المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم ضم حرف المضارعة في غير رباعي الماضي: - حركة حروف المضارعة

[عبد الله القرني]

الفصل: ‌حكم ضم حرف المضارعة في غير رباعي الماضي:

لم يكسروا كما كسروا يأبى حيث جاء على مثال ما فَعَلَ منه مكسور. ويدلك على أنَّ الأصل في فَعِلْت أن يفتح منه على لغة أهل الحجاز سلامتها في الياء، وتركهم الضّمّ في يفعُل ولا يضم لضمة فعُل فإنَّما هو عارض"1.

فهذه إشارة منه إلى أنَّ الفتح في المضارع كان لأجل حرف الحلق، فلمَّا عومل المضارع معاملة ما ماضيه مفتوح لم يكسر حرف مضارعته.

ص: 482

‌حكم ضمّ حرف المضارعة في غير رباعي الماضي:

سبق البيان بأنَّ حكم حرف المضارعة إذا كان ماضيه على أربعة أحرف أن يضمّ، سواء كانت هذه الأربعة أصلية أم كان فيها مزيد. ولكن هل لنا أن نضم هذه الأحرف في الخماسي والسُّداسي؟

- ذكر الأنباري " أنَّ بعض العرب يضمّ حروف المضارعة منهما فيقول: يُنطلق ويُستخرج بضمِّ حرف المضارعة حملاً على الرباعي "2، وجعل أبوحيان ذلك من باب الشذوذ إذ قال:" وشذ ماروى اليماني من ضمِّ الياء في قولك: يُستخرج وهو مبني للفاعل "3.

وعلل الأنباري اختيار الفتح في الأفعال الخماسية والسّداسيّة بأنَّه بسبب كثرة حروفهما " فلو بنوهما على الضَّم لأدى ذلك إلى أن يجمعوا بين كثرة الحروف وثقل الضم، وذلك لايجوز فأعطوهما أخف الحركات وهو الفتح"4.

على أنَّه وجد من القبائل من يضمّ كما سبق بيانه.

1 الكتاب 4 / 111.

2 أسرار العربية ص 405.

3 ارتشاف الضرب 1 / 88.

4 أسرار العربية ص 404 ــ 405.

ص: 482

تخطئة من يكسر حروف المضارعة أو يضم في غير رباعي الماضي:

يتحدث العلماء قديمًا وحديثًا عن العربية الفصحى، من حيث إنَّها تلك الصُّورة الشَّاملة التي كان العرب ينظمون بها الشّعر، ويلقون بها الخطب، ويصوغون بها سائر أنواع البيان.

وقد نزل القرآن الكريم بهذه اللغة في أروع صورها، وأرقى صيغها، وأبهى بيانها. ولم يكن اللسان العربي واحدًا، فقد كان لكلِّ قبيلة لسان ولحن يختلف قليلاً أو كثيرًا عن غيره، ومن ثمَّ تحدثت المعاجم العربية عن لغات القبائل، وتحدث علماء العربية عن الفروق بين تلك اللغات، ونسبوا شيئًا من تلك الظواهر لقبائل معينة، وتحدثوا عن نزول القرآن الكريم بلغة قريش، ومن ثمّ جعلت هذه اللغة هي اللغة العالية، والمثل المحتذى لغير القرشيين. يقول ثعلب: "ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوازن، وتضجع قيس، وعجرفية ضبة، وتلتلة بهراء

"1.

ومن ثمَّ علمنا أنَّ القبائل العربية كانت تختلف في طريقة كلامها من حيث الأصوات وطبيعتها، وكيفية صدورها، ومن حيث المعنى، وأحيانًا من حيث التركيب.

وقد تحدث كثير من الدارسين المحدثين عن هذه اللهجات وخصوها بمؤلفات منهم الدّكتور: إبراهيم أنيس في كتابه في اللهجات العربية والدّكتور أحمد علم الدِّين الجندي في كتابه اللهجات العربية في التراث وغيرهما. وكسر حروف المضارعة أو ضمها في غير ماكان ماضيه على أربعة أحرف من تلك الظواهر التي عني بها علماء العربية.

فما الموقف من هذه الظاهرة؟

1 مجالس ثعلب 1 / 80.

ص: 483