الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كان الصيد يشمل الصيد البري والبحري، استثنى تعالى الصيد البحري فقال:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} أي: أحل لكم -في حال إحرامكم- صيد البحر، وهو الحي من حيواناته، وطعامه، وهو الميت منها، فدل ذلك على حل ميتة البحر. {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} أي: الفائدة في إباحته
⦗ص: 245⦘
لكم أنه لأجل انتفاعكم وانتفاع رفقتكم الذين يسيرون معكم. {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} ويؤخذ من لفظ "الصيد" أنه لا بد أن يكون وحشيا، لأن الإنسي ليس بصيد. ومأكولا فإن غير المأكول لا يصاد ولا يطلق عليه اسم الصيد. {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: اتقوه بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، واستعينوا على تقواه بعلمكم أنكم إليه تحشرون. فيجازيكم، هل قمتم بتقواه فيثيبكم الثواب الجزيل، أم لم تقوموا بها فيعاقبكم؟.
{97
يخبر تعالى أنه جعل {الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم، فبذلك يتم إسلامهم، وبه تحط أوزارهم، وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة، والإحسان الكثير، وبسببه تنفق الأموال، وتتقحم (1) - من أجله - الأهوال.
ويجتمع فيه من كل فج عميق جميع أجناس المسلمين، فيتعارفون ويستعين بعضهم ببعض، ويتشاورون على المصالح العامة، وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية.
قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} ومن أجل كون البيت قياما للناس قال من قال من العلماء: إن حج بيت الله فرض كفاية في كل سنة. فلو ترك الناس حجه لأثم كل قادر، بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم، وقامت القيامة.
وقوله: {وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} أي: وكذلك جعل الهدي والقلائد -التي هي أشرف أنواع الهدي- قياما للناس، ينتفعون بهما ويثابون عليهما. {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فمن علمه أن جعل لكم هذا البيت الحرام، لما يعلمه من مصالحكم الدينية والدنيوية.
{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: ليكن هذان العلمان موجودين في قلوبكم على وجه الجزم واليقين، تعلمون أنه شديد العقاب العاجل والآجل على من عصاه، وأنه غفور رحيم لمن تاب إليه وأطاعه. فيثمر لكم هذا العلمُ الخوفَ من عقابه، والرجاءَ لمغفرته وثوابه، وتعملون على ما يقتضيه الخوف والرجاء.
ثم قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ} وقد بلَّغ كما أُمِر، وقام بوظيفته، وما سوى ذلك فليس له من الأمر شيء. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} فيجازيكم بما يعلمه تعالى منكم.
(1) في ب: وتقتحم.