الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: الكلب الأسود شيطان) (1).
ويتكونون في صور بني آدم، الذكور والإناث على حدّ سواء قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:(إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل. فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب. فيتفرقون. فيقول الرجل منهم: سمعت رجلا أعرف وجهه، ولا أدري ما اسمه، يحدث)(2).
وكذلك المرأة الفاجرة التي تعرض مفاتنها للناس يستغلها الشيطان لزيادة الفتنة والإيقاع فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله. فإن ذلك يرد ما في نفسه)(3)، ومعنى هذا أن الشيطان يكون في صورة المرأة، حينما تخرج عن الآداب الشرعية، فتكون في صورة شيطان ليغري بها الفساق الناهجين نهجها سييئا.
المبحث الرابع: مشابهتهم:
ذكرنا أن الجن خلقهم الله قادرين على التشكل، والتشبه بغيرهم، وهم يشبهون الملائكة من حيث القدرة على
(1) أخرجه مسلم حديث (1510).
(2)
أخرجه مسلم المقدمة حديث (7).
(3)
أخرجه مسلم حديث (1403).
التشكل في غير الصورة الحقيقية، ويفارقهم الملائكة بأنهم لا يتشبهون بالدواب والهوام، فلا يتشبهون إلا بالصورة الحسنة، ولا يصدر منهم الأذى لغيرهم، على خلاف حال الجن، وقد جاء جبريل عليه السلام كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت ـ قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه ـ قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال ثم انطلق، فلبثت مليا ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل؟ ، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه
جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" (1)، وقد جاء عليه السلام في صورة حسنة، وقد يأتي الملك في صورة مرتين في صفتين مختلفتين: كما في قصة النفر الثلاثة وذلك "إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، فأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل ـ أو قال البقر: هو شك في ذلك: أن الأبرص والأقرع: قال أحدهما: الإبل، وقال الأخر: البقر ـ فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك لك فيها، وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب، وأعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، قال: فأعطاه بقرة حاملا، وقال يبارك لك فيها. وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري، فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة والدا، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من إبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين، تقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم
(1) أخرجه مسلم حديث (8) ..
بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري. فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا صيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، وتقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك" (1)، فقد جاء الملك الثلاثة في صورة حسنة، تخالف حال كل منهم، وجاء كلا منهم في المرة الثانية على الحال التي كان عليها كل واحد منهم، وقد يأتي الملك في صورة طائر، كما في قصة شق بطن النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم:(فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال الآخر: نعم، فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا، فشقا بطني)(2)، وقد ظهر جبريل عليه السلام مرتين في صورته الحقيقية، ورآه نبينا
(1) أخرجه البخاري حديث (3464).
(2)
أخرجه الدارمي، حديث (13).