الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان يتعدَّى بحرف الجرّ، سقطَ حرفُ الجرّ وكانت الجملة منصوبة محلاًّ بإسقاط الجارِّ (وهو ما يسمُّونهُ النصبَ على نَزع الخافض) ، مثل "فكَّرت أصحيحٌ هذا أم لا؟ "، لأن فكَّرَ يتعدَّى بفي، تقول "فكَّرْتُ في الأمر".
(المفعولُ المطلقُ)
المفعولُ المطلَقُ مَصدرٌ يُذكرُ بعد فعلٍ من لفظهِ تأكيداً لمعناهُ، أو بياناً لِعَددِهِ، أو بياناً لنوعهِ، أو بَدَلاً من التلفُّظِ بفعلهِ. فالأول نحو {وكلّم اللهُ مُوسى تكليماً} . والثاني نحو "وقفتُ وقفتينِ". والثالثُ نحو "سرتُ سيرَ العُقلاءِ". والرابعُ نحو "صَبراً على الشدائد".
واعلم أنّ ما يُذكرُ بدلاً من فعلهِ لا يُرادُ به تأكيدٌ ولا بيان عددٍ أو نوع.
وفي هذا المبحث ستَّةَ مَباحث.
1-
الْمَصْدَرُ المُبْهَمُ وَالْمَصْدَرُ المُخْتَصُّ
المصدرُ نوعانِ مُبهمٌ ومُختَص.
فالمُبهم ما يُساوي معنى فعلهِ من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، وإنما يُذكرُ لمجرّد التأكيد، "قمتُ قياماً. وضربتُ اللصّ ضرباً"، أو بدَلاً من التّلفّظِ بفعلهِ، نحو "إيماناً لا كُفْراً"، ونحو "سَمعاً وطاعةً"، إذِ المعنى "آمِنْ ولا تكْفُرْ، وأَسمعُ وأُطيعُ".
ومن ثمَّ لا يجوزُ تثنيتُهُ ولا جمعهُ، لأنَّ المؤكدَ بمنزلةِ تكرير الفعلِ،
"والبدل من فعلهِ بمنزلةِ الفعلِ نفسهِ، فعُومِلَ مُعاملتَهُ في عدَمِ التثنيةِ والجمعِ.
والمختصُّ ما زادَ على فعلهِ بإفادتهِ نوعاً أو عدداً، نحو "سرتُ سَيرَ العُقلاءِ. وضربتُ اللصَّ ضرْبَتينِ، أو ضَرَباتٍ".
والمُفيدُ عَدَداً يُثنّى ويُجمَعُ بلا خلافٍ. وأمّا المُفيدُ نوعاً، فالحقُّ أن يُثنَّى ويُجمَعُ قياساً على ما سُمعَ منهُ كالعقولِ والألبابِ والحُلُوم وغيرها فيَصحُّ أن يُقالَ "قمتُ قِيامَينِ"، وأنتَ تُريدُ نوعينِ من القيام.
ويَختصُّ المصدرُ بألْ العهديَّةِ، نحو "قمتُ القيامَ"، أي "القيامَ الذي تَعهَدُ"، وبأل الجنسيّةِ، نحو "جلستُ الجلوسَ"، تُريدُ الجنسَ والتنكير، وبوصَفهِ، نحو "سعيتُ في حاجتك سعياً عظيماً، وبإضافته، نحو "سرتُ سيرَ الصالحينَ".
2-
الْمَصْدَرُ المُتَصَرِّفُ والْمَصْدَرُ عَيْرُ الْمُتَصَرِّفِ
المصدرُ المتصرّف ما يجوزُ أن يكونَ منصوباً على المصدريّة، وأن ينصرف عنها إلى وقوعهِ فاعلاً، أو نائبَ فاعلٍ، أو مبتدأ، أو خبراً، أو مفعلواً بهِ، أو غيرَ ذلك. وهو جميعُ المصادر، إلا قليلاً جِدًّا منها. وهو ما سيُذكر.
وغيرُ المتصرّفِ ما يُلازمُ النصبَ على المصدريَّة، أي المفعوليّة المطلقةِ؛ لا يَنصرف عنها إلى غيرها من موقاع الإعراب، وذلك نحو
سبحان ومَعاذَ ولَبيّكَ وسَعدَيكَ وحنَانَيكَ ودوَاليكَ وحَذارَيك". وسيأتي الكلام على هذه المصادر.
3-
النائبُ عن المَصْدَر
ينوب عن المصدر - فيُعطَى حكمَه في كونهِ منصوباً على أنه مفعولٌ مُطلَقٌ - اثنا عَشرَ شيئاً
1-
اسم المصدرِ، نحو "أعطيتُك عَطاءً"، و"اغتسلتُ غُسلاً" و"كلّمتكَ كلاماً" و"سلّمتُ سلاماً".
2-
صفتهُ، نحو "سرت أحسنَ السيرِ" و {اذكروا الله كثيراً} .
3-
ضميرُهُ العائدُ اليهِ، نحو "اجتهدتُ اجتهاداً لم يجتهدهُ غيري". ومنه قَولهُ تعالى {فإني أعذِّبُهُ عذاباً لا أعَذبُهُ أحداً من العالمينَ} .
4-
مرادفُهُ - بأن يكون من غير لفظهِ، معَ تَقارُب المعنى - نحو "شَنِئْتُ الكسلانَ بُغضاً". و"قمت وقُوفاً" و"رُضتُه إذلالاً" و"أعجبني الشي حُباً"، وقال الشاعر [من الرجز]
يُعْجبُهُ السَّخُونُ والبَرُودُ
…
والتَّمْرُ، حُبًّا ما لَهُ مَزِيدُ
5-
مصدر يُلاقيهِ في الاشتقاقِ، كقولهِ تعالى {واللهُ أنبتَكم من الأرض نبَاتاً} ، وقولهِ {تَبتَّلْ إليهِ تَبتيلاً} .
6-
ما يَدلُّ على نوعه، نحو "رجعَ القهقرَى" و"قعدَ القُرفُصاءَ" و"جلسَ الاحتباءَ" و"اشتمل الصّمّاءَ".
7-
ما يدلُّ على عدده نحو "أنذرتُك ثلاثاً"، ومنه قولهُ تعالى {فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما ثمانينَ جلدةً} .
8-
ما يدلُّ على آلته التي يكونُ بها، نحو "ضربتُ اللصَّ سَوطاً، أو عصاً، ورشقتُ العدوَّ سهماً، أو رَصاصةً أو قذيفةً. وهو يَطّردُ في جميع أسماءِ آلاتِ الفعلِ. فلو قلتَ "ضربتُه خشبةً، أو رميتُه كرسيّاً، لم يَجُز لأنهما لم يُعهَدا للضرب والرمي.
9-
"ما" وأَيُّ" الإستفهاميَّتان، نحو "ما أكرمتَ خالداً؟ " و"أَيَّ عيشٍ تعيش؟ "، ومنه قوله تعالى {وسيعلمُ الذين ظَلموا أَيَّ مُنقلب ينقلبون} .
10-
"ما ومهما وأَيُّ" الشَّرطيّاتُ "ما تجلسْ أجلسْ" و"مهما
تقِفْ أَقِفْ" و"أَيَّ سَيرٍ تَسِرْ أَسِرْ".
11-
لفظ كل وبعضٍ وأي الكماليّة، مضافاتٍ إلى المصدرِ، نحو {فلا تَميلوا كلَّ المَيلِ} و"سَعَيتُ بعضَ السعيِ""واجتهتدتُ أيَّ اجتهادٍ".
(وهذا في الحقيقة من صفة المصدر عنه، لان التقدير "فلا تميلوا ميلاً كلّ الميل. وسعيت سعياً بعضَ السعي. واجتهدت اجتهاداً أيّ اجتهاد".
وسميت "أيّ" هذه بالكمالية، لأنها تدل على معنى الكمال. وهي إذا وقت بعد النكرة كانت صفة لها، نحو "خالدٌ رجلٌ أيّ رجلٍ" أي هو كامل في صفات الرجال. وإذا وقعت بعد المعرفة كانت حالاً منها، نحو "مررت بعبد اللهِ أيّ رجل". ولا تُستعمل إلا مضافة وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث، تشبيهاً لها بالصفات المشتقات. ولا تطابقه في غيرهما) .
12-
اسمُ الإشارةِ مُشاراً به إلى المصدر، سواءٌ أَأُتبعَ بالمصدر، نحو "قلتُ ذلكَ القولَ" أم لا، كأن يُقال "هل اجتهدتَ اجتهاداً حسَناً؟ "، فتقولُ "اجتهدتُ ذلك".
4-
عاملُ الْمَفْعول المُطْلَق
يعملُ في المفعولِ المُطلقِ أحدُ ثلاثةِ عواملَ الفعلُ التام المتصرّفُ، نحو "أتقِنْ عملَك إتقاناً"، والصفةُ المُشتقّةُ منهُ، نحو "رأيتُهُ مُسرعاً إسراعاً عظيماً"، ومصدرُه، نحو "فرحتُ باجتهادك اجتهاداً حسناً"، ومنه قوله تعالى {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً} [الإسراء: 63] .
5-
أَحكامُ المفعولِ المطلَق
للمفعول المطلق ثلاثةُ أَحكام
1-
أنهُ يجبُ نصبُه.
2-
أنهُ يجبُ أن يقعَ بعدَ العامل، إن كان للتأكيد. فإن كان للنَّوع أو العدَدِ، جاز أن يُذكرَ بعدَه أو قبله، إلا إن كان استفهاماً أو شرطاً، فيجبُ تَقدمُه على عاملهِ، كما رأيتَ في أمثلتهما التي تقدّمت. وذلكَ لأنَّ لأسماءِ لاستفهام والشرط صدرَ الكلام.
3-
أنهُ يجوزُ أن يُحذَفَ عاملُهُ، إن كان نَوعيّاً أو عدديّاً، لقرينةٍ دالّةٍ عليه، تقولُ "ما جلستَ"، فيقالُ في الجواب "بَلى جُلوساً طويلاً، أَو جَلستينِ"، ويُقالُ "إنك لا تعتني بعملك"، فتقولُ "بلى اعتناءً عظيماً"، ويقال "أيَّ سيرٍ سرتَ؟ "، فتقول "سيرَ الصالحينَ"، وتقول لِمنْ تأهَّبَ للحجَّ "حَجّاً مبروراً"، ولِمن قَدِمَ من سفَر "قُدوماً مُباركاً" و"خيرَ مَقدَمٍ"، ولِمن يُعِدُ ولا يَفي "مَواعيدَ عُرقوبٍ" من ذلك
قولهم "غضَب الخيل على اللُّحْم".
وأمّا المصدرُ المؤكدَ فلا يجوزُ حذفُ عامله، على الأصحَ من مذاهب النحاة، لأنه إنما جيء به للتَّقوية والتأكيد. وحذفُ عامله يُنافي هذا الغرض.
وما جِيء به من المصادر نائباً عن فعله (أي بدلاً من ذكر فعله) ، لم يجُز ذكرُ عامله، بل يحذفُ وجوباً، نحو "سَقياً لكَ ورَعياً* صبراً على الشدائد* أتَوانياً وقد جَدَّ قُرناؤكَ؟ * حمداً وشكراً لا كفراً* عجباً لك* وَيلُ الظالمين* تبّاً للخائنينَ* وَيْحَكَ* أنتَ صديقي حقاً". قال الشاعر [من الوافر]
فَصبْراً في مجالِ الْمَوتِ صَبْراً
…
فَما نَيْلُ الخُلودِ بِمُسْتَطاعِ
6-
الْمَصدَرُ النائبُ عن فعلهِ
المصدرُ النائبُ عن فعله ما يُذكرُ بَدلاً من التلفظ بفعله. وهو على سبعةِ أنواعٍ
1-
مصدرٌ يَقعُ مَوقعَ الأمر، نحو "صبراً على الأذَى في المجد"، ونحو "بَلْهاً الشر، وبَلْهَ الشرَّ".
(و "بله" مصدر متروك الفعل، وهو منصوب على المصدرية بفعله المهل أو بفعل من معناه تقديره "أترك". وهو إما أن يستعمل مضافاً أو منوّناً. كما رأيت. وأكثر ما يستعمل اسم فعل أمر بمعنى "أترك") .
2-
مصدرٌ يقعُ موقعَ النَّهي، نحو "إجتهاداً لا كسلاً، جِداً لا تَوانياً* مَهلاً لا عجلةً* سُكوتاً لا كلاماً* صَبراً لا جَزَعاً". وهو لا يقع إلاّ تابعاً لمصدر يُرادُ به الأمر كما رأيت.
3-
مصدرٌ يقعُ موقعَ الدعاءِ، نحو "سَقياً لك ورَعياً* تَعساً للخائن* بُعداً للظالم، سُحقاً للَّئيم* جَدعاً للخبيثِ* رحمةً للبائس* عذاباً للكاذب* شقاءً للمهمل* بُؤْساً للكسلان* خَيبة للفاسق* تَبّاً للواشي* نُكساً للمتكبِّر".
ومنعَ سيبويه أن يُقاسَ على ما وَرَدَ من هذه الألفاظ. وأجاز الأخفش القياسَ عليها. وهو ما يظهرُ أنه الحقُّ.
(ولا تُستعمل هذه المصادر مضافة إلا في قبيح الكلام. فان أضفتها فالنصبُ حتمٌ واجب، نحو "بُعدَ الظالم وسُحقَهُ". ولا يجوز الرفع لأنّ المرفوع يكون حينئذ مبتدأ ولا خبرَ له وان لم تُضفها فلك أن تنصبها، ولك أن ترفعها على الإبتداء، نحو عذاباً له، وعذابٌ له".
والنصب أولى. وما عُرَّف منها بأل فالافضل فيه الرفع على الإبتداء، نحو "الخيبةُ للمفسد") .
ومما يُستعمَلُ للدُّعاءِ مَصادرُ قد أُهملت أفعلها في الاستعمال، وهي "ويلَهُ، وويَبَهُ، ووَيْحَهُ، ووَيسَهُ". وهي منصوبةٌ بفعلها المُهمَل، أو بفعل من معناها.
("ويل وويب" كلمتا تهديد تقالانِ عند الشتم والتوبيخ. و"ويح وويس" كلمتا رحمة تقالان عند الإنكار الذي لا يراد به توبيخ ولا شتم؛ وإنما يراد به التنبيه على الخطأ. ثم كثرت هذه الألفاظ في الاستعمال حتى صارت كالتعجب، يقولها الإنسان لمن يجب ولمن يبغض. ومتى أضفتها
لزمتِ النصب، ولا يجوز فيها الرفع، لان المرفوع يكون حينئذ مبتدأ ولا خبر له. وان لم تُضفها فلك أن ترفعها، ولك أن تنصبها. نحو "ويلٌ له وويحٌ له، وويلاً له وويحاً له" والرفع أولى) .
4-
مصدرٌ يقعُ بعدَ الاستفهام موقعَ التوبيخ، أو التعجُّب، أو التوَجعِ، فالأول نحو "أجُرأةً على المعاصي؟ "، والثاني كقول الشاعر [من الطويل]
أَشوْقاً؟ وَلَمَّا يَمْضِ لي غَيْرُ لَيْلَةٍ
…
فَكَيْفَ إِذَا خَبَّ المطِيُّ بِنَا عَشْرَا
والثالث كقول الآخر [من الطويل]
أَسِجْناً وقتْلاً واشتياقاً وغُرْبَةً
…
وَنَأيَ حَبيبٍ؟ إنَّ ذا لَعَظيم
وقد يكونُ الاستفهامُ مُقدَّراً، كقوله [من الطويل]
خُمُولاً وإِهْمالاً؟ وَغَيْرُك مُولَعٌ
…
بِتَثْبيتِ أَركانِ السِّيادَةِ والْمَجْدِ
أي أخمولاً؟ وهو هنا للتوبيخ.
5-
مَصادرُ مسموعةٌ كثرَ استعمالُها، ودلَّتِ القرائنُ على عاملها، حتى صارت كالأمثال، نحو "سَمعاً وطاعةً* حمداً لله وشُكراً* عَجَباً* عجَباً لكَ*، ويُقالُ أتفعلُ هذا؟ فتقول "أفعلُهُ، وكراهةً ومَسَرَّةً"، أو "لا
أفعلُهُ ولا كَيْداً ولا همّاً" و"لافعلنَّهُ ورَغماً وهواناً".
وإذا أفرَدْتَ "حمداً وشكراً" جاز إظهارُ الفعل، نحو "أحمدُ اللهَ حمداً" و"أشكرُ اللهَ شًكراً". أمّا "لا كُفراً" فلا يُستعمل إلا معَ "حمداً وشكراً".
ومن هذه المصادر "سُبحانَ اللهِ، ومَعاذَ اللهِ". ومعنى "سبحانَ الله". تَنزيهاً للهِ وبراءَةً له مما لا يليقُ به. وعمى "مَعاذَ اللهِ" عياذاً باللهِ، أي أعوذُ به. ولا يُستعملان إلا مُضافينِ.
ومنها "حِجْراً - بكسر الحاءِ وسكونِ الجيم - يقال للرجل أتفعلُ هذا؟ فيقولُ "حِجْراً"، أي منعاً، بمعنى أمنعُ نفسي منه، وأُبعِدُهُ وأبرأُ منه، وهو في معنى التعوُّذ ويقولون عند هجوم مكروهٍ "حِجْراً محجوراً"، أي منعاً ممنوعاً. والوصف للتأكيد. وتقول لِمن أراد أن يخوض فيما لا يجوزُ الخوضُ فيه، أو أراد أن يأتيَ ما لا يحِلُّ "حِجْراً محجوراً"، أي حراماً مُحرَّماً.
ومنها مصادرُ سُمعتْ مُثنَّاةً، نحو "لَبَّيكَ وسَعدَيك وحَنانَيكَ ودَوالَيكَ وحَذارَيكَ". وهي مُثنّاةٌ تَثنيةً يُرادُ بها التكثيرُ، لا حقيقةُ التَّثنيةِ.
(و "لبيك وسعديك" يستعملان في إجابة الداعي، أي "أجابة بعد اجابة واسعاداً بعد اسعاد"، أي كلما دعوتني أجبتك وأسعدتك، ولا
يستعمل "سعديك" إلا تابعاً للبيك. ويجوز أن يستعمل لبيك وحده. و"حنانيك" معناه تحنناً بعد تحنن. ومعنى قولهم "سبحان الله وحنانيه" أسبحه وأسترحمه. و"دواليك" معناه مداولة بعد مدالة. و"حذاريك" معناه حذراً بعد حذر) .
6-
المصدرُ الواقعُ تفصيلاً لمُجمَلٍ قبلَهُ، وتَبييناً لعاقبتهِ ونتيجتهِ كقوله تعالى "فَشُدُّوا الوَثاقَ، فإمّا مَنّاً بعدُ، وإمّا فِداءً" وكقول الشاعر [من البسيط]
لأَجهَدَنَّ، فإمَّا دَرْءَ مَفْسَدَةٍ
…
تُخْشى، وإمَّا بُلُوغَ السُّوْلِ والأَمَلِ
7-
المصدرُ المؤكّدُ لمضمونِ الجملة قبلهُ. سواءٌ أَجيءَ بهِ لمجرَّد التأكيدِ (أيٍ لا لدفعِ احتمال المجازِ، بسبب أنَّ الكلامَ لا يحتملُ غيرَ الحقيقةِ) نحو "لكَ عليَّ الوفاءُ بالعهد حَقّاً"، أم للتأكيد الدافعِ إرادةَ المجاز نحو "هو أَخي حقّاً". فإنَّ قولكَ "هو أَخي" يحتملُ أنك أردتَ الأخوَّة المجازيَّةَ، وقولكَ "حقّاً، رفعَ هذا الاحتمال. ومن المصدر المؤكّدِ لمضمونِ الجملةِ قولهم "لا أفعله بَتّاً وبَتاتاً وبَتَّةً والبَتَّةَ".
(ويجوز في همزة "البتة" القطع والوصل، والثاني هو القياس لأنها همزة وصل. واشتقاق ذلك من البت، وهو القطع المستأصل، لأن من يقول ذلك يقطع بعدم الفعل. ويُستعمل من كل أمر يمضي لا رجعة فيه ولا التواء) .
فكلَّ ما تقدَّمَ من هذه المصادر، النائبة عن أفعالها، يجبُ فيه حذفُ العامل كما رأيتَ. ولا يجوزُ ذكرهُ. لأنهاإنما جِيءَ بها لتكونَ بدلاً من أفعالها.
واعلم أنْ ليسَ المصدرُ، الذي يُؤتى بهِ بَدلاً من التلفظ بفعله،