الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسائل تمرير العولمة:
أشرنا إلى أن العولمة تسعى إلى فرض مشروعها باستعمال كل الوسائل دون استثناء أو تحفظ، من الإغراء والاستمالة إلى التهديد والضغط السياسي إلى الحصار الاقتصادي إلى شن الحروب المدمرة التي تورط فيها العالم كله. يتحدث بعض الباحثين الغربيين عن العولمة الإعلامية وكيف تقوم المؤسسات الإعلامية بتسويقها إلى البلدان النامية، فيقول: " ينطلق فيض ثقافي من بلدان المركز ليجتاح الكرة الأرضية، يتدفق على شكل صورة. . . كلمات. . . قيم أخلاقية، قواعد قانونية. . . مصطلحات سياسية. . معايير. . كفاءة. . ينطلق كل هذا ليجتاح بلدان العالم الثالث من خلال الإعلام المتمثل في إذاعات وتليفزيونات وأفلام وكتب وأسطوانات فيديو وأطباق استقبال فضائية ينطلق عبر سوق المعلومات التي تحتكرها الوكالات العالمية الأربع: أسوشيتد بريس ويونايتد بريس (الولايات المتحدة) ورويتر (بريطانيا) وفرانس بريس (فرنسا) ، وتسيطر الولايات المتحدة على 65 في المائة من تدفق هذه المعلومات. هذا الفيض من المعلومات يشكل رغبات وحاجات المستهلكين، او بتعبير آخر الأسرى السلبيين، يشكل أنواع سلوكهم، عقلياتهم، مناهج تعليمهم، أنماط حياتهم، وبذلك
تذوب الهويات الذاتية في هذا الخضم من الغزو، لأن مواد الغزو تصنع في معامل الغرب وفق معاييره ومواصفاته ". (1)
هذا النوع من العولمة، وهذا النمط من أنماط إستراتيجيتها نسميها المرحلة التمهيدية للغزو، القائمة على سياسة الاختراق التي تمررها وسائل الإعلام التي لم يعد أحد في مقدرته الوقوف في وجهها.
وثمة قناة أخرى لتمرير مشروعات العولمة هي المؤتمرات العالمية ففي سبتمبر 1994م عقد في القاهرة المؤتمر العالمي للسكان والتنمية، وفي سبتمبر 1995م عقد في بكين مؤتمر المرأة، وفي يونيو 1996م عقد في إستانبول مؤتمر الإيواء البشري، وهذه المؤتمرات كانت تعقد في الظاهر تحت إشراف الأمم المتحدة، ولكنها في الجوهر تحت إشراف المؤسسات التابعة للعولمة، ولنا أن نقول: إن الأمم المتحد قد صارت إحدى هذه المؤسسات. لقد عملت هذه المؤتمرات إلى إعادة تشكيل الخارطة الفكرية والثقافية للعالم حتى تتواءم مع متطلبات العولمة وثقافتها الجديدة.
(1) عن مجلة البيان. موقعها في الانترنيت.
هذا وللعولمة أشكال وطرق وأوجه وأقنعة متعددة تظهر في كل مرة بقناع مستفيدة من ثقافة التبشير النصراني والإستراتيجية الاستعمارية معا، أي من الخطاب المسالم والخطاب العنيف معا. وقد تلقت الثقافة العربية خطاب العولمة، كما تلقاه الآخرون، وانتشر في سنوات قليلة كما لم ينتشر أي مصطلح آخر قبله، وكانت ردود الفعل في الخطاب العربي متفاوتة، وإن كانت في أغلبها تجمع على عدم براءتها.