الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدُ لله الذي جعلَ محل نظره القلوب لا الأبدان، والصلاةُ والسلامُ الأتمَّان الأكملان على نبيِّنا محمد سيِّد ولد عدنان، وعلى آله وصحبه ذوي التقى والإيمان.
أما بعد:
فكثيرٌ أولئك الذين لا يسبقُ إلى أذهانهم حينما يسمعونَ كلمةَ (الاعتكاف) سوى اعتكاف الجسد في بيتٍ من بيوتِ الله، فهو في مخيلتهم منحصرٌ في مفهومِ الاعتكافِ الحسي، وهذا وإنْ كان مِن شرائطِ الاعتكاف إلا أنه ليس هو مقصودَه، فإنَّ مقصودَه والغايةَ منه: اعتكافُ القلب الذي هو موضع نظر الله: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»
(1)
.
وكم مِن عبدٍ عكفَ بجسدِه في بيتِ الله، لكنه لم يصلْ إلى
(1)
أخرجه مسلم (4/ 1986) رقم (2564) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الاعتكافِ الذي أراده الله عز وجل؛ ولهذا علَّق اللهُ سبحانه الخيرَ الذي يُؤتيه عبدَه بالخيرِ الذي في قلبِ عبدِه، فقال سبحانه:{إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} [الأنفال:70].
فكلما صحَّ القلبُ وتعالى على الدنيا؛ أقبلتْ مِنحُ الله وهباته عليه، والعشر الأواخر من رمضان أحرى الأيام بهذه المنح، والعاكفُ في بيتِ الله (عكوفَ قلب) حقيقٌ بذلك؛ لصدقِه وقربِه مِن الله.
ولكي يكون الاعتكافُ اعتكاف قلب لا جسد فقط، ويتذوق المُعْتكِف هذه العبادة، وتستقيم له هذه الطاعة، ويستروح روحها، ويستحضر معاني العبودية فيها؛ ينبغي له أن يتطلَّعَ إلى السِّمات التالية: