الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ بَعْضِ الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ
وَلْنَذْكُرُ هَهُنَا بَعْضَ الْقِصَصِ الَّتِي أَكْثَرَ وُعَاظُ زَمَانِنَا ذِكْرَهَا فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ وَظَنُّوهَا أُمُورًا ثَابِتَةً مَعَ كَوْنِهَا مُخْتَلِقَةً مَوْضُوعَةً.
فَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُونَ من أَن النَّبِي لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ إِلَى السَّمَوَات العلى وَوَصَلَ إِلَى الْعَرْشِ الْمُعَلَّى أَرَادَ خَلْعَ نَعْلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِسَيِّدِنَا مُوسَى حِينَ كَلَّمَهُ: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى)) ]] ]] ]] ] . فَنُودِيَ مِنَ الْعَلِيِّ الأَعْلَى: يَا مُحَمَّدُ! لَا تَخْلَعْ نَعْلَيْكَ فَإِنَّ الْعَرْشَ يَتَشَرَّفُ بِقُدُومِكَ مُتَنَعِّلا وَيَفْتَخِرُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَبَرِّكًا، فَصَعِدَ النَّبِيُّ إِلَى الْعَرْشِ وَفِي قَدَمَيْهِ النَّعْلانِ وَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ عِزٌّ وَشَأْنٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَدَائِحِ الشِّعْرِيَّةِ وَأَدْرَجَهَا بَعْضُهُمْ فِي تَأْلِيفِ السَّنِيَّةِ وَأَكْثَرُ وُعَاظِ زَمَانِنَا يَذْكُرُونَهَا مُطَوَّلَةً وَمُخْتَصَرَةً فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ الْمُقْرِي الْمَالِكِيُّ فِي كَتَابِهِ فَتْحِ الْمُتْعَالِ فِي مَدْحِ خَيْرِ النِّعَالِ، وَالْعَلامَةُ رَضِيُّ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْزُرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ عَلَى أَن هَذِه الْقِصَّة مَوْضُوع بِتَمَامِهَا قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمِعْرَاج النَّبَوِيّ مَعَ كَثْرَة
طرقها أَن النَّبِي كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ مُتَنَعِّلا، وَلا ثَبَتَ أَنَّهُ رُقِيَ عَلَى الْعَرْشِ وَأَنْ وَصَلَ إِلَى مَقَامٍ دَنَا مِنْ رَبِّهِ فَتَدَلَّى {فَكَانَ قَابَ قوسين أَو أدنى} ، فَأَوْحَى رَبُّهُ إِلَيْهِ مَا أَوْحَى.
وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلامَ فِي هَذَا الْمَرَامِ فِي رِسَالَتِي غَايَةُ الْمَقَالِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعَالِ فَلْتُطَالِعْ.
وَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُهُ الْوُعَّاظُ مِنْ أَنَّ النَّبِي أُعْطِيَ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مُفَصَّلا وَوُهِبَ لَهُ عِلْمُ كُلِّ مَا مَضَى وَمَا يَأْتِي كُلِّيًّا وَجُزْئِيًّا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ رَبِّهِ مِنْ حَيْثُ الإِحَاطَةُ وَالشُّمُولُ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ بِنَفْسِ ذَاتِهِ بِدُونِ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ بِخِلافِ عِلْمِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِتَعْلِيمِ رَبِّهِ، وَهَذَا زخرف من القَوْل وزور على مَا صرح بِهِ ابْن حجر الْمَكِّيّ فِي الْمنح المكية شرح القصيدة الهمزية وَغَيره من أَرْبَاب الشُّعُور، وَالثَّابِت من الْآيَات القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة هُوَ من أَن الْإِحَاطَة والشمول وَعلم كل غيب مُخْتَصّ بجناب الْحق وَلم توهب هَذِه الصّفة من جَانب الْحق لآحد من الْخلق، نعم عُلُوم نَبينَا أَزِيد وَأكْثر من عُلُوم سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالرسل، وَتَعْلِيم ربه الْأُمُور الغيبية لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَعْلِيمه غَيره أكمل، فَهُوَ أكمل علما وَعَملا وَسيد الْمَخْلُوقَات رُتْبَة وفضلا.
وَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُهُ الوعاظ من أَن النَّبِي كَانَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ وَتَالِيًا لَهُ مِنْ حِينِ وِلادَتِهِ وَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فِي جَوَابِ قَوْلِ جِبْرِيلَ لَهُ عِنْدَ بَدْءِ الْوَحْيِ اقْرَأْ عَلَيَّ مَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ إِنِّي لَا أَقْرَأُ بِأَمْرِكَ فَإِنِّي عَالِمٌ بِهِ وَقَارِئٌ مِنْ قبل.
وَهَذَا فِرْيَة بِلَا مرية تكذبها الْآيَات القرآنية وَالْأَخْبَار النَّبَوِيَّة.
وَمِنْهَا؛ مَا يذكرُونَهُ من أَنه لَمْ يَكُنْ أُمِّيًّا بَلْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ وَالتِّلاوَةِ مِنَ ابْتِدَاءِ الْفِطْرَةِ وَهَذَا قَول مُخَالف للْكتاب وَالسّنة بل وَإِجْمَاع الْأمة فَلَا عِبْرَة بِهِ عِنْد أَرْبَاب الفطنه. وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ عِنْد ذكر حسن
الْخلق المحمدي من قصَّة عكاشة وَهِي مَا أخرجه أَبُو النَّعيم فِي حلية الْأَوْلِيَاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: ((يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ)) ]] ]] ]] ] فَقَالَ جِبْرِيلُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى، فَأمر رَسُول الله بِلالا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلاةِ جَمَاعَةً فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، ثُمَّ قَالَ:((أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ فَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ مَنْ نَبِيٍّ خَيْرًا فَلَقَدْ كُنْتَ لَنَا كَالأَبِ الرَّحِيمِ وَكَالأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ أَدَّيْتَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَأَبْلَغْتَنَا وَحْيَهُ وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى عَنْ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَهُمْ: ((مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَبْلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) ]] ]] ]] ] ، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ عُكَّاشَةُ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدي النَّبِي فَقَالَ: فِدَاكَ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ نَاشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْكَ كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ وَكُنَّا فِي الانْصِرَافِ حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ وَدَنَوْتُ مِنْكَ لأُقَبِّلَ فَخِذَكَ فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي فَلا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِك عمدا مِنْك أم أردْت ضرب النَّاقة، فَقَالَ الرَّسُول أُعِيذُكَ بِجَلالِ اللَّهِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَسُول الله بِالضَّرْبِ. يَا بِلالُ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَأْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ، فَخَرَجَ بِلالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي هَذَا رَسُول الله يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَرَعَ بَابَ فَاطِمَةَ وَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُول الله نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلالُ وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ، وَلا غَزَاةٍ، فَقَالَ: مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ إِنَّ رَسُولَ الله يُوَدِّعُ الدِّينَ وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَمن ذَا
الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ من رَسُول الله. يَا بِلالُ قُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصَّ مِنْهُمَا وَلا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُول الله فَدفع رَسُول الله الْقَضِيبَ إِلَى عُكَاشَةَ فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بكر وَعمر إِلَى ذَلِكَ قَالا يَا عُكَّاشَةُ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلا تقتص من رَسُول الله، فَقَالَ لَهما رَسُول الله:((امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا)) ]] ]] ]] . فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا عُكَّاشَةُ إِنَّا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بَين يَدي رَسُول الله وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُول الله فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصْ مِنِّي وَأَجْلِدْنِي مَائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَقْتَصْ من رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله ((يَا عَلِيُّ اقْعُدْ، فَقَدْ عَرَفَ الله مَكَانك ونيتك)) ]] ]] ]] ، فَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَالا: يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُول الله، فَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ الله، فَقَالَ لَهُمَا اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي لَا نَسِيَ اللَّهُ هَذَا الْمَقَامَ لَكُمَا)) ]] ]] ]] ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ((يَا عُكَّاشَةُ! اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا)) ]] ]] ]] . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا: أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي مَنْ تَطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْك، فَقَالَ لَهُ النَّبِي:((إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ)) ]] ]] ]] ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ النَّبِي ((مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا)) ]] ]] ]] ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَين عين عُكَّاشَةَ وَيَقُولُونَ: طُوبَى لَكَ طُوبَى لَك نلْت الدَّرَجَات العلى ومرافقة رَسُول الله.
الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ لابْنِ الْجَوْزِيِّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا مَوْضُوعٌ وَآفَتُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ انْتَهَى. أَيْ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بن إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَعنهُ مُحَمَّد ابْن أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ فِي الَّلآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ فِي الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ
وَابْنُ عِرَاقِ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ عَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَغَيرهمَا، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الاعْتِدَالِ فِي نَقْدِ الرِّجَالِ: عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ الْيَمَانِيُّ مَشْهُورٌ قَصَّاصٌ لَيْسَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. تَرَكَهُ غَيْرُ وَاحِد. وأفصح أَحْمد ابْن حَنْبَلٍ، فَقَالَ: كَانَ يَكْذِبُ عَلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ نَا مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْنِ الأَنْمَاطِيُّ، نَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِي: مَا طَارَ ذُبَابٌ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ إِلا بِقَدَرٍ وَلَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرٌ فِي وَفَاةِ رَسُولِ الله طَوِيلٌ وَأَنَّهُ دَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَاشَةَ لِيَقْتَصَّ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ انْتَهَى.
وَفِيهِ أَيْضًا إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ الصَّنْعَانِيُّ سِبْطُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ: الدَّارَ قُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي تَارِيخِهِ انْتَهَى.
وَفِي لِسَان الْمِيزَان لِلْحَافِظِ ابْن حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ نَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْكِرِيمِ مَاتَ إِدْرِيسُ وَعَبْدُ الْمُنْعِمِ رَضِيعٌ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ الْكَذَّابُ الْخَبِيثُ، وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَاهِي الْحَدِيثِ وَقَالَ الْفَلاسُ مَتْرُوكٌ أَخَذَ كُتُبَ أَبِيهِ فَحَدَّثَ بِهَا، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ أَخَذَ كُتُبًا فَرَوَاهَا. وَقَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ السَّاجِيُّ:
كَانَ يَشْتَرِي كُتُبَ السِّيرَةِ فَيَرْوِيهَا مَا سَمِعَهَا مِنَ أَبِيهِ وَلا بَعْضهَا انْتهى.
وَمِنْهَا: مَا يَذْكُرُونَهُ فِي ذِكْرِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيّ أَن نور مُحَمَّد خُلِقَ مِنْ نُورِ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَةَ صَارَتْ مَادَّةً لِذَاتِهِ الْمُنَوَّرَةِ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ قَبْضَة من نوره فخلق من نُورَهُ، وَهَذَا سَفْسَطَةٌ مِنَ الْقَوْلِ، فَإِنَّ ذَاتَ رَبِّنَا تبارك وتعالى مِنْ أَنْ تَكُونَ مَادَةً لِغَيْرَةٍ وَأَخْذُ قَبْضَةٍ مِنْ نُورِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْهُ جُزْءٌ فَجَعَلَهُ نُورَ نَبِيِّهِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْتَجَزِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتْبَعَهُ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ.
وَالَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ الظَّلْمَاءِ هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَةٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ الأَشْيَاءِ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ! إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُورُ نَبِيِّكَ مِنْ نُورِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ النُّورِ يَدُورُ بِالْقُدْرَةِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْحٌ وَلا قَلَمٌ وَلا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ وَلا مُلْكٌ وِلا سِمِاءٌ وَلا أَرْضٌ وَلا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ وَلا جِنِّيٌ وَلا إِنْسٌ. الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ أخطأوا فِي فَهْمِ الْمُرَادِ النَّبَوِيِّ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ كَالإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ ونفخت فِيهِ من روحي وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قِصَّةِ سَيِّدِنَا عِيسَى وَرَوْحٌ مِنْهُ، وَكَقَوْلِهِمْ بَيْتُ اللَّهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسَاجِدُ وَقَوْلِهِمْ رَوْحُ اللَّهِ لِعِيسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَإِشْعَارٍ بِأَنَّهُ خَلْقٌ عَجِيبٌ، وَأَنَّ لَهُ شَأْنًا لَهُ مُنَاسَبَةٌ مَا إِلَى الْحَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَنَفَخَ فِيهِ من روحه، وَهِيَ بَيَانِيَّةٌ أَيْ مِنْ نُورٍ هُوَ ذَاتُهُ لَا بِمَعْنَى إِنَّهَا مَادَةُ خَلْقِ نُورِهِ بَلْ بِمَعْنَى تَعَلُّقِ الإِرَادَةِ بِهِ بِلا وَاسِطَةِ شَيْء فِي وجوده. انْتهى.
وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقٍ عَدِيدَةٍ أَمَّا مَا ذَكَر مِنْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ قَبْضَةً وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَعَرَقَتْ وَذَلَقَتْ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ نُقْطَةٍ نَبِيًّا وَإِنَّ الْقَبْضَةَ كَانَتْ هِيَ النَّبِي وَإِنَّهُ كَانَ كَوْكَبًا دُرِّيًّا وَإِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ خُلِقَ مِنْهُ وَإِنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ أَبَوَاهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ وَأَمْثَالُ هَذِهِ الأُمُورِ فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَةَ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَارِيخِهِ وَأَقَرَّهُ كُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ مُفْتَرَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَدِيثِهِ انْتِهَى.
تَنْبِيه:
قد ثَبت من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق أولية النُّور المحمدي خلفا وسبقته على الْمَخْلُوقَات سبقا.
وَقد اشْتهر بَين الْقصاص حَدِيث أول مَا خلق الله نوري وَهُوَ حَدِيث لم يثبت بِهَذَا المبنى وَإِن ورد غَيره مُوَافقا لَهُ فِي الْمَعْنى. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي تَعْلِيق جَامع التِّرْمِذِيّ المسمي بقوت المغتذي عِنْد شرح حَدِيث إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم. قَالَ زين الْعَرَب فِي شرح المصابيح يُعَارض هَذَا الحَدِيث مَا روى إِن أول مَا خلق الله الْعقل وَإِن أول مَا خلق الله نوري وَإِن أول مَا خلق الله الرّوح وَإِن أول مَا خلق الله الْعَرْش وَيُجَاب بِأَن الأولية من الْأُمُور الإضافية فيأول إِن كل وَاحِد مِمَّا ذكر خلق قبل مَا هُوَ من جنسه، فالقلم خلق قبل الْأَجْسَام ونوره عليه الصلاة والسلام قبل الْأَنْوَار وَيحمل حَدِيث الْعقل على إِن أول مَا خلق الله من الْأَجْسَام اللطيفة الْعقل، وَمن الكثيفة الْعَرْش فَلَا تنَاقض فِي شَيْء من ذَلِكَ. انْتهى. أَي كَلَام زين الْعَرَب. قلت حَدِيث الْعقل مَوْضُوع وَالثَّلَاثَة الْأُخَر لم ترد بِهَذَا اللَّفْظ فاستغنى عَن التَّأْوِيل. انْتهى.
قلت: نَظِير أول مَا خلق الله نوري من عدم ثُبُوته لفظا ووروده
معنى مَا اشْتهر عَليّ لِسَان الْقصاص والعوام والخواص من حَدِيث لَوْلاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأَفْلاكِ.
قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْمَوْضُوعَاتِ حَدِيثَ لَوْلاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأَفْلاكِ. قَالَ الْعَسْقَلانِيُّ مَوْضُوعٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَة لَكِن مَعْنَاهُ صَحِيح فقد روى الديلمي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ، قَالَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ! لَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَلَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ النَّارَ انْتَهَى.
ذكر الْقَسْطَلانِيُّ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَالزُّرْقَانِيُّ فِي شرح أَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: إِنَّ آدَمَ رَأَى اسْمَ مُحَمَّدٍ مَكْتُوبًا عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لآدَمَ: لَوْلا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ. وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ فِي طَبَقَاتِ الأَصْفَهَانِيِّينَ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى آمِنْ بِمُحَمَّدٍ وَمُرْ أُمَّتَكَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، فَلَوْلا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُ آدَمَ وَلا الْجَنَّةَ وَلا النَّارَ، وَلَقَدْ خَلَقْتُ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ فَاضْطَرَبَ فَكتبت عَلَيْهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَفِي سَنَدِهِ عُمَرُ وَابْنُ أَوْسٍ لَا يَدْرُي مَنْ هُوَ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ وَعِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَلَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ النَّارَ.
وَكَذَا مَا اشْتهر على أَلْسِنَة الْقصاص من حَدِيث كنت نَبيا وآدَم بَين المَاء والطين. وفى رِوَايَة وَكنت نَبيا وَلَا آدم وَلَا مَاء وَلَا طين، فَإِنَّهُ صرح السخاوي فِي ((الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي بَيَان كثير من الْأَحَادِيث المشتهرة على الْأَلْسِنَة)) ]] ]] ]] ] ، والسيوطي فِي ((الدُّرَر المشتهرة فِي الْأَخْبَار المشتهرة)) ]] ]] ]] ] ، وَغَيرهمَا بِأَنَّهُ مَوْضُوع بِهَذَا اللَّفْظ. نعم ثَبت عِنْد الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَصَححهُ، وَأبي نعيم فِي حلية الْأَوْلِيَاء، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مَيْسَرَةَ الضَّبِّيِّ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ {مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاض ابْن سَارِيَةَ مَرْفُوعًا: إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ إِنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ} مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُّوَةُ؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ.
وَمِنْهَا، مَا يَذْكُرُهُ الْوُعَّاظُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدِيِّ أَنَّهُ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي سَقَطَتْ مِنْ يَدِ عَائِشَةَ إبرته فَفُقِدَتْ فَالْتَمَسَتْهَا وَلَمْ تَجِد فَضَحِكَ النَّبِيُّ وَخَرَجَتْ لَمْعَةُ أَسْنَانِهِ فَأَضَاءَتِ الْحُجْرَةَ وَرَأَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ الضَّوْءِ إبرته.
وَهَذَا، وَإِن كَانَ مَذْكُورا فِي معارج النُّبُوَّة وَغَيره من كتب السّير
الجامعة للرطب واليابس فَلَا يسْتَند بِكُل مَا فِيهَا إِلَّا النَّائِم والناعس وَلكنه لم يثبت رِوَايَة ودراية.
وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ عِنْد ذكر السَّمَاعِ الْمُحَمَّدِيِّ إِنَّهُ يَسْمَعُ صَلاةَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نَائِيًا مِنْ قَبْرِهِ بِلا وَاسِطَةٍ.
وَهَذَا بَاطِلٌ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَةٍ بَلِ الثَّابِتُ خِلافُهُ، فَقَدْ قَالَ النَّبِي مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا أَيْ بَعِيدًا وَكَّلَ اللَّهُ بِهَا ملكا يبلغنِي وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ وَكُنْتُ لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الثَّوَاب والعقيلى فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَله شَوَاهِد بسط الْكَلَام فِيهَا السُّيُوطِيّ فِي اللالئ المصنوعة وَابْن عراق فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة.
وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ من أَن النَّبِي يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ فِي مَجَالِسِ وَعْظِ مولده عِنْد ذكر مَوْلِدِهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْقِيَامَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْلِدِ تَعْظِيمًا وَإِكْرَامًا.
وَهَذَا أَيْضا من الأباطيل لم يثبت ذَلِكَ بِدَلِيل، وَمُجَرَّد الِاحْتِمَال والإمكان خَارج عَن حد الْبَيَان وأمثال هَذِه الْقَصَص الَّتِي ذَكرنَاهَا كَثِيرَة تذكرها وعاظ الْفضل المحمدي والمولد الأحمدي مَعَ اختلاقها وَعدم ثُبُوتهَا ظنا مِنْهُم أَن فِي ذكر جلالة الْقدر المحمدي ثَوابًا عَظِيما، وفضلا جسيما غافلين عَمَّا يَتَرَتَّب من الْإِثْم الْعَظِيم على من كذب على النَّبِي عَلَيْهِ