الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يثابر على تعلّم آيات الله وحفظها وتلقنها والنظر فيها وعرضها على من ينكرها، رجاء قبوله إياها، ليظهر بذلك تباين حال الفريقين: من يرغب فى تحصيل آيات الله، ومن يرغب عنها «وبضدها تتبين الأشياء» ثم عاد إلى ذكر السبب فى إنكار البعث وهو حبّ بنى آدم للعاجلة، وتركهم للآخرة، ثم ذكر ما يكون فى ذلك اليوم من استبشار المؤمنين وبسور المشركين وملاقاتهم للشدائد والأهوال، وظنهم أن ستتراكم عليهم الدواهي التي تكسر فقار ظهورهم.
الإيضاح
علّم الله رسوله كيف يتلقى الوحى من الملك، إذ كان يسابقه فى قراءته فأمره أن يستمع إليه إذا جاء وقد كفل له:(1) أن يحفظه له. (2) أن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه. (3) أن يبينه ويفسره له.
وقد أشار إلى الأول بقوله:
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)
أي لا تحرك أيها الرسول الكريم بالقرءان لسانك وشفتيك، لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلّت منك، فإن علينا أن نجمعه لك حتى تثبته فى قلبك. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه ويعرف ذلك فى تحريكه شفتيه حتى نزلت الآية، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما أمره الله.
عن ابن جبير عن ابن عباس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة بتحريك شفتيه، فقال لى ابن عباس: أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، فحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ»
رواه مسلم.
وأشار إلى الثاني بقوله:
(فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)
أي فإذا تلى عليك فاعمل بما فيه من شرائع وأحكام وقد يكون المراد- فإذا تلاه عليك الملك فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك.
وأشار إلى الثالث بقوله:
(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) أي ثم إنا بعد حفظه وتلاوته، نبيّنه لك ونلهمك معناه على ما أردنا وشرحنا.
ثم أعاد القول فى توبيخ المشركين على إنكارهم للبعث فقال:
(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) أي ليس الأمر كما تقولون أيها المشركون: من أنكم لا تبعثون بعد مماتكم، ولا تجازون بأعمالكم، ولكن الذي دعاكم إلى قيل ذلك محبتكم للدنيا العاجلة، وإيثاركم شهواتها على آجل الآخرة ونعيمها، فأنتم تؤمنون بالعاجلة وتكذبون بالآجلة.
قال قتادة- اختار أكثر الناس العاجلة إلا من رحم الله وعصم.
والخلاصة- إنكم يا بنى آدم خلقتم من عجل وطبعتم عليه، فتعجلون فى كل شىء، ومن ثمّ تحبون العاجلة، وتذرون الآخرة.
ثم بيّن ما يكون من أحوال المؤمنين وأحوال الكافرين فقال:
(1)
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) أي فوجوه المؤمنين المخلصين حين تقوم القيامة مضيئة مشرقة، تشاهد عليها نضرة النعيم.
(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أي تنظر إلى ربها عيانا بلا حجاب، قال جمهور أهل العلم:
المراد بذلك ما تواترت به الأحاديث الصحيحة من أن العباد ينظرون إلى ربهم يوم القيامة كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر.
قال ابن كثير: وهذا بحمد الله مجمع عليه من الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام وهداة الأنام اه.