
المذكورة بل تحرم، ولا أثر بحمل النقد الذي عليه صورة كاملة لانه للحاجة ولانها ممتهنة بالمعاملة بها.
ويجوز حضور محل فيه صورة تمتهن كالصور ببساط يداس ومخدة ينام أو يتكأ عليها وطبق وخوان وقصعة وإبريق، وكذا إن قطع رأسها لزوال ما به الحياة.
ويحرم - ولو على نحو أرض - تصوير حيوان وإن لم يكن له نظير.
نعم: يجوز
ــ
وسادة صغيرة: أي فهي كانت منصوبة حينئذ أي حين إرادة دخوله صلى الله عليه وسلم.
اه (قوله: لأنها الخ) الضمير يعود على صورة الحيوان لكن يبعده قوله بعد تشبه الأصنام لأن الصورة الواحدة لا تشبه المتعدد وهو الأصنام، إلا أن يقال لفظ صورة مفرد مضاف فيعم، فحينئذ المراد بها متعدد وهو جملة صور، ويؤيده تعبير المنهج بصور حيث قال: ومن المنكر صور حيوان مرفوعة ويحتمل أن الضمير يعود على السقف وما بعده مما اشتمل على صورة الحيوان فهو أولى، وعلى كل فهو علة لكونها من المنكر: أي وإنما كانت صور الحيوان المذكورة.
وهذه الأفراد السقف وما بعده المشتملة على الصورة من المنكر لأنها تشبه الأصنام (قوله: فلا تجب الاجابة في شئ من الصور المذكورة) أنظر ما المراد بها؟ فإن كان المراد ما ذكره بقوله ومن المنكر ستر جدار الخ.
وهو الذي يظهر من صنيعه، كان مكررا مع قوله أولا فإن كان حرمت الإجابة بالنسبة لبعض الصور، وإن كان المراد بها صور الحيوان المذكور اعترض بأنه لم يتقدم له ذكر صور بالجمع وإنما ذكر صورة واحدة ويمكن اختيار الثاني.
ويجاب بما مر من أنها مفرد مضاف فيعم، والمراد به صور متعددة ويكون مؤيدا لما قدمته.
وفي المغني ما نصه: (تنبيه) قضية كلام المصنف تحريم دخول البيت المشتمل على هذه الصور وكلام أصل الروضة يقتضي ترجيح
عدم تحريمه حيث قال: وهل دخول البيت الذي فيه الصور الممنوعة حرام أو مكروه: وجهان.
وبالتحريم قال الشيخان أبو محمد، وبالكراهة قال صاحب التقريب، ورجحه الإمام الغزالي في الوسيط.
اه.
وفي الشرح الصغير عن الأكثرين أنهم مالوا إلى الكراهة وصوبه الأسنوي، وهذا هو الراجح، كما جزم به صاحب الأنوار، ولكن حكى في البيان عن عامة الأصحاب التحريم، وبذلك علم أن مسألة الدخول غير مسألة الحضور، خلافا لما فهمه الإسنوي، اه (قوله: ولا أثر بحمل النقد إلخ) عبارة التحفة.
(فرع) لا يؤثر حمل النقد الذي عليه صورة كاملة لأنه للحاجة ولأنها ممتهنة بالمعاملة بها ولأن السلف كانوا يتعاملون بها من غير نكير ومن لازم ذلك عادة حملهم لها، وأما الدراهم الإسلامية فلم تحدث إلا في زمن عبد الملك، وكان مكتوبا عليها اسم الله واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اه (قوله: كالصور ببساط الخ) وذلك لأن ما يوطأ ويطرح مهان مبتذل.
وقد يؤخذ منه أن ما رفع من ذلك للزينة محرم، وهو محتمل: إلا أن يقال إنه موضوع لما يمتهن به، فلا نظر لما يعرض له.
ويؤيده اعتبارهم التعليق في الستر دون اللبس في الثوب نظرا لما أعد له كل منهما.
اه: تحفة.
وكتب سم ما نصه: قوله من ذلك يشمل المخدة لكن التردد فيها هنا الذي أفاده قوله وهو محتمل الخ لا يوافق جزمه فيها بالحرمة بقوله السابق وسادة منصوبة الخ.
اه (قوله: ومخدة) معطوف على بساط: أي وبمخدة ينام أو يتكأ عليها (قوله: وطبق) معطوف أيضا على بساط: أي وكالصور الكائنة بطبق.
قال في القاموس: الطبق محركة غطاء كل شئ، والجمع أطباق وأطبقه.
اه.
وقوله وخوان: قال فيه أيضا: كغراب وكتاب، ما يؤكل عليه الطعام.
اه (قوله: وقصعة وإبريق) معطوفان أيضا على بساط: أي وكالصور الكائنة بقصعة وبإبريق (قوله: وكذا إن قطع رأسها الخ) أي وكذلك يجوز حضور محل فيه صورة قطع رأسها: قال في التحفة: وكفقد الرأس فقد ما لا حياة بدونه: نعم يظهر أنه لا يضر فقدان الأعضاء الباطنة كالكبد وغيره لأن الملحظ المحاكاة وهي حاصلة بدون ذلك.
اه.
وقوله فقد ما لا حياة بدونه: أي كفقد النصف الأسفل (قوله: لزوال ما به الحياة) أي وهو الرأس، وهو علة لجواز حضور المحل الذي فيه الصورة التي قطع رأسها (قوله: ويحرم ولو على نحو أرض تصوير حيوان) لا ينافي الجزم بالحرمة هنا التفصيل السابق لأنه بالنسبة للاستدامة وجواز التفرج وما هنا بالنسبة لأصل الفعل ولا أجرة للتصوير المذكور لأن المحرم لا يقابل بأجرة وهو من الكبائر لما ورد فيه من الوعيد: كخبر
تصوير لعب البنات لان عائشة رضي الله عنه كانت تلعب بها عنده (ص)، كما في مسلم.
وحكمته تدريبهن أمر التربية.
ولا يحرم أيضا تصوير حيوان بلا رأس، خلافا للمتولي، ويحل صوغ حلي ونسج حرير لانه يحل للنساء.
نعم: صنعته لمن لا يحل له استعماله حرام.
ولو دعاه اثنان أجاب أسبقهما دعوة فإن دعواه معا أجاب الاقرب رحما فدارا ثم بالقرعة.
وتسن إجابة سائر الولائم كما عمل للختان والولادة وسلامة المرأة الطلق وقدوم المسافر وختم القرآن، وهي مستحبة في كلها.
ــ
البخاري أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور أي من أشدهم وفي رواية أن الملائكة لا تدخل بيتا
فيه كلب ولا صورة والمراد ملائكة الرحمة.
وفي رواية زيادة نحو الجرس وما فيه بول منقوع (قوله: وإن لم يكن له) أي لذلك المصور نظير، كما مر من تصوير فرس بأجنحة (قوله: نعم يجوز تصوير لعب البنات) هي التي يسمونها عروسة لأن عائشة رضي الله عنها كانت تلعب بها عنده صلى الله عليه وسلم (قوله: وحكمته) أي جواز تصوير لعب البنات.
(وقوله: تدريبهن) أي تعليمهن.
(وقوله: أمر التربية) أي تربية من يأتي لهن من الأولاد إذا كبرن (قوله: ولا يحرم أيضا تصوير حيوان بلا راس) الأولى أن يقول، كما في التحفة، وخرج بحيوان تصوير ما لا رأس له فيحل (قوله: خلافا للمتولي) أي فإنه قال بحرمة تصوير صورة بلا رأس (قوله: ويحل صوغ الخ) والحاصل يحل صوغ ما يحل استعماله، ويحرم صوغ ما لا يحل استعماله ولا أجرة لصانعه كآلة لهو وآنية نقد.
وتقدم في باب الزكاة ما يحل استعماله للرجال والنساء وما لا يحل فارجع إليه إن شئت (قوله: لأنه) أي ما ذكر من الصوغ والنسج يحل للنساء (قوله: نعم صنعته) هي شاملة للصوغ والنسج وقوله لمن لا يحل استعماله: وهو الرجل، والأولى والأخصر أن يقول ويحل صوغ حلى ونسج حرير لمن يحل له استعماله، ويحرم لمن يحرم عليه استعماله (قوله: ولو دعاه اثنان) أي فأكثر.
ولو قال ولو دعاه جماعة لكان أولى (قوله: أجاب) أي المدعو لاثنين.
وقوله أسبقهما: أي الإثنين.
وقوله دعوة تمييز: أي من جهة الدعوة (قوله: فإن دعواه معا) أي بأن كلماه في آن واحد (قوله: أجاب الأقرب رحما) أي أجاب الأقرب له من جهة الرحم.
والمراد بالرحم كل قريب محرما كان أو غيره.
وقوله فدارا: أي ثم إذا اتحدا في القرب من جهة الرحم أجاب الأقرب دارا له.
وقوله ثم بالقرعة: أي ثم إذا اتحدا في القرب حما ودارا أقرع بينهما، فمن خرجت القرعة له أجابه (قوله: وتسن إجابة سائر الولائم) وهي إحدى عشرة: منها ما ذكره الشارح ومنها ما لم يذكره.
وقد نظمها بعضهم مع أسمائها بقوله: إن الولائم عشرة مع واحد من عدها قد عز في أقرانه فالخرس عند نفاسها وعقيقة للطفل والإعذار عند ختانه ولحفظ قرآن وآداب لقد قالوا الحذاق لحذقه وبيانه ثم الملاك لعقده ووليمة في عرسه فاحرص على إعلانه وكذاك مأدبة بلا سبب يرى ووكيرة لبنائه لمكانه ونقيعة لقدومه ووضيعة لمصيبة وتكون من جيرانه والخرس، بضم الخاء المعجمة وبالسين المهملة، ويقال بالصاد.
والإعذار، بكسر الهمزة وإعجام الذال،
والحذاق، بكسر الحاء المهملة، وبذال معجمة، والمأدبة، بضم الدال وفتحها، (قوله: كما عمل الخ) أي كالذي يعمل منه ويصنع للختان وللولادة والسلامة من الطلق والقدوم المسافر ولختم القرآن (قوله: وهي) أي الولائم مستحبة في كلها كالإجابة.
(فائدة) في فتاوى الحافظ السيوطي في باب الوليمة (سئل) عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟ قال: (والجواب) عندي أن أصل عمل المولد الذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك من البدع الحسنة التي عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
اه.
وقد بسط الكلام على ذلك شيخ الإسلام ببلد الله الحرام مولانا وأستاذنا العارف بربه المنان سيدنا أحمد بن زيني دحلان في سيرته النبوية، ولا بأس بإيراده هنا، فأقول: قال رضي الله عنه ومتعنا والمسلمين بحياته.
(فائدة) جرت العادة أن الناس إذا سمعوا ذكر وضعه صلى الله عليه وسلم يقومون تعظيما له صلى الله عليه وسلم وهذا القيام مستحسن لما فيه من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فعل ذلك كثير من علماء الأمة الذين يقتدى بهم.
قال الحلبي في السيرة فقد حكى بعضهم أن الإمام السبكي اجتمع عنده كثير من علماء عصره فأنشد منشده قول الصرصري في مدحه صلى الله عليه وسلم: قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعه قياما صفوفا أو جثيا على الركب فعند ذلك قام الإمام السبكي وجميع من بالمجلس، فحصل أنس كبير في ذلك المجلس وعمل المولد.
واجتماع الناس له كذلك مستحسن.
قال الإمام أبو شامة شيخ النووي: ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك - مع ما فيه من الإحسان للفقراء - مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به من إيجاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين.
قال السخاوي: إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من
بركاته كل فضل عميم.
وقال ابن الجوزي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، وأول من أحدثه من الملوك الملك المظفر أبو سعيد صاحب أربل، وألف له الحافظ ابن دحية تأليفا سماه التنوير في مولد البشير النذير، فأجازه الملك المظفر بألف دينار وصنع الملك المظفر المولد، وكان يعمله في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا، وكان شهما شجاعا، بطلا عاقلا، عالما عادلا، وطالت مدته في ملك إلى أن مات وهو محاصر الفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة، محمود السيرة والسريرة.
قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان: (حكى) لي بعض من حضر سماط المظفر في بعض المواليد فذكر أنه عد فيه خمسة آلاف رأس غنم شواء، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى، وكان يحضر عنده في الموالد أعيان العلماء والصوفية، فيخلع عليهم، ويطلق لهم البخور، وكان يصرف على الموالد ثلاثمائة ألف دينار.
واستنبط الحافظ ابن حجر تخريج عمل المولد على أصل ثابت في السنة، وهو ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، ونحن نصومه شكرا.
فقال نحن أولى بموسى منكم وقد جوزي أبو لهب بتخفيف العذاب عنه يوم الإثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشرته بولادته صلى الله عليه وسلم، وأنه يخرج له من بين إصبعيه ماء يشربه كما أخبر بذلك العباس في منام رأى فيه أبا لهب.
ورحم الله القائل، وهو حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر، حيث قال: إذا كان هذا كافرا جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا أتى أنه في يوم الإثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمد فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا قال الحسن البصري، قدس الله سره: وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهبا لأنفقته على قراءة مولد الرسول.
قال الجنيدي البغدادي رحمه الله: من حضر مولد الرسول وعظم قدره فقد فاز بالإيمان.
قال معروف الكرخي قدس الله سره:
(فروع) يندب الاكل في صوم نفل ولو مؤكدا لارضاء ذي الطعام بأن شق عليه إمساكه ولو آخر النهار
ــ
من هيأ لأجل قراءة مولد الرسول طعاما، وجمع إخوانا، وأوقد سراجا، ولبس جديدا، وتعطر وتجمل تعظيما لمولده حشره الله تعالى يوم القيامة مع الفرقة الأولى من النبيين، وكان في أعلى عليين.
ومن قرأ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على دراهم مسكوكة فضة كانت أو ذهبا وخلط تلك الدراهم مع دراهم أخر وقعت فيها البركة ولا يفتقر صاحبها ولا تفرغ يده ببركة
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام اليافعي اليمنى: من جمع لمولد النبي صلى الله عليه وسلم إخوانا وهيأ طعاما وأخلى مكانا وعمل إحسانا وصار سببا لقراءة مولد الرسول بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين ويكون في جنات النعيم.
وقال السري السقطي: من قصد موضعا يقرأ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قصد روضة من رياض الجنة لأنه ما قصد ذلك الموضع إلا لمحبة الرسول.
وقد قال عليه السلام: من أحبني كان معي في الجنة قال سلطان العارفين جلال الدين السيوطي في كتابه الوسائل في شرح الشمائل: ما من بيت أو مسجد أو محلة قرئ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم هلا حفت الملائكة بأهل ذلك المكان وعمهم الله بالرحمة والمطوقون بالنور - يعني جبريل وميكائل وإسرافيل وقربائيل وعينائيل والصافون والحافون والكروبيون - فإنهم يصلون على ما كان سببا لقراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما من مسلم قرئ في بيته مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا رفع الله تعالى القحط والوباء والحرق.
والآفات والبليات والنكبات والبغض والحسد وعين السوء واللصوص عن أهل ذلك البيت، فإذا مات هون الله تعالى عليه جواب منكر ونكير، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
(وحكي) أنه كان في زمان أمير المؤمنين هارون الرشيد شاب في البصرة مسرف على نفسه وكان أهل البلد ينظرون إليه بعين التحقير لأجل أفعاله الخبيثة، غير أنه كان إذا قدم شهر ربيع الأول غسل ثيابه وتعطر وتجمل وعمل وليمة واستقرأ فيها مولد النبي صلى الله عليه وسلم ودام على هذا الحال زمانا طويلا، ثم لما مات سمع أهل البلد هاتفا يقول: احضروا يا أهل البصرة واشهدوا جنازة ولي من أولياء الله فإنه عزيز عندي، فحضر أهل البلد جنازته ودفنوه، فرأوه في المنام وهو يرفل في حلل سندس واستبرق، فقيل له بم نلت هذه الفضيلة؟ قال بتعظيم مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
(وحكي) أنه كان في زمان الخليفة عبد الملك بن مروان شاب حسن الصورة في الشام، وكان يلهو بركوب الخيل فبينما هو ذات يوم على ظهر حصانه إذ أجفل الحصان وحمله في سكك الشام ولم يكن له قدرة على منعه فوقع طريقه على باب الخليفة فصادف ولده ولم يقدر الولد على رد الحصان فصدمه بالفرس وقتله، فوصل الخبر إلى الخليفة فأمر بإحضاره، فلما أن أشرف إليه خطر على باله أن قال إن خلصني الله تعالى من هذه الواقعة أعمل وليمة عظيمة وأستقرئ فيها مولد النبي صلى الله عليه وسلم فلما حضر قدامه ونظر إليه ضحك بعدما كان يخنقه الغضب، فقال: يا هذا أتحسن السحر؟ قال لا والله يا أمير المؤمنين.
فقال عفوت عنك، ولكن قل لي ماذا قلت؟ قال: قلت إن خلصني الله تعالى من هذه الواقعة الجسيمة أعمل له وليمة لأجل مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال الخليفة قد عفوت عنك، وهذه ألف دينار لأجل مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت في حل من دم ولدي.
فخرج الشاب وعفى عن القصاص وأخذ ألف دينار ببركة مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما أطلت
الكلام في ذلك لأجل أن يعتني ويرغب جميع الإخوان، في قراءة مولد سيد ولد عدنان، لأن من لأجله خلقت الأرواح والأجسام، بحق أن يهدى له الروح والمال والطعام.
وفقنا الله وإياكم لقراءة مولد نبيه الكريم على الدوام، وإنفاق المال لأجله في سائر الأوقات والأيام آمين (قوله: فروع) أي خمسة عشر: الأول قوله يندب الأكل الخ، الثاني قوله ويجوز للضيف أن يأخذ مما قدم الخ، الثالث قوله وصرح الشيخان الخ، الرابع قوله وورد بسند ضعيف الخ، الخامس قوله ويسن للآكل الخ، السادس قوله ويحرم أن يكبر اللقم الخ، السابع قوله ولو دخل على آكلين الخ، الثامن قوله ولا يجوز للضيف أن يطعم الخ، التاسع قوله ويكره للداعي الخ، العاشر قوله ويحرم للأراذل الخ، الحادي عشر قوله ولو تناول الخ، الثاني عشر قوله ويجوز للإنسان أخذ الخ، الثالث عشر قوله ولزم مالك طعام الخ، الرابع عشر قوله ويجوز نثر الخ، الخامس عشر قوله ويحرم أخذ فرخ الخ (قوله: يندب الأكل الخ) عبارة المنهاج: ولا تسقط إجابة بصوم، فإن شق على الداعي صوم نفل فالفطر أفضل.
اه.
وإنما لم تسقط لخبر مسلم إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب: فإن كان مفطرا
للامر بالفطر ويثاب على ما مضى وقضى ندبا يوما مكانه، فإن لم يشق عليه إمساكه لم يندب الافطار، بل الامساك أولى.
قال الغزالي: يندب أن ينوي بفطره إدخال السرور عليه، ويجوز للضيف أن يأكل مما قدم له بلا لفظ من المضيف.
نعم.
إن انتظر غيره لم يجز قبل حضوره إلا بلفظ منه.
وصرح الشيخان بكراهة الاكل فوق
ــ
فليطعم، وإن كان صائما فليصل فليدع: أي بدليل رواية فليدع بالبركة، وإذا دعي وهو صائم فلا يكره أن يقول إني صائم حكاه القاضي: أبو الطيب عن الأصحاب: أي إن أمن الرياء كما هو ظاهر، واستثنى البلقيني منه ما لو دعاه في نهار رمضان والمدعوون كلهم مكلفون صائمون فلا تجب الإجابة.
إذ لا فائدة فيها إلا مجرد نظر الطعام والجلوس من أول النهار إلى آخره مشق فإن أراد هذا فليدعهم عند الغروب وقال وهذا واضح.
اه.
نهاية.
وقوله في صوم نفل: خرج به الفرض كنذر مطلق وقضاء ما فات من رمضان فيحرم الخروج منه ولو توسع وقته (قوله: لإرضاء ذي الطعام) أي لأجل إرضائه، فاللام للتعليل، وقوله بأن شك الخ: أي ويتصور كون الأكل لأجل ما ذكر بأن كان يشق على ذي الطعام بقاؤه على صومه، فالباء للتصوير وما جرى عليه من التقييد بمشقة الإمساك هو طريقه المراوزة، وأطلق الإمام الشافعي والعراقيون الحكم فيندب الأكل عندهم مطلقا.
كذا في شرح الروض.
(قوله: للأمر بالفطر) أي في رواية البيهقي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم لما أمسك من حضر معه وقال إني صائم قال له يتكلف لك أخوك المسلم وتقول إني صائم إفطر ثم اقض يوما مكانه أي إن شئت (قوله: ويثاب على ما مضى) يعني إذا أفطر نصف النهار مثلا يثاب على القدر الذي صامه منه (قوله: وقضى ندبا) أي لأنه صوم نفل (قوله: فإن لم يشك عليه) أي ذي الطعام.
وقوله إمساكه: أي بقاؤه على صومه (قوله: لم يندب الإفطار) جواب ان (قوله: بل الإمساك أولى) أي بل بقاؤه على صومه أولى من فطره (قوله: قال الغزالي الخ)
عبارته الثالث: أي من آداب إجابة الوليمة أن لا يمتنع لكونه صائما بل يحضر، فإن كان يسر أخاه إفطاره فليفطر وليحتسب في إفطاره بنية إدخال السرور على قلب أخيه ما يحتسب في الصوم، وأفضل ذلك في صوم التطوع وإن لم يتحقق سرور قلبه فليصدقه بالظاهر وليفطر وإن تحقق أنه متكلف فليتعلل وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن امتنع بعذر الصوم يتكلف لك أخوك وتقول إني صائم وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: من أفضل الحسنات إكرام الجلساء بالإفطار، فالإفطار عبادة بهذه النية وحسن خلق، فثوابه فوق ثواب الصوم، ومهما لم يفطر فضيافته الطيب والمجمرة والحديث الطيب، وقد قيل الكحل والدهن أحد القراءين.
اه.
(قوله: ويجوز للضيف) هو من يحضر الوليمة بإذن سمي باسم ملك يأتي برزقه قبل مجيئه لأهل المنزل بأربعين يوما وينادي فيهم هذا رزق فلان بن فلان، وأما الطفيلي فهو الذي يحضر الطعام بلا إذن من صاحبه.
وسمي بذلك نسبة لرجل من غطفان يقال له طفيل كان يحضر كل وليمة تفعل من غير دعوة.
وقوله أن يأكل: أفهم أنه لا يجوز له أن يتصرف فيه بغير الأكل، وسيصرح به بقوله ولا يجوز للضيف أن يطعم سائلا أو هرة.
والمعتمد أنه يملكه بوضعه في فمه ملكا مراعى بمعنى أنه إن ازدرده استقر على ملكه وإن أخرجه من فمه تبين بقاؤه على ملك صاحبه وقيل ليس هو من باب الملك.
وإنما هو إتلاف بإذنه.
وقوله مما قدم له قال في النهاية أفهم حرمة أكل جميع ما قدم له، وبه صرح بن الصباح ونظر فيه، إذا قل، واقتضى العرف أكل جميعه.
والذي يتجه النظر في ذلك للقرينة القوية، فإن دلت على أكل الجميع حل وإلا امتنع.
اه.
ومثله في التحفة (قوله: بلا لفظ من المضيف) متعلق بيجوز: أي يجوز له الأكل من غير لفظ صادر من المضيف يدل على الإذن فيه اكتفاء بالقرينة العرفية، كما في الشرب من السقايات التي في الطرق.
(فائدة) قال النووي في الإذكار.
(إعلم) أنه يستحب لصاحب الطعام أن يقول لضيفه عند تقديم الطعام: بسم الله.
أو كل، أو نحو ذلك من العبارات المصرحة بالإذن في الشروع في الآكل.
ولا يجب هذا القول، بل يكفي تقديم الطعام إليهم، ولهم الأكل بمجرد ذلك من غير اشتراط لفظ.
وقال بعض أصحابنا لا بد من لفظ، والصواب الأول، وما ورد في الأحاديث الصحيحة من لفظ الإذن في ذلك محمول على الاستحباب.
اه.
بتصرف.
ويسن للضيف أن يدعو للمضيف بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول: أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة الأخيار، وذكركم الله فيمن عنده، وأفطر عندكم الصائمون.
اللهم أخلف على باذليه، وهن آكليه واطرح البركة فيه (قوله: نعم) استدراك على قوله بلا لفظ الموهم جواز الأكل
الشبع وآخرون بحرمته.
وورد بسند ضعيف زجر النبي (ص) أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الاكل.
قال مالك: هو نوع من الاتكاء، فالسنة للاكل أن يجلس جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب رجله اليمنى ويجلس على اليسرى.
ويكره الاكل متكئا، وهو المعتمد، على وطاء تحته ومضطجعا إلا فيما يتنقل به لا قائما والشرب قائما خلاف الاولى ويسن للآكل أن يغسل اليدين والفم قبل الاكل وبعده ويقرأ سورتي الاخلاص
ــ
مطلقا.
وقوله إن انتظر: أي المضيف.
وقوله غيره: أي غير الذي حضر.
ومثله ما لو لم تتم السفرة.
وقوله لم يجز: أي الأكل.
وقوله قبل حضوره: أي المنتظر.
وقوله إلا بلفظ منه: أي إلا بإذن من المضيف له لفظا (قوله: وصرح الشيخان الخ) ما صرحا به لا يختص بالضيف، بل يجزي في طعام نفسه، كما هو ظاهر (قوله: فوق الشبع) أي المتعارف لا المطلوب شرعا، وهو أكل نحو ثلث البطن.
اه.
ع ش.
وقوله وآخرون بحرمته: أي وصرح آخرون بحرمة الأكل فوق الشبع، وذلك لأنه مؤذ للمزاج.
وجمع في التحفة والنهاية بين القولين بحمل الأول على مال نفسه الذي لا يضره، والثاني على خلافه.
ويضمنه لصاحبه ما لم يعلم رضاه به، كما هو ظاهر، وفي البجيرمي.
والأحسن أن يقال إن التحريم محمول على حالة الضرر سواء كان من ماله أو من مال غيره، والقول بالكراهة على غيرها.
اه (قوله: قال مالك هو) أي الاعتماد على يده اليسرى.
وقوله نوع من الاتكاء: أي المنهي عنه (قوله: جاثيا) حال مؤكدة.
قال في القاموس: جثا: كدعا ورمى جثوا وجثيا - بضمهما - جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف أصابعه اه.
وقوله وظهور قدميه: أي وعلى ظهور قدميه بأن يجعلها مما يلي الأرض ويجعل بطونها مما يلي وركيه (قوله: ويكره الأكل متكئا) أي لخبر أنا لا آكل متكئا (قوله: وهو) أي المتكئ.
وقوله المعتمد الخ: عبارة شرح الروض: قال النووي: قال الخطابي: المتكئ هنا الجالس معتمدا على وطاء تحته كقعود من يريد الإكثار من الطعام، وأشار غيره إلى أنه المائل على جنبه، ومثله المضطجع، كما فهم بالأولى، اه.
وفي الباجوري على الشمائل ما نصه: ومعنى المتكئ المائل إلى أحد الشقين معتمدا عليه وحده.
وحكمه كراهة الأكل متكئا أنه فعل المتكبرين المكثرين من الأكل نهمة، والكراهة مع الاضطجاع أشد منها مع الاتكاء.
نعم: لا بأس بأكل ما يتنقل به مضطجعا.
اه.
وقوله على وطاء: قال في القاموس: والوطاء كسحاب وكتاب خلاف الغطاء.
اه.
وفي المصباح: والوطاء وزان كتاب المهاد الوطئ.
اه (قوله: ومضطجعا) معطوف على متكئا: أي ويكره الأكل حال كونه مضطجعا على جنبه الأيمن أو الأيسر، وبالأولى الأكل مع الاستلقاء (قوله: إلا فيما يتنقل به) بتقديم التاء الفوقية على النون، وذلك كنحو الفاكهة من كل ما لا يعد للشبع فلا يكره أكله مع الاتكاء أو الاضطجاع (قوله: لا قائما) أي لا يكره الأكل قائما (قوله: والشرب قائما خلاف الأولى) عبارة الروض وشرحه: والشرب قاعدا أولى منه قائما أو مضطجعا، فالشرب قائما بلا عذر خلاف الأولى، كما اختاره في الروضة، لكنه صوب في شرح مسلم كراهته، وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فلبيان الجواز.
قال في شرح مسلم: ويستحب لمن شرب قائما عالما أو ناسيا أن يتقيأه: لخبر مسلم لا يشربن أحدكم قائما، فمن نسي فليستقئ اه
(واعلم) أنه استثنى بعضهم شرب ماء زمزم وقال: إنه يسن الشرب منه قائما اتباعا، فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم ورده الباجوري في حاشية الشمائل بما نصه: وإنما شرب صلى الله عليه وسلم وهو قائم، مع نهيه عنه، لبيان الجواز، ففعله ليس مكروها في حقه، بل واجب، فسقط قول بعضهم إنه يسن الشرب من زمزم قائما اتباعا له صلى الله عليه وسلم، ولا حاجة لدعوي النسخ أو تضعيف النهي لأنه حيث أمكن الجمع وجب المصير إليه.
ثم قال: قال ابن القيم للشرب قائما آفات منها: أنه لا يحصل به الري التام، ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء، ويلاقي المعدة بسرعة، فربما برد حرارتها ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن فيضر ضررا بينا، ومن ثم سن أن يتقيأه، ولو فعله سهوا، لأنه يحرك أخلاطا يدفعها القئ.
ويسن لمن شرب قائما أن يقول: اللهم صل على سيدنا محمد الذي شرب الماء قائما وقاعدا فإنه بسبب ذلك يندفع عنه الضرر.
وذكر الحكماء أن تحريك الشخص إبهامي رجليه حال الشرب قائما يدفع ضرره.
اه (قوله: ويسن للآكل الخ) تقدم أول الكتاب، في مبحث سنن الوضوء، أنه تستجب
وقريش بعده ولا يبتلع ما يخرج من أسنانه بالخلال بل يرميه، بخلاف ما يجمعه بلسانه من بينها فإنه يبتلعه.
ويحرم أن يكبر اللقم مسرعا حتى يستوفي أكثر الطعام ويحرم غيره.
ولو دخل على آكلين فأذنوا له لم يجز له الاكل معهم إلا إن ظن أنه عن طيب نفس، لا لنحو حياء، ولا يجوز للضيف أن يطعم سائلا أو هرة إلا إن علم رضا الداعي.
ويكره للداعي تخصيص بعض الضيفان بطعام نفيس.
ويحرم للاراذل أكل ما قدم للاماثل.
ولو تناول ضيف إناء طعام فانكسر منه ضمنه، كما بحثه الزركشي، لانه في يده في حكم العارية.
ويجوز للانسان
ــ
التسمية قبل الأكل والشرب، فإن تركها أوله قال في ثنائه بسم الله أوله وآخره.
قال النووي في الإذكار: وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره قال الترمذي حديث حسن صحيح.
ثم قال: قلت أجمع العلماء على استحباب التسمية على الطعام في أوله، فإن ترك في أوله عامدا أو ناسيا أو مكرها أو عاجزا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله استحب أنه يسمي: للحديث المتقدم.
والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق وسائر المشروبات كالتسمية في الطعام في جميع ما ذكرناه.
ويستحب أن يجهر بالتسمية ليكون فيه تنبيه لغيره على التسمية وليقتدي به في ذلك.
اه.
باختصار.
وقوله أن يغسل اليدين إلخ: قال في شرح الروض: لكن المالك يبتدئ به فيما قبله ويتأخر به فيما بعده ليدعو الناس إلى كرمه.
اه (قوله: ويقرأ سورتي إلخ) أي ويسن أن يقرأ بعد الأكل سورة الإخلاص وسورة قريش، ويسن أيضا أن يقول بعد الأكل، وقبل قراءة السورتين، (الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة.
اللهم كما أطعمتني طيبا فاستعملني صالحا، الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا.
الحمد لله الذي أطعمني وأشبعني وأرواني) قال في الأذكار: وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام
ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه قال الترمذي حديث حسن (قوله: ولا يبتلع إلخ) أي ويسن أن لا يبتلع ما يخرج من آثار الطعام بالخلال بخلاف ما يجمعه بلسانه من بين الأسنان فإنه يبتلعه (قوله: ويحرم أن يكبر اللقم) قيده في التحفة بما إذا قل الطعام.
وقال ابن عبد السلام: ولو كان يأكل قدر عشرة والمضيف جاهل به لم يجز له أن يأكل فوق ما يقتضيه العرف في مقدار الأكل لانتفاء الإذن اللفظي والعرفي فيما وراءه.
اه.
وقوله مسرعا: أي حال كونه مسرعا في الأكل.
وقوله حتى يستوفى أكثر الطعام: حتى تعليلية، أي يكبر اللقم لأجل أن يستوفى أكثر الطعام.
وقوله ويحرم (1): بضم الياء وكسر الراء، وهو بالنصب معطوف على يستوفى: أي ولأجل أن يحرم غيره من بقية الضيوف (قوله: ولو دخل) أي إنسان غير ضيف.
وقوله على آكلين: أي على جماعة يأكلون.
وقوله فأذنوا له: أي في الأكل معهم.
وقوله لم يجز له: أي للداخل (قوله: إلا إن ظن أنه عن طيب نفس) أي إلا إن ظن أن إذنهم له صادر عن طيب نفوسهم فيجوز له الأكل حينئذ.
وقوله لا لنحو حياء: أي لا ظن أن إذنهم له لنحو حياء منه فيحرم عليه الأكل معهم، ومن ثم حرم إجابة من عرض بالضيافة تجملا وأكل هدية من ظن منه أنه لا يهدى إلا خوف المذمة (قوله: ولا يجوز للضيف أن يطعم سائلا أو هرة) أي من الطعام الذي قدم له، وذلك لعدم الإذن له في غير الأكل.
نعم: له تلقيم صاحبه، ما لم يفاضل المضيف طعامهما، كأن خص أحدهما بعالي الطعام والآخر بسافله، وإلا فليس له ذلك.
وقوله إلا إن علم رضا الداعي: أي فإنه لا يحرم.
والمراد بالعلم ما يشمل الظن، بأن توجد القرائن القوية على رضاه به، بدليل التقييد بالظن في مسألة الأخذ الآتية قريبا (قوله: ويكره للداعي تخصيص الخ) وذلك لما فيه من كسر الخاطر للبعض الآخر (قوله: ويحرم للأراذل أكل الخ) أي لأنه لا دلالة على الإذن لهم فيه، بل العرف زاجر لهم عنه (قوله: ولو تناول ضيف) أي من المضيف له.
وقوله إناء طعام: التركيب إضافي: أي إناء فيه طعام.
وقوله فانكسر: أي الإناء.
وقوله منه: أي من الضيف (قوله: ضمنه) أي
(1)(قوله بضم الياء الخ) لا يتعين هذا الضبط بل هو لغية كما في القاموس والكثير باب وعلم.
اه
أخذ من نحو طعام صديقه مع ظن رضا مالكه بذلك، ويختلف بقدر المأخوذ وجنسه وبحال المضيف.
ومع ذلك ينبغي له مراعاة نصفة أصحابه فلا يأخذ إلا ما يخصه أو يرضون به عن طيب نفس لا عن حياء.
وكذا يقال في قران نحو تمرتين أما عند الشك في الرضا فيحرم الاخذ كالتطفل ما لم يعم: كأن فتح الباب ليدخل من شاء ولزم مالك طعام إطعام مضطر قدر سد رمقه إن كان معصوما مسلما أو ذميا وإن احتاجه مالكه مآلا، وكذا بهيمة الغير المحترمة، بخلاف حربي ومرتد وزان محصن وتارك صلاة وكلب عقور، فإن منع فله أخذه قهرا بعوض إن
ــ
الإناء دون الطعام لأنه أباحه، كما يعلم مما تقدم للشارح في باب العارية في مسألة الكوز: وهي أنه لو أخذ كوزا من سقاء ليشرب منه فوقع من يده وانكسر قبل شربه أو بعده، فإن طلبه، أي الماء مجانا، ضمنه دون الماء، أو بعوض والماء قدر كفايته فعكسه.
اه.
وتقدم في الكتابة عليه تعليل ذلك وجملة مسائل.
فارجع إليه إن شئت.
وقوله لأنه: أي الإناء وقوله في يده: أي الضيف.
وقوله في حكم العارية: أي وهي مضمومة (قوله: ويجوز للإنسان أخذ من نحو صديقه) أي يجوز
له أن يأخذ من طعام صديقه وشرابه ويحمله إلى بيته.
قال في التحفة: وإذا جوزنا له الأخذ، فالذي يظهر أنه إن ظن الأخذ بالبدل كان قرضا ضمنيا، أو بلا بدل توقف المالك على ما ظنه.
اه (قوله: ويختلف) أي ظن الرضا.
وعبارة غيره.
وتختلف قرائن الرضا في ذلك باختلاف الأحوال ومقادير الأموال.
اه.
(قوله: وبحال المضيف) أي يسارا إعسارا (قوله: ومع ذلك) أي ظن الرضا.
وقوله مراعاة نصفة، بفتحات، العدل (قوله: فلا يأخذ الخ) تفريع على الانبغاء المذكور.
وقوله إلا ما يخصه: أي القدر الذي يخصه من الطعام المقدم إليهم.
وقوله أو يرضون به: أي أو الذي يرضون بأخذه.
وكتب سب ما نصه: قوله إلا ما يخصه أو يرضون به، لعل هذا إذا وكل المالك الأمر إليهم، وإلا فالأوجه جواز ما رضي به بإذن أو قرينة.
اه.
وقوله عن طيب نفس: أي نفوسهم كلهم.
وقوله لا عن حياء: أي وأما إذا كان عن حياء فإنه يحرم عليه أخذه (قوله: وكذا يقال الخ) أي أن مثل ما قيل في أخذه من نحو طعام صديقه يقال في القران بين تمرتين أو سمسمتين أو عنبتين في لقمة واحدة: أي فإن ظن رضا المالك بذلك جاز وإلا فلا.
ومع ذلك ينبغي له مراعاة النصفة للحاضرين، والقران - بكسر ففتح - الاقتران والجمع (قوله: أما عند الشك في الرضا) مفهوم قوله مع ظن رضا مالكه.
وقوله فيحرم الأخذ: أي أخذه من طعام صديقه (قوله: كالتطفل) أي كحرمة التطفل، وهو حضور الوليمة من غير دعوة إلا إذا علم رضا المالك به لما بينهما من الأنس والانبساط (قوله: ما لم يعم) قيد في حرمة التطفل: أي محل الحرمة حيث لم يعم دعوته، فإن عم لم يحرم، كما في شرح الروض نقلا عن الإمام وعبارته وقيد ذلك أي حرمة التطفل، الإمام بالدعوة الخاصة، أما العامة، كأن فتح الباب ليدخل من شاء، فلا تطفل.
اه.
وقوله كأن فتح الباب الخ.
تمثيل لعموم الدعوة (قوله: ولزم مالك طعام) أي مطعوم أعم من المأكول والمشروب.
وقوله إطعام: فاعل لزم مؤخر، وما قبله مفعول مقدم.
وقوله مضطر: أي محتاج إلى طعام.
وقوله قدر سد رمقه: الرمق بقية الروح، والمراد يطعمه بقدر ما يسد الخلل الحاصل في بقية الروح.
وزاد في التحفة في باب الأطعمة، أو إشباعه بشرطه.
وعبارته مع الأصل: أو وجد طعام حاضر غير مضطر لزمه، أي مالك الطعام، إطعام، أي سد رمق، مضطر أو إشباعه بشرطه.
اه.
وقوله بشرطه: هو أنه لو اقتصر على سد الرمق يخاف تلفا: أي محذور تيمم (قوله: إن كان) أي المضطر.
وقوله معصوما: سيذكر محترزه.
وقوله مسلما أو ذميا: بدل معصوما أو عطف بيان (قوله: وإن احتاجه الخ) غاية في لزوم الإطعام.
وقوله مالكه: إنما أظهر ولم يضمر مع تقدم مرجعه لئلا يتوهم رجوعه إلى المضطر وإن كان بعيدا.
وقوله مآلا: أي في المآل، أي المستقبل (قوله: وكذا بهيمة الغير) أي ومثل المعصوم بهيمة الغير: أي فيلزم مالك الطعام إطعامها (قوله: بخلاف حربي إلخ) أي فلا يلزم
مالك الطعام إطعامهم إذا اضطروا لعدم احترامهم (قوله: فإن منع) أي المضطر.
فالفعل مبني للمجهول.
ويحتمل بناؤه للمعلوم، وفاعله ضمير يعود على المالك، والمفعول محذوف: أي فإن منع المالك المضطر في إطعامه الطعام.
وقوله فله: أي المضطر أخذه قهرا وله أن يقاتل عليه، فإن قتل أحدهما صاحبه كان صاحب الطعام مهدر الدم لا قصاص فيه ولا
حضر، وإلا فنسيئة.
ولو أطعمه ولم يذكر عوضا فلا عوض له لتقصيره ولو اختلفا في ذكر العوض صدق المالك بيمينه.
ويجوز نثر نحو سكر وتنبل وتركه أولى.
ويحل التقاطه للعلم برضا مالكه.
ويكره أخذه لانه دناءة ويحرم أخذ فرخ طير عشش بملك الغير وسمك دخل مع الماء في حوضه.
فصل في القسم والنشوز
ــ
دية ولا كفارة وكان المضطر مضمونا بالقصاص أو الدية والكفارة (قوله: إن حضر) أي العوض عند المضطر.
وقوله وإلا: أي وإن لم يحضر عنده فهو نسيئة (قوله: ولو أطعمه) أي أطعم مالك الطعام المضطر.
وقوله ولم يذكر عوضا: أي لم يذكر المالك للمضطر أنه أطعمه إياه بعوض لا مجانا.
وقوله فلا عوض له: أي للمالك على المضطر.
وقوله لتقصيره: أي بعدم ذكر العوض (قوله: ولو اختلفا) أي المالك والمضطر.
وقوله في ذكر العوض: فالمالك يقول ذكرته والمضطر ينكره.
وقوله صدق المالك بيمينه: أي حملا للناس على هذه المكرمة (قوله: ويجوز نثر نحو سكر) أي كلوز ودنانير أو دراهم.
والنثر الرمي مفرقا.
وعبارة المنهاج: ويحل نثر سكر وغيره في الأملاك.
اه (قوله: وتركه أولى) أي وترك النثر أولى، ولا يكره في الأصح: لخبر أنه صلى الله عليه وسلم حضر أملاكا فيه أطباق اللوز والسكر فأمسكوا، فقال ألا تنتهبون؟ فقالوا نهيتنا عن النهبى.
فقال وإنما نهيتكم عن نهبة العساكر، أما الفرسان فلا.
خذوا على اسم الله.
فجاذبنا وجاذبناه اه.
تحفة (قوله: ويحل التقاطه) أي المنثور (قوله: ويكره أخذه) ضعيف.
والمعتمد أنه خلاف الأولى.
وعبارة المنهج وشرحه: وتركهما، أي نثر ذلك والتقاطه، أولى لأن الثاني يشبه النهبى والأول تسبب إلى ما يشبهها.
نعم: إن عرف أن الناثر لا يؤثر بعضهم على بعض ولا يقدح الالتقاط في مروءة الملتقط لم يكن الترك أولى.
اه.
وعبارة النهاية مع الأصل: ويحل التقاطه، وتركه أولى وقيل أخذه مكروه لأنه دناءة.
نعم: إن علم أن الناثر لا يؤثر به ولم يقدح أخذه في مروءته لم يكن تركه أولى، ويكره أخذه من الهواء بإزار أو غيره، فإن أخذ منه أو التقطه أو بسط ثوبه لأجله فوقع فيه ملكه بالأخذ، ولو صبيا، وإن سقط منه بعد أخذه.
فلو أخذه غيره لم يملكه، وحيث كان أولى به وأخذه غيره ففي ملكه وجهان جاريان: فيما لو عشش طائر في ملكه فأخذ فرخه غيره، وفيما إذا دخل السمك مع الماء في حوضه، وفيما إذا وقع الثلج في ملكه فأخذه غيره، وفيما إذا أحيا ما تحجره غيره، لكن الأصح في الصور كلها الملك، كالإحياء، ما عدا صورة النثار لقوة الاستيلاء فيها.
اه.
وقوله الملك: أي للآخذ الثاني، ومثله في التحفة (قوله: ويحرم أخذ فرخ إلخ) يعني إنه يحرم على الشخص أن يأخذ فرخ طير عشش ذلك الطير في ملك غيره وأخذ سمك دخل مع الماء حوض غيره، وحيث حرم الأخذ لم يملكه لو
أخذه، كما في فتح الجواد، ونصه مع الأصل: وجاز لقط إلا إن أخذه ممن أخذه.
أو بسط ذيله له ولو صبيا ومجنونا فوقع فيه لأنه يملكه بالأخذ، والوقوع في نحو الذيل وإن سقط منه بعد أخذه وخرج.
بله وقوعه فيه اتفاقا فإنه لا يملكه، بل يكون أولى به فيحرم على غيره أخذه إلا إن ظن رضاه أو سقط من ثوبه وإن لم ينفضه.
وإذا حرم لم يملكه آخذه: كأخذ فرخ طير عشش بملك الغير أو سمك دخل مع الماء حوضه أو ثلج وقع في ملكه، وإنما ملك المحيي ما تحجره الغير لأن المتحجر غير مالك فليس الإحياء تصرفا في ملك الغير، بخلاف هذه الصور.
اه.
بحذف والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في القسم والنشوز أي في بيان حكمهما: كوجوب التسوية بين الزوجات وغير ذلك مما يترتب عليهما، إنما ذكر القسم بعد الوليمة نظرا لكون الأفضل فعلها بعد الدخول، وهو أيضا يكون بعده.
وذكر بعده النشوز لأنه يترتب غالبا على ترك القسم ولقوة المناسبة بينهما جمعهما في ترجمة واحدة.
والقسم، بفتح القاف وسكون السين، مصدر قسمت الشئ.
والمراد به العدل بين الزوجات، وأما بالكسر فالنصيب، وبفتح القاف مع فتح السين اليمين والنشوز الخروج عن الطاعة (قوله:
(يجب قسم لزوجات) إن بات عند بعضهن بقرعة أو غيرها فيلزمه قسم لمن بقي منهن ولو قام بهن عذر كمرض وحيض.
وتسن التسوية بينهن في سائر أنواع الاستمتاع، ولا يوءاخذ بميل القلب إلى بعضهن، وأن لا يعطلهن بأن يبيت عندهن، ولا قسم بين إماء ولا إماء وزوجة.
ويجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، بأن يمتنع كل عما يكره صاحبه ويؤدي إليه حقه مع الرضا وطلاقة الوجه من غير أن يحوجه إلى مؤنة وكلفة في ذلك
ــ
يجب قسم الخ) وذلك لقوله تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) * (1)، وخبر إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل، أي ساقط رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم وقوله لزوجات: أي حقيقة فخرجت الرجعية ودخل الإماء، وذلك بأن تزوج رقيق أمتين فيجب عليه القسم بينهما أو تزوج حر بالشروط أمة فسقمت ثم تزوج أمة أخرى فيجب عليه القسم بينهما.
والمراد بالجمع ما فوق الواحد فتدخل الاثنتان والثلاث والأربع.
وخرجت الواحدة فلا يجب عليه فيها شئ، لكن يستحب أن لا يعطلها بأن يبيت عندها لأنه من المعاشرة بالمعروف.
وفي البجيرمي: لا فرق في وجوب القسم بين المسلمة والذمية.
ذكره في البيان.
اه (قوله: هن بات عند بعضهم) قيد في الوجوب، فلو لم يبت عند بعضهن لم يجب عليه القسم ولا إثم عليه بذلك، لكن يستحب أن لا يعطلهن وإن يحصنهن بالوطئ.
ثم إن البيتوتة المختصة بالليل ليست بقيد، بل المدار على صيرورته عند بعضهن ليلا أو نهارا، كما في التحفة، ونصها مع الأصل: نعم إن بات في الحضر أي صار ليلا أو نهارا فالتعبير ببات لأن شأن القسم الليل، لا لإخراج مكثه نهارا عند إحداهن، فإن الأوجه أنه يلزمه أن يمكث مثل ذلك الزمن عند الباقيات.
اه.
وقوله بقرعة: متعلق بقسم.
وقوله أو غيرها: أي القرعة (قوله: فيلزمه قسم لمن بقي الخ) هذا عين قوله يجب قسم الزوجات: إذ اللزوم والوجوب بمعنى واحد.
والمراد بقوله
لزوجات بقيتهن لا كلهن بدليل قوله إن بات عند بعضهن، ولا يقال أنه أعاده لأجل الغاية وهي ولو قام بهن عذر لأنا نقول يصح جعلها غاية لوجوب قسم الزوجات وبالجملة فالأولى إسقاطه والاقتصار على الغاية (قوله: ولو قام بهن عذر) أي يلزمه القسم للباقيات، ولو قام بهن عذر، وذلك لأن المقصود الانس لا الوطئ ويلزمه ذلك فورا ولو بدون طلب، كما في سم، وترك القسم كبيرة كما في ع ش (قوله: كمرض وحيض) تمثيل للعذر، ومثلهما رتق وقرن وإحرام وجنون إن أمن من الشر (قوله: وتسن التسوية بينهن) أي بين الزوجات (قوله: في سائر أنواع الإستمتاع) أي وطأ كانت أو غيره (قوله: ولا يؤاخذ بميل القلب إلى بعضهن) أي لأنه أمر قهري ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك (قوله: وإن لا يعطلهن) أي ويسن أن لا يعطلهن أي إن لم يبت عند بعضهن، وإلا وجب عدم التعطيل، كما علمت (قوله: بأن يبيت) تصوير لانتفاء التعطيل (قوله: ولا قسم بين إماء) أي غير زوجات ولو كن مستولدات: قال تعالى: * (فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) * (2) أشعر ذلك بأنه لا يجب العدل الذي هو فائدة القسم في ملك اليمين، فلا يجب القسم فيه (قوله: ولا إماء وزوجة) أي ولا قسم بين إماء وزوجة، لما مر (قوله: ويجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف) أي لقوله تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) * (3) وفي شرح الروض: النكاح مناط حقوق الزوج على الزوجة كالطاعة، وملازمة المسكن وحقوقها عليه كالمهر والنفقة والكسوة والمعاشرة بالمعروف: قال تعالى: * (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) * (4) والمراد تماثلهما في وجوب الأداء، وقال تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) * (1).
اه (قوله: بأن يمتنع كل) أي من الزوجين، وهو تصوير للتعاشر بالمعروف (قوله: ويؤدي) معطوف على يمتنع: أي وبأن يؤدي كل إلى صاحبه حقه.
وقوله مع الرضا: متعلق بكل من يمتنع ويؤدي.
وقوله وطلاقة الوجه: أي ومع طلاقة الوجه، وهي عدم العبوسة، ولبعضهم: البر شئ هين: وجه طلق وكلام لين (قوله: من غير أن يحوجه الخ) متعلق أيضا بكل من الفعلين قبله: أي يمتنع عما ذكر ويؤدي إليه حقه من غير أن يحوج أحدهما الآخر إلى مؤنة.
(1) سورة النساء، الاية:19.
(2)
سورة النساء، الاية:3.
(3)
سورة النساء، الاية:19.
(4)
سورة النساء، الاية: 228
(غير) معتدة عن وطئ شبهة لتحريم الخلوة بها وصغيرة لا تطيق الوطئ، و (ناشزة) أي خارجة عن طاعته بأن تخرج
بغير إذنه من منزله، أو تمنعه من التمتع بها، أو تغلق الباب في وجهه، ولو مجنونة، وغير مسافرة وحدها لحاجتها ولو بإذنه فلا قسم لهن كما لا نفقة لهن.
(فرع) قال الاذرعي نقلا عن تجزئة الروياني: ولو ظهر زناها حل له منع قسمها وحقوقها لتفتدي منه.
نص عليه في الام.
وهو أصح القولين.
انتهى.
قال شيخنا: وهو ظاهر إن أراد أنه يحل له ذلك باطنا معاقبة له لتلطيخ فراشه، أما في الظاهر فدعواه عليها ذلك غير مقبولة، بل ولو ثبت زناها لا يجوز للقاضي أن يمكنه من ذلك فيما
ــ
وقوله وكلفة: العطف للتفسير، والمراد المشقة.
وقوله في ذلك أي في الامتناع المذكور وأداء ما عليه للآخر من الحقوق (قوله: غير معتدة) منصوب على الاستثناء من زوجات: أي يجب القسم للزوجات إلا المعتدة الخ.
وقوله عن وطئ شبهة: فإن كانت معتدة عنه بأن وطئ إحدى زوجاته أجنبي بشبهة فلا قسم لها حتى تعتد بل يحرم، كما يفهمه التعليل بعد قوله لتحرم الخلوة بها (قوله: وصغيرة) أي وغير صغيرة لا تطيق الوطئ (قوله: وناشزة) أي وغير ناشزة ودخل في مدعيه الطلاق (قوله: أي خارجة عن طاعته) تفسير للناشزة (قوله: بأن تخرج بغير الخ) تصوير لخروجها عن طاعته (قوله: ولو مجنونة) غاية في الناشزة: أي يشترط أن تكون غير ناشزة ولو كانت مجنونة فنشوزها يسقط حقها كنشوز العاقلة وإن كانت لا تأثم به (قوله: وغير مسافرة) عطف على غير معتدة.
وقوله وحدها: خرج ما إذا سافرت معه ولم يمنعها فحقها باق.
وقوله لحاجتها: خرج ما إذا كانت لحاجته بإذنه فيقضي لها من نوب الباقيات، فإن كان من غير إذنه سقط حقها (قوله: فلا قسم لهن) أي للمعتدة والصغيرة والناشزة والمسافرة، وهو تفريع على مفهوم وقوله غير معتدة الخ.
ويصح جعله قوله جواب شرط مقدر: أي أما المعتدة من وطئ الشبهة والصغيرة والناشزة والمسافرة فلا قسم لهن لعدم استحقاقهن له.
وانظر: هل يحرم القسم عليه لهن لأن فيه تضييع حق الباقيات أم لا؟ وقد قدمت أن قوله لتحريم الخلوة بالمعتدة يقتضي حرمته عليه فيها، ولكن بقي النظر فيما عداها من الناشزة والصغيرة الخ (قوله: كما لا نفقة لهن) أي لا نفقة واجبة عليه لهن.
وفي المغني مع الأصل ما نصه: ويستحق القسم مريضة وقرناء وقرناء ورتقاء وحائض ونفساء، ثم قال: وضابط من يستحق القسم كل من وجبت نفقتها ولم تكن مطلقة لتخرج الرجعية.
ويستثنى من استحقاق المريضة القسم ما لو سافر بنسائه فتخلفت واحدة لمرض فلا قسم لها وإن كانت تستحق النفقة.
وضابط من لا يستحقه هو كل امرأة لا نفقة لها، وضابط من يجب عليه القسم كل زوج عاقل ولو سكران أو سفيها أو مراهقا، فإن جار المراهق فالإثم على وليه، أي إذا قصر، وإن جار السفيه فعلى نفسه لأنه مكلف.
وأما المجنون إذا أطبق جنونه أو تقطع ولم ينضبط فلا يلزم الولي الطواف به عليهن، سواء أمن منه الضرر أم لا، إلا إن طولب بقضاء قسم وقع منه أو كان الجماع ينفعه بقول أهل الخبرة أو مال إليه بميله إلى النساء فيلزمه أن يطوف به عليهن أو يدعوهن إلى منزله أو يطوف به على بعضهن ويدعو بعضهن إذا كان ثم عذر بحسب ما يرى.
اه.
بحذف (قوله: ولو ظهر زناها) أي ظهر زنا واحدة من زوجاته برؤيته أو بالشيوع (قوله: حل له) أي زوجها (قوله: منع قسمها وحقوقها لتفتدي منه) أي يمتنع من قسمه لها لتختلع منه بمال (قوله: قال شيخنا إلخ) لعله في غير التحفة ولفظها بعد وهو أصح القولين وهو بعيد، ولعل الأصح القول الثاني.
ويأتي
أول الخلع ما يصرح به.
وينبغي أن يكون محل الخلاف إذا ظهر زناها في عصمته لا قبلها.
اه.
وقوله ويأتي أول الخ: عبارته هناك: ولو منعها نحو نفقة لتختلع منه بمال ففعلت بطل الخلع ووقع رجعيا، كما نقله جمع متقدمون عن الشيخ أبي حامد أو لا بقصد ذلك وقع بائنا.
وعليه يحمل ما نقلاه عنه أنه يصح ويأثم بفعله في الحالين.
اه.
ومثله يأتي للشارح نقلا عن شرح المنهاج والإرشاد (قوله: وهو) أي كونه يحل له منع قسمها وحقوقها ظاهر.
وقوله إن أراد.
أي القائل بذلك وهو الروياني لأن الأذرعي ناقل عنه.
وقوله يحل له ذلك: أي منع قسمها وحقوقها.
وقوله باطنا: أي في الباطن.
وقوله معاقبة الخ: تعليل للحل باطنا.
وقوله لتلطيخ فراشه: علة العلة (قوله: أما في الظاهر) أي أما بالنسبة للظاهر (قوله:
يظهر.
(وله) أي للزوج (دخول في ليل) لواحدة (على) زوجة (أخرى لضرورة) لا لغيرها كمرضها المخوف، ولو ظنا، (وله) دخول (في نهار لحاجة) كوضع متاع أو أخذه وعيادة وتسليم نفقة وتعرف خبر (بلا إطالة) في مكث عرفا على قدر الحاجة، وإن أطال فوق الحاجة عصى لجوره وقضى وجوبا لذات النوبة بقدر ما مكث من نوبة المدخول عليها.
هذا ما في المهذب وغيره.
وقضية كلام المنهاج والروضة وأصليهما خلافه فيما إذا دخل
ــ
فدعواه عليها ذلك الخ) كان الأنسب في المقابلة أن يقول فلا يحل له ذلك بمعنى أن الحاكم يمنعه من ذلك ولا يقبل دعواه عليها بذلك (قوله: بل الخ) الإضرار انتقالي.
وقوله ولو ثبت زناها: أي بالبنية أو بإقرارها.
وقوله لا يجوز للقاضي أن يمكنه: أي الزوج.
وقوله من ذلك: أي ترك القسم والحقوق (قوله: وله) أي للزوج دخول في ليل لو قال في أصل، كما في المنهج، لكان أولى ليشمل ما إذا كان الأصل النهار (قوله: لواحدة) متعلق بمحذوف صفة لليل: أي ليل كائن لواحدة من زوجاته وهي صاحبة النوبة (قوله: على زوجة أخرى) أي وهي غير صاحبة النوبة (قوله: لضرورة) متعلق بيجوز المقدر.
وقوله لا لغيرها: أي لا يجوز دخوله لغير ضرورة، ولو كان لحاجة: كعيادة مريض (قوله: كمرضها المخوف) تمثيل للضرورة.
ومثله الخوف على عياله من حريق وسرقة وقوله ولو ظنا.
أي ولو كان مخوفا بالظن لا باليقين.
قال الغزالي: أو احتمالا، فيدخل ليتبين الحال: أي ليعرف هل هو مخوف أو لا؟ (قوله: وله دخول في نهار) لو قال في تابع لكان أولى ليشمل ما لو كان ليلا.
وقوله لحاجة هي: أعم من الضرورة (قوله: كوضع متاع الخ) تمثيل للحاجة.
وقوله أو أخذه: أي المتاع من الزوجة الأخرى.
وقوله وعيادة: أي لها بأن كانت مريضة.
وقوله وتسليم نفقة: أي لها.
وقوله وتعرف خبر: أي منها (قوله: بلا إطالة في مكث) قيد للصورتين، أعني الدخول ليلا والدخول نهارا، فهو متعلق بكل منهما.
والمعنى أنه يشترط فيهما أن يخفف المكث (قوله: عرفا) يعني أنه يقدر عدم طول المكث بالعرف ومن ثم لم يلزمه أن يقضي لحظة وما قاربها وإن جامع فيها لأنه يتسامح بالزمن القصير.
قال في التحفة: ويظهر ضبط العرف في طول المكث بفوق ما من شأنه أن يحتاج إليه عند الدخول لتفقد الأحوال عادة فهذا القدر لا يقضيه مطلقا وما زاد عليه يقضيه مطلقا.
وإن فرض أن الضرورة امتدت فوق ذلك اه.
وقوله فهذا القدر: أي ما من شأنه الخ.
وقوله مطلقا: قال
ابن قاسم ظاهره سواء وصله بما زاد أو لا، فإذا طال فوق هذا القدر قضى ما زاد عليه دونه، وإذا لم يقض هذا القدر في الأصل ففي التابع بالأولى، كما لا يخفي، اه (قوله: على قدر الحاجة) متعلق بإطالة: أي بلا إطالة على قدر الحاجة، وكان عليه أن يزيد وعلى قدر الضرورة، لما علمت أن عدم الإطالة قيد فيه أيضا (قوله: وإن أطال فوق الحاجة) أي أو فوق الضرورة، كما علمت (قوله: عصى) جواب أن وقوله لجوره: أي ظلمه وهو علة العصيان (قوله: وقضى وجوبا لذات النوبة بقدر ما مكث من نوبة المدخول عليها) ظاهره أنه يقضي الجميع قدر الحاجة أو الضرورة وما زاد عليهما، وهو أيضا ظاهر المنهج، ولكنه يخالف ما مر عن التحفة من أنه يقضي الزائد فقط.
ونقل البجيرمي عن الزيادي تفصيلا في ذلك فقال: (والحاصل) أنه إذا دخل في الأصل لضرورة وطال زمن الضرورة أو أطاله فإنه يقضي الجميع، وإن دخل في التابع لحاجة وطال زمن الحاجة فلا قضاء، وإن أطاله قضى الزائد فقط.
ثم قال: أما حكم الدخول فإن كان في الأصل لضرورة جاز، وإلا حرم.
وفي التبع إن كان ثم أدنى حاجة جاز، وإلا حرم.
ثم قال: ونظم بعضهم المعتمد من هذه المسألة فقال: للزوج أن يدخل للضرورة لضرة ليست بذات النوبة في الأصل مع قضاء كل الزمن إن طال أو أطاله فأتقن وإن يكن في تابع لحاجة وقد أطال وقت تلك الحاجة قضى لذي زيد فقط ولا يجب قضاؤه في الطول هذا ما انتخب وإن يكن دخوله لا لغرض عصى ويقضي لا جماعا إن عرض
في النهار لحاجة وإن طال فلا تجب تسوية في الاقامة في غير الاصل كأن كان نهارا، أي في قدرها، لانه وقت التردد وهو يقل ويكثر عند حل الدخول، يجوز له أن يتمتع.
ويحرم الجماع، لا لذاته، بل لامر خارج ولا يلزمه قضاء الوطئ لتعلقه بالنشاط بل يقضي زمنه إن طال عرفا.
(واعلم) أن أقل القسم ليلة لكل واحدة وهي من الغروب إلى الفجر (وأكثره ثلاث) فلا يجوز أكثر منها
ــ
(قوله: هذا) أي ما ذكر من كونه يقضي وجوبا لذات النوبة من نوبة المدخول عليها مطلقا سواء كان الدخول لضرورة أو لحاجة ليلا كان أو نهارا.
وقوله ما في المهذب: هو متن لأبي إسحاق التبريزي (قوله: وفضية كلام المنهاج) وعبارته: والصحيح أنه لا يقضي إذا دخل لحاجة.
اه.
قال في المغني: أي وإن طال الزمان لأن النهار تابع مع وجود الحاجة.
اه.
(قوله: وأصليهما) أي أصل المنهاج، وهو المحرر للرافعي، وأصل الروضة وهو العزيز شرح الوجيز المسمى بالشرح الكبير للرافعي أيضا.
وقوله خلافه: خبر المبتدأ الذي هو قضية، والضمير يعود على ما في المهذب.
وقوله فيما إذا دخل الخ: هذا محل المخالفة.
والمعنى أن مقتضى كلام المنهاج والروضة وأصليهما يخالف ما في
المهذب إذا كان الدخول واقعا في النهار لحاجة.
وقال في المغني: فيحمل كلام المهذب وغيره، كما قال شيخي، على ما إذا طال الزمان فوق الحاجة، وكلام المتن على ما إذا طال الزمان بالحاجة، ورأيت في بعض الشراح ضعف ما في المهذب، وبعضهم ضعف ما في المتن.
وحيث أمكن الجمع فهو أولى.
اه.
(قوله: فلا تجب الخ) المقام ليس للتفريع، فكان الأولى التعبير بالواو.
وقوله في غير الأصل: أما الأصل فيجب التسوية في قدر الإقامة فيه، كما في التحفة والنهاية (قوله: كأن كان) أي غير الأصل نهارا.
وأتى بكاف التمثيل إشارة إلى أنه قد يكون ليلا (قوله: أي في قدرها) بيان لقوله في الإقامة.
ولو قال من أول الأمر فلا تجب التسوية في قدر الإقامة لكان أخصر.
والمراد أنه لو أقام عند صاحبة النوبة في غير الأصل الذي هو النهار إن جعل الأصل الليل أو الليل إن جعل الأصل النهار لم يجب أن يقسم عند الأخرى إذا جاءت نوبتها في غير الأصل مثل إقامته عند تلك، بل له أن ينقص عنها أو يزيد عليها وكذا لا تجب التسوية في أصل الإقامة في غير الأصل، فلو أقام فيه عند بعضهن وترك الإقامة فيه عند البعض الآخر لم يحرم عليه، كما في التحفة، ونصها: وكذا في أصلها على ما اقتضاه الإطلاق، ولكن الذي بحثه الإمام أخذا من كلامهم امتناعه إن كان قصدا.
وجرى عليه الأذرعي فقال: لا أشك أن تخصيص إحداهن بالإقامة عندها نهارا على الدوام، والانتشار في نوبة غيرها يورث حقدا وعداوة وإظهار ميل وتخصيص.
اه.
(قوله: لأنه) أي غير الأصل وقت التردد (قوله: وهو) أي التردد.
وقوله يقل ويكثر: أي بحسب الحاجة (قوله: وعند حل الدخول) أي بأن كان لضرورة أو لحاجة (قوله: يجوز له أن يتمتع) وذلك لخبر عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هي نوبتها فيبيت عندها رواه أحمد والحاكم وصحيح إسناده، والمسيس: الوطئ (قوله: ويحرم) أي التمتع بالجماع للخبر المار.
وقوله لا لذاته: أي أن الحرمة لا لذات الجماع، وإنما هي لأمر خارج وهو كونه في نوبة الغير.
وعبارة الخطيب: ولو جامع من دخل عليها في نوبة غيرها عصى وإن قصر الزمن وكان لضرورة.
قال الإمام: واللائق بالتحقيق القطع بأن الجماع لا يوصف بالتحريم ويصرف التحريم إلى إيقاع المعصية لا إلى ما وقعت به المعصية.
وحاصله أن تحريم الجماع لا لعينه بل لأمر خارج.
اه.
وكتب بجيرمي ما نصه: قوله لا يوصف بالتحريم، أي من حيث خصوص كونه وطأ، وأما من حيث صرف زمن صاحبة الوقت لغيرها فمعصية توصف بالتحريم.
وقوله إلى إيقاع المعصية: أي إيقاع الوطئ في هذا الزمن.
قوله لا إلى ما وقعت به المعصية وهو الجماع نفسه، وفيه أن الوطئ ليس معصية.
فالأولى أن يقول ويصرف التحريم إلى الإقدام على الفعل أو صرف الزمن له.
وقوله لأمر خارج: وهو كونه في نوبة الغير.
اه.
(قوله: ولا
وإن تفرقن في البلاد إلا برضاهن.
وعليه يحمل قول الام: يقسم مشاهرة ومسانهة.
والاصل فيه لمن عمله نهارا الليل والنهار قبله أو بعده وهو أولى تبع.
ولحرة ليلتان ولامة سلمت له ليلا ونهارا ليلة.
ويبدأ وجوبا في القسم بقرعة (ولجديدة) نكحها وفي عصمته زوجة فأكثر (بكر سبع) من الايام يقيمها عندها متوالية وجوبا (و) لجديدة
(ثيب ثلاث) ولاء بلا قضاء ولو أمة فيهما لقوله (ص): سبع للبكر وثلاث للثيب ويسن تخيير الثيب بين ثلاث بلا قضاء وسبع بقضاء: للاتباع.
(تنبيه) يجب عند الشيخين، وإن أطال الاذرعي: كالزركشي في رده، أن يتخلف ليالي مدة الزفاف عن نحو الخروج للجماعة وتشييع الجنائز، وأن يسوي ليالي القسم بينهن في الخروج لذلك أو عدمه، فيأثم
بتخصيص ليلة واحدة بالخروج لذلك (و) وعظ زوجته ندبا لاجل خوف وقوع نشوز منها كالاعراض والعبوس بعد الاقبال وطلاقة الوجه والكلام الخشن بعد لينه و (هجر) إن شاء (مضجعا)، مع وعظها لا في الكلام، بل يكره فيه، ويحرم الهجر به ولو لغير الزوجة فوق ثلاثة أيام: للخبر الصحيح.
نعم إن قصد به ردها عن المعصية
وإصلاح دينها جاز (وضربها) جوازا ضربا غير مبرح ولا مدم على غير وجه ومقتل إن أفاد الضرب في ظنه ولو بسوط وعصا.
لكن نقل الروياني تعيينه بيده أو بمنديل (بنشوز) أي بسببه وإن لم يتكرر، خلافا للمحرر، ويسقط بذلك القسم.
ومنه امتناعهن إذا دعاهن إلى بيته ولو لاشتغالها بحاجتها لمخالفتها.
نعم، إن عذرت لنحو مرض
أو كانت ذات قدر وخفر لم تعتد البروز لم تلزمها إجابته، وعليه أن يقسم لها في بيتها.
ويجوز له أن يؤدبها على شتمها له.
(تتمة) يعصى بطلاق من لم تستوف حقها بعد حضور وقته وإن كان الطلاق رجعيا.
قال ابن الرفعة: ما لم يكن بسؤالها.
فصل في الخلع بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع لان كلا من الزوجين لباس للآخر كما في الآية، وأصله مكروه.
وقد يستحب كالطلاق ويزيد هذا بندبه لمن حلف بالطلاق الثلاث على شئ لا بد له من فعله قال شيخنا: وفيه نظر لكثرة القائلين بعود الصفة.
فالاوجه أنه مباح لذلك، لا مندوب، وفي شرحي المنهاج والارشاد له: لو منعها
نحو نفقة لتختلع منه بمال ففعلت بطل الخلع ووقع رجعيا - كما نقله جمع متقدمون عن الشيخ أبي حامد - أولا بقصد ذلك وقع بائنا.
وعليه يحمل ما نقله الشيخان عنه أنه يصح ويأثم بفعله في الحالين وإن تحقق زناها، لكن لا يكره الخلع حينئذ.
(الخلع) شرعا (فرقة بعوض) كميته مقصود من زوجة أو غيرها راجع (لزوج) أو سيدة (بلفظ طلاق أو خلع) أو مفاداة ولو كان الخلع في رجعية لانها كالزوجة في كثير من الاحكام.
(فلو جرى) الخلع
(بلا) ذكر (عوض) معها (بنية التماس قبول) منها: كأن قال خالعتك أو فاديتك ونوى التماس قبولها فقبلت (فمهر مثل) يجب عليها لاطراد العرف بجريان ذلك بعوض، فإن جرى مع أجنبي طلقت مجانا، كما لو كان معه
والعوض فاسد.
ولو أطلق فقال خالعتك ولم ينو التماس قبولها وقع رجعيا وإن قبلت (وإذا بدأ) الزوج (ب) - صيغة (معاوضة: كطلقتك) أو خالعتك (بألف فمعاوضة) لاخذه عوضا في مقابلة البضع المستحق له وبها شوب تعليق لتوقف وقوع الطلاق بها على القبول (فله رجوع قبل قبولها) لان هذا شأن المعاوضات (وشرط قبولها فورا) أي
في مجلس التواجب بلفظ كقبلت أو ضمنت أو يفعل كإعطائها الالف على ما قاله جمع محققون فلو تحلل بين لفظه وقبولها زمن أو كلام طويل لم ينفذ.
ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بألف فتقع الثلاث وتجب الالف.
فإذا بدأت الزوجة بطلب طلاق كطلقني بألف أو إن طلقتني فلك علي كذا فأجابها الزوج فمعاوضة من جانبها فلها رجوع قبل جوابه لان ذلك حكم المعاوضة.
ويشترط الطلاق بعد سؤالها فورا فإن لم يطلقها فورا كان
تطليقه لها ابتداء للطلاق.
قال الشيخ زكريا: لو ادعى أنه جواب وكان جاهلا معذورا صدق بيمينه (أو بدأ ب) - صيغة (تعليق) في إثبات (كمتى) أو أي حين (أعطيتني كذا فأنت طالق فتعليق) لاقتضاء الصيغة له (فلا) طلاق إلا بعد تحقق الصفة ولا (رجوع) له عنه قبل الصفة كسائر التعليقات (ولا يشترط) فيه (قبول) لفظا (ولا إعطاء فورا) بل يكفي الاعطاء ولو بعد أن تفرقا عن المجلس لدلالته على استغراق كل الازمنة منه صريحا، وإنما وجب الفور في قولها متى طلقتني فلك كذا لان الغالب على جانبها المعاوضة فإن لم يطلقها فورا حمل على
الابتداء لقدرته عليه أما إذا كان التعليق في النفي كمتى لم تعطني ألفا فأنت طالق فللفور فتطلق بمضي زمن يمكن فيه الاعطاء فلم تعطه (وشرط فور) أي الاعطاء في مجلس التواجب بأن لا يتخلل كلام أو سكوت طويل
عرفا من حرة حاضرة أو غائبة علمته (في إن) أو إذا (أعطيتني) كذا فأنت طالق لانه مقتضى اللفظ مع العوض وخولف في نحو متى لصراحتها في جواز التأخير لكن لا رجوع له عنه قبله.
ولا يشترط القبول لفظا.
(تنبيه) الابراء فيما ذكر كالاعطاء ففي إن أبرأتني لا بد من إبرائها فورا براءة صحيحة عقب علمها وإلا لم يقع.
وإفتاء بعضهم بأنه يقع في الغائبة مطلقا لانه لم يخاطبها بالعوض بعيد مخالف لكلامهم.
ولو قال إن أبرأتني
فأنت وكيل في طلاقها فأبرأته برئ ثم الوكيل مخير، فإن طلق وقع رجعيا لان الابراء وقع في مقابلة التوكيل، ومن علق طلاق زوجته بإبرائها إياه من صداقها لم يقع عليه.
إلا إن وجدت براءة صحيحة من جميعه فيقع بائنا بأن تكون رشيدة وكل منهما يعلم قدره ولم تتعلق به زكاة خلافا لما أطال به الريمي أنه لا فرق بين تعلقها به وعدمه وإن نقله عن المحققين وذلك لان الابراء لا يصح من قدرها وقد علق بالابراء من جميعه فلم توجد الصفة المعلق عليها وقيل يقع بائنا بمهر المثل.
ولو أبرأته ثم ادعت الجهل بقدره.
فإن زوجت صغيرة صدقت بيمينها أو بالغة ودل الحال على جهلها به لكونها مجبرة لم تستأذن فكذلك وإلا صدق بيمينه: ولو قال إن أبرأتني من مهرك فأنت طالق بعد شهر فأبرأته، برئ مطلقا.
ثم إن عاش إلى مضي الشهر طلقت وإلا فلا.
وفي الانوار في أبرأتك من
مهري بشرط أن تطلقني فطلق وقع ولا يبرأ، لكن الذي في الكافي وأقره البلقيني وغيره في أبرأتك من صداقي بشرط الطلاق أو على أن تطلقني تبين ويبرأ، بخلاف إن طلقت ضرتي فأنت برئ من صداقي فطلق الضرة وقع الطلاق ولا براءة.
قال شيخنا: والمتجه ما في الانوار لان الشرط المذكور متضمن للتعليق.
(فروع) لو قال إن أبرأتني من صداقك أطلقك فأبرأت فطلق برئ وطلقت ولم تكن مخالعة ولو قالت طلقني وأنت برئ من مهري فطلقها بانت به لانها صيغة التزام، أو قالت إن طلقتني فقد أبرأتك أو فأنت برئ
من صداقي فطلقها بانت بمهر المثل، على المعتمد، لفساد العوض بتعليق الابراء.
وأفتى أبو زرعة فيمن سأل زوج بنته قبل الوطئ أن يطلقها على جميع صداقها والتزم به والدها فطلقها واحتال من نفسه على نفسه لها وهي محجورته بأنه خلع على نظير صداقها في ذمة الاب.
نعم، شرط صحة هذه الحوالة أن يحيله الزوج به لبنته.
إذ لا بد فيها من إيجاب وقبول ومع ذلك لا تصح إلا في نصف ذلك لسقوط نصف صداقها عليه ببينونتها منه فيبقى
للزوج على الاب نصفه لانه لما سأله بنظير الجميع فذمته فاستحقه والمستحق على الزوج النصف لا غير فطريقه أن يسأله الخلع بنظير النصف الباقي لمحجورته لبراءته حينئذ بالحوالة عن جميع دين الزوج.
اه.
قال شيخنا: وسيعلم مما يأتي أن الضمان يلزمه به مهر المثل، فالالتزام المذكور مثله وإن لم توجد الحوالة.
ولو اختلع الاب أو غيره بصداقها أو قال طلقها وأنت برئ منه وقع رجعيا، ولا يبرأ من شئ منه.
نعم، إن ضمن له الاب أو الاجنبي الدرك أو قال علي ضمان ذلك وقع بائنا بمهر المثل على الاب أو الاجنبي.
ولو قال لاجنبي سل فلانا أن يطلق زوجته بألف، اشترط في لزوم الالف أن يقول علي.
بخلاف سل زوجتي أن يطلقني على كذا فإنه
توكيل وإن لم تقل علي.
ولو قال طلق زوجتك على أن أطلق زوجتي ففعلا، بانتا، لانه خلع غير فاسد: لان العوض فيه مقصود، خلافا لبعضهم، فلكل على الآخر مهر مثل زوجته.
(تنبيه) الفرقة بلفظ الخلع طلاق ينقص العدد.
وفي قول نص عليه في القديم والجديد الفرقة بلفظ الخلع إذا لم يقصد به طلاقا فسخ لا ينقص عددا، فيجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر، واختاره كثيرون من
أصحابنا المتقدمين والمتأخرين، بل تكرر من البلقيني الافتاء به.
أما الفرقة بلفظ الطلاق بعوض فطلاق ينقص قطعا، كما لو قصد بلفظ الخلع الطلاق، لكن نقل الامام عن المحققين القطع بأنه لا يصير طلاقا بالنية.