المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الْبيعَة) قَوْله على السّمع وَالطَّاعَة صلَة بَايعنَا بتضمين معنى الْعَهْد - حاشية السندي على سنن النسائي - جـ ٧

[محمد بن عبد الهادي السندي]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الْبيعَة) قَوْله على السّمع وَالطَّاعَة صلَة بَايعنَا بتضمين معنى الْعَهْد

(كتاب الْبيعَة)

قَوْله على السّمع وَالطَّاعَة صلَة بَايعنَا بتضمين معنى الْعَهْد أَي على أَن نسْمع كلامك ونطيعك فِي مرامك

ص: 137

وَكَذَا من يقوم مقامك من الْخُلَفَاء من بعْدك والمنشط وَالْمكْره مفعل بِفَتْح مِيم وَعين من النشاط وَالْكَرَاهَة وهما مصدران أَي فِي حَالَة النشاط وَالْكَرَاهَة أَي حَالَة انْشِرَاح صدورنا وَطيب قُلُوبنَا وَمَا يضاد ذَلِك أَو اسْما زمَان وَالْمعْنَى وَاضح أَو اسْما مَكَان أَي فِيمَا فِيهِ نشاطهم وكراهتهم كَذَا قيل وَلَا يخفى أَن مَا ذكره من الْمَعْنى على تَقْدِير كَونهمَا اسمى مَكَان معنى مجازى وَكَذَا قَالَ بَعضهم كَونهمَا اسمى مَكَان بعيد وَقَوله وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَي الامارة أَو كل أَمر أَهله الضَّمِير لِلْأَمْرِ أَي إِذا وكل الْأَمر إِلَى من هُوَ أهل لَهُ فَلَيْسَ لنا أَن نجره إِلَى غَيره سَوَاء كَانَ أَهلا أم لَا بِالْحَقِّ باظهاره وتبليغه لَا نَخَاف أَي لَا نَتْرُك قَول الْحق لخوف ملامتهم عَلَيْهِ وَأما الْخَوْف من غير ان يُؤَدِّي إِلَى ترك فَلَيْسَ

ص: 138

بمنهى عَنهُ بل وَلَا فِي قدرَة الْإِنْسَان الِاحْتِرَاز عَنهُ

قَوْله

[4154]

وأثره علينا الأثرة بِفتْحَتَيْنِ اسْم من الإستئثار

ص: 139

أَي وعَلى تَفْضِيل غَيرنَا علينا وَلَا يخفى أَنه لَا يظْهر لِلْبيعَةِ عَلَيْهِ وَجه لِأَنَّهُ لَيْسَ فعلا لَهُم وَأَيْضًا لَيْسَ هُوَ بأمرمطلوب فِي الدّين بِحَيْثُ يُبَايع عَلَيْهِ وَأَيْضًا عُمُومه يرفعهُ من أَصله لِأَن كل مُسلم إِذا بَايع على أَن يفضل عَلَيْهِ غَيره فَلَا يُوجد ذَلِك الْغَيْر الَّذِي يفضل وَهَذَا ظَاهر فَالْمُرَاد وعَلى الصَّبْر على أَثَرَة علينا أَي بَايعنَا على أَنا نصبر أَن أوثر غَيرنَا علينا وَضمير علينا قيل كِنَايَة عَن جمَاعَة الْأَنْصَار أَو عَام لَهُم ولغيرهم وَالْأول أوجه فَإِنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أوصى إِلَى الْأَنْصَار أَنه سَيكون بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا عَلَيْهَا يَعْنِي أَن الْأُمَرَاء يفضلون عَلَيْكُم غَيْركُمْ فِي العطايا والولايات والحقوق وَقد وَقع ذَلِك فِي عهد الْأُمَرَاء بعد الْخُلَفَاء للراشدين فصبروا انتهىقوله

[4156]

على النصح لكل مُسلم من النَّصِيحَة وَهِي إِرَادَة الْخَيْر وَفِي رِوَايَة بن حبَان فَكَانَ جرير إِذا اشْترى أَو بَاعَ يَقُول اعْلَم أَن مَا أَخذنَا مِنْك أحب إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناك فاخترت قَوْله

ص: 140

[4158]

على الْمَوْت أَي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اخْتِيَار أحد فالبيعة عَلَيْهِ لَا تتَصَوَّر لَكِن قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الْبيعَة على الْمَوْت فيفسر ذَلِك بالبيعة على الثَّبَات وان أدّى ذَلِك إِلَى الْمَوْت وعَلى هَذَا فمؤدي الْبيعَة على الْمَوْت والبيعة على عدم الْفِرَار وَاحِد فَوجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن بَعضهم بَايعُوا بِلَفْظ الْمَوْت وَبَعْضهمْ بِلَفْظ عدم الْفِرَار وَمُرَاد جَابر بِمَا ذكره تعْيين اللَّفْظ الَّذِي بَايع بِهِ هُوَ وَأَصْحَابه وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4160]

وَقد انْقَطَعت الْهِجْرَة أَي بعد الْفَتْح وَالْمرَاد الْهِجْرَة من مَكَّة لصيرورتها بعد الْفَتْح دَار إِسْلَام أَو إِلَى الْمَدِينَة من أَي مَوضِع كَانَت لظُهُور عزة الْإِسْلَام فِي كل نَاحيَة وَفِي الْمَدِينَة بخصوصها بِحَيْثُ مَا بَقِي لَهَا حَاجَة إِلَى هِجْرَة النَّاس إِلَيْهَا فَمَا بقيت هَذِه الْهِجْرَة فرضا وَأما الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوهَا فَهِيَ وَاجِبَة على الدَّوَام قَوْله

ص: 141

[4161]

وَحَوله عِصَابَة بِكَسْر الْعين أَي جمَاعَة وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَان بكذب على أحد تفترونه تختلقونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم أَي فِي قُلُوبكُمْ الَّتِي هِيَ بَين الْأَيْدِي والأرجل فِي مَعْرُوف لَا يخفى أَن أمره كُله مَعْرُوف وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ خِلَافه فَقَوله فِي مَعْرُوف للتّنْبِيه على عِلّة وجوب الطَّاعَة وعَلى أَنه لَا طَاعَة للمخلوق فِي غير الْمَعْرُوف وعَلى أَنه يَنْبَغِي اشْتِرَاط الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف فِي الْبيعَة لَا مُطلقًا شَيْئا أَي مِمَّا سوى الشّرك إِذْ لَا كَفَّارَة للشرك سوى التَّوْبَة عَنهُ فَهَذَا عَام مَخْصُوص نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَغَيره وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي أَن الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا وَأما قَوْله تَعَالَى فِي الْمُحَاربين لله وَرَسُوله ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم فقد سبق عَن بن عَبَّاس ان ذَلِك فِي الْمُشْركين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 142

[4163]

ارْجع إِلَيْهِمَا لَعَلَّ ذَلِك حِين انْقَطَعت فَرِيضَة الْهِجْرَة فأضحكهما من الإضحاك أَي بدوام صحبتك مَعَهُمَا كَمَا أبكيتهما بِفِرَاقِك اياهما

قَوْله

[4164]

عَن الْهِجْرَة هِيَ ترك الوطن والانتقال إِلَى الْمَدِينَة تأييدا وتقوية للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمين واعانة لَهُم على قتال الْكَفَرَة وَكَانَت فرضا فِي أول الْأَمر ثمَّ صَارَت مَنْدُوبَة فَلَعَلَّ السُّؤَال كَانَ فِي آخر الْأَمر أَو لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خَافَ عَلَيْهِ لما كَانَ عَلَيْهِ الْأَعْرَاب من الضعْف حَتَّى أَن أحدهم ليقول ان حصل لَهُ مرض فِي الْمَدِينَة أَقلنِي بيعتك وَنَحْو ذَلِك وَلذَلِك قَالَ أَن أَمر الْهِجْرَة شَدِيد

ص: 143

وَيحك للترحم فاعمل من وَرَاء الْبحار أَي فأت بالخيرات كلهَا وان كنت وَرَاء الْبحار وَلَا يَضرك بعْدك عَن الْمُسلمين لن يتْرك قَالَ السُّيُوطِيّ فِي غير حَاشِيَة الْكتاب بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي لن ينْقصك وَإِن أَقمت من وَرَاء الْبحار وسكنت أقْصَى الأَرْض يُرِيد أَنه من الترة كالعدة وَالْكَاف مفعول بِهِ قلت وَيحْتَمل أَنه من التّرْك فالكاف من الْكَلِمَة أَي لَا يتْرك شَيْئا من عَمَلك مهملا بل يجازيك على جَمِيع أعمالك فِي أَي مَحل فعلت وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4165]

أَن تهجر أَي تتْرك فَأُرِيد بِالْهِجْرَةِ التّرْك وَفِيه أَن ترك الْمعاصِي خير من ترك الوطن فَإِن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ من ترك الوطن هُوَ ترك الْمعاصِي هِجْرَة الْحَاضِر أَي الْمُقِيم بالبلاد والقرى والبادي الْمُقِيم بالبادية فيجيب إِذا أَي لَا حَاجَة فِي حَقه إِلَى ترك الوطن بل حُضُوره فِي الْجِهَاد يَكْفِي قَوْله

ص: 144

[4166]

هجروا الْمُشْركين أَي تركوهم فجاؤوا وَفِيه أَن ترك الوطن فِي الْجُمْلَة وَالْعود إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يضر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4167]

أستقيم عَلَيْهِ أَي أثبت عَلَيْهِ وأعمله أَي أداوم عَلَيْهِ وَلَو بَقَاء فَإِن الْهِجْرَة لَا تَتَكَرَّر فَإِنَّهُ لَا مثل لَهَا أَي فِي ذَلِك الْوَقْت أَو فِي حق ذَلِك الرجل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 145

[4169]

وَلَكِن جِهَاد كلمة لَكِن تفِيد مُخَالفَة مَا بعْدهَا لما قبلهَا فَالْمَعْنى فَمَا بقيت فَضِيلَة الْهِجْرَة وَلَكِن بقيت فَضَائِل فِي معنى الْهِجْرَة كالجهاد وَنِيَّة الْخَيْر فِي كل عمل يصلح لَهَا وَإِذا استنفرتم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي طلب الامام مِنْكُم الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد فانفروا أَي فاخرجوا

قَوْله

[4172]

لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة أَي ترك دَار

ص: 146

الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام لمن كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَأسلم هُنَاكَ إِذْ الْهِجْرَة هَا هُنَا هُوَ الْخُرُوج من الوطن إِلَى الْجِهَاد وبهذين التَّأْويلَيْنِ ظهر التَّوْفِيق بَين مَا سبق من انْقِطَاع الْهِجْرَة وَبَين ثُبُوتهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَو تَسْتَطِيع ذَلِك أَي مَا تَقول من السّمع وَالطَّاعَة فِي كل مَحْبُوب ومكروه أَو تطِيق شكّ من الرَّاوِي فبايعني والنصح أَي فبايعني على ذَلِك والنصح أَي وعَلى النصح بِالْجَرِّ عطف على مُقَدّر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 147

فَقَالَ أُبَايِعكُم على أَن لَا تُشْرِكُوا أَي وصحبة الْمُشرك قد تُؤدِّي إِلَى الشّرك والبيعة على ترك الشّرك

ص: 148

تَتَضَمَّن الْبيعَة على ترك مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فَصَارَت متضمنة لِلْبيعَةِ على ترك صُحْبَة الْمُشرك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان امْرَأَة أسعدتني الاسعاد المعاونة فِي النِّيَاحَة خَاصَّة والمساعدة عَام فِي كل مَعُونَة وَكَانَ نسَاء الْجَاهِلِيَّة يسْعد بَعضهنَّ بَعْضًا على النِّيَاحَة فحين بايعهن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ترك النِّيَاحَة قَالَت أم عَطِيَّة أَنَّهَا ساعدتها امْرَأَة فِي النِّيَاحَة فَلَا بُد لَهَا من مساعدتها على ذَلِك قَضَاء لحقها ثمَّ لَا تعود فَرخص لَهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك قبل الْمُبَايعَة فَفعلت ثمَّ بَايَعت قَالُوا هَذَا الترخيص خَاص فِي أم عَطِيَّة وللشارع أَن يخص من يَشَاء وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4181]

قُلْنَا الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا أَي حَيْثُمَا أطلق الْبيعَة بل قيد بالاستطاعة هَلُمَّ نُبَايِعك أَي تبَايع كل وَاحِدَة منا بِالْيَدِ على الإنفراد

ص: 149

فَإِن الْبيعَة بِالْيَدِ لَا يتَصَوَّر فِيهَا الِاجْتِمَاع وَلذَلِك أجابهن صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِنَفْي الْأَمريْنِ فَقَالَ اني لَا أُصَافح النِّسَاء أَي بِالْيَدِ انما قولي لمِائَة فَلَا حَاجَة إِلَى الِانْفِرَاد فِي الْبيعَة القولية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ارْجع أَي لَا حَاجَة إِلَى الْحُضُور عِنْدِي وَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رأى أَنه يكرههُ النَّاس ويتأذون بِهِ وَعلم أَنه لَا يتَأَذَّى بِهَذَا فَفعل هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَلم يبايعني لما فِيهِ من الْعَهْد والالزام وَالصَّغِير لَيْسَ أَهلا لذَلِك بل لَا يلْزمه شَيْء أَن ألزمهُ نَفسه فَأَي فَائِدَة فِي الْبيعَة مَعَه قَوْله بعنيه طلب مِنْهُ البيع اعانه لذَلِك العَبْد على وَفَاء مَا بَايع عَلَيْهِ من الْهِجْرَة

ص: 150

قَوْله وعك بِفتْحَتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي هُوَ الْحمى أَو ألمها أَقلنِي يُرِيد أَن مَا أَصَابَهُ قد أَصَابَهُ بشؤم مَا فعل من الْبيعَة فَلَو أقاله فَلَعَلَّهُ يذهب مَا لحقه بشؤمه من الْمُصِيبَة فَخرج أَي من الْمَدِينَة قصدا لاقالة أثر الْبيعَة كالكير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحَدِيد وَهُوَ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ تُخْرِجُهُ عَنْهَا وَتَنْصَعُ طَيِّبَهَا بِالنُّونِ وَالصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي تخلصه قَوْله الْمُرْتَد اعرابيا أَي الَّذِي يصير اعرابيا سَاكِنا بالبادية بعد أَن هَاجر قَوْله ارتددت أَي عَن الْهِجْرَة قَوْله وبدوت

ص: 151

أَي خرجت إِلَى الْبَادِيَة وروى وبديت وَلَعَلَّه سَهْو فِي البدو أَي فِي الْخُرُوج إِلَى الْبَادِيَة أَي فَلَا يُنَافِي الْهِجْرَة الْخُرُوج إِلَيْهَا قَوْله والنصح الظَّاهِر أَنه بِالنّصب عطف على فِيمَا اسْتَطَعْت أَي فلقنني هذَيْن اللَّفْظَيْنِ وَيحْتَمل الْجَرّ

ص: 152

على الْعَطف على الْمَوْصُول وَفِيه بعد فَإِن النصح مِمَّا وَقع عَلَيْهِ الْبيعَة كالسمع وَالطَّاعَة وَلَيْسَ المُرَاد السّمع وَالطَّاعَة فِي المستطاع وَفِي النصح فَلْيتَأَمَّل قَوْله خباء بِكَسْر خاء بَيت من صوف أَو وبر لَا من شعر من ينتضل من انتضل الْقَوْم إِذا رموا للسبق وَيُقَال انتضلوا بالْكلَام والأشعار من هُوَ فِي جشرته أَي فِي إِخْرَاجه الدَّوَابّ إِلَى المراعي الصَّلَاة جَامِعَة أَي ائْتُوا الصَّلَاة وَالْحَال أَنَّهَا جَامِعَة فهما بِالنّصب وَيجوز رفعهما على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَقَالَ انه أَي ان الشَّأْن على مَا يُعلمهُ من الْعلم أَي على شَيْء يعلم النَّبِي ذَلِك الشَّيْء خيرا لَهُم جعلت عَافِيَتهَا أَي خلاصها عَمَّا يضر فِي الدّين فيدقق بدال مُهْملَة ثمَّ قَاف مُشَدّدَة مَكْسُورَة أَي يَجْعَل بَعْضهَا بَعْضًا دَقِيقًا وَفِي بعض النّسخ برَاء مُهْملَة مَوضِع دَال أَي يصير بَعْضهَا بَعْضًا رَقِيقا خفِيا وَالْحَاصِل أَن الْمُتَأَخِّرَة من الْفِتَن أعظم من الْمُتَقَدّمَة فَتَصِير الْمُتَقَدّمَة عِنْدهَا دقيقة رَفِيقَة روى برَاء سَاكِنة ففاء مَضْمُومَة من الرِّفْق أَي توَافق بَعْضهَا بَعْضًا أَو يَجِيء بَعْضهَا عقب بعض أَو فِي وقته وروى بدال مُهْملَة سَاكِنة ففاء مَكْسُورَة أَي يدْفع وَيصب أَن يزحزح على بِنَاء الْمَفْعُول

ص: 153

وليأت إِلَى النَّاس أَي ليؤدي إِلَيْهِم وَيفْعل بهم مَا يحب أَن يفعل بِهِ وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده أَو محبته بِقَلْبِه

قَوْله

[4192]

وَلَو اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي أَي لَو جعل الْخَلِيفَة بعض عبيده أَمِيرا عَلَيْكُم فَلَا يرد أَن العَبْد لَا يصلح للخلافة على أَن الْمَطْلُوب الْمُبَالغَة فَلَا يلْتَفت إِلَى مثل هَذَا وَفِي قَوْله يقودكم بِكِتَاب الله إِشَارَة إِلَى أَنه لَا طَاعَة لَهُ فِيمَا يُخَالف حكم الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4193]

من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله أَي لِأَنِّي أحكم نِيَابَة عَنهُ وَكَذَا أميره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحكم نِيَابَة عَنهُ فَالْحَاصِل أَن طَاعَة النَّائِب طَاعَة للْأَصْل قَوْله

ص: 154

[4194]

فِي سَرِيَّة أَي أَمِيرا فيهم فَنزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر حثا لأتباعه على أَن يطيعوه والى هَذَا الْمَعْنى تُشِير تَرْجَمَة المُصَنّف وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4195]

وَأنْفق الْكَرِيمَة أَي صرف الْأَمْوَال العزيزة عَلَيْهِ ونبهه بِضَم فَسُكُون أَي انتباهه من النّوم بالكفاف بِفَتْح الْكَاف أَي سَوَاء بِسَوَاء أَي لَا يرجع مثل مَا كَانَ وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْجِهَاد قَوْله جُنَّةٌ أَيْ كَالتُّرْسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ يُقْتَدَى بِرَأْيهِ وَنَظره فِي الْأُمُور الْعِظَام والوقائع

ص: 155

الخطيرة وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَى رَأْيِهِ وَلَا يُنْفَرَدُ دُونَهُ بِأَمْر يُقَاتل من وَرَائه قيل المُرَاد أَنه يُقَاتل قدامه فوراء هَا هُنَا بِمَعْنى أَمَام وَلَا يُتْرَكَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ لَمَا فِيهِ من تعرضه للهلاك وَفِيه هَلَاك الْكل قلت وَهَذَا لَا يُنَاسب التَّشْبِيه بِالْجنَّةِ مَعَ كَونه خلاف ظَاهر اللَّفْظ فِي نَفسه فَالْوَجْه أَن المُرَاد أَنه يُقَاتل على وفْق رَأْيه وَأمره وَلَا يُخَالف عَلَيْهِ فِي الْقِتَال فَصَارَ كَأَنَّهُمْ خَلفه فِي الْقِتَال وَالله تَعَالَى أعلم ويتقى بِهِ أَي يعتصم بِرَأْيهِ أَو يلتجئ إِلَيْهِ من يحْتَاج إِلَى ذَلِك قَوْله إِنَّمَا الدّين النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح قلت لَا بِمَعْنى النافع والا لَا يَسْتَقِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى بل بِمَعْنى مَا يَلِيق وَيحسن لَهُ فَإِن الصّفة إِذا قسناها بِالنّظرِ

ص: 156

إِلَى أحد فَأَما أَن يكون اللَّائِق وَالْأولَى بِهِ إِرَادَة ايجابها لَهُ أَو سلبها عَنهُ فارادة ذَلِك الطّرف اللَّائِق لَهُ هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وخلافه هُوَ الْغِشّ والخيانة واللائق بِهِ تَعَالَى أَن يحمد على كَمَاله وجلاله وجماله وَيثبت لَهُ من الصِّفَات وَالْأَفْعَال مَا يكون صِفَات كَمَال وَأَن ينزه عَن النقائص وَعَما لَا يَلِيق بعلى جنابه فارادة ذَلِك وَكَذَا كل مَا يَلِيق بجنابه الأقدس فِي حَقه تَعَالَى من نَفسه وَمن غَيره هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وَقس على هَذَا وَيُمكن أَن يُقَال النَّصِيحَة الخلوص عَن الْغِشّ وَمِنْه التَّوْبَة النصوح فالنصيحة لله تَعَالَى أَن يكون

ص: 157

عبدا خَالِصا لَهُ فِي عبوديته عملا واعتقادا وَالْكتاب أَي يكون خَالِصا فِي الْعَمَل بِهِ وَفهم مَعْنَاهُ عَن مُرَاعَاة الْهوى فَلَا يصرفهُ إِلَى هَوَاهُ بل يَجْعَل هَوَاهُ تَابعا لَهُ وَيحكم بِهِ على هَوَاهُ وَلَا يحكم بهواه عَلَيْهِ وعَلى هَذَا الْقيَاس وَقَالَ الْخطابِيّ النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح لَهُ والنصح فِي اللُّغَة الخلوص فالنصيحة لله تَعَالَى صِحَة الِاعْتِقَاد فِي حد وَحْدَانِيَّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ الله تَعَالَى الْإِيمَان بِهِ وَالْعَمَل بِمَا فِيهِ والنصح لرَسُوله التَّصْدِيق بنبوته وبذل الطَّاعَة لَهُ فِيمَا أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ والنصيحة لأئمة الْمُسلمين أَن يطيعهم فِي الْحق وَأَن لَا يرى الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ والنصيحة لعامة الْمُسلمين إرشادهم إِلَى مصالحهم

قَوْله

[4201]

الا وَله بطانتان بطانة الرجل بِكَسْر الْبَاء صَاحب سره وداخله أمره قيل المُرَاد هَا هُنَا الْملك والشيطان

ص: 158

لَا تألوه لَا تقصره خبالا بِفَتْح الْخَاء أَي من جِهَة الْفساد فِي أمره قَالَ السُّيُوطِيّ أَي لايقصر فِي افساد أمره فقد وقى أَي من كل بلَاء وَهُوَ أَي ذَلِك الَّذِي وقى من الَّتِي تغلب عَلَيْهِ من الْجَمَاعَة الَّتِي تغلب على بطانة السوء مِنْهُمَا من البطانتين أوالمعنى وَهُوَ أَي صَاحب البطانتين من جنس بطانة الَّتِي تغلب تِلْكَ البطانة عَلَيْهِ هَا هُنَا أَي من البطانتين فَإِن غلبت عَلَيْهِ بطانة الْخَيْر يكون خيرا وان غلبت عَلَيْهِ بطانة السوء يكون سَيِّئًا وَهَذَا أظهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَأمر من التأمير إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا من النَّار بِالْإِيمَان فَكيف ندْخلهَا

ص: 159

قَوْله أَن لَا يُؤمر أَي حِين أَن لَا يُؤمر أَو كلمة أَن شَرْطِيَّة وَفِي كثير من النّسخ الا أَن يُؤمر بِمَعْصِيَة وَهُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[4207]

من صدقهم بكذبهم من التَّصْدِيق وَالْبَاء فِي بكذبهم بِمَعْنى فِي أَي أَنهم يكذبُون فِي الْكَلَام فَمن صدقهم فِي كَلَامهم ذَلِك وَقَالَ لَهُم صَدقْتُمْ تقربا بذلك إِلَيْهِم فَلَيْسَ مني تَغْلِيظ وَتَشْديد بِأَنَّهُ قد انْقَطع الْمُوَالَاة بيني وَبينهمْ على بتَشْديد الْيَاء وَمن لم يُصدقهُمْ أَي اتقاء وتورعا وَهَذَا لَا يكون الا للمتدين فَلذَلِك قَالَ فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون مُجَرّد الصَّبْر عَن صحبتهم فِي ذَلِك الزَّمَان مَعَ الْإِيمَان مفضيا إِلَى هَذِه الرُّتْبَة الْعلية أَو من صَبر يوفق لأعمال تفضيه إِلَى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 160

[4209]

وَقد وضع أَي وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وضع رجله أَو الرجل وضع رجله فِي الغرز بِفَتْح مُعْجمَة فمهملة سَاكِنة ثمَّ مُعْجمَة هُوَ ركاب كور الْجمل إِذا كَانَ من جلد أَو خشب وَقيل مُطلقًا كلمة حق فَإِنَّهُ جِهَاد قل من ينجو فِيهِ وَقل من يصوب صَاحبه بل الْكل يخطئونه أَو لَا ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْت بأشد طَرِيق عِنْدهم بِلَا قتال بل صبرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 161