المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالصائد - توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد ومحبيه

[عبد الله الطيار]

الفصل: ‌المبحث الثالث: ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالصائد

‌المبحث الثالث: ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالصائد

.

ذكر أهل العلم مجموعة من الشروط التي يجب توافرها في الصائد منها:

1.

الأهلية: ومعناها كون الصائد من أهل الذكاة والمراد به المسلم العاقل والكتابي العاقل وكذا المميز وما عداهما كالمجنون وغير الكتابي لا يجوز صيده ولا أكل صيده.

2.

القصد: ونعني بها كون الصائد قاصدا للصيد فلو أن رجلا صوب سهمه نحو هدف ما وأثناء سير السهم مر بطير من غير الصيد كدجاجة فقتله فإنها لا تحل لعدم القصد.

3.

الآلة: والمراد بها ما يستخدم في الاصطياد وهي نوعان:-

الأولى: آلة محددة. الثانية: آلة جارحة.

فالآلة المحددة المراد بها ما يصاد به كالسهم والرمح والسيف وغيره ويشترط فيه ما يشترط في آلة الذبح أى ليس سنا ولا ظفراًلعموم قوله صلى الله عليه وسلم "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا"1.

1 رواه البخاري (في كتاب الصيد باب ما أصاب في المعراض) جـ 7/75.

ص: 13

ويشترط أيضاً أن تجرح فإن لم تجرح فهنا يحرم الذبح أو الصيد بها.

وهنا ذكر بعض المسائل في الآلة المحددة.

المسألة الاولى: حكم الصيد بالآلة المسروقة:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة والصحيح إن شاء الله أن ماصيد بمسروق حلال مع الإثم أي إثم السارق أو الغاصب.

المسألة الثانية: حكم الصيد بالبندق:

البندق في كلام الفقهاء الحنابلة كصاحب زاد المستقنع حين قال (كالبندق والعصا والشبكة) المراد الطين اليابس والغالب أنه من الخزف وحجمه كالحمصة أو أكبر فهذا لا يكون آلة صيد ومثاله ما نراه في أيدي أطفالنا ما يسمى (بالنباطة) فهذا لا يجوز الاصطياد به لقوله صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن الصيد بالخذف (وهي الحصاة والنواة) فقال صلى الله عليه وسلم: "إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدواً ولكنها تكسر السن وتفقأ العين"1.

أما البندق الذي يستعمل بالرصاص المعروفة لدينا فالصحيح جواز الاصطياد بها بخلاف من قال بعدم الجواز.

1 رواه مسلم (6/72) كتاب الصيد والذبائح.

ص: 14

المسألة الثالثة: في حكم الاصطياد بالشبكة:

أما الشبكة والفخ فلا يحل الاصطياد بهما لأنهما يقتلان المصيد لكن إذا أمسكت الشبكة أو الفخ المصيد ثم قام الصائدبأخذ المصيد فذبحه بعد الإمساك به فهذا جائز أما استقلال الشبكة أو الفخ بالقتل فهذا لا يحل.

المسألة الرابعة: في حكم الاصطياد بالعصا:

في هذه المسألة تفصيل:

إن أرسل عصاه فأصاب طيراً فقتله فلا يحل أما إن أصابه في شيئ من بدنه فلم يقتل فقام فذبحه فهذا يحل.

النوع الثاني: من الآلة آله جارحة:

الجارحة نوعان: جارحة تعدو وجارحة تطير.

فالتي تعدو كالكلب والتي تطير كالصقر. أما الكلب فقد جاءت نصوص الشريعة بثبوت حل صيده. وسأجعل لذلك مبحثاً إن شاء الله يتناول أحكام الصيد بالجارحة.

ومن الأحكام المتعلقة بالصائد:

إرسال الآلة: ومعناه أن يرسل الصائد آلة الصيد قاصداً بذلك الصيد والآلة هنا بنوعيها سواء كانت محددة أو

ص: 15

4.

جارحة فإن كان ممسكاً بها فانطلق منها سهم مثلاً غير قاصدٍ للصيد فأصاب طيرا من غير الصيد كدجاج بدون قصد الإرسال فإنها لا تحل فلا بد من قصد الإرسال، ولكن نضيف هنا أيضا أنه إن كان ممن يصيد بالجارحة أي بالكلب أو الصقر فهل يحل له صيده إن لم يرسله قاصداً؟ الصحيح أنه لا يحل له ذلك فلا بد من قصد الإرسال لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أرسلت الكلب.. " 1 فعلق الحكم بالإرسال.

5.

التسمية:

التسمية عند إرسال الآلة بنوعيها وفيها مسائل.

المسألة الأولى: في حكمها:

اختلف أهل العلم في حكم التسمية عند الصيد والصحيح وجوبها بخلاف من قال بغير ذلك، لأمره سبحانه وتعالى بقوله:{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} ولنهيه عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه بقوله: {وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} .

1 رواه أحمد (3/333) .

ص: 16

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه فكل ".

المسألة الثانية: متى يسمي؟ .

الصحيح أنه يسمي عند إرسال السهم لا عند التعبئة فهناك من يخطئ في ذلك ويقول إنني سميت عند التعبئة وهذا غير صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه

" والواو تقتضي الاشتراك والاجتماع في الزمن.

المسألة الثالثة: في حكم من نسي التسمية عند الإرسال.

اختلف أهل العلم في ذلك والصحيح أن التسمية تسقط سهواً وجهلاً لكن نجعل هنا شيئا من التفصيل في حق الصائد وهو أنه إذا شك هل سمى أم لا؟ يعني أنه بعد ما صاد شك فهنا إن كان ممن هو كثير الشكوك فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك ويكون صيده حلالاً.

أما إن كان ممن لا يشك كثيراً فهنا ننظر إلى حاله. فإن كان ممن يحافظ على التسمية أي معتاداً لذلك فهنا لا يلتفت إلى الشك وإن كان ممن لا يبالي بذلك بل يتعمد أحياناً يسمي وأحيانا لا يسمي فهنا الأولى ألا يأكل منها بخلاف كثير الشكوك.

ص: 17

المسألة الرابعة: فيمن ترك التسمية عند الإرسال ثم سمى بعده:

ذكرنا فيما سبق أن التسمية تكون عند الإرسال لا قبله أي لا تكون عند التعبئة أما كونه لم يسم إلا بعد الإرسال فالصحيح عدم الحل أرأيت لو أنه ذبح فلما فرغ من الذبح سمى هل تحل ذبيحته؟ الصحيح لا هكذا الصيد هذا إن تركها قاصداًأما نسياناً فالصحيح كما ذكرنا أنها تحل.

المسألة الخامسة: هل يشترط التسمية عند نصب الحديدة ونحو ذلك؟.

نعم يشترط ذلك لأننا قلنا سابقاً لابد من إرادة القصد فما دام أنه قاصدٌ الصيد فإنه يشترط لذلك التسمية.

المسألة السادسة: إذا سمى على طائر معين فأصاب غيره:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة وأصح الأقوال فيها الحل ما دام أنه عين صيداً عند الإرسال أما كونه لم يعين صيداً فأرسل سهماً فأصاب بغير تعيين فهذا كما ذكرناه سابقاً.

وخلاصة القول في هذه المسألة الحل.

المسألة السابعة: إذا صاد الصائد المجموعة من الطيور فخلطها ثم تذكر أنه لم يأت بالتسمية على بعض منها فما الحكم؟.

ص: 18

في هذه المسألة عليه أن يتحرى فما غلب على ظنه أنه لم يسم عليه متعمداً تركه وقام بتنحيته والباقي هو حلال له.

المسألة الثامنة: حكم إضافة الله أكبر بعد التسمية: أي يعني قول الذابح (بسم الله: الله أكبر) ؟

الصحيح أنه يسن ذلك فالواجب التسمية وزيادة ذلك مستحب.

المسألة التاسعة: إذا وجد طيرأ مجروحاً فهل يأخذه وهو لم يسم عليه؟.

إذا وجد طيراً مجروحاً وهو لم يسم عليه فهنا له حالتان:

أن يكون الطير به رمق فإنه يذكيه.

أما إن لم يكن به رمق فمات بجرحه وهو متيقن من عدم التسمية فهنا لا يجوز أخذه.

ومن الأحكام الأخرى المتعلقة بالصائد:

6.

أن يكون الصائد مأذوناً له بالصيد:

ومعنى هذا الشرط أن لا يكون مُحرِماً ولا يكون في حَرَمٍ فإن صاد بالحرم أو صاده وهو مُحرِم فلا يحل لقوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ

ص: 19

آمَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} 1 والمقصود بالصيد هنا صيد البر لقوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} 2.

وهاتان الآيتان في حق الصائد.

أما في حق المصيد والنهي عن صيده في الحرم فقوله صلى الله عليه وسلم في تحريم مكة: "

لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها " 3 فإذا كان النهي وارداً في تنفيرها فقتلها من باب أولى وكذا الآيات السابقة تدل دلالة واضحة على النهي عن صيدها

1 سورة المائدة آية (95) .

2 سورة المائدة آية (96) .

3 رواه البخاري (3/13) كتاب المحصر باب لا ينفر صيد مكة.

ص: 20