الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخلوق لا يكون مصنوعاً والمصنوع لا يكون مخلوقاً
قال ابن تيمية: المخلوق لا يكون مصنوعاً والمصنوع لا يكون مخلوقاً.
وذكر أن الله سبحانه وتعالى جعل لبني آدم قدرة على أن يعملوا أنواعاً من المطاعم والملابس والمساكن وكذلك جعل لهم قدرة على ما يصنعونه من الآنية من الفخار والزجاج ونحو ذلك ولم يخلق لهم سبيلاً على أن يصنعوا مثل ما خلق الله.
ثم قال: فإن أصل المخلوقات التي خلقها الله لا يمكن البشر أن يصنعوا مثلها.
وقال: فإن الله لم يخلق شيئاً إلا بقدر والخلق لا يصنعون مثل ما خلق الله تعالى. قال تعالى: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ)(1).
وفي الحديث الصحيح يقول الله تعالى: "ومن أظلم ممن ذهب بخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا شعيرة"(2).
وقال: والفلاسفة يقولون: إن الصناعة لا تعمل عمل الطبيعة يعني المصنوع من الذهب والفضة وغيرهما لا يكون مثل المطبوع الذي خُلق بالقوة الطبيعية السارية في الأجسام. ولهذا لا يوجد من
(1) - الرعد، 16.
(2)
- أخرجه البخاري (4/ 85) برقم (5953 - 7559) ومسلم (3/ 1671) برقم (2111)، والإمام أحمد في المسند (2/ 391).
المخلوقات ما صنع الخلق مثله وما يصنعه الخلق لم يخلق لهم مثله فهم يطحنون الطعام وينسجون الثياب ويبنون البيوت ولم يخلق لهم مثل ذلك.
وكذلك الزجاج يصنعونه من الرمل والحصى ولم يخلق مثله.
ثم قال: فإنه لو خلق زجاج وصُنع زجاج مثله لكان في هذا حجة. وليس الأمر كذلك.
وقال: وإن الذهب المخلوق من المعادن ما يمكن أن يصنع مثله بل ولا يصنع.
فقد تبين أن المصنوع لا يكون مثل المخلوق حتى ولا بالجمادات فضلاً عن أن يتوهم متوهم صناعة كائن حي لا من الحيوان ولا النبات فإننا لا نزال نفاجأ بالهذيانات والمؤمن مستيقن أن للبشر حدوداً لا يتجاوزونها مهما تشيطنوا.
وفي القرآن ما يشفي ويكفي. وما ارتفع شيء من أمر الدنيا إلا كان حقاً على الله أن يضعه.
الغرف المبنية
قال ابن القيم في قوله تعالى: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ)(1).
فأخبر أنها غرف فوق غرف وأنها مبنية بناء حقيقة لئلا تتوهم النفوس أن ذلك تمثيل.
وأنه ليس هناك بناء بل تتصور النفوس غرفاً مبينة كالعلالي بعضها فوق بعض حتى كأنه ينظر إليها عياناً.
ومبنية صفة للغرف الأولى والثانية أي لهم منازل مرتفعة وفوقها منازل أرفع منها (2).
إذا كان هذا في الغرف وذكر بنائها فكم ذكر الله السماء وبنائها ومع هذا يقول الملاحدة: الفضاء لا حدود له.
(1) - الزمر، 20.
(2)
- أنظر حادي الأرواح 108.