المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكاء في القضاء - ثمرات الأوراق في المحاضرات - جـ ١

[الحموي، ابن حجة]

الفصل: ‌ذكاء في القضاء

أنصرف عضد الدولة التفت العطار إلى الحاج وقال له: يا أخي متى أودعتني هذا العقد وفي أي شيء هو ملفوف فذكرني لعلي أتذكر فقال من صفته كذا وكذا فقام وفتش ثم فتح جرابا وأخرج منه العقد وقال: الله أعلم أنني كنت ناسيا ولو لم تذكرني ما تذكرت فأخذ الحاج العقد ومضى إلى عضد الدولة فأعلمه فعلقه في عنق العطار وصلبه على باب دكانه ونودي عليه هذا جزاء من استودع ثم جحد ثم أخذ الحاج العقد ومضى إلى بلاده.

‌ذكاء إياس

ومثله ما نقل عن ذكاء اياس الذي سارت به الركبان قيل أن رجلا استودع أمين اياس مالا وخرج المودع إلى الحجاز فلما رجع طلبه فجحده فأتى اياسا فأخبره فقال له اياس أعلمته أنك أتيتني قال لا قال افنازعته عند غيري قال لا قال: فانصرف واكتم سرك ثم عد إلي بعد يومين فمضى الرجل ودعا إياس أمينه فقال قد حضر عندنا مال كثير أريد أن أسلمه إليك أفحصين منزلك؟ قال نعم قال فأعد موضعا للمال وقوما يحملونه وعاد الرجل إلى أياس فقال انطلق إلى صاحبك فإن جحد فقل له إني أخبر القاضي بالقصة فأتى الرجل صاحبه فقال: تعطيني الوديعة أو أشكوك إلى القاضي وأخبره بالحال فدفع إليه المال فرجع الرجل وأخبر اياسا وقال أعطاني الوديعة وجاء الأمين إلى اياس ليأخذ المال الموعود به فزجره وقال له لا تقربني بعد هذا يا خائن.

‌ذكاء في القضاء

ومثله أنه ولِّي القضاء رجل مشهور الدين والذكاء المفرط فجاءه رجل استودع

ص: 144

بعض الشهود كيسا مختوما ذكر أن فيه ألف دينار فلما حصل الكيس عند الشاهد وطالت غيبة ظن أنه قد مات فهم بانفاق المال وخشي من مجيء صاحبه ففتق الكيس من اسفله وأخذ الدنانير وجعل مكانها دراهم وأعاد الخياطة كما كانت فقدر أن الرجل حضر إلى واسط وطالب الشاهد بوديعته فأعطاه الكيس بختمه فلما حصل في منزله فض ختمه فإذا في الكيس دراهم فرجع إلى الشاهد وقال له أردد علي مالي فإني أودعتك دنانير والذي وجدت دراهم فأنكر فاستدعى عليه إلى القاضي المتقدم ذكره فلما حضرا بين يديه قال الحاكم للمستودع منذ كم أودعك الكيس قال منذ خمس عشرة سنة فقال القاضي لصاحب الكيس أحضر لي الدراهم فأحضرها فقال القاضي للشهود اعتبروا تواريخ الدراهم فقرأوا سككها فإذا منها ما له سنتان وثلاث سنين ونحو ذلك فأمره أن يدفع له الدنانير فدفعها وعزله القاضي وأطاف به البلد واسقطه.

ومثله بل أغرب منه أن رجلا استودع رجلا مالا ثم طلبه فجحده فخاصمه إلى إياس وقال المدعي أني أطالبه بمال أودعته إياه وقدره كذا وكذا فقال له إياس ومن حضرك قال كان رب العزة حاضرا قال دفعته إليه في أي مكان قال في موضع كذا قال فاي شيء تعهده من ذلك الموضع قال شجرة عظيمة قال فانطلق إلى الموضع وانظر إلى الشجرة لعل الله يظهر لك علامة يتبين بها حقك أو لعلك

ص: 145