الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر بخفيه فخلعتا من رجليه وملئا مالا وقال ارجع بهما بدلا من خفي حنين.
ومنهم
أبو دلف
وأسمه القاسم وفيه يقول ابن أبي جبلة:
إنما الدنيا أبو دلفٍ
…
بين باديهِ ومحتضره
فإذا وليّ أبو دلفٍ
…
ولَّت الدنيا على أثره
وقال:
إن سار سار المجد أو حلّ وقف
…
أنظر بعينيك إلى أعلى الشرف
هل ناله بقدرةٍ أو بكلف
…
خلقٌ من الناس سوى أبي دلف
فأعطاه خمسين ألف درهم.
ومنهم
خالد بن عبد الله القسري
قيل إنه كان جالسا في مظلة إذ نظر إلى اعرابي يخبُّ على بعيره مقبلا نحوه فقال لحاجبه إذا قدم لا تحجبه فلما قدم أدخله فسلم فقال:
أصلحك الله قلّ ما بيدي
…
فما أطيق العيال إذ كثروا
أناخ دهرٌ رمى بكلكله
…
فأرسلوني إليك وانتظروا
فقال خالد إذا أرسلوك إلي وانتظروا والله لتعودن إليهم بما يسرهم فأمر له بجائزة عظيمة وكسوة شريفة.
ومنهم
عدي بن حاتم
حكى صاحب العقد قال: دخل أبو دارة على عدي بن حاتم فقال إني مدحتك قال أمسك حتى آتيك بمال فإني أكره أن أعطيك ثمن ما تقول هذه ألف شاة وألف درهم وثلاثة أعبد وثلاثة أماء وفرسي هذا حبس في سبيل الله فامدحني على حسب ما أجزتك.
قيل أن أروى بنت الحرث بن عبد المطلب كانت أغلظ الوافدات على معاوية خطاباً وكان حلم معاوية أعظم من خطابها دخلت عليه وهي
عجوز كبيرة فلما رآها معاوية قال مرحبا بك يا خالة كيف كنت بعدنا قالت بخير يا أمير المؤمنين لقد كفرت النعمة وأسأت بابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك وأخذت غير حقك من غير دين كان منك ولا من آبائك ولا سابقة في الإسلام بعد أن كفرتم برسول الله فأتعس الله منكم الجدود وأمرغ منكم الخدود ورد الحق إلى أهله ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا ونبينا هو المنصور فوليتم علينا بعد فأصبحتم تجمحون على سائر العرب بقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا منكم فكنا فيكم بمنزلة بين إسرائيل في آل فرعون وكان علي رضي الله عنه عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمنزلة هرون من موسى فغايتنا الجنة وغايتكم النار فقال لها عمرو ابن العاص: كفي أيتها العجوز الضالة واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدك فقالت له أنت يا ابن الباغية تتكلم وأمك كانت أشهر بغيٍ بمكة وأرخصهن أجرة وادعاك خمسة نفر كلهم يزعم أنك ابنه فسئلت أمك عن ذلك فقال كلهم أتاني فانظروا أشبههم به فألحقوه به فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به، فقال مروان كفى أيتها العجوز واقصدي ما جئت له فقالت: وأنت أيضا يا ابن الزرقاء تتكلم ثم التفتت إلى معاوية فقالت والله ما أجرأ هؤلاء غيرك وأمك القائلة في قتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم:
نحن أخزيناكم بيوم بدر
…
والحرب بعدا لحرب ذاتُ عسر
ما كان لي عن عتبة من صبر
…
ولا أخي وعمه وبكر
سكنت وحشياً غليل صدري
…
فشكرُ وحشيٍّ على دهري
حتى تُرمّ أعظمي في قبري
فأجابتها ابنة عمي بقولها:
خزيت في بدرٍ وغير بدر
…
يا بنت جبارِ عظيم الكفر
فقال معاوية عفا الله عما سلف يا خالة هات حاجتك فقالت مالي إليك حاجة وخرجت عنه وهذه العبارة بنصها منقولة من العقد لابن عبد ربه رحمه الله تعالى.
وحكى صاحب العقد أيضا قال قدم عقيل بن أبي طالب على معاوية فأكرمه وقربه وقضى عنه دينه ثم قال له في بعض الأيام يا عقيل أنا خير لك من أخيك علي قال صدقت أخي آثر دينه على دنياه وأنت آثرت دنياك على دينك فأنت خير لي من أخي وأخي خير لنفسه منك لنفسك.
ودخل عقيل أيضا على معاوية وقد كفّ بصره فأقعده على سرير معه ثم قال له أنتم معاشر بني هاشم تصابون في أبصاركم فقال عقيل وأنتم معاشر بني أمية تصابون في بصائركم.
ودخل عليه يما فقال معاوية لأصحابه هذا عقيل عمّه أبو لهب فقال عقيل وهذا معاوية عمَّته حمالة الحطب ثم قال: يا معاوية إذا دخلت النار فأعدل ذات اليسار فإنك ستجد عمي أبو لهب مفترشاً عمّتك حمالة الحطب فأنظر أيهما الفاعل أم المفعول به.
وقال له يوما ما أبين الشبق في رجالكم يا بني هاشم قال لكنه في نسائكم أبين يا بني أمية. وقال الجاحظ
اجتماعت يوما بنو هاشم عند معاوية فأقبل عليهم فقال: يا بني هاشم والله إن خيري لكم لممنوح وإن بابي لكم لمفتوح وقد نظرت في أمري وأمركم فرأيت أمرا مختلفا إنكم ترون أنكم أحق مني بما في يدي فإذا أعطيتكم عطية فيها قضاء حقوقكم قلتم أعطانا دون حقنا وقصر بنا عن قدرنا هذا مع إنصاف قائلكم وإسعاف سائلكم فأقبل عليه ابن عباس رضي الله عنهما وكان جريئا عليه فقال والله ما منحتنا شيئا حتى سألناه ولا فتحت لنا بابا حتى قرعناه وأما هذا المال فما لك منه إلا ما لرجل واحد من المسلمين ولولا حقنا في هذا المال لم يأتك منا أثر تحمله خف ولا حافر وأما حربنا إياك بصفين فعلى تركك الحق وادعائك الباطل أكفاك أم أزيدك قال كفاني.
وقال الشعبي قال ابن الزبير يوما لابن عباس قاتلت أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما أم المؤمنين فأنت أخرجتها أنت وأبوك وخالك وبنا سميّت أم المؤمنين فأنت أخرجتها أنت وأبوك وخالك وبنا سميّت أم المؤمنين وكنا لها خير بنين وقاتلت أنت وأبوك عليّاً فإن كان مؤمنا ضللتم بقتال المؤمنين وإن كان علي كافرا فقد بؤتم بسخط من الله بفراركم من الزحف.
وذكر صاحب العقد أن عبد الله بن الزبير تزوج امرأة من فزارة يقال لها أم عمرو فلما دخل بها قال هل تدرين من معك قالت نعم عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد قال ليس هذا قالت فأي شيء تريد قال: معك من أصبح في قريش كمنزلة الرأس من الجسد لا بل العينين من الرأس قالت أما والله لو أن بعض الهاشميين حضرك قال خلافا لقولك قال فالطعام والشراب علي حرام حتى أحضر الهاشميين وغيرهم ولا يستطيعون لذلك إنكارا قالت إن أطعتني لم تفعل فأنت أعلم بشأنك فخرج من المجلس فإذا بحلقة فيها جماعة من قريش وفيها من بني هاشم عبد الله بن عباس رضي الله عنه وعبد الله بن الحرث بن عبد المطلب فقال لهم ابن الزبير إني أحب أن تنطلقوا معي إلى منزلي فقام القوم بأجمعهم حتى وقفوا على باب بيته فقال ابن الزبير يا هذه اطرحي عليك سترك ثم أذن للقوم فلما أخذوا مجالسهم دعا ابن الزبير بالمائدة فتغدى القوم فلما فرغوا قال ابن الزبير إنما جمعتكم لحديث ردته علي صاحبة هذا الستر وزعمت أن لو كان بعض بني هاشم حاضرا ما اقر لي بما قلت وقد حضرتم جميعا والحديث الذي ردته علي قلت لها ليلة الدخول بها وأنا معها في خدرها إن معك من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد لا بل العينين من
الرأس فردت على مقالي فقال ابن عباس إن شئت أقول وإن شئت أكفف قال لا بل قل وما عسيت أن تقول ألست تعلم أن الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنّ أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين وأن خديجة سيدة نساء أهل الجنة عمتي وأن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم جدتي وأن عائشة أم المؤمنين خالتي فهل تستطيع لهذا إنكارا يا ابن عباس قال ابن عباس
لا ولكن ذكرت شرفا شريفا وفخرا عظيما غير أنك نلت ذلك كله وأنت تفاخر من بفخره فخرت وتسامي من بفضله سموت قال ابن الزبير وكيف ذلك قال لم تذكر مفخراً إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أهل بيته وأقرب إليه وأولى بالفخر به قال ابن الزبير فأنا أفاخرك بما كان قبل النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس لقد انصفت أسائلكم أيها الحضور أعبد المطلب كان أشرب في قريش أم خويلد قالوا عبد المطلب قال أسائلكم أهاشم كان أشرف في قريش أم أمية قالوا بل هاشم قال فأسألكم بالله أعبد مناف كان أشرف أم عبد العزى قالوا اللهم عبد مناف فأنشد ابن عباس يقول:
تفاخرني يا ابن الزبير وقد مضى
…
عليك رسول الله لا قولَ هازلِ
فلو غيرنا يا ابن الزبير فخرته
…
ولكن بنا ساميت شمس الأصائل
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما افترقت فرقتان إلا وكنت في خيرهما فقد فارقك من لدن قصي بن كلاب فنحن في فرقة الخير أولا ونحن في فرقة الخير آخرا فإن قلت نعم خصمت وإن قلت لا كفرت قال فضحك بعض القوم وقالت المرأة من خلف الستر أما والله لقد نهيته عن هذا المجلس فأبى إلا ما ترى فقال ابن عباس مه أيتها المرأة أقنعي ببعلك وأخذ القوم بيد ابن عباس فقالوا إنهض أيها الرجل فقد أفحمته في منزله غير مرة فنهض ابن عباس وهو يقول:
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا
…
فلو ترك القطا ليلاً لناما
وحكى صاحب العقد قال بينما معاوية جالس وعنده وجوه الناس إذا دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا وقال لعن الله عليا فأطرق الناس وفيهم الأحنف فقال الأحنف يا أمير المؤمنين القائل إن علم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم فاتق الله ودع عنك عليا فقد لقي ربه وأفرد بقبره وخلال بعمله وكان والله مبرورا في سبقه طاهر الثوب ميمون النقيبة عظيم المصيبة فقال له معاوية يا أحنف لقد أغضيت العين على القذى أما والله لتصعدن المنبر وتلعن عليا طوعا أو كرها فقال أن تعفني خير لك وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجدني شقيا به أبداً قال وما أنت قائل يا أحنف قال أحمد الله وأصلي على نبيه ثم أقول إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن عليا ومعاوية وعلى ما أقتتلا واختلفا وادعى كل واحد منهما أنه مبغيٌّ عليه فإذا دعوت فآمنوا رحمكم الله اللهم ألعن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية آمنوا رحمكم الله يا معاوية لا أزيد على ذلك ولا أنقص ولو كان فيه ذهاب نفسي فقال معاوية إذاً أعفيتك انتهى.
وقال معاوية لعقيل إن علياً قطعك ووصلتك ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر قال افعل فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علياً فالعنوه عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
ثم نزل فقال له معاوية يا عقيل إنك لم تبين من المراد منا قال والله لا زدت حرفا والكلام راجع إلى نية المتكلم.
ومن غريب المنقول ما نقل عن المنصور وهو أنه وعد الهذلي بجائزة ونسي فحجا معا ومرا في المدينة النبوية ببيت عاتكة فقال الهذلي يا أمير المؤمنين هذا بيت عاتكة الذي يقول فيه الأحوص:
يا دار عاتكة التي أتغزل
فأنكر عليه أمير المؤمنين المنصور ذلك لأنه تكلم من غير أن يسئل فلما رجع الخليفة نظر في القصيدة إلى آخرها ليعلم ما أراد الهذلي بإنشاد ذلك البيت من غير استدعاء فإذا فيها:
واراك تفعل ما تقول وبعضهم
…
مذق اللسان يقول ما لا يفعل
فعلم المنصور أنه أشار إلى هذا البيت فتذكر ما وعده به وأنجزه له واعتذر إليه من النسيان.
ومثله ما حكي أن أبا العلاء المعري كان يتعصب لأبي الطيب المتنبي فحضر يوما مجلس المرتضى فجرى ذكر أبي الطيب فهضم من جانبه المرتضى فقال أبو العلاء لو لم يكن لأبي الطيب من الشعر إلا قوله: لك يا منازلُ في القلوب منازل لكفاه. فغضب المرتضى وأمر به فسحب وأخرج وبعد اخراجه قال المرتضى هل تعلمون ما أراد بذكر البيت قالوا لا قال عنى به قول أبي الطيب في القصيدة:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
…
فهي الشهادة لي بأني كامل
ومثله قصة السري الرفاء مع سيف الدولة بسبب المتنبي أيضا فان السري الرفاء كان من مداح سيف الدولة وجرى