المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: في ذكر بعض آداب الصيد - توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد ومحبيه

[عبد الله الطيار]

الفصل: ‌المبحث الخامس: في ذكر بعض آداب الصيد

‌المبحث الخامس: في ذكر بعض آداب الصيد

تمهيد:

إنه مما ينبغي التنبيه عليه أن الله سبحانه وتعالى حينما أباح لعباده الصيد لم يجعل هذه الإباحة مطلقة دون قيد يضبطها بل قيده حفاظاً على حياة الإنسان في الدنيا والآخرة، وإن مما يؤسف له جهل الكثير ممن اعتادوا الصيد بالآداب الشرعية التي ينبغي مراعاتها ولذا كم نسمع عن أسر ضاعت بسبب تفريط الزوج بحقهم وانشغاله بالصيد وكم كنا نسمع عن أناس لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله وفجأة تغير الحال فتراه مشغولا بهذه المهنة والحرفة بل أصبح قلبه متعلقاً بها وتجده قد يتأخر عن الصلاة في الجماعة وإذا صلى قام فنقر الصلاة كنقر الغراب وذلك كله لانشغال القلب بالاصطياد وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:" من بدا جفا ومن تبع الصيد غفل " 1 ومعنى الحديث من بدا جفا أي من سكن البادية جفا وذلك لبعده عن المدن التي يتعلم فيها ويتعرف فيها على حدود الله تعالى وشرعه.

1 رواه أحمد (2/371، 440) وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1272) .

ص: 26

"ومن تبع الصيد غفل " أي من تتبعه وصار يطارده فإنه لاشك أنه يغفل ويشغله عن مصالح دنياه وآخرته.

وسأذكر إخواني ببعض الآداب الشرعية التي يجب مراعاتها عند الاصطياد لعل الله أن ينفع بها.

من هذه الآداب:-

1.

أن يقصد بصيده التعبد لله سبحانه وتعالى بذلك فإن المباح إذا خرج بنية التعبد لربه فإنه يؤجر عليه فالأكل مثلا مباح فإذا أكل الإنسان بنية التقوي على طاعة الله أو بمثابة إعداد القوة لإرهاب أعداء الله فإنه يؤجر على ذلك وكذا الاصطياد إن خرج بنية التعبد من أكل الصيد الذي يقويه على طاعة الله فإنه يؤجر.

2.

أن لا يشغله الصيد عن الواجبات التي أوجبها الله عليه فلا يدع أهله وأولاده مدة يخشى عليهم من الضياع فيها وأن يحافظ على الطهارة والصلاة في أوقاتها في جماعة وغير ذلك من الواجبات.

ص: 27

3.

من الآداب أيضاً اجتناب إيذاء المسلمين وذلك بانتهاك حرمات مزارعهم فلا يجوز له الاصطياد فيها إلا بإذنه وبخاصة إذا علم أنه ممن لا يأذن بالاصطياد في مزرعته.

4.

بعض الناس يأخذ إجازة من المؤسسة أو الهيئة التي يعمل بها أو الطالب من مدرسته من أجل هذه الهواية وهذا لا ينبغي لأنه يؤدي لترك العمل وهو الواجب الوظيفي لشيئ ليس بواجب بل ولا مطلوب ولا مستحب.

5.

ومن الآداب التي ينبغي مراعاتها في الصائد عدم رفع السلاح أي آلة الصيد في وجه أخيه بحجة المزاح لعموم النهي عن ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من نار " 1 وعند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه "2.

1 رواه البخاري (6661) ومسلم (2617) .

2 رواه مسلم (2616) .

ص: 28

3.

ومن الآداب أيضا عدم اتخاذ صيد الطيور غرضا أي لمجرد اللهو واللعب والعبث فإن هذا منهي عنه فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضاً " 1 بل لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك فقد روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر بنفر نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها فقال ابن عمر من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا 2.

4.

ومن الآداب الشرعية في الصيد عدم الذهاب إليه إلا بعد رضا الأبوين في ذلك فإن البعض عافانا الله وإياهم يذهبون من غير رضا الوالدين فإذا منعاه من ذلك حرم عليه الذهاب لأن طاعتهما واجبة والذهاب إلى الصيد مباح فكيف يقدم المباح على الواجب.

5.

ومن الأمور التي تحصل بين الناس المفاخرة بالصيد ويجعلونه ديدنهم في مجالسهم مفاخرة ومباهاة وكل هذا منهي عنه فليتق هؤلاء ربهم فإن المفاخرة وما شابهها أمور محرمة ولا تجوز في ديننا بل هي من عادات الجاهلية.

1 رواه مسلم (6/73) كتاب الصيد باب النهي عن جر البهائم.

2 المرجع السابق.

ص: 29