المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل [الخاتمة] (*) ولنختم الكتاب بكلمات جوامع من أمر المحبة وأبيات (رائقة) - استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس - جـ ٣

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌محتويات الكتاب

- ‌الباب الأول في لزوم محبة الملك القدوس وتقديمها عَلَى حب الأموال والأولاد والنفوس

- ‌فصل محبة الله عَلَى درجتين: 1 - فرض لازم 2 - درجة السابقين

- ‌الباب الثاني في بيان أن من أعظم المطالب وأهمها سؤال الله تعالى محبته عَلَى أكمل الوجوه وأتمها

- ‌الباب الثالث في بيان الأسباب التي تستجلب بها محبة رب الأرباب

- ‌فصل "الأسباب الجالبة لمحبة الله

- ‌الباب الرابع في علامات المحبة الصادقة

- ‌فصل "بعض الآثار عن الحب

- ‌الباب الخامس في استلذاذ المحبين بكلام محبوبهم وأنه غذاء قلوبهم وغاية مطلوبهم

- ‌الباب السادس في أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود من الدُّنْيَا والآخرة سواه

- ‌فصل "هم العارفين رؤية ربهم

- ‌الباب السابع في سهر المحبين وخلوتهم بمناجاة مولاهم الملك الحق المبين

- ‌الباب الثامن في شوق المحبين إِلَى لقاء رب العالمين

- ‌الباب التاسع في رضا المحبين بمر الأقدار وتنعمهم ببلاء من يخلق ما يشاء ويختار

- ‌فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"] (1)

- ‌الباب العاشر في ذكر خوف المحبين العارفين وفضله عَلَى خوف سائر الخائفين

- ‌فصل ["الحياء والخوف من الله

- ‌الباب الحادي عشر في شرف أهل الحب وأن لهم عند الله أعلى منازل القرب

- ‌الباب الثاني عشر في نبذ من كلام أهل المحبة وتحقيقهم تقوى به القلوب عَلَى سلوك طريقهم

- ‌[الخوف والحب]

- ‌[مفهوم جيد]

- ‌فصل[الخاتمة]

الفصل: ‌ ‌فصل [الخاتمة] (*) ولنختم الكتاب بكلمات جوامع من أمر المحبة وأبيات (رائقة)

‌فصل

[الخاتمة]

(*)

ولنختم الكتاب بكلمات جوامع من أمر المحبة وأبيات (رائقة)(1) متضمنة لها.

روى الإمام أحمد في "كتاب الزهد"(2) بإسناده عن عطاء بن يسار قال: "قال موسى عليه السلام: يا رب، من أهلك الذين هم أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك؟ قال: هم البريئة أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم؛ الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إِلَى ذكري كما تنيب النسور إِلَى وكورها، ويكلفون بحبي كلما يكلف الصبي بحب الناس، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كلما يغضب النمر إذا حرب".

وفي "كتاب المحبة" لإبراهيم بن الجنيد عن أحمد بن مخلد الخراساني قال: "قال الله عز وجل: ألا قد طال شوق الأبرار إِلَى لقائي وأنا إليهم أشد شوقًا، وما شوق المشتاقين إِلَيّ إلا بفضل شوقي إليهم، ألا من طلبني وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني، ومن ذا الَّذِي أقْبَلَ إليَّ فلم أُقْبِلْ إِلَيْهِ، ومن ذا الَّذِي توكل عليَّ فلم أكفه، ومن ذا الَّذِي دعاني فلم أجبه، ومن ذا الَّذِي سألني فلم أعطه؟ ".

قال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا عمر بن سلمة السراج، عن أبي جعفر

(*) هذا العنوان من تصرف محقق المطبوع.

(1)

في المطبوع: "رقائق".

(2)

(ص 95) طبعة الريان. وإسناده منقطع بين عطاء بن يسار وموسى عليه السلام.

ص: 396

المصري قال: "قال الله عز وجل: يا معشر المتوجهين إليَّ بحبي، ما ضركم ما فاتكم من الدُّنْيَا إذا كنت لكم حظًّا، وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سِلْمًا" وفي هذا المعنى يقول القائل:

هنيئًا لمن (أمسى)(1) وأنت حبيبه

ولو أن (نيران)(2) الغرامِ تذيبهُ

وطوبى لصب أنت ساكن سره

ولو بان عنه إلفه وقريبه

وما ضر صَبًّا أن يبيت وماله

نصيبٌ من الدُّنْيَا وأنتَ نصيبهُ

ومن تكُ راضٍ عنه في طي غيبه

فما ضره في الناس من يستغيبه

فيا علةً في الصدر أنتَ شفاؤها

ويا مرضًا في القلب أنت طبيبه

عُبيدُك في باب الرجا مُتضرعٌ

إذا لم تجبه أنت من ذا يجيبه

بعيدٌ عن الأوطان يبكي بذلةٍ

وهل ذاق طعم الذل إلا غريبه

تصدَّق عَلَى من ضاع منه زمانه

ولم يدر حتى لاح منه مشيبه

غدا خاسرًا فالعار يكفيه والعنا

وقد آن من ضوء النهار مغيبه

ومما أنشده (أبو زيد)(3) النجراني -من المتقدمين- رحمة الله عليه:

محبٌّ نفى ما التذ من غمضه الفكر

وأعقبه ضرًّا فأنهكه الضرُّ

وبات يراعي أنجما [من](4) بعد أنجم

ويرعدُ من خوفٍ إِلَى أن بدا الفجرُ

ويخدم مولاه بألطف خدمة

ويُسعده في حسن خدمته الصبرُ

به وبمن ساواه في الزهد والتقى

إذا الجدبُ عمَّ الأرض يستنزل القطرُ

محب خلا بالحب خلوة واجد

خلا بحبيب والظلام له ستر

(1) في المطبوع: "أضحى".

(2)

في المطبوع: "لوعات".

(3)

في المطبوع: "أحمد بن زيد".

(4)

من المطبوع.

ص: 397

يقول بذلتُ الحبَّ يا منتهى المنى

ويا نور قلبي أنت لي سيدي ذُخرُ

فلا تُخْزِني يا رب وارحم تضرعي

فقد وعظيم العفو أثقلني الوزر

وقد خفت من يوم المعادِ مخافةً

تيقنت أني ليس لي فيهما عذر

بفضلك زدني منك قربًا وأدنني

إليك دُنوًا لا يغيره الدهر

مُرَادي سقامي في الهوى هو قاتلي

وبين سقامي والشفاء ينفذ العمر

وفي كبدي مما أقاسي من الهوى

ومن (لوعات)(1) الحبِّ يا واحدي جَمر

غزا الحب قلبي قاصدًا بجيوشه

ليأسره قسرًا فأذهله الأسرُ

(وحبك)(2) لا أنساك ما دمتُ باقيًا

وهل يتسلى من محبته فخر

وأنشدت بعض العارفات:

أحبك حبين حب الوداد

وحب لأنك أهل لذكا

فأما الَّذِي هو حب الوداد

فحب شغلت به (عَنْ)(3) سواكا

وأما الَّذِي أنت أهلٌ له

فكشفك الحجب حتى أركا

فما الحمد في ذا ولا ذاك لي

ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

وأنشدت أخرى منهن:

حبيب ليس يعدلُهُ حبيب

ولا لسواه في قلبي نصيبٌ

حبيبٌ غاب عن بصري وشخصي

ولكن عن فؤادي ما يغيب

وأنشد بعض المحبين:

أعميت عيني عن الدُّنْيَا وزينتها

فأنت والروح مني غير مفترق

إذا ذكرتك وفي مقلتي أرقٌ

من أول الليل حتى مطلعِ الفلق

(1) في المطبوع: "زفرات".

(2)

في المطبوع: "وحقك".

(3)

في المطبوع: "عمن".

ص: 398

وما تطابقت الأجفان عن سنةٍ

إلا رأيتك بين الجفن والحدق

ارحم حشاشة نفس فيك قد تلفت

قبل (الممات)(1) فهذا آخرُ الرمقِ

ولو مضى الكل مني لم يكن عجبًا

وإنَّما عجبي في البعض كيفَ بقى

وأنشد بعضهم:

والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت

إلا وأنت حديثي بين جُلاسي

ولا هممت بشرب الماء من عطش

إلا رأيت خيالا منك في الكاس

ولبعضهم:

ساكن في القلب يعمرُهُ

لستُ أنساه فأذكرُهُ

غَابَ عن سمعي وعن بصري

فسويداء القلب يبصره

وأنشد آخر منهم:

من عامل الله بتقواه

وكان في الخلوة يرعاهُ

سقاه كأسًا من صفاء حبِّهِ

يسليه عن لذةِ دُنياه

فأبعدَ الخلقَ وأقصاهم

وانفرد العبدُ بمولاه

وأنشد بعضهم أيضاً:

أنت تدري يا حبيبي

[من](2) حبيبي أنت تدري

ونحول الجسم والدمـ

ـع يبوحان بسري

يا عزيزي قد كتمت الحـ

ـبَّ حتى ضاق صدري

وأنشد بعضهم أيضاً:

أبى الحبُّ أن يخفى وكمْ قدْ كتمته

فأصبح عندي قد أناخَ وطنبا

(1) في المطبوع: "الفراق".

(2)

في الأصل: "يا" والمثبت من المطبوع.

ص: 399

إذا اشتدَّ شوقي هام قلبي بذكره

وإن رُمْتُ قربًا من حبيبي تقربا

ويبدو فأفنى ثم أحيا (به له)(1)

فيسعدني حتى ألذَّ وأطربا

سئل إبراهيم القصاب: "هل يبدي المحب [حبه](2) أو هل ينطق به، أو هل يطيق كتمانه؟ فتمثل بهذين البيتين:

ظفرتم بكتمان اللسان فمن لكم

بكتمان عين دمعها الدهر يذرف

حملتُ جبال الحبِّ فوقي وإنني

لأعجزُ عن حمل القميص وأضعف

ومن كلام يحيى بن معاذ الرازي: "لو سمع (الخلائق) (3) صوت النياحة عَلَى الدُّنْيَا في الغيب من ألسنة الفناء لتساقطت القلوب منهم حزنًا، ولو رأت العقول بعيون الإيمان نزهة الجنة لذابت النفوس شوقًا، ولو أدركت القلوب كنه المحبة لخالقها لتخلعت مفاصلها وَلَهًا وطارت الأرواح إِلَيْهِ من أبدانها دهشًا فسبحان من أذهل الخليقة عن كنه هذه الأشياء وألهاهم بالوصف عن حقائق هذه الأنباء".

أروحُ وقد ختمت عَلَى فؤادي

بحبك أن يحلَّ به سواكا

فلو أني استطعت غَضَضْتُ طرفي

فلم أبصر به حتى أراكا

أحبك لا ببعضي بل بكلي

وإن لم يبق حبك لي حراكا

ويقبح من سواك الفعل عندي

وتفعله فيحسن منك ذاكا

وفي الأحباب خصوص بوجدٍ

وآخرُ يَدَّعى معه اشتراكا

إذا اشتبكت خدودٌ في دموع

تبين من بكا ممن تباكا

فأما من بكى فيذوب وجدًا

وينطق بالهوى من قد تشاكا

تم الكتاب، والحمد لله الملك الوهاب، وصلى الله عَلَى محمد سيد الأحباب.

(1) في المطبوع: "بقربه".

(2)

من المطبوع.

(3)

في المطبوع: "الناس".

ص: 400