الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن ينقض: أي يسقط بسرعة، وقد كثر فى كلامهم إسناد ما يكون من أفعال العقلاء إلى غيرهم كما قال:
يريد الرمح صدر أبى براء
…
ويعدل عن دماء بنى عقيل
أقامه: أي مسحه بيده فقام كما روى عن ابن عباس، والتأويل: من آل الأمر إلى كذا: أي صار إليه، فإذا قيل ما تأويله: أي ما مصيره.
المعنى الجملي
لا يزال الكلام متصلا فى قصص موسى والخضر عليهما السلام، ولكن لوحظ فى تقسيم القرآن الكريم إلى أجزائه الثلاثين جانب اللفظ لا جانب المعنى، ولذا تجد نهاية جزء وبداءة آخر حيث لا يزال الكلام فى معنى واحد لم يتم بعد كما هنا.
الإيضاح
(قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا) زاد كلمة (لك) على سابقه لتشديد العتاب على رفض الوصية، ووسمه بقلة الصبر والثبات حين تكرر منه الاشمئزاز والاستكبار مع عدم الارعواء بالتذكير أول مرة.
قال البغوي: روى أن يوشع كان يقول لموسى: اذكر العهد الذي أنت عليه.
(قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبنى) أي قال موسى عليه السلام للخضر:
إن سألتك عن شىء بعدها من عجيب أفعالك التي أشاهدها وطلبت منك بيان حكمته، فضلا عن المناقشة والاعتراض عليه، فلا تجعلنى لك صاحبا.
(قد بلغت من لدنى عذرا) أي قد بلغت الغاية التي تعذر بسببها فى فراقى، إذ خالفتك مرة بعد أخرى، وهذا كلام نادم أشد الندم قد اضطر، الحال إلى الاعتراف، وسلوك سبيل الإنصاف.
وقد روى فى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر على صاحبه لرأى العجب، لكن أخذته من صاحبه ذمامة (حياء
وإشفاق من الذم) فقال (إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا) » .
(فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما) أي فانطلق الخضر وموسى بعد المرتين الأوليين حتى وصلا إلى قرية طلبا من أهلها أن يطعموهما فأبوا أن يضيفوهما،
وفى الحديث «كانوا أهل قرية لئاما بخلاء»
وفى قوله (فأبوا أن يضيفوهما) دون أن يقول فأبوا أن يطعموهما- زيادة تشنيع عليهم، ووصفهم بالدناءة والشح، فإن الكريم قد يرد السائل المستطعم ولا يعاب، ولكن لا يرد الغريب المستضيف إلا لئيم، ألا تراهم يقولون فى أهاجيهم. فلان يطرد الضيف.
وعن قتادة: شر القرى التي لا يضاف فيها، ولا يعرف لا بن السبيل حقه (فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه) أي فوجدا فى القرية حائطا مائلا مشرفا على السقوط فمسحه بيده فقام واستوى، وكان ذلك من معجزاته.
(قال لو شئت لأتخذت عليه أجرا) أي قال موسى ذلك تحريضا للخضر وحثا له على أخذ الجعل (الأجر) على فعله، لإنفاقه فى ثمن الطعام والشراب وسائر مهامّ المعيشة.
(قال هذا فراق بينى وبينك) أي قال الخضر عليه السلام لموسى: هذا الاعتراض المتوالى منك هو سبب الفراق بينى وبينك بحسب ما شرطت على نفسك، وإنما كان هذا سبب الفراق دون الأولين، لأن ظاهرهما منكر فكان معذورا دون هذا، إذ لا ينكر الإحسان إلى المسيء بل يحمد.
(سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) أي سأخبرك بعاقبة هذه الأفعال التي صدرت منى، وهى: خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار، ومآلها خلاص السفينة من اليد الغاصبة، وخلاص أبوى الغلام من شره مع الفوز ببدل حسن، واستخراج اليتيمين للكنز.
وفى قوله: (بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) دون أن يقول بتأويل ما فعلت، أو بتأويل ما رأيت ونحوهما- تعريض به عليه السلام وعتاب له: