المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: قواعد أولية لا بد من ذكرها قبل الشروع في الرسالة: - توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد ومحبيه

[عبد الله الطيار]

الفصل: ‌المبحث الأول: قواعد أولية لا بد من ذكرها قبل الشروع في الرسالة:

‌المبحث الأول: قواعد أولية لا بد من ذكرها قبل الشروع في الرسالة:

قواعد هامة في أحكام الذبائح والصيد:

القاعدة الأولى: الأصل في ميتة الحيوان مأكول اللحم ما عدا السمك والجراد الحرمة إلا المذكى منها.

دليلها: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} 1.

وجه الدلالة من الآية: أن الميتة من الحيوان محرم أكلها إلا ما ذكي منها. أما دليل استثناء السمك والجراد قوله صلى الله عليه وسلم:" في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته"2.

ودليل ميتة الجراد: قوله صلى الله عليه وسلم: " أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال"3.

1 سورة المائدة آية (3) .

2 رواه أحمد (3/373) وابن ماجة (10/137) وأبو داود (1/9) ،وانظر تصحيح الألباني له في الإرواء (1/42) .

3 صحيح ابن ماجة (1/216) ومشكاة المصابيح (4132) .

ص: 4

القاعدة الثانية: الأصل فيما ذكى من الحيوان مأكول اللحم من المسلم والكتابي أنه حلال أكله ما لم يعلم ما يقتضي التحريم.

دليلها: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إلى قوله تعالى: {إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} 1 والمخاطب في هذه الآية المسلمون فمتى ذكى المسلم ذبيحته فهي حلال. أما دليل أهل الكتاب في حل ذبائحهم فهو قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} 2.

فقد بينت الآية حل طعام أهل الكتاب لنا والمراد بطعامهم هنا هو ذبائحهم كما فسره جمع من الصحابة وإجماع العلماء على حل ذبائحهم.

القاعدة الثالثة: أن من ذبح لغير الله أو لم يذكر اسم الله على ذبيحته متعمدا لا تؤكل ذبيحته وإن كانت من مسلم أو كتابي.

دليلها: قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} 3

1 سورة المائدة آية (3) .

2 سورة المائدة آية (5) .

ص: 5

وقوله تعالى: {

وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} 1

فمن قال: باسم المسيح أوعزير أوغيره أو قال هذه للبدوي أو للحسيني أو لصاحب القبر الفلاني ثم قام بذبحها عند قبره ونحوه ولم يذكر اسم الله متعمداً لعدم الذكر وهذا معروف لدى السحرة الذين يأمرون من يذهب إليهم بذبح ما طلب منهم ويشترطون عليهم عدم ذكر الله عليه فهذا كله مما لا تحل ذبائحهم.

أما الناسي للتسمية كما سنوضحه إن شاء الله فهو محل خلاف بين أهل العلم والصحيح عندي أنها تحل لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا

} 2 الآية قال قد فعلت.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.. ".

أما الناسي من أهل الكتاب لذكر التسمية على ذبيحته هل يأخذ نفس الحكم؟ بمعنى آخر هل تحل ذبيحته؟.

1 سورة المائدة آية 3

2 سورة البقرة آية 276

ص: 6

الصحيح أنها لا تحل لأن العفو عن النسيان خاص بهذه الأمة دون غيرها فالأمم السابقة كانت تؤاخذ على النسيان.

القاعدة الرابعة: إذا جهل حال الذابح هل هو ممن تحل ذبيحته أم لا؟ أو جهل حل المذبوح هل ذبح على الطريقة الشرعية أم لا؟.

نقول: إن القواعد العامة جاءت باجتناب المشكوك فيه بعدم الأكل منه احتياطاً ومن هذه القواعد.

1.

إذا اشتبه مباح ومحرم حرم أحدهما بالأصالة والآخر بعارض التحريم.

2.

إذا اجتمع مبيح وحاضر قدم الحاضر لأنه الأحوط وأبعد من الشبهة وإبراء للذمة.

دليلها: قوله صلى الله عليه وسلم:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

والمعنى اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه وقوله صلى الله عليه وسلم: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام".

فحاصل هذه القاعدة أنه متى شككت وجهلت أمر المذبوح هل هو مذبوح على الطريقة الشرعية أم لا؟ أو جهلت حال الذابح هل

ص: 7

هو ممن تحل ذبيحته أم لا؟ وهل هذه الذبيحة قادمة من أهل الكتاب فالأحوط عدم الأكل منها.

ولكي تتضح رؤية هذه القواعد ذكرنا بعد هذه القواعد مسألتين مهمتين تتعلقان بهذه القواعد.

المسألة الأولي: في حكم اللحوم المستوردة.

المسألة الثانية: في حكم صيد الكتابي.

المسألة الأولى: فى حكم اللحوم المستوردة:

عند رحوعنا للقواعد المذكورة في المسألة يمكننا أن نلخص أحكام الذبائح المستوردة في الآتي:

أولاً: لحوم مستوردة من بلاد إسلامية فهي حلال بالاتفاق.

ثانياً: لحوم مستوردة من بلاد غير إسلامية أهلها غير أهل الكتاب فهي حرام بالاتفاق.

ثالثاً: لحوم مستوردة من بلا د غير إسلامية أهلها أهل كتاب وعلم أنهم يذبحون على الطريقة الشرعية من تسمية على المذبوح وقطع للحلقوم والمريء والودجين فهنا تحل بالاتفاق.

ص: 8

رابعاً: لحوم مستوردة من بلاد غير اسلامية وأهلها أهل كتاب غير أنهم يذبحون بطريقة غير شرعية أي غيرمستوفية لما ذكرنا في ثالثاً فهنا لا يجوز أكلها ولا استيرادها ولا شراؤها وكذا لا يحل ثمنها وذلك استدلالاً بالقواعد التي ذكرناها سابقاً لأنها هنا إما أن تكون منخنقة أو موقوذة أو متردية وغيرها مما لم يحله الله لنا.

خامساً: لحوم مستوردة من بلاد غير إسلامية وأهلها أهل كتاب ويجهل طريقة ذبحهم أو يجهل عقيدة أو ديانة الذابح لها فهذا القسم محل خلاف بين العلماء والمعاصرين فمنهم من قال إنها حلال لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} فأحل لنا طعامهم ولم يأمرنا بالبحث عن طريقة الذبح أو حال الذابح ما دامت أنها جاءت من عندهم وعملاً بالأصل أيضا وهو حل ذبائح أهل الكتاب عموماً وهذا هو الصحيح.

القول الثاني: أن هذا القسم من ذبائح أهل الكتاب المجهول حال طريقة ذبحهم أو المجهول حال من قام بالذبح منهم حرام كما ذكرنا ذلك في القاعدة الرابعة عملاً بالرجوع إلى الأصل عند جهل

ص: 9

حال المذبوح والذابح وهو أنها ميتة.

والقول الأول أرجح ولا سيما أن كثيرا من الذين سافروا إلى تلك البلاد ثبت لهم أن الذبح شرعي وقد ثبت ذلك لجهة الإفتاء في بلادنا في وقت سابق.

لكن إن تركها ولم يأكل منها عملاً بالأحوط والأبرأ له جاز له ذلك.

المسألة الثانية: هل يحل صيد الكتابي؟.

جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والمالكية والحنفية يرون حل صيد الكتابي ونقل هذا عن عطاء والليث والثوري والأوزاعي وحجتهم في ذلك أن الإرسال والرمي بمنزلة الذبح والذمي من أهل الكتاب من أهل الذبح والطعام في قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} المقصود به في الآية الذبائح سواء كانت عن طريق التذكية أو الذبح أو النحر أو كانت بالصيد.

لكن هذا مقيد بما ذكرناه في القاعدة الثانية من القواعد الهامة في الذبائح والصيد في المبحث الأول وقلنا فيها أن ذبيحة المسلم أو الكتابي حلال ما لم يعلم مقتضى التحريم من شرك أكبر أو ردة أو نحوه.

ص: 10