المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النبوةعصمة الأنبياء، وغلو الرافضة الإمامية فيها - آل رسول الله وأولياؤه

[محمد بن عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌آل محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أولياء محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌عقائد الصحابة والقرابةوموقف أهل السنة والشيعة منها

- ‌عقائد الصحابة رضي الله عنهم

- ‌عقائد أئمة أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌التوحيد - أقسامه الثلاثة

- ‌مذهب السلف في توحيد الأسماء والصفات

- ‌وفي القرآن

- ‌وفي الرؤية

- ‌ في عامة أصولهم التي فارقوا فيهاأهل السنة والجماعة

- ‌متأخرو الرافضة أشبهوا النصارى في الشرك

- ‌القدرالإيمان به، ومذهب أهل السنة وأهل البيت الشامل فيه

- ‌اختلاف الشيعة في القدر

- ‌اختلاف القدرية في الظلم والعدل. والتحقيق فيه

- ‌النبوةعصمة الأنبياء، وغلو الرافضة الإمامية فيها

- ‌الرافضة أشبهوا النصارى في تفضيل أئمتهموتسليم الدين لهم

- ‌طاعة أهل السنة لولاة الأمور مقيدة

- ‌اشتراط العصمة في الأئمة ليس بمقدورولا مأمور

- ‌ضمان العصمة للأمة

- ‌ولم يشتغل بدفن النبي عن الإمامة

- ‌لم يكن أبو بكر في جيش أسامة لئلا ينازع عليًا

- ‌مذهب الزيدية في إمامة علي ومن بعده

- ‌ولا نص على بقية الاثني عشر

- ‌والثاني عشر منهم مفقود فامتنع أن يكون إمامًا

- ‌(مقاصد الإمامة: السلطان، والعلم)

- ‌(فضائل الصحابة والقرابة)(وموقف أهل السنة والشيعة منها)

- ‌الثناء في القرآن بالإيمان والأعمال، لا بمجردالنسب والمصاهرة

- ‌حق آل محمد صلى الله عليه وسلم على الأمةزيادة المحبة والموالاة عن غيرهم

- ‌رعاية الخليفتين أبي بكر وعمر لحقوق قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ولفاطمة

- ‌محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه

- ‌طعن الرافضة على أبي بكر وعمر وسائر الصحابةوالأمة سوى طائفتهم

- ‌من يطعن على أبي بكر وعمر

- ‌جميع ما يطعن به فيهم أكثره كذب

- ‌الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة في الآية

- ‌خذلان الشيعة لأهل البيت (علي والسبطين)

- ‌رميهم عائشة رضي الله عنها وامرأة نوح

- ‌قدحهم في فاطمة رضي الله عنها

- ‌رأس مال الرافضة التقية وهي النفاق

- ‌كذب الرافضة على الله وعلى رسوله وعلى الصحابة والقرابة

- ‌من كذب الرافضة على الله وتحريفهم للقرآن

- ‌كذبهم في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يوجد لهم أسانيد متصلة صحيحة

- ‌كذبهم على الصحابة والقرابة وعلى أبي ذر وسلمان وعمار

- ‌تعصب الرافضة، وحماقاتهم

- ‌قصدهم من إقامة المآتم والنياحة على الحسين

- ‌ما يروى في مصرعه من الكذب

- ‌مَنْ أمر بقتل الحسين

- ‌مَنْ نكت في ثناياه

- ‌ قُتل مظلومًا

- ‌الشيعة: نشأة الشيعة وانقسامها إلى رافضة وزيدية

- ‌لا يعرف في علماء الحديث من يفضل عليًا على أبي بكر وعمر

- ‌عدد فرق الشيعة

- ‌الزيديةمذهبهم في التفضيل والخلافة والخروج على الأئمة وفي الأحكام

- ‌الخوارج أئمة هؤلاء، والرافضة شر منهم إذا تمكنوا

- ‌الشيعة أساس كل فتنة وشر

- ‌شيوخ الرافضة ليس فيهم إمام في شيء من علوم الإسلام

- ‌لا يوجد في الملوك ولا في الوزراء الذين نصروا الإسلام رافضي

- ‌مذهب الاثني عشرية جمع عظائم البدع المنكرة

- ‌أول من ابتدع الرفض كان منافقًا زنديقًا أراد إفساد الإسلام

- ‌غلاة الشيعة:

- ‌الإسماعيلية

- ‌ النصيرية

- ‌القرامطة الباطنية

- ‌التعطيل أعظم من الشرك

- ‌العلم بوجود الصانع وحدوث العالم له طرق كثيرة

- ‌أصول فقه الشيعة

- ‌الرافضة لهم في دينهم عقليات وشرعيات

- ‌عمدتهم في التفسير

- ‌عمدتهم في الحديث

- ‌عمدتهم في الفقه

- ‌أهل السنة هم الذين حفظ الله بهم الدين

- ‌فقه الشيعة

- ‌زيادتهم في الأذان حي على خير العمل

- ‌ذكر غير الشهادتين في الأذان من أعظم الضلال

- ‌تخصيص علي بالصلاة عليه دون غيره خطأ

- ‌الترضي عن علي وحده أو الاثني عشر بدعة منكرة

- ‌ما كان مشروعًا لم يترك لأجل فعل أهل البدعلا الرافضة ولا غيرهم

- ‌فقهاء أهل البيت

- ‌علماء أهل البيت أئمة أهل السنة أيضًا

- ‌مما روي في علمه

- ‌الحسن والحسين رضي الله عنهما: روايتهما: وعلمهما، وزهدهما

- ‌محمد بن علي الباقر: مَنْ أخذ عنه،ومَنْ روى عنه، وعلمه

- ‌علي بن محمد الهادي ويقال له العسكري

- ‌خلاصة

- ‌الشافعي المطلبي

الفصل: ‌النبوةعصمة الأنبياء، وغلو الرافضة الإمامية فيها

‌النبوة

عصمة الأنبياء، وغلو الرافضة الإمامية فيها

الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى، وهذا هو مقصود الرسالة؛ فإن الرسول هو الذي يبلغ عن الله أمره ونهيه وخبره، وهم معصومون في تبليغ الرسالة باتفاق المسلمين بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيء من الخطأ.

وتنازعوا هل يجوز أن يسبق على لسانه ما يستدركه الله تعالى ويبينه له بحيث لا يقره على الخطأ كما نقل أنه ألقى على لسانه (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى) ثم إن الله نسخ ما ألقاه الشيطان وأحكم آياته. فمنهم من لم يجوز ذلك، ومنهم من جوزه، إذ لا محذور فيه.

ولا يقرون على فسق ولا كذب.

ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله فهم متفقون على تنزيههم عنه.

وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها فلا يصدر منهم ما يضرهم كما جاء في الأثر: كان داود بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة. والله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين. وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة.

وقد ذكر الله في القرآن أن لوطًا آمن لإبراهيم وبعثه الله نبيًّا.

وقال شعيب:

{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ

ص: 34

مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} (1) . {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي

مِلَّتِنَا} (2) وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر ثم نبأهم بعد توبتهم وهم الأسباط الذين أمرنا أن نؤمن بما أوتوا في سورة البقرة وآل عمران والنساء.

وإذا كان في هؤلاء من صار نبيًا فمعلوم أن الأنبياء أفضل من غيرهم. وهذا مما تُنَازِعُ فيه الرافضة وغيرهم، ويقولون: من صدر منه ذنب لا يصير نبيًا؛ لكن الاعتبار بما دل عليه الكتاب والسنة.

وعمدتهم أن التائب من الذنب يكون مذمومًا ناقصًا لا يستحق النبوة ولو صار من أعظم الناس طاعة. وهذا هو الأصل الذي نوزعوا فيه. والكتاب والسنة يدلان على بطلان قولهم فيه.

فإنهم سلبوهم ما أعطاهم الله من الكمال وعلو الدرجات بحقيقة التوبة والاستغفار والانتقال من كمال إلى ما هو أكمل منه، وكذبوا ما أخبر الله به من ذلك، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وظنوا أن انتقال الآدمي من الجهل إلى العلم ومن الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشاد تنقصًا، ولم يعلموا أن هذا من أعظم نعم الله وأعظم قدرته حيث ينقل العباد من النقص إلى الكمال، وأنه قد يكون الذي يذوق الشر والخير ويعرفهما يكون حبه للخير وبغضه للشر أعظم ممن لا يعرف إلا الخير، كما قال عمر رضي الله عنه:«إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية» .

فالإمامية الاثنا عشرية يقولون: إن أصول الدين أربعة:

(1) سورة الأعراف آية: (89) .

(2)

سورة إبراهيم آية: (13) .

ص: 35

التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة. وهم مختلفون في التوحيد والعدل والإمامة.

فأما النبوة فغايتهم أن يكونوا مقرين بها كإقرار سائر الأمة.

لكن غلوهم في الأنبياء لم يوافقهم عليه أحد، اللهم إلا أن يكون من غلاة جهال النساك فإن بينهم وبين الرافضة قدرًا مشتركًا في الغلو، وفي الجهل وفي الانقياد لما لا تعلم صحته. والطائفتان يشبهان النصارى في ذلك (1) .

(1) ج (1) ص (174، 306) ج (4) ص (37) ج (2) ص (335، 133) .

ص: 36

الإمامية

الإمام المعصوم هو الرسول

ولا مصلحة في عصمة إمام إلا وهي حاصلة بعصمته

الإمام المعصوم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاعته واجبة في كل زمان على كل أحد، والأمة تعرف أمره ونهيه.

وورثته الذين ورثوا علمه يصدقون في الإخبار عنه.

والعلم الديني الذي تحتاج إليه الأئمة والأمة نوعان:

«علم كلي» كإيجاب الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان والحج وتحريم الزنا والسرقة والخمر ونحو ذلك.

و «علم جزئي» كوجوب الزكاة على هذا، ووجوب إقامة الحد على هذا ونحو ذلك.

فأما الأول فالشريعة مستقلة به لا تحتاج فيه إلى الإمام؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون نص على كليات الشريعة التي لابد منها أو ترك منها ما يحتاج إلى القياس.

فإن كان الأول ثبت المقصود. وإن كان الثاني فذلك القدر يحصل بالقياس.

وأما «الجزئيات» فهذا لا يمكن النص على أعيانها؛ بل لابد فيها من الاجتهاد المسمى «بتحقيق المناط» كما أن الشارع لا يمكن أن ينص لكل مصل على جهة القبلة في حقه، ولكل حاكم على عدالة كل شاهد، ونفقة هذه الزوجة، ووقوع الطلاق بهذا الزوج، وإقامة

ص: 37

الحد على هذا المفسد، وأمثال ذلك، فهذا مما لا يمكن نبي ولا أحد من الخلق أن ينص على كل فرد منه، لأن أفعال بني آدم وأعيانهم يعجز عن معرفة أعيانها الجزئية علم واحد من البشر وعبارته.

وإن اكتفي بالكليات فالنبي يمكنه أن ينص على الكليات كما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم إذ ذكر ما يحرم من النساء وما يحل

وكذلك في الأشربة حرم ما يسكر دون ما لا يسكر، وأمثال ذلك. بل حصر المحرمات في قوله:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1) .

وجميع الواجبات في قوله: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2) الآية.

والواجب محصور في حق الله وحق عباده.

ثم إنه سبحانه فصل أنواع الفواحش والبغي وأنواع حقوق العباد في مواضع أخر.

فتبين بذلك أنه لا مصلحة في عصمة الإمام إلا وهي حاصلة بعصمة الرسول ولله الحمد والمنة والواقع يوافق هذا.

ورأينا كل من كان إلى اتباع السنة والحديث واتباع الصحابة أقرب كانت مصلحتهم في الدنيا والدين أكمل، وكل من كان أبعد من ذلك كان بالعكس (3) .

(1) سورة الأعراف آية: (33) .

(2)

سورة الأعراف آية: (29) .

(3)

ج (3) ص (247- 257) .

ص: 38

الشيعة من أبعد الناس عن اتباع المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم

فهم من أبعد الناس عن مصلحة دينهم ودنياهم

بخلاف أهل السنة

ولما كانت الشيعة أبعد الناس عن اتباع المعصوم الذي لا ريب في عصمته وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا الذي أخرج به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم به إلى صراط العزيز الحميد الذي فرق بين الحق والباطل والهدى والضلال والغي والرشاد والنور والظلمة وأهل السعادة وأهل الشقاوة وجعله القاسم الذي قسم به عباده إلى شقي وسعيد- فأهل السعادة من آمن به، وأهل الشقاوة من كذب به وتولى عن طاعته.

فالشيعة القائلون بالإمام المعصوم ونحوهم من أبعد الطوائف عن اتباع هذا المعصوم؛ فلا جرم تجدهم من أبعد الناس عن مصلحة دينهم ودنياهم، حتى يوجد ممن هو تحت سياسة أظلم الملوك وأضلهم من هو أحسن حالاً منهم، ولا يكون في خير إلا تحت سياسة من ليس منهم.

ولهذا يشبهون اليهود في أحوال كثيرة- ومنها هذا أنه ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وضربت عليهم المسكنة، فلا يعيشون في الأرض إلا بأن يتمسكوا بحبل بعض ولاة الأمور الذي ليس بمعصوم.

ص: 39

ولابد لهم من نسبة إلى الإسلام يظهرون بها ما في قلوبهم، فالرافضة وحدهم لا يقوم أمرهم قط، كما أن اليهود لا يقوم أمرهم قط.

مدائن كثيرة من أهل السنة يقومون بدينهم ودنياهم لا يحوجهم الله سبحانه وتعالى إلى كافر ولا رافضي، والخلفاء الثلاثة فتحوا الأمصار وأظهروا الدين في مشارق الأرض ومغاربها ولم يكن معهم رافضي.

بل بنو أمية بعدهم مع انحراف كثير منهم عن عليّ وسب بعضهم له غلبوا على مدائن الإسلام كلها من مشرق الأرض إلى مغربها، وكان الإسلام في زمنهم أعز منه فيما بعد ذلك بكثير، ولم ينتظم بعد انقراض دولتهم العامة لما جاءتهم الدولة العباسية صار إلى الغرب عبد الرحمن الداخل إلى المغرب الذي يسمى «صقر قريش» واستولى هو ومن بعده على بلاد المغرب، وأظهروا الإسلام فيها وأقاموه، وقمعوا من يليهم من الكفار، وكانت لهم من السياسة في الدين والدنيا ما هو معروف عند الناس، وكانوا أبعد الناس عن مذاهب أهل العراق فضلاً عن أقوال الشيعة، وإنما كانوا على مذاهب أهل المدينة.

وكان أهل العراق على مذهب الأوزاعي وأهل الشام، وكانوا يعظمون مذهب أهل الحديث، وينصره بعضهم في كثير من الأمور، وهم من أبعد الناس عن مذهب الشيعة.

وقد صار إلى المغرب طوائف من الخوارج والروافض كما كان هؤلاء في المشرق وفي بلاد كثيرة من بلاد الإسلام، ولكن قواعد هذه المدائن لا تستمر على شيء من هذه المذاهب؛ بل إذا ظهر فيها شيء من هذه المذاهب مدة أقام الله ما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق يظهر على باطلهم.

ص: 40

وبنو عبيد يتظاهرون بالتشيع واستولوا من المغرب على ما استولوا عليه ثم جاءوا إلى مصر واستولوا عليها مائتي سنة واستولوا على الحجاز والشام نحو مائة سنة وملكوا بغداد في فتنة البساسيري وانضم إليهم الملاحدة في شرق الأرض وغربها، وأهل البدع والأهواء تحب ذلك منهم، ومع هذا فكانوا محتاجين إلى مصانعتهم والتقية لهم.

فإذا علم أن مصلحة غير الشيعة في كل زمان خير من مصلحة الشيعة واللطف لهم أعظم من اللطف للشيعة علم أن ما ذكروه من إثبات العصمة باطل.

قيل لبعض شيوخ الرافضة: إذا جاء الكفار إلى بلادنا فقتلوا النفوس وسبوا الحريم وأخذوا الأموال هل نقاتلهم؟

فقال: لا. المذهب أنا لا نغزو إلا مع المعصوم.

فقال ذلك المستفتي مع عاميته: والله إن هذا لمذهب نجس. فإن هذا المذهب يفضي إلى فساد الدين والدنيا (1) .

(1) ج (3) ص (257، 259، 117) .

ص: 41

ولم يقل بعصمة الأئمة إلا الرافضة الإمامية

ولم يشركهم فيه إلا من هو شر منهم

وأما قوله (1) : وإن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك، فهذه خاصة الرافضة الإمامية لم يشركهم فيها أحد لا الزيدية الشيعة ولا سائر طوائف المسلمين إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر القائلين بأن الإمامة بعد جعفر في محمد بن إسماعيل دون موسى بن جعفر. وأولئك ملاحدة منافقون والإمامية الاثنا عشرية خير منهم بكثير.

فإن الإمامية مع فرط جهلهم وضلالهم فيهم خلق مسلمون ظاهرًا وباطنًا ليسوا زنادقة منافقين؛ لكنهم جهلوا وضلوا واتبعوا أهواءهم.

وأما أولئك فأئمتهم الكبار العارفون بحقيقة دعواهم الباطنية زنادقة منافقون.

وأما عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرهم فقد يكونون مسلمين.

وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (2) .

ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه. فدل القرآن على أنه لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

ودعوى العصمة تضاهي المشاركة في النبوة؛ فإن المعصوم يجب اتباعه في كل ما يقول لا يجوز أن يخالف في شيء، وهذه خاصة الأنبياء ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم (3) .

(1) يعني الرافضي.

(2)

سورة النساء آية: (59) .

(3)

ج (1) ص (305) .

ص: 42