المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أخبار الحمقى - ثمرات الأوراق في المحاضرات - جـ ١

[الحموي، ابن حجة]

الفصل: ‌من أخبار الحمقى

إلى الأفعى وكان هناك جارية زمنة خرساء قد رأت ما صنعت الأفعى ووافى الملك من الصيد في آخر النهار فقال يا غلمان ادركوني بالثريدة فلما وضعت بين يديه أومأت الخرساء فلم يفهم ما تقول ونبح الكلب وصاح فلم يلتفت إليه ولجّ في الصياح فلم يعلم مراده فقال للغلمان نحوه عني ومد يده إلى اللبن بعد ما رمى إلى الكلب ما كان يرمي إليه فلم يلتفت الكلب إلى شيء من ذلك ولم يلتفت إلى يغر الملك فلما رآه يريد أن يضع اللقمة من اللبن في فيه وثب إلى وسط المائدة وأدخل فمه وكرع في اللبن فسقط ميتها وتناثر لحمه وبقي الملك متعجبا من الكلب وفعله فأومأت الخرساء إليهم فعرفوا مرادها وما صنع الكلب فقال الملك لحاشيته هذا الكلب فداني بنفسه وقد وجب أن أكافئه وما يحمله ويدفنه غيري فدفنه وبنى عليه القبة التي رأيتها.

‌من أخبار الحمقى

قلت قد أوردنا نبذة لطيفة من كتاب الأذكياء لابن الجوزي مختلفة الأنواع وقد تعين أن نورد له هنا نبذة لطيفة من كتاب الحمقى والمغفلين لأنه قال في كتاب الحمقى: ما وضعت ذلك إلا لأن النفس قد تمل من ملازمة الجد وترتاح إلى بعض المباح من اللهو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الحنظلة ساعة وساعة. وعن علي رضي الله عنه أنه قال روحوا القلوب بطرائف الحكم فإنها تمل كما تمل الأبدان.

وكان رجل يجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثهم فإذا أكثروا وثقل عليه الحديث قال ان الأذن بحاجة وإن القلوب خمصة هاتوا من أشعاركم

ص: 159

وحديثكم وقال أبو الدرداء رضي الله عنه إني لاستجم نفسي بشيء من الباطل كراهة أن أحملها من الحق ما يملها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يحدث أصحابه ساعة ثم يقول حمضونا فيأخذ في أحاديث العرب وأشعارهم ومثله عن الزهري ومالك بن دينار. وكان شعبة يحدث فإذا رأى أبا زيد قال له إيه أبا زيد.

إستعجمت دارُ نُعمٍ ما تكلِّمُنا

والدارُ إن كلمتنا ذاتُ أخبار

ووصف رجل عند ابن عائشة فقيل هو جدّ كله فقال ابن عائشة لقد أعان على نفسه وقصر لها طول المدى ولو فكهها بالانتقال من حال إن حال نفس عنها ضيق العقد ورجع إلى الجد بنشاط. وقال الرشيد: النوادر تستحدّ الأذهان وتفتق الآذان. وقال آخر لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ولا يكرهها إلا مؤنثوهم وقال الشاعر:

أروح القلب ببعضِ الهزلِ

تجاهلاً منيّ بغير جهل

أمزحُ فيه مزحَ أهلِ الفضل

والمزحُ أحياناً جلاءُ العقل

قال ابن الجوزي في كتاب الحمقى أن الأحنف بن قيس قال إذا رأيتم الرجل طويل القامة عظيم اللحية فأحكموا عليه بالحمق. وقال معاوية لرجل كفى أن نشهد عليك بالحمق ما نراه من طول لحيتك. وقال آخر وتلطف ما شاء: من طالت لحيته تكوسج عقله. وقال أصحاب الفراسة: من طالت قامته ولحيته وجبت تعزيته في عقله. وقالوا إذا كان الرجل طويلا طويل

ص: 160