المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الإقرار - إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين - جـ ٣

[البكري الدمياطي]

الفصل: ‌باب في الإقرار

‌باب في الإقرار

هو لغة الاثبات، وشرعا إخبار الشخص بحق عليه.

ويسمى اعترافا (يؤاخذ بإقرار مكلف مختار) فلا

ــ

باب في الإقرار

أي في بيان أحكام الإقرار، من كونه لا يصح الرجوع عنه إذا كان لحق آدمي.

والأصل فيه قبل الإجماع، قوله تعالى: * (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟) * أي عهدي، * (قالوا أقررنا) * (1) وقوله تعالى: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) * (2) وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار، وقوله تعالى: * (وليملل الذي عليه الحق) * إلى قوله * (فليملل وليه بالعدل) * (3) أي فليقر بالحق، دل أوله على صحة إقرار الرشيد على نفسه، وآخره على صحة إقرار الولي على موليه، وخبر الصحيحين اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فذهب إليها، فاعترفت، فرجمها وأجمعت الأمة على المؤاخذة به.

وأركانه أربعة: مقر، ومقر له، ومقر به، وصيغة.

وشرط فيها لفظ يشعر بالالتزام، وفي معناه الكتابة مع النية وإشارة الأخرس المفهمة، كلزيد علي أو عندي كذا، فلو حذف علي أو عندي لم يكن إقرارا، كما سيأتي، وشرط في المقر له أن يكون معينا نوع تعيين، بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب، حتى لو قال لأحد هؤلاء الثلاثة علي كذا، صح إقراره، بخلاف ما لو قال لواحد من أهل البلد علي كذا، وأن يكون أهلا لاستحقاق في المقر به ولصحة إسناده إليه.

فلو قال لهذه الدابة علي كذا لم يصح، لأنها ليست أهلا لذلك، إلا إن قال علي بسببها لفلان كذا حملا على أنه جنى عليها أو استعملها تعديا أو اكتراها من مالكها.

ومحل البطلان في الدابة المملوكة، بخلاف غيرها، كالخيل المسبلة، فالأشبه، كما قاله الأذرعي، الصحة.

ويحمل على أنه من غلة وقف عليها أو وصية لها.

وأن يكون غير مكذب للمقر، فلو كذبه في إقراره له بمال ترك في يد المقر، لأنها تشعر بالملك، وسقط الإقرار بمعارضة الإنكار، فلو رجع عن التكذيب لم يعد له إلا بإقرار جديد، وشرط في المقر إطلاق تصرف واختيار.

وشرط في المقر به أن لا يكون ملكا للمقر حين يقر.

فقوله ديني أو داري لعمرو لغو، لأن الإضافة إليه تقتضي ملكه، فتنافي الإقرار لغيره في جملة واحدة، وأن يكون بيد المقر، ولو مآلا، فلو لم يكن بيده حالا ثم صار بها عمل بمقتضى إقراره، وغالب ما ذكر يستفاد من كلام المؤلف (قوله: هو) أي الإقرار.

(وقوله: لغة الإثبات) أي فهو مأخوذ من أقر بمعنى أثبت يقر إقرارا، فهو مقر، فقولهم مأخوذ من

قر، بمعنى ثبت فيه تجوز (قوله: وشرعا الخ) قال ع ش: بين المعنى اللغوي والشرعي التباين، لأن إخبار الشخص الخ غير الإثبات، وبينهما التناسب بحسب الأول.

اه.

(وقوله: بحق عليه) أي بحق على المقر لغيره، فخرجت الشهادة، لأنها إخبار يحق للغير على الغير، والدعوى أيضا لأنها إخبار بحق له على غيره، وهذا كله في الأمور الخاصة، وأما الأمور العامة، أي التي تقتضي أمرا عاما لكل أحد، فإن أخبر فيها عن محسوس كإخبار الصحابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات فرواية، وإن أخبر عن أمر شرعي، فإن كان فيه إلزام فحكم، وإلا ففتوى.

فتحصل ان الأقسام ستة (قوله: أيضا بحق عليه) كان ينبغي أن يزيد أو عنده، ليشمل الإقرار بالعين.

اه.

ش ق (قوله: ويسمى) أي مذلول الإقرار لغة، أو شرعا، (وقوله: اعترافا) أي كما يسمى إقرارا (قوله: يؤخذ بإقرار مكلف) يصح في إعراب هذا التركيب

(1) سورة آل عمران، الاية:81.

(2)

سورة النساء، الاية:135.

(3)

سورة البقرة، الاية:282.

ص: 221

يؤاخذ بإقرار صبي ومجنون ومكره بغير حق على الاقرار بأن ضرب ليقر، إما مكره على الصدق: كأن ضرب

ليصدق في قضية اتهم فيها فيصح حال الضرب وبعده على إشكال قوي فيه، سيما إن علم أنهم لا يرفعون الضرب إلا بأخذت مثلا.

ولو ادعى صبا أمكن أو نحو جنون عهد أو إكراها، وثم أمارة كحبس أو ترسيم وثبت ببينة أو بإقرار المقر له أو بيمين مردودة: صدق بيمينه، ما لم تقم بينة بخلافه.

وأما إذا ادعى الصبي بلوغا بإمناء

ــ

أن يكون الجار والمجرور نائب فاعل يؤاخذ، ومكلف مجرور بالإضافة، وأن يكون مكلف نائب فاعل، ويفسر الفعل على الأول بيعمل، وعلى الثاني بيلزم.

والأول هو الأقرب إلى كلامه، والمراد بالمكلف، البالغ بإمناء أو حيض أو سن العاقل، ولا بد أيضا أن يكون رشيدا، ولو حكما، كالسفيه المهمل إن كان المقر به مالا أو اختصاصا أو نكاحا ولو عبر بمطلق التصرف، كما عبر به في المنهاج، لكان أولى (قوله: فلا يؤاخذ الخ) الأولان مفرعان على مفهوم التكليف، والثالث مفرع على مفهوم الاختيار.

وقوله بإقرار صبي: أي ولو كان مراهقا أو بإذن وليه، وقوله ومجنون، ومثله المغمي عليه وزائل العقل بما يعذر فيه، فإن لم يعذر به، بأن تعدى به، فإقراره صحيح، كبقية تصرفاته، (قوله: ومكره) أي فلا يصح إقراره بما أكره عليه، وذلك لقوله تعالى: * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * (1) جعل سبحانه وتعالى الإكراه مسقطا لحكم الكفر، فبالأولى ما عداه.

(وقوله: بغير حق) خرج به المكري بحق، فيصح إقراره، وفي البجيرمي، قال سم انظر ما صورة الإكراه بحق؟ قال شيخنا: ويمكن تصويره بما إذا أقر بمبهم وطولب بالبيان فامتنع، فللقاضي إكراهه على البيان، وهو إكراه بحق.

اه.

أج.

اه.

وفيه أن هذا إكراه على التفسير، لا عليه الإقرار.

وقوله على الإقرار، متعلق بمكره، أي مكره على الإقرار (قوله: بأن ضرب ليقر) تصوير للإكراه بغير حق، والضرب في هذا وفيما بعده

حرام، خلافا لمن توهم حله في الثاني.

أفاده سم (قوله: أما مكره على الصدق) أي على أن يصدق، إما بنفي أو إثبات (قوله: كأن ضرب ليصدق إلخ) أي بأن يسئل عن قضية فلا يجيب بشئ لا نفيا ولا إثباتا، فيضرب حينئذ ليتكلم بالصدق (قوله: فيصح) أي إقراره (قوله: على إشكال قوي فيه) أي في صحة إقراره حال الضرب أو بعده، وعبارة الروض وشرحه: فلو ضرب ليصدق في القضية فأقر حال الضرب أو بعده لزمه ما أقر به، لأنه ليس مكرها، إذ المكره، من أكره على شئ واحد، وهذا إنما ضرب ليصدق، ولا ينحصر الصدق في الإقرار، ولكن يكره إلزامه حتى يراجع ويقر ثانيا.

نقل في الروضة ذلك عن الماوردي، ثم قال: وقبول إقراره حال الضرب مشكل، لأنه قريب من المكره، ولكنه ليس مكرها، وعلله بما قدمته، ثم قال وقبول إقراره بعد الضرب فيه نظر إن غلب على ظنه إعادة الضرب إن لم يقر.

قال الزركشي: والظاهر ما اختاره النووي من عدم قبول إقراره في الحالين، وهو الذي يجب اعتماده في هذه الأعصار مع ظلم الولاة وشدة جرأتهم على العقوبات، وسبقه إليه الأذرعي وبالغ، وقال الصواب إنه إكراه.

اه.

وقوله وسبقه إليه الأذرعي الخ: نقل لفظه في المغني ونصه، قال الأذرعي والولاة في زماننا يأتيهم من يتهم بسرقة أو قتل أو نحوهما فيضربونه ليقر بالحق، ويراد بذلك الإقرار بما ادعاه خصمه، والصواب أن هذا إكراه سواء أقر في حال ضربه أم بعده.

وعلم أنه إن لم يقر لضرب ثانيا.

اه.

وهذا متعين.

اه (قوله: سيما) أي خصوصا، وهي تدل على إثبات ما بعدها وأوليته بحكم ما قبلها.

وقوله إن علم، أي المكره الذي يضرب، وقوله لا يرفعون الضرب إلا بأخذت، أي إلا بإقراره بقوله أخذت (قوله: ولو ادعى صبا الخ) أي وقت الإقرار لأجل أن لا يصح.

وقوله أمكن أي الصبا بأن لا يكذبه الحس بأن كان الكبر ظاهرا فيه وادعى الصغر (قوله: أو نحو جنون) أي كإغماء.

وقوله عهد، أي نحو الجنون قبل إقراره.

قال ع ش: ولو عهد منه مرة.

اه.

(قوله: أو إكراها) أي أو ادعى إكراها (قوله: وثم أمارة) أي وكان هناك قرينة على الإكراه (قوله: كحبس الخ) تمثيل للأمارة عى الإكراه (قوله: أو ترسيم) أي تضييق عليه من الحاكم كأن يوكل الحاكم من يلازمه حتى يأمن من هربه قبل فصل لخصومة (قوله: وثبت ببينة) أي ثبت ما ذكر من الحبس أو الترسيم، ولو قال ثبتت: أي الأمارة، كما في

(1) سورة النحل، الاية: 106

ص: 222

ممكن، فيصدق في ذلك ولا يحلف عليه، أو بسن: كلف ببنة عليه وإن كان غريبا لا يعرف - وهي رجلان - نعم: إن شهد أربع نسوة بولادته يوم كذا: قبلن ويثبت بهن السن تبعا - كما قاله شيخنا (وشرط فيه) أي الاقرار (لفظ) يشعر بالتزام بحق (كعلي) أو (عندي كذا) لزيد، ولو زاد: فيما أظن أو أحسب: لغا.

ثم إن كان المقر به

ــ

البجيرمي، لكان أولى وعبارته، ولا تجوز الشهادة على إقرار نحو محبوس وذي ترسيم لوجود أمارة الإكراه، وثبت الأمارة بإقرار المقر له، وبالبينة بها وباليمين المردودة اه.

(قوله: أو بيمين مردودة) أي من المقر له بأن طلب منه مدعي الإكراه

يمينا على أنه ما حبسه أو ما ضيق عليه، فأبى أن يحلف، فحلف المقر بذلك اليمين المردودة (قوله: صدق بيمينه) جواب لو.

قال البجيرمي: لكن تؤخر يمين الصبي لبلوغه فيما يظهر.

اه.

وفصل في الباجوري بين ما إذا ادعاه قبل ثبوت بلوغه فيصدق بلا يمين، وبين ما إذا ادعاه بعد ثبوته فيصدق بيمين، وعبارته: ولو ادعى صباه صدق، ولا يحلف، ولو بعد بلوغه إن ادعاه قبل ثبوت بلوغه، وإلا حلف إن أمكن.

اه.

(قوله: ما لم تقم بينة بخلافه) قيد في تصديقه بيمينه، أي محل تصديقه بها بالنسبة للصور الثلاث إذا لم تقم بينة، بخلاف ما ادعاه، فإن قامت البينة بذلك، كأن شهدت بكونه وقت إقراره بالغا أو عاقلا أو مختارا فلا يصدق، لما فيه من تكذيب البينة (قوله: وأما إذا ادعى الصبي بلوغا الخ) قال ع ش: أي ليصح إقراره أو ليتصرف في أمواله.

اه.

وهذه المسألة ذكرها الشارح مقابلة لقوله ولو ادعى صبا أمكن الخ، وذكرها في المنهاج والمنهج مفرعة على قولهما إن إقرار الصبي والمجنون لاغ.

والمناسبة ظاهرة في الكل، ومثل الصبي الصبية إذا ادعت البلوغ بالحيض (قوله: بإمناء ممكن) أي بأن بلغ تسع سنين قمرية (قوله: فيصدق في ذلك) أي فيما ادعاه من البلوغ بالإمناء، لأنه لا يعرف إلا من جهته، وقوله ولا يحلف عليه، أي على ادعاه من البلوغ بالإمناء وإن فرضت خصومة، لأنه إن كان صادقا فلا حاجة إلى يمين، وإلا فلا فائدة فيها، لأن يمين الصبي غير منعقدة (قوله: أو بسن) معطوف على بإمناء، أي أو ادعى بلوغا بسن بأن قال استكملت خمس عشر سنة.

وفي البجيرمي: ولو ادعى بلوغا وأطلق حمل على الاحتلام، ولا يحتاج إلى استفسار، خلافا للأذرعي حيث قال: يحتاج إليه، ووافقه ابن حجر وقال، فإن تعذر استفساره بأن مات لغا إقراره، لأن الأصل الصبا.

اه (قوله: كلف الخ) أي طولب ببينة تخبر بسنه، وذلك لإمكانها.

قال في التحفة: ويشترط فيه إذا تعرضت البينة للسن أن تبينه للاختلاف فيه.

نعم، لا يبعد الإطلاق من فقيه موافق للحاكم في مذهبه، لأن هذا ظاهر لا اشتباه فيه ولا خلاف فيه عندنا.

اه.

وكتب سم ما نصه.

قوله للاختلاف فيه، لا يقال إنما يظهر هذا إن كان ذهب أحد إلى أنه أقل من خمسة عشر، ويحتمل أن الأمر كذلك على أنه يكفي في التعليل أن الشاهد قد يظن كفاية دون الخمسة عشر، لأنا نقول منهم من ذهب إلى أنه أكثر من خمسة عشر.

اه (قوله: وان كان غريبا لا يعرف) غاية لتكليفه الإتيان ببينة على السن، أي يكلف من ادعى البلوغ بالسن الإتيان بالبينة وإن كان غريبا لا يعرفه أحد في البلد لإمكانه.

وقال في التحفة: لسهولة إقامتها في الجملة (قوله: وهي) أي البينة هنا.

وقوله رجلان، أي فقط، فلا يكفي رجل وامرأتان، وذلك لأن ما يظهر للرجال غالبا وليس بمال ولا المقصود منه مال، يشترط فيه رجلان (قوله: نعم إن إلخ) استدراك على ما يقتضيه قوله وهي رجلان من أن البلوغ بالسن لا يثبت بغيرهما.

وقوله أربع نسوة،

أي أو رجل وامرأتان، لأن ما ذكر يكفي في إثبات الولادة ونحوها مما يظهر للنساء غالبا، كالحيض والنكارة، وقوله بولادته: أي الصبي الذي ادعى البلوغ بالسن وليس عنده بينة عليه.

وقوله يوم كذا، أي وشهر كذا، أي وسنة كذا، حتى يعلم قدر سنه أنه خمس عشر سنة.

وقوله أقبلن، أي النسوة التي شهدن بولادته، لأنهن يقبلن فيما يظهر للنساء، كما علمت (قوله: ويثتت بهن) أي بالنسوة الأربع اللاتي شهدن بالولادة.

وقوله تبعا، أي للولادة (قوله: كما قاله شيخنا) أي في التحقة ومثله في النهاية (قوله: وشرط فيه الخ) شروع في بيان الصيغة التي هي أحد الأركان الأربعة.

وقوله أي الإقرار، أي صحته.

وقوله لفظ، مثله الكتابة مع النية أو إشارة أخرس، كما تقدم.

وقوله بالتزام بحق، أي على المقر (قوله: كعلي أو عندي.

كذا لزيد) تمثيل للفظ الذي يشعر بالالتزام بحق (قوله: ولو زاد) أي في الصيغة المذكورة، بأن قال علي لزيد كذا فيما أظن أو أحسب، أو عندي كذا لزيد فيما أظن أو أحسب، وقوله لغا، أي قوله المذكور، ولا يكون

ص: 223

معينا: كلزيد هذا الثوب، أو خذ به أو غيره كله ثوب أو ألف: اشترط أن يضم إليه شئ مما يأتي: كعندي، أو علي.

وقوله علي أو في ذمتي للدين، ومعي أو عندي للعين ويحمل العين على أدنى المراتب، وهو الوديعة، فيقبل قوله بيمينه في الرد والتلف (و) ك (- نعم)، وبلى وصدقت، (وأبرأتني) منه، أو أبرئني منه.

(وقضيته لجواب أليس لي) عليك كذا؟ (أو) قال له (لي عليك كذا) من غير استفهام، لان المفهوم من ذلك: الاقرار.

ولو

ــ

إقرارا، وذلك لعدم إشعاره بالالتزام، بخلاف ما لو قال له علي ألف فيما أعلم، أو أشهد، أو علمي، أو شهادتي، فإنه إقرار، لأنه التزام (قوله: ثم إن كان الخ) مستأنف، لأنه لا يظهر ترتيبه على ما قبله، وذكره في التحفة بعد قول المنهاج لزيد كذا صيغة إقرار وترتبه عليه ظاهر.

(وقوله: كلزيد هذا الثوب) تمثيل للمقر به المعين.

وقوله أو خذ به، أي ألزم به، فيلزم تسليمه للمقر له إن كان في يده حال الإقرار أو انتقل إليه (قوله: أو غيره) معطوف على معينا، أي أو كان المقر به غير معين.

وقوله كله ثوب أو ألف، تمثيل للمقر به الغير المعين (قوله: اشترط أن يضم إليه الخ) قال في النهاية: لأنه مجرد خبر لا يقتضي لزوم شئ للمخبر.

اه.

وقوله شئ مما يأتي كعندي أو علي، فيه أن هذا ذكره متقدما أيضا، كما أنه ذكره متأخرا بقوله علي أو في ذمتي الخ، فالأخصر والأولى أن يقول، أن يضم إليه لفظ عندي أو علي أو نحوهما، كفي ذمتي ومعي، (قوله: وقوله علي أو في ذمتي للدين) أي يأتي بهما للإقرار بالدين، لأنه المتبادر منهما عرفا، فإن ادعى إرادته العين قبل في علي فقط لإمكانه، أي علي حفظها (قوله: ومعي.

أو عندي) مثلهما لدي، بتشديد الياء، وقوله للعين، أي يؤتى بهما للإقرار بالعين، وأما قبلي، بكسر ففتح، فهو صالح للإقرار بهما.

وقد نظم ذلك بعضهم بقوله: علي أو في ذمتي للدين معي وعندي يا فتي للعين وقبلي إن قلته فمحتمل للدين مع عين كما عنهم نقل (قوله: ويحمل العين الخ) يعني أنه عند إطلاق العين المقر بها بأن قال عندي ثوب لزيد ولم يذكر أنه وديعة أو

مغصوب تحمل على أدنى المراتب في جعلها عنده وهو كونها مودعة عنده لا مغصوبه ولا معارة.

قال في شرح الروض: وقول الزركشي لا معنى لاقتصاره على التفسير بالوديعة، بل التفسير بالمغصوبة كذلك لم يقع في محله: إذ ليس الكلام في التفسير، بل في أن ذلك عند الإطلاق يحمل على ما إذا.

اه.

(قوله: فيقبل قوله إلخ) مفرع على محذوف، أي فلو ادعى أدنى المراتب وهو الوديعة قبل قوله في ردها على مالكها أو في أنها تلفت بيمينه لأنه أمين.

قال البجيرمي: فإن غلظ على نفسه كأن ادعى أنها مغصوبة أو فسره بالدين قبل من غير يمين.

اه.

(قوله: وكنعم الخ) عطف على قوله كعلي أو عندي كذا، ومثل نعم: جير، وأجل، وإي (قوله: وأبرأتني منه) لو حذف لفظ منه لم يكن إقرار لاحتمال البراءة من الدعوى (قوله: أو أبرئني منه) بصيغة الأمر (قوله: وقضيته) أي أديته لك (قوله: لجواب إلخ) متعلق بمحذوف حال من جميع ما قبله من لفظ نعم وما بعده، أي حال كونها مقولة لجواب الخ.

ولولا زيادة الشارح كاف الجر قبل نعم، لكانت نعم وما عطف عليها مبدأ ويكون الجار والمجرور خبره.

والمعنى أنه إذا أتى المقر بنعم، أو ما بعده جوابا لقول المدعي أليس لي عليك كذا، بأداة الاستفهام، كان ذلك إقرارا.

قال البجيرمي: فلو حذف أداة الاستفهام وقال ليس لي عليك ألف، فإن قال بلى، كان مقرا، لأن بلى: لرد النفي، ونفي النفي إثبات.

وإن قال نعم، لم يكن إقرارا، لأن نعم، لتقرير النفي.

اه.

وقد نظم الأجهوري معنى ذلك في قوله: نعم: جواب للذي قبله إثباتا أو نفيا كذا قرروا بلى: جواب النفي، لكنه يصير إثباتا، كذا حروروا (قوله: أو قال له الخ) الأولى حذف قال ومتعلقه لعدم وجود ما يعطف عليه وزيادة الجواب بعد أو العاطفة، بأن يقول أو لجواب لي عليك كذا.

وعبارة فتح الجواد، لجواب من قال له أليس لي عليك ألف مثلا أو قال له لي عليك ألف، وهي ظاهرة لوجود ما يعطف عليه فيها (قوله: لأن المفهوم من ذلك) أي من قوله نعم وما بعده، وهو علة لمقدر، أي وإنما

ص: 224

قال اقض الالف الذي لي عليك، أو أخبرت أن لي عليك ألفا فقال نعم، أو أمهلني، أو لا أنكر ما تدعيه، أو حتى أفتح الكيس، أو أجد المفتاح أو الدراهم مثلا: فإقرار - حيث لا استهزاء - فإن اقترن بواحد مما ذكر قرينة استهزاء: كإيراد كلامه بنحو ضحك وهز رأسه مما يدل على التعجب والانكار: أي وثبت ذلك - كما هو ظاهر - لم يكن به مقرا على المعتمد.

وطلب البيع إقرار بالملك والعارية والاجارة بملك المنفعة، لكن تعينها إلى

ــ

كانت هذه المذكورات إقرارا لأن المفهوم، أي المتبادر منها عرفا، ذلك، لكن هذه العلة لا تظهر إلا في الثلاثة الأول، أعني نعم وبلى وصدقت، لا فيما عداها، أعني أبرأتني وما بعده، فكان عليه أن يزيد بعد هذه العلة ولأن دعوى الإبراء أو القضاء اعتراف بالأصل، وعبارة المغني: أما الثلاثة الأول فلأنها ألفاظ موضوعة للتصديق، وفي معناها ما ذكر معها، وأما دعوى الإبراء والقضاء، فلأنه قد اعترف بالشغل وادعى الإسقاط والأصل عدمه.

اه.

وفي النهاية ما نصه: وفي نعم،

بالنسبة لقوله أليس لي عليك ألف، وجه أنها ليست بإقرار، لأنها في اللغة تصديق للنفي المستفهم عنه، بخلاف بلى، فإنها رد له، ونفي النفي إثبات، ولهذا جاء عن ابن عباس في آية: * (ألست بربكم) * (1) لو قالوا نعم لكفروا ورد هذا الوجه بأن الأقارير ونحوها مبنية على العرف المتبادر من اللفظ، لا على دقائق العربية، وعلم منه عدم الفرق بين النحوي وغيره خلافا للغزالي ومن تبعه.

اه.

بتصرف (قوله: ولو قال) أي المدعي، وقوله اقض الألف الذي لي عليك، أي أد الألف التي أستحقها في ذمتك (قوله: أو أخبرت الخ) أي أو قال أخبرت أن لي عليك ألفا، والفعل يقرأ بصيغة المجهول (قوله: فقال) أي المدعى عليه جوابا لقول المدعي ما مر.

وقوله نعم.

أو أمهلني، أي أو أقضي غدا، كما في المنهاج، قال في التحفة.

(تنبيه) ظاهر كلامهم، أو صريحه، أنه لا يشترط نحو ضمير أو خطاب في أقضي أو أمهلني.

ويشكل عليه اشتراطه في أبرأتني وأبرئني أو أنا مقر.

ومن ثم قال الأسنوي في أقضي: لا بد من نحو ضمير، لاحتماله للمذكور وغيره على السواء.

اه.

(قوله: أو لا أنكر ما تدعيه) أي أو قال جوابا له لا أنكر ما تدعيه (قوله: أو حتى أفتح الخ) أو داخله عن مقدر، أي أو قال أمهلني حتى أفتح الكيس أو أجد المفتاح أو الدراهم (قوله: فإقرار) أي فهو إقرار، والجملة جواب لو.

وإنما كانت إقرارا لأنه هو المفهوم من هذه الألفاظ عرفا، وهذا هو الأصح.

ومقابله يقول ليست بإقرار، لأنها ليست صريحة في الالتزام (قوله: حيث لا استهزاء) أي مقترن بواحد من هذه الألفاظ، والأحسن جعل الظرف متعلقا بمحذوف، لا بلفظ إقرار الواقع قبله، وإن كان هو ظاهر صنيعه، وتقدير ذلك المحذوف، ومحل كون الجواب بجميع هذه الألفاظ نعم وما بعده إقرارا، حيث لا استهزاء موجود، وإلا فلا يكون إقرارا (قوله: فإن اقترن الخ) مفهوم القيد المذكور.

وقوله بواحد مما ذكر، أي قوله نعم وما بعده على ما ذكرته، وقوله قرينة استهزاء، أي قرينة تدل على الاستهزاء (قوله: كإيراد كلامه) أي كلام نفسه، وهو تمثيل للقرينة الدالة على الاستهزاء (قوله: مما يدل الخ) بيان لنحو الضحك (قوله: أي وثبت ذلك) أي قرينة الاستهزاء المذكور، أي ببينة أو بإقرار المقر له أو يمين مردودة (قوله: لم يكن به مقرا على المعتمد) أي عند الرافعي من احتمالين له، وجزم به الرملي، ورجح ابن حجر والخطيب مقابله، وهو صحة الإقرار، وعبارة فتح الجواد لابن حجر، وإنما يتضمن كل من هذه الألفاظ الإقرار إن صدر بلا قرينة استهزاء، وإلا كتحريك الرأس تعجبا أو إنكارا لم يكن إقرارا لكن على أحد احتمالين، ذكرهما الرافعي وميله إليه، لكن الأوجه، كما قاله الأسنوي وغيره مقابله لضعف القرينة.

اه.

(قوله: وطلب البيع) أي كأن قال المدعى عليه للمدعي يعني ما تدعيه

علي.

وقوله إقرار بالملك، أي متضمن للإقرار له بأنه ملكه، وإلا لما طلب شراءه منه (قوله: والعارية والإجارة) أي وطلبهما كأن يقول المدعى عليه له أعرني ما تدعيه أو أجرني إياه، وقوله بملك المنفعة، أي إقرار بملكها، أي لا العين (قوله: لكن تعينها) أي المنفعة في صورة طلب العارية وصورة طلب الإجارة.

قال العلامة الرشيدي: وظاهر أن المراد

(1) سورة الاعراف، الاية: 172

ص: 225

المقر.

وأما قوله ليس لك علي أكثب من ألف، جوابا لقوله لي عليك ألف أو نتحاسب أو اكتبوا لزيد علي ألف درهم أو اشهدوا علي بكذا أو بما في هذا الكتاب، فليس بإقرار - بخلاف أشهدكم، مضافا لنفسه.

وقوله - لمن شهد عليه - هو عدل فيما شهد به إقرار: كإذا شهد علي فلان بمائة أو قال ذلك فهو صادق، فإنه إقرار - وإن لم يشهد - (و) شرط (في مقر به أن لا يكون) ملكا (لمقر) حين يقر، لان الاقرار ليس إزالة عن الملك، وإنما هو

إخبار عن كونه ملكا للمقر له إذا لم يكذبه.

فقوله داري أو ثوبي أو داري التي اشتريتها لنفسي لزيد، أو ديني

ــ

تعيين جهة المنفعة من وصية أو إجارة أو غيرهما حتى لو عينها بإجارة يوم مثلا قبل، وهذا ظاهر.

فليراجع.

اه.

وقوله إلى المقر، أي موجه إليه (قوله: وأما قوله ليس لك الخ) في التحفة لو قال لزيد علي أكثر مما لك، بفتح اللام، لم يكن إقرارا لواحد منهما، بخلاف ما لو كسرها فإنه إقرار لزيد.

اه.

قال سم: ويقبل تفسيره بما قل.

اه.

(قوله: أو نتحاسب) معطوف على الجملة الأولى: أي أو قوله نتحاسب، جوابا لقوله لي عليك ألف، ولو قدم هذا وما بعده على قوله جوابا، لكان أولى (قوله: فليس بإقرار) جواب أما، وذلك لأن نفي الزائد في الصورة الأولى على المدعى به لا يوجب إثباته ولا إثبات ما دونه، ولأنه في الصورة الثانية لم يعترف له بشئ وفي الصورة الثالثة إنما أمر بالكتابة فقط، وهي ليست إقرارا بلا لفظ، ومحله إن لم ينو الإقرار بها، وإلا فهي إقرار، وفي الصورة الرابعة إنما أذن بالشهادة عليه، وهو ليس بإقرار (قوله: بخلاف أشهدكم مضافا لنفسه) أي بخلاف أشهدكم بأن لزيد علي ألف درهم مثلا فإنه إقرار.

قال في التحفة، وفي الفرق بين أشهدكم واشهدوا علي، نظر ظاهر.

ثم رأيت كلام الغزالي صريحا في أن اشهدوا علي بكذا، إقرار أيضا.

اه.

(قوله: وقوله) مبتدأ خبره إقرار.

وجملة هو عدل فيما شهد به مقول القول (قوله: كإذا شهد الخ) أي كقوله إذا شهد علي فلان كزيد بمائة أو قا ذلك، أي قال فلان إن علي مائة (قوله: فهو) أي فلان الذي شهد علي بمائة لزيد أو الذي قال ذلك، وقوله صادق، أي فيما شهد به أو قاله.

ولو قال بدل فهو صادق صدقته لا يكون إقرارا لأن ذلك وعد وغير الصادق قد يصدق (قوله: فإنه إقرار) أي فإن قوله إذا شهد الخ إقرار.

قال في فتح الجواد: ويوجه بأن فهو صادق كالصريح في أن الألف لا زمة له، فلذا لم ينظر للتعليق في قوله إذا أو إن شهد.

اه.

وقوله وإن لم يشهد، أي فلان بما ذكر، وهو غاية لكون القول المذكور يثبت به الإقرار (قوله: وشرط في مقر به الخ) شروع في بيان شرط المقر به الذي هو أحد الأركان أيضا (قوله: أن لا يكون ملكا الخ) قال ع ش: لعل المراد من هذا أن لا يأتي في لفظه، أي الإقرار، بما يدل على أنه ملك للمقر، وليست صحة الإقرار وبطلانه دائرين على ما في نفس الأمر، لأنه لا إطلاع لنا عليه حتى نرتب الحكم عليه.

نعم، في الباطن العبرة بما في نفس الأمر.

اه.

قال البجيرمي: وحين إذ كان هذا هو المراد فحق هذا الشرط أن يكون من شروط الصيغة، أي من شروط صراحتها، كما يشير له قول الشارح، قال البغوي: فإن أراد به الإقرار قبل منه.

اه.

بتصرف.

وقوله حين يقر، ظرف للنفي أو ظرف للمكان، أي الشرط انتفاء ملكه في حالة الإقرار.

اه.

بجيرمي (قوله: لأن الإقرار الخ) علة للشرط المذكور، أي وإنما اشترط ما ذكر لأن الإقرار ليس نقل ملك شخص لشخص آخر حتى يصح أن يكون المقر به ملكا للمقر ثم ينقله لغيره، وإنما هو إخبار عن كونه مملوكا للغير، فلا بد من تقديم المخبر عنه على الخبر، وقوله إذا لم يكذبه: هو ساقط من عبارة التحفة والمغني وغيرهما، وهو الأولى، لأن الإقرار، الإخبار المذكور مطلقا سواء كذبه المقر له أم لا.

نعم، هو شرط ثبوت الملك بالإقرار للمقر له، كما تقدم (قوله: فقوله إلخ) مبتدأ خبره لغو، وهو مفرع على مفهوم الشرط.

وقال ع ش: محل كونه لغوا ما لم يرد به الإقرار بمعنى أن الدار التي كانت ملكي قبل هي لزيد الآن، غايته أنه أضافها لنفسه باعتبار ما كان مجازا.

اه.

(قوله: أو داري التي اشتريتها لنفسي) قال ع ش: قياسه أن مثل ذلك ما لو قال مالي الذي ورثته من أبي لزيد.

اه.

(قوله: لزيد) مرتبط بجميع ما قبله، أي داري لزيد أو ثوبي لزيد، أو داري التي اشتريتها لنفسي لزيد، وهو خبر عن واحد منها مع حذف خبر غيره لدلالته عليه.

وقوله أو ديني الخ، الجملة معطوفة على جملة قوله داري الخ، فهي مسلط عليها القول، أي وقوله ديني الذي على زيد لعمرو (قوله:

ص: 226

الذي على زيد لعمرو: لغو - لان الاضافة إليه تقتضي الملك له، فتنافى الاقرار به لغيره: إذ هو إقرار بحق سابق.

ولو قال مسكني أو ملبوسي لزيد، فهو إقرار، لانه قد يسكن ويلبس ملك غيره.

ولو قال: الدين الذي كتبته أو باسمي على زيد لعمرو: صح، أو الدين الذي لي على زيد لعمرو: لم يصح، إلا إن قال: واسمي في الكتاب عارية.

ولو أقر بحرية عبد معين في يد غيره أو شهد بها ثم اشتراه لنفسه أو ملكه بوجه آخر: حكم بحريته.

ولو

ــ

لأن الإضافة الخ) أي إضافة المقر به لنفسه، وهو علة لكونه لغوا، وقوله تقتضي الملك، أي حيث لم يكن المضاف مشتقا ولا في حكمه، فإن كان كذلك اقتضى الاختصاص بالنظر لما دل عليه مبدأ الاشتقاق.

فمن ثم كان قوله داري أو ديني لعمرو، لغوا، لأن المضاف فيه غير مشتق، فأفادت الإضافة الاختصاص مطلقا ومن لازمه الملك، بخلاف مسكني وملبوسي، فإن إضافته إنما تفيد الاختصاص من حيث السكنى واللبس، لا مطلقا، لاشتقاقه.

اه.

ع ش: وهذا التفصيل مستفاد من كلام المؤلف، لأنه ذكر أن من قال داري الخ لعمرو يكون لغوا، وسيذكر أن من قال مسكني أو ملبوسي لعمرو يكون إقرارا، وفي البجيرمي.

(والحاصل) أن المضاف إلى المقر تارة يكون جامدا وتارة يكون مشتقا، فإن كان جامدا، كما في مثاله، اقتضى عدم الصحة لأنه يقتضي الاختصاص من جميع الوجوه، وهو يفيد الملك.

وأما إذا كان مشتقا، كان إقرارا، كمسكني أو ملبوسي، إذ هو يقتضي الاختصاص بما منه الاشتقاق وهو السكنى واللبس والاختصاص من بعض الوجوه لا يستلزم

الملك.

اه.

(قوله: فتنافي) أي الإضافة.

وقوله به، أي بالملك (قوله: إذ هو) أي الإقرار، وهو علة المنافاة، أي وإنما حصلت المنافاة بالإضافة المذكورة لأن الإضافة تقتضي ثبوت الملك له، والإقرار يفيد ثبوته للغير، وهما متنافيان، فألغى الإقرار، وقوله إقرار بحق سابق، المناسب أن يقول إخبار بحق سابق، كما عبر به في شرح المنهج والمغني، (قوله: ولو قال مسكني أو ملبوسي لزيد فهو إقرار) أي أنه لا منافاة، إذ هو يقتضي الاختصاص بما منه الاشتقاق الذي هو السكنى أو اللبس كما تقدم (قوله: لأنه قد يسكن الخ) أي فلا منافاة بالإضافة المذكورة (قوله: ولو قال الدين الذي كتبته) أي لنفسي (قوله: أو بإسمي) متعلق بمحذوف معطوف على الجملة الفعلية، أي أو الدين الذي أثبته باسمي.

وقوله على زيد، متعلق بكل من الفعلين الظاهر والمقدر.

وقوله لعمرو، خبر المبتدأ، أي الدين الذي في ذمة زيد هو لعمرو، لا لي، وإن كان مكتوبا باسمي، وقوله صح، أي لعدم المنافاة بين كون كتبه له أو كونه باسمه وبين إقراره بأنه لغيره لاحتمال أن يكون وكيلا عنه، كما في شرح الروض، وعبارته: ولعله كان وكيلا عنه، أي عن عمرو، في المعاملة التي أوجبت الدين.

اه.

وفي المغني، فلو طالب عمرو زيدا فأنكر، فإن شاء عمرو أقام بينة بإقرار المقر أن الدين الذي كتبه على زيد له ثم يقيم بينته عليه بالمقر به، وإن شاء أقام بينته بالمقر به ثم بينة بالإقرار.

اه.

(قوله: أو الدين الخ) أي أو قال الدين الذي لي على زيد لعمرو (قوله: لم يصح) أي لما مر في قوله داري أو ثوبي لزيد من الإضافة تقتضي الملك.

وقوله إلا إن قال واسمي في الكتاب عارية، أي فإنه يصح، ويحمل حينئذ قوله لي، على التجوز، وإن المراد الذي باسمي.

قال في النهاية، عقب قوله إلا أن قال الخ، وكذا يصح إن أراد الإقرار فيما يظهر.

اه.

(قوله: ولو أقر بحرية الخ) مرتب على شرط للمقر به لم يذكره المؤلف، وذكره في متن المنهاج وغيره، وهو أن يكون المقر به بيد المقر وتصرفه ولو مآلا، فلو لم يكن بيده حالا ثم صار بها، عمل بمقتضى إقراره.

فلو أقر بحرية عبد غيره ثم اشتراه، حكم بها عليه، وكان شراؤه افتداء له من جهته، وبيعا من جهة البائع، فله الخيار، دون المشتري (قوله: عبد معين) خرج به ما لو أقر بحرية عبد مبهم، ثم اشترى عبدا، فلا يحكم بحريته، لاحتمال أن الذي اشتراه غير الذي أقر به (قوله: أو شهد بها) أي بالحرية والشهادة بها إقرار بها (قوله: ثم اشتراه) أي العبد الذي أقر بحريته أو شهد بها، وهذا الشراء صوري، والقصد منه الافتداء، لأن الاعتراف بالحرية، يوجب بطلان الشراء وقوله لنفسه، قال في النهاية: فلو اشتراه لموكله لم يحكم بحريته، لأن الملك يقع ابتداء للموكل، وكما لو اشترى أباه بالوكالة.

اه.

(قوله: أو ملكه) أي العبد الذي أقر بحريته أو شهد بها.

وقوله

ص: 227

أشهد أنه سيقر بما ليس عليه، فأقر أن عليه لفلان كذا: لزمه، ولم ينفعه ذلك الاشهاد.

(وصح إقرار من مريض) مرض موت (ولو لوارث) بدين أو عين، فيخرج من رأس المال - وإن كذبه بقية الورثة - لانه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب الفاجر، فالظاهر صدقه.

لكن للوارث تحليف المقر له على الاستحقاق - فيما استظهره شيخنا - خلافا للقفال.

ولو أقر بنحو هبة مع قبض في الصحة قبل، وإن أطلق أو قال في عين عرف أنها ملكه هذه ملك لوراثي نزل على حالة المرض.

قاله القاضي.

فيتوقف على إجازة بقية الورثة: كما لو قال وهبته

ــ

بوجه آخر، أي غير الشراء، كهبة أو وصية، (قوله: حكم بحريته) أي بعد انقضاء مدة خيار البائع، وإذا حكم بها بعد ذلك فترفع يد المشتري عنه.

قال ع ش: وينبغي أن يأتي مثل ذلك في كتب الوقف، فإذا علم بوقفيتها ثم اشتراها، كان شراؤه اقتداء، فيجب عليه ردها لمن له ولاية حفظها، إن عرف، وإلا سلمها لمن يعرف المصلحة، فإن عرفها هو وأبقاها في يده، وجب عليه الإعارة، كما جرت به العادة، وليس من العلم بوقفيتها، ما يكتب بهوامشها من لفظ، وقف.

اه.

بزيادة (قوله: ولو أشهد أنه سيقر بما ليس عليه) أي سيقر لغيره بما ليس عليه (قوله: فأقر) أي بعد أن أشهد (قوله: لزمه) أي ما أقر به مؤاخذة بإقراره (قوله: ولم ينفعه ذلك الإشهاد) أي الواقع قبل الإقرار (قوله: وصح إقرار من مريض) أي كما يصح من غير المريض.

وقوله مرض موت، أي مرضا يتولد الموت من جنسه، كإسهال دائم، ودق، بكسر أوله، وهو داء يصيب القلب، ونحوهما (قوله: ولو لوارث) غاية في الصحة، أي صح إقراره ولو كان لوارث: أي على المذهب.

ومقابله طريقان، الطريق الأول عدم الصحة، وهو ما سيصرح به الشارح بقوله واختار الخ.

والطريق الثاني، القطع بالقبول، والغاية للرد على الطريق الأول وعلى الأئمة الثلاثة، لأنهم يقولون بعدم الصحة، كما في ق ل، والاعتبار في كونه وارثا بحال الموت، فلو أقر لزوجته ثم أبانها ومات، لم يعمل بإقراره، ولو أقر لأجنبية ثم تزوجها، عمل بإقراره (قوله: بدين أو عين) متعلق بإقرار، أي صح إقرار المريض بدين أو عين (قوله: فيخرج من رأس المال) مفرع على صحة الإقرار من المريض، أي فيحسب ما أقر به من رأس المال، لا من الثلث (قوله: وإن كذبه) أي كذب المريض المقر بقية الورثة.

وهو غاية بالنسبة لإقراره لوارث (قوله: لأنه انتهى إلى حالة الخ) علة لصحة إقرار المريض ولو لوارث (قوله: فالظاهر صدقه) أي صدق المريض فيما أقر به (قوله: لكن للوارث الخ) هذا الاستدراك يظهر بالنسبة لإقراره لأجنبي، لأنه هو الذي خالف فيه القفال وغيره، كابن الملقن، وأما بالنسبة لإقراره لوارث، فبلا خلاف تحلف بقية الورثة الوارث المقر له، فإن نكل، حلفوا، وقاسموه، وبدل عليه صنيع شيخه، فإنه ذكر هذا الاستدراك بعينه بعد قول المنهاج ويصح إقرار المريض مرض الموت لأجنبي، وذكر بعد قوله أيضا وكذا يصح إقراره لوارث ما نصه، ولبقية الورثة تحليفه أنه أقر له بحق لازم يلزمه الإقرار به الخ.

اه.

ومثله في النهاية، وحينئذ فكان الأولى للشارح أن يذكر لكل من إقرار لأجنبي والإقرار لوارث ما يناسبه، لأن صنيعه يقتضي أن الاستدراك الذي ذكره راجع لكل من الإقرار لأجنبي والإقرار لوارث، وليس كذلك، كما علمت، (قوله: خلافا للقفال) أي فإنه قال ليس للوارث تحليف المقر له الأجنبي على الاستحقاق، ووافقه في المغني حيث قال: ولو أراد الوارث تحليف المقر له على الاستحقاق لم يكن له ذلك، كما حكاه

ابن الملقن وأقره، ثم فرق بين هذا وبين ما لو أراد بقية الورثة أن تحلف الوارث المقر له، فإن لهم ذلك، ويجب على المقر له أن يحلف بأن التهمة في الوارث أشد منها في الأجنبي (قوله: ولو أقر بنحو هبة) أي أقر المريض للوارث بنحو هبة، كهدية وصدقة وإبراء.

وقوله مع قبض، متعلق بمحذوف صفة لنحو هبة، أي نحو هبة مصحوب بقبضه للمقر له وقوله في الصحة، متعلق بقبض، أو بمحذوف صفة، أي قبض كائن في حال صحته.

وخرج به، ما لو أقر بأنه أقبضه في حال مرضه، فإنه لا يصح إلا بإجازة بقية الورثة، كما سيصرح به، وقوله قبل، أي إقراره.

قال في شرح الروض: فتحصل البراءة بتقدير صدقه.

اه.

(قوله: وان أطلق) أي لم يقيد القبض بكونه في الصحة بأن قال في حال مرضه وهبت لوارثي كذا وكذا وأقبضته إياه، ولم يقل في حال صحتي (قوله: أو قال) أي المريض، ومقوله جملة هذه ملك لوارثي (قوله: نزل

ص: 228

في مرضي.

واختار جمع عدم قبوله إن اتهم لفساد الزمان، بل قد تقطع القرائن بكذبه، فلا ينبغي لمن يخشى الله أن يقضي أو يفتي بالصحة، ولا شك فيه إذا علم أن قصده الحرمان.

وقد صرح جمع بالحرمة حينئذ، وأنه لا يحل للمقر له أخذه، ولا يقدم إقرار صحة على إقرار مرض (و) صح إقرار (بمجهول) كشئ أو كذا، فيطلب من المقر تفسيره - فلو قال له علي شئ أو كذا قبل تفسيره بغير عيادة المريض ورد سلام ونجس لا يقتنى

ــ

إلخ) جواب أن، أي حمل ما ذكر من الهبة مع القبض.

وقوله على حالة المرض، أي على أنه صدر منه حالة المرض (قوله: فيتوقف على إجازة بقية الورثة) أي يتوقف نفوذ ما أقر به على إجازة بقية الورثة (قوله: كما لو قال إلخ) الكاف للتنظير، وهو مفهوم قوله مع قبض في الصحة، أي نظير ما لو قال المريض وهبته، أي وأقبضته في حال مرضي، فإنه يتوقف نفوذه على إجازة بقية الورثة (قوله: واختار جمع الخ) هذا مقابل ما في المتن من صحة إقرار المريض، لكن بالنسبة لما إذا كان للوارث، فهو مرتبط به.

وفي المغني ما نصه.

(تنبيه) الخلاف في الصحة، وأما التحريم، فعند قصد الحرمان لا شك فيه، كما صرح به جمع، منهم القفال في فتاويه وقال لا يحل للمقر له أخذه.

اه.

وقوله عدم قبوله، أي الإقرار للوارث، في حال مرضه.

وقوله إن اتهم، أي المقر بأن قصده حرمان بقية الورثة.

وقوله لفساد الزمان، علة لمحذوف، أي والتهمة حاصلة الآن لفساد الزمان (قوله: بل قد تقطع الخ) إضراب إبطالي، أي بل قد تفيد القرائن كذب المقر في إقراره قطعا، أي يقينا (قوله: فلا ينبغي) مفرع على ما إذا قطعت القرائن بكذبه، أي وإذا قطعت القرائن بذلك، فلا يليق بمن يخشى الله، من القاضي أو المفتي، أن يقضي أو يفتي بصحة إقراره (قوله: بالصحة) أي صحة الإقرار (قوله: ولا شك فيه) في عبارة النهاية والتحفة قبل قوله فلا ينبغي زيادة لفظ قال الأذرعي، ثم قالا ولا شك فيه.

قال ع ش: أي في قول الأذرعي.

وحينئذ فيؤخذ منه أن ضمير فيه، في عبارتنا، عائد على عدم انبغاء ما ذكر، وكان المناسب للشارح أن يريد تلك الزيادة مثلهما، وذلك لأنه إذا كان قوله فلا ينبغي الخ من كلامه، فلا فائدة في قوله ولا شك فيه، لأن ذاك مجزوم به، ولا يقال إن قوله فلا ينبغي مما اختاره جمع،

فهو من كلامهم، وقوله ولا شك من كلام نفسه، لأنا نقول لا يصح ذلك، لأن مختار الجمع انتهى بقوله لفساد الزمان، كما يدل عليه اعتراض الرشيدي على صاحب النهاية في تأخيره لفظ، قال الأذرعي، عن قوله بل قد تقطع الخ، قال: كان الأولى تقديمه، لأنه من كلام الأذرعي.

فتنبه.

وقوله إذا علم، أي من يخشى الله من القاضي أو المفتي إن قصد المقر حرمان بقية الورثة (قوله: وقد صرح جمع بالحرمة) أي حرمة إقراره.

وقوله حينئذ، أي حين إذ قصد الحرمان.

وعبارة فتح الجواد: وصرح جمع بتأثيمه أن قصد الحرمان، وليس بقيد إلا لمزيد الإثم، لإثمه بالكذب، وإن لم يقصد حرمانا.

اه.

(قوله: وأنه لا يحل للمقر له أخذه) في الرشيدي: لا يخفى أن حل الأخذ وعدمه منوط بما في نفس الأمر.

اه.

(قوله: ولا يقدم إقرار صحة على إقرار مرض) يعني لو أقر في حال صحته بدين لإنسان وفي مرضه بدين لآخر، لم يقدم الأول، بل يتساويان، كما لو ثبتا بالبينة، ولو أقر المريض لإنسان بدين، ولو متفرقا، ثم أقر لآخر بعين أو عكسه، قدم صاحبها، لأن الإقرار بالدين لا يتضمن حجرا في العين (قوله: وصح إقرار بمجهول) قال في النهاية: إجماعا، ابتداء كان أو جوابا لدعوى، لأنه إخبار عن حق سابق، فيقع مجملا ومفصلا.

وأراد به ما يعم المبهم، كأحد العبدين.

اه.

(قوله: كشئ أو كذا) تمثيل للمجهول (قوله: فيطلب من المقر تفسيره) أي للمجهول المقر به، فإن امتنع منه فالصحيح أنه يحبس، لامتناعه من واجب عليه، فإن مات قبل التفسير، طولب وارثه به، ووقف جميع التركة (قوله: فلو قال إلخ) مفرع على محذوف، أي ويقبل تفسيره بما يقرب فهمه من اللفظ في معرض الإقرار فلو قال الخ (قوله: على شئ إلخ) خرج به، ما لو قال له عندي شئ، فإنه يقبل تفسيره بنجس لا يقتنى، لأنه لا يشعر بالوجوب.

وقوله أو كذا، أي أو قال له علي كذا، وهي مركبة من اسم الإشارة وكاف التشبيه، ثم نقلت عن ذلك وصار يكنى بها عن المبهم وغيره من العدد.

وقوله قبل تفسيره بغير عبادة الخ، أي مما هو مال وإن لم يتمول، كفلس وحبة بر، أو غير مال، كقود، وحق شفعة، وحد قذف، ونجس يقتنى، ككلب معلم، وزبل، وذلك لصدق اسم الشئ على ما ذكر.

وخرج

ص: 229

كخنزير.

ولو قال له علي مال قبل تفسيره بمتمول وإن قال - لا بنجس - ولو قال هذه الدار وما فيها لفلان صح، واستحق جميع ما فيها وقت الاقرار.

فإن اختلفا في شئ أهو بها وقته؟ صدق المقر، وعلى المقر له البينة.

(و) صح إقرار (بنسب ألحقه بنفسه): كأن قال هذا ابني (بشرط إمكان) فيه بأن لا يكذبه الشرع والحس - بأن يكون دونه في السن بزمن يمكن فيه كونه ابنه، وبأن لا يكون معروف النسب بغيره (و) مع (تصديق مستلحق) أهل له

ــ

بذلك، تفسيره بشئ من الثلاثة المذكورة، فلا يقبل، لبعد فهمها في معرض الإقرار، إذ لا يطالب بها أحد، مع أن شرط المقر به أن يكون مما تجوز به المطالبة (قوله: ولو قال له علي مال) أفاد به وبالمثال السابق أن المجهول تارة يكون مجهولا من كل الوجوه، أي جنسا وقدرا وصفة، كالمثال السابق، أو من بعضها، أي قدرا وصفة، كهذا المثال، وقوله قبل تفسيره بمتمول، أي مما يقابل بمال يسد مسدا ويقع موقعا، وضد غير المتمول وإن كان يسمى مالا فكل متمول مال،

ولا عكس، كحبة بر، وقوله وإن قل، أي ذلك المتمول كفلس فإنه يقبل تفسير المال به، ولا فرق في قبول تفسير المال بما قل بين أن يطلق المال أو يصفه بنحو عظيم، كقوله مال عظيم أو كبير أو كثير، ويكون وصفه بالعظيم من حيث إثم غاضبه وكفر مستحله.

قال الإمام الشافعي، رضي الله عنه، أصل ما أبني عليه الإقرار، أن ألزم اليقين وأطرح الشك، ولا أستعمل الغلبة، أي لا أعول على الغالب، أي لا أبني عليها الأحكام الشرعية، كالمثال السابق، فإن الغالب فيه أنه مال له وقع، فقبول تفسيره بما قل فيه عدم التعويل على الغالب.

وقوله لا بنجس، أي لا يقبل تفسيره به، سواء كان يقتنى، كزبل وكلب معلم، أو لا، كخنزير، وذلك لانتفاء صدق المال عليه (قوله: ولو قال) أي المقر، وقوله وما فيها، أي في الدار من أثاث ونحوه.

وقوله لفلان، خبر المبتدأ (قوله: صح) أي إقراره (قوله: واستحق) أي فلان المقر له.

وقوله جميع ما فيها، في العبارة حذف، أي الدار وجميع ما فيها.

وقوله وقت الإقرار، الظرف متعلق بما تعلق به الجار والمجرور قبله، أي استحق جميع ما كان فيها وقت الإقرار (قوله: فإن اختلفا) أي المقر والمقر له.

وقوله في شئ أهو بها وقته، أي وذلك الشئ بالدار وقت الإقرار أو لا؟ فالمقابل محذوف، والأول دعوى المقر له، والثاني دعوى المقر (قوله: صدق المقر) أي حيث لا بينة.

(وقوله: وعلى المقر له البينة) أي فإذا أتى بها صدق (قوله: وصح إقرار بنسب) وهو مع الصدق واجب، ومع الكذب في ثبوته أو نفيه حرام من الكبائر، وما صح في الخبر من أنه كفر، محمول على مستحله، أو على كفر النعمة، فإن حصول الولد له نعمة من الله، فإنكارها جحد لنعمته تعالى.

وشرط في المقر أن يكون بالغا عاقلا، ولو سكران، ذكرا مختارا، ولو سفيها، أو كافرا أو قنا، (قوله: ألحقه بنفسه) أي من غير واسطة.

وإن ألحقه بغيره ممن يتعدى النسب منه إليه، كهذا أخي أو عمي، شرط فيه، زيادة على ما ذكره من شروط الإلحاق بنفسه، كون الملحق به رجلا، كالأب والجد، بخلاف المرأة، لأن استلحاقها لا يقبل، فبالأولى استلحاق وارثها.

وكونه ميتا، بخلاف الحي، ولو مجنونا، لاستحالة ثبوت نسب الأصل مع وجوده بإقرار غيره وكون المقر لا ولاء عليه، فلو أقر من عليه ولاء بأب أو أخ، لم يقبل، لتضرر من له الولائ بذلك، لأن عصبة النسب مقدمة على عصبة الولاء.

وكونه وارثا، بخلاف غيره، كقاتل ورقيق، وكونه حائزا لتركة الملحق به، واحدا كان أو أكثر، كابنين أقر بثالث، فيثبت نسبه، ويرث منهما ويرثان منه.

(قوله: كأن قال هذا ابني) ومثله أنا أبوه، لكن الأولى أولى، إذ الإضافة فيه إلى المقر (قوله: بشرط إمكان فيه) أي في إلحاقه به (قوله: بأن لا يكذبه الخ) تصوير للإمكان المذكور (قوله: بأن يكون) أي المستلحق بالفتح دونه، أي المستلحق بالكسر، وبأن يكون أيضا غير ممسوح، وإلا لم يلحقه، لأن الحس يكذبه (قوله: وبأن لا يكون الخ) تصوير

للشرعي، وما قبله للحسي، فهو على اللف والنشر والمشوش، فإن كان معروف النسب بغير المقر، فلا يثبت الاستلحاق، وإن صدقه المقر به، لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل لغيره.

قال في النهاية.

(واعلم) أن اشتراط عدم تكذيب المقر الحس والشرع، غير مختص بما هنا، بل هو شامل لسائر الأقارير.

كما علم مما مر أنه يشترط في المقر له أهلية استحقاق المقر به حسا وشرع، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى.

اه.

(قوله: ومع تصديق) الأولى إسقاط لفظ مع.

وقوله مستلحق، بفتح الحاء، أي غير منفي بلعان عن فراش، نكاح صحيح، فإن

ص: 230

فإن لم يصدقه أو سكت: لم يثبت نسبه إلا ببينة.

(ولو أقر ببيع أو هبة وقبض وإقباض) بعدها (فادعى فساده لم يقبل) في دعواه فساده.

وإن قال أقررت لظني الصحة، لان الاسم عند الاطلاق يحمل على الصحيح.

نعم: إن قطع ظاهر الحال بصدقه - كبدوي جلف فينبغي قبول قوله.

- كما قاله شيخنا - وخرج بإقباض: ما لو اقتصر على الهبة، فلا يكون مقرا بإقباض.

فإن قال ملكها ملكا لازما وهو يعرف معنى ذلك: كان مقرا بالاقباض، وله تحليف المقر له أنه ليس فاسدا لامكان ما يدعيه، ولا تقبل ببيته، لانه كذبها بإقراره فإن نكل حلف المقر أنه كان فاسدا وبطل البيع أو الهبة، لان اليمين المردودة كالاقرار.

ولو قال هذا لزيد بل لعمرو، أو غصبت من زيد بل من

ــ

كان كذلك، لم يصح لغير النافي استلحاقه.

وقوله أهل له، أي للتصديق، بأن كان بالغا عاقلا حيا، وخرج به غيره، كصبي ومجنون وميت، فلا يشترط تصديقه، بل لو بلغ الصبي بعد استلحاقه فكذب المستلحق له لم يبطل نسبه، لأن النسب يحتاط له، فلا يبطل بعد ثبوته (قوله: فإن لم يصدقه) أي بأن كذبه.

وقوله أو سكت، أي لم يصدقه ولم يكذبه (قوله: لم يثبت نسبه) أي المستلحق، بفتح الحاء، وقوله إلا ببينة، فإن لم توجد حلف المستلحق، بالكسر، المستلحق، بالفتح، فإن حلف: سقطت دعواه، وإن نكل، حلف الأول وثبت نسبه، ولو تصادقا ثم رجعا لم يسقط النسب (قوله: ولو أقر ببيع) أي بأن قال قد بعت عبدي من فلان (قوله: أو هبة وقبض) أي مع قبض، أي بأن قال وهبت عبدي لفلان وقد قبضه بإذني.

وقوله وإقباض، الواو بمعنى أو، ولو اقتصر على الأول لكان أخصر، إذ القبض إما بالإذن من الواهب، أو بإقباضه له (قوله: بعدها) أي الهبة، ولا يشترط الإقرار بالقبض أو الإقباض بعد البيع، إذ حكمه باعتبار اللزوم وعدمه لا يختلف بالنسبة إليه، بخلاف الهبة، فإنه يختلف، ولذا اشترط فيها الإقرار بذلك بعدها (قوله: فادعى فساده) أي ما أقر به من البيع أو الهبة، وقال أقررت لظني صحة ذلك (قوله: لم يقبل) أي المدعي.

وقوله في دعواه فساد، متعلق بيقبل (قوله: لأن الاسم) أي اسم المقر به من البيع أو الهبة، أي لفظه، وهو علة لعدم قبول الفساد منه.

وقوله عند الإطلاق، أي عند التقيد بكونه فاسدا.

وقوله يحمل على الصحيح، أي على العقد الصحيح (قوله: نعم: إن قطع الخ) استدراك على عدم قبول ذلك منه.

وقوله ظاهر الحال، أي حال المدعي لذلك (قوله: كبدوي جلف) تمثيل للذي قطع ظاهر الحال بصدقه.

وفي المصباح: الجلف العربي الجافي.

ونقل ابن الأنباري أن الجلف: جلد الشاة والبعير، وكأن المعنى العربي بجلده لم يتزي بزي الحضر في رقتهم ولين أخلاقهم، فإنه إذا تزيى بزيهم وتخلق بأخلاقهم، كأنه نزع جلده ولبس غيره.

اه.

والذي يظهر، أن المراد به هنا الجاهل الذي لا يميز بين الصحيح والفاسد، فظن الصحة أولا

فيما أقر به، ثم أخبره بأنه فاسد، فادعى فساده (قوله: فينبغي قبول قوله) جواب إن.

وقوله كما قاله شيخنا: مثله في النهاية (قوله: وخرج بإقباض) كان الأولى أن يقول وخرج بقبض وإقباض، لأنه ذكرهما في المتن.

(وقوله: ما لو اقتصر على الهبة) أي بأن قال وهبته كذا ولم يقل وأقبضته (قوله: فلا يكون الخ) تفريع على ما لو اقتصر على ذلك.

وقوله مقرا بإقباض يقال فيه، وفيما سيأتي، مثل ما قيل فيما مر آنفا (قوله: فإن قال) أي المقتصر على الهبة.

(وقوله: ملكها ملكا لازما) أي بأن قال وهبت دابتي له وملكها ملكا لازما (قوله: وهو يعرف معنى ذلك) أي معنى قوله ملكها ملكا لازما: أي ما يترتب على ذلك، وهو أن المتهب له أن يتصرف كيف شاء في الموهوب، وليس للواهب الرجوع فيه، وذلك لا يكون إلا بعد القبض، فلذلك كان قوله المذكور، بمنزلة قوله وأقبضته إياه (قوله: كان) أي القائل ذلك في صيغة الإقرار (قوله: وله تحليف المقر له) أي ومع عدم قبول دعوى الفساد منه له أن يحلف المقر له بأن ما أقر به من البيع والهبة ليس فاسدا.

(وقوله: لإمكان ما يدعيه) أي لاحتمال ما يدعيه، أي وقد يخفى المفسد أو يغفل عنه (قوله: ولا تقبل ببينته) أي مدعي الفساد.

(وقوله: لأنه كذبها) أي البينة.

(وقوله: بإقراره) أي المقتضي لصحة ما أقر به (قوله: فإن نكل) أي امتنع المقر له من الحلف على عدم الفساد (قوله: حلف المقر أنه) أي ما ذكر من البيع والهبة (قوله: وبطل) أي حكم ببطلانه.

وقوله البيع أو الهبة، المحل للإضمار (قوله: لأن اليمين المردودة الخ) علة للبطلان.

وقوله كالإقرار، أي من المقر له، أي كأنه

ص: 231

عمرو: سلم لزيد - سواء قال ذلك متصلا بما قبله أم منفصلا عنه، وإن طال الزمن، لامتناع الرجوع عن الاقرار بحق آدمي وغرم بدله لعمرو.

ولو أقر بشئ ثم أقر ببعضه دخل الاقل في الاكثر.

ولو أقر بدين لآخر ثم ادعى أداءه إليه وأنه نسي ذلك حالة الاقرار: سمعت دعواه للتحليف فقط.

فإن أقام بينة بالاداء: قبلت - على ما أفتى به بعضهم - لاحتمال ما قاله كما لو قال لا بينة لي ثم أتى ببينة تسمع.

ولو قال لا حق لي على فلان ففيه خلاف.

والراجح منه أنه إن قال فيما أظن أو فيما أعلم ثم أقام بينة بأن له عليه حقا قبلت، وإن لم يقل ذلك لم تقبل ببينته إلا إن اعتذر بنحو نسيان أو غلط ظاهر.

ــ

أقر بالفساد.

اه.

بجيرمي (قوله: ولو قال) أي المقر.

وقوله هذا، أي الثوب أو البيت أو نحوه (قوله: بل لعمرو) أي أو ثم لعمرو (قوله: أو غصبت إلخ) أي أو قال غصبت هذا الشي من زيد بل من عمرو (قوله: سلم) أي المقر به لزيد لسبق الإصرار له (قوله: سواء قال ذلك) أي ما ذكر من قوله بل لعمرو في الصورة الأولى، ومن قوله بل من عمرو في الصورة الثانية، وهو تعميم في تسليمه لزيد (قوله: وإن طال الزمن) غاية في المنفصل (قوله: لامتناع الرجوع الخ) علة لتسليمه لزيد، أي وإنما سلم لزيد ولم يسلم لعمرو لامتناع الخ (قوله: وغرم بدله) أي بدل ما سلم لزيد، أي من مثل في المثلي وقيمة في المتقوم عند ابن حجر، أو من القيمة مطلقا عند الرملي، وذلك لحيلولته بينه وبين ملكه بإقراره الأول (قوله: ولو أقر بشئ ثم أقر ببعضه) كأن أقر بألف ثم بخمسائة.

(وقوله: دخل الأقل في الأكثر) أي لأنه يحتمل أنه ذكر بعض ما أقر به، ولو أقر بألف ثم أقر له بألف، ولو في يوم آخر، لزمه ألف فقط، وإن كتب بكل وثيقة محكوما بها، لأنه لا يلزم من تعدد الخبر تعدد المخبر عنه.

ولو وصفها بصفتين، كألف صحاح وألف مكسرة، أو أسندهما إلى جهتين، كثمن مبيع مرة وبدل

قرض أخرى، لزم القدران لتعذر اتحادهما حينئذ.

ومثل ذلك، ما لو قال قبضت منه يوم السبت عشرة، ثم قال قبضت منه يوم الأحد عشرة، فيلزمه القدران (قوله: ولو أقر بدين) أي بأن قال في ذمتي لفلان كذا (قوله: ثم ادعى) أي المقر.

وقوله أداء، أي الدين إليه.

وقوله وإنه نسي ذلك حالة الإقرار، أي نسي أنه أدى الدين فأقر به ظانا أنه لم يؤده (قوله: سمعت دعواه للتحليف) أي بالنسبة لتحليف المقر له على نفي الأداء رجاء أن ترد اليمين عليه فيحلف المقر ولا يلزمه شئ، فإن حلف المقر له على نفي الأداء، لزمه المقر به، ما لم تقم بينة على الأداء فلا يلزمه، وقوله فقط، أي لا بالنسبة لسقوط المقر به عنه بنحو دعواه (قوله: فإن أقام) أي مدعي الأداء (قوله: قبلت) أي البينة، ولو حلف المقر له (قوله: على ما أفتى به بعضهم) مثله في التحفة، وظاهره التبري منه، ولكن كتب سم عليه ما نصه: اعتمده م ر.

اه.

(قوله: لاحتمال ما قاله) أي من ادعاء الأداء.

قال في التحفة بعده: فلا تناقض (قوله: كما لو قال لا بينة لي ثم أتى ببينة تسمع) أي فإنها تقبل.

قال في التحفة عقبه: وفيه، أي في القياس على ما ذكر، نظر، والفرق ظاهر، إذ كثيرا ما يكون للإنسان بينة ولا يعلم بها، فلا ينسب لتقصير، بخلاف مسألتنا اه.

(قوله: ولو قال لا حق لي الخ) في الروض وشرحه، وإن قال زيد لا حق لي فيما في يد عمرو، ثم قال زيد، وقد ادعى عينا في يد عمرو، لم أعلم كون هذه العين في يده حين الإقرار صدق بيمينه، لاحتمال ما قاله.

اه.

وهي لا تفيد التفصيل الذي ذكره الشارح (قوله: ففيه خلاف) في عبارته حذف قبل هذا، وهو ثم ادعى أن له حقا عنده، وكان الأولى ذكره (قوله: والراجح منه) أي من الخلاف.

وقوله أنه إن قال، أي بعد قوله أولا لا حق لي.

وقوله ثم أقام، أي المقر أولا بأنه لا حق له على فلان (قوله: قبلت) أي البينة، وهو جواب إن (قوله: وإن لم يقل ذلك) أي المذكور من قوله فيما أظن أو فيما أعلم (قوله: لم تقبل بينته) أي لأنها تناقض إقراره، وإنما لم يوجد التناقض فيما إذا قال ذلك، لأنه لا يلزم من نفي علمه أو ظنه بأن له عند فلان كذا أنه ليس له ذلك في الواقع، فقد يكون له في الواقع شئ، مثلا، وهو لم يعلم به، فيقر بأنه ليس له كذا عند فلان ثم يعلم به ويدعيه ويقيم بينة عليه (قوله: إلا إن اعتذر بنحو نسيان) أي نسيان لما ادعى به أنه عند فلان وقوله أو غلط ظاهر، أي في قوله لا حق لي، بأن قال مثلا أردت أن أقول لي عنده كذا فغلطت وقلت لا حق لي عنده.

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(تتمة) يصح الاستثناء بإلا أو إحدى أخواتها في الإقرار كغيره بشروط، الأول وصل المستثني بالمستثنى منه عرفا، فلا يضر سكتة تنفس وعي وانقطاع صوت، بخلاف الفصل بسكوت طويل وكلام أجنبي، ولو يسيرا، الثاني أن ينويه قبل

فراغه من المستثنى منه، وإلا لزم رفع الإقرار بعد لزومه.

الثالث عدم استغراق المستثني للمستثنى منه، فإن استغرقه، نحو له علي عشرة إلا عشرة، لم يصح، ما لم يتبعه باستثناء آخر غير مستغرق نحو له علي عشرة إلا عشرة إلا خمسة، فيصح، ويلزمه خمسة.

ثم أنه لا فرق في صحة الاستثناء بين أن يكون متصلا، نحو له علي عشرة إلا خمسة، أو منقطعا، نحو له علي ألف إلا ثوبا، ولا فرق أيضا بين تأخير المستثني عن المستثنى منه أو تقديمه عليه، نحو له علي إلا عشرة مائة، ولا فرق أيضا بين الإثبات والنفي.

فلو قال ليس له علي شئ إلا عشرة، لزمه عشرة.

ولو قال ليس له علي عشرة إلا خمسة، لم يلزمه شئ، لأن العشرة إلا خمسة، عبارة عن خمسة، فكأنه قال ليس له علي خمسة.

وإذا تكرر الاستثناء بعطف، فالكل من الأول، نحو له علي عشرة إلا ثلاثة وإلا ألاربعة، فمجموع المستثنى سبعة، وهو مستثنى من العشرة، فيلزمه ثلاثة أو بغير عطف، فكل واحد مستثنى مما قبله، فلو قال على عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدا، لزمه خمسة.

وطريق معرفة ذلك، أن تخرج المستثنى الأخير مما قبله، ثم تخرج ما بقي مما قبله، وهكذا، ففي هذا المثال تخرج الواحد من الاثنثن وما بقي من الثلاثة وما بقي من الأربعة، وهكذا حتى تنتهي إلى الأول، فما بقي، فهو المقر به.

ولك أن تخرج الواحد من الثلاثة، وما بقي من الخمسة، وهكذا مقتصرا على الأوتار.

وهذا أسهل من الأول ومحصل للمطلوب.

ولك طريق أخرى، وهي أن الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، فالمعنى له علي عشرة تلزم إلا تسعة لا تلزم إلا ثمانية تلزم، وهكذا.

فتجمع الأعداد المثبتة، وكذلك المنفية، ثم تسقط مجموع المنفية من مجموع المثبتة، فالأعداد المثبتة، في المثال المذكور، ثلاثون، والمنفية خمسة وعشرون، فإذا أسقطت المجموع من المجموع، بقي خمسة، وهي المقر به.

(ظريفة): قال السيوطي: دخل أبو يوسف على الخليفة هارون الرشيد وعنده الكسائي فقال أبو يوسف له: لو تفقهت لكان أنبل لك.

فقال يا أبا يوسف: ما تقول في رجل أقر لفلان بلفظ علي مائة درهم إلا عشرة دراهم إلا درهما واحدا، كم ثبت عليه من الإقرار؟ فقال: تسعة وثمانون.

فقال الكسائي له، أخطأت.

فقال ولم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: * (قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين) * فهل كانت المرأة مستثناة من الآل أو من القوم؟ قال من الآل.

قال كم ثبت حينئذ عليه من الإقرار؟ فقال: أحد وتسعون.

اه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1) سورة الحجر، الاية: 58

ص: 233