المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عناية العلماء التربوية باللغة: - الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية

[خالد بن حامد الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: مدخل الدراسة

- ‌المبحث الأول: الإطار التمهيدي

- ‌أهمية الدراسة

- ‌أهداف الدراسة:

- ‌حدود الدراسة:

- ‌منهج الدراسة:

- ‌المبحث الثاني: مفهوم وأهمية اللغة العربية والأدب

- ‌مفهوم اللغة

- ‌الأهمية التربوية للغة:

- ‌مفهوم الأدب:

- ‌الأهمية التربوية لأدب اللغة:

- ‌المبحث الثالث: العناية التربوية بعلوم اللغة العربية

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء التربوية باللغة:

- ‌عناية الخلفاء والأعيان باللغة:

- ‌الفصل الثاني: الأثار التربوية للغة العربية

- ‌المبحث الأول: تربية الذوق اللفظي

- ‌مدخل

- ‌مفهوم الذوق اللفظي:

- ‌أهمية الذوق اللفظي:

- ‌الآثار التربوية للذوق اللفظي:

- ‌المبحث الثاني: الكسب المعرفي

- ‌مفهوم الكسب المعرفي:

- ‌أهمية الكسب المعرفي:

- ‌الآثار التربوية:

- ‌المبحث الثالث: التربية الفكرية

- ‌مفهوم الفكر:

- ‌الأهمية التربوية للتفكير:

- ‌الآثار التربوية:

- ‌المبحث الرابع: التربية الأخلاقية:

- ‌مفهوم التربية الخلقية:

- ‌الآثار الخلقية للغة العربية:

- ‌‌‌النتائجوالتوصيات

- ‌النتائج

- ‌ التوصيات:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌عناية العلماء التربوية باللغة:

‌المبحث الثالث: العناية التربوية بعلوم اللغة العربية

.

‌مدخل

المبحث الثالث: العناية التربوية بعلوم اللغة العربية:

لقد وجدت اللغة العربية عناية فائقة من لدن العرب في الجاهلية وفي الإسلام، حيث كانت اللغة هي وعاء الحفظ التاريخي، وأدبها وسيلة الإعلام والنشر، تعقد لها المنتديات في أسواق العرب المشهورة كسوق: ذي المجاز، ومِجنَّة، وحباشة، وعكاظ، وهي أعظم أسواقهم.

فكانت تحضره قبائل العرب كلها، فيتناشدون حيث كانوا متعلقون بالكلمة السائدة والخبر المرسل، لا يعدلون بذلك شيئاً، لِما رُكِّبَ في طباعهم من حب المحمدة، وما انصرفوا إليه من المباهاة بالفصاحة، وقوة العارضة. وكان في هذه الأسواق يخطب الشاعر الفحل بقصيدته والخطيب بكلمته 1.

وهذا عزز اللغة العربية والعناية بها والاهتمام بتناقل أسسها بالسليقة، والمشافهة، فلم يحتاجوا إلى الدرس فيها غير أسلوب العناية بها والمفاخرة بالخطابة والشعر وحسن اللفظ وجمال التراكيب الكلامية.

وجاء الإسلام ونزل القرآن بلغة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكتب بها فاشتدت العناية باللغة العربية، وانتشر الإسلام بين الأمم، وكثرت الفتوحات وكثر اللحن، فجلس المؤدبون والمعلمون يدرسون اللغة العربية وآدابها وفنونها فزادت العناية التربوية بها لما حصل في اللسان العربي من اللحن، وكان هذا الاهتمام من العلماء والخلفاء والأعيان على النحو التالي:

1 مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب (1/77ـ79) .

ص: 457

‌عناية العلماء التربوية باللغة:

لقد اهتم علماء الأمة المعتبرين من السلف باللغة العربية اهتماماً بالغاً؛ لأنها

ص: 457

لغة القرآن الكريم ولغة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وبها يُفهم الدين، ويُحفظ ويُنقل، وكان اللحن أمراً مشيناً، يعاب به الناس، سيما إذا كان من أهل الفضل والعلم. فقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجلين يرميان، فقال أحدهما للآخر: أسيت، فقال عمر سوء اللحن أشد من سوء الرمي 1.

وقد حث علماء الأمة على تعلم العربية وآدابها فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "عليكم بالفقه في الدين وحسن العبادة، والتفهم في العربية. وقال: تعلموا العربية فإنها تثبت العقول وتزيد في المروءة"2.

ويشير شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أهمية اللغة العربية وأثرها التربوي. حيث يقول: "واعلم أن اعتبار اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين، تأثيراً قوياً بيناً، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد في العقل والدين والخُلُق"3.

وهذا يؤكد أهمية تعلم اللغة العربية والعناية بها وبآدابها لما ينعكس على صاحبها من فصاحة اللسان، وبلاغة البيان وحسن وتركيب الكلام، فضلاً عن فهم الدين وجمال الخلق.

وقد تتلمذ الأئمة السابقون على فقهاء اللغة في عصرهم، وأولوها اهتماماً كبيراً لا يقل عن اهتمامهم بالعلوم الشرعية، فهي آلة ووسيلة لفهمها، فيروى عن الشافعي أنه قال: "أقمت في بطون العرب عشرين سنة، آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن فما علمت أنه مَرّ بي حرفٌ إلا وقد

1 ابن الجوزي، تاريخ عمر بن الخطاب، ص (225) .

2 المرجع السابق، ص (222) .

3 ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، ص (204) .

ص: 458

علمت المعنى فيه1.

وقد بلغ الإمام الشافعي مبلغاً عظيماً في الفصاحة والبلاغة، وحسن البيان، حتى قيل عنه:"أفصح قريش في زمانه، وكان ممن يؤخذ عنه اللغة"2.

ومن أمثلة العلماء الذين اهتموا باللغة العربية وعلومها ابن قيم الجوزية، حيث درس اللغة على ابن الفتح البعلي، وقرأ عليه الملخص لأبي البقاء، وقرأ الجرجانية، ثم ألفية ابن مالك، وأكثر الكافية الشافية، وبعض التسهيل 3. وقرأ أيضاً اللغة العربية على مجد التوسي 4.

وممن له عناية باللغة العربية وعلومها الإمام محمد بن علي الشوكاني، الذي كان من أسلوبه في التعلم أن يطلب العلم الواحد أو العلمين أو الثلاثة من عدة علماء في وقت واحد. فقد أخذ النحو والصرف من كل من السيد العلامة إسماعيل بن الحسن، والعلامة عبد الله بن إسماعيل النهمي، والعلامة القاسم بن محمد الخولاني.

ومن الكتب التي قرأها على أولئك الكافية وشرحها للسيد المفتي، وشرح الخبيص على الكافية وحواشيه، وشرح الرضي على الكافية، والشافية وشرحها للطف الله الغياث، وملحة الإعراب للحريري، وشرحها 5.

1 الذهبي، سير أعلام النبلاء (10/12ـ13) .

2 المرجع السابق (10/49) .

3 الوافي بالوفيات (2/270) عبد الله محمد حجر جار النبي، ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، ص 0 (83) .

4 المرجع السابق (87) .

5 عبد الغني قاسم غالب الشرجي، الإمام الشوكاني، حياته وفكره، ص (172ـ177) ملخص.

ص: 459