الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون: من أخرجنا من قبورنا؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدّر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفى كل عامل جزاء عمله.
الإيضاح
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقولون استهزاء وإنكارا، متى يحصل هذا البعث الذي تهددوننا به تارة تصريحا وأخرى تلويحا؟ إن كنتم صادقين فيما تقولون وتعدون.
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من قبل أنهم كانوا يتلون عليهم الآيات الدالة عليه، الآمرة بالإيمان به.
فأجابهم ربهم:
(ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) أي ما ينتظرون بحلول العذاب إلا نفخة واحدة في الصور، بها يموت أهل الأرض جميعا تأخذهم بغتة وهم يتنازعون في أمور معايشهم لا يخطر ببالهم مجيئها.
ونحو الآية قوله: «فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» .
روى ابن جرير عن ابن عمر قال: «لينفخنّ في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى إن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومانه، فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهى التي قال الله (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) » .
وأخرج الشيخان عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومنّ
الساعة والرجل يليط حوضه فلا يسقى منه، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن نعجته فلا يطعمه، ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها» .
ثم بين سرعة حدوثها وأنها كلمح البصر أو هى أقرب فقال:
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) أي فلا يستطيعون أن يوصوا فى أموالهم أحدا، إذ لا يمهلون بذلك، ولا يستطيع من كان منهم خارجا من أهله أن يرجع إليهم، بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيثما كانوا ويرجعون إلى ربهم.
ثم بين أنهم بعد أن يموتوا ينفخ في الصور النفخة الثانية نفخة البعث من القبور فقال:
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) أي ونفخ في الصور نفخة ثانية للبعث والنشور، والخروج من القبور، فإذا هم جميعا يسرعون للقاء ربهم للحساب والجزاء.
ونحو الآية قوله: «يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ» .
ثم ذكر أنهم يعجبون حين يرون أنفسهم قد خرجوا من قبورهم للبعث، كما حكى عنهم بقوله:
(قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟) أي قالوا يا قومنا انظروا هلاكنا وتعجبوا منه، من بعثنا من قبورنا بعد موتنا؟ حينئذ يجيبهم المؤمنون فيقولون لهم:
(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) أي هذا الذي ترون ما وعد به الرّحمن وصدق في الإخبار به المرسلون الذين أتونا بوعد الله ووعيده.
وهم قد سألوا عن الفاعل للبعث وأجيبوا بالفعل تذكيرا لهم بكفرهم وتقريعا عليه مع تضمن ذلك الإشارة إلى الفاعل.
ثم بين سرعة بعثهم من القبور فقال:
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي ما كانت