الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيضاح
ذكر سبحانه في هذه الآيات ستة أقوام من الذين كذبوا رسلهم وما آل إليه أمرهم لتكون ذكرى لأولئك المكذبين من قومه، فيرعووا عن غيّهم ويثوبوا إلى رشدهم فقال:
(1)
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) أي كذب قوم نوح رسولهم وقالوا إنه مجنون وهزءوا به، وكلما ألحف في الدعوة زادوا عتوا وعنادا، فدعا ربه وقال:«رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً» ولما أصروا على تكذيبهم وعنادهم أخذهم الطوفان وهم ظالمون، ونجّى الله نوحا ومن آمن معه كما قال:«فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ. تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ» .
(2)
(وَعادٌ) وهم قوم هود وقد كذبوه فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية كما قال فى سورة الحاقة: «وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ» .
(3)
(وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) وقد بعث الله إليه موسى وأيده بآياته التسع فأصرّ على الجحود والعناد وبغى وتجبر وقال أنا ربكم الأعلى، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ونجّى موسى وقومه بنى إسرائيل كما قال في سورة يونس: «وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» .
وقوله ذو الأوتاد: أي ذو الملك الثابت، وأصله للبيت المطنب بأوتاد وهو لا يثبت بدونها، ثم استعمل في إثبات العز والملك كما قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة
…
فى ظل ملك ثابت الأوتاد
(4)
(وَثَمُودُ) وقد جاء ذكرهم في عدة سور أرسل الله إليهم صالحا وكانت الناقة له آية فكذبوه فعقروها فأرسل عليهم صاعقة فأهلكتهم وجعلتهم كهشيم المحتظر كما جاء في سورة القمر: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ. فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ- إلى أن قال- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ» .
(5)
(وَقَوْمُ لُوطٍ) وقد سبق ذكر قصصهم في عدة سور من الكتاب الكريم وذكر ما حل بهم من العذاب، فمنها قوله في سورة القمر:«كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ» .
(6)
(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) الأيكة: الشجر الملتف بعضه على بعض وأصحابها هم قوم شعيب، وقد ذكر الله قصصهم في كثير من السور، فمنها ما جاء في سورة الحجر:
«وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ» .
(أُولئِكَ الْأَحْزابُ) أي هؤلاء الذين تحزبوا على الرسل، وهم كالأحزاب الذين تحزبوا عليك.
ثم بين سبب انهزامهم وعقابهم فقال:
(إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) أي إن كل هذه الأمم الخالية والقرون الغابرة، وقد كانوا أشد منهم قوة كذبوا أنبياءهم فحل بهم العذاب، فكيف بهؤلاء الضعفاء إذا نزل بهم ما لا قبل لهم به من عذابى؟.