الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
منيبا: أي راجعا إليه مطيعا له، خوّله: ملّكه وأنشد أبو عمرو بن العلاء لزهير ابن أبى سلمى:
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا
…
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
المعنى الجملي
بعد أن أقام الأدلة على وحدانيته تعالى وذكر أن المشركين عبدة الأصنام لا دليل لهم على عبادتها، وكأنّ عقولهم قد ذهبت حين عبدوها- أعقب ذلك ببيان أنه هو الغنى عما سواه من المخلوقات، فهو لا يريد بعبادته جر منفعة، ولا دفع مضرة، ولكنه لا يرضى الكفر لعباده، بل يرضى لهم الشكر، وأن كل نفس مطالبة بما عملت، وبعدئذ تردّ إلى عالم الغيب والشهادة فيجازيها بما كسبت، ثم أتبعه بذكر تناقض المشركين فيما يفعلون، فإذا أصابهم الضر رجعوا في طلب دفعه إلى الله، وإذا ذهب عنهم عادوا إلى عبادة الأوثان، وقد كان العقل يقضى بأنهم وقد علموا أنه لا يدفع الضر سواه- أن يعبدوه في جميع الحالات، ثم أمر رسوله أن يقول لهم متهكما موبخا تمتعوا بكفركم قليلا ثم مصيركم إلى النار وبئس القرار.
الإيضاح
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) أي إن تكفروا به سبحانه مع مشاهدة ما يوجب الإيمان والشكر فإن ذلك لا يضيره شيئا، فهو الغنى عن سائر المخلوقات كما قال تعالى حكاية عن موسى: «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ
لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ»
وجاء في صحيح مسلم «يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئا» .
ثم ذكر ما يحبه سبحانه وما يكرهه فقال:
(وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) أي لا يحبه ولا يأمر به، لأنه مانع من ارتقاء النفوس البشرية بجعلها ذليلة خاضعة للأرباب المتعددة والمعبودات الحقيرة من الخشب والنّصب وممن يأكل الطعام ويمشى في الأسواق.
(وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) لأنه على مقتضى السّنن القويم، والصراط العادل المستقيم كما قال:«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» .
ثم ذكر أن كل إنسان يوم القيامة يجازى بما قدم من عمل، ولا يضيره عمل سواه فقال:
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي ولا تحمل أىّ نفس أوزار نفس أخرى، بل كلّ مطالب بعمل نفسه خيرا كان أو شرا.
ثم بين أن جزاء المرء في الآخرة وفق ما عمل في الدنيا فقال:
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ثم مصيركم يوم القيامة إلى خالقكم البصير بأمركم العليم بالسر والنجوى، فيخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا، إذ لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ثم يجازى المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته، فاحذروا أن تلقوا ربكم وقد عملتم في الدنيا ما لا يرضاه فتهلكوا.
ثم بين أن هذه المجازاة ليست بالعسيرة عليه سبحانه فقال:
(إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي إنه تعالى محص جميع أعمالكم حتى ما تضمره صدوركم مما لا تدركه أعينكم فكيف بما رأته العيون، وأدركته الأبصار؟.
ثم بين سبحانه شأن الكافر بالنسبة إلى ربه فقال:
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ