الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجاء في الثواب وخوف من العقاب، فيزداد في الطاعة وينأى عن المعصية، وتلك وسيلة التهذيب والتأديب التي ترقى بها النفوس إلى سبيل الكمال في دنياها وآخرتها.
الإيضاح
(هذا) أي هذا الذي تقدم ما يكون جزاء للمؤمنين كفاء ما قدّموا من أعمال صالحة.
(وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) أي وإن للكافرين الخارجين عن طاعة الله المكذبين لرسله سوء المنقلب وشر العاقبة، ثم فسر ذلك بقوله:
(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) أي هم يدخلون جهنم ويقاسون شديد حرها، فبئس فراشا هى ونحو الآية قوله:«لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ» .
ثم أمرهم أمر تهكم وسخرية بذوق هذا العذاب فقال:
(هذا فَلْيَذُوقُوهُ) أي العذاب هذا، فليذوقوه.
ثم فصل أنواعه وبين ألوانه فقال:
(حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) أي لهم فيها ماء حارّ يشوى الوجوه، وماء بارد لا يستطاع شر به لبرودته. قال الحسن رضى الله عنه: الغساق عذاب لا يعلمه إلا الله تعالى، إن الناس أخفوا لله طاعة فأخفى لهم ثوابا في قوله:«فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ» وأخفوا معصية فأخفى لهم عقوبة.
ثم زاد في التهديد وبالغ في الوعيد فقال:
(وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) أي ليس الأمر مقصورا على هذا فحسب، بل لهم فيها أشباه وأمثال من مثله فظاعة وشدة كالزقوم والصعود والسموم.
وبعد أن وصف مساكنهم ومشاربهم حكى ما يتناجون به ويقوله بعضهم لبعض.
(هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ) أي هم يتلاعنون ويتكاذبون، فتقول
الطائفة التي تدخل قبل الأخرى حين تقبل التي بعدها مع الخزنة والزبانية: هذا جمع كثيف داخل معكم، فلا مرحبا بهم.
قال ابن عباس في تفسير الآية: إن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع تقول الخزنة للقادة: هذا فوج داخل النار معكم، فيقول السادة: لا مرحبا بهم، والمراد بذلك الدعاء عليهم، قال النابغة:
لا مرحبا بغد ولا أهلا به
…
إن كان تفريق الأحبّة في غد
ثم علل استيجاب الدعاء عليهم بقوله:
(إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) أي إنهم ذائقو حر النار مثلكم.
وهذا كلام من المتبوعين والرؤساء الذين أغووهم وأدخلوهم في الكفر، وحينئذ يردّ عليهم الداخلون من الأتباع ويقولون لهم:
(بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي قال الأتباع وهم الفوج المقتحم للنار لأولئك الرؤساء: بل أنتم أحق منا بما قلتم (لا مرحبا بكم) فإنكم أغويتمونا ودعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير، وبئس النار المنزل والمستقر.
وهذا كلام يراد به التشفي منهم، لأنه مشترك بينهم.
ونحو الآية قوله: «كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها» .
ثم ذكر مقالة أخرى للأتباع ذمّا لهم أيضا فقال:
(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) أي قال الأتباع دعاء على رؤساء الضلال. ربنا آت من قدم لنا هذا العذاب- عذابا مضاعفا في النار، عذابا للضلال وعذابا للإضلال كما
ورد في الحديث «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها» .
ونحو الآية قوله: «رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ» وقوله: