الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: التربية الأخلاقية:
مفهوم التربية الخلقية:
التربية: هي تنشئة الإنسان شيئاً فشيئا في جميع جوانبه وفق المنهج الإسلامي1.
وهذا يعني أن التربية الإسلامية تولي جميع جوانب الشخصية بالعناية والتنشئة بغية الكمال وفق ما أراد الله تعالى، ويشمل ذلك الجانب الأخلاقي.
الأخلاق: تنقسم الأخلاق إلى قسمين محمودة ومذمومة:
فالمحمودة: هي كل صفة حسنة بنية حسنة وفق منهج الله تعالى.
والمذمومة: كل صفة على غير منهج الله تعالى 2.
وبالتالي يمكن القول بأن التربية الخلقية هي: تنشئة الإنسان شيئاً فشيئاً في جوانبه السلوكية المحمودة.
ومن وسائل التنشئة الخلقية اللغة العربية وعلومها على ما سيأتي تفصيله وبيانه.
الأهمية اللغوية في التربية الخلقية:
اللغة: هي الوعاء اللفظي للجانب الأخلاقي، وهي الأداة الناقلة للمعاني والدلالات الخلقية، وبدونها لا يمكن للمرء استيعاب المعاني الخلقية؛ ولذلك قيل: العربية تزيد في المروءة 3. ومن جانب آخر فإن اللغة بفروع علومها المختلفة تعتبر مؤثر فاعل في غرس الفضائل الخلقية، فالأدب الذي هو أحد فروع علوم اللغة العربية يعتبر في مفهومه السليم دعوة إلى الأخلاق الفاضلة، والصفات الحميدة التي عليها تبنى العلاقات المتينة بين أفراد المجتمعات، ثم بين المجتمعات 4.
1 خالد الحازمي، أصول التربية الإسلامية، ص (19) .
2 المرجع السابق، ص (137ـ138) .
3 ابن عبد البر، بهجة المجالس، وأنس المجالس، ص (66) .
4 محمد سعد بن حسين، الأدب الإسلامي بين الواقع والتنظير، ص (37) .
والمتأمل يجد أن اللغة العربية في تراكيبها اللفظية تربط بين الفعل ودوافعه الخلقية (فالمفعول لأجله في اللغة العربية يعبر عن الدوافع النفسية، فتقول: فعلت هذا رغبة أو رهبة أو حباً أو انتقاماً، وتخصيص صيغة أو قرينة نحوية للدلالة على الدوافع النفسية من خصائص اللغة العربية 1 التي تتماشى مع ديننا الحنيف الذي يربط بين الفعل ودوافعه، كما قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات)2.
ومن حيث الجانب اللغوي يربي هذا في الناشئ أو المتعلم للغة العربية النظرة العميقة للدوافع السلوكية وأن عليه أن ينظر إلى المثيراث الخلقية لكل فعل سلوكي يقوم به، وهذا يحتاج من مدرسي اللغة العربية استجلاء هذا عند تدريس اللغة لكي يغرس في الناشئ الدلالات الخلقية في اللغة العربية.
وفي اللغة العربية سعة وغزارة في التعبير عن أنواع العواطف والمشاعر الإنسانية، كالسرور والحزن والغضب والكبر والحب والبغض والغيرة في أدق معانيها ومختلف درجاتها وفروقها 3، وهي في مجموعها مكونات الأخلاق المحمودة والمذمومة، والتي يتعين الإفادة منها في التوجيه التربوي أثناء مقررات اللغة كالتعبير مثلاً.
وقد اهتم علماء اللغة بأدبيات وأخلاقيات عديدة لها مساس باللغة العربية وأدب استخدامها الذي ينعكس، أو يعبر عن أخلاقيات وذوق المتلبس بها في كتاباته وتعبيره، ومن ذلك اختيار الألفاظ المناسبة لمن يكتب إليه، أرفع أو أقل مكانة من الكاتب، يقول ابن قتيبة في أدب الكاتب: ونستحب له أيضاً أن ينزل ألفاظه في كتبه، فيجعلها على قدر الكاتب والمكتوب إليه وأن لا يعطي خسيس الناس رفيع الكلام، ولا رفيع الناس وضيع الكلام،
1 محمد المبارك، فقه اللغة، ص (41) .
2 البخاري (1/13) ، برقم (1) ، ومسلم (3/1515) ، برقم (155ـ1907) .
3 محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية، ص (309) .