الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ:
رَامَ الشَّيْءَ يَرُومُهُ رَوْماً: إِذَا حَاوَلَهُ؛ وَرَوْمُ الحَرَكَةِ مِنْهُ، أَيْ: يُحَاوِلُ أَنْ يَنْطِقَ بِبَعْضِ الحَرَكَةِ. وَرَامَ يَرِيمُ: إِذَا بَرِحَ، قَالَ الشَّاعِرُ [الأعشى]:
أَبَانَا فَلَا رِمْتَ مِنْ عِنْدِنَا
…
فَإِنَّا بِخَيْرٍ إِذَا لَمْ تَرِمْ
وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ: "فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ"، أَيْ: لَمْ يَبْرَحْ مِنْهَا. وَقَالَ لَبِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:
قَطَعْتُ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعْنَّى
…
تَهَدَّرُ فِي دِمِشْقَ فَمَا تَرِيمُ
أَيْ: فَمَا تَبْرَحُ، وَالسَّدِمُ فِي هَذَا البَيْتِ: الفَحْلُ الهَائِجُ،
وَالمُعَنَّى: الفَحْلُ إِذَا هَاجَ حُبِسَ فِي العُنَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِي فُحْلَتِهِ. وَحَضَرْتُ يَوْماً مَجْلِسَ بَعْضِ النُّحَاةِ بِمِصْرَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُ الحَاضِرِينَ عَنْ قَوْلِ بْنِ مُعْطِ فِي الأَلْفِيَةِ:
وَالجَزْمُ مِنْ أَلْقَابِهِ كَلَمْ يَرِمْ
فَقَالَ لَهُ: يُرِيدُ المُؤَلِفُ بِقَوْلِهِ: كَلَمْ يَرِمْ: كَلَمْ يَرْمِ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ النَّظْمُ، فَصَنَعَ بِهِ مَا صَنَعَ الشَّاعِرُ بِـ (لَمْ أَضْرِبْهُ) حَيْثُ قَالَ [زياد الأعجم]:
عَجِبْتُ وَالدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُهْ
…
مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
قُلْتُ: فَعَجِبْتُ وَاللَّهِ -وَالدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُهُ- مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَى المُؤَلّفِ، وَحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا المَرْكَبِ الصَّعْبِ الَّذِي يَأْبَاهُ الطَّبْعُ، وَمَا أَوْقَعَهُ فِي هَذَا إلَاّ جَهْلُهُ بِرَامَ يَرِيمُ.
رَاقَ الشَّيْءُ يَرُوقُ: إِذَا أَعْجَبَ. وَرَاقَ السَّرَابُ يَرِيقُ رَيْقاً: إِذَا لَمَعَ فَوْقَ الأَرْضِ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا صَاحِبُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ:
يَرُوقُنِي مَوْعِدُ هَذَا الرَّشَا
…
وَإِنَّهُ مِثْلُ سَرَابٍ يَرِيقْ
خَدَّاهُ نَعْمَانُ، وَمِنْ بَارِقٍ
…
مَبْسَمُهُ، وَالشَّفَتَانِ العَقِيقْ